فخر الدين المناظر
09-30-2009, 07:06 PM
كنتُ أتجول في رحاب ملتقى المذاهب الفقهية أقرأ ما يكتبه إخواننا الفقهاء، فشدني مقال جاد به يراع الأخ فؤاد يحيى هاشم، أترككم معه :
الحَلْقة الشبكية تبحث عن الشيخ الشبكي!!
· اتَّسعت الحلْقة الشبكية حتى كادت تتشقَّق أمعاؤها، ولم تبال! فما زالت تتسع وتتسع حتى باتت متصدرة "المركز الأول" في العالَم الحلْقاتي الأوسع.
· ما أشبه هذه الشبكة ببلدة عبقر، مسقط رأس الجن، الألطف جسماً، الأحد ذهنا، وبعبقر يتصل نسب العباقرة، كذا تقول كتب اللغة!.
· في غمرة تميز هذه الحلْقة الأوسع مطلقاً، وفي غمرة اتساعها المفرط عرضا: نجد أنها تفتقد ركناً أساسياً في صبغتها العلمية؛ فهي حلْقة عريضة لكن بلا شيخ!!
· نعم، بلا شيخ.
o كيف؟
o لماذا؟
o ما السبب؟
هذا هو موضوعنا "الحَلْقة الشبكية تبحث عن الشيخ الشبكي!!"
· فالشيخ الطبيعي لا يزال يتمسك بكلتا يديه بحلقته الطبيعية، ويأبى أن يوسعها قليلاً لتكون حلقة طبيعية وشبكية، وهكذا أدرك أهلَ العلم، ولعله يخشى أن يكون صعوده إلى "العالم الشبكي" مسقطاً لمروءته، مذهباً لهيبته، ولعله ينشد:
أرى الناس من داناهم هان عندهم ومن أكرمته عزة النفس أكرما
· ليته يطل قليلاً ليرى ظمأى العلم على أطراف الشبكة يتقلبون ظهراً على بطن، يستسقون المعلومة، حتى أيسوا، فشربوا من الماء المالح ما شربوا وهم يبصرون العذب الفرات خارج حدودهم الشبكية عند الشيخ الطبيعي الذي لا يزال يتوجس من "التحول الشبكي".
· كلُّ المسوِّغات موجودة في هذه الحلقة:
o عدد الطلبة متضخم إلى حد التخمة.
o النجابة والألمعية.
o إمكانية الاستمرار وعدم الانقطاع.
o سهولة التواصل.
o ما يقال فيها يسجل ويدون، فتكون الحلقة مستمرة على الهواء، كلما انتهت ابتدأت.
o جملة أسباب تسيل منها لعاب الراغبين في الأجر والإفادة.
· لكن أين هم؟
لقد عملت هذه الحلقة الشبكية طاقتها في الاستجداء، واستنفدت قواها في الإلحاح، وعرضت مفاتنها للإغراء. لكن بلا جدوى؟ وكأنما تكلم نفسها أو مرآتها، أو خيال صورتها في ماء أو سراب.
· لقد استنفرت هذه الحلقة نفسها، فنسخت الكتب الكبار، وصورت المفقود والمخطوط والنادر المقطوع دونه الآمال، حتى صارت بالخدمة محطة لخدمة شيخها المفقود، وعادت تلقن أساتذتها المعلومة حرفاً حرفا.
· لقد خرجت هذه الحلقة الشبكية من دائرتها الشبكية، واستحالت كما كانت قبل أن تخلق في العالم الشبكي، فذهبت بهيئتها الطبيعية إلى المسجد، وإلى الجامعة، بل وإلى بيت الشيخ، فسجلت، وكتبت، وقيدت واختصرت، ثم رجعت مرة أخرى فقذفت نفسها مرةًَ أخرى في شاشات الحواسيب، لتعمل كإنسان شبكي، فتذيع ما سمعته، وتنشر ما أبصرته.
· لكن – يا لهف نفسي - تاهت هذه الحلْقة إذ تخبطت، فتتبعت الغرائب، وفتشت عن الأسرار، ولأمت بين المتنافرات، ونافرات بين المتلائمات، وابتدرت علوم النهايات، خدمةً لشيخها المفقود، لكنها لم تصل إلى الساعة إلى علوم البدايات.
· لم ينته الأمر ولا ذهب الليل والنهار حتى حملت هذه الشبكة وفي زمن كلمح البصر فولدت مشيخة شبكيين، فكانت على هيئتها مستنسخة مركبة فهو شيخ درس العلم من أعلاه، وخرج من بطن أمه من أسفله، خبير بالغرائب، أستاذ في الشواذ.
