المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بسط المُسُوح لمعرفة الناسخ والمنسوخ



ماكـولا
11-22-2009, 09:12 AM
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين اما بعد

النسخ في كتاب الله هو عبارة عن إلغاء حكم شرعي سابق كان في بداية الامر ثم أصبح ملغياً لا يعمل به وهو اما ان ينسخ الحكم والتلاوة او التلاوة دون الحكم او الحكم مع ابقاء التلاوة
فأنت ترى ان النسخ يدخل فقط في الأحكام الشرعية ولا دخل له في الاخبار الغيبية لأنه لو دخله لصار كذبا كقولك للشخص انا أملك بيتا فيه كذا وكذا ثم تقول ليس عندي شيء مما قلت فهذا هو الكذب
والله جل جلاله نزه كلامه وكتابه عن ذلك سبحانه فلا يقال بأنه يوجد ملائكة وجنة ونار ثم يقال ليس يوجد شيء من ذلك
اما الاحكام الشرعية فهي بعض التكاليف كانت في بداية الامر فمن ثم نسخت اما رحمة بالخلق و اما عقوبة كقول الله " فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا " النساء(160)

فحرم الله عليهم طيبات كثيرة بعد اذ كانت حلالا لهم بسبب الظلم والفسق الذي تلبسوا فيه , ويجدر التنبيه الى ان النسخ لا يغير من أصل المنسوخ لا فلا ينقلب محرما في ذاته
إذ هي محرمة عليهم وهي حلال طيبة عقوبة لهم
وكذا قوله تعالى " وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ" الانعام (146)

فبسبب بغيهم حرم الله عليهم هذه الطبيات

اما النسخ الذي يكون في نفسه خبيثا ولكن يتأخر الحكم في إلغائه تدرجا في الدعوة وحكمة من الله في ادخال اصل الايمان الى القلوب من أقربها الخمر
وهو رجس في نفسه ولكن لمّا كان شدة تعلقهم به رحمهم الله وتدرج الله في تحريمها فقال " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا.." البقرة 219


قال السعدي 98" أمر الله تعالى نبيه، أن يبين لهم منافعهما ومضارهما، ليكون ذلك مقدمة لتحريمهما، وتحتيم تركهما.
فأخبر أن إثمهما ومضارهما، وما يصدر منهما من ذهاب العقل والمال، والصد عن ذكر الله، وعن الصلاة، والعداوة، والبغضاء - أكبر مما يظنونه من نفعهما، من كسب المال بالتجارة بالخمر، وتحصيله بالقمار والطرب للنفوس، عند تعاطيهما، وكان هذا البيان زاجرا للنفوس عنهما، لأن العاقل يرجح ما ترجحت مصلحته، ويجتنب ما ترجحت مضرته، ولكن لما كانوا قد ألفوهما، وصعب التحتيم بتركهما أول وهلة، قدم هذه الآية.."


ثم أنزل بعد ذلك النهي عن شربها قبيل الصلوات لأجل ان يعرفوا ما يقولون في صلاتهم ويعون ما يتلى عليهم فاذا صلحت القلوب صلحت الابدان واذا صحت صلاة الرجل كانت زاجرة له عن الفحشاء والمنكر
ققال " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ" 43 النساء
ثم جاء الحكم النهائي فيها تحريمها مطلقا

قال الله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ (91)" المائدة

فأشار جل في علاه الى انها من عمل الشيطان أي انها محرمة في ذاتها واشار الى اجتنابها وهو ابلغ في النهي بمعنى ان لا يقربها حتى ولا اهلها الذي يزاولونها وكذا وعلق على ترك ذلك الفلاح وهو الدنيوي والاخروي

ففي الحديث قال صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يدار عليها الخمر" النسائي

عن أنس بن مالك قال : لعن رسول الله صلى الله عليه و سلم في الخمر عشرة عاصرها ومتعصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وساقيها وبائعها وآكل ثمنها والمشتري لها والمشتراة له" الترمذي
فهذا الاجتناب

ثم ذكر الله جل جلاله ان الخمر من مداخل الشيطان بين الناس بإيقاع العداوة والمشاحنات وتحكم الشيطان فيمن فقد عقله فيسوقه الى الدواهي ففي الصحيح قال صلى الله عليه وسلم لما نهى وفد عبد قيس عن الخمر "حتى إن أحدكم ليضرب ابن عمه بالسيف قال وفي القوم رجل أصابته جراحة كذلك قال وكنت أخبأها حياء من رسول الله صلى الله عليه و سلم"


اما النسخ الذي فيه رحمة وان كان في نفسه خبيثا ولكنه ثقيلا على النفس


فقوله تعالى" للَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ" البقرة (284)

ففي هذه الاية يخبر الله انه يحاسب الانسان على ما يظهر وما يخفي في نفسه ولله الامر من قبل ومن بعد


وقد روى الامام احمد في المسند 9344 عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

فَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ

فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ كُلِّفْنَا مِنْ الْأَعْمَالِ مَا نُطِيقُ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ وَالْجِهَادَ وَالصَّدَقَةَ وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا

فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا
بَلْ قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ فَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ فَلَمَّا أَقَرَّ بِهَا الْقَوْمُ وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي إِثْرِهَا { آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ } قَالَ عَفَّانُ قَرَأَهَا سَلَّامٌ أَبُو الْمُنْذِرِ يُفَرِّقُ { وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ } فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا"
قال شعيب الارناؤوط اسناده حسن

فبحسن استجابتهم لربهم خفف عنهم ونسخ حكمه

وقال " لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ"(286)

قال ابن كثير " أي: لا تكلّفنا من الأعمال الشاقة وإن أطقناها، كما شرعته للأمم الماضية قبلنا من الأغلال والآصار التي كانت عليهم، التي بعثتَ نبيَك محمدًا صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة بوضعه في شرعه الذي أرسلته به، من الدين الحنيف السهل السمح.

وقد ثبت في صحيح مسلم، عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: نعم".
وعن ابن عباس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله: قد فعلت". وجاء الحديث من طرق، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "بعثت بالحَنيفيَّة السمحة" .
وقوله: { رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ } أي: من التكليف والمصائب والبلاء، لا تبتلينا بما لا قبل لنا به."

فعلم ان حديث النفس قد نسخ وانه من الامر الذي لا يطاق وشرط التكليف الوسع والقدرة

فعن أبيه عن أبي هريرة قال جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم فسألوه
: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال وقد وجدتموه ؟ قالوا نعم قال ذاك صريح الإيمان"
فالوسوسة علامة محض الإيمان ووجوده في القلب

وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها مالم تعمل به أو تكلم به ) ابن ماجه وصححه الالباني

فرحمة الله واسعة

وعن أبى هريرة قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- « قال الله عز وجل إذا هم عبدى بسيئة فلا تكتبوها عليه فإن عملها فاكتبوها سيئة وإذا هم بحسنة فلم يعملها فاكتبوها حسنة فإن عملها فاكتبوها عشرا ». مسلم 349



الحكمة من النسخ في القرآن :

1. مراعاة مصالح الناس
2. تدرج التشريع و وصوله إلى مرحلة الكمال
3. ابتلاء المكلف و اختباره
4. إرادة الخير لأبناء المجتمع (بواسطة موقع صوت الاسلام)

وقال د عبد الغفار سليمان في مقدمة الناسخ والمنسوخ لابن حزم"الحكمة منه أن البشر بطبائعهم وخاصة كلما تقارب الزمان ودنت الساعة ضعفاء لهم طاقة محدودة وأن الله تعلى أراد أن يرحم أمة نبيه محمد عليه الصلاة والسلام فأنزل شريعة خالدة متكيفة مع طاقات البشر على اختلاف قدراتهم فشرع سبحانه ثم ابتلى وخصص أو قيد أو نسخ جزئيا أو كليا حتى تبقى لنا شريعة محكمة تامة قال تعالى (اليوم اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الأسلام دينا) المائدة 5"


يقول الشوكاني في ارشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول
2-53-54"
فإن قلت: ما الحكمة في النسخ؟
قلت: قال الفخر الرازي في "المطالب العالية": إن الشرائع قسمان: منها ما يعرف نفعها بالعقل في المعاش والمعاد.
ومنها: سمعية لا يعرف الانتفاع بها إلا من السمع.

فالأول: يمتنع طروء النسخ عليه، كمعرفة الله، وطاعته أبدا. ومجامع هذه الشرائع العقلية أمران: التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله، قال الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا }.

والثاني:

ما يمكن طريان النسخ والتبديل عليه، وهو أمور تحصل في كيفية إقامة الطاعات الفعلية، والعبادات الحقيقية.

وفائدة نسخها: أن الأعمال البدنية إذا تواطئوا عليها خلفا عن سلف، صارت كالعادة عند الخلق، وظنوا أن أعيانها مطلوبة لذاتها، ومنعهم ذلك عن الوصول إلى المقصود، وعن معرفة الله وتمجيده، فإذا غير ذلك الطريق إلى نوع من الأنواع وتبين أن المقصود من هذه "الأعمال رعاية أحوال القلب والأرواح في المعرفة والمحبة، انقطعت الأوهام من الاشتغال بتلك "الصور و الظواهر إلى علَّام السرائر.

وقيل: الحكمة أن هذا الخلق طبع على الملالة من الشيء فوضع في كل عصر شريعة جديدة لينشطوا في أدائها.

وقيل: بيان شرف نبينا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فإنه نسخ بشريعته شرائعهم، وشريعته لا ناسخ لها.

