المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فكّ الطّلاسم



muslimah
11-14-2009, 08:58 AM
فكّ الطّلاسم
شعر: ربيع السّعيد عبد الحليم

جئتُ دُنْيايَ وأدْري، عن يَقينٍ كيف جئْتُ
جئتُ دنيايَ لأمرٍٍ من هُدَى الآيِِ جَلَوْتُ
ولقد أبصرتُ قُدّامي دليلاً فاهْتَدَيْتُ
لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ ضَلَّ القومُ عـنه !
لَيْتَ شِعْرِي!

لَيْسَ سرّاً ذَا خَفَاءٍ أمرُ ذيّاك الوُجُودْ
كلُّ مَا في الكَوْنِ إبْدَاعٌ إلى الله يَقُودْ
كائناتُ البَرّ والبَحْرِ على الخَلْقِ شُهُودْ
لَيْتَ شٍعْرِي كَيْفَ ضَلَّ القَوْمُ رُشْدًا!
لَيْتَ شِعْرِي!

آدمُ الجَدُّ نَبيٌّ، فِطْرَةُ اللهِ القَدِيرْ
ْاجْتَبَاهُ وهَدَاهُ ودَعَاهُ بالْبَشِيرْ
وحَباهُ، من لَدُنْهُ، فيْضَ علمٍ كيْ يُنيرْ
لَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ يَعْمَى القومُ عنه؟
لَيْتَ شِعْرِي!

مثلُ جَدّي قد هَدَاني اللهُ بالرُّوحِ الأَمِينْ
من رَسُولٍ عن رَسُولٍ جَاءَنَا الذِّكْرُ المُبينْ
في ضِيَاءِ الحقِّ نَجْلُو طَلْسَمَ الغَيْبِ المَكينْ
لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ حَادُوا عن هُدَاه؟
لَيْتَ شِعْرِي!

قَالَ رَبّي: كُنْ فَكُنْتُ ثمّ صِرْتُ اليَوْمَ حَيَّا
وقُوَايَ مُشْرَعَاتٌٍ كَيْفَ شِئْتُ في يَدَيَّا
دُمتُ حُرًّا في اخْتِيَاري إنْ عَصِيّاً أوْ رَضِيَّا
عن جَلِيِّ الأَمْرِ ضَلُّوا! كَيْفَ ضَلُّوا!
لَيْتَ شِعْرِي!

البحر
قد سَألْتُ البَحْرَ يَوْمًا: أأُجيبُ النّاسَ عَنْكَا؟
فأجَابَ البَحْرُ هَيَّا، قد سَئِمْتُ القَوْلَ إفْكَا
أنتَ مِثْلِي، خَلْقُ رَبّي ويَفِيضُ الصِّدْقُ مِنْكَا
لَيْتَ شِعْرِي كَمْ نَسَوْهُ وَهْوَ حَقٌّ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

أيّها البَحْرُ كَفَانَا قَوْلُهُم زُورًا عَلَيْكَا
هَا هو الشَّاطِئُ يَدْرِي أنّه جَاثٍٍ عَلَيْكَا
هَا هي الأنهارُ أَجْرَتْهَا يَدُ الله إلَيْكَا
أحسب الأمواج قالت حين ثارت
لَيْتَ شِعْرِي!

أنتَ يا بَحْرُ عَظيمٌ.. آه ما أعْظَمَ أمْرَكْ
لستَ يا بَحْرُ أسيرًا.. ضَلَّ مَنْ يَزْعمُ أسْرَكْ
أنتَ يا بَحْرُ مُطيعٌ أمْرَ مَنْ أبْدَعَ سِرَّكْ
لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ قَالُوا ذَاكَ أَسْرٌ؟
لَيْتَ شِعْرِي!

أنتَ يا بَحْرُ تُطيعُ اللهَ فيما أَمَرَا
فإذا بالمُزْنِ تَسْقِي أَرْضَنَا والشَّجَرَا
سُحُبًا يَجْعَلُُها اللهُ رُكَامًا مَطَرَا
لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ لَمْ يُولُوكَ فَهْمًا؟
لَيْتَ شِعْرِي!

