المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : مخاض الفكر الإسلمي



الشيخ عبدالرحمن عيسى
11-17-2009, 09:08 PM
مَخاض
الفكر الإسلامي

بقلم

الشيخ عبد الرحمن العيسى


حلب

1430 هـ ـ 2009 م





بسم الله الرحمن الرحيم
مخاض
الفكر الإسلامي
دراسة نابهة .. محاولة لوضع تصور عن إسلام واعد
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــ
طليعة ومقدمة :
مما لا شك فيه , أن الفكر الإسلامي الأصيل , في حالة مخاض عسير , تمهيد لما هو أسمى وأقوم , وأهدى سبيلا : من المفاهيم الجامعة لكل كمال وخير , والمانعة من كل اختلال وشر , والمبشرةِ بالغيث المغيث , في دنيا الجدْب والقحط , والطحالب الطفيلية القاتلة !.
وإن فحوى الرسالة المحمدية الإسلامية , في عطائها المجدِّد والجديد هو الذي عليه المعـوَّل والمردُّ , وإليه التفـويض والاحتكام , في دنيا الفوضى والظلام والخصام ..
القرآن المجيد , بآياته الناطقة بالحق , والدامغة للباطل , والرسالةُ النبوية , ذاتُ المباديء والسنن , الواضحة وضوح الشمس , هما مصدر الوحي والإلهام , ومنبع الهدى والنور , وعلى ضوئهما تتم برمجة عودة حميدة , لهذه الأمة السعيدة , التي أناط الله بها أصلاً , هدايةَ الأمم , وحملَ مسؤولية الخلاص والإنقاذ , للمستضعفين والمظلومين , وتبصيرَ وتنوير الضائعين والحيارى والبائسين ..
((كنتم خير أمة ..)) . ((ولْتكنْ منكم أمة ..)) .
ولنتذكر الآن : كم مرَّ على هذه الأمة , من ظروف صعبة , وأخطار محدقة , كبا فيها المسلمون , وانسحبوا منكسرين .. ثم دار الزمان دورته , فنهضت الأمة , وانتفضت على أعدائها , انتفاضةَ الأسد الهصور , ورفعت اللواء من جديد , وعادت أفضل مما كانت , واستعادت ما لها من كيان ووجود وتمكين في الأرض , حسب وعد الله تبارك وتعالى , في القرآن المجيد والمبين ..
حينما يستبين الفكر الإسلامي سبيله إلى الله , ويحمل بذور المعاناة والتأمل في ملكوت الله : بحثاً عن الحقيقة والمعنى المجَّـرد , فإن ولاداتٍ فائقةَ التصور والتدبر , سوف تأتي حتماً , وتنبثق قِـيم حضارية مُـثـلى , وقراءة أفضل , ليس للبشر عهد بها من قبل , وتضاء حلْبة المسرح والتاريخ , وتنجلي عن أروع المنجَـزات بإذن الله ..
والله سبحانه وتعالى أجل وأعلم ..

عبد الرحمن

تمهيد ومدخل :
هذه تَـقْـدمة إلى جماهير الأمة الإسلامية , وطليعتها الفكرية , وإلى العرب قوم النبي محمد , صلى الله عليه وآله وسلم , وإلى كل من يهمه الأمر , من أولي الأمر ..
راجياً أن تكون تبصرة واعية وواعدة , وأن تكون فيها بصائر للناس , يبصرون بها الحق الإسلامي الأبلج , الذي طال عليه ليل التحريف والتعتيم , وتم حجبه وتهميشه , باتباع أسلوب الحـيْدة والانتقائية وانعدام المصداقية , وتحمُّل المسؤولية , والاكتفاء بالسطحية , والمسائل الجانبية ..
