المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أيها الموحدون ,, هل لكم في هذا الخير من سهم ؟؟؟



اخت مسلمة
09-03-2009, 04:18 AM
اخوتي وأخواتي الموحدين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
من طوام ماجلبه علينا اعداء هذه الأمة الميمونة والمعتزة بدينها في هذا العصر الذي يموج بالفتن والشبهات والدسائس
كتاب (الشخصية المحمدية )المنسوب للشاعر معروف الرصافي ,والملفت للنظر يسر وسهولة تحميله وتناقله عبر الشبكة لمن يريد ولمن لايريد , وتوقيت نشره كذلك , مع مافيه من افتراءات وقلة منهجية ودس للسم بين ثنايا العسل (وهو الأسلوب المتبع الآن ) لايهام القارئ ان كاتب هذه السطور معه ومع الدين ولايهاجم بل ينور العقول فقط ويزيل بعض غيوم الجهل عن العوام بحيث يفهمون الدين الحقيقي والقرآن بعيدا عن علمائهم وشخصية النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بدون رتوش اهل السنة ,هذا هو مايحتويه الكتاب بكلمات قليلة , ماأوده من الجميع هنا اخوتي ان نجمع عددا منا لقراءة هذا الكتاب وفهم مافيه على حقيقته وادراج موضوع هنا في منتدى التوحيد لنقده وتشريحه وابطال كل تخريف حواه , وان تم بحول الله وجود متطوعين منكم سنبدأ به باذن المولى ولنجعله مرجعا يعود اليه كل من تشوش باكاذيب هذه الوريقات التافهة , والاكاذيب والافتراءات المضللة , وساعود انا شخصيا بعلمي الضحل الى مشايخ ثقات واستعين بهم فيما يخصص لي من جزء فيه , وهذا لايتم بمجهود فرد واحد لذلك فلنضرب جميعا بسهم مع الله , واتمنى ان يكون هذا المشروع تحت ادارة منتدى التوحيد .
هذا اقتراحي وارجو ان اجد ردودكم واستجاباتكم اخواني فوالله سنسأل ان لم ننافح عن نعمة هذا الدين , ومحاولة انقاذ بعض المضللين .
وصلي اللهم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين
تحياتي للموحدين

ابو يوسف المصرى
10-08-2009, 10:06 PM
السلام عليكم
حديثى للموحدين فقط

باسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

بداية ينبغى القاء الضوء على الفترة الزمنية التى خرجت فيها تلك الأفاعي السامة ((نفس الفترة الزمنية التى عاش فيها معروف الرصافى)) من 1850 وحتى 1950
حيث كانت الهجمة على الاسلام على عدة محاور
1- جانب اخلاقي تمثل في دعاوى تحرير المراة والحرية ..هدم المجتمع (امثال قاسم امين وهدى شعراوي)
2- جانب سياسيى ...الدعوة لفصل الدين عن الدولة ...التمهيد لضرب دولة الاسلام
3- جانب عسكري ...اسقاط دولة الخلافة وبداية تمزيق الامة فعليا ((سايكس بيكو))
***
4-وقبل هذا كله كان الجانب الرئيسي للهجوم على الاسلام هو الهجوم الفكرى على العقيدة والقرآن وشخص النبي صلى الله عليه وسلم

كان الهجوم في هذه الفترة من اقلام وافواه عربية من بنى جلدتنا ...هم منافقون انطلقوا من جحورهم ..انطلقوا ببث سمومهم ..سموم مترجمة ومستوحاة من سموم الكفار المعلنين عداوتهم من المستشرقين والنصارى واليهود ..فتم اعادة صياغة افكارهم وبثها عبر مؤلفات كثيرة ....يتم اعادة نشرها بين حين وآخر من قبل أعداء الاسلام ...فيتتلقفها كلابهم من العلمانين والا دينين والملاحدة والمنهزمين فكريا فيعيدو طرح شبهاتهم التى تم ضحدها بصورة جديدة حتى يفتنوا المسلمين ويردوهم عن دينهم الذي هو عصمة امرهم ...

كان اعداء الاسلام يتحركون على تلك المحاور في وقت واحد في تلك الحقبة التاريخية


ومن امثلة تلك الافاعي في تلك الفترة اسماعيل ادهم وطه حسين ...وغيرهم من كتاب وشعراء ..........اما الآن فيعيد كتابة كتبهم مع تغير العنوان وبقاء المحتوى من هم على شاكلتهم امثال سيد القمنى وخالد منتصر وغيرهم


وكما تفضلت الاستاذه الفاضلة / اخت مسلمة ...
فان هذا الموضوع مهم جدا جدا
ولو ان الاخوة هنا اعتبرو هذا الكتاب مشروع تعاوني ..لأثمر لنا بإذن الله بمرجعية تهدم شبهات الكتاب المنسوب للرصافى ...ومن عاصرة من منافقين واعداء للدين ومن تلاه مثل جورجي كنعانى والمعاصرين الآن مثل سيد القمامة وهالك غير منتصر

اتمنى ان يتعاون الكل في هذا المشروع............((ارجو التنبيه ان هذا الكتاب مشابه لشبهات القمنى في كتابه الحزب الهاشمى))

====

ابو يوسف المصرى
10-08-2009, 11:11 PM
انقل لكم الآن هذه الدراسة الهامة


التحقيق ونسبة الكتاب إلى الرصافي:

