المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العلماء المسلمون ووضع المنهج التجريبي العلمي



عمر الأنصاري
10-11-2009, 02:45 PM
يقول "Briffault" مؤلف كتاب "بناة الإنسانية" "Making of Humanity": "إن روجر بيكون درَس اللغةَ العربية والعلمَ العربي في مدرسة أكسفورد على يد خلفاء معلمي العرب في الأندلس، وليس لروجر بيكون ولا لسميِّه الذي جاء بعده الحق في أن ينسب إليهما الفضل في ابتكار المنهج التجريبِي، فلم يكن روجر بيكون إلا رسولاً من رسل العلم والمنهج الإسلامي التجريبِي إلى أوروبا المسيحية"[1].

كان العلماء المسلمون روادَ المناهج التجريبية العملية في كثيرٍ من المجالات العلمية، وجعلوا التجربة العملية شرطًا للوصول إلى الحقيقة العلمية.

• يقول جابر بن حيَّان، رائد الكيمياء الحديثة (721 - 815م) في كتابه عن نتائج تجاربه العملية: "يجبُ أن تعلم أننا نذكر في هذه الكتب خواص ما رأيناه فقط دون ما سمعناه، أو ما قيل لنا وقرأناه بعد أن امتحناه وجرَّبناه، فما صحَّ أوردناه، وما بطل رفضناه"[2].

وفي كتاب "سر الأسرار" الذي ألَّفه أبو بكر الرازي الطبيب، الذي يُعتبر مؤسِّسَ علم الكيمياء الحديثة في الشرق والغرب، والمولود سنة 854م - تبيانٌ واضح لطريقة إجراء التجارب الكيميائية، فهو يصف المواد المستخدمة، والأدوات والآلات التي يستعملها، وبعد ذلك يصف طريقة تحضير كل مادة، مبينًا نتائجَ التجربة، وعلى هذا النحو وصف ما يزيد على 20 جهازًا، بعضها زجاجي والبعض الآخر معدني، على غرار المستخدم الآن في معامل الكيمياء الحديثة.

وكان الرازي بعد ذلك يشرح كيفية تركيب الجهاز، ويدعم شرحه بالتعليمات الواضحة الجلية[3].

وقام الرازي بتحضير عددٍ من الأحماض، ولا زالت الطرق التي استخدمها في تحضير هذه الأحماض هي الطريقة المتبعة الآن، ولعله أول من ذكر حامض الكبريتيك، وأطلق عليه اسم "زيت الزاج أو الزاج الأخضر"، وقام بنقله إلى الأوروبيين "البير الكبير" وسماه "كبريت الفلاسفة".

وقام أبو بكر الرازي بتقطير الكحول من المواد السكرية والنشوية المتخمِّرة، وكان الكحول يستخدم في الصيدليات وصناعة الأدوية من أجل العلاج.

وأول من نقل طريقة أبي بكر الرازي في تقطير الكحول إلى الأوروبيين "أرنودو فيلينتف".

وقد تُرجم كتاب الرازي "سر الأسرار" إلى اللغة اللاتينية بواسطة "كريمونا" في أواخر القرن الثانيَ عشرَ الميلادي، وكان المرجع المعتمد في مدارس أوروبا مدةً طويلة[4].

وبواسطة المنهج التجريبِي العلمي، استطاع العلماء المسلمون أن يحضِّروا كثيرًا من المواد الكيماوية، التي تدخل الآن في الصناعات الحديثة؛ مثل صناعة الورق، والصابون، والحرير، والمفرقعات، والأصباغ والسماد الصناعي.

كما قام علماء الفلك بقياس طول قطر الأرض ومحيطها، وقد رأَس "ثابت بن قرة" لجنة قياس طول قطر الأرض ومحيطها أيامَ هارون الرشيد، وذلك بأن قاس طول الدرجة القوسية بدقة، واتجه فريق صوبَ الشمال، بينما اتجه فريق آخر صوبَ الجنوب، في نفس خط الطول، وكان يقيس خطوط العرض بقياس ارتفاع النجم القطبي، وهي طريقة سليمة، ولقد وجد أن طول الدرجة القوسية يعادل نحو 56 ميلاً[5].

وهذه الطريقة أعطت رقمًا سليمًا لطول محيط الأرض وطول نصف قطرها، مما جعل المستكشفين أمثال "كولومبس" يبحرون غربًا في المحيط الأطلسي، وهم على يقين بأنهم سيعودون من حيث بدؤوا مع التقدير التقريبِي للمسافة.