فيجيء هذا البحث على قدَر وتوقيت مُـقـدَّر , حاملاً بشريات وإرهاصات , وكثيراً من الإجابات على كثير من التساؤلات , مما قد يشكل خطاباً إسلامياً إلى الأمة والعالَم , وإلى كل الذين يبحثون عن هُدى الله , وعن الحقيقة الدينية الضائعة والمضيَّعة , وعن جوهرية وروح الدعوة الإسلامية الواقعية والرائدة , في هذه الظروف والمآلات الصعبة والمعقدة , وفي هذا الغزو الثقافي والهجمة الشرسة , وفي هذه الآونات المتأخرة جداً من التاريخ والزمان , في حياة هذه الأمة , وواقعها الراهن والـمُدان .. والمتدهور خارج نطاق التحكم والسيطرة والإمكان ..
كتابات ومستوى :
إن كتاباتي تنحو في اتجاه خلاص الأمة والعالَم , وتقديم مستلزمات ذلك , من المفاهيم الواقعية والمنطقية , والقدرة الحقيقية على إمكانية إيجاد صيغة ومسوِّغات فكرية : إسلامية قرآنية , تنهض بكبوة الأمة , التي طال عليها الأمد , وقست منها القلوب , وتحجرت الضمائر والفِكَر , وعصفت رياح اليأس والاستيئاس بالعقول وبالنفوس , وظن الجميع أنْ لامخرجَ ولا مناص , وأن لا سبيل إلى العودة والخلاص !..
على حد قول اليهود والمنافقين : ((يا أهـلَ يثربَ لا مُقام لكم فارجعوا..)).
والآن : يا عرب ويا مسلمون ، لا مقعد لكم ، فارجعوا عن دينكم وهويتكم ، فقد يرضى عنكم عدوكم ، ويمنحكم بعض مافي يمناه من دنياه..
ولعل المتابعين لكتاباتي ، يلاحظون أنني أصر على قراءة العالَم ، وواقع هذه الأمة ، وكشف النقاب عن الأسرار المخبوءة ، ووضع النقاط على الحروف المهملة ، فتشخيص واقع المرض والداء ، قبل وصف العلاج والدواء حتماًَ ..
ومن لم يعرف مواصفات الحياة الجاهلية ، لا يمكن أن يعرف قيمة الإسلام ، والهداية الربانية النبوية ، حسب رأي عمر رضي الله عنه ..
فاعذروني إذا أسهبت في هذا الاتجاه ، واعلموا أن تقديم المواعظ الجاهزة ، والمثاليات المجردة ، بعيداً عن النهي عن المنكر المستطير والمستفحل ، أمر سهل ويسير ، ولا يكلف صاحبه أية مسؤولية ، ولا جدوى منه أصلاً ..
فاعلية النهي عن المنكر :
إن تبسيط أمر المنكر ، وتفنيد مفرداته ومفرزاته - وهو ما عليه واقع العالم اليوم - مسؤولية أولية جوهرية ضخمة ، في سبيل زحزحة هذا المنكر ، وتعريته وتعرية أوليائه وطلابه ، وإتاحةِ المناخ الصالح ، لاستعادة زمام المبادرة ، وتمهيد الطريق أمام تقدم الإسلام الحق ، والدين الخالص .. (( ألا لله الدين الخالص ))
وبذلك يمكن تبين ضحالة وضآلة ما يطرح : مكرراً ومعاداً من المواعظ المرسَلة ، التي فقدت جاهزيتها وأهليتها ، ولم تعد قادرة على مواجهة طوفان الإباحية والموبقات المدمر ، وهي ليست لزماننا هذا تحديداً ..
وحينما يصبح أمر الدين والتدين ، والدعوة إليه : روتيناً و عادةً وطبعاً عند أهله ، وكِهانة وتنطعاً وهرطقةً ، فإن التأخر والتدني والانحطاط ، والضياع الظاهر ، عند الأكثرية الساحقة ، هو الملمح الأساس ، والمعْـلم البارز ، والنتيجة الحتمية المذهلة ..
إن المنكر الذي يمارسه الظالمون ، وأعداء الإسلام وهذه الأمة ، في هذه الآونات والمآلات ، ويتخذون منه أسلوباً ومشروعاً ، هو الذي يجب أن يشن عليه الهجوم الصاعق ، من قبل الدعاة والأئمة ، دونما هوادة ، ودون أن تكون هناك خشية من لومة لائم ..