الكتاب ألَّفه الرصافي سنة 1933م، وتركه مخطوطا في مجلَّدات ثمانية، ثم ذكر أنَّ هذه الطبعة «نسخة من الأصل، مع الوثائق الملحقة، محفوظة في إحدى مكتبات جامعة هارفارد، وجاءت هذه الطبعة موافقة لها»(1).
وقراءة أولية في الطبعة، بإسقاطها على قواعد التحقيق العلمي وأسسه، تُظهر لنا جملة من الثغرات، التي لا تقبل من مبتدئ في "تحقيق النصوص"، بله هيئة علمية محترمة، أو عالم يعرف حدود الأمانة العلمية ويحترمها، وهي:
1- التعمية على المواصفات العلمية الدقيقة للنسخة المعتمدة، كذا إخفاء بيانات الفهرسَة في المكتبة، مع أنَّ الأمانة العلمية تقتضي ذكر جميع المواصفات الواردة في المخطوط المحقَّق، حتى يتمكَّن الباحثون من الرجوع إليه في حال الضرورة، والحكم على صحَّة ما جاء فيه.
2- إخفاء اسم المحقق، أو المحققين، وهذا يفتح أكثر من باب للتشكيك فيما جاء في الكتاب المنشور؛ حتى إنَّنا لا نعرف الجهة التي نشرت الكتاب؟ ولماذا اختارت هذا الوقت؟ وهل نشرته كاملا أم ناقصا، أم مضافا إليه؟
3- اعتماد نسخة واحدة، مصوَّرة من النسخة الأصلية، والمطلوب منهجيا هو محاولة العثور على نسخ أخرى، وبخاصة عندما يكون الكتاب في مثل هذه القيمة باعتبار مؤلِّفه، الذي ليس مغمورا ضمن أعلام هذا القرن، بل هو من أعلام الشعر العربي المعاصر.
ثمَّ إنَّ "النسخة الأصلية" هنا لا تعني نسخة المؤلف، بل الواضح من نصِّ الإجازة أنَّها ليست نسخة بيد المؤلِّف، وإنَّما هي نسخة معروضة عليه فقط، قال الرصافي: «اطلعتُ على هذه النسخة»، وهذه العبارة تدلُّ بوضوح أنَّ ثمة نسخا أخرى، وهذه إحداها.
والغريب حقًّا أن لا توجد نسخة بيد المؤلف، ذلك أنَّه من أعلام القرن الماضي.
وأغرب منه أن يجيز نسخة مليئة بالأغلاط والأخطاء، على الأقلِّ حسب النص الذي بين أيدينا، ولذلك «يصبح نشر مثل هذه الكتب بحالتها التي هي عليها لا يتعدَّى، أكثر الأحايين، توفير نسخ خطية – قد تكون محرَّفة مصحَّفة مبهمة – من الكتاب، وهو أمر ما أبعده عن التحقيق الدقيق».(2)
4- نقرأ في ص13 تحت عنوان: إيضاح في النسخة الأصلية: «إجازة الرصافي في النقل: اطلعتُ على هذه النسخة... من كتابي "الشخصية المحمدية"، فرأيتها صحيحة كاملة، خالية من الأغلاط في النسخ، فلذا أجيز... روايتها والنقل عنها... كتبتُ هذا إعلاما بذلك. معروف الرصافي»
فنقل إجازة الرصافي بهذه الصفة لا يحمل أيَّ قيمة علمية؛ لأنَّه جاء مرقونا، والمعمول به في مثل هذه الحالات تصوير نصِّ الإجازة بخطِّ يد المؤلف، تحرِّيا للدقَّة، وحرصا على نسبة الكتاب إلى صاحبه. فالإجازة في عرف المحققين إعلان عن المطابقة لمضامين الكتاب «معنى ومبنى، كما وضعها وأرادها المؤلف... وهي نموذج من نماذج التثبت العلمي الذي كان يتبعه العلماء، وهي دليل على صحَّة الكتاب وقدمه وتاريخه وضبطه»(3).
5- نسبة الكتاب – بهذه الصفة - إلى الرصافي غير ثابتة، وإن كان أسلوب الكتاب يرقى إلى مستواه الأدبي، والمعروف في مجال التحقيق أنَّه «ليس بالأمر الهيِّن أن نؤمن بصحَّة نسبة أيِّ كتاب إلى مؤلِّفه، ولاسيما الكتب الخاملة التي ليست لها شهرة»(4).
وبالتالي فلا نُثبت الكتاب للرصافي ولا ننفيه عنه، ونترك المسألة للتحقيق العلميِّ، وهذا يحتاج إلى تجميع للنسخ، ودراستها دراسة منهجية دقيقة، ولذا سنسلِّم بنسبته إلى الرصافي جدلا، وسنحاول الردَّ عليه بناء على ذلك؛ ذلك أنَّ المقصد الأوَّل هو المقولات التي وردت فيه، وليس الغرض الأساس هو صاحب هذه المقولات.
6- من أبجديات التحقيق العلمي ما يعرف بتحقيق متن الكتاب، ومعناه: «أن يؤدَّى الكتاب أداء صادقا، كما وضعه مؤلِّفه كمًّا وكيفاً، بقدر الإمكان»(5).
فالمتتبع للنسخة المطبوعة يعجب من رسم الهمزات، وهي جزء من تحقيق المتن، فكثيرا ما نقرأ همزة للوصل مكان همزة القطع، والعكس كذلك، والأمثلة أكثر من أن يشار إليها أو تحصى. وهذا دليل على أنَّ المتن لم ينل العناية العلمية الكافية، ويبقى السؤال المحيِّر: كيف يجيز الرصافي هذه النسخة، بهذه الصفة؟ أم أنَّ النسخة المعتمدة هي غير هذه المطبوعة؟ ويبقى الأمر للتحقيق.
أمَّا الترقيم فلا يعدو أن يكون مضطربا وقلقا جداًّ، ففي بعض الأحيان ينعدم الترقيم تماما من فقرة أو أكثر، رغم ضرورته، وفي بعضها الآخر توضع الفواصل والنقاط جزافا، دون أيِّ ضابط منهجيٍّ، بل تكاد لا تجد في كامل الكتاب فاصلة منقوطة واحدة، وكلُّ ما يعرفه الناشر هو الفواصل غالبا، والنقاط أحيانا.
ومن الغريب أنَّك تجد علامات الترقيم أحيانا موضوعة، لكن في غير مكانها.
ومن الأمثلة على ذلك الفقرةُ الأولى من الكتاب؛ فإنَّها مكوَّنة من ثلاثة أسطر، غير أنَّها خالية من أيِّ علامة للترقيم، رغم احتوائها على أكثر من جملة، ونص الفقرة كالآتي: «الحمد لله والصلاة والسلام منها علينا وبعد فقد كنت أكتب التاريخ وكنت أحسب للتاريخ حسابا وأجعل له منزلة يستحق بها أن أكتب ما أكتب حتى لقد قلت فيما قلته من قبل...» (6)
وفي وسط الكتاب نقرأ قوله: «فإنَّ احتمال كون هذا من غلطِ، [كذا] الراوي أيضا بعيد لا يجوز أن يكون الراوي غلط»(7). ففي هذه الفقرة، كما في الكثير من الفقرات، ضاعت كلُّ قواعد الترقيم العلمية، ولا يمكن فهمها إلاَّ بإعادة ترقيمها ثانية.
والكتاب كلُّه على هذه الشاكلة، فيستحيل تتبعه فقرة فقرة، وإنَّما مثَّلنا له ليعرف القارئ مدى الخلل الذي يعيب هذه الطبعة، ويعيب النسخة المخطوطة المعتمدة.
7- المصادر والمراجع حُشرت في قائمة مختلطة، غير مرتَّبة ترتيبا واضحا، تنقصها المعلومات الأساسية، مثل تاريخ النشر ومكانه، مما يعني أنَّ الرصافي، والقائمة نُسبت إليه، لا يفقه شيئا في منهجية البحث العلمي، ولا في تقنيات الفهرسة الأولية، في زمن تطوَّر فيه هذا الفن، وظهرت فيه مؤلفات، وبخاصة في أعمال المستشرقين، وهو بذلك لم يتأثَّر بهم في قوَّة تنظيمهم ودقَّة تحقيقهم، وإن تأثر ببعضهم في التشكيك والمغالطة على الحقائق، في شأن محمد عليه السلام، والرسالة المحمدية(8).

