المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خاطرة حول تأخر المسلمين



عمر الأنصاري
08-05-2009, 10:59 PM
لا يخفى على عاقل من العقلاء موقع أمة الإسلام بين الأمم اليوم، فبعد أن كان لهذه الأمة موقع الريادة والقيادة صارت في ذيل القائمة، وبدل أن تكون أمة منتِجة صارت أمة مستهلِكة، حتى صارت بلادنا تستورد كل شيء؛ من ملبس ومأكل ومشرب ومركب، ولم يقف الأمر عند حد استيراد الأشياء المادية بل تجاوزه إلى استيراد بعض العادات والقيم، وأخطر من كل ذلك ما تقوم به طائفة من "المثقفين" من استيراد الأفكار الجاهزة وتسويقها، وإن كانت مخالفة لتعاليم ديننا وتقاليدنا وأعرافنا، بل وحاجات مجتمعاتنا!

إن هذا التباين بين حال الأمة اليوم وبالأمس يدفع كل باحث عن أسباب الخلل إلى دراسة مقارنة بين الحالين، ولا شك أن أي منصف متجرد لن يملك إنكار حقيقة واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار، وهي أن ما حاق بهذه الأمة من تراجع وتأخر يرجع في المقام الأول إلى بُعدها عن دينها، وتفريطها في أوامر ربها جل وعلا، فالعرب -وهم أصل الإسلام ومادته- كانوا قبيل الإسلام حفاة عراة لا يأبه بهم أحد من أهل زمانهم، فنقلهم الإسلام خلال مدة وجيزة ليكونوا سادة العالم وقادته الذين تخضع لهم رقاب القياصرة وأنوف الأكاسرة، وهذا دليل قاطع على أن التمسك بهذا الدين هو سبيل عز ومجد ورفعة هذه الأمة، وكل محاولة لإصلاح الخلل ومعالجته لا تقر بهذه الحقيقة تكون نوعاً من العبث الذي لا كبير فائدة من ورائه، بل ضره أكبر من نفعه.

هذه الحقيقة التي سيصل إليها كل باحث منصف متجرد، يوقن بها كل مؤمن موحد يقرأ قول الله جل وعلا: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55]، ونحن عندما نقول إن حل مشكلات الأمة يكمن في عودتها إلى دينها، لا نعني بذلك الاكتفاء بالشعائر التعبدية من صلاة وصيام وزكاة وحج، لأن الإسلام إذا كان يقوم على هذه الأركان فإنه لا يقف عندها، ودين الإسلام لا ينحصر في المساجد والزوايا كحال غيره من الديانات التي تنحصر في معابد أبنائها، فهو دين شامل له سلطانه وتشريعه في كل شأن من شؤون الحياة. وهذه النقطة قد تغيب عن كثير من المسلمين بل عن بعض الملتزمين، فالعودة للإسلام ليست في الالتزام بالأمور التعبدية المحضة فحسب، ومن كان يظن أن ريادة الأمة تتحقق بمثل ذلك فقط فهو مخطئ، إذ السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، والبلاد إنما فتحت برجال كانوا رهباناً في الليل فرساناً في النهار، وكما خرَّجت الأمة عُبَّاداً زُهَّاداً خرَّجت علماء دين عاملين، وخرَّجت علماء في شتى نواحي العلوم والمعارف الدنيوية، ترك كثير منهم بصمته التي لا تمحى في موكب الحضارة المادية، وكذلك كان في الأمة التُّجار والزُّراع والصُّناع المهرة، فبجهود هؤلاء جميعاً نالت الأمة قدم السبق وراضت الأمم قروناً من الزمن.

إن الأخذ بأسباب الحضارة الحديثة وعوامل القوة المادية لا محظور فيه طالما كان منضبطاً بضوابط الشرع الحنيف، بل إنه من فروض الكفاية على أمة الإسلام، وهذا يحتاج إلى همم وسواعد أبنائها الذين يدركون هذه الحقيقة حق الإدراك، ثم يضبطون أعمالهم بما هو كفيل بتحقيق المرجو منها؛ من الإعداد السليم والتخطيط والتنظيم والدقة والانضباط، وهي من لوازم إتقان العمل الذي روي فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه» (1)، أما استمرار حال الفوضى الضاربة بأطنابها في مجتمعاتنا حتى صار يضرب بنا المثل في ذلك، وكذلك انشغال الناس بسفاسف الأمور -سواء كانت محرمة أو مباحة- كالأغاني والأفلام والكرة وما أشبه ذلك فلا يبشر بخير.