إن الخطاب بالإسلام الحق ، هو لمراكز القوة والتجبر ، وليس للضعفاء والفقراء ، والذين لا يملكون من أمرهم شيئاً ، من المسحوقين والمحرومين ، فهؤلاء لهم خطاب المواساة والصبر وتقوية الأمل ..
ويؤسفني أن أقول : إن العمل الديني قولاً وفعلاً ، غدا ابتزازاً وتسولاً، ومراعاة لخواطر الأقوياء والأغنياء ، وخنوعاً واستخذاءً أمام الظالمين والآثمين ، وتهرباً من المسؤولية الحقيقية ، التي قد تكلف صاحبها اختباراً !.
إضاءات واستنباطات :
وأعود إلى جوهر البحث ، وهو أن كتاباتي : بعضُ مخاض الفكر الإسلامي ، الكادح كدحاً ، والموري قدحاً ، وما هي إلا إضاءات في أزمنة الظلمات ، واستنباطات هادفة ومصرِّحة ، في ظروف الفتنة العاصفة والمزلزلة ، وفي خِضم ثقافة الانبطاح والإرهاب والهزيمة ، والرضى من الغنيمة بالإياب ، ومن الحقيقة بالوهم والسراب ، والأخذ بإعلام المسيح الدجال والكذاب ! الذي زحفت جنوده كالجراد ، تدمر الحضارة والآدمية ، والكرامة الإنسانية ، وتريد أن تحبط مستقبل الإسلام ، ليبقى العرب والأمة بلا مستقبل وبلا آمال، ويكون المستقبل كله لمسيح اليهود : مسيح الضلال.
إن أمة الإسلام من عرب وعجم ، في وضع مأساوي لا تُحسد عليه ، وهي تُجر إليه جراً ، لتبقى متجزئة ومتفرقة ، وموغلة في دروب الإباحية السياسية والأخلاقية ، والحياة المادية المنحرفة ، والآمال السرابية الفارغة، والإعلام الناعق كالغراب بالخراب ، والمروِّج لسوء المنقلب والتباب ..
وهذا التوصيف ، ضروري جداً ، لنعلم مَنْ نحن ، وإلى أين وصلنا ، وإلا نكون كالنعامة الحمقاء ، التي تدفن رأسها في الرمال ، وهي تظن أنها لا يراها الصياد ، وأنها تُحسن صنعاً بذلك !
ويقول سبحانه : (( قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا . الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً )) .
حديث ذو شجون :
إن الحديث عن الإسلام : عودته وإغاثته ، وعن الأمة : واقعها وحالها ، حديث ذو شجون .. فـمَن الذي يمتلك الآن ، مؤهلات ذلك ، ويعلم أي إسلام يراد له أن يكون العِـوض والبديل ، والدواء الناجع لأدواء هذا العصر ، التي ما مر لها مثيل من قبل ، ولا قريب منها !.
وهل يستطيع أحد أن يحصي عدد ما هو مطروح ومتداول ، من تصورات ومرجعيات : متناقضة ومتدابرة ، وكل واحدة منها تدعي الإسلام ، وتقول به ، وتكـفّـر ما سواها ، ولا تتنازل قيد أنملة عن موروثها التاريخي : المفعم بالأحقاد ، وبكل أعتقاد ؟!.
وهل يستطيع أحد أيضاً ، أنْ ينكر أن الفرق الإسلامية ، أكثر من أن تحصر عداً ، فضلاً عن أن تتوحد وتتفق ، وتجتمع على كلمة إلهية سواء، ليس فيها متنابذ ولا منبوذ ؟!
يا سادة ! حددوا لنا أي إسلام تريدون ، فإننا رغم الشهادتين ، وبُني الإسلام على خمس ، لا توجد أمة في الأرض ، هي أكثر تفرقاً من هذه الأمة ، وكل يريد إسلام على هواه ، وهوى عِـداه ، ويغني على ليلاه ..