الخلل في المصادر المعتمدة:
إنَّ الكتابة في موضوع عميق ودقيق، في مستوى الترجمة لأعظم شخصية عرفتها البشرية: محمَّد (، يحتاج إلى دراية وإلى تمكُّن، وهو أحوج ما يكون إلى مصادر موثوقة، وإلى وثائق معتبرة؛ وإلاَّ فلا تعدو أن تكون ترَّهات تحاك، وخرافات تنسج.
والرصافي في كلِّ ما كتب اعتمد على "السيرة الحلبية" اعتمادا يكاد يكون كليا، وقليلا ما يعود إلى "سيرة ابن هشام" وبعض الكتب الأخرى، التي لا تتجاوز ثلاثين عنوانا؛ والأجدر به – إن كان حقًّا يحترم الحقيقة العلمية ويكتب لها – أن يعدل عن الكتابة في هذا الموضوع، إلى أن يستوفي البحث والتنقيب عن المصادر الأساسية.
والمحير حقا أن نقرأ للرصافي قوله: «أنا اليوم عند كتابة هذا، في منزل من الفلوجة، منقطع عن وسائل البحث والتنقيب، ليس لديَّ من الكتب ما أرجع إليه، فليعذرني القارئ»(9). فهو، وإن قصر الاعتذار على معلومة واحدة، يكتب السيرة المحمدية كيفما شاء، من مصدر واحد تقريبا، في كامل هذا الكتاب، وهذا نقص فادح، لا يقبل من عالم، له مواصفات المحقِّق والمؤرِّخ. وعلى رأسها: الأمانة، والصدق، والإخلاص، والتجرُّد، والذكاء، والوعي... (10)
وأغرب من ذلك تقريره أنَّ "الرواية لا تفيد العلم"(11)، واعتماده الكليُّ عليها، دون تمحيص ولا تحقيق.
والمقرَّر أنَّ نور الدين الحلبي، صاحب كتاب "إنسان العين في سيرة الأمين المأمون"، المعروف بالسيرة الحلبية، من أعلام القرن الحادي عشر (توفي سنة 1044هـ/1633م). وبالتالي، فإنَّ ما ورد في كتابه لم ينقل إلاَّ بالرواية، بسند غير عال، فهو من المتأخرين جداًّ، وكتابه مرجع وليس مصدرا في السيرة النبوية، ذلك أنَّ المصادر التي أرَّخت لسيرة المصطفى لم تتوقف منذ القرن الثاني للهجرة، ومن أشهر أعلامها: ابن هشام، والواقدي، والزهري، وابن كثير... وما عدول الرصافي عن هذه المصادر المتقدمة، إلاَّ دليل آخر على استخفافه بالحقيقة العلمية، وبالتاريخ، الذي يراه «بيت الكذب، ومناخ الضلال»(12).
ولا شكَّ أنَّ «المؤرِّخ ليس قصَّاصا ولا أديبا، يعتمد على خياله في اختراع الحوادث أو الشخصيات؛ وإنَّما هو يستقي مادَّته التاريخية من الوثائق»(13)، ومن المصادر والمراجع التي يجتهد في تجميعها وتمحيصها، بحثا عن الحقيقة العلمية، لا عن التلفيق والمغالطة والخطابة؛ وبالتالي فإنَّ هذا الجهد «يقتضي المهارة، والدقَّة، والصبر، والفطنة... أي أنَّ هذا التعامل [مع المصادر] يقتضي منهجا علميا، ولا يتمُّ بطريقة عشوائية»(14)،
واضح أنَّ الرصافي لا يملك هذا المنهج العلميَّ، ولا يكتب التاريخ للتاريخ، بل ليمرِّر فكرة إلحادية، ويدافع عنها، فهو فيما كتب أقرب إلى القصَّاص وكاتب الأسطورة، منه إلى المحقِّق والمؤرِّخ.

