المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : لا صليت ولا صعدت القمر !!



مالك مناع
10-28-2009, 09:47 PM
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:

فلقد كتب أحد الكتّاب يوم الثلاثاء 20 شعبان 1430هـ الموافق 11/ 8/ 2009 في جريدة الوطن في العدد 12066/ 6512 السنة 48 مقالاً غير موفق، ذكّرني بالعبارة التي شاع استعمالها قبل ثلاثين سنة وهي (الناس صعدوا القمر وأنتم مازلتم هنا).

قصة قصيرة ظريفة حكيمة

قبل ثلاثين عاما مر أحد كبار السن على شاب متمرد ومتهاون في الصلاة فقال له: يا ولدي صل صل. فرد الشاب قائلا: الناس صعدوا القمر وأنت تقول صل صل؟! فرد عليه الشيخ الكبير: يا ولدي أنت لا صليت ولا صعدت القمر!!

وهكذا تماما حال هذا المقال فقد لمز دعاة التوحيد والسنة وعاب عليهم لأنهم دافعوا عن التوحيد ونبذوا الشرك وسدوا بابه فكتبوا واجتهدوا وردوا وفندوا شُبَه التمسح بالقبور والتبرك بها وشد الرحال إليها بل ودعائها والتماس الحاجات عندها، وفي المقابل وجدنا المقال يمدح الغرب ويمجد بهم حيث وصلوا إلى ما وصلوا إليه من التقدم في الصناعة وذكر من جملة ما وصلوا إليه صناعة (طائرة الايرباص 380 ذات الدورين والـ600 راكب ومدة طيران 13 ساعة دون توقف) فحقا هذا المقال يحتاج أن يقال عنه: لا بالتوحيد تمسكت ولا طائرة الإيرباص 380 صنعت!!

فعلا غريب جدا أمر الذين غاية ما يدركونه هو وقوفهم على بعض ما وصل إليه الغرب ثم ذمهم للمسلمين الذين يخالفونهم!فمنهم من لحق بالغرب بجسده وعقله وروحه ومنهم من بقي جسده بين المسلمين لكن عقله وروحه مع الغرب أما هذا المقال فلعل له هدفاً آخر من هذا الطرح فلا يستبعد عنه أنه يريد نصرة مذهب شيخه في تكفير شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.

زعم أن شيخ الإسلام خرق الإجماع

قبل ما يقارب 25 عاما أي في بداية افتتاح كلية الشريعة بجامعة الكويت زعم أحد الدكاترة آنذاك أن شيخ الإسلام قد خرق الإجماع ومن خرق الإجماع فقد كفر! فلما سأله بعض الطلاب أو الطالبات هل تقصد أن شيخ الإسلام ابن تيمية كافر؟ فقال: إلا أن يكون قد تاب، ولا نعلم أنه تاب !

وبعد ذلك قام أهل التوحيد والسنة خاصة في وجهه وردوا عليه ونقلوا كلامه للعلماء فردوا عليه ونشر في الصحف وكان ممن رد عليه شيخنا محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى وقال كلمة مختصرة وهي: (الذي يطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية إما أنه جاهل حاقد على شيخ الإسلام ابن تيمية وإما أن يكون حاقدا على الشريعة لا يريدها تنتشر). والجدير بالذكر أن ذلك الدكتور الذي كفّر شيخ الإسلام هو شيخ احد الكتاب فلذا لا يُستغرب منه إذا لمز كتاب التوحيد والسنة ونقم عليهم دفاعهم عن التوحيد وأهله.

شعار وحدة المسلمين

أكبر شعار يساعد على انتشار البدع والأهواء شعار وحدة الأمة وعدم تفريقها! ولا يخفى على صاحب أدنى بصيرة أن الأمة اليوم وقبل اليوم متفرقة بسبب الأهواء والمناهج البدعية فإذا قام دعاة التوحيد والسنة وقالوا للناس {تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: 64] وقالوا للناس أيضا (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [آل عمران: 30].

أقول: كلما قام دعاة التوحيد والسنة بالدعوة إلى حقيقة "لا إله إلا الله" بتجريد العبادة والإخلاص له ودعوهم إلى حقيقة "محمد رسول الله " بتجريد المتابعة له صلى الله عليه وسلم جاء الاعتراض بدعوى إنكم تفرقون وحدة الأمة!!

سبحان الله الذي يدعو إلى وحدة الأمة يتهم بتفريق الأمة والذي يصرّ على تفرق الأمة ويمزقها يرفع شعار وحدة الأمة.


الكتاب الإسلاميون لم يختلفوا في مسألة التمسح والتبرك بالقبور

زعم صاحب المقال أن الكتاب الإسلاميين قامت بينهم معارك في مسألة التمسح والتبرك في القبور فجاء فيه: (في الوقت الذي تجوب فيه الإيرباص 380 الأجواء التي تشهد ارضها معارك كتابنا الإسلاميين حول حكم التوسل والتبرك بالميت وامثال هذه المعارك) انتهى كلامه.

