المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ



massoud
07-21-2009, 11:33 PM
يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (لقمان : 13)



شرف الباري سبحانه وتعالي الآدمي وكرمة فقال سبحانه : وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (الإسراء: 70) ، فكان من أعظم ما شرفة به وكرمة العقل، الذي تنبه به علي البهجة، حتى تأهل به لمعرفة بارئة ومبدعة بالنظر في مخلوقاته، واستدلاله علي مخلوقاته ، واستدلاله معرفة صفاته ، بما أودعه في نفسه من حكمة وأمانة ، فكان نظر الإنسان في نفسه ، وفيما أودع البارئ سبحانه فيه من العقل الذي يقطع بوجوده فيه ويعجز عن وصفة من أعظم الدلالات عنده علي وجود بارئة ومدبرة وخالقة ومصورة [1].

فالإنسان يأتي لهذه الدنيا مع غريزة وشعور طبيعي بوجود قوة خفية تملأ علية نفسه وتشغل عقلة وتفكيره، ومن دلائل وجود هذا الفطرة فيه منذ نشأته الأولي، ابتهاج الوليد وانشراحه لكل حسن جميل وخوفه وانقباضه من كل مستبشع دميم فهو يدرك بأن لكل شيء سببا فحين تدعو الوليد منادياً يلتفت بوجهة إليك في مهده مدركاً أن لندائك مصدراً ولا يزال هذا الشعور ينمو فيه بنمو مداركه فيما حوله من أقرب الأشياء إلية إلي ما يتراءى له بعد ذلك في الكون من اختلاف الليل والنهار ووحشة الظلمة وبهجة الأنوار وأحوال الصحو والغيم والهيجان وما إليها من عجائب الأكوان فقد نظر في نفسه والكائنات فانبهر بها ونظر في السماء أخري فتحير من تفاوت الأجرام والأحجام والاختلاف في السير والإشراق والخفقان فهدته فطرته وعقلة أن لهذا الوجود إلهاً خالقاً له مدبراً لشئونه حكيما بخباياه [2]، إذ أن الحكاية أيها الأحبة من البداية تبدو كقضية يلعب فيها الإنسان دور الحكم والخصم، فتقدم له فيها كل الأدلة والبراهين فلا يلقي لها بالاً ولا اهتماما لا بل هو من يحكم ظلماً بعد ما تجلت واتضحت له الأمور وبعدما عبس وبصر واستيقن واستكبر ثم أدبر ولذلك فقد جعل الشرك والكفر بالله أمراً عظيماً في شأنه مستنكرا ومستغرباً في جوهرة،

والآية من كتاب الله المستهلة لمطلع هذا الطرح هي نصيحة من أحد الحكماء لأبنه باجتناب الشرك وجعل أمره ظلماً عظيماً وهي دعوة لا أجد بداً في نفسي من توجيهيها إشفاقاً ونصحاً للأخوة المنتهجين لهذا النهج، بالتأني والتروي قبل أطلاق الأحكام والانجراف وراء العواطف والتلفظ من غير وعي بما يورد التهلكة، ولسبب بسيط بأن هذا الأمر أي الادعاء بعدم وجود الله قد عظم علي هذا النحو هكذا، لعدم انسجامه مع الأدلة النظرية والمادية المساقة والمقدمة لأصحاب العقول من الذرة وإلي المجرة، فالقضية لا تتطلب لأكثر من أمعان النظر، ولذلك كان هذا التشبيه المفزع لحال المنكر لله في القران منسجما مع جنس الجرم نفسه حيث يقول الخالق في محكم التنزيل :


إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا (النساء : 48)

حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ (الحج : 31)

وما يظهره دعاة الإلحاد في جزئه أو مجملة لا يأوي إلي ركن شديد بل يصرخ مخالفاً للعقل والفطرة البشرية منتهكاً لهما، ولعل هذا الأمر هو كذلك منهم نتيجة قناعة لا أكثر تترائي لصاحبها علي أنها حقيقة رغبةً منة في جعلها كذلك، أو ربما نتيجة لمنهجية فكرية استقت آلياتها عبر ظروف إنسانية زمنية سياسية أو حتى عقائدية خاطئة وما أحاول القول بأن دعاة الدهريه علي شتي صورهم وأيديولوجياتهم وما يقولونه لنا يبدو هزيلاً وغير متماسكاً ولا يعدو عن كونه موقف عارض غير مبرر وغير مفهوم الجوانب والطيات.

