المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المؤلفة قلوبهم و شبهة الرشوة



د. هشام عزمي
05-27-2005, 02:29 PM
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته ،

يثير النصارى و غيرهم من أعداء الإسلام أمام الأخوة المسلمين بين الحين و الآخر شبهة مفادها أن إعطاء المؤلفة قلوبهم من مال الزكاة عبارة عن رشوة تستقبحها الضمائر النزيهة و أنه من غير المعقول أن يدعو المسلمون غير المسلمين إلى دينهم عن طريق دفع الرشاوى ، حتى وصلت سورة أحدهم لأن يسأل في وقاحة : (( أليست هذه رشوة؟؟؟ يعطي ثروة مهولة لقوم ، لكي يدخلوا الاسلام ، أليس هذا شراء للضمائر والذمم؟؟؟ )) و يصيح آخر في هستيرية : (( أليس هذا من أسوأ أنواع الرشوة ؟ أليس هذا شراء لضمائر الناس ؟ أيعجز محمد عن إثبات دينه بالمعجزات الربانية و الخوارق فيلجأ إلى أرخص الوسائل و أسهلها و هي شراء الولاءات ؟؟؟ فبماذا تختلف هذه الأفعال عن قولنا أن الغرب يشتري حكّام العرب ؟؟؟ فهي تدفع لهم حتى يخدموا مصالحها )) و بلغ حال بعض الأخوة أن نقلوا هذه الشبهة متضمنة النكهة البذيئة التي يضيفها النصارى و الملاحدة العرب دومًا إلى حواراتهم طالبين الرد عليها .

و الجواب بعون الملك الوهاب : أن المؤلفة قلوبهم هم مسلمون دخلوا الإسلام مترددين أو عن اقتناع لكن علم فيهم حب المال فيقوم ولي الأمر بتأليف قلوبهم به حتى يجذبهم أكثر للإسلام و يدفعهم للإقتراب منه و تدبر معانيه ، فيزداد إيمانهم و يقوى بهذا التدبر .. و هذا قريب جدًا لما يفعله المدرس عندما يسعى لتحبيب التلاميذ في موضوع الدرس بتوزيع حلوى عليهم مثلاً ، فبهذه الطريقة يحب التلاميذ الدرس و يكون استعدادهم لفهمه و الانتباه مع المدرس أكبر .

فلا يمكن القول بأن إعطاء حافز لابنك كي يذاكر و ينجح في الامتحانات يعلمه الرشوة و فقدان الضمير أو أن إعطاء مرتبات شهرية للأطباء و الممرضات و هم الذين يعملون في مجال إنساني بالدرجة الأولى يعتبر إفسادًا لسمو رسالة الطب أو رعاية المريض !

إن هذا سيكون قصورًا في التفكير و فسادًا في الرأي !

و قد جُبل الإنسان على حب المال و إنه لحب المال لشديد ، فبهذه الطريقة يفتح المرء قلبه للإسلام و يتدبره بجدية و همة ، فيقوى إيمانه و تعلقه بالدين بهذا التدبر و التفكر في الإسلام .. و قد اعتاد الإنسان أن يصغي بقلبه و جوارحه لمن يعطيه و يكرمه ، فتكون هذه فرصة حتى يصغي غير المسلم للإسلام فيهديه الله إلى طريقه المستقيم .

روي القاضي عياض في الشفا ج1 ص114 : (( حدثنا الفقيه أبو محمد عبد الله بن محمد الخشبي بقراءتي عليه ، حدثنا إمام الحرمين أبو علي الطبري ، حدثنا عبد الغافر الفارسي ، حدثنا أبو أحمد الجلودي ، حدثنا إبراهيم بن سفيان ، حدثنا مسلم بن الحجاج ، حدثنا أبو الطاهر ، أنبأنا يونس ، عن ابن شهاب ، قال : غزا رسول الله صلى الله عليه و سلم غزوة ، و ذكر حنيناً ، قال : فأعطى رسول الله صلى الله عليه و سلم صفوان بن أمية مائة من النعم ، ثم مائة ، ثم مائة .
قال ابن شهاب ، حدثنا سعيد بن المسيب أن صفوان قال : و الله لقد أعطاني ما أعطاني و إنه لأبغض الخلق إلي ، فما زال يعطيني حتى إنه لأحب الخلق إلي .

و روي أن أعرابياً جاءه يطلب منه شيئاً ، فأعطاه ، ثم قال : أحسنت إليك ؟ . قال الأعرابي : لا ، و لا أجملت .
فغضب المسلمون و قاموا إليه ، فأشار إليهم أن كفوا ، ثم قام و دخل منزله ، و أرسل إليه ، و زاده شيئاً ، ثم قال : أحسنت إليك ؟ قال : نعم ، فجزاك الله من أهل و عشيرة خيراً )) .