وأقول: هذا غير صحيح فكل الذين كتبوا من كتاب صحافتنا كانوا في خندق واحد في الرد واتفقوا على بطلان هذا العمل الذي ما أنزل الله به من سلطان فلماذا يتم تجريمهم؟ وإليك أخي القارئ نص من المقال يقول: (ويا ليت لو كان لي من الأمر شيء لأصدرت قانونا بتجريم من يتكلم بمثل هذه الأمور في مثل هذا الوقت ومعاقبته بجريمة تفريق كلمة المسلمين) انتهى كلامه، فأقول: الحمد لله أن ليس لك من الأمر شيء وإلا لكان السعي إلى قمع أهل التوحيد وبلا رحمة!!

وما بكم من نعمة فمن الله

الذي يجب على كل مسلم أن يعتقد أن النعم الظاهر والباطنة والعامة والخاصة والسابقة واللاحقة وما علمنا منها وما لم نعلم والتي بنا والتي حولنا والتي بعيدة عنا كلها من الله تعالى كما قال جل وعلا {وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ} [النحل: 53] وقال تعالى {وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} [إبراهيم: 34]، وهذا الاعتقاد يجب أن لا يخلو منه قلب المؤمن ولا يلهج لسانه بغيره.

إذا علمت هذا فتدبر المقال بحروفه وهو يتكلم عن الغرب حيث يقول: (لأنه ما من نعمة حولنا وليس بنا إلا منهم ولا حاجة لي بأحد الثقلاء أن يذكرني إن كل ذلك من عند الله حيث إن كلامي حول ما جد حولنا مما عرفناهم بسببهم من النعم) انتهى كلامه. وانظر حتى لم يقل لولا الله ثم هؤلاء أو لولا تسخير الله لنا بل قال: (فأنت بسببهم داخل منزلك في جو الشتاء في حين تكون الحرارة 50 درجة مئوية في الظل وتحمل نفسك وأثقالك إلى أي مكان لم تكن ببالغه إلا بشق الأنفس لولا اختراعهم السيارة والطائرة وإذا مسّك المرض وعجز عنه أطباء قومك وما أكثر ما يعجزون ويخطئون طلبت الشفاء عندهم بل لولاهم ما وصل بنو قومك إلى ذلك كل ما حولك مما استجد من النعم هؤلاء ما وصلوا إلى ما وصلوا إليه إلا بما اطلع الله عليه من إخلاصهم ومثابرتهم) انتهى كلامه. ولا تستغرب أخي القارئ من مثل هذه الطروحات، فمثلها من ابن عبد الغفور القراشي والمدرسة الهيتوية الصوفية الأشعرية، فأنا أكاد اجزم ان من يطرح مثل هذا ما قرأ كتاب التوحيد الذي هو حق الله على العبيد لشيخ الإسلام والمسلمين المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى. فانظر إليه قال: (طلبت منهم الشفاء) ولم يقل العلاج والله تعالى يقول: {وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ} [الشعراء:80]، ثم ما يدريك أن الله تعالى اطلع على إخلاصهم؟ وأي إخلاص الذي تعنيه؟ نسأل الله تعالى العافية.

يعبدونني لا يشركون بي شيئاً

استدل صاحب المقال في مقاله بآيتين إحداها هي آية (الاستخلاف والتمكين والأمن) ولم يورد منها أهم ما فيها وهو الشرط الذي اشترطه الله على عباده ليستخلفهم في الأرض وليمكن لهم دينهم وليبدل من بعد الخوف أمنا!

واقرأ معي القدر المذكور في المقال ولاحظ المبتور من الآية قال تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ}، اقول: ان بتر الآية أفسد المعنى وتمامها {وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: 55] فتأمل يا أيها القارئ الكريم نعم هذا ما وعد الله به من الاستخلاف والتمكين والأمن بشرط عبادته وحده لا شريك له، لا التمسح بالقبور والتبرك بها فإن قال قائل إنه لم يتعمد ولم يقصد بتر الآية فأقول: هو مسيء على كل حال حتى لو لم يقصد إذ لا يجوز الاستدلال بالآية على وجه يخل بالمعنى كما لو قرأ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} دون قوله {وَأَنْتُمْ سُكَارَى} أو قرأ قوله {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} دون قوله: {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}، وعلى من يقرأ القرآن ولا يفهم معناه ولا يحسن الاستدلال به ان يلزم الصمت.

أخي القارئ العزيز لم انته من تفنيد المقال ولعل الله تعالى ييسر لي فاكتب ما تبقى إن شاء الله تعالى والحمد لله أولا وآخرا وظاهرا وباطنا وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.




الشيخ/ سالم الطويل حفظه الله
تاريخ النشر 17/08/2009
الإبانة - جريدة الوطن الكويتية