المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المرأة في العراق وفلسطين



muslimah
07-01-2009, 05:09 PM
المرأة في العراق وفلسطين


د. محمد عمارة

على النطاق العالمي، تعتبر "مأساة اللاجئين" في مقدمة المآسي التي يعاني منها العصر الذي نعيش فيه.. ولأن الغرب الاستعماري، وحليفته الصهيونية، فقد اتخذوا الإسلام عدوًا، وجعلوا من عالم الإسلام ميدانًا للحروب والكوارث والمشكلات المتفجرة، فلقد أصبح أغلب اللاجئين ـ على النطاق العالمي ـ من المسلمين!..
ولقد كان من ثمرات إقامة الكيان الصهيوني على أرض فلسطين تحويل شعب بكامله ـ هو الشعب الفلسطيني ـ إلى لاجئين، سواء أولئك الذين اقتلعوا من ديارهم سنة 1948م، عندما هدمت العصابات الصهيونية قراهم ـ التي زاد عدد عن 530 قرية ـ وهدمت معها مساجدهم ومقابرهم ـ لمحو تاريخهم من ذاكرة التاريخ!.. أو أولئك الذين ظلوا في الأرض المحتلة سنة 1948م فعاشوا ويعيشون في بلادهم عيشة اللاجئين، المحرومين من حقوق المواطنة، والذين يعاملون معاملة الغرباء!.. أو كانوا لاجئين في الأرض الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل سنة 1967م ـ في غزة والضفة الغربية والقدس ـ .. أي أن مجمل الشعب الفلسطيني ـ الذي يزيد تعداده عن عشرة ملايين ـ قد أصبح لاجئًا.. أي أن أكبر كتلة من اللاجئين ـ على النطاق العالمي ـ هم الفلسطينيون!..
وبسبب الغزو الأمريكي للعراق نشأت مأساة اللاجئين العراقيين، الذين يلون ـ في الحجم والتعداد ـ فهم قرابة الخمسة مليون.. ولازالت أعدادهم في تزايد حتى هذه اللحظات.. منهم أكثر من مليونين خارج العراق.. والباقون في داخله هجرتهم الطائفية التي فجر ألغامها الغزاة الأمريكان..
ولأن المرأة ـ في مأساة اللجوء واللاجئين ـ هي الحلقة الأضعف، كان تحملها للمأساة على نحو فاق ويفوق التصورات.. فعلاوة على الفقر والمرض والضياع.. تتعرض المرأة اللاجئة لفقدان أعز ما تملك حتى تواجه الضرورات والتحديات!..
لكن ـ بقدر ما يكون المورث الثقافي ـ في المذهب والفقه والعادات والتقاليد ـ سلاحًا من أسلحة المقاومة والصمود، بقدر ما يكون صمود المرأة اللاجئة أمام الضرورات والتحديات..
ولقد حزنت حزنًا شديدًا عندما قرأت في صحيفة (الحياة) ـ اللندنية ـ بتاريخ 15/11/2007م تصريح "أريكا فيلر" ـ مساعدة رئيس المفوضية العليا للاجئين بالأمم المتحدة ـ والذي تقول فيه عن قطاع من اللاجئات العراقيات:
"إن ممارسات يطلق عليها اسم "الزواج لمدة نهاية الأسبوع" ـ أي زواج المتعة ـ قد أصبحت مظهرًا من مظاهر امتهان كرامة المرأة، تضطرها إليها الضرورات التي صنعتها مأساة اللجوء.. "فبعض العائلات ـ كما تقول أريكا فيلر ـ يقدمن فيتات في "مراسم زفاف تقليدية" لمدة لا تتجاوز عطلة نهاية الأسبوع، لقاء مبلغ مالي "ثم يتم الطلاق الأحد، وفق الأعراف"!..
ثم مضت تقول: "إنه لا يمكن توصيف الأمر رسميًا بأنه دعارة، لكنه في جوهره عبارة عن ممارسة الجنس لضمان سبل العيش".. وإن معظم النساء اللواتي يرغمن على هذه الممارسات أمهات يتحملن وحدهن أعباء عائلاتهن، ولم يجدن في غالب الأحيان سبلا أخرى لإعالة أولادهن"
لقد حزنت عندما قرأت هذا الذي نشر على لسان مساعدة رئيس المفوضية العليا للاجئين بالأمم المتحدة.. حزنت لهذه المأساة التي صنعتها أمريكا بحرائر العراق "العربيان المسلمات".. وحزنت للون الثقافة المذهبية التي فتحت هذا الباب ـ نكاح المتعة ـ لامتهان كرامة الحرائر العربيات المسلمات..
إن المأساة التي تعرضت لها المرأة الفلسطينية هي أقصى وأطول من تلك التي تتعرض لها المرأة العراقية.. لكن الثقافة الفقهية للفلسطينية قد أعانتها على صيانة كرامتها، فنجت من هؤلاء من هذا البلاء الذي حدث لشريحة من الشرائح في صفوف النساء العراقيات.. وهكذا يكون الفقه سلاحًا في الصمود أو وبالاً على هذا الصمود!..