ربنا الرحمنُ أجرَي رزقَنَا منك وحوْلَك
وهدَانَا كيف نَجْنِيه ولا نَجْحَدُ فضْلَك
كيف نَمْضي نَمْخُرُ الأمواجَ لا نَرْهَبُ هَوْلك
ليتَ شِعْري كم أساءَ القوْمُ فَهْمَكْ، لَيْتَ شِعْرِي!

أنت يا بَحْرُ، لِنَفْعي، مثْلُ أَِرْضِِي وهَوائِي
في عُلاَكَ الشّمْسُ دِفْءٌ وضِياءٌ لِسَمَائِي
وظَلامُ اللّيلِ سُكْنَى، بَعْدَ كَدْحي وعَنَائي
لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ يُنْسَى فَضْلُ رَبِّي؟
لَيْتَ شِعْرِي!

قد بَرَاكَ اللهُ مِثْلِي، فِيكَ أَصْدَافٌ ورَمْلُ
وبَرَانِي اللهُ من مَاءٍ وطينٍ، ذَاكَ أَصْلُ
ثم كُرِّمتُ بعَقْلٍ وبنَفْخ الرُّوح أَعْلُو
مَنْ حَبَاهُ اللهُ عَقْلاً كَيْفَ يَنْسَى؟
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّني يا بَحْرُ بَحْرٌ شَاطِئَاهُ شَاطِئَاكَا
الغَدُ المأْمُولُ والأمسُ اللّذان اكْتَنَفَاكَا
أنت تَفْنَىوخُلودُ النّاسِ حقٌّ بَعْدَ ذَاكَا
كَيْفَ نَنْسَى، في غُرُورٍ، دَارَ خُلْدٍِ؟
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ للكَوْن صَلاَةٌ هي تَسْبِيحٌوذِِكْرُ
إنّ للطَّيْرِ نَشيدًا كلُّهُ حَمْدٌوشُكْرُ
سَبَّحَ الخَالِقَ بَحْرٌ ومَجَرَّاتٌوزَهْرُ
لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ يَنْسَى العَبْدُ رَبَّهْ؟‍
لَيْتَ شِعْرِي!

كَمْ مُلُوكٍ ضَرَبُوا حَوْلَكَ في اللّيْل القِبَابَا
طَلَعَ الصُّبْحُ ولَكِنْ لم نَجِدْ إلاّ الضَّبَابَا
ولَهُمْ، يا بَحْرُ، يَوْمٌ فيه يَلْقَوْنَ الحسَابَا
أيُّ مُلْكٍ سَوْفَ يُغْنِي حِينَ ذَاكَا؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

يا كتَابَ الدّهْرِِ قُلْ لي ألَهُ قَبْلٌ وبَعْدُ
أنا كالزّوْرَق فيه وهو بَحْرٌ لا يُحَدُّ
ليس لي قصدٌ، فهل للدّهْرِ في سَيْريَ قَصْدُ؟
هَكَذَا قَالُوا! فَهَلْ أَصْغَوْا لِرَدِّي؟
لَيْتَ شِعْرِي!

كَيْفَ أَدْرِِي دُونَ هَدْيٍٍ كُنْهَ غَيْبٍ أوْ مَدَاهُ؟
وكَثيرٌ مِنْ وُجُودٍٍ، دَبَّ حَوْلِي، لاَ أَرَاهْ
قد يَرَى العُصْفُورُ شيئًا غَابَ عَنْ عَيْني وتَاهْ
لَيْتَ شِعْرِي، دُونَ هَدْيٍ كَيْف أَدْرِي؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ عَقْلي يَسْتَقي الْعِلْمَ من الخَمْسِ الحَواسْ
وعَدَاها سَتَرَاهُ في قُصُورٍ والْتِبَاسْ
كَيْفَ أُفْتِي دُونَ عِلْمٍ عَنْ حَيَاةٍ وانْتِكَاسْ
لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ يَرْضَى الجَهْلَ قَوْمٌ؟
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ في الكَوْنِ جَمالاً وكَمَالاً ووِِفَاقْ
يُورِقُ النَّبْتُ اخْضِرارًاوبه الرِّزقُ يُسَاقْ
منْ شُعاع الشّمْسِ أَثْمارٌ لها أَحْلَى مَذَاقْ
إنّ للشّمْسِ لَدَوْرًا، كَيْفَ يُنْسَى؟
لَيْتَ شِعْرِي!