وعبر محاولة استقراء ما تردد طائفة علي الدوام القول بعدم وجود خالق، وما انفكت تستخف بالإيمانيات والدين علي حد سواء لا بل تحاول حثيثاً الطعن في الإسلام بشكل خاص والتجني عليه ودون وجه حق أو حتى موضوعية في الاستقراء والنقد، بل كان هذا التصرف في ضني نتيجة حمي يهذي بها قائلوها من دون وعي أو حتى إدراك، فما يثير الاستهجان ويبعث للسخرية أن بعض هؤلاء يحاول التشدق علي الدوام بأتباع وأقحام مناهج وسبل البحث العلمي وهما منهم براء، لا بل لا يتواني البعض الآخر عن التبشير ومحاولة الأخذ علي عاتقة قيادة وإنقاذ الإنسانية ولا ندري لما أو مما !

وبكل تأكيد أتحدث ها هنا انطلاقاً من عقيدتي كمسلم ولا أخص بالذكر المتنطعون ممن لا يفقهون ولا يفرقون بين الألف والياء وهم كثر علي اختلاف ألوانهم وخلفياتهم الثقافية والعصبية ولكني أتوجه مباشرة لأن أستقي ما يقوله زمرة من سادة وكبراء ما أسميهم دعاة الربة الحجرية في محاولة لفتح الباب لكل ذي عقل أو من القي السمع وهو شهيد.



فرويد : الله عبارة عن عصاب
يري عالم النفس المشهور فرويد الدين في كتابة المدعو مستقبل وهم وهو كتاب ليس له علاقة بمناهج العلم التجريبي وإنما هو ملخص لفكر ووجهة نظر مستقاة من مجموعة كتابات تتوجت في نهاية عمرة في ثلاثة أعمال هي ، موسي والتوحيد ، مستقبل وهم وقلق في الحضارة وهي خارجة عن مجال تخصص فرويد بكل تأكيد وإنما هي محاولة لإسقاط رؤية نظرية خاصة وجعلها عامة وكانت هذا الأسطر السالفة مني حتى لا يحتج علي أحد بأني غير موضوعي في نقدي لشخصية متخصصة في علم النفس، ويتساءل فرويد عن الأساس الذي تستند إلية مطالبة الدين إيانا بالتصديق والإيمان بالله فيقول :

" ثمة ثلاث أجوبة علي ذلك لا يجمع بينها رابط مكين ، فهي تستأهل (أي الأديان)

أولاً. التصديق لأن أسلافنا الأوائل كانوا يؤمنون بها ،

ثانياً. أدلة وبراهين يعود تاريخها إلي تلك الأزمنة البدائية بالتحديد وقد تناقلتها الأجيال حتى وصلت إلينا ،

ثالثاً. طرح مسألة صدقها وصحتها، وهذه فعلة متهورة كانت تعاقب في الماضي بأصرم القصاص ولا يزال المجتمع اليوم ينظر بعين الاستهجان إلي من يتجرأ علي تكرارها" [3].

وببساطة يتبع منهج فرويد السالف كثر من حيث الاعتقاد بأن الأفكار الدينية هي المحرك لفكرة وجود الله والتي هي في الأساس عصاب فإن تم دحض الرؤية الدينية خلص التحرر من الوجود الإلهي وبما أن فرويد أو حتى بعض مما يطرح هنا أوهناك لا زالت تجتر نفس الفكرة الفرويدية وتتمركز حولها محاولة تعميمها، فهل هذه الرؤية السابقة في أساسها صحيحة أجمالاً أو تفصيلاً؟ أو هل ترقي حتى لنفي الذات الإلهية أو وجود الخالق من عدمه؟

ومن الجلي أن الكاتب وقع في خلط بين أمرين أثنين من حيث رؤيته للوجود الإلهي علي أنة عصاب وأن الأساس الذي يدعونا للأيمان بالله هو الأديان وهذا الخلط نوجزه فيما يلي :