وقيل: الحكمة حفظ مصالح العباد، فإذا كانت المصلحة لهم في تبديل حكم بحكم، وشريعة بشريعة، كان التبديل لمراعاة هذه المصلحة.

وقيل: الحكمة بشارة المؤمنين برفع الخدمة عنهم، ورفع مؤنتها عنهم في الدنيا مؤذن برفعها في الجنة.

وذكر الشافعي في "الرسالة" أن فائدة النسخ رحمة الله بعباده، والتخفيف عنهم.
وأورد عليه أنه قد يكون بأثقل.

ويجاب عنه: بأن الرحمة قد تكون بالأثقل أكثر من الأخف، لما يستلزمه من تكثير الثواب، والله لا يضيع عمل عامل، فتكثير الثواب في الأثقل يصيره خفيفا على العامل، يسيرا عليه، لما يتصوره من جزالة الجزاء."ا.ه



لماذا كان هذا في العهد الاول

وذلك لأنه اذا صلح السلف صلح الخلف ولهذا ذكر الله تعالى انهم قالوا لمريم " يا أخت هارون ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا" مريم 28
قال ابن كثير " أي يا شبيهة هارون في العبادة { ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغيا } أي أنت من بيت طيب طاهر معروف بالصلاح والعبادة والزهادة فكيف صدر هذا منك ؟"

والفرع يرد الى الأصل فاذا صلح الاباء صلح الابناء


قال الكرمي في الناسخ والمنسوخ 43"

فائدة في جواز نسخ الأخف بالأثقل والأثقل بالأخف يجوز أن ينسخ الأخف بالأثقل والأثقل بالأخف فالأثقل بمضاعفة الأجر ورفع الدرجات بالصبر وامتثال الأمر
والأخف للرأفة والرحمة مع جزيل الأجر تعالى الله الكريم الجواد فالنسخ حينئذ تحول العباد من حلال إلى حرام أو حرام إلى حلال ومن مباح إلى محظور ومن محظور إلى مباح ومن خفيف إلى ثقيل ومن ثقيل إلى خفيف كل ذلك لما يعلم الله تعالى من المصلحة لعباده"


ونقل محمد حسين الجيزاني في معالم أصول الفقه عند أهل السنة والجماعة1-247" أن الناسخ خير من المنسوخ كما قال تعالى: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } [البقرة: 106].
فالناسخ خير سواء كان هو الأخف أو الأثقل أو كان مساويًا للمنسوخ.
وأن أوامر الله ونواهيه مشتملة على الحكم والمصالح، فإذا انتهت الحكمة والمصلحة من الخطاب الأول وصارت في غيره، أمر جل وعلا بترك الأول الذي زالت حكمته، والأخذ بالخطاب الجديد المشتمل على الحكمة الآن.
فالمنسوخ - وقت العمل به - كانت فيه المصلحة والحكمة، والناسخُ هو المشتمل على الحكمة والمصلحة بعد النسخ"


الحث على تعلم هذا العلم والعناية به..

وقد روي عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: أنه دخل يوما مسجد الجامع بالكوفة، فرأى فيه رجلا يعرف بعبد الرحمن بن داب، وكان صاحبا لأبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - وقد تحلق عليه الناس يسألونه، وهو يخلط الأمر بالنهي، والإباحة بالحظر، فقال له علي رضي الله: أتعرف الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا، قال: هلكت وأهلكت، أبو من أنت؟ فقال: أبو يحيى، فقال له علي رضي الله عنه: أنت أبو اعرفوني. وأخذ أذنه ففتلها، فقال: لا تقصن في مسجدنا بعد.
وروي في معنى هذا الحديث عن عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس - رض الله عنهم - أنهما قالا لرجل آخر مثل قول أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه، أو قريبا منه.
وقال حذيفة بن اليمان: لا يقصن على الناس إلا ثلاثة: أمير، أو: مأمور، ورجل عرف الناسخ والمنسوخ. والرابع: متكلف أحمق.
وقال أبو القاسم رحمه الله: وهذا هو الصحيح، لأنه يخلط الأمر بالنهي، والإباحة بالحظر."

ماكـولا
11-22-2009, 09:15 AM
النسخ في اللغة


قال ابن فارس في مقاييس اللغة 5-340" (نسخ) النون والسين والخاء أصلٌ واحد، إلاّ أنّه مختلفٌ في قياسِه. قال قوم: قياسُه رفْعُ شيءٍ وإثباتُ غيرِهِ مكانَه. وقال آخرون: قياسُه تحويلُ شيءٍ إلى شيءٍ. قالوا: النَّسْخ: نَسْخ الكِتاب. والنَّسْخ: أمرٌ كان يُعمَل به من قبلُ ثم يُنسَخ بحادثٍ غيرهِ، كالآية ينزل فيها أمرٌ ثم تُنسَخ بآيةٍ أخرى. وكلُّ شيءٍ خلَفَ شيئاً فقد انتَسخَه. وانتسخت الشَّمسُ الظِّلّ، والشّيبُ الشبابَ. وتناسُخُ الورَثةِ: أن يموتَ ورثةٌ بعد ورثةٍ وأصلُ الإرث قائم لم يُقَسَّم. ومنه تناسُخُ الأزمنة والقُرون. قال السجستانيّ النَّسْخ: أن تحوّل ما في الخليَّة من العَسَل والنَّحْل في أُخرى. قال: ومنه نَسْخُ الكتاب.

قال البغوي 1-133-134 " والنسخ في اللغة شيئان أحدهما: بمعنى التحويل والنقل ومنه نسخ الكتاب وهو أن يحول من كتاب إلى كتاب فعلى هذا الوجه كل القرآن منسوخ لأنه نسخ من اللوح المحفوظ.
والثاني: يكون بمعنى الرفع يقال: نسخت الشمس الظل أي ذهبت به وأبطلته. فعلى هذا يكون بعض القرآن ناسخا وبعضه منسوخا وهو المراد من الآية"


قال الأصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن 2-423" النسخ: إزالة شيء يتعقبه، كنسخ الشمس الظل، والظل الشمس، والشيب الشباب. فتارة يفهم الإزالة، وتارة يفهم منه الإثبات، وتارة يفهم منه الأمران. ونسخ الكتاب: إزالة الحكم بحكم يتعقبه. قال تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها} [البقرة/106] قيل: معناه ما نزيل العمل بها، أو نحذفها عن قلوب العباد، وقيل: معناه: ما نوجده وننزله. من قولهم: نسخت الكتاب، وما ننسأه. أي: نؤخره فلم ننزله، {فينسخ الله ما يلقي الشيطان} [الحج/52].

وننسخ الكتاب: نقل صورته المجردة إلى كتاب آخر، وذلك لا يقتضي إزالة الصورة الأولى بل يقتضي إثبات مثلها في مادة أخرى، كاتخاذ نقش الخاتم في شموع كثيرة، والاستنساخ: التقدم بنسخ الشيء، والترشح للنسخ. وقد يعبر بالنسخ عن الاستنساخ. قال تعالى: {إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون} [الجاثية/29]. والمناسخة في الميراث: هو أن يموت ورثة بعد ورثة والميراث قائم لم يقسم، وتناسخ الأزمنة والقرون: مضي قوم بعد قوم يخلفهم. والقائلون بالتناسخ قوم ينكرون البعث على ما أثبتته الشريعة، ويزعمون أن الأرواح تنتقل إلى الأجسام على التأبيد

(قال عبد القاهر البغدادي: القائلون بالتناسخ أصناف: صنف من الفلاسفة وصنف من السمنية، وهذان الصنفان كانا قبل الإسلام. وصنفان آخران ظهرا في دولة الإسلام: أحدهما: من جملة القدرية، والآخر من جملة الرافضة الغالية.
وأول من قال بهذه الضلالة السبئية من الرافضة؛ لدعواهم أن عليا صار إلها حين حل روح الإله فيه. راجع تفصيل ذلك في الفرق بين الفرق ص 270 - 276)."



قال ابن حزم" إعلم أن النسخ له اشتقاق عند أرباب اللسان وحد عند أصحاب المعاني وشرائط عند العالمين بالأحكام، أما أصله فالنسخ في اللغة عبارة عن إبطال شئ وإقامة آخر مقامه وقال أبو حاتم الأصل في النسخ هو أن يحول العسل في خلية والنحل في أخرى، ومنه نسخ الكتاب وفي الحديث ما من نبوة إلا وتنسخها فترة ثم إن النسخ في اللغة موضوع بإزاء معنين أحدهما الزوال على جهة الانعدام، والثاني على جهة الانتقال أما الناسخ بمعنى الإزالة فهو أيضا على نسخ إلى بدل نحو قولهم نسخ الشيب الشباب، ونسخت الشمس الظل أي أذهبته وحلت محله، ونسخ إلى غير بدل، ورفع الحكم وإطاله من غير أن يقيم له بدلا يقال نسخت الريح الديار أي أبطلتها وازالتها

وأما النسخ بمعنى النقل فهو من قولك نسخت الكتاب ما فيه وليس المراد به اعدام ما فيه ومنه قوله تعلى (إنا كنا نستنسخ ما كنتم تعملون) يريد نقله إلى الصحف أو من الصحف إلى غيرها غير أن المعروف من النسخ في القرآن هو إبطال الحكم مع إثبات الخط وكذلك هو في السنة أو في الكتاب أن تكون الآية الناسخة والمنسوخة ثابتتين في التلاوة إلا أن المنسوخة لا يعمل بها مثل عدة المتوفى عنها زوجها كانت سنة لقوله (يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا)

وأما حده فمنهم من قال أنه بيان انتهاء مدة العبادة وقيل انقضاء العبادة التي ظاهرها الدوام وقال بعضهم أنه رفع الحكم بعد ثبوته"

ماكـولا
11-22-2009, 09:26 AM
وقفات مع الأمين الشنقيطي رحمه الله

يقول الله "وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ " النحل(101)


قال الشنقيطي في أضواء البيان 2-445-453" ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه إذا بدل آية مكان آية، بأن نسخ آية أو أنساها، وأتى بخير منها أو مثلها ـ أن الكفار يجعلون ذلك سبباً للطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بادعاء أنه كاذب على الله، مفتر عليه. زعماً منهم أن نسخ الآية بالآية يلزمه البداء، وهو الرأي المجدد، وأن ذلك مستحيل على الله، فيفهم عندهم من ذلك أن النَّبي صلى الله عليه وسلم مفتر على الله، زاعمين أنه لو كان من الله لأقره وأثبته، ولم يطرأ له فيه رأي متجدد حتى ينسخه.
والدليل على أن قوله: {بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} ، معناه: نسخنا آية وأنسيناها، قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} ، وقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} ، أي: أن تنساه.