الجهل بالتاريخ:
تحت عنوان "لا إله إلاَّ الله" يقول الرصافي: إنَّ كلمة التوحيد «هي من مخترعاته [محمد] التي لم يسبق إليها، على ما أرى»(15).
فكلمة "أرى" هنا لا تعدو أن تكون لغواً، إذ الموضوع إخباريٌّ، إمَّا أن يكون صادقا وإمَّا أن يكون كاذبا؛ فإمَّا أنَّ محمدا اخترع كلمة التوحيد، وإمَّا أنه لم يخترعها؟
وفي جميع الحالات فإنَّ الواجب عليه أن يرجع إلى المصادر الموثوقة، وإلى تاريخ الأديان، والكتب السماوية السابقة... لا إلى رؤية فردية، لا وزن لها في مثل هذا المقام.
وأدنى معرفة بتاريخ الأديان، تبيِّن أنَّ وحدانية الإله كانت دين الأنبياء وديدنهم جميعا، وإنما الانحراف جاء من الأتباع، فما التثليث عند النصارى، وما إله اليهود يهوا، سوى انحرافات في مسار الوحدانية عبر تاريخها(16).
يقول المفكر جيفري لانغ: «إنَّ الحقيقة الوحيدة والأهم، التي تحكم جميع الخلق، والتي وعظ بها جميع الرسل، هي: لا إله إلاَّ الله»(17).
أمَّا القرآن الكريم فيصف الأنبياء عبر تسلسلهم التاريخي بالوحدانية، ولا فرق بين نبي وآخر، ولا بين ديانة وأخرى، إلاَّ في التشريع وحده، ففي سورة الأعراف نقرأ عن جملة من الأنبياء والرسل، قول كلٍّ منهم لقومه: "يا قوم اعبدوا الله، ما لكم من إله غيره"
وفي سورة الأنبياء، يقول الله تعالى لنبيه محمَّد (: "وما أرسلنا من قبلك من رسول إلاَّ نوحي إليه أنَّه لا إله إلاَّ أنا فاعبدون".
فلو سلَّمنا للرصافي تكذيبه لهذه الآيات، فليجتهد في الردِّ عليها بالتحقيق التاريخيِّ، وليثبت عكس ما جاء فيها، وإلاَّ فإنَّ مجرَّد الادِّعاء والسفسطة لا يفيدان العلم في شيء، قال تعالى: "قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين"، ، وقال: "ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلاَّ أماني وإن هم إلاَّ يظنَّون...أم تقولون على الله ما لا تعلمون".
الحكم بلا علم ولا دليل:
وضع الرصافي رسول الله ( في ميزان النقد، فحكم عليه بما حكم، من صفات الكمال والجلال، كما نسب إليه صفات النقص والضعف، ومن جملة ما نقرأ من أحكام في هذا المنحى، قياسه لعقلية محمد وذكائه، وقوله في ذلك: هو صاحب «تفكير عميق الغور، بعيد المرمى»، ثم لا يلبث أن يسلب عنه هذه الخلَّة، فيقول: «أضف إلى ذلك ما أوتيه من غزارة علم، وثقوب ذكاء، إلاَّ أنَّه في هذه الناحية لا يفوق إلاَّ المحيط الذي نشأ فيه، والعنصر الذي هو منه، أي إنَّ عقليته لا تتجاوز في تفوُّقها إلاَّ العقلية العربية في زمانه وبيئته»(18).
أين الدليل، وما هو مقياس الحكم؟
بل كيف أمكنه أن يقيم مقارنة بين عقلية محمد وعقليات أخرى من عصر آخر، ثم يصل إلى التفاضل بينها بجرَّة قلم؟
واعجب لمن يلقي أحكاما قيمية، دون دراسة ولا دراية، ولا معرفة بأدنى قياسات نسب الذكاء، التي أنتجها علماء في مجال علم النفس، وفي بحوث ودراسات الموهوبين بالخصوص.
أليس من العلم أن يستعين بإحدى قياسات الذكاء المعروفة في عصره، قال الدكتور زيد الهويدي: «اختبارات الذكاء هي مقاييس تستخدم للتعرف على العمر العقلي للفرد، ومن ثمَّ نسبة ذكاء الفرد» ثم يقول: «تختلف اختبارات الذكاء باختلاف الأساس الذي يتمَّ وفقه التصنيف»(19).
وتعود أسس اختبارات الذكاء إلى القرن التاسع عشر، مع محاولات "بنات" و"ستارن" وغيرهما من علماء نهاية القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين(20). وفي كلِّ الحالات هي أسبق من عهد الرصافي، فلو أنَّه كان فطنا وذكيا، ومعايشا لعصره وزمانه، وعالما بحقٍّ، لاستفاد منها في قياس نسبة الذكاء عند محمد (؛ ولو حاول، إذن لعلم أنَّ هذه القياسات صعبة في حالات المعاينة المباشرة، وهي قريبة من الاستحالة في حال الحكم بالغياب، إلاَّ بمقاربات تاريخية قد تكون صادقة، شريطة أن تحقَّق تحقيقا علميا دقيقا، وتدرس بروية وتحليل، دون تحيُّز ولا تنكُّر.
فما هو إذن الأساس الذي اعتمده الرصافي في قياس نسبة ذكاء محمد (؟ أم أنَّ المهمَّ عنده أن يحطَّ من قيمة النبي، حتى ولو كان ذلك بلا أثارة من علم، ولا معرفة دقيقة، ولا موضوعية؟