أولهما. أن الإيمان بالله هو حقيقة يتحدثها الكون أجمع لكل عاقل وتشهد له بالوجود المطلق ولذا فأنه لم يكن في يوم من الأيام نتيجة توارث عن سلف أو عن أدلة وبراهين تعود لآماد بعيدة أو حتى نتيجة رهبة من نقاش الفكرة نفسها وإنما هو كذلك نتيجة أنة حقيقة ساطعة قائمة علي الاستقراء وعلي أدلة جازمة تشهد له في شتي أرجاء الكون بالوجود،

ثانيهما. وهنا أتحدث بكل تأكيد كمسلم في محاولة تحجيم الرؤية العمومية لفرويد والذي دان باليهودية في بداياته حيث يبدو لي أنة وبالأخص مع كتابة موسي والتوحيد قد عاني من مسألة تناقض الديانة اليهودية (العهد القديم) وما يحويه من تناقضات وروايات تطعن في الرؤية الإجمالية للديانة مع العقل من جانب ومع الكون ومنهج العلم الحديث من أخر، من حيث أن العهد القديم بالنسبة لليهودية والجديد بالنسبة للنصارى هما الدليلان الماديان الإيمانيان الوحيدان الممكن تقديمهما علي صحة كلتا الديانتان وهما الاثنان أي الكتابان في مجملهما عبارة عن سرد قصصي لأحداث ووقائع حصلت في أزمنة غابرة وهنا لا يمكن ولا بأي شكل من الأشكال تبني نفس الرؤية الفرويدية في نقض الوجود الإلهي وتعميمها علي الإسلام ، لماذا؟ نقول بسبب أن الدليل الممثل للإسلام علي الساحة كديانة وهو قطعاً القرآن يبدو منسجما ومتوافقاً إلي حد مذهل مع الفطرة البشرية ومع الكون نفس الدليل الأول الشاهد لله بالوجود والوحدانية .



هكسلي : العلم هو الله
في موقف أخر يتحدث جوليان هكسلي في كتابة man in the modern world الإنسان في العالم الحديث فيقول : لقد انتهت العقيدة الإلهية إلى آخر نقطة تفيدنا وهى لا تستطيع أن تقبل الآن أية تطورات ؛ لقد اخترع الإنسان قوة ما وراء الطبيعة لتحمل عبء الدين ؛ جاء بالسحر ثم بالعمليات الروحية ثم بالعقيدة الإلهية ، حتى اخترع فكرة (الإله الواحد). وقد وصل الدين بهذه التطورات إلى آخر مراحل حياته. ولا شك أن هذه العقائد كانت في وقت ما جزءا مفيدا من حضارتنا ، بيد أن هذه الأجزاء قد فقدت اليوم ضرورتها ومدى إفادتها للمجتمع الحاضر المتطور.

وجوليان هكسلي هو نموذج مكرر نمطي لمن يعتقد ويحاول جعل العلم أداة يمكن من خلالها الاستغناء عن الوجود الإلهي ونفيه، طبعاً هذا الأمر يحمل تدليس كبير بل لعلة أكذوبة العصر ويقع هذا النموذج من الملحدة أيضاً في مغالطات منها :

أولاً : أن النتاج العلمي المتراكم ومنهجية وسبل العلم التجريبي لا تدع مجالاً للشك بأن أنظمة الخلائق والكون ذات أتزان واتساق مذهل لدرجة أنها أي هذه الأنظمة لو تعرضت لمقدار ضئيل من العشوائية لما بقيت علي ما هي علية الآن ، فوجود الأمراض وهلاك الكائنات إنما هو دال علي أن العملية غير عشوائية وأن الطير والحيوان والإنسان كلها مصممة، فلو كان هناك أي عشوائية في جينات الكائنات علي سبيل المثال ستظهر أمراض خطيرة مهددة لوجود الكائنات، نظرة بسيط علي خلل جزئي في كرومسوم الإنسان ينتج عنة مرض المنغوليزم لدي الأطفال وهو مرض يعوق القوي والقدرة الذهنية والبدنية للإنسان ويهدد وجودة يشكل منفرد في الطبيعة، قد يأتي ملحد مراوغ ليقول لنا بأن الآليات العفوية أنتجت كائنات في البداية مع وبدون أعطاب وعلي فترة طويلة من الزمن، فكانت النتيجة أن هذه المعطوبة وكنتيجة طبيعية اندثرت بالانتخاب نتيجة للإمراض في الكائنات المعيبة وبقيت الأخرى الصحيحة لقدرتها علي البقاء والمقاومة في بيئتها،