يُورِقُ النبْتُ اخْضرارًا، وبه الجوُّ يُنَقَّى
في زَفيرِ الإنْسِ سُمُّ في عُرُوقِ النَّبْتِ يَرْقَى
فَيَزُولُ الضُّرُّ عنه، ما يُفيدُ النّاسَ يَبْقَى
إنّ للنَّبْتِ لَدَوْرًا، كَيْفَ يُنْسَى؟
لَيْتَ شِعْرِي!

يُورِقُ النبْتُ اخْضرارًا، وبه الخَيرُ يَزيدْ
بَاسِقَاتُ النَّخْلِ فيها رِزْقُنَا طَلْعٌ نَضيدْ
يَهَبُ النَّبْتُ عُطُورًاورَحيقًا كَمْ يُفيدْ
إنّ للزَّرْعِ لَدَوْرًا، كَيْفَ يُنْسَى؟
لَيْتَ شِعْرِي!

يُورِقُ النبْتُ اخْضرارًا، تَزْدَهي منه المَرَاعِي
هَا هِيَ الأَنْغَامُ تَحْيَا رَاتِعَاتٍ في الْبِقَاعِ
تَجْعَلُ النَّبْتَ حَلبيًاولُحُومًا للجِياعِ
إنّ للأَنْغَامِ لَدَوْرَا، كَيْفَ يُنْسَى؟
لَيْتَ شِعْرِي!

قَمرٌ في ضَوْئه الفِضِّيّ آياتٌ وسِحْرُ
يَجْذِبُ البَحْرَ إليه، إنّه مَدٌّ وجَزْرُ
ومَدَارٌ سَارَ فيه، مِنْ مَحاقٍ تَمَّبَدْرُ
إنّ للبَدْرِ لَشَأْنًا ، كَيْفَ يُنْسَى؟
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ في الكَوْن جَمَالاً وكَمَالاً وتَعَاوُنْ
لَيْسَ في الْكَوْن نُفُورٌ أوْ قُصُورٌ أو تَغَابُنْ
بَينَ هَذَا الْكَوْن والإنْسانِ وُدٌّ وتَضَامُنٌ
إنّ للْكَوْن لَرَبًّا، كَيْفَ يُنْسَى؟
لَيْتَ شِعْرِي!

بَيْنَ بَرٍّ وبِحَارٍ وسَمَاوَاتٍ تَرَابُطْ
بَيْنَ إنْسَانٍ وكَوْنٍ كَمْ رَأيْنَا مِنْ رَوَابِطْ
كَيْفَ قَالُوا:"لَيْسَ قَصْدًا، إنّمَا خَبْطَةُ خَابِطْ"
كَيْفَ قَالُوا: "لَيْسَ للأكْوَانِ خَالِقْ"؟
لَيْتَ شِعْرِي!

أبْصَرَ العَقْلُ دَليلاً في كتَابِ الكَوْنِ يُقْرَأْ
إنّ للكَوْن إلهًا أَوْجَدَ الخَلْقَ وأَنْشَأْ
اهْتَدَى للهِ العَقْلُ، هَكَذَا الحِكْمَةُ تَبْدَأْ
كَيْفَ ضَلُّوا وَالهُدَى بالعَقْلِ يُدْرَكْ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

أبصَرَ العَقْلُ دَليلاً في بَديعِ الكَوْنِ يُتْبَعْ
إنّ للكَوْنِ إلهًا أَتْقَنَ الصُّنْعَ وأَبْدَعْ
بَيْدَ أنّ العَقلَ مَحْدودٌ وعِلْمُ اللهِ أَوْسَعْ
كَيْفَ يَدْري العَقْلُ غَيْبًا دُونَ هَدْيٍ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