بين التخطيط الاستراتيجي والخيال الجامح:
إنَّ ما عابه الرصافي على الرسول (، في وعده بالفتوح يوم الأحزاب(21)، صار اليوم علما، ينظِّر للإدارة والتغيير والتخطيط، والتخطيط الاستراتيجي، وإدارة الأزمات، وغيرها من المداخل الجديدة لفنِّ القيادة.
يقول "لوك بروندار" في كتابه القيم "وجهة الأفكار": «إنَّ من أعمق مستويات الإدارة قدرة القائد على اختراع المستقبل، أو تصوُّر سيناريوهات، منها يستقي الأفكار الجديدة، التي تغيِّر فيه وفي الآخرين طريقة النظر إلى الأشياء»(22).
فحتى لو سلَّمنا جدلا أنَّ ما وقع للرسول في غزوة الخندق، ليس من قبيل المعجزة، فإنَّ الأولى والأقرب إلى الحقيقة العلمية أن يُنظر إليه على أنَّه من قبيل التخطيط وإدارة الأزمات؛ والدليل أنَّ البلدان التي ذكر النبي ( أنها ستفتح، قد تمَّ فتحها كاملة بعد وفاته، وصدق فيما قال: "هذه فتوح يفتحها الله بعدي يا سلمان".
فمحمد ( ليس قائدا لعدد من الجنود في عصره وكفى، بل هو القائد الذي يوجِّه أتباعه في حياته، وبعد وفاته، بما آتاه الله تعالى من أسباب الحكمة، والتخطيط، والحنكة، والذكاء، والخلق العظيم...
قال الرصافي في التعليق على حادثة الكدية، أوان حفر الخندق: «لا شكَّ أنَّ هذه البرقات واللمعات كانت تحصل من اصطدام المعول بالحجر عند ضربه بشدَّة، كما يحصل مثلها تحت حوافر الخيل إذا مشت في الأرض الصلبة، واصطدمت بالصخور، وإنَّ محمَّدا كان لا يضيع الفرص بل ينتهزها لبنيان ما يدعو إلى تصديقه والإيمان به، ولما كان عمله هذا يؤدِّي إلى غايته، وكان – كما قلت فيما تقدَّّم – واسع الخيال قويه بحيث إذا تخيل أمرا صار عنده كأنه يراه بعينه ويلمسه بيده، تصور غايته عند ضربات المعول وتخيل أنَّ تلك البرقات التي برقت له تحت المعول، قد أضاءت له البلاد التي يريد فتحها حتى صار كأنه يرى أبوابها وقصورها...» (23).
والذي يلاحظ في الرصافي جهله بأدنى أساليب القيادة، وبخاصة حين الأزمات، ثم تمحُّله في نقد من هو معلِّم في فنِّ القيادة(24)، ومحلُّ دراسة من قِبل المتخصصين والحاذقين، فلو أنَّه أخفى جهله، وستر سذاجته، لكان أسلم له.
والحقُّ أنَّ الرواية إذا صدقت لا يمكن تفسيرها إلاَّ بالوحي الذي ساند القيادة، ودعَّمها، في موقف حرج جداًّ، ولا تعارض بين النبوَّة والذكاء، ولا بين الرسالة والقيادة، فلا يعقل أن يكون النبي والرسول في مستوى أدنى من الذكاء والقيادة، وإنَّما المنطقي أن يكون في أعلى المستويات، ذلك أنَّه مصطفى ومخيَّر من قبل خالق البشر، العالم بهم: "ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا"، "وربُّك يخلق ما يشاء ويختار".

التعميم وتصيد الشاذِّ من الأخبار:
كثيرا ما وظَّف الرصافي خبرا شاذًّا، وحادثة واحدة مما رواه أصحاب السير، ليقرِّر قاعدة، ويعمِّم ما جاء فيها من معاني، فيحوِّلها إلى أحكام مطلقة، ثم ينسبها إلى محمد (.
ومن ذلك ادعاؤه أنَّ «الصدق [عند محمَّد] هو ما وافق المصلحة وإن خالف الواقع، والكذب هو ما خالفها وإن وافق الواقع»(25).
لو أنَّ الرصافي قال: "الصدق عندي هو ما وافق المصلحة وإن خالف الواقع، والكذب هو ما خالفها وإن وافق الواقع"، لناقشناه في مقولته، ولاعتبرناه مخطئا في تقديره وكفى. أما وإنَّه نسب الصدق إلى محمد (، وعرَّفه بهذا التعريف المنحرف، فالمطلوب منه أن يقيم الدليل على ادعائه؛ ولكن لا دليل، وإنما هي مغالطات، وتناقضات لا حصر لها ولا عدَّ.
فما الدليل إذن على هذا التعريف؟
أهي آيات من القرآن الكريم؟
أم هي أحاديث صحيحة؟
أم هي أخبار صحَّت وتواترت عن الرسول (؟
لا شيء من ذلك، وإنَّما استنتاجات من أخبار شاذَّة، فسَّرها الرصافي تفسيرا ساذجا، وراح يعمم الحكم فيها بعد ذلك على شخصية محمد (.
فنرى الرصافي يبرر تعريفه للصدق بمقولة إبراهيم عليه السلام عن زوجته: «هي أختي»؛ قال: "لأنَّ المصحلة اقتضت ذلك". والمقولة تحتاج بداية إلى أن تثبت صحَّة نسبتها إلى إبراهيم، فإن تبيَّن أنَّها صحَّت عن إبراهيم، فهي في حكم الضرورات التي تبيح المحظورات، وهي من الرخص التي يصار إليها حين تحقق الضرر، والضرورة تقدَّر بمقدارها، ولا يقاس عليها.
أمَّا القاعدة الصادقة عن إبراهيم عليه السلام أنَّه صادق في كلِّ ما يأتي وما يذر، والصدق عنده ما وافق الحقَّ لا ما وافق المصلحة العامَّة، وإلاَّ فالمصلحة العامَّة تفرض عليه أن يستجيب لطلب أبيه حين هدَّده، فيشرك بالله ويؤمن بما كانوا يعبدون من أصنام، غير أنَّ إبراهيم تحمَّل مشقَّة الجفاء من أبيه، وضيَّع ودَّه وودَّ قومه، دفاعا عن الصدق وعن الحقِّ، وعملا بالمصلحة المحقَّقة التي خالفت المصلحة العامة، وهي: عبادة الله وحده، والابتعاد عن الشيطان الذي عصى ربَّه وغوى، فهدَّده أبوه بقوله: "لئن لم تنته يا إبراهيم لأرجمنَّك واهجرني ملياًّ"، فلو كانت المصلحة هي مقياس الصدق عند إبراهيم، لعمد إلى كِذبة يلفقها فينجو بها من الأذى، إلاَّ أنه عليه السلام قال: "سلام عليك"، ثم جاء ربَّه بقلب سليم من كل خُلق فاسد، ولا يضيره بعد ذلك أنَّه ألقي في النار، ولقي الأذى من قومه، فنجَّاه الله في الدنيا، وسيرفع مقامه في الآخرة.
ومن التعليلات التي راح الرصافي يجمِّعها ليسند بها مقولته، ما نقله من وقائع وحوادث، كلُّها جاءت أوان الحرب، ولها أحكام الحرب، ولعلَّ أبرزها ما كان من الصحابي الجليل نُعيم الأشجعي بعد إسلامه في غزوة الأحزاب، وما صدر منه من المواقعة بين اليهود والمشركين، بأمر من الرسول (.
فعوض أن يتَّخذ الرصافي هذه الحادثة دليلا على جواز الكذب على العدو أثناء الحرب وكفى، راح يعمِّم الجواز وينسبه إلى محمد ( في جميع الحالات، والمعلوم في الفقه أنَّ الكذب في الحرب ورد الترخيص فيه، لقول الرسول (: "الحرب خدعة"(26)، وفي كتب الحديث باب يعنون بـ"الكذب في الحرب"(27).
يقول الرصافي: «لا شكَّ أنَّ نعيما لا يعدُّ كاذبا فيما قال، لأنَّ هذه الكذبة منه هي وفق ما تقتضيه المصلحة العامة، ولذلك أجاز النبي له أن يقولها. فالكذب إذن هو ما خالف المصلحة العامَّة، لا ما خالف الواقع» (28). وتعميمه هذا فاضح، ولا أساس له من الصحَّة، ومخالف لكلِّ منطق سليم، والجملة التي استشهدنا بها خير دليل على ذلك.
وكل غرض الرصافي أن ينتهي إلى نتائج مفادها:
*أنَّ محمدا كذب في دعوته إلى عبادة الله وحده، وهو صادق ومحقٌّ فيما فعل؛ لأنَّ ذلك مما تقتضيه المصلحة العامَّة،
*وكذب في ادعائه النبوة، ولكن كذبته هذه هي بمثابة الصدق؛ لأنها جاءت موافقة للمصلحة العامَّة؛
*وكذب في قوله: «أيها الناس إنَّ لكم حياة أخرى تجزون فيها النعيم إذا آمنتم، والجحيم إذا كفرتم»؛ فهو صادق في هذا الادعاء؛ لأنَّ المصلحة العامَّة تقتضيه.
فأين الدليل في كلِّ ما ورد من أحكام، أم هي تعميمات متوالية، تنطلق من حوادث شاذَّة، وتُعرض عن الآلاف من الآيات والأحاديث التي تدلُّ على أنَّ ما جاء به محمد ( صدق، وأنَّ الصدق والحقَّ ما وافق الواقع لا ما وافق المصلحة العامَّة، قال تعالى: "ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض".