نقول لهذا الملحد لما هذه الآليات حريصة علي الإنسان والحيوان ولماذا هي حريصة علي تزويده بالشهوة والرغبة لإتمام العملية الجنسية فلا ينقطع النسل فإذا كانت غير مدركة لماذا هي حريصة ومهتمة باستمرار النسل ولماذا هي حريصة علي تزويد الكائنات بآليات تنسجم مع محيطها فالخفاش والدلافين مثلاً ولوجودها في بيئات مظلمة استعاضت عن الأعين بأجهزة أبصار عبارة عن موجات فوق صوتية، إضافة أن هناك أعضاء لدي الإنسان والحيوان لا يمكن تبرير ظهورها أو وجودها بعملية الاصطفاء، فعضلة الشرج كأحد صمامات الجهاز الهضمي تقوم فقط بالسيطرة علي خروج الفضلات خارج الجسم وهي الوحيده شبه الإرادية في الجهاز الهضمي فإن حصل عطب فيها (صمام الشرج) كل ما سيحصل هو أن الكائن لن يتحكم في خروج الفضلات ولكنة لن يموت ووفق فرضية العفوية في الانتخاب حسب النوع الأصلح فكائن ذو صمام شرجي معطوب لن يفني لأن العطب في هذا الصمام غير قاتل للكائن مقارنة بالعطب في صمام أخر في الجهاز الهضمي ومن هنا كان يتوجب علي هذه الآلية العفوية أن تجعل هناك كائنات بدون هذا الصمام أو العضلة الشرجية فلماذا هي حريصة هكذا أن تجعل الخلق في أحسن تقويم.

ثانياً. أن العلم في حد ذاته لا يعد دليلاً يمكن الاستعاضة بة عن وجود الله وأنة أي العلم يمكن بة فهم الكون وما بة من بنية لا تفسيره ، كيف ؟ الإنسان كان قديماً يعرف بأن السماء تمطر، لكننا اليوم نعرف كل شيء عن عملية تبخر الماء في البحر، حتى نزول قطرات الماء على الأرض وكل هذه المشاهدات صور للوقائع وليست في ذاتها تفسيرا له، فالعلم لا يكشف لنا كيف صارت هذه الوقائع قوانين؟ وكيف قامت بين الأرض والسماء على هذه الصورة المفيدة المدهشة؟ والحقيقة أن ادعاء الإنسان بعد كشفه لنظام الطبيعة أنه قد كشف تفسير الكون ليس سوى خدعة لنفسه، فإنه قد وضع بهذا الادعاء حلقة من وسط السلسلة مكان الحلقة الأخيرة [4].

وإذا كان العلم لا يقود إلي ماهية الأشياء وإنما إلي دراسة سلوك وتصرف المواد في بيئاتها من حيث أن فكرة تطور النتاج العلمي قدما إلي الأمام هي من تعزز هذه النظرة فلا يمكن للعلم مثلاً أعطاء تصور ثابت للذرة كما ولا يمكن لنا الجزم بأنه سيقوم بهذه المهمة مستقبلا للتغير المستمر في بنية ومنهجية العلم نفسه، إذ هو مبني علي النظريات والتنبؤات وليس الحقائق، ولذا فأن علم لا يمكن له أعطاء تصور نهائي لما هية المادة أو لماذا ظهرت هي والحياة يوحي بأنة أي العلم هو نفسه ظاهرة ونتاج للكون وما فيه من أتساق وقوانين والتي بوجودها ظهر العلم مع محاولة الإنسان لفهمها (الحياة وقوانين الكون)، وبمعني أن العلم هو نتاج ولا يمكن اعتباره منتج وبنفس المنهجية التي يستخدما العلم فأنة يضع في اعتبارنا استحالة تشكل لا الحياة ولا الآليات التي تتخذها المادة في الكون من تلقاء نفسها وعلية فأنة يشهد للخالق بالخلق لا العكس وبذالك فأن هؤلاء الذين يحاولون التنطع بالعلم يقعون في مغالطات كبري.