وهكذا نجد أن الفضل الحقيقيَّ الذي كان وراء نجاح المستكشفين الأوروبيين؛ أمثال "كولومبس"، و"ماركوا بولو"، و"فاسكودا جاما" - يرجع إلى أعمال العلماء العرب، أمثال "ثابت بن قرة"، و"الشريف الإدريسي"، و"ابن بطوطة" الرحالة العظيم.

والإدريسي الجغرافي العظيم، الذي كانت له طرقٌ عملية في علم الجغرافيا ورسم خريطة العالم، هو أبو عبدالله محمد بن محمد بن عبدالله بن إدريس، وتوفي سنة (560هـ /1164م)، ووضع كتابه المشهور في علم الجغرافيا "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" سنة 548هـ، وكان الإدريسي قد قام بصنع كرةٍ من الفضة تشبه الكرة الأرضية، ثم رسم عليها خريطة العالم، وقد وصف الإدريسي عمله هذا في مقدمة كتابه المذكور، وقد فقدت الكرة، ولكن ظلَّ وصف الأرض وأقاليمها السبعة، وطريقة رسم الخرائط على الكرة موجودًا في هذا الكتاب، والإدريسي في كتابه يقدم لنا جغرافية الأرض وأقاليمها السبعة، وطريقة رسم الخرائط على الكرة في هذا الكتاب.

والإدريسي في كتابه يقدم لنا جغرافية الأرض الطبيعية والبشرية والاقتصادية بشكلٍ مذهل، فقد نقَش على الكرة الفضية - كما يقولُ في كتابه - صورَ الأقاليم السبعة، ببلادها، وأقطارها، وأسيافها - سواحلها - وريفها، وخلجانها، وبحارها، ومجاري مياهها، ومواقع أنهارها، وعامرها - بلادها المسكونة - وغامرها - غير المسكونة - وما بين كل بلدانها وبين غيرها من الطرقات المطروقة والأميال المحددة، والمسافات المشهورة، والمراسي المعروفة"[6]، ونقل في كتابه الخريطةَ السطحية لهذه الأقاليم السبعة، كما هي مرسومة على الكرة الأرضية، وقام بوصف مزروعات أقطارها أو بلادها، وغلاّتها وأجناس نباتها، والاستعمالات التي تستعمل فيها، والصناعات القائمة بها، والتجارات التي تجلب إليها وتحمل منها، مع ذكر أحوال أهلها، وهيئاتهم، وخلقهم، ومذاهبهم، وملابسهم، وثقافتهم، كما قام بوصف أحوال البلاد والأرضين في خلقها، وبقاعها، وأماكنها، وصورها، وبحارها، وجبالها، ومسافاتها، والعجائب التي تذكر عنها.

وقام الإدريسي بعمل الكرة الأرضية، التي كانت تزن 400 رطل بالرومي، في كل رطلٍ 112 درهمًا[7]، وتأليف كتابه "نزهة المشتاق في اختراق الآفاق" في مدة خمسة عشر عامًا.

ويقول د. حسين مؤنس:
"وقد بدأ الإدريسي عمله برسم ما يمكن أن نسميه (كروكي) لخريطة الأرض، رسمها على لوحة طويلة عريضة تسع صورة الأرض وما عليها، ثم قام بعملية حسابية رياضية معقدة؛ لكي يستطيع نقلَ خريطة الأرض هذه على كرة الفضة، وعلى الكرة وضع المواقع، ورسم القارات والبحار والأنهار بغاية الدقة، بعد أن أتمَّ هذا العمل العجيب شرع في القسم الثالث من مهمته، وهو تحويل هذه الخريطة الكروية إلى خريطة مسطحة، وهذه عملية في غاية الصعوبة تحتاج إلى تفكير طويل وحساب كبير، قام بمثلها عالم هولنديٌّ من رجال النهضة، فبلغ به الخلود، وذلك هو "جيراردوس ميركاتور" (1512 - 1594م) الهولندي، الذي ابتكر ما يسمى بالمساقط ورسم الخرائط على لوحات، ومازلنا نحن إلى الآن نقول: "خريطة على طريقة ميركاتور" فهذا العمل الجليل صنعه الإدريسي في صمت وهدوء.

وقام الإدريسي بعد ذلك، فقسم هذه الخريطة المسطحة إلى سبعة أقسام مستعرضة فوق خط الاستواء وخطين جنوبه، وتلك هي الأقاليم السبعة المعروفة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، وأصلها عند بطليموس، وهو جغرافي يوناني مصري، ولد في أسيوط وعاش وعمل في الإسكندرية، ثم قسم هذه الخريطة إلى عشرة أقسام طولية بخطوط رأسية متوازية، هي خطوط الطول، وبذلك حصل على سبعين قسمًا مربعًا، فأخذ كلَّ قسم ورسمه رسمًا مفصلاً مكبرًا، ووصفه بكل ما فيه من معالم الجغرافية الطبيعية والبشرية، ودوَّن الوصفَ في ذلك الكتاب العظيم المسمَّى بـ"نزهة المشتاق"، وقد أخذ الأقاليم إقليمًا إقليمًا، وفي كلِّ إقليم وصَف كلَّ واحد من أجزائه على حدة"[8].