والدليل على أنه إن نسخ آية أو أنساها، لا بد أن يأتي ببدل خير منها أو مثلها ـ قوله تعالى: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}، وقوله هنا: {بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ}.

وما زعمه المشركون واليهود: من أن النسخ مستحيل على الله لأنه يلزمه البداء، وهو الرأي المتجدد ـ ظاهر السقوط، واضح البطلان لكل عاقل؛ لأن النسخ لا يلزمه البداء البتة، بل الله جل وعلا يشرِّع الحكم وهو عالم بأن مصلحته ستنقضي في الوقت المعين، وأنه عند ذلك الوقت ينسخ ذلك الحكم ويبدله بالحكم الجديد الذي فيه المصلحة؛ فإذا جاء ذلك الوقت المعين أنجز جل وعلا ما كان في علمه السابق من نسخ ذلك الحكم، الذي زالت مصلحته بذلك الحكم الجديد الذي فيه المصلحة. كما أن حدوث المرض بعد الصحة وعكسه، وحدوث الغنى بعد الفقر وعكسه، ونحو ذلك لا يلزم فيه البداء؛ لأن الله عالم بأن حكمته الإلهية تقتضي ذلك التغيير في وقته المعين له، على وفق ما سبق في العلم الأزلي، كما هو واضح.

وقد أشار جل وعلا إلى علمه بزوال المصلحة من المنسوخ، وتمحضها في الناسخ بقوله هنا: {وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} ، وقوله: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} وقوله: {سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} ، فقوله: {نَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} ، بعد قوله: {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} ، يدل على أنه أعلم بما ينزل؛ فهو عالم بمصلحة الإنسان، ومصلحة تبديل الجديد من الأول المنسي.


مسائل تتعلق بهذه الآية الكريمة:

المسألة الأولى: لا خلاف بين المسلمين في جواز النسخ عقلاً وشرعاً، ولا في وقوعه فعلاً، ومن ذكر عنه خلاف في ذلك كأبي مسلم الأصفهاني ـ فإنه إنما يعني أن النسخ تخصيص لزمن الحكم بالخطاب الجديد؛ لأن ظاهر الخطاب الأول استمرار الحكم في جميع الزمن. والخطاب الثاني دلَّ على تخصيص الحكم الأول بالزمن الذي قبل النسخ؛ فليس النسخ عنده رفعاً للحكم الأول، وقد أشار إليه في مراقي السعود بقوله في تعريف النسخ:

رفع لحكم أو بيان الزمن ... بمحكم القرآن أو بالسنن

وإنما خالف فيه اليهود وبعض المشركين، زاعمين أنه يلزمه البداء كما بينا. ومن هنا قالت اليهود: إن شريعة موسى يستحيل نسخها.

المسألة الثانية: لا يصح نسخ حكم شرعي إلا بوحي من كتاب أو سنة؛ لأن الله جلَّ وعلا يقول: {وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} ، وبه تعلم أن النسخ بمجرد العقل ممنوع، وكذلك لا نسخ بالإجماع؛ لأن الإجماع لا ينعقد إلا بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ما دام حياً فالعبرة بقوله وفعله وتقريره صلى الله عليه وسلم، ولا حجة معه في قول الأمة؛ لأن اتِّباعه فرض على كل أحد، ولذا لا بد في تعريف الإجماع من التقييد بكونه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم؛ كما قال صاحب المراقي في تعريف الإجماع:

وهو الاتفاق من مجتهدي ... الأمة من بعد وفاة أحمد

وبعد وفاته ينقطع النسخ؛ لأنه تشريع، ولا تشريع البتة بعد وفاته صلى الله عليه وسلم، وإلى كون العقل والإجماع لا يصح النسخ بمجردهما ـ أشار في مراقي السعود أيضاً بقوله في النسخ:
فلم يكن بالعقل أو مجرد ... الإجماع بل ينمي إلى المستند

وقوله: "بل ينمى إلى المستند"، يعني أنه إذا وجد في كلام العلماء أن نصاً منسوخ بالإجماع، فإنهم إنما يعنون أنه منسوخ بالنص الذي هو مستند الإجماع، لا بنفس الإجماع؛ لما ذكرنا من منع النسخ به شرعاً. وكذلك لا يجوز نسخ الوحي بالقياس على التحقيق، وإليه أشار في المراقي بقوله:

ومنه نسخ النص بالقياس ... هو الذي ارتضاه جل الناس
أي وهو الحق.


المسألة الثالثة: اعلم أن ما يقوله بعض أهل الأصول من المالكية والشافعية وغيرهم: من جواز النسخ بلا بدل، وعزاه غير واحد للجمهور، وعليه درج في المراقي بقوله:
وينسخ الخف بما له ثقل ... وقد يجيء عاريا من البدل

أنه باطل بلا شك. والعجب ممن قال به العلماء الأجلاء مع كثرتهم، مع أنه مخالف مخالفة صريحة لقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} فلا كلام البتة لأحد بعد كلام الله تعالى: {أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً}
{وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثا} ً، {أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُُ} ، فقد ربط جل وعلا في هذه الآية الكريمة بين النسخ، وبين الإتيان ببدل المنسوخ على سبيل الشرط والجزاء. ومعلوم أن الصدق والكذب في الشرطية يتواردان على الربط؛ فيلزم أنه كلما وقع النسخ وقع الإتيان بخير من المنسوخ أو مثله، كما هو ظاهر.

وما زعمه بعض أهل العلم من أن النسخ وقع في القرآن بلا بدل وذلك في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} فإنه نسخ بقوله: {أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَاتٍ...} الآية ولا بدل لهذا المنسوخ.

فالجواب: أن له بدلاً، وهو أن وجوب تقديم الصدقة أمام المناجاة لما نسخ بقي استحباب الصدقة وندبها، بدلاً من الوجوب المنسوخ كما هو ظاهر.


المسألة الرابعة: اعلم أنه يجوز نسخ الأخف بالأثقل، والأثقل بالأخف. فمثال نسخ الأخف بالأثقل: نسخ التخيير بين الصوم والإطعام المنصوص عليه في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} ، بأثقل منه، وهو تعيين إيجاب الصوم في قوله: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ونسخ حبس الزواني في البيوت المنصوص عليه بقوله: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ...} الآية بأثقل منه وهو الجلد والرجم المنصوص على الأول منهما في قوله: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ}

وعلى الثاني منهما بآية الرجم التي نسخت تلاوتها وبقي حكمها ثابتاً، وهي قوله: "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموها البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم"، ومثال نسخ الأثقل بالأخف: نسخ وجوب مصابرة المسلم عشرة من الكفار المنصوص عليه في قوله: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ...} الآية ، بأخف منه وهو مصابرة المسلم اثنين منهم المنصوص عليه في قوله: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ...} الآية وكنسخ قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ..} بقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} ؛ فإنه نسخ للأثقل بالأخف كما هو ظاهر، وكنسخ اعتداد المتوفى عنها بحول، المنصوص عليه في قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ...} الآية ، بأخف منه وهو الاعتداد بأربعة أشهر وعشر، المنصوص عليه في قوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً}.

تنبيــه

اعلم: أن في قوله جل وعلا: {نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} ، إشكالاً من جهتين:
الأولى: أن يقال: إما أن يكون الأثقل خيراً من الأخف؛ لأنه أكثر أجراً، أو الأخف خير من الأثقل لأنه أسهل منه، وأقرب إلى القدرة على الامتثال. وكون الأثقل خيراً يقتضي منع نسخه بالأخف، كما أن كون الأخف خيراً يقتضي منع نسخه بالأثقل؛ لأن الله صرح بأنه يأتي بما هو خير من المنسوخ أو مماثل له، لا ما هو دونه. وقد عرفت: أن الواقع جواز نسخ كل منهما بالآخر.