دوكنز : الله غير موجود
ينكر عالم الأحياء التطوري ريتشارد دوكنز الله بشكل علني وهو نموذج حي لشريحة أخري من التفكير الإلحادي في هذا الوقت حيث يحاول القول مع استخدام العلم كأداة يمكن بها تفسير لا فهم العالم، بأنه إذا كنا لا نري الله فهو غير موجود، وقد عبر عن ذلك علانية في أحدي لقاءاته وهو يتحدث عن الله بقولة (لعلة وحش السباجيتي الطائر)، وهنا يقع دوكنز ومن يحذو حذوه في مغالطات شتي، فليس هناك مسلمة علمية تجعل من الضرورة أن تري شيء حتى تحكم بأنة موجود إذ إن العلم الذي يحاول دوكنز أن يقنعنا بأنة يحاجج بة يرفض هذا الأسلوب ويظهر بوضوح أن هذا القول من دوكنز وغيرة هو كذلك بسبب أنة فكرة ليس إلا ولا يقترب من المناهج التي يحذوها العلم حتى، وما يدعونا للجزم نحن المؤمنون بوجود قوة غيبية عاقلة (الله) ليس الإيمان فحسب بل هو التصميم في الكائنات الحية والقوانين والأنظمة الكونية التي تسير العالم فهي لا تبدو مصممة لأنها وببساطة مصممة وتفشل جميع السيناريوهات التي تم وضعها في محاولة جعلها مفهومة بصورة عفوية أو عشوائية ، بل لعل هذة السيناريوهات لم تقترب من هذا الأمر حتى.

وإذا نظرنا نظرة قاصرة في الكائنات الحية سنجدها عبارة عن مجموعة من الأجهزة تعمل بتناسق تام ، تنفسي دوري عظمي هضمي عصبي بصري سمعي أخراجي تناسلي....الخ، هذا الأنظمة متسقة في كلا الجنسين إضافة إلي ملكة الحياة يستحيل فهم كيفية ظهورها وتجمع الخلايا كوحدة بنائية مشكلة الأعضاء وتناسق عملها ليخرج كائن صدفة ذو سلوك وتصرف خاص سوي بوجود خالق له، ونحن نذهب لهذه النتيجة أي أن هذا الكائن مخلوق ليس بسبب أننا لا نفهم كيفية ظهوره أو بسبب عجز العلم عن أنجاز هذه المهمة كما يقول البعض ولكن لأن المنهج الاستقرائي العلمي هو من يفرض هذه النتيجة من ناحية أن التصميم لا بد له من مصمم، ولم نسمع عن أو نختبر إلي هذه اللحظة، أنظمة عشوائية أدت إلي ظهور أخري مصممة والكون المنظور خير شاهد، فالعين كجهاز يستحيل علينا فهم لماذا ظهرت أو تطورت إذا جاز القول حتى وصلت إلي ما هي علية من الكمال من ناحية أن فاقد البصر والإحساس بالعالم أني له القدرة علي إنتاج آله مبصرة، وأني له حتى بالقدرة علي تطوير جهاز يقوم بهذه المهمة (الإبصار)، وما يقوله بعضهم من نظريات كالتطور وغيرة إنما هي محاولة للفهم وليس التفسير، إذ يتوجب أن يكون السؤال لماذا لا كيف نبصر؟ وهكذا دواليك مع باقي الأعضاء والأجهزة في الكائنات.

و لو افترضنا الآن جدلاً اختفاء منجزات الجنس البشري عدا سيارة، فحينها يفترض بأي كائن عاقل مواجه لهذه السيارة أن يضع في حسبانه أنها أثر لمصمم بسبب أن السيارة تحمل التصميم فإذا كانت السيارة مادة والإنسان كذالك لماذا يتم رفض وتجاهل أن الإنسان الحامل للذكاء والأكثر تعقيداً من السيارة مصمم، ورغم أن العلم لا يفشل بل يعجز عن محاولة لم شأفة الصدفة مع الإبداع الخلقي في الإنسان فإذا كان العقل الذي اخترع السيارة لا يقبل بفكرة الصدفة معها فكيف بة يقبلها له نفسه، قد يقول ملحد مشاكس بأن من صنع السيارة هو الإنسان أما من صنع الإنسان لا نعلمه ولم نرة ، نقول لهذا بأن كلامه هذا مبني علي المعرفة المسبقة إذ إن الدليل الذي يمكن له التفريق بين السيارة والحجر أوالساعة علي سبيل المثال هو التصميم كذلك الأمر بالنسبة للإنسان،