· ففسحت لهم الحلقة الشبكية صدر مجالسها الخالية، فتصدروا حلقتها، فاستفتوا فأفتوا، وسئلوا فأجابوا، فلفوا على رؤوسهم العمائم الالكترونية، وأرسلوا ذوائبها كإرسال فهر وإخوتهم.
· إنهم في فترة قياسية:ولدوا، فتشيخوا فكان سبقاً مطلقاً في التاريخ؛ إذ يمض على تسربهم من أرحام أمهاتهم الشبكيات ما يكفي لطهارتهن من مخاضهن، فقصتهم على نسق الثلاثة الذين تكلموا في المهد!!.
· تتعجب من تخمة "الشيخ الفضائي" وضمور "الشيخ الشبكي"، فالشيخ الفضائي موجود على مدار الساعة وبكافة المقاسات، أما الشيخ الشبكي فإطلالته تشبه صدقات الأشحاء، مع أن الشيخ الشبكي يخاطب في العادة المتخصص، والراغب، وتكون حلقته مطعَّمة بالنقاشات والفوائد، لكن لعله وجد أن للحلقة الشبكية تبعات:
o فهي حلقة مرهقة من حيث المتابعة وتكلف الإجابة على السؤال، مع ما يستدعي ذلك من البحث والنظر وتوفير الزمن الذي قد لا يكون أمراً ميسوراً بالنظر إلى ازدحام جدول الشيخ.
o ما في الحلقة الشبكية من تقحم المكدرين صفو المجالس، الحاملين غليظ الكلام وسيئه.
o ولا أستبعد أن يكون من أسباب تخوف الشيخ من "العالم الشبكي" التوجس من صعوبة أسئلة النجباء على الهواء! وهو مشغول ليس لديه وقت للنقاش ولا للبحث!.
· أيها السادة المشايخ، ألم تعتبروا بالتاريخ، فالحياة فرص، وللحركة الفقهية نقاط تحول، من النهي عن كتابة الحديث إلى الترخيص فيه، إلى الشروع في جمعه وتدوينه، إلى إفراده، إلى تمييز صحيحه من سقيمه، إلى فهرسة أنوعه، وكل مرحلة من هذه المراحل قد عزف عنها من عزف لأنها ليست على الأمر الأول، ونال الحظ، واستكمل الظرف من سبق، فابتدر الحذاق، فتناولوا فقهها، وأسسوا مدارسها، ورسموا قواعدها، حتى نال أبو حنيفة النعمان ما ناله، فكان أول من شقق الفروع، وصار الناس عيالٌ على فقهه، بشهادة الشافعي، الذي بدوره استفاد من الدرس، فنظر إلى أصول أهل الحديث فشرحه وقعده وفرعه، ثم أخذ أدوات أهل الرأي واستعار ملكتهم الفقهية، فجرى في مضمارهم، فاستجمع له من السبق ما لم يستجمع لغيره، وبلغ شأواً يظن الزمان بمثله، فكان مؤسس علم الأصول والمدون الأوحد من بين الأئمة، والحياة فرص، ولا أنسى قصة مالك والموطآت وما كان لله فسيبقى.
· واليوم لا يزال بعض الناس على ما يعرف ويألف ، يحب الدعة والسلامة، فيأخذ متنه بأمثلته المنقرضة، وقد تجد من يأنف حتى من النظر في سياق المتغيرات الحاصلة في الواقعة التي يدرسها، ويرى في ذلك خروجاً عن سلوك الجادة، ويذكر حامداً الله أنه لا يعرف شيئا من هذه المحدثات، وبالمناسبة نبارك لبعضهم وصولهم الآن إلى الصحيفة والمجلة بمناسبة مرور عدة قرون على إنشائهما!! وكم قد افتخر من افتخر أنه بفضل الله عليه لا يعرف شيئا عن الهاتف النقال، واليوم لا يعجبه منه إلا الجوال الكفي الالكتروني حتى يشاهد الأخبار!!.
· لقد كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله سباقاً بولعه بالاكترونيات فسجل دروسه اليومية، فغدا له من الطلاب ما لم يجتمع لغيره، وهو في دويرته في عنيزة، في بادية نجد، وكان لا يزال يسكن في بيته الطيني، نعم لحقه بعض الناس، لكن تأخروا، وكان السبق لعكاشة حاز وظفر.
لئن استمر إعراض المشيخة الطبيعيين عن تناول اللقاح "الشبكي"، فإن علينا أن نتهيَّأ يا سادة للمشيخة القادمة من "العالم الشبكي، فافسحوا لهم المجالس الأوسع، فإنهم قادمون،تعرفون منهم وتنكرون، وفي بلاد عبقر غرائب وعجائب!!.