وقبل الإدريسي كان هناك أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفارسي الإصطخري، المعروف بالكرخي، الذي عاش في النصف الأول من القرن الرابع الهجري، والذي برع في رسم الخرائط وله كتاب يعرف باسم "صور الأقاليم" الذي ألَّفه على اسم كتاب أبي زيد البلخي، كما أن له كتابه المشهور في علم الجغرافية "مسالك الممالك"، والنسخ التي وصلت إلينا من هذا الكتاب تضم 299 لوحة، منها إحدى وعشرون خريطة، الخريطة الأولى في صورة الأرض، والثانية في ديار العرب، والثالثة في بحر فارس، والرابعة في بلاد المغرب، والخامسة في بلاد مصر، والسادسة في بلاد الشام، والسابعة في بحر الروم، والثامنة في صفة البحر وما فيه، والتاسعة في العراق، والعاشرة في خوزستان، والحادية عشرة في إقليم فارس، والثانية عشرة في إقليم كرمان، والثالثة عشرة في بلاد السند، والرابعة عشرة في أرمينية وأذربيجان، والخامسة عشرة في جبال السند ما فيها من المدن، والسادسة عشرة في إقليم الديلم وطبرستان، والسابعة عشرة في بحر الخزر "قزوين"، والثامنة عشرة في مفازة بين فارس وخراسان، والتاسعة عشرة في إقليم سجستان، والخريطة العشرون في إقليم خراسان، والحادية والعشرون فيما وراء النهر ومكتوب عليها "كتاب صور الأقاليم"[9].

كما كان هناك كثير من الاختراعات وليدة الأبحاث العلمية، مثل المراصد الفلكية، والساعات، والموازين، والمزولة الشمسية، وأجهزة قياس الكثافة "الإيرومترات" الذي اخترعه أبو جعفر الخازني الخازن، كما اخترع الخازن ميزانًا خاصًّا لوزن الأجسام في الهواء وفي الماء، وكانت لهذا الميزان خمس كِفَّات، إحداها على ذراع مدرج كأنها القبان[10].

والمزولة الشمسية التي اخترعها المسلمون كانت تستخدم في قياس الزمن، خصوصًا لتعيين مواقيت الصلاة، وهي في أبسط صورها عبارة عن عمود رأسي مثبت على قاعدة مستديرة يعرض لأشعة الشمس، بحيث يبين طولُ الظلِّ الممدود لهذا العمود ساعاتِ النهار في أيِّ مكان على لوحة مدرجة تبين اتجاه الظل وطوله، وبطبيعة الحال تكون الشمس في الزوال - منتصف النهار - عندما يصل طول الظل أقل قيمة له، ولا يكون طول الظل صفرًا إلا في حالات التعامد، ولا تتوافر هذه الحالة إلا بين خطي عرض 23.5 درجة شمالاً وجنوبًا [11]، ولثابت بن قرة كتاب عن المزولة الشمسية.

وقد أقام المسلمون المراصد الفلكية التي شملت معظمَ بلاد العالم الإسلامي من الأندلس إلى الهند، وقد عمل "ثابت بن قرة" بالمرصد الفلكي الذي شيَّده "المأمون" في بغداد عام 851م، وفي هذا المرصد صاغ "ثابت بن قرة" نظريته التي حاول فيها تفسير الظاهرة الفلكية المعروفة بـ"هزة الاعتدالين"، وقد لخَّص هذه الظاهرة في أن محور دوران الأرض يهتزُّ أو يترنَّح كما تترنَّح النحلة، وهي تدور حول محورها، فتروح متمايلة هنا وهناك[12].

