المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : صور من التراث الإسلامي



المغيرة
10-31-2009, 09:16 PM
بعد أفول نجم الامبراطورية الرومانية و استسلامها تدريجياً إلى البابوية في اوروبا، قام تحالف بين الأباطرة و الكنيسة و امتصت الأخيرة تدريجياً سلطتهم مستغلة العاطفة الدينية العميقة لعامة الشعب, ونمت نمواً كبيراً في عددها, وثروتها, ونفوذها, وأصبحت تمتلك ثلث أرض أوروبا حوالي القرن الثالث عشر.

طوقت الكنيسة العقل الأوروبي اليافع بعقيدة محدودة في تلك العصور و حاربت العلماء و المجددين، بل و احرقت كل من سولت له نفسه بأن يخرج قيد أنملة عن "النص المقدس" الذي فسرته بالطريقة التي تحلو لها، فلا عجب أن عم بيع صكوك الغفران و أراض موعودة في الجنة لمن يدفع أكثر.

في هذه الفترة بالذات, كانت الحضارة الإسلامية قد أينعت, وبدأت تأتي أكلها, وكانت حواضر العالم الإسلامي منارات علم ونور للعالم أجمع. وكما يقول (ديورانت) في كتابه (قصة الحضارة):
"وبلغ الإسلام في ذلك الوقت أوج حياته الثقافية, وكنت تجد في ألف مسجد منتشرة من قرطبة إلى سمرقند, علماء لا يحصيهم العد, كانت تدوي أركانها بفصاحتهم, وكانت قصور مئة أمير تتجاوب أصداؤها بالشعر و المناقشات الفلسفية. ولم يكن هناك من رجل يجرؤ أن يكون مليونيراً من غير أن يعاضد الأدب و الفن". ولقد استطاع العرب أن يستوعبوا ما كان عند الأمم المغزوة من ثقافات بما اتصفوا به من سرعة الخاطر وقوة البديهة, حتى أظهر الفاتحون كثيراً من التسامح مع الشعراء و العلماء والفلاسفة الذين جعلوا من اللغة العربية أوسع اللغات علماً وأدباً في العالم, بحيث ظهر العرب الأصلاء وكأنهم قلة بالنسبة إلى مجموعهم."
يقول (جورج سارتون) في كتابه ( المدخل إلى تاريخ العلوم):
"كتبت أعظم المؤلفات قيمة وأكثرها أصالة وأغزرها مادة باللغة العربية خلال العصور الوسطى, وكانت اللغة العربية منذ منتصف القرن الثامن حتى نهاية القرن الحادي عشر للميلاد لغة العلم الارتقائية للجنس البشري, حتى أنه كان يتوجب على من أراد أن يلم بثقافة عصره بأحدث صورها, أن يلم باللغة العربية."
اتجه العرب و المسلمون إلى ميادين العلوم يحدوهم في ذلك ما ورد في القرآن الكريم من حث للإنسان على النظر في ملكوت السماوات والأرض, وما فضّل به الله العالِم على الجاهل. يقول تعالى:
(يرفع الله الذين آمنوا و الذين أوتوا العلم منكم درجات)-المجادلة 11
و:(إنما يخشى اللهَ من عباده العلماء)-فاطر 28
و:(وقل ربِّ زدني علماً)-طه 114
كذلك حثّ الرسول (ص) على طلب العلم فجاء في الحديث الشريف:
(طلب العلم فريضة على كل مسلم)-عن ابن ماجة
(من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهّل الله له به طريقاً إلى الجنة)-عن البخاري و مسلم
( العلماء ورثة الأنبياء)-عن البخاري و أبي داوود و ابن ماجة و الدرامي