المصطلح عند الرصافي:
يعدِّد العلماء الأغراض التي من أجلها يجب على الباحث أن يعرِّف مصطلحاته الأساسية، وبدون التعريف يستحيل أن يوجد علم مبنيٌّ على أسس ثابتة، وقواعد متينة، ومن جملة هذه الأغراض:
*إزالة الغموض، أو على الأقل التقليل منه قدر المستطاع.
*توضيح المعنى، وتفسيره تفسيرا نظريا، يسهل على القارئ فهمه.
ولا ريب أنَّ من يؤلِّف في علم خطير مثل علم التاريخ، يحتاج إلى تمكُّن في مصطلحاته الأساسية، وإلى معرفة جيدة بمصطلحات المرحلة التي يؤرخ لها، وإلاَّ انتفى أن يصنَّف عمله ضمن الأعمال التاريخية الجادَّة، وارتفعت عنه صفة العلمية.
ومما يلاحِظ الناقد لكتاب الشخصية المحمدية أنَّ المؤلِّف يعمد إلى المصطلحات الأساسية والمفتاحية في كتابه، فيشوِّشها، ويعرِّفها تعريفا سفسطائيا، ويغالط فيها، فهو بهذا يزرع الغموض ولا يزيله، ويجعل القارئ المبتدئ في حيرة من أمره؛ ولذلك يقرِّر علماء المناهج أنَّ من يقرأ نصًّا تاريخيا، ولا يوجِّه عنايته إلى محاولة فهم محتوياته، من المؤكَّد أنَّه سيفسِّر بعض نواح منه بناء على تصوُّره مما قد لا ينطبق على الواقع التاريخي. فقد نجد عبارات أو كلمات توافق آراءه وتصوره للحوادث، فيستخرج هذه العبارات دون وعي منه، ويجعل منها نصا خياليا ومفتعلا، ويضعه في موضع النص التاريخي الحقيقي، الذي لم يتمكَّن من الوصول إليه..
وأصدق وصف لكتاب الرصافي أنَّه "نصٌّ خياليٌّ مفتعل، وضع موضع النصِّ التاريخي"، ذلك أنَّه لا يستوعب المصطلحات التاريخية، ولا يضبطها، ولا يقرأ المحتويات، بل يتصيدها.
والذي يسجل على الرصافي أمام هذا الوضع أنه: تسيطر عليه فكرة منحرفة، واتجاه إلحادي واضح، فيدرس التاريخ على ضوء هذا الانحراف، ولا يفهم ما يكتب، ولا يحترم ما يقرر.
ومن أبرز المصطلحات التي عرفها الرصافي تعريفا سفسطائيا، وغالط فيها، فأخطأ الصواب:الحقيقة، والخيال، والتصور، والمصلحة العامة، والمنفعة، ووحدة الوجود، والصدق، والكذب، والغاية...