المصدر (http://www.mmf-4.com/vb/t3953.html#post20136)
الحَلْقة الشبكية تبحث عن الشيخ الشبكي!!
· اتَّسعت الحلْقة الشبكية حتى كادت تتشقَّق أمعاؤها، ولم تبال! فما زالت تتسع وتتسع حتى باتت متصدرة "المركز الأول" في العالَم الحلْقاتي الأوسع.
· ما أشبه هذه الشبكة ببلدة عبقر، مسقط رأس الجن، الألطف جسماً، الأحد ذهنا، وبعبقر يتصل نسب العباقرة، كذا تقول كتب اللغة!.
· في غمرة تميز هذه الحلْقة الأوسع مطلقاً، وفي غمرة اتساعها المفرط عرضا: نجد أنها تفتقد ركناً أساسياً في صبغتها العلمية؛ فهي حلْقة عريضة لكن بلا شيخ!!
· نعم، بلا شيخ.
o كيف؟
o لماذا؟
o ما السبب؟
هذا هو موضوعنا "الحَلْقة الشبكية تبحث عن الشيخ الشبكي!!"
· فالشيخ الطبيعي لا يزال يتمسك بكلتا يديه بحلقته الطبيعية، ويأبى أن يوسعها قليلاً لتكون حلقة طبيعية وشبكية، وهكذا أدرك أهلَ العلم، ولعله يخشى أن يكون صعوده إلى "العالم الشبكي" مسقطاً لمروءته، مذهباً لهيبته، ولعله ينشد:
أرى الناس من داناهم هان عندهم ومن أكرمته عزة النفس أكرما
· ليته يطل قليلاً ليرى ظمأى العلم على أطراف الشبكة يتقلبون ظهراً على بطن، يستسقون المعلومة، حتى أيسوا، فشربوا من الماء المالح ما شربوا وهم يبصرون العذب الفرات خارج حدودهم الشبكية عند الشيخ الطبيعي الذي لا يزال يتوجس من "التحول الشبكي".
· كلُّ المسوِّغات موجودة في هذه الحلقة:
o عدد الطلبة متضخم إلى حد التخمة.
o النجابة والألمعية.
o إمكانية الاستمرار وعدم الانقطاع.
o سهولة التواصل.
o ما يقال فيها يسجل ويدون، فتكون الحلقة مستمرة على الهواء، كلما انتهت ابتدأت.
o جملة أسباب تسيل منها لعاب الراغبين في الأجر والإفادة.
· لكن أين هم؟
لقد عملت هذه الحلقة الشبكية طاقتها في الاستجداء، واستنفدت قواها في الإلحاح، وعرضت مفاتنها للإغراء. لكن بلا جدوى؟ وكأنما تكلم نفسها أو مرآتها، أو خيال صورتها في ماء أو سراب.
· لقد استنفرت هذه الحلقة نفسها، فنسخت الكتب الكبار، وصورت المفقود والمخطوط والنادر المقطوع دونه الآمال، حتى صارت بالخدمة محطة لخدمة شيخها المفقود، وعادت تلقن أساتذتها المعلومة حرفاً حرفا.
· لقد خرجت هذه الحلقة الشبكية من دائرتها الشبكية، واستحالت كما كانت قبل أن تخلق في العالم الشبكي، فذهبت بهيئتها الطبيعية إلى المسجد، وإلى الجامعة، بل وإلى بيت الشيخ، فسجلت، وكتبت، وقيدت واختصرت، ثم رجعت مرة أخرى فقذفت نفسها مرةًَ أخرى في شاشات الحواسيب، لتعمل كإنسان شبكي، فتذيع ما سمعته، وتنشر ما أبصرته.
· لكن – يا لهف نفسي - تاهت هذه الحلْقة إذ تخبطت، فتتبعت الغرائب، وفتشت عن الأسرار، ولأمت بين المتنافرات، ونافرات بين المتلائمات، وابتدرت علوم النهايات، خدمةً لشيخها المفقود، لكنها لم تصل إلى الساعة إلى علوم البدايات.
· لم ينته الأمر ولا ذهب الليل والنهار حتى حملت هذه الشبكة وفي زمن كلمح البصر فولدت مشيخة شبكيين، فكانت على هيئتها مستنسخة مركبة فهو شيخ درس العلم من أعلاه، وخرج من بطن أمه من أسفله، خبير بالغرائب، أستاذ في الشواذ.
· ففسحت لهم الحلقة الشبكية صدر مجالسها الخالية، فتصدروا حلقتها، فاستفتوا فأفتوا، وسئلوا فأجابوا، فلفوا على رؤوسهم العمائم الالكترونية، وأرسلوا ذوائبها كإرسال فهر وإخوتهم.