واتخذ "ابن يونس" المصري - وهو أبو الحسن علي بن سعيد عبدالرحمن بن أحمد بن يونس المصري - مرصدَه الفلكي على صخرة كبيرة مسطحة في جبل المقطم في مكان يقال له: "بركة الجيش"، وهناك رصد كسوفين للشمس عامي 977م، 978م، بتشجيع من الفاطميِّين، ثم بنى له العزيز الفاطمي مرصدًا على جبل المقطم بالقرب من الفسطاط، زوَّده بالمعدَّات والأجهزة، و"ابن يونس" المصري هو صاحب الزيج الحاكمي المعروف، والزيج كلمة فارسية الأصل معناها الجداول الفلكية والرياضية، وله زيج آخر صغير يعرف بزيج ابن يونس، وأرقام هذين الزيجين صحيحة حتى الرقم السابع عشر[13]، وقد حسب "ابن يونس" المصري ميل دائرة البروج بدقة عظيمة بعدَ أن رصد كسوف الشمس وخسوف القمر، وهو أول من توصَّل إلى حلِّ بعض معادلات حساب المثلثات التي تستخدم في علم الفلك.

في مجال العلوم الرياضية:
برع المسلمون في فروع الرياضة كلِّها: الحساب والجبر والهندسة، ففي الحساب أخذوا بنظام الحساب العشري[14] {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا}[15]، {وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آَتَيْنَاهُمْ}[16]، {فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ}[17].

كما نقلوا الأشكال التي تدلُّ على الأعداد من الهنود، وكوَّن علماء المسلمين من تلك الأشكال سلسلتين، هما السلسلة الهندية التي نستعملها الآن (1 - 2 - 3 - 4)، والسلسلة الغبارية التي انتشر استعمالها في الأندلس، ومنها انتقلت إلى أوروبا، وهي التي تستعمل في أوروبا الآن (1 - 2 - 3 – 4)، ويطلق عليها الأرقام العربية، ونحن نطلق عليها خطأ الأرقام الإفرنجية، والأصل في تسميتها الغبارية: أن الهنود كانوا يبسطون الغبار على لوح ويرسمون عليه الأرقام[18]، والعالم الجليل "جمشيد بن محمود بن مسعود" الملقب بـ"غياث الدين" الذي ألَّف العديد من الكتب، ومنها كتابه "مفتاح الحساب" من أبرز علماء المسلمين في الحساب.

أما في الجبر، فالمسلمون هم الذين ابتدعوا علم الجبر، ومن المعروف أن العالم المسلم "الخوارزمي" هو الذي ابتكر علم الجبر ووضع أسسه.

وقد نبغ "الخوارزمي" كذلك في الحساب والفلك والجغرافيا، فهو من العلماء المسلمين الأفذاذ الذين يزهو بهم التاريخ، وكان له الفضل في تطور العلوم الحديثة.

وقد وضع كتابه "الجبر والمقابلة" في عصر الخليفة "المأمون" (198 - 218هـ)، وبه العديد من المعادلات الجبريَّة التي نستخدمها الآن وحلولها مثل:
م س2ن + ب سن = جـ.

وكذلك المعادلة: س4 + 5س2 = 126.

وأورد الخوارزمي حلَّها، وغير ذلك من المعادلات الجبرية الكثيرة، والتعبيرات الجبرية التي نستخدمها في العصر الحديث مثل:
س2 + 5 س = 24.

يقول الخوارزمي في كيفية اختراعه لعلم الجبر:
"وإني لما نظرت فيما يحتاج إليه الناس في الحساب، وجدت جميع ذلك عددًا، وجميع الأعداد إنما تركبت من الواحد، والواحد داخل في جميع الأعداد، ووجدت جميع ما يلفظ به من الأعداد، ما جاوز الواحد إلى العشرة يخرج مخرج الواحد، ثم تثنَّى العشرة وتثلَّث كما فُعل بالواحد، فتكون منها العشرون والثلاثون إلى تمام المائة، ثم تثنَّى المائة وتثلَّث كما بالواحد والعشرة إلى الألف، ثم كذلك تردد الألف عند كل عقد إلى غاية المدرك من العدد، ووجدت الأعداد التي يحتاج إليها لا ينسب إلى جذر ولا إلى مال، فالجذر منها كل شيء مضروب في نفسه من الواحد وما فوقه من الأعداد، وما دونه من الكسور، والمالُ كلُّ ما اجتمع من الجذر المضروب في نفسه، والعدد المفرد كل ملفوظ به من العدد بلا نسبة إلى جذر ولا مال، فمن هذه الضروب الثلاثة ما يعدل بعضه بعضًا"[19].

ويرمز إلى الجذر بالرمز (س)، وإلى المال بالرمز (س2)، وأما العدد المفرد فهو خالٍ من (س)، ( س2)، مثل:
س2 + ب س + جـ = صفر.

وتوصل الخوارزمي إلى معرفة جذور الكميات التخيلية[20]، وذكر كثيرًا من المسائل وحلولها الهندسية.

وتوصل المسلمون إلى تعيين قيم الحدود في نظرية ذات الحدَّين، وبحثوا في المتواليات العددية والهندسية، كما في أعمال "السموءل بن حمزة" المغربي، ويعتبر "ثابت بن قرة" من الذين مهَّدوا لحساب التفاضل والتكامل[21].