السفسطة:
الكتاب خير أنموذج على "السفسطة"، ويبدو أنَّ صاحبه قد أتقنها إتقانا كبيراً، وأبدع فيها إبداعا شديداً، فلو جاز لنا أن نتخير عنوانا صادقا لكتابه، يعبر عن محتواه تعبيراً واضحا ودقيقا، لما كان غير: "كتاب السفسطة".
ولنمثل لما قلناه بالعنوان الأول في الكتاب، وهو: "باسم الحقيقة المطلقة اللانهائية" فقد جاء تحته خطوات هي:
- الإعلاء من قيمة التاريخ في بدايات حياته العلمية.
- الكفر بالتاريخ بعد ذلك، فهو في رأيه "بيت الكذب، ومناخ الضلال، ومتشجم أهواء الناس".
- البراءة من التاريخ، بعد ذلك.
- الاعتصام بالحقيقة والحقيقة وحدها.
- إسخاط الناس إرضاء للحقيقة.
إلى هذه المرحلة يمكن للعاقل أن يقبل – ولو جزئيا- ما بناه الكاتب من مقدمات ونتائج، لكن شريطة أن يأتي بالدليل عليها، ويضع لنا تعريفا علميا للحقيقة(29)، فهل هي "إلهه ومعبوده" فيسبِّح بحمدها، ويصلِّي ويسلِّم منها عليها، كما فعل؟
أم هي أثارة من علم لدنيٍّ، اكتسبه بصفاء النفس، وطول التعلُّق، كحال الصوفية؟
أم هي ميزان عقليٌّ، له خصائصه وضوابطه، مثل الذي تفنَّن في تحليله بعض الفلاسفة العقلانيين؟
فما هي الحقيقة المطلقة اللانهائية في عرف الكاتب؟
يجيب الرصافي بكلِّ سذاجة «إنَّ الحقيقة عندي ما أنتجه تفكيري في حريته، فأنا محقٌّ إذا استطعتُ أن أفتكر حرًّا، وأكتب حرًّا»؟
بأيِّ عقل يكتب صاحبنا؟ فلو أنَّ كلَّ الناس صدروا في الحقيقة من ذواتهم، ومن أنفسهم، إذا لما استقامت الحياة، ولما كان للعقل والفكر معنى "ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السموات والأرض".
وغني عن البيان أنَّ السفسطائيين هم الذين كانوا يقولون بنسبية المعرفة، ويدَّعون أنَّ الإنسان مقياس للحقيقة، وليس ثمَّة حقيقة مطلقة، فوضعَ أرسطو حدًّا لهذا المنهج المختلِّ، غير أنَّ الرصافي لا يزال يفكِّر سفسطائيا، ويؤلِّف سفسطائيا.

ابن خلدون ينقد الرصافي !
أقلُّ ما يقال عن هذا الكتاب أنَّه لا يرقى إلى البحث العلميِّ الجادِّ، وأنَّ مؤلِّفه أخطأ الصواب، وجانب الصدق، وإن ادَّعاه. فهو الأسطوري في خياله الواسع، ولا علاقة له بالتاريخ، ولا معرفة له بمناهجه وتقنياته.
والمقصد الجوهري في الردِّ عليه هو القارئ المبتدئ، لا العالم المحقِّق، وإلاَّ فإنَّ من يملك آليات الدراسة والتحليل، لا يجد صعوبة في اكتشاف الخلل، ولا عنتا في معاينة التناقض، واستخراج المغالطة... ولا يشفع للرصافي أسلوبه الأدبي المنمَّق، ومستواه الأدبي الرفيع، ذلك أنَّ المعاني هي المقصد في الفكر البشري، وليست المباني سوى وسيلة إليها، لا تحلُّ محلَّها، ولا تكمِّل وهنها.
ولم أجد فيما قرأت نصًّا أبلغ في تحليل علم التاريخ، مما كتبه ابن خلدون في مقدِّمته، ففيه يظهر الفرق بين من يلج التاريخ عن علم ودراية، وبين من يتطفَّل عليه بسذاجة وغواية، وكأنَّه يوجِّه الخطاب للرصافي ومن على شاكلته، فيقول: «وفي باطنه [التاريخ] نظرٌ وتحقيقٌ، وتعليل للكائنات ومبادئِها دقيق، وعلم بكيفيات الوقائع وأسبابها عميق، فهو لذلك أصيل في الحكمة عريق، وجدير بأن يُعدَّ في علومها خليق. وإنَّ فحول المؤرِّخين في الإسلام قد استوعبوا أخبار الأيام وجمعوها، وسطَّروها في صفحات الدفاتر وأودعوها. وخلطها المتطفِّلون بدسائس من الباطل وهموا فيها وابتدعوها، وزخارف من الروايات المضعفة لفَّقوها ووضعوها. واقتفى تلك الآثار الكثير ممن بعدهم واتبعوها، وأدوها إلينا كما سمعوها. ولم يلاحظوا أسباب الوقائع والأحوال، ولم يراعوها، ولا رفضوا ترَّهات الأحاديث ولا دفعوها، فالتحقيق قليل، وطرف التنقيح في الغالب كليل، والغلط والوهم نسيب للأخبار وخليل. والتقليد عريق في الآدميين وسليل. والتطفل على الفنون عريض طويل، ومرعى الجهل بين الأنام وخيم وبيل. والحقُّ لا يقاوم سلطانه. والباطل يقذف بشبهات النظر شيطانه، والناقل إنما هو يملي وينقل. والبصيرة تنقد الصحيح إذا تمقَّل، والعلم يجلو لها صفحات القلوب ويصقل»(30).
فالله تعالى ندعو أن يجعلنا من أهل الصدق والتحقيق، وأن ييسر لنا أسباب العلم من أسلم طريق، فهو القائل وقوله الحق: "اتقوا الله ويعلِّمكم الله" والحمد لله ربِّ العالمين.