فهذه أمثلة تدل على صحة ما وصلنا إليه .. و أكبر دليل على ذلك إيضًا أن المنظمات التنصيرية تستخدم هذه الوسيلة كسبيل وحيد لإقناع الناس بالنصرانية بعد أن فشلت في ميدان الحجة و الإقناع .. فهذه المنظمات تقوم بتقديم العلاج و الطعام للفقراء حتى يدخلوا في النصرانية و تعد من يدخل منهم فيها بالمال و المتع الحسية الدنيوية .. فإن كان هذا مقبولاً في الإسلام الذي يدعو الناس لإقامة الدنيا و الآخرة ، و لإعمار الأرض و القلوب ، و لا يحارب الأغنياء ، فكيف يستساغ من دين يدعو إلى نبذ الدنيا و لا يدخل فيه الأغنياء الملكوت ؟؟

و لنا مما نشهد نماذج : يعدون المسلم بالسفر للخارج و الزواج و فرص العمل اللامعة و المال الوفير إلى آخر المتع الدنيوية الحسية .. و هذا كله حتى يدخل في النصرانية رغم أن كل هذه المتع منبوذة في دينهم و عبور الجمل من سم الخياط أيسر من دخول الغني في الملكوت .

و نعوذ بالله من أن نكون من الذين تخالف أقوالهم أفعالهم .. و الحمد لله على نعمة الإسلام .

د. هشام عزمي
05-27-2005, 03:09 PM
و يضاف ما كتبه الأخ الدكتور حسام الدين حامد في رده على هذه الشبهة :

1- هذا قرينة علي نبوة النبي محمد صلي الله عليه و سلم ، فلو كان باحثًا عن مال لما أعطي المؤلفة قلوبهم من المال ليؤلف قلوبهم ، و كان حاربهم و أجبرهم بالسيف علي الدخول في دين الله لو أراد ، و لكنه أعطي من مال لو أراد لكان له خالصًا ، فهل من هذا حاله متقول أو باحث عن ثروة ؟

2- يروي أن أحد الأعراب دخل البيت الحرام و كان فيه حمق فقال : اللهم إن أعطيتني فسأعبدك ما استطعت ، و إن منعتني فعند تركي الصلاة ما ألام ، فسمعه زين العابدين رحمه الله فأعطاه مالًا كثيرًا و غيره .

فهل هذا الموقف من زين العابدين رحمه الله يذم عليه ؟ ألو ترك الأعرابي يكفر ، أكان يلام ؟ فما بالك لو استطاع أن يجبره علي الطاعة بالسيف و رغم ذلك أعطاه المال ؟!!

ارتفع بعقلك أكثر لتفهم معني إعطاء المال للمؤلفة قلوبهم لتأليف قلوبهم ، و ستعلم أن رحمة الله و حكمة تشريع الإسلام اقتضت هذا الحكم الذي يعمل علي تعبيد العباد لله وحده .

و يكمل الرد قائلاً :

1- هذا الكلام حجة عليه (أي صاحب الشبهة) لا له ، فالراشي يبحث عن مصلحة شخصية أعلي من قيمة الرشوة ، و تجده نفسه يقول " فهي تدفع لهم حتى يخدموا مصالحها " ، فما مصلحة رسول الله صلي الله عليه و سلم في دفع أموال لتأليف قلوب الناس ليعينهم علي عبادة الله عز و جل ؟ لا مصلحة شخصية فهذا حجة عليه لا له ، ثم :

2- قد جاءهم رسول الله بالمعجزات و الخوارق ، و كفي بالقرآن معجزة أمامهم و أمام أمثاله ، و رغم ذلك كفروا كما كفر ، فما أشبه معاندي الأمس باليوم ، ثم :

3- قد كان في وسع رسول الله - لو كان دعيا و حاشاه - أن يحاربهم أو يتجنبهم و بالتالي يحفظ المال له و يفعل به ما يشاء ، و لكن هذا لم يحدث ، أفلا تعقلون ؟

للاستزادة : http://www.aljame3.com/forums/index.php?showtopic=3556&st=10

و انظر أيضًا : http://www.aljame3.com/forums/index.php?showtopic=7243

و بالله التوفيق .

يحيى
12-13-2010, 07:09 AM
http://www.islamway.com/?iw_s=Fatawa&iw_a=view&fatwa_id=14281

الإسلام دين حق و يحق له أن يؤلف قلب من يطمع في إسلامه مُصاحبا للطمع في شيء آخر و هو وقف نصبه العداء للاسلام او المسلمين أو المجتمع الإسلامي.

حسب فتوى محمد بن صالح العثيمين أعلاه "المؤلفة قلوبهم" يمكن أن يكونوا غير مسلمين أصلا و ليسوا فقط مسلمين مترددين, إلا أن سيدنا عمر رضي الله عنه لم يفهم الآية حرفيا, و منه نفهم أن المؤلفة قلوبهم من أسلم و يتردد يعني مسلم و شكوكي, أو من يعرف عنه عداءه لرسالة الإسلام.

ما رأيك أخي؟

كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل
12-13-2010, 04:09 PM
وما المانع شيخ هشام لو كان هؤلاء المعنيون هم كفار في الأصل أعطوا من مال الزكاة لإستمالتهم أو لكف شرهم ...

عساف
12-28-2010, 11:25 PM
طلب كف الشر فيه شبهة أكثر من الاستمالة.. هذا رأيي الخاص..
فطلب كف الشر بتقديم المال فيه وصمة عار وجبن.. أما الإستماله بالمال فهي نفقة وصدقة ومصرف من مصارف الزكاة.
أيقاف الخليفة عمر رضي الله عنه.. أجتهادٌ في وقت وحال معينين.. أما حكم الله فلا يتوقف أبداً..
والله أعلم