أَيْقَنَ العَقْلُ بأنّ اللهَ عَلاَّمُ الغُيُوبِ
كَيْفَ يَبْقَى العَقْلُ فَرْدًا حَائِرًا بَيْنَ الدُّرُوبِ؟
قدْ هَدَاهُ اللهُ وَحْيًا دُونَ لَبْسٍ أو نُضُوبِ
كَيْفَ يَدْرِي العَقْلُ غَيْبًا دُونَ وَحْيٍ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

أرْسَلَ اللهُ رَسُولاً أَبْلَغَ العِلْمَ الغَزيرْ
أيْنَ كُنَّا؟ كَيْفَ جِئْنَا؟ َ وإلى أيْنَ المَصِيرْ؟
وَحْيُ صِدْقٍ مِنْ لَدُنْهُ، دَرْبُ حَقٍّ قَدْ أُنِيرْ
لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ يَنْأَى العَقْلُُ عَنْهُ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

كلُّ مَا في الكَوْنِ مَخْلوقٌ، أَيَا بَحْرُ، لأَجْلي
لِحَيَاة النّاس قَصْدٌ، لَيْسَتِ الدّنيَا لِهَزْلِ
إنّمَا أَحْيَا لِدَوْرٍ، ولَهُ قَوْلي وفِعْلي
هَكَذَا فَالْعَقْلُ يَهْدي، كَيْفَ يَهْذي؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ أَدْرَى النّاس بالأسْرَار مَنْ يَعْرِفُ رَبَّهْ
لَيْسَ عِنْدَ العَقْل أَلْغَازٌ إذَا مَا سَارَ دَرْبَهْ
يَهْتَدي للهِ بَدْءًا فيُنِيرُ الحَقُّ لُبَّهْ
كَيْفَ ذُو عَقْلٍٍ لَبيبٍ ضَلَّ رُشْدَهْ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

لَيْسَ في صدري لُغْزٌ، قَطُّ لَمْ أعي الجَوَابَا
لَيْسَ عِنْدِي أيُّ شَكٍّ، للهُدَى قَلْبي أَنَابَا
في كِتَابِ الله مِنْهاجٌ أَرَى فيه الصَّوَابَا
لَيْتَ شِعْرِي، لِمَ حَادَ القَومُ عَنْهُ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ في صَدْرِيَ يا بَحْرُ لأَنْوَاراً عِجَابَا
أَشْرَقَ الإيمَانُ منها وَأنَا كُنْتُ الرِّحَابَا
وَلِذَا أزدَادُ حُبًّا كُلَّمَا ازْدَدْتُ اقْتِرَابَا
لَيْتَ شِعْرِي! هَلْ أَرَى الأَقْوَامَ مِثْلِي!
لَيْتَ شِعْرِي!

بين المقابر
ولقدْ قُلْتُ لنَفْسي وأنا بَيْنَ الْمَقَابِرْ
هل رَأَيْتِِ الأَمْنَ والرّاحَةَ إلا في الحَفَائِرْ
فأجَابَتْ: "ذَاكَ أََمْنِي ونَعِِيمِي والبَشَائِرْ
فَتَزَوَّدْ وتَهَيَّأْ، هل تُمَارِي؟
لَيْتَ شِعْرِي!

أيّهَا القَبْرُ تَكَلَّمْ، أَخْبِرِينَا يا رِِمَالْ
عِنْدَمَا وَارَيْتِ جِسْمًا واخْتَفَى صَحْبٌ وآلْ
كَيْفَ عَادَتْ فيه رُوحٌ ثمّ أََصْغَى للسُّؤَالْ؟
إنّ في القَبْرِِ امْتِحَانًا كَيْفَ يُنْسَى؟
لَيْتَ شِعْرِي!