وكل يدّعي وصلاً بليلى وليلى لا تُـقـر لهم بذاكا
وكل يدعي أنه الفرقة الناجية ، وأنه الأحق وأنه على حق ، وأنه على القرآن والسنة ، وقد ضاع القرآن وضاعة السنة ، في حياة هذه الأمة , فـمَن الذي يتحمل مسؤولية ذلك ؟ لا أحد يعلم ذلك ويتحمله طبعاً ! وبداية القصة قديمة ، وحسبنا الله ..
الإسلام والمشكاة :
ولكن ! وبعد ذلك كله ، فهل من سبيل إلى تصور إسلامي ، يمتلك القدرة على إغاثة الأمة ، وليس بمقدور كائن أن يخرج عليه ، وينأى عنه، ومن يفعل ذلك ، يكون خارجاً عن الملة ، دون أدنى شك ، لأنه حينئذ ليس بعد ذلك إيمان ، وبعد أن تناهت كل الـفِـرق والعصبيات ..
وبكل بساطة وثقة أقول : بالطبع ليس هو إسلامَ التخالف والتخلف ، والانقسام الطائفي والقومي ، وليس هو إسلام الفتاوى المتناحرة والمتحاربة ، والتنظير الأناني والغوغائي ، والتفسير الموجَّه والملـوَّن ..
وإنما هو الإسلام الحق الذي لا شِية فيه ، ولا إطاراتٍ بشريةً تحتويه، ولا مرجعيات دينية وسياسية ، تشده وتتجاذبه ، وتدعي الوصاية عليه ، وأنها الممثلة له والناطقة باسمه ، والتي يخطّئ بعضها بعضاً ، وقد يكـفِّـره على أسوأ تقدير ..
فالإسلام الحق ، كما هو عند الله ، هو إسلام محمد بن عبدالله ، عليه صلى الله ، الذي عاش عليه ، وقضى حياته الشريفة يدعو إليه ، ويبشر به، ويبينه للناس وللأجيال تبييناً : خُلقاً وسيرة وسنة ، وعبادة ومعاملة ، وعقيدة وشريعة ودولة ، وحكومة عادلة رشيدة ، وحضارة ربانية إنسانية: حانية وهادية .. إنه هو دين المتقين المهديين الصادقين .
إنه الإسلام المتفوق والمتألق ، والبارئ والبرئ من كل تنطع وتشدد وتطرف ، وتفرق واختلاف كبير وخطير .. وتعسف في الواجبات والحقوق ..
إنه الإسلام المتجاوز سلبياتِ القرون ، وأحداثَ الزمان ، ووقائع الفتن ، بعيداً عن ضوضاء التاريخ ، وأٍسباب الانكسار والهزيمة ، والارتطام والدسائس ، والبأس المتبادل ، وإشهار المسلم سيفَه تُجاه أخيه المسلم .. (( وإذا التقى المسلمان بسيفيهما .. )) .
فهذا الإسلام العظيم ، الذي ليس مسؤولاً عن تفرق أتباعه وضلالهم ، والذي جرى تغييبه وتهميشه وتعليقه ومجافاته ، هو الذي يتقدم إلى هذا العالم ، وإلى هذه الأمة بالذات ، من ثنايا قيمه المؤصَّلة ، ورسالة نبيه الخالدة والخاتمة ، وإنجازاته الصالحة ، وإغاثته الرائدة ، وروحه الحضارية الرائعة ، وواقعيته المتفردة ، وتقييمه للمآلات الراهنة ..
ولا ننسى أن نشير إلى أن الإسلام الذي يعود ، ويقوم بدوره الواعد والمنشود , هو الإسلام الحر والمتحرر من سلطة المنافقين ، والانتهازيين والوصوليين ، وأشباه الكهان ورجال الدين ، من المرائين والمداهنين ، والأخذين بمبدإ الانتقائية المزاجية الممقوتة ، والمعـولين على الأحاديث الضعيفة والموضوعة ، والأخبار والأقاصيص المكذوبة والملفقة ، وأسلوب الوعظ الرخيص ، والتصوف المزعـوم ..
إنني ــ بفضل الله وعنايته ورحمته ــ أقوم برصد مركَّز ومتوازن وواقعي ، لملامح إسلام يفوق الوصف ، ويأبى الحيف والحرف ، وهو ما أشرت إليه آنفاً ، والحمدلله رب العالمين ..