الجهة الثانية من جهتي الإشكال في قوله: {أَوْ مِثْلِهَا} ؛ لأنه يقال: ما الحكمة في نسخ المثل ليبدل منه مثله؟ وأي مزية للمثل على المثل حتى ينسخ ويبدل منه؟


والجواب عن الإشكال الأول: هو أن الخيرية تارة تكون في الأثقل لكثرة الأجر، وذلك فيما إذا كان الأجر كثيراً جداً والامثتال غير شديد الصعوبة؛ كنسخ التخيير بين الإطعام والصوم بإيجاب الصوم؛ فإن في الصوم أجراً كثيراً كما في الحديث القدسي: "إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به"، والصائمون من خيار الصابرين؛ لأنهم صبروا لله عن شهوة بطونهم وفروجهم؛ والله يقول: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} ومشقة الصوم عادية ليس فيها صعوبة شديدة تكون مظنة لعدم القدرة على الامتثال

وإن عرض ما يقتضي ذلك كمرض أو سفر؛ فالتسهيل برخصة الإفطار منصوص بقوله: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} وتارة تكون الخيرية في الأخف، وذلك فيما إذا كان الأثقل المنسوخ شديد الصعوبة بحيث يعسر فيه الامتثال؛ فإن الأخف يكون خيراً منه، لأن مظنة عدم الامتثال تعرض المكلف للوقوع فيما لا يرضي الله، وذلك كقوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ..} ، فلو لم تنسخ المحاسبة بخطرات القلوب لكان الامتثال صعباً جداً، شاقاً على النفوس، لا يكاد يسلم من الإخلال به، إلى من سلمه الله تعالى ـ فلاشك أن نسخ ذلك بقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا} ، خير للمكلف من بقاء ذلك الحكم الشاق، وهكذا.

لا يرضي الله، وذلك كقوله: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَو تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ..} ، فلو لم تنسخ المحاسبة بخطرات القلوب لكان الامتثال صعباً جداً، شاقاً على النفوس، لا يكاد يسلم من الإخلال به، إلى من سلمه الله تعالى ـ فلاشك أن نسخ ذلك بقوله: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}، خير للمكلف من بقاء ذلك الحكم الشاق، وهكذا.


والجواب عن الإشكال الثاني: هو أن قوله {أَوْ مِثْلِهَا}، يراد به مماثلة الناسخ والمنسوخ في حد ذاتيهما؛ فلا ينافي أن يكون الناسخ يستلزم فوائد خارجة عن ذاته يكون يها خيراً من المنسوخ، فيكون باعتبار ذاته مماثلاً للمنسوخ، وباعتبار ما يستلزمه من الفوائد التي لا توجد في المنسوخ خيراً من المنسوخ.

وإيضاحه: أن عامة المفسرين يمثلون لقوله: {أَوْ مِثْلِهَا}، بنسخ استقبال بيت المقدس باستقبال بيت الله الحرام؛ فإن هذا الناسخ والمنسوخ بالنظر إلى ذاتيهما متماثلان؛ لأن كل واحد منهما جهة من الجهات، وهي في حقيقة أنفسها متساوية، فلا ينافي أن يكون الناسخ مشتملاً على حكم خارجة عن ذاته تصيره خيراً من المنسوخ بذلك الاعتبار. فإن استقبال بيت الله الحرام تلزمه نتائج متعددة مشار لها في القرآن ليست موجودة في استقبال بيت المقدس

منها: أنه يسقط به احتجاج كفار مكة على النَّبي صلى الله عليه وسلم بقولهم: تزعم أنك على ملة إبراهيم ولا تستقبل قبلته! وتسقط به حجة اليهود بقولهم: تعيب ديننا وتستقبل قبلتنا، وقبلتنا من ديننا! وتسقط به أيضاً حجة علماء اليهود فإنهم عندهم في التوراة: أنه صلى الله عليه وسلم سوف يؤمر باستقبال بيت المقدس، ثم يؤمر بالتحول عنه إلى استقبال بيت الله الحرام، فلو لم يؤمر بذلك لاحتجوا عليه بما عندهم في التوراة من أنه سيحول إلى بيت الله الحرام، والفرض أنه لم يحول.

وقد أشار تعالى إلى هذه الحكم التي هي إدحاض هذه الحجج الباطلة بقوله: {وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} ، ثم بين الحكمة بقوله: {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ...} الآية ، وإسقاط هذه الحجج من الدواعي التي دعته صلى الله عليه وسلم إلى حب التحويل إلى بيت الله الحرام المشار إليه في قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ...} الآية


المسألة الخامسة: اعلم أن النسخ على ثلاثة أقسام:

الأول: نسخ التلاوة والحكم معاً، ومثاله ما ثبت في صحيح مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها، قالت: كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن... الحديث؛ فآية عشر رضعات منسوخة التلاوة والحكم إجماعاً.
الثاني: نسخ التلاوة وبقاء الحكم، ومثاله آية الرجم المذكورة آنفاً، وآية خمس رضعات على قول الشافعي وعائشة ومن وافقهما.
الثالث: نسخ الحكم وبقاء التلاوة، وهو غالب ما في القرآن من المنسوخ؛ كآية المصابرة، والعدة، والتخيير بين الصوم والإطعام، وحبس الزواني، كما ذكرنا ذلك كله آنفاً.


المسألة السادسة: اعلم أنه لا خلاف بين العلماء في نسخ القرآن بالقرآن، ونسخ السنة بمتواتر السنة. واختلفوا في نسخ القرآن بالسنة كعكسه، وفي نسخ المتواتر بأخبار الآحاد، وخلافهم في هذه المسائل معروف، وممن قال: بأن الكتاب لا ينسخ إلا بالكتاب، وأن السنة لا تنسخ إلا بالسنة الشافعي رحمه الله.

قال مقيده عفا الله عنه: الذي يظهر لي ـ والله تعالى أعلم ـ هو أن الكتاب والسنة كلاهما ينسخ بالآخر؛ لأن الجميع وحي من الله تعالى. فمثال نسخ السنة بالكتاب: نسخ استقبال بيت المقدس باستقبال بيت الله الحرام؛ فإن استقبال بيت المقدس أولاً إنما وقع بالسنة لا بالقرآن، وقد نسخه الله بالقرآن في قوله: {فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا...} الآية ، ومثال نسخ الكتاب بالسنة: نسخ آية عشر رضعات تلاوة وحكماً بالسنة المتواترة. ونسخ سورة الخلع وسورة الحفد تلاوة وحكماً بالسنة المتواترة، وسورة الخلع وسورة الحفد: هما القنوت في الصبح عند المالكية. وقد أوضح صاحب الدر المنثور وغيره تحقيق أنهما كانتا سورتين من كتاب الله ثم نسختا.
انظر http://www.ebnmaryam.com/web/modules.php?name=News&file=article&sid=109


وقد قدمنا في "سورة الأنعام" أن الذي يظهر لنا أنه الصواب: هو أن أخبار الآحاد الصحيحة يجوز نسخ المتواتر بها إذا ثبت تأخرها عنه، وأنه لا معارضة بينهما؛ لأن المتواتر حق، والسنة الواردة بعده إنما بينت شيئاً جديداً لم يكن موجوداً قبل، فلا معارضة بينهما ألبتة لاختلاف زمنهما.
فقوله تعالى: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} الآية يدل بدلالة المطابقة دلالة صريحة على إباحة لحوم الحمر الأهلية؛ لصراحة الحصر بالنفي والإثبات في الآية في ذلك. فإذا صرح النَّبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يوم خيبر في حديث صحيح "بأن لحوم الحمر الأهلية غير مباحة"، فلا معارضة البتة بين ذلك الحديث الصحيح وبيت تلك الآية النازلة قبله بسنين؛ لأن الحديث دل على تحريم جديد، والآية ما نفت تجدد شيء في المستقبل، كما هو واضح.


فالتحقيق إن شاء الله: هو جواز نسخ المتواتر بالآحاد الصحيحة الثابت تأخرها عنه، وإن خالف فيه جمهور الأصوليين، ودرج على خلافه وفاقا للجمهور صاحب المراقي بقوله:
والنسخ بالآحاد للكتاب ... ليس بواقع على الصواب

ومن هنا تعلم: أنه لا دليل على بطلان قول من قال: إن الوصية للوالدين والأقربين منسوخة بحديث: "لا وصية لوارث" ، والعلم عند الله تعالى.

المسألة السابعة: اعلم أن التحقيق هو جواز النسخ قبل التمكن من الفعل، فإن قيل: ما الفائدة في تشريع الحكم أولاً إذا كان سينسخ قبل التمكن من فعله؟

فالجواب: أن الحكمة ابتلاء المكلفين بالعزم على الامتثال، ويوضح هذا: أن الله أمر إبراهيم أن يذبح ولده، وقد نسخ عنه هذا الحكم بفدائه بذبح عظيم قبل أن يتمكن من الفعل، وبين أن الحكمة في ذلك: الابتلاء بقوله: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} ومن أمثلة النسخ قبل التمكن من الفعل: نسخ خمس وأربعين صلاة ليلة الإسراء، بعد أن فرضت الصلاة خمسين صلاة، كما هو معروف. وقد أشار إلى هذه المسألة في مراقي السعود بقوله:
والنسخ من قبل وقوع الفعل ... جاء وقوعاً في صحيح النقل

المسألة الثامنة: اعلم أن التحقيق: أنه ما كل زيادة على النص تكون نسخاً، وإن خالف في ذلك الإمام أبو حنيفة رحمه الله، بل الزيادة على النص قسمان:

قسم مخالف النص المذكور قبله، وهذه الزيادة تكون نسخاً على التحقيق؛ كزيادة تحريم الحمر الأهلية، وكل ذي ناب من السباع مثلاً، على المحرمات الأربعة المذكورة في آية: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ...} الآية ؛ لأن الحمر الأهلية ونحوها لم يسكت عن حكمه في الآية، بل مقتضى الحصر بالنفي والإثبات
في قوله: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً...} "الآية، صريح في إباحة الحمر الأهلية وما ذكر معها؛ فكون زيادة تحريمها نسخاً أمر ظاهر.