وفي مجال الهندسة:
قام المسلمون بنقل علوم الهندسة اليونانية، مثل هندسة إقليدس، وأضافوا إليها الشيء الوفير، حتى توصلوا إلى حسابات الفلك الكروي، التي تعتبر أكبرَ خطوة نقَلت علم الفلك إلى علم حديث متطور، غير المفاهيم التي أتى بها أرسطو وغيره عن العالم والكون والأرض[22].

وألف المسلمون في المساحات والحجوم، والتحليل الهندسي وحل المعادلات الجبرية هندسيًّا، كما طبَّقوا المعادلات الهندسية في الأغراض العملية، وبيَّن المسلمون طريقة إيجاد نسبة محيط الدائرة إلى قطرها - النسبة التقريبية ط - وقد أورد "الخوارزمي" في كتابه "الجبر والمقابلة" نسبتها السليمة 22/ 7.

وفي حساب المثلثات أورد "البيروني" تعيين مساحة المثلث بدلالة أضلاعه، واستخدم الحسن بن الهيثم الهندسة المستوية والمجسمة في بحوث الضوء، وتعيين نقطة انعكاس الضوء في المرايا الكروية والأسطوانية والمخروطية، وابتكر الحلول العلمية لهذه المسائل، واستخدم حساب المثلثات في معظم الحالات التطبيقية واستخدم الظلال والقواطع ونحوها.

واستخدم الجيلي حساب الفلك الكروي، الذي أدَّى إلى تقدم حقيقي في علم الفلك، كما حسب جداول فلكية اتضح - في ظل الدراسات الحديثة - أنها هي نفسها الجداول التي حسبها "كبريق" بعد ذلك بنحو 400 سنة، وأدَّت إلى إعلان أن الشمس هي مركز المجموعة الشمسية، وليست الأرض هي مركز الكون، كما كان يظنُّ الأقدمون.

كما توصل المسلمون إلى حساب اللوغاريتمات، ووضع العالم المسلم "سنان بن الفتح الحراني" كتابًا في الجمع والتفريق بين ذلك، كما بحثوا في المتواليات العددية والهندسية، يقول "ابن حمزة المغربي": "إن أساس أي حدٍّ من حدود متوالية هندسية تبدأ من الواحد الصحيح يساوي مجموعَ أسِّ أساس الحدَّين اللَّذين حاصل ضربهما يساوي الحدَّ المذكور ناقصًا واحدًا"[23]، وهو صحيح حتى الآن.

وقام أبو الوفاء البوزجاني (940م - 998م) بإسهامات عظيمة في علم الرياضيات، فلقد وضع الأساس لحلِّ المعادلات الرياضية من الدرجة الرابعة حلاًّ هندسيًّا، كما توصل إلى حلول تتعلق بالقطع المكافئ، والتي أدَّت إلى نشأة الهندسة التحليلية، التي كان "ديكارت" من روَّادها، كما أدَّت إلى ظهور حساب التفاضل والتكامل، وأدخل حساب الظل، واستخدام النسبة المثلثية "ظا" في حل المسائل الرياضية، وحسابات القاطع، والقاطع تمام وجداول المماس، وطريقة مبتكرة لحساب جداول الجيب.

المصدر (http://www.alukah.net/articles/2/8213.aspx)





ـــــــــــــــــــــــ
[1] يوسف كمال: "الإسلام والمذاهب الاقتصادية المعاصرة"، دار الوفاء للطبع والنشر 1990م.
[2] د. محمد جمال الدين الفندي، "دراسات في الحضارة الإسلامية" بمناسبة القرن الخامس عشر الهجري، تراث المسلمين في مجال العلوم، (ص: 274).
[3] المصدر السابق، (ص 256).
[4] المصدر السابق.
[5] المصدر السابق.
[6] المصدر السابق.
[7] المصدر السابق.
[8] المصدر السابق.
[9] المصدر السابق.
[10] المصدر السابق.
[11] المصدر السابق.
[12] المصدر السابق.
[13] المصدر السابق.
[14] المصدر السابق.
[15] سورة الأنعام آية 160.
[16] سورة سبأ آية 45.
[17] سورة البقرة آية261.
[18] د. محمد جمال الدين الفندي: تراث المسلمين في مجال العلوم كتاب: "دراسات في الحضارة الإسلامية"، المجلد الثاني.
[19] المصدر السابق.
[20] المصدر السابق.
[21] المصدر السابق.
[22] المصدر السابق.
[23] المصدر السابق.