المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز الاحتجاج بالقدر على فعل المعاصي؟



ماكـولا
08-31-2009, 03:24 PM
عن أبا هريرة
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( احتج آدم وموسى فقال له موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة قال له آدم يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة ؟ فحج آدم موسى فحج آدم موسى ) . ثلاثا
متفق عليه

قال ابن القيم في شفاء العليل في مسائل القضاء والقدر والحكمة والتعليل"فموسى أعرف بالله وأسمائه وصفاته من أن يلوم على ذنب قد تاب منه فاعله فاجتباه ربه بعده وهداه واصطفاه وآدم أعرف بربه من أن يحتج بقضائه وقدره على معصيته بل إنما لام موسى آدم على المعصية التي نالت الذرية بخروجهم من الجنة ونزولهم إلى دار الابتلاء والمحنة بسبب خطيئة أبيهم فذكر الخطيئة تنبيها على سبب المصيبة المحنة التي نالت الذرية ولهذا قال له أخرجتنا ونفسك من الجنة وفي لفظ خيبتنا فاحتج آدم بالقدر على المصيبة وقال أن هذه المصيبة التي نالت الذرية بسبب خطيئتي كانت مكتوبة بقدره قبل خلقي والقدر يحتج به في المصائب دون المعائب أي أتلومني على مصيبة قدرت علي وعليكم قبل خلقي بكذا وكذا سنة هذا جواب شيخنا رحمه الله( ابن تيمية)"

ذكر جواب آخر هو الراجح إن شاء الله:

وقد يتوجه آخر وهو أن الاحتجاج بالقدر على الذنب ينفع في موضع ويضر في موضع ويضر في موضع فينفع إذا احتج به بعد وقوعه والتوبة منه وترك معاودته كما فعل آدم فيكون في ذكر القدر إذ ذاك من التوحيد ومعرفة أسماء الرب وصفاته وذكرها ما ينتفع به الذاكر والسامع لأنه لا يدفع بالقدر أمرا ولا نهيا ولا يبطل به شريعة بل يخبر بالحق المحض على وجه التوحيد والبراءة من الحول والقوة

يوضحه أن آدم قال لموسى أتلومني على أن عملت عملا كان مكتوبا علي قبل أن أخلق فإذا أذنب الرجل ذنبا ثم تاب منه توبة وزال أمره حتى كأن لم يكن فأنبه مؤنب عليه ولامه حسن منه أن يحتج بالقدر بعد ذلك ويقول هذا أمر كان قد قدر على قبل أن أخلق فإنه لم يدفع بالقدر حقا ولا ذكره حجة له على باطل ولا محذور في الاحتجاج به وأما الموضع الذي يضر الاحتجاج به ففي الحال والمستقبل بأن يرتكب فعلا محرما أو يترك واجبا فيلومه عليه لائم فيحتج بالقدر على إقامته عليه وإصراره فيبطل بالاحتجاج به حقا ويرتكب باطلا كما احتج به المصرون على شركهم وعبادتهم غير الله فقالوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولو شاء الرحمن ما عبدناهم فاحتجوا به مصوبين لما هم عليه وأنهم لم يندموا على فعله ولم يعزموا على تركه ولم يقروا بفساده..."

وقال إبن أبي العز الحنفي " فعلى العبد أن يستسلم للقدر إذا أصابته مصيبة كما قال الله"الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون"البقرة 156

وأما المذنبون فليس لهم الإحتجاج بالقدر بل الواجب عليهم أن يستغفروا الله بعد الوقوع في الذنب كما قال عز وجل" فاصبر إن وعد الله حق واستغفر لذنبك وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار" غافر55
فأرشد الى الصبر في المصائب والاستغفار من الذنوب والمعائب"(الطحاوية)