وقسم لا تكون الزيادة فيه مخالفة للنص، بل تكون زيادة شيء سكت عنه النص الأول، وهذا لا يكون نسخاً، بل بيان حكم شيء كان مسكوتاً عنه كتغريب الزاني البكر، وكالحكم بالشاهد، واليمين في الأموال. فإن القرآن في الأول أوجب الجلد وسكت عما سواه، فزاد النَّبي حكماً كان مسكوتاً عنه، وهو التغريب. كما أن القرآن في الثاني فيه: {فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ...} الآية ، وسكت عن حكم الشاهد واليمين، فزاد النَّبي صلى الله عليه وسلم حكماً كان مسكوتاً عنه؛ وإلى هذا أشار في مراقي السعود بقوله:
وليس نسخاً كل ما أفادا ... فيما رسا بالنص إلا ازديادا"

ماكـولا
11-23-2009, 12:12 PM
تفسير قوله تعالى "ما ننسخ من آية"

قال الله{ مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (107)}


قال الطبري 2-471-472" يعني جل ثناؤه بقوله:(ما ننسخ من آية): ما ننقل من حكم آية، إلى غيره فنبدله ونغيره. وذلك أن يحول الحلال حراما، والحرام حلالا والمباح محظورا، والمحظور مباحا. ولا يكون ذلك إلا في الأمر والنهي، والحظر والإطلاق، والمنع والإباحة. فأما الأخبار، فلا يكون فيها ناسخ ولا منسوخ.

وأصل"النسخ" من"نسخ الكتاب"، وهو نقله من نسخة إلى أخرى غيرها. فكذلك معنى"نسخ" الحكم إلى غيره، إنما هو تحويله ونقل عبارته عنه إلى غيرها.فإذا كان ذلك معنى نسخ الآية، فسواء - إذا نسخ حكمها فغير وبدل فرضها، ونقل فرض العباد عن اللازم كان لهم بها - أَأُقر خطها فترك، أو محي أثرها، فعفِّي ونسي، إذ هي حينئذ في كلتا حالتيها منسوخة، والحكم الحادث المبدل به الحكم الأول، والمنقول إليه فرض العباد، هو الناسخ. يقال منه:"نسخ الله آية كذا وكذا ينسخه نسخا، و "النُّسخة" الاسم."


قال ابن كثير 1-375-378" قال ابن أبي طلحة، عن ابن عباس: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ } ما نبدل من آية.( منقطع)
وقال ابن جُرَيج، عن مجاهد: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ } أي: ما نمح من آية.
وقال ابن أبي نَجِيح، عن مجاهد: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ } قال: نثبت خطها ونبدل حكمها. حَدَّث به عن أصحاب عبد الله بن مسعود.

وقال ابن أبي حاتم: وروي عن أبي العالية، ومحمد بن كعب القرظي، نحو ذلك.
وقال الضحاك: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ } ما نُنْسِكَ. وقال عطاء: أما { مَا نَنْسَخْ } فما نترك من القرآن. وقال ابن أبي حاتم: يعني: تُرِكَ فلم ينزل على محمد صلى الله عليه وسلم.

وقال السدي: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ } نسخها: قبضها. وقال ابن أبي حاتم: يعني: قبضها: رفعها، مثل قوله: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة. وقوله: "لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثًا".
... وأما علماء الأصول فاختلفت عباراتهم في حد النسخ، والأمر في ذلك قريب؛ لأن معنى النسخ الشرعي معلوم عند العلماء ولخَّص بعضهم أنه رفع الحكم بدليل شرعي متأخر. فاندرج في ذلك نسخ الأخف بالأثقل، وعكسه، والنسخ لا إلى بدل. وأما تفاصيل أحكام النسخ وذكر أنواعه وشروطه فمبسوط في فَنِّ أصول الفقه..."

ثم قال " وقوله تعالى: { أَوْ نُنْسِهَا } فقرئ على وجهين: "ننسأها ونُنْسها". فأما من قرأها: "نَنسأها" -بفتح النون والهمزة بعد السين-فمعناه: نؤخرها. قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسئهَا } يقول: ما نبدل من آية، أو نتركها لا نبدلها.(منقطع)

وقال مجاهد عن أصحاب ابن مسعود: { أَوْ نُنسِئَهَا } نثبت خطها ونبدل حكمها. وقال عبيد بن عمير، ومجاهد، وعطاء: { أَوْ نُنسِئَهَا } نؤخرها ونرجئها. وقال عطية العوفي: { أَوْ نُنسِئَهَا } نؤخرها فلا ننسخها. وقال السدي مثله أيضا، وكذا قال الربيع بن أنس. وقال الضحاك: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِئَهَا } يعني: الناسخ من المنسوخ. وقال أبو العالية: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِئَهَا } أي: نؤخرها عندنا.

خطبنا عمر، رضي الله عنه، فقال: يقول الله عز وجل: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا } أي: نؤخرها.
وأما على قراءة: { أَوْ نُنْسِهَا } فقال عبد الرزاق، عن قتادة في قوله: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا } قال: كان الله تعالى ينسي نبيه ما يشاء وينسخ ما يشاء.
وقال ابن جرير: حدثنا سواد بن عبد الله، حدثنا خالد بن الحارث، حدثنا عوف، عن الحسن أنه قال في قوله: { أَوْ نُنْسِهَا } قال: إن نبيكم صلى الله عليه وسلم أقرئ قرآنا ثم نسيه.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا ابن نُفَيل، حدثنا محمد بن الزبير الحراني، عن الحجاج -يعني الجزري -عن عِكرمة، عن ابن عباس، قال: كان مما ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم الوحي بالليل وينساه بالنهار، فأنزل الله، عز وجل: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا }

قال أبو حاتم: قال لي أبو جعفر بن نفيل: ليس هو الحجاج بن أرطاة، هو شيخ لنا جَزَري.
وقال عبيد بن عمير: { أَوْ نُنْسِهَا } نرفعها من عندكم.

وقال ابن جرير: حدثني يعقوب بن إبراهيم، حدثنا هُشَيْم، عن يعلى بن عطاء، عن القاسم بن ربيعة قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقرأ: " ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَو تَنْسَهَا" قال: قلت له: فإن سعيد بن المسيَّب يقرأ: "أَو تُنْسَأها". قال: فقال سعد: إن القرآن لم ينزل على المسيب ولا على آل المسيب، قال الله، جل ثناؤه: { سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى } [الأعلى: 6]{ وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } [الكهف: 24]. .
وكذا رواه عبد الرزاق، عن هشيم وأخرجه الحاكم في مستدركه من حديث أبي حاتم الرازي، عن آدم، عن شعبة، عن يعلى بن عطاء، به. وقال: على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
قال ابن أبي حاتم: وروي عن محمد بن كعب، وقتادة وعكرمة، نحو قول سعيد.
وقال الإمام أحمد: أخبرنا يحيى، حدثنا سفيان الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال عمر: عليٌّ أقضانا، وأُبيٌّ أقرؤنا، وإنا لندع بعض ما يقول أُبيُّ، وأبيّ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فلن أدعه لشيء. والله يقول: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِئَها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } .

قال البخاري: حدثنا عمرو بن علي، حدثنا يحيى، حدثنا سفيان، عن حبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال: قال عمر: أقرؤنا أُبيٌّ، وأقضانا علي، وإنا لندع من قول أبيّ، وذلك أن أبيا يقول: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد قال الله: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا }

وقوله: { نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } أي: في الحكم بالنسبة إلى مصلحة المكلفين، كما قال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: { نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا } يقول: خير لكم في المنفعة، وأرفق بكم.
وقال أبو العالية: { مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ } فلا نعمل بها، { أَوْ نُنسئهَا } أي: نرجئها عندنا، نأت بها أو نظيرها.
وقال السدي: { نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } يقول: نأت بخير من الذي نسخناه، أو مثل الذي تركناه.
وقال قتادة: { نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا } يقول: آية فيها تخفيف، فيها رخصة، فيها أمر، فيها نهي."



قال ابن سلامة في الناسخ والمنسوخ" ما رد الله تعالى ذكره على الملحدين والمنافقين، من أجل معارضتهم في تفصيل أحكام الكتاب المبين.
قال الله تعالى عز من قائل: (ما نَنسَخ من آيَةٍ أَو نُنسِها نَأتِ بِخَير مِنها أَو مِثلِها).

قال أبو القاسم رضي الله عنه: وهذه الآية يحتاج مفسرها أن لا يقدرها قبل تفسيره لها، لأن فيها مقدما ومؤخرا، تقديره - هو أعلم - ما نرفع من حكم نأت بخير منها، أو ننساها - أي نتركها - فلا ننسخها.
وقد اعترض هذا التأويل، وقيل: ما في القرآن بعضه خير من بعض، أليس هو محكام واحد جل قائله.

والجواب: أن معنى (خير منها) أي أنفع منها، لأن الناسخ لا يخلو من أحد النعمتين: إما أن يكون أثقل في الحكم، فيكون أوفر في الأجر.
وإما أن يكون أخف في الحكم، فيكون أيسر في العمل.
وقد قرىء (نَنسأها) أي نؤخر حكمها، فيعمل به حينا.
ثم قال تعالى: (أَلَم تَعلَم أَنَّ اللَهَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَديرٌ) من أمر الناسخ والمنسوخ.