إنّ مشكلة المنطق الأولى هي تتبع مصادر أخطاء العقل و التصدي لها, هذه الأخطاء يمكن أن تنجم عن التسليم بآراء الآخرين أو عن غموض اللغة كأداة للتفاهم والتعبير عن الأفكار أو الأخطاء التي تغري بها الطبيعة البشريّة, كالميل إلى التسرع في إصدار الأحكام والانسياق مع الأهواء و المصالح, أو التي تقود إليها الميول الفردية من سماحة أو تعصب وتفاؤل أو تشاؤم. أما مفتاح البحث فهو التجربة, وهي تدبير لظروف ملائمة للإجابة على تساؤل محدد، أو بمعنى آخر فالتجربة هي توجيه سؤال إلى الطبيعة حول فكرة تتطلب الجواب, وعلى الباحث أن يتخلى عن الفكرة التي جعلها أداة لتفسير الطبيعة متى أثبتت التجربة بطلانها.
لقد نزع العلم الحديث إلى الرصد وتحويل الكيفيات إلى كميات والتعبير عن وقائع الحس بالرسوم البيانية والجداول الإحصائية, مستعيناً بالتقدم الهائل الذي أحرزته آلات الرصد, كالآلات الحاسبة والمجهرات, وأجهزة التقريب الضوئية و الراديوية التي تستعمل في علم الفلك, وأصبح مردّ الدقة في القوانين العلمية يعود إلى صياغتها الرياضيّة، فأين وقفت المدينة العربية الإسلامية من منهج البحث العلمي؟
لقد أوجب العلماء المسلمون على الباحث أن يطهر عقله من كل ما يحويه من أفكار مسبقة حول موضوع البحث متوسلين إلى ذلك بالشك, يقول إبراهيم النظام (و221هـ/840 م) : "لم يكن يقين قط حتى صار فيه شك, ولم ينتقل أحد من اعتقاد إلى اعتقاد حتى يكون بينهما حال شك". ويقول الجاحظ (و255هـ/869 م): " تعلم الشك في المشكوك فيه تعلماً, فلو لم يكن ذلك إلا تعرف التوقف ثم التثبت, لأوفى بما يحتاج إليه، و العوام أقل شكوكاً من الخواص لأنهم لا يتوقفون عن التصديق ولا يرتابون بأنفسهم, فليس عندهم إلا الإقدام على التصديق المجرد, أو التكذيب المجرد."
كذلك فإن الغزالي (و505هـ/1111م) زاول الشك قبل التيقن, قال في (المنقذ من الضلال): "لو لم يكن في هذه الألفاظ إلا ما يشكك في اعتقادك الموروث لكفى بذلك نفعاً فإن من لم يشك لم ينظر, ومن لم ينظر لم يبصر, ومن لم يبصر بقي في العمى و الحيرة."
وقد نبه الحسن بن الهيثم(و354هـ/965م) في كتابه (مقدمة الشكوك على بطليموس) إلى "أنّ حسن الظن بالعلماء السابقين مغروس في طباع البشر, وأنّه كثيراً ما يقود الباحث إلى الضلال ويعيق قدرته على كشف مغالطاتهم, وانطلاقه إلى معرفة الجديد من الحقائق, وما عصم الله العلماء من الزلل, ولا حمى علمهم من التقصير والخلل ولو كان ذلك كذلك, لما اختلف العلماء في شيء من العلوم, ولا تفرقت آراؤهم في شيء من حقائق الأمور".
لقد فطن رواد المدينة الإسلامية إلى التجربة كأداة فعالة في مسالك البحث العلمي, من ذلك أن جابر بن حيان (ت 198هـ/813 م) سماها بالتدريب. يقول في كتاب (السبعين):" فمن كان درباً(مجرّباً), كان عالماً حقاً, ومن لم يكن درباً لم يكن عالماً, وحسبك بالدربة (إجراء التجارب) في جميع الصنائع, أن الصانع الدرب يحذق, وغير الدرب يعطل."
كما كان البيروني (و362هـ/973 م) من أئمة رواد البحث التجريبي, وقد استطاع من خلال تجاربه تحديد الثقل النوعي لكثير من المواد بدقة تثير الإعجاب, كذلك فقد نزع العلماء المسلمون إلى تكميم النتائج توخياً للدقة, من ذلك أنّ جابر بن حيان جعل الميزان أساس البحث التجريبي, وقد عرّف مفهوم الكمية بقوله:"إنها الحاصرة المشتملة على قولنا الأعداد, مثل عددٍ مساوٍ لعدد, وسائر الأرطال و الأعداد والأقدار من الأوزان و المكاييل وما شاكل ذلك."
وقد صنع المسلمون آلاتٍ دقيقة استخدموها في بحوثهم التجريبية, لعلّ أهمها تلك التي استخدمت في علوم الفلك و الجغرافيا و الطبيعة, كالحلقة الاعتدالية, وهي حلقة تنصب في سطح دائرة المعدل ليعلم بها التحول الاعتدالي للأرض, وذات الأوتار, وهي أربع اسطوانات تغني عن الحلقة الاعتدالية على أنها يعلم بها تحول الليل أيضاً, وذات السمت والارتفاع و يعلم بها السمت والارتفاع, والمشبهة بالناطق, وهي ثلاث مساطر, اثنتان منظمتان ذات شعبتين, ويقاس بها البعد بين كوكبين, والمزاولة (الساعة الشمسية), والإسطرلاب وهو جهاز يستطيع الفلكي أن يعين به زوايا ارتفاع الأجرام السماوية عن الأفق في أي مكان. وقد استخدم البيروني جهازاً مخروطياً لتحديد الثقل النوعي يعد اليوم من أقدم أجهزة القياس.