ومن قارن بين المسلمين واليهود في هذا المضمار هالته النتائج، ففي مقالة نشرت مؤخراً(2) ورد أنه خلال المائة سنة المنصرفة، فاز اليهود بملايينهم الأربعة عشرة ب 108 جائزة نوبل في شتى فروع العلم، بينما فاز المسلمون بمليارهم ونصف ب3 جوائز فقط، واحدة منها فقط في العلوم، وأن نسبة التعلم داخل الكيان الغاصب الصهيوني 90%، بينما نسبة التعلم في العالم الإسلامي 40%، ثم ذكر الكاتب مجموعة من المخترعات والمكتشفات الحديثة التي تنسب لعلماء يهود في شتى مجالات العلوم الطبيعية والتجريبية، منها: الحقنة الطبية، ولقاح شلل الأطفال، ودواء سرطان الدم، وعلاج مرض الالتهاب الكبدي، وعلاج مرض الزهري، وفكرة الغسيل الكلوي، والمفاعل النووي، والألياف الضوئية، والصلب الذي لا يصدأ، ومسجل الفيديو، وغير ذلك.

إن ترك كثير من المسلمين القيام بما يجب عليهم على وجهه، وعدم اهتمامهم بإتقان أعمالهم وتحسينها سبب رئيس في تأخرهم ابتداء، وسبب رئيس لاستمرار هذا التأخر أيضاً، وإلا فإنه لا يتصور أن يعيش المسلمون في كثير من جوانب حياتهم عالة على غيرهم ثم يكون لهم عليهم القيادة والريادة!!

وإذا كان هذا الكلام يعم بلاد المسلمين فإن لبلادنا كلمة تخصها لأنها تختلف عن غيرها من البلاد، فالدولة السعودية الأولى قامت على التحالف بين الإمامين على تحكيم الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح، وكل دولة من الدول الثلاث كانت تجدد هذا العهد، فعندما نتحدث عن وجوب العمل وإتقانه لأنه واجب شرعي فإننا نجدد هذا العهد والميثاق، فالذي يدعو للتمسك بذلك هو الذي يحفظ العهود والمواثيق والأسس التي قامت عليها البلاد بعقد رضي به الجميع، والذي يدعو إلى غير ذلك من "المثقفين" الذين يبحثون عن الحلول المستوردة المخالفة لتلك الأسس يدعو إلى الفوضى ونقض ما قامت عليه البلاد ويدعو إلى الخراب فلا بد أن يحاسب ويحاكم، والله المستعان.



خاطرة حول تأخر المسلمين
ناصر بن سليمان العمر
http://www.islamway.com/?iw_s=Article&iw_a=view&article_id=5325

_______________
(1) المعجم الأوسط 1/275 (897)، صححه الألباني وضعفه غيره.
(2) الطفل اللقيط الذي يحكم العالم! / شريف عبد العزيز. http://www.almokhtsar.com/news.php?action=show&id=17775

genie
08-06-2009, 12:39 AM
مقال أكثر من رائع
أشكر ناقله

nabilbenka
08-06-2009, 03:07 AM
للأسف الناس جعلوا جائزة نوبل معيار للذكاء
يعني الشيخ كاتب امقال يقول لكم جميعا
أنكم حمير!

أليس مسيروا نوبل ماسونيون
و يختارون طبيعيا أبناء جلدتهم
ألم يقل الله (( لن ترض عنك اليهود و لا النصارى))
و غيرها من الآيات التي تبين حقدهم و عنصريتهم
هل فعلا ليس لدينا أذكياء

أنا متأكد أن الله عز وجل أعطانا كل شيء
لكننا نرفض كل شيء

عمر الأنصاري
08-06-2009, 05:00 PM
أتفق مع الأخ nabilbenka على ما قاله لكن مع بعض التحفظ على الاسلوب


جائزة نوبل ليست معيارا للذكاء

ولو صح تحكيمهم لمنحوا الكثير من العلماء والمفكرين المسلمين هذه الجائزة أمثال عبد الوهاب المسيري وعلي عزت بيكوفيتش، والكثير من العلماء ممن لم تُتح لهم الفرصة لإظهار قدراتهم بسبب نظام الحكم العربي الغربي

لكن أيضا هذه ليست حُجة لكي نتقاعس
إيران الشيعية أخذت باسباب التقدم فتقدم
اليابان عابدة الصنم أخذت بأسباب التقدم فتقدمت
سنن الله في الكون لا تُحابي أحدا

فلماذا نحن المسلمين لا نأخذ بأسباب التقدم، علما أننا على حق وغيرنا على باطل


لعل هذا هو التعليق الذي كنت أود إضافته على مقال الشيخ ناصر بن سليمان العمر

لكن يا أخي الشيخ ناصر لم يقل

أنكم حمير!