ولقدْ سَاءَلْتُ قَبْرًا: أي ضَيْفٍ فيك نَاجِحْ؟
صَاحِبُ الأَمْوَالِ أمْ ذُو الْجَاهِ والسَّطْوَةِ فَالِحْ؟
رَدَّ صَوْتٌ: قُمْ تَبَيَّنْ كَمْ من الأَعْمَالِ صَالِحْ؟
إنّ في القَبْرِِ امْتِحَانًا كَيْفَ تَنْسَى؟
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ في القَبْرِِ نَعِيمًا أوْ عَذَابًا مُسْتَدِيمْ
قدْ هَدَانَا عقلُنَا للهِ ذِي الفَضْلِ العَظيمْ
وأَتَانَا الوَحْيُ يَهْدِي للصِّراطِ المُسْتَقِيمْ
يا صَدِيقِي! كَيْفَ صَدَّ الجَهْلُ عَنْهُ؟
لَيْتَ شِعْرِي!

يا صَدِيقِي مَا تَسَاوَى الكلُّ في هَذِي القُبُورْ
فَفَريقُ عَاشَ دُنْيَاهُ لِرَحْمَنٍ غَفُورْ
وفَريقُ عَاشَ دُنْيَاهُ ُلشَيْطَانٍٍ غَرُورْ
لَيْتَ شِعْرِي! أي عَدْلٍٍ إنْ تَسَاوَوْا؟
لَيْتَ شِعْرِي!

لا تُمَارِي! ما تَسَاوَى الكُلُّ في هَذِي الحَفَائِرْ
فَفَرِيقٌ حَازَ خَيْرًا، والهُدَى نُورُ البَصَائِرْ
وفَريقٌ حَازَ شَرًّا رَغْمَ إرْشادٍ لِحَائِرْ
يا صَدِيقِي! أَىُّ ظُلْمٍ لَوْ تَسَاوَوْا؟
لَيْتَ شِعْرِي!

لا تُمَارِي، مَا تَسَاوَى الكُلُّ في هَذَا المَكَانِ
فَفَريقُ لخُلُودٍ في رِيَاضٍٍ منْ جِنَانِ
وفَريقُ لخُلُودٍٍ في جَحِيمٍٍ ودُخَانِ
إنّ بَعْدَ المَوْت بَعْثٌ كَيْفَ يُنْسَى؟
لَيْتَ شِعْرِي!

لا يَصِيرُ الوَقْتُ في الأَرْمَاسِ مَحْوًا وهَبَاءْ
إنّما الوَقْتُ، لَنَا، عُمْرٌ وذُخْرٌ ذُو نَمَاءْ
وثِِمَارُ العُمْرِ تُجْنَى بَعْدَ مَوْتٍ وفَنَاءْ
يا صَدِيقِي! هل سَتَنْجُو قَبْلَ فَوْتٍ؟
لَيْتَ شِعْرِي!

أيّهَا القَبْرُ تَكَلَّمْ، حَدِّثِينَا يا رِمَامْ
مَا طَوَى أَحْلاَمَكِ الَمْوتُ وإنْ زَالَ الحُطَامْ
صَفْحَةُ الأَعْمَالُ تَبْقَى، سَوْفَ نَلْقَى ما يُرَامْ
ولكلٍّ مَا نَوَاهُ، هل تُمَارِي؟
لَيْتَ شِعْرِي!

يا صَدِيقِي! إنّمَا المَوْتُ عُبُورٌ للأنَامْ
منْ مَسَارٍ لِمَسَارٍ في اتِّسَاقٍ ونِظَامْ
لَيْسَ هَذَا بالتَّلاَشِي، سَوْفَ نَحْيَا منْ رُكَامْ
مِثْلَِ خَلْقٍٍ عِنْدَ بَدْءٍ، هل تُمَارِيي؟
لَيْتَ شِعْرِي!