ومثل هذا قوله تعالى: (وَإِذا بَدَّلنا آيةً مَكانَ آيةٍ وَاللَهُ أَعلَمُ بِما يُنَزِّلُ) والمعنى: حكم آية (قالوا إَنَّما أَنتَ مُقتَر) أي اختلقته من تلقاء نفسك. فقال سبحانه وتعالى ردا عليهم (بَل أَكثَرُهُم لا يَعلَمونَ) النحل.
ولأن في إثبات الناسخ والمنسوخ في القرآن دلالة وحدانية الله تعالى ذكره بقوله: (أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمرُ).
وقد روي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: أنه صعد على المروة فقرأ (أَلا لَهُ الخَلقُ وَالأَمر) وقال: يا غالب، من ادعى ثالثة فليقم، الخلق جميع ما خلق، والأمر جميع ما قضي، وليس في كتاب الله تعالى كلمتان تجمع الملك غيرهما."

ماكـولا
11-24-2009, 09:51 AM
النسخ يكون في الأحكام ..


قال ابن حزم :والنسخ إنما يقع في الأمر والنهي ولا يجوز أن يقع في الأخبار المحضة والاستثناء ليس بنسخ إنما يقع في الأمر من بعد بخلاف وقوع النسخ في الخبر المحض وسمى بعضهم الاستثناء، والتخصيص نسخا والفقهاء على خلاف ذلك"


قال قتادة في الناسخ والمنسوخ 6 " لا يقع النسخ الا في الامر والنهى ولو بلفظ الخبر، أما الخبر الذى ليس بمعنى الطلب فلا يدخله النسخ ومنه الوعد والوعيد."


قال الكرمي في الناسخ والمنسوخ 42" أعلم أن النسخ لا يدخل الخبر في قوله أكثر الفقهاء والأصوليين وبه قال مجاهد وسعيد بن جبير
وإنما يكون في الأمر والنهي لطفا من الله تعالى بعباده

وقال قوم إنه يكون في الأخبار التي معناها الأمر و النهي وبه قال الضحاك مزاحم

قلت وعليه يتخرج نسخ آية الزاني لا تنكح إلا زانية وآية العدة وقال قوم أنه يكون في جميع أقسام الكلام وبه قال زيد بن أسلم وقال ابن الباقلاني لا يجوز في خبر الله وخبر رسوله
وقال القاضي في نسخ الخبر أنه أن كان مما لا يجوز أن يقع إلا على وجه واحد كصفات الله وخبر ما كان وخبر ما سيكون لم يجز نسخه
ويجوز إن كان مما يصح تغييره وتحوله كالأخبار عن زيد بأنه مؤمن أو كافر وعن الصلاة بأنها واجبة قال بعض المحققين هذا قول جيد
قلت وعليه يتخرج نسخ نحو آية المحاسبة وآية المصابرة"


قال ابن سلامة " في اختلاف المفسرين: على أي شيء يقع النسخ من كلام القرآن.
قال مجاهد وسعيد بن جبير وعكرمة بن عمار: لا يدخل النسخ إلا على الأمر والنهي فقط، أو: افعلوا أو: لا تفعلوا. واحتجوا على ذلك بأشياء، منها: قولهم: (إن خير الله على ما هو فيه).

وقال الضحاك بن مزاحم كما قال الأولون، وزاد عليهم فقال: يدخل النسخ على الأمر والنهي، وعلى الأخبار التي معناها الأمر والنهي، مثل قوله تعالى وعز اسمه: (الزاني لا يَنكِحُ إِلّا زانِيَةً أَو مَشرِكَةً وَالزانِيةُ لا يَنكِحُها إِلّا زانٍ أَو مُشرِكٌ).

ومعنى قوله: لا تنكحوا زانية ولا مشركة.
وعلى الأخبار التي معناها الأمر، مثل قوله تعالى في سورة يوسف: (قالَ تَزرَعونَ سَبعَ سنينَ دَأَباً) ومعنى ذلك: ازرعوا.
ومثل قوله تعالى: (وَلَولا أَن كُنتُم غَيرَ مَدينينَ. تَرجِعونَها إِن كُنتُم صادِقين) بمعنى: ارجعوها، يعني الروح.

ومثل قوله تعالى سبحانه: (وَلَكِن رَسولَ اللَهِ) الأحزاب: أي تعالوا له.

قال: فإذا كان هذا معنى الخبر كان الأمر والنهي على جميع الأخبار، ولم يفصل.
وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم، والسدي: قد يدخل النسخ على الأمر والنهي وجميع الأخبار، ولم يفصلا. وتابعهما على هذا القول جماعة.
ولا حجة لهما في ذلك من الرواية، وإنما يعتمدون على الرواية.
وقال آخرون: وكل جملة استثنى الله منها بإلا فإن الاستثناء ناسخ لها.
وقد قال قوم لا يعدون خلافا: ليس في القرآن ناسخ ولا منسوخ. وهؤلاء قوم عن الحق صدوا، وبإفكهم عن الله ردوا."


قال ابو جعفر النحاس في الناسخ والمنسوخ41- 43 " ومنهم من قال النسخ يكون في الأخبار والأمر والنهي وهذا القول عظيم جدا يؤول في الكفر لأن قائلا لو قال قام فلان ثم قال لم يقم فقال نسخته لكان كاذبا وقد غلط بعض المتأخرين فقال إنما الكذب فيما مضى فأما في المستقبل فهو خلف وفي كتاب الله عز و جل غير ما قال قال الله عز و جل "فقالوا يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيت ربنا ونكون من المؤمنين"

ثم قال جل ثناؤه "بل بدا لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكذبون"

وقال أخرون بل الناسخ والمنسوخ إلى الإمام ينسخ ما شاء وهذا القول أعظم من ذلك لأن النسخ لم يكن الى النبي إلا بالوحي من الله عز و جل إما بقرآن مثله على قول قوم وإما بوحي من غير القرآن فلما ارتفع هذان بموت النبي ارتفع النسخ

وقال قوم لا يكون النسخ في الأخبار إلا فيما كان فيه حكم فإذا كان فيه حكم جاز فيه النسخ وفي الأمر والنهي
وقال قوم النسخ في الأمر والنهي خاصة

وقول سادس عليه أئمة العلماء وهو أن النسخ إنما يكون في المتعبدات لأن الله جل وعز له أن يتعبد خلقه بما شاء وإلى أى وقت شاء ثم يتعبدهم بغيرذلك فيكون النسخ في الأمر والنهي وما كان في معناهما "


وقد نقل شيخ الاسلام في الفتوى الحموية عن الحارث المحاسبي قولا سديدا 29" وقال الإمام أبو عبد الله الحارث بن إسماعيل بن أسد المحاسبي في كتابه المسمى " فهم القرآن " قال في كلامه على الناسخ والمنسوخ وأن النسخ لا يجوز في الأخبار قال : لا يحل لأحد أن يعتقد أن مدح الله وصفاته ولا أسماءه يجوز أن ينسخ منها شيء .

إلى أن قال : وكذلك لا يجوز إذا أخبر أن صفاته حسنة عليا أن يخبر بذلك أنها دنية سفلى فيصف نفسه بأنه جاهل ببعض الغيب بعد أن أخبر أنه عالم بالغيب وأنه لا يبصر ما قد كان ولا يسمع الأصوات ولا قدرة له ولا يتكلم ولا كلام كان منه وأنه تحت الأرض لا على العرش جل وعلا عن ذلك . فإذا عرفت ذلك واستيقنته : علمت ما يجوز عليه النسخ وما لا يجوز فإن تلوت آية في ظاهر تلاوتها تحسب أنها ناسخة لبعض أخباره كقوله عن فرعون : { حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت } الآيات وقال : { حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين }

وقال : قد تأول قوم : أن الله عنى أن ينجيه ببدنه من النار لأنه آمن عند الغرق وقال : إنما ذكر الله أن قوم فرعون يدخلون النار دونه وقال : { فأوردهم النار } وقال : { وحاق بآل فرعون سوء العذاب } ولم يقل بفرعون .

قال : وهكذا الكذب على الله ؛ لأن الله تعالى يقول : { فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } كذلك قوله : { فليعلمن الله الذين صدقوا } فأقر التلاوة على استئناف العلم من الله عز وجل عن أن يستأنف علما بشيء لأنه من ليس له علم بما يريد أن يصنعه لم يقدر أن يصنعه - نجده ضرورة - قال : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } قال : وإنما قوله { حتى نعلم المجاهدين }

إنما يريد حتى نراه فيكون معلوما موجودا ؛ لأنه لا جائز أن يكون يعلم الشيء معدوما من قبل أن يكون ؛ ويعلمه موجودا كان قد كان ؛ فيعلم في وقت واحد معدوما موجودا وإن لم يكن وهذا محال ."

ماكـولا
11-27-2009, 07:38 PM
واعلم انه لا يجوز البداء بل هو كفر

"قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى" طه (52)


قال ابن كثير 5-298"
أي: لا يشذ عنه شيء، ولا يفوته صغير ولا كبير، ولا ينسى شيئًا. يصف علمه تعالى بأنه بكل شيء محيط، وأنه لا ينسى شيئًا، تبارك وتعالى وتقدس، فإن علم المخلوق يعتريه نقصانان أحدهما: عدم الإحاطة بالشيء، والآخر نسيانه بعد علمه، فنزه نفسه عن ذلك."


