المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شبهات عويصة: (2) في مسألة تسمية المسلمين بالـ "محمديين"



عبدالرحمن السليمان
10-09-2009, 11:50 PM
"
في مسألة تسمية المسلمين بالـ "محمديين"


اعلم أن تسمية المسلمين "بالمحمديين" هي تسمية كان وما زال يطلقها على المسلمين مَن ينسبون الإسلام إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مثلما ينسبون "المسيحية" [1] إلى "المسيح" أو "النصرانية" إلى "[يسوع] الناصري" (نسبة إلى مدينة الناصرة)، ومثلما ينسبون "اليهودية" إلى "يهودا" (أحد أسباط بني إسرائيل)، ومثلما ينسبون "البوذية" إلى "بوذا"، و"المانوية" إلى "ماني"، و"الزردشتية" إلى "زردشت" [2] وهلم جرا.

وقد نشأت تسمية "المحمدية" وكذلك "المحمديين" في الغرب، عندما أدخل المستشرقون تسمية Mohammedanism للإسلام وMohammedans للمسلمين. إلا أن هذه التسمية المغرضة اختفت أو كادت أن تختفي مع بداية تراجع ظاهرة الاستشراق التقليدية، وذلك بفضل انتشار الإسلام والمسلمين في الغرب، الشيء الذي أدى إلى تقلد مسلمين كثيرين مناصب أكاديمية كانت في الماضي حكرا على المستشرقين، وإلى تصدي كتاب مسلمين في الغرب لتسميات ومفاهيم خاطئة تتعلق بدينهم وثقافاتهم المختلفة. وفي الحقيقة بات الإسلام والمسلمون جزءا من الكثير من المجتمعات الغربية، بسبب الهجرة وكذلك دخول غربيين في الإسلام، مما أدى إلى تحسيس طبقات كثيرة من المجتمعات الغربية لمسائل كثيرة منها هذه التسمية.

أما في الأوساط الشرقية فلقد شاعت هذه التسمية لدى أتباع الطائفة العلوية النصيرية فقط، الذين يسمون أهل السنة والجماعة "بالمحمديين"، فليتنبه إلى ذلك جيدا.

أما قولنا "أمة محمد"، صلى الله عليه وسلم، فهذا القول إنما هو نسبة الأمة إلى نبيها وليس غير ذلك. ولا يجوز القياس على هذا القول واستنباط أن الفرد من "أمة محمد" هو "المحمدي"، فهذا قياس فاسد لا يعمل به. ومثله قولنا "أمة عيسى بن مريم" عليه السلام، إشارة إلى الأمة التي بعث إليها المسيح عليه السلام، وليس إلى ديانة اسمها "العيسوية"! ومثله أيضا قولنا "أمة موسى" عليه السلام، فهذا أيضا إشارة إلى الأمة التي بعث إليها كليم الله عليه السلام، وليس ديانة اسمها "الموسوية"! [3]

وعليه فإن تسمية "المحمديين" هي تسمية ذات شحنة دلالية سلبية جدا يتمترس وراءها أعداء كثيرون للإسلام والسنة النبوية الشريفة، وينبغي على القارئ المسلم أن يتنبه إلى ذلك باستمرار، وأن يعي دائما بأن مستعملها إنما يرمي باستعمالها إلى تقويض دعائم دينه من الأساس!
ــــــــــــــــــــــ

الحواشي:

[1] تنسب المسيحية إلى "المسيح" عيسى بن مريم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام. وقد ترجم اليونان صفة "المسيح" إلى لغتهم ترجمة مستعارة فكانت: Χριστος "خريستوس"، ومنها Christianity "الديانة المسيحية". إذن Christos هي ترجمة مستعارة لكلمة משיח (= مَشِيَح) في العبرية، المشتقة بدورها من الجذر السامي الأصلي /مسح / وفعله "مَسَحَ"، لأن العادة لدى أوائل الساميين كانت تقتضي مسح راس الملك المتوج بزيت الزيتون المبارك. من ثمة تسمية عيسى بن مريم، عليه السلام، مسيحاً. فكلمة مسيح/ משיח (= مَشِيَح) هي أصل، وكلمة Χριστος "خريستوس" هي ترجمة مستعارة. وأما اسمه عليه السلام في العبرية فهو ישוע (= يِشُوَع) المشتق بدوره من الجذر ישע (يَشَع) الذي يجانسه ـ اشتقاقيا ـ في العربية الجذر /وسع/ وفعله وَسِعَ لأن الأفعال التي فاءاتها ياءات في العبرية تجانس تأثيليا الأفعال التي فاءاتها واوات في العربية ولأن الشين العبرية تجانس السين في العربية. والخلاص يكون من الضيق وهذا هو المعني الأصلي (الإتيمولوجي) للجذر /وسع/ في السامية الأم وكذلك في العربية والعبرية. ولقد ترجم اليونان اسمه في لغتهم إلى Σωτηρ (= Soter) ومعناها "المخلص، المنقذ"، فقولنا "المخلص" هو ترجمة عن اليونانية التي هي بدورها ترجمة عن العبرية.
[2] "الزردشتية" هي "المجوسية". وأما هذه الأخيرة فأصلها من الأبستاقية (الفارسية القديمة): "مجوش" ـ بالجيم المصرية ـ وهو "الكاهن الذي يمارس الكهنوت والسحر". ومنه اليوناني Μαγος "ماجوس" أي "المجوسي" ثم الصفة μαγικος "ماجيكوس" أي "الساحر" ومنه اللاتيني: magice ثم الإنكليزي magic والفرنسي magique وهلم جرا.
[3] ويستثنى من ذلك قولنا "الشريعة الموسوية" كناية عن الشريعة التي أنزلت على موسى عليه السلام وهي التوراة.