يا صَدِيقِي! لَيْسَ هَذَا طلسما خَلْفَ السُّتُورِ
سَلْ جَنِينًا هل سَيَبْقَى في ظَلاَمٍ دُونَ نُورِ؟
لمْ يَكُنْ منْ قَبْلُ شَيْئًا، هَكَذَا يَوٍْمُ النُّشُورِ
صُورَةٌ للبَعْثِ تَبْدُو، وتُمَارِي؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

يا صَدِيقِي! لَيْسَت الدُّنْيَا بِدَارٍٍ للإقَامَهْ
سَوْفَ نَمْضِي عَبْرَ قَبْرٍ ثمّ بَعْثٍٍ وقِِيَامَهْ
وهُنَاكَ الخُلْدُ حَقًّا، كَمْ رَأَيْنَا مِنْ عَلاَمَهْ
إنّ في الأَرْحَامِ ذِكْرَى أَىَّ ذِكْرَى؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

ليْسَ في الأَرْحَامِ مَاءٌ أوْ طَعَامٌ أوْ فَضَاءْ
لَيْسَ في الأرْحَام شَمْسٌ أوْ هَوَاءٌ أوْ ضِيَاءْ
لَيْسَ فيها غَيْرُ ذَرٍّ كان في الأَصْلِ هَبَاءْ
تُشْبِهُ الأرْحَامُ قَبْرًا، كَيٍْفَ نَنْسَى؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ في الأرْحَام آياتٍ لِذِي لُبٍّ تَجَلَّتْ
كَيْفَ غَاضَتْ ثمّ زَادَتْ ثمّ أَلْقَتْ وتَخَلَّتْ
منْ حَياةٍ لِحَياةٍ، هَكَذَا الصُّورَةُ تَمَّتْ
صُورَةُ البَعْثِ تَرَاهَا، وتُمَارِى؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

لا تُمَارِي في نُشُورٍ، فَهْمُ ذَيّاكَ يَسِيرْ
قُمْوشَاهِدْ وتَأَمَّلْ فَرْخَ وَرْقَاءَ يَطِيرْ
كان مَيْتًا في غِلاَفٍ قُدَّ مِنْ طِينٍ وَجِيرْ
لَيْتَ شِعْرِي، كَيْفَ دَبَّتْ فيه رُوحٌ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

لا تُمَارِي، قُمْ وشَاهِدْ كَيْفَ يُبْدِي الليلُ فَجْرَا
قُمْ وشَاهِدْ وتَأَمَّلْ كَيْفَ تَسْقِي السُّحْبُ قَفْرَا
قُمْ وشَاهِدْ وتَأَمَّلْ كَيْفَ تُعْطِي الأرضُ زَهْرَا
كَمْ حَياةٍ بَعْدَ مَوْتٍ، كَيْفَ نَنْسَى؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

صراع وعراك
إنّ في نَفْسي وِفَاقًا شَاعَ أَمْنًا وسَلامَا
يُؤْنِسُ النّفسَ مَلاَكٌ شَعَّ حُبًّا ووِئَامَا
كلَّما ناجَيْتُ رَبّي سُرَّ قلبي واسْتَقَامَا
لَيٍْتَ شِعْرِي، كَيْفَ أَنْسَى ذِكْرَ رَبّي؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ في نَفْسي وِفَاقًا شَاعَ أَمْنًا وسَلامَا
أَعْرِفُ الوَحْيَ وأَجْلُو، فيه، عن قلبي رُكَامَا
لَيْسَ عِنْدِي أىُّ شَكٍّ أنّ للكَوْنِ نِظَامَا
إنّ هَذَا الشَّكَّ دَاءٌ، كَمْ يُعَانَى؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ في نَفْسي وِفَاقًا شَاعَ أَمْنًا وسَلامَا
أعْرفُ العَيْشَ حَلاَلاً لَيْسَ يَحْلُو لي حَرَامَا
قدْ حَبَانَا اللهُ نُورًا، ضَلَّ رُشْدًا مَنْ تَعامَي
كَيْفَ يَهْوَى البَعْضُ عَيْشًا في ظَلاَمٍ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