قال قتادة في الناسخ والمنسوخ 7 " الفرق بين النسخ والبداء: البداء (بفتح الباء) في اللغة: الظهور بعد الخفاء، يقال: بدا لى بداء، أى ظهر لى آخر، وبدا له في الامر بداء، أى نشأ له فيه رأى، ويقال: بدا لى بداء، أى تغير رأيى على ما كان عليه , فالبداء استصواب شيء علم بعد أن لم يعلم، وذلك على الله عز وجل غير جائز.
فمعنى البداء اذن في اللغة والاصطلاح هو: أن يستصوب المرء رأيا ثم ينشأ له رأى جديد لم يكن معلوما له.

فالنسخ غير البداء لان الاول ليس فيه تغيير لعلم الله تعالى، والثانى يفترض وقوع هذا التغيير, والبداء يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم، وكلاهما محال على الله عزوجل، لانه عالم بكل شئ ومحيط به: ما كان، وما هو كائن، وما سيكون والنسخ جائز عقلا، وواقع فعلا في القرآن الكريم"


قال الكرمي43-44" فائدة في الفرق بين النسخ البداء
أن الله تعالى عالم بما فرض وبرفع ذلك الفرض وإزالة حكمه وانقضاء زمن تلك العبادة ووقت الفرض الناسخ للفرض الأول
فهو تعالى علام الغيوب ليس علم شيء عنه بمحجوب يعلم سبحانه عواقب الأمور وكل شيء عنده في كتاب مسطور
بخلاف البداء فإنه من أوصاف أفعال المخلوقين الذين لا يعلمون عواقب الأمور
كقول القائل أمر المأمور افعل كذا ثم يظهر له بعد الأمر به والعزم عليه خلافه ويظهر له أن تركه اولى من فعله ولم يكن ما ظهر له ثانيا في نيته حين أمر بالأول ولم يعلم أن ما أمر به سيبدوا له وجه المصلحة في الرجوع عنه

ومع ذلك فهو لا يعلم أي الأمرين خير له ما عزم أولا أم ما بدا له ثانيا بل كل ذلك تبعا للظن تغليبا له بقياس يستعمله العقل ويريه إياه في مرآة التجارب وكثير من يخطىء في القياس ويغلط فيه للعجز عن إدراك حقائق الأشياء لأن ذلك مما استأثر الله به دون خلقه تعالى الله علام الغيوب فهذا هو الفرق بين النسخ والبداء وهو من دقيق هذا العلم فاعرفه

قال بعضهم

ولخفائه على كثير من الناس منعت طائفة من الصوفيين وجماعة من الأصوليين كأبي مسلم الأصفهاني جواز النسخ في القرآن وأثبتوا نسخ الشرائع فمثلهم مثل قولك أنت صادق يا فلان فيما أخبرت به وكاذب فيه جهلا منهم بمعرفة الفرق بين النسخ وبين البداء الجائز على المخلوقين ولو تأمل من أنكر النسخ في القرآن ما ذكر من الفرق بينهما لرجع عن معتقده الفاسد نعوذ بالله من الضلالة بعد الهدى إذ تقرر ذلك فلنشرع في المقصود بعون الملك المعبود"


قال ابن حزم "أنكر اليهود النسخ وقالوا إنه يؤذن بالغلط والبراءوهم قد غلطوا لأن النسخ رفع عبادة قد علم الآمر أن بها خيرا ثم أن للتكليف بها غاية ينتهي إليها ثم يرفع الايجاب والبراء هو الانتقال عن المأمور به بأمر حادث لا يعلم سابق ولا يمنع جواز النسخ عقلا لوجهين أحدهما لأن للآمر أن يأمر بما شاء وثانيهما أن النفس إذا مرنت على أمر ألفته فإذا نقلت عنه إلى غيره شق عليها لمكان الاعتياد المألوف فظهر منها بأذعان الأنقياد لطاعة الآمر ..."



قال قال أبو جعفر النحاس 62-63"
الفرق بين النسخ والبداء أن النسخ تحويل العباد من شيء قد كان حلالا فيحرم أو كان حراما فيحلل أو كان مطلقا فيحظر أو كان محظورا فيطلق أو كان مباحا فيمنع أو ممنوعا فيباح إرادة الصلاح للعباد

وقد علم الله عز و جل العاقبة في ذلك وعلم وقت الأمر به أنه سينسخه إلى ذلك الوقت فكان المطلق على الحقيقة غير المحظور فالصلاة كانت إلى بيت المقدس إلى وقت بعينه ثم حظرت وصيرت إلى الكعبة وكذا قوله عز و جل "إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة "وقد علم الله عز و جل أنه إلى وقت بعينه ثم نسخه في ذلك الوقت , وكذا تحريم السبت كان في وقت بعينه على قوم ثم نسخ وأمر قوم أخرون بإباحة العمل فيه
كان الأول المنسوخ حكمة وصوابا ثم نسخ وأزيل بحكمة وصواب كما تزال الحياة بالموت وكما تنقل الأشياء فلذلك لم يقع النسخ في الأخبار لما فيها من الصدق والكذب

وأما البداء فهو ترك ما عزم عليه كقولك امض الى فلان اليوم ثم تقول لاتمض إليه فيبدو لك عن القول الأول وهذا يلحق البشر لنقصانهم وكذا إذا قلت ازرع كذا في هذه السنة ثم قلت لاتفعل فهذا البداء وإن قلت يا فلان ازرع فقد علم أنك تريد مرة واحدة وكذا النسخ إذا أمر الله عز و جل بشيء في وقت نبي أو في وقت يتوقع فيه
نبي فقد علم أنه حكمة وصواب إلى أن ينسخ

وقد نقل من الجماعة من لايجوز عليهم الغلط نسخ شرائع الأنبياء من لدن ادم الى وقت نبينا وهم الذين نقلوا علامات الأنبياء
وقد غلط جماعة في الفرق بين النسخ والبداء كما غلطوا في تأويل أحاديث حملوها على النسخ أو على غير معناها"

الداعيه
12-05-2009, 03:17 PM
جزاك الله خيرا

أجد وأفد

ماكـولا
12-06-2009, 09:06 PM
شكر الله لكم وبارك فيكم اخي الحبيب

ماكـولا
12-06-2009, 09:29 PM
شبهات وردود - القاديانية المارقة-..

قالوا

"أما الآية "مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ.." فلا تتحدث عن إلغاء آيات القرآن بعضها البعض، بل عن إلغاء آيات القرآن لأحكام التوراة والكتب السماوية السابقة. لقد كره اليهود أن يُنـزّل على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أحكام تلغي أحكام التوراة، كاستقبال بيت المقدس مثلا، فاللّه تعالى يرد على حسدهم هذا، مؤكدًا أنّ الآيات التي يلغيها من التوراة أو الكتب السماوية السابقة، يأتي بخير منـها، وأن ما ينساه أهل الكتاب من كتبـهم، التي لم يَعِد اللّه بحفظها، يُنـزل اللّه في القرآن العظيم خيرًا منـها. فلماذا ينـزعج اليهود من هذا، مع أن التوراة تنص أنـها شريعة موقتة؟

إن الخطاب في سورة البقرة يتعلق باليهود بَدْءًا من الآية الحادية والأربعين، وحتى الآية الرابعة والعشرين بعد المائة، وآية النسخ واقعة خلال ذلك، فهي الآية السابعة بعد المائة في هذه السورة، فهي، بلا شك، تتوجه بالخطاب إلى اليهود منتقدة إياهم على استنكارهم نسخَ القرآنِ آياتِ التوراةِ. إن سياق الآية يؤكد ذلك. بينما التفسير المتداول لا يخدمه السياق بحال."


قلت "لاحظ الجرأة على تخطئة حقبة نبع فيها نخبة من اهل العلم والفطنة ليأتي متهوك مأفوك لا يدري يمينه من شماله ليصحح المراد من الاي .. تالله انها لأحدى الكبر , على كل الرد على خيالات الأطفال في قولهم " بل عن إلغاء آيات القرآن لأحكام التوراة والكتب السماوية السابقة." هو نسخ أيضا
نسخ أوامر شرعية سابقة بأوامر شرعية حاضرة وهو نسخ كلي بشريعة خاتم البشر محمد صلى الله عليه وسلم فكونهم أقروا بنسخ القرآن للتوراة فما المانع من إقرارهم بنسخ آية مكان آية من جنس المأمورات وفيها
فإقراهم بنسخ شريعة على شرعية يوقعهم في تناقض بعدم الاقرار بنسخ آية مكان آية لنفس السبب الذي نسخ لأجله الشرائع السابقة او لغيرها مع عدم القول بالبداء ! فيلزم القول بنسخ الشرائع السابقة عندهم القول بالبداء أيضا
تعالى الله عن ذلك

فقولهم " فلماذا ينـزعج اليهود من هذا، مع أن التوراة تنص أنـها شريعة موقتة؟"

نقول ولماذا ينزعج القاديانيون عندما يقال أن بعض الأحكام الشرعية والاوامر الربانية كانت مؤقتة ؟ - راجع الحكمة من النسخ-

قولهم "
إن الخطاب في سورة البقرة يتعلق باليهود بَدْءًا من الآية الحادية والأربعين، وحتى الآية الرابعة والعشرين بعد المائة، وآية النسخ واقعة خلال ذلك، فهي الآية السابعة بعد المائة في هذه السورة، فهي، بلا شك، تتوجه بالخطاب إلى اليهود منتقدة إياهم على استنكارهم نسخَ القرآنِ آياتِ التوراةِ. إن سياق الآية يؤكد ذلك. بينما التفسير المتداول لا يخدمه السياق بحال."