قبس من نور الله :
وبعد : فإن في قوله تبارك وتعالى : (( الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح .. )) . دليلاً وبرهاناً على أن نقتبس من مِشكاة نور الله ، ما يجعلنا نستبصر في هذه الحياة ، ونفقه حقيقة ديننا الحنيف , ونسير في درب الهداة والمهتدين ..
وفي ذلك كل البشريات والإرهاصات ، عن صحوة إيمانية ووعي جديد ، وقيم طريفة من الإبداع والحداثة والتجديد ، بعيداً عن الجمود والتقليد والتشديد ، ومبدأ الإكراه والقصر في الدين ، خلافاً لقول الله تبارك وتعالى : (( لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغيِّ .. )) .
لعل فيما كتبت من كتابات ، يكون نبراساً يضيء لنا طريق الأوبة والتوبة ، ويهدي للتي هي أقوم .. تصوراً وسلوكاً ، وفهماً ووعياً ، ومقاربة فكرية إسلامية جادة ومتوازنة ، في هذا الزمن الذي اختلت فيه القيم والمعايير ، وكان الجور والظلم الكبير ..
ولعلنا بذلك ، نستبين حالة الرشد القرآني ، الطافح باليسر وباليسرى, وبالأقرب والأدني من منهج الله ورسوله ، وشرعة الإسلام العظيم , وندرك بعد ذلك ، مدى الغي والغواية والضياع ، الذي تَخبط فيه البشرية والأمة خبط عشواء ، في ليلة ظلماء ، وفيه تمعن القوى العظمى : كفراً وضلالاً وإثماً وظلماً ، وتنتصر بكل ما أوتيت من قوة وجبروت وسلطان، لتكريس المظالم المروِّعة ، والإرهاب المرعب والرهيب ، وسفك الدماء والدموع والمصائب ، وتحيل البشر في الأرض ، إلى دمار ومسالخ ومجاعات وأزمات ، دونما وازع من إنسانية ورحمة ، وبمنتهى الحقد والنذالة ، والجبن والقسوة ، والدم البارد !.
وبذلك فقد انهارت وتهاوت دعاوى الحرية والديمقراطية ، ومزاعم التحضر والتمدين والإنسانية ، وآلت الأمور على ظهر هذا الكوكب ، إلى فراغ مميت ، وظلمات ومظالم بعضها فوق بعض ، وعدمية محضة ، وجاهلية حديثة ، عديمة النظير والشبيه في الجاهليات الأولى !.
مفترق وبينية :
وبذلك يُخلى الطريق للإسلام ، الذي لا يكون له دور ، أو قد يضعف هذا الدور ، حينما تكون دولة الباطل والسوء والإجرام ، على أشُدها ، ومستحفلاً أمرها وخطرها ، وتكون عبادة الطاغوت ، فرضاً مهيمناً على الجميع بقوة الحديد والنار والاستكبار ، فلا يملكون إزاءه تمرداً ولا تحويلاً، حتى تستوي الأمور وتتناهى أزمنة البلاء الأعظم وتسقط الشعارات المزيفة والموهومة ، ويسحب البساط من تحت أرجل الظالمين، ويطردون من دائرة الإملاء والإمهال ..
فإذا ما كان ذلك كذلك ، يجيء دور الإسلام العظيم ، كما يجيء دور الفجر والشمس ، بعد الظلام الدامس , والليل الطويل المتثاقل والثقيل ..
فبزوغ الفجر ، وسطوع الشمس ، إنما يكون ذلك رغم كل الذين يأبـوْن ويرفضون ، ويريدون أن تستمر الحياة على عـواهنها ..
ولعلنا ــ نحن أجبالَ هذا العصر ــ نقف على المفترق ، ونراوح في برزخ بين الظلمات والنور ، وبين ما هو مقبل ومدبر ، وبين ما هو تيه وهداية ، وبين ما هو قائم وحصيد ..
والله سبحانه وتعالى أجل وأعلم