· إنهم في فترة قياسية:ولدوا، فتشيخوا فكان سبقاً مطلقاً في التاريخ؛ إذ يمض على تسربهم من أرحام أمهاتهم الشبكيات ما يكفي لطهارتهن من مخاضهن، فقصتهم على نسق الثلاثة الذين تكلموا في المهد!!.
· تتعجب من تخمة "الشيخ الفضائي" وضمور "الشيخ الشبكي"، فالشيخ الفضائي موجود على مدار الساعة وبكافة المقاسات، أما الشيخ الشبكي فإطلالته تشبه صدقات الأشحاء، مع أن الشيخ الشبكي يخاطب في العادة المتخصص، والراغب، وتكون حلقته مطعَّمة بالنقاشات والفوائد، لكن لعله وجد أن للحلقة الشبكية تبعات:
o فهي حلقة مرهقة من حيث المتابعة وتكلف الإجابة على السؤال، مع ما يستدعي ذلك من البحث والنظر وتوفير الزمن الذي قد لا يكون أمراً ميسوراً بالنظر إلى ازدحام جدول الشيخ.
o ما في الحلقة الشبكية من تقحم المكدرين صفو المجالس، الحاملين غليظ الكلام وسيئه.
o ولا أستبعد أن يكون من أسباب تخوف الشيخ من "العالم الشبكي" التوجس من صعوبة أسئلة النجباء على الهواء! وهو مشغول ليس لديه وقت للنقاش ولا للبحث!.
· أيها السادة المشايخ، ألم تعتبروا بالتاريخ، فالحياة فرص، وللحركة الفقهية نقاط تحول، من النهي عن كتابة الحديث إلى الترخيص فيه، إلى الشروع في جمعه وتدوينه، إلى إفراده، إلى تمييز صحيحه من سقيمه، إلى فهرسة أنوعه، وكل مرحلة من هذه المراحل قد عزف عنها من عزف لأنها ليست على الأمر الأول، ونال الحظ، واستكمل الظرف من سبق، فابتدر الحذاق، فتناولوا فقهها، وأسسوا مدارسها، ورسموا قواعدها، حتى نال أبو حنيفة النعمان ما ناله، فكان أول من شقق الفروع، وصار الناس عيالٌ على فقهه، بشهادة الشافعي، الذي بدوره استفاد من الدرس، فنظر إلى أصول أهل الحديث فشرحه وقعده وفرعه، ثم أخذ أدوات أهل الرأي واستعار ملكتهم الفقهية، فجرى في مضمارهم، فاستجمع له من السبق ما لم يستجمع لغيره، وبلغ شأواً يظن الزمان بمثله، فكان مؤسس علم الأصول والمدون الأوحد من بين الأئمة، والحياة فرص، ولا أنسى قصة مالك والموطآت وما كان لله فسيبقى.
· واليوم لا يزال بعض الناس على ما يعرف ويألف ، يحب الدعة والسلامة، فيأخذ متنه بأمثلته المنقرضة، وقد تجد من يأنف حتى من النظر في سياق المتغيرات الحاصلة في الواقعة التي يدرسها، ويرى في ذلك خروجاً عن سلوك الجادة، ويذكر حامداً الله أنه لا يعرف شيئا من هذه المحدثات، وبالمناسبة نبارك لبعضهم وصولهم الآن إلى الصحيفة والمجلة بمناسبة مرور عدة قرون على إنشائهما!! وكم قد افتخر من افتخر أنه بفضل الله عليه لا يعرف شيئا عن الهاتف النقال، واليوم لا يعجبه منه إلا الجوال الكفي الالكتروني حتى يشاهد الأخبار!!.
· لقد كان الشيخ ابن عثيمين رحمه الله سباقاً بولعه بالاكترونيات فسجل دروسه اليومية، فغدا له من الطلاب ما لم يجتمع لغيره، وهو في دويرته في عنيزة، في بادية نجد، وكان لا يزال يسكن في بيته الطيني، نعم لحقه بعض الناس، لكن تأخروا، وكان السبق لعكاشة حاز وظفر.
لئن استمر إعراض المشيخة الطبيعيين عن تناول اللقاح "الشبكي"، فإن علينا أن نتهيَّأ يا سادة للمشيخة القادمة من "العالم الشبكي، فافسحوا لهم المجالس الأوسع، فإنهم قادمون،تعرفون منهم وتنكرون، وفي بلاد عبقر غرائب وعجائب!!.
المصدر (http://www.mmf-4.com/vb/t3953.html#post20136)