والآن ومرة أخري لو تم الإدعاء من أحدهم بأن رواية مزرعة الحيوانات للكاتب جورج أورول بمحتواها الفكري والأدبي قد ظهرت للعالم صدفة فإننا جميعاً سنتهم قائل هذا الكلام بالجنون وبلا أدني ريب فكيف بك تقبل بهذا الأمر للحمض النووي والذي يعد رائعة الحياة علي سطح الأرض إذ أن هذا الكتاب الحلزوني يروي قصة الكائن الحي بجميع تفاصيلها لا بل يعطيه الشخصية والتوليفة المميزة له فالأمران لا يستويان قد يقول ملحد أن هناك نظريات فسرت أو تحاول أن تفسر آلية ظهور هذا الشريط الحلزوني نقول لهذا أن كلامه مغلوط إذ أن العلم وحدة حين أبان عقلاً استحالة تشكل وترتب جزيئات هذا الشريط ليخرج كائن متناسق أحادي أو متعدد الخلايا أو الأعضاء، ملائم لبيئته ولكسب قوته قد أبان في نفس الوقت أن العشوائية ليس لها دور، وإذا نظرنا في أرجاء المعمورة نجدها كواكب بور ليس علي ظهرها شاردة ولا واردة أدركنا حينها أن هذه الجزيئة المذهلة التركيب والمسماة (دنا) هي جزيئه مصممة،

وإذا انتقلنا في جانب أخر للحياة كظاهرة والتي يحاول دوكنز إخبارنا أنها عفوية، يتبادر لذهننا ما يلي : لماذا هي كذلك؟ ما هي الحياة؟ ما الفرق بين ما هو حي وميت؟ لماذا لا تظهر الحياة إلا مما هو حي؟ فسنصل لقناعة وطريق مسدود يفضي إلي إجابة واحدة أنها من صنع الله، فرغم الإمكانات الفكرية للإنسان والتي تبدوا هائلة ورغم تسلحه بالعلوم إلا أنه بكل ما لدية يبقي عاجزاً عن بعث هذه الظاهرة (الحياة) حتى في ذبابة واحدة إذ أن العلم نفسه وحين شهد باستحالة البحث في ما هو غير محسوس في محاولة جعله محسوس أبان أن هذه الظاهرة النفيسة والنادرة في الكون أجمع لا يمكن أن تكون قد أتت صدفة، وهذه هي الإجابة الطبيعية ، ولا يمكن لنا تحميل العلم ما لا يحتمل، يأتي الآن ملحد ليقول أن العلم قد يقوم بهذه المهمة في المستقبل ، نقول لهذا إذا كان العلم وإلي هذه اللحظة ومنذ أن أستخدمه الإنسان لفهم الظواهر الكونية عاجز أمام ظاهرة الموت وهي نقيض الحياة فلم نسمع أنة قام بإرجاع كيان للحياة فإذا كان شأنه هكذا علاوة عل التحديات العظمي التي تواجه الإنسانية في كون مترامي الأطراف غير منتهي المشاكل تضع في الاعتبار أنة مازال لا يمتلك الآليات ولا حتى ورقة التوت التي يمكن له بها ستر عورته ليس إلا، فإذا أصر هذا الملحد أنة من الممكن للعلم انجاز هذه المهمة فحسب حينها نقول له أنة الآن هو من وقع في حفرة الخرافة والتي يتهم بها المؤمن فهو يؤمن فحسب بذلك ولذلك يتوجب علينا تركة مع خيالة، إذ أن القول سهل لكن الفعل بلا شك سيكون صعب.

وأختم كلامي بقوله تعالي في سورة الحج موجهاً الخطاب والتحدي لأمثال دوكنز ومن حذي حذوه : يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لَا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ (73)


الاقتباسات والمراجعــ........................................ ......................................
[1]أبي حامد الغزالي. الحكمة في مخلوقات الله
[2]أحمد جبالية. القران وعلم الفلك.
[3]سيجموند فرويد. مستقبل وهم
[4]وحيد الدين خان. الإسلام يتحدي

حمادة
07-23-2012, 08:12 AM
جزاكم الله خيرا

lightline
01-26-2013, 11:29 PM
رفع

محمد بن علي بنان
01-29-2013, 09:44 PM
موضوع جيد .. يدعو للتأمل في تخبط البشرية من غير وحي .