الشيخ ناصر قال

إن ترك كثير من المسلمين القيام بما يجب عليهم على وجهه، وعدم اهتمامهم بإتقان أعمالهم وتحسينها سبب رئيس في تأخرهم ابتداء،
فهل تُنكر اننا مُتقاعسون مُفرطون

وقال أيضا

إن الأخذ بأسباب الحضارة الحديثة وعوامل القوة المادية لا محظور فيه طالما كان منضبطاً بضوابط الشرع الحنيف

علينا قراءة وفهم ما يُريد الكاتب إيصاله لنا قبل الرد

حمادة
08-06-2009, 05:43 PM
إن ترك كثير من المسلمين القيام بما يجب عليهم على وجهه، وعدم اهتمامهم بإتقان أعمالهم وتحسينها سبب رئيس في تأخرهم ابتداء،3
الشعوب اصلا لا تستطيع التفوه بكلمة حق ضد النظام المستبد ..كما ان معظم الشعوب العربية تعاني من شبح البطالة ! فعن اي عمل يتحدث ؟!amazing!


فلماذا نحن المسلمين لا نأخذ بأسباب التقدم، علما أننا على حق وغيرنا على باطل

افلم يحن الوقت لكي يقال لأمير المؤمنين المزعوم أيها الحاكم إنك تؤخر نصر المسلمين ؟؟؟
الم يحن وقت ترديد هذا الأبيات :
ألا أيها الظالم المستبد حبيب الظلام، عدو الحياة
سخرت بأنات شعب ضعيف وكفك مخضوبة من دماه
سيجرفك السيل، سيل الدماء ويأكلك العاصف المشتعل

مجدي
08-06-2009, 07:42 PM
ورحم الله ابن القيم:
فتغيرت أوضاعها حتى غدت * منكورة بتلوث الأعمال
فتغيرت أعمالهم وتبدلت * أحوالهم بالنقص بعد كمال
لو كان دين الله فيهم قائما * لرأيتهم في أحسن الأحوال
وإذا همو حكموا بحكم جائر * حكموا لمنكره بكل وبال
قالوا : أتنكر حكم شرع محمد * حاشا لذا الشرع الشريف العالي
عجت فروج الناس ثم حقوقهم * لله بالبكرات والآصال
كم تستحل بكل حكم باطل * لا يرتضيه ربنا المتعالي
والكل في قعر الجحيم سوى الذي * يقضى بدين الله لا لنوال
أو ما سمعت بأن ثلثيهم غدا * في النار في ذاك الزمان الخالي
وزماننا هذا فربك عالم * هل فيه ذاك الثلث أم هو خالي
يا باغى الإحسان يطلب ربه * ليفوز منه بغاية الآمال
انظر إلى هدة الصحابة والذي * كانوا عليه في الزمان الخالى
واسلك طريق القوم أين تيمموا * خذ يمنة ما الدرب ذات شمال
تالله ما اختاروا لأنفسهم سوى * سبل الهدى في القول والأفعال
درجوا على نهج الرسول وهديه * وبه اقتدوا في سائر الأحوال
نعم الرفيق لطالب يبغى الهدى * فمآله في الحشر خير مآل
القانتين المخبتين لربهم * الناطقين بأصدق الأقوال
التاركين لكل فعل سيء * والعاملين بأحسن الأعمال
أهواؤهم تبع لدين نبيهم * وسواهم بالضد في ذي الحال
ما شابهم في دينهم نفص * ولا في قولهم شطح الجهول الغالي
عملوا بما علموا ولم يتكلفوا * فلذاك ما شابوا الهدى بضلال
وسواهم بالضد في الأمرين قد * تركوا الهدى ودعوا إلى الإضلال
فهم الأدلة للحيارى من يسر * بهداهم لم يخش من إضلال
وهم النجوم هداية وإضاءة * وعلو منزلة وبعد منال
يمشون بين الناس هونا * نطقهم بالحق لا بجهالة الجهال
حلما وعلما مع تقى * وتواضع ونصيحة مع رتبة الإفضال
يحيون ليلهم بطاعة ربهم * بتلاوة وتضرع وسؤال
وعيونهم تجرى بفيض دموعهم * مثل انهمال الوابل الهطال
في الليل رهبان وعند جهادهم * لعدوهم من أشجع الأبطال
وإذا بدا علم الرهان رأيتهم * يتسابقون بصالح الأعمال
بوجوههم أثر السجود لربهم * وبها أشعة نوره المتلالي
ولقد أبان لك الكتاب صفاتهم * في سورة الفتح المبين العالي
وبرابع السبع الطوال صفاتهم * قوم يحبهم ذوو إدلال
وبراءة والحشر فيها وصفهم * وبهل أتى وبسورة الأنفال