--------------------------------------------------------------------------------

1) – الرصافي، معروف: كتاب الشخصية المحمدية؛ منشورات الجمل؛ ألمانيا؛ 2002م؛ ص4-6.
2) – معروف، بشار عواد: ضبط النص والتعليق عليه؛ مؤسسة الرسالة، بيروت، لبنان؛ 1402هـ/1982م. ص7..
3) – ناصر، محمد صالح: منهج البحث وتحقيق النصوص؛ نشر معهد القضاء الشرعي، سلطنة عمان؛ 1415هـ؛ ص97.
4) – هارون، عبد السلام: تحقيق النصوص ونشرها؛ دار النهضة العربية، بيروت؛ 1422هـ/2001م؛ ص46-47.
5) – هارون: نفس المرجع؛ ص48.
6) – ص15.
7) – ص109.
8) – انظر مثلا- بوش الجد، جورج (1796-1859): محمد مؤسس الدين الإسلامي، ومؤسس أمبراطورية الإسلام؛ ترجمة وتحقيق عبد الرحمن الشيخ؛ دار المريخ، الرياض؛ 1425هـ/2004م. فهو كتاب كله حقد وحنق على شخصية محمد ص، ولا يقل خطورة عن كتاب الرصافي، وإن كان الاثنان يلزان في قرن، من حيث المغالطات، والتناقضات، والأحكام الجزافية، وفساد المنهج...
9) – ص20.
10) – يزبك، قاسم: التاريخ ومنهج البحث التاريخي؛ دار الفكر اللبناني، بيروت؛ 1990م؛ ص45-48، تحت عنوان: صفات المؤرِّخ.
11) – ص53.
12) – ص15.
13) – الوافي، عبد الكريم: منهج البحث في التاريخ؛ منشورات جامعة قان يونس، بنغازي، ليبيا؛ 1998م؛ ص113.
14) – نفس المرجع؛ ص114.
15) – ص18.
16) – انظر عن هذا الانحراف تحت عنوان "العقيدة الإلهية"– العقاد، عباس محمود: حقائق الإسلام وأباطيل خصومه؛ منشورات المكتبة العصرية، بيروت؛ 1957م؛ 32-55.
17) – لانغ، جيفري: حتى الملائكة تسأل؛ دار الفكر، سورية؛ 2002م؛ ص130 وما بعدها.
== وانظر- ابن نبي، مالك: الظاهرة القرآنية؛ ترجمة عبد الصبور شاهين؛ سلسلة مشكلات الحضارة؛ دار الفكر، لبنان؛ 1986م؛ ص199-254. تحت عنوان: تاريخ الوحدانية. Bucaille, Maurice : La Bible, le Coran et la science. Ed. Agora, Paris, 1998 ; pp7-21
18) – ص16-17.
19) – الهويدي، زيد: أساليب الكشف عن المبدعين والمتفوقين وتنمية التفكير الإبداعي؛ دار الكتاب الجامعي؛ العين، الإمارات، 1424هـ/2003م؛ ص55 وما بعدها.
20) – وانظر- تاريخ اختبارات الذكاء، في قرص من تأليف:
Pr. Hans Jürgen EYSENCK, Dirk BUSSCHE : Test QI, Traduction MANESSE Olivier , Micro application France.
21) – وانظر- عبد الملك بن هشام: السيرة النبوية؛ تحقيق د. إسماعيل طريفي؛ دار صادر، بيروت؛ 1424هـ/2003م؛ ج3/ص145-146.
22) – Luc de BRABANDERE : Le sens des idées ; ed. DUNOD, Paris, 2004 ; p126.
23) – ص24.
24) – انظر "الصفات الشخصية للرسول القائد"- قلعه جي، محمد رواس: دراسة تحليلية لشخصية الرسول محمد، من خلال سيرته الشريفة؛ دار النفائس؛ بيروت؛ 1408هـ/1988م؛ 226 وما بعدها.
25) – ص44.
26) – الشوكاني، محمد بن علي: نيل الأوطار؛ دار الحديث؛ ج7/ص302. باب الكذب في الحرب. اطفيش، محمد بن يوسف: شرح النيل وشفاء العليل؛ مكتبة الإرشاد؛ ج14/521.
27) – وانظر مثلا- العراقي عبد الرحيم: طرح التثريب؛ باب الرخصة في الكذب والخديعة في الحرب؛ دار إحياء الكتب العربية؛ ج7/ص214.
28) – ص47.
29) – وانظر مقالة الحق لفرنسيس بيكون – العقاد، عباس محمود: فرنسيس بيكون مجرِّب العلم والحياة؛ منشورات المكتبة العصرية، بيروت؛ د.تا. ص92-95.
30) – عبد الرحمن ابن خلدون: المقدِّمة؛ دار إحياء التراث العربي، بيروت؛ ص3-4.
Dernière mise à jour : ( 02-07-2008 )
============
=============
انتهى النقل



اخوانى واخواتى

ان صح نسبة الكتاب للرصافى ...
فعلينا الاتفاق على خطوات مشروع تفنيد هذا الكتاب

واقتبس من كلام صاحبة الموضوع


وهذا لايتم بمجهود فرد واحد لذلك فلنضرب جميعا بسهم مع الله , واتمنى ان يكون هذا المشروع تحت ادارة منتدى التوحيد .
هذا اقتراحي وارجو ان اجد ردودكم واستجاباتكم اخواني فوالله سنسأل ان لم ننافح عن نعمة هذا الدين , ومحاولة انقاذ بعض المضللين .



وجزاكم الله خيرا

ابو يوسف المصرى
10-08-2009, 11:30 PM
هذا الكتاب احسبه مفيدا للاخوة ان شاء الله تعالى


هذا رابط مختصر لمحتوى الكتاب ....

كتاب رحلة الرصافي من المغالطة إلى الإلحاد ...دراسة تحليلية نقدية لكتابه الشخصية المحمدية (http://www.veecos.net/portal/index.php?option=com_content&view=article&id=140:book-flights&catid=45:mohammed-babaammi&Itemid=39)



ولا تنسو اخوانى

ان صح نسبة الكتاب للرصافى ...
فعلينا الاتفاق على خطوات مشروع تفنيد هذا الكتاب

واقتبس من كلام صاحبة الموضوع


وهذا لايتم بمجهود فرد واحد لذلك فلنضرب جميعا بسهم مع الله , واتمنى ان يكون هذا المشروع تحت ادارة منتدى التوحيد .
هذا اقتراحي وارجو ان اجد ردودكم واستجاباتكم اخواني فوالله سنسأل ان لم ننافح عن نعمة هذا الدين , ومحاولة انقاذ بعض المضللين .



وجزاكم الله خيرا

اخت مسلمة
10-09-2009, 12:50 AM
نعم اخي اسامة هذا ماأقوله
نسبته الى الرصافي ( والله اعلم ) ماجاء الا ليتلقى الجمهور الكتاب بقبول لما لمن نسب اليه من شهرة وقبول عند الناس
والعيوب التي ذكرت أعلاه واضحة والفترة الزمنية مريبة , وكما قلنا يتناقله الجميع على الشبكة كسلاح ضد الدين الاسلامي وثوابته

نرجو ان يرى هذا المشروع النور قريبا في منتدى التوحيد

جزاك الله خيرا اخي اسامة واحسن اليك

تحياتي للموحدين