رُبّمَا أَشْهَدُ في نَفْسِي صِراعًا وعِراكَا
يَطْرُقُ البَابَ عليها مَاكِرٌ يُلْقِي شِبَاكَا
في يَدَيْهِ مُغْرِياتٌ طَيَّهَا دَسَّ الهَلاَكَا
لَمْ أُطِعْهُ، كَيْفَ أُصْغي لِغَرُورٍ؟!
لَيْتَ شِعْرِي

بَيْنَما قَلْبِي يَحْكِي في الضُّحَى إحْدَى الخَمَائِلْ
فيه أَزْهارٌ وأَطْيارٌ تُغَنِّي وجَدَاوِلْ
أَقْبَلَ العَصْرُ فأَمْسَى مُوحِشًا كَالقَبْرِ قَاحِلْ
وَسْوسَ الشَّيْطَانُ فيه بالهَوَاجِسْ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

قدْ أُعَانِي منْ هُمُومٍ أوعِدَاءٍ أو عَنَاءْ
بَيْدَ أنِّي حين أَرْنُو صَوْبَ رَبّي بالدُّعاءْ
يَرْحَلُ الهَمُّ بعيدًا ثمّ يَنْهَلُّ الصَّفاءْ
يا إلَـهِِي كَيْفَ نَـغْـفُو عن دُعَائِكْ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

إنّ في نَفْسِي مَلاَكًا شَعَّ نُورًاوسَعادَهْ
دَافِقًا تَيَّارَ خَيْرٍ وصَلاَحٍ وعِبَادَهْ
مُبْعِدًا وَسْواسَ إبْليسَ ومَا أَقْسَى عِنَادَهْ
أيُّ أُنْسٍ، أيُّ بِـشْـرٍ بَعْدَ هَذَا؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

يا صَدِيقِي، لَيْسَ وَهْمًا أَمْرُ جِنٍّ أوْ مَلاَكْ
هلْ رَأَيْتَ الكَهْرِبَا؟ أمْ سِرُّها جَازَ مَدَاكْ
هلْ تَرَى سَيْرَ الهَوَا كَيْمَا يُنَقِّي مِنْ دِمَاكْ
كَيْفَ تَـنْـفِي كلَّ شَيْءٍ لا تَرَاهُ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

لا تُمَارِي في وُجُودٍ لِلَعِينٍ ومَلاَكْ
هَا هُوَ الكَوْنُ فَسِيحٌ ذو نُجُومٍ وسِمَاكْ
فَتَدَبَّرْ يا صَدِيقِي، سَتَرَى خَلْقًا سِوَاكْ
لِمَ لا تُمْعِنُ فِكْرًا في السَّمَاءْ؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

أيُّهَا الحَيْرانُ عُدْ حُرًّا طَليقًا في سُرُورِ
فُكَّ قَيْدًا مِن شُكُوكٍ، مِنْ خُضوعٍ لِلْغَرُورِ
عِشْ سَعيدًا في رِيَاضٍ مِنْ يَقينٍ بالنُّشُورِ
كَمْ دَليلٍ مِِثْلِ ضَوْءِ الشّّمْسِ يَهْدِي!!
لَيْتَ شِعْرِي!

أيُّهَا الحَيْرانُ قُمْ فَجْرًا تَرَى مَوْكِبَ نُورِ
هَاتِفُ الأَعْمَاقِ يَدْعُوكَ لِرَحْمَنٍ شَكُورِ
قُمْ، وطَاوِعْ، عائِدًا للحَقِّ، للهِ الغَفُورِ
قابِلُ الـتَّـوْبِ يُنَادِي! هل تُلَـبِّي؟!
لَيْتَ شِعْرِي!

أنا لا أُغْفِلُ شَيْـئًا من حَيَاتِي المَاضِيَهْ
أنا لا أُنْكِرُ شَيْئـًا من حَيَاتِي الآتِيَهْ
لِـيَ ذاتٌ هِيَ رُوحي وَهْىَ دَوْمـًا بَاقِيَهْ
ومَقَـرِّي بَعْدَ مَـوْتٍ دَارُ خُـلْدٍ * أنَا أَدْري!

=================

بتصرف طفيف