يحيى
08-07-2009, 02:03 AM
مقال رائع
أشكر الكاتب و الناقل

المجتمع اللاديني قد يتقدم ماديا صحيح فيحقق رفاهية لكن الرفاهية شيء و الهناء/السعادة شيء آخر, فأصغر دولة أوروبية تجد الإحصائيات تتكلم عن آنتحارات و قتل (زوج(ة) (ت)يقتل زوجه(ا) بعد فضيحة أخلاقية) يعني أعداد مذهلة في دولة لا يتجاوز عدد سكانها 5 مليون مثل النورويج.

أما التقدم العلمي/التحضر غير ممكن في مجتمع لا يعرف إلا الاستهلاك, يعني أنت تستخدم هاتف و تقود سيارة لا يعني مجتمعك متحضر بل مجتمع ذليل متخلف, الرسالة العادية و ايصالها على جمل أو حمار أفضل لأن هذه الرسالة و الحمار شيء -على الأقل- قد يجعلك يوما تفكر في التحضر!

الذكاء و العمل المثمر لا يقاسان بجائزة نوبل بل بمدى إستقلالية مجتمعك و ما ينتجه في كل مجالات الحياة من الفكر إلى الطب عبر التقنية وصولا للعلوم.

nabilbenka
08-07-2009, 02:46 AM
أعظم شيء خطير في هذا العصر هو تقدم مادي للغرب مقابل تخلف للمسلمين
هذه أكبر فتنة ولدت لنا (( العلمانية)) و الإلحاد و ماجاورها
بالنسبة لي الغرب ليس متقدم و لا متطور لعدة أسباب أتركها لنفسي

1. عدم تطبيق الشريعة
الله عز وجل قرر أن يفتح الدنيا للغرب (مكناهم في الأرض)
لكن المعاملة تختلف مع المسلمين
فإذا تخلينا عن الشريعة الإسلامية
فالله عز وجل سيذلنا
ويجعلنا أحقر أمة
إقرأ أو ادرس أو احصل على أكبر و أسمن دكتوراه فهذا لا ينفع

2. التفرقة
غياب الإتحاد و تفرقة المسلمين ل 60 دويلة و أكثر من 500 حزب و جماعة
يجعلنا نضيع قوتنا (لاتفرقوا فتذهب ريحكم)

3. الطغاة
الحكام الغير عدول الذين يتسابقون على كرسي الحكم، وشغلهم الشاغل هو التمسك بالسلطة
يقومون بتدمير التعليم و الصحة و الحياة الإجتماعية عمدا لنبقى متخلفين...

4. الفقر و البطالة و الأمراض
أسباب للتخلف، فلا يمكن لعاطل عن العمل، لم يكمل دراستيه الجامعية، و مريض بعدة أمراض
و فقير فقر مدقعن الجوع ينهش جسمه، فلا يفكر يوميا سوى في إيجاد قوت يومه...
هذا النوع من الأشخاص مهما بلغ ذكاؤه لن يحقق شيئا!
وهذا ليس إستهانة به بل السبب هو مجتمعه الذي همشه و الأنانية و الحوكمة الفاسدة و الحكام...

5. النفاق خنجر على ظهر المسلمين
إن العلمانية و اليسارية و الإشتراكية الليبرالية و كل الفلسفات و الأفكار الهدامة اتي
تساعد على بناء منافقين، تساهم في طعن الأمة الإسلامية من الظهر على غفلة و تقسم الأمة إلى مجموعتين:
- المنافقين الأغنيان الفجار أصحاب مناصب لا يستحقونها
- المسلمين الطيبين السذج الفقراء المهمشين

6. الجهل