لقد وضع علماء المسلمين دراسة مفصلة عن الكواكب وأحجامها, وعرفوا كثيراً عن الأرض وكرويتها وحركتها حول الشمس. يقول الشريف الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق):" إنّ الأرض مدوّرة كتدوير الكرة".
لقد وضع علماء المسلمين دراسة مفصلة عن الكواكب وأحجامها, وعرفوا كثيراً عن الأرض وكرويتها وحركتها حول الشمس. يقول الشريف الإدريسي في كتابه (نزهة المشتاق):" إنّ الأرض مدوّرة كتدوير الكرة".
وقد كلف الخليفة العباسي (المأمون), موسى بن شاكر الذي برز هو وأولاده الثلاثة محمد وأحمد وحسن في الرياضيات و الميكانيك (علم الحيل), بقياس محيط الأرض, وبعد الحساب الطويل والدقيق, توصلت البعثة التي قامت بالقياس إلى أن المحيط يساوي 47356كيلو متر, وهذه النتيجة قريبة من الحقيقة إذ أن القياس الأخير لهذا المحيط يساوي 40000 كيلو متر تقريباً. ويعزى لبني موسى بن شاكر القول بالجاذبية بين الأجرام السماوية التي قال بها (إسحاق نيوتن) بعدهم بمئات السنين.

كذلك فسر علماء العرب و المسلمين بكثير من الدقة الظواهر الكونية التي تبدو في أوقات الشفق أو كسوف الشمس, وقوانين علم النبات وغيرها كثير. يمكن لمن يريد الاستزادة من هذا الموضوع الرجوع إلى الأدبيات الكثيرة التي صدرت بهذا الخصوص.
هذا ليس وقوف على الأطلال، لكنها مقدمة تطرح سؤالا ملحا: أين نحن من هؤلاء؟؟
و لماذا؟؟

اطلعت اليوم على ترتيب أفضل 500 جامعة عالمية فلم اجد مع الاسف بينها أي جامعة عربية أو إسلامية تحتل مركزا مرموقا.. التقرير تعده سنويا جامعة شانغهاي الصينية ويتمتع بمصداقية عالية نظرا للضوابط العلمية و الاكاديمية التي يعتمدها في تصنيف هذه الجامعات .
وبالطبع فالمراتب الأولى من نصيب الجامعات الامريكية و بدرجة اقل بريطانيا و اليابان وكندا ودول اخرى .
المهم انه في ترتيب افضل 20 جامعة نجد نصيب الاسد للجامعات الامريكية و بدرجة اقل بريطانيا و استراليا و سويسرا و كندا .
وفي ترتيب افضل مئة تظهر دول مثل اسرائيل و الصين و بلجيكا و فنلندا و روسيا و اليابان و هولندا .....
تطل جامعة الملك فهد للبترول و المعادن إطلالة خجولة في الترتيب 266 و جامعة طهران في الترتيب 368.
إليكم الرابط لمن يريد أن يطلع على الترتيب كاملا
http://www.topuniversities.com/university-rankings/world-university-rankings/2009/results