لمعرفة التفسير للآية ينظر السابق واللاحق منها حتى يتبين معنى الآية يقول الله " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (105)
مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (106) أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ (107) أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْأَلُوا رَسُولَكُمْ كَمَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ (108) "

فالآيات تخاطب المسلمين وهذا واضح جدا بالنظر للسابق واللاحق
ثم ان قوله "ما ننسخ من آية .." الآية: العلامة، والامارة وفي الحديث الشريف: " آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان ".
وتأتي بمعان

-: العبرة: وفي القرآن الكريم: (فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية) (يونس: 92).
-: المعجزة: وفي الكتاب المجيد: (وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين) (المؤمنون: 50).
-: البناء العالي، وفي التنزيل العزيز: (أتبنون بكل ريع آية تعبثون) (الشعراء: 128)."

الايات القرآنية الممعجزة... (وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنما أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون) (النخل: 101). انظر القاموس الفقهي 30

برهان ودليل (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب بكل آية ما تبعوا قبلتك وما أنت بتابع قبلتهم وما بعضهم بتابع قبلة بعض ولئن اتبعت أهواءهم من بعد ما جاءك من العلم إنك إذا لمن الظالمين) (البقرة: 145).


(وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءتهم آية ليومنن بها قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون) (الانعام: 109).

وقد دلل الله على كلامه بأنه آية وعلامة مثل قوله " الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُبِينِ"
وهو كلام معجز

فالايات المتحدى بها هي القرآن فقوله ما ننسخ من آية " أي من القرآن " او ننسها " من صدور الحفظة "

وقوله: { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ }

قال ابن كثير " يرشد تعالى بهذا إلى أنه المتصرف في خلقه بما يشاء، فله الخلق والأمر وهو المتصرف، فكما خلقهم كما يشاء، ويسعد من يشاء، ويشقي من يشاء، ويصح من يشاء، ويمرض من يشاء، ويوفق من يشاء، ويخذل من يشاء، كذلك يحكم في عباده بما يشاء، فيحل ما يشاء، ويحرم ما يشاء، ويبيح ما يشاء، ويحظر ما يشاء، وهو الذي يحكم ما يريد لا معقب لحكمه. ولا يسأل عما يفعل وهم يسألون. ويختبر عباده وطاعتهم لرسله بالنسخ، فيأمر بالشيء لما فيه من المصلحة التي يعلمها تعالى، ثم ينهى عنه لما يعلمه تعالى.. فالطاعة كل الطاعة في امتثال أمره واتباع رسله في تصديق ما أخبروا. وامتثال ما أمروا. وترك ما عنه زجروا. وفي هذا المقام رد عظيم وبيان بليغ لكفر اليهود وتزييف شبهتهم -لعنهم الله -في دعوى استحالة النسخ إما عقلا كما زعمه بعضهم جهلا وكفرا،ً وإما نقلا كما تخرصه آخرون منهم افتراء وإفكا.

قال الإمام أبو جعفر بن جرير، رحمه الله: فتأويل الآية: ألم تعلم يا محمد أن لي ملك السماوات والأرض وسلطانهما دون غيري، أحكم فيهما وفيما فيهما بما أشاء، وآمر فيهما وفيما فيهما بما أشاء، وأنهى عما أشاء، وأنسخ وأبدل وأغير من أحكامي التي أحكم بها في عبادي ما أشاء إذا أشاء، وأقر فيهما ما أشاء.

ثم قال: وهذا الخبر وإن كان من الله تعالى خطابا لنبيه صلى الله عليه وسلم على وجه الخبر عن عظمته، فإنه منه تكذيب لليهود الذين أنكروا نَسْخَ أحكام التوراة، وجحدوا نبوة عيسى ومحمد، عليهما الصلاة والسلام، لمجيئهما بما جاءا به من عند الله بتغير ما غير الله من حكم التوراة. فأخبرهم الله أن له ملك السماوات والأرض وسلطانهما، وأن الخلق أهل مملكته وطاعته وعليهم السمع والطاعة لأمره ونهيه، وأن له أمرهم بما يشاء، ونهيهم عما يشاء، ونسخ ما يشاء، وإقرار ما يشاء، وإنشاء ما يشاء من إقراره وأمره ونهيه.
وأمر إبراهيم، عليه السلام، بذبح ولده، ثم نسخه قبل الفعل، وأمر جمهور بنى إسرائيل بقتل من عبد العجل منهم، ثم رفع عنهم القتل كيلا يستأصلهم القتل

قلت: الذي يحمل اليهود على البحث في مسألة النسخ، إنما هو الكفر والعناد، فإنه ليس في العقل ما يدل على امتناع النسخ في أحكام الله تعالى؛ لأنه يحكم ما يشاء كما أنه يفعل ما يريد ....

ففي هذا المقام بين تعالى جواز النسخ، ردا على اليهود، عليهم لعائن الله، حيث قال تعالى: { أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ* أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ } الآية، فكما أن له الملك بلا منازع، فكذلك له الحكم بما يشاء، { أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأمْرُ } [الأعراف: 54]

وقرئ في سورة آل عمران، التي نزل صدرها خطابًا مع أهل الكتاب، وقوع النسخ عند اليهود في وقوله تعالى: { كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ } الآية [آل عمران: 93] كما سيأتي تفسيرها، والمسلمون كلهم متفقون على جواز النسخ في أحكام الله تعالى، لما له في ذلك من الحكم البالغة، وكلهم قال بوقوعه.

وقال أبو مسلم الأصبهاني المفسر: لم يقع شيء من ذلك في القرآن، وقوله هذا ضعيف مردود مرذول. وقد تعسف في الأجوبة عما وقع من النسخ، فمن ذلك قضية العدة بأربعة أشهر وعشرا بعد الحول لم يجب على ذلك بكلام مقبول، وقضية تحويل القبلة إلى الكعبة، عن بيت المقدس لم يجب بشيء، ومن ذلك نسخ مصابرة المسلم لعشرة من الكفرة إلى مصابرة الاثنين، ومن ذلك نسخ وجوب الصدقة قبل مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم وغير ذلك، والله أعلم."

ماكـولا
12-07-2009, 09:57 PM
قولهم


وأما استدلالهم بالآية (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ...) فليس يصفو لهم، لأن الآية هنا ليست بمعنى الآية القرآنية أيضا، بل بمعنى العذاب السماوي، الذي يظهر كعلامة على صدق النبي، والمعنى: "إذا بدَّل اللّه آية سماوية مكانَ أخرى لا يجوز أن يعترض أحد على ذلك، لأنَّ اللّه يعلم الآية المناسبة في وقتـها المناسب".
إن هذا القانون يظهر في عهد كل نبي، حيث يتلقى وحيًا إنذاريًا مشروطًا، وقد يبدل اللّه هذا الوحي الإنذاري المشروط، كما حصل ذلك في قصة يونس عليه السلام، فبعد أن أخبر اللّه يونسَ -عليه السلام- أنَّ قومه سيهلكون، بدَّل اللّه ذلك لأنَّـهم قد تابوا."

"إن اللّه تعالى يفي بوعده، ولكنـه قد يؤخر وعيده. يجب التفريق جيدًا بين تغيير الوعد وتغيير الوعيد، فالأول كَذِب -واللّه تعالى منـزَّه عن ذلك- والثاني كرم."
وهناك معنى آخر يُحتمل للآية، وهو نسخ الآيات من الكتب السماوية السابقة، وليس من القرآن الكريم، والمعنى: إذا بدَّلْنا آيةً قرآنية مكان آيةٍ من الكتب الماضية اعترض الكفار، واتـهموا النبي بالافتراء، لأنَّـه ما دامت التوراة موجودة فما الداعي لأحكام جديدة؟ حسب تصورهم.
وأما احتجاجهم ببعض الأحاديث فهي لا تصح غالبا، أو أنها فُهمت خطأً. وليس هنالك أي حديث صحيح يفيد أن آية كذا ألغت حكم آية كذا.
وأما ظن البعض أن هنالك آيات عديدة أُجمع على نسخها، فليس صحيحا البتة، بل لا يوجد آية واحدة اتفق المفسرون على نسخها.


نقول : قبح الله الجهل لكم هو سيء على نفسه وملتزميه بدوافع صبيانية واحكام حزبية ونصرة عُميّة وعُبيّة الجاهلية

وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم " ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة فقتل فقتلة جاهلية" مسلم

فاللهم رحماك

فقولهم

" وأما استدلالهم بالآية (وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ...) فليس يصفو لهم، لأن الآية هنا ليست بمعنى الآية القرآنية أيضا، بل بمعنى العذاب السماوي، الذي يظهر كعلامة على صدق النبي، والمعنى: "إذا بدَّل اللّه آية سماوية مكانَ أخرى لا يجوز أن يعترض أحد على ذلك، لأنَّ اللّه يعلم الآية المناسبة في وقتـها المناسب".
إن هذا القانون يظهر في عهد كل نبي، حيث يتلقى وحيًا إنذاريًا مشروطًا، وقد يبدل اللّه هذا الوحي الإنذاري المشروط، كما حصل ذلك في قصة يونس عليه السلام، فبعد أن أخبر اللّه يونسَ -عليه السلام- أنَّ قومه سيهلكون، بدَّل اللّه ذلك لأنَّـهم قد تابوا."

لكنّا بفقيه من فقهاء الأئمة الأربعة في مسألة من مسائل الفروع " فليس يصفوا لهم "!! ولو صفت القلوب وتوجهت لعلام الغيوب لما بقي في النفوس شائبة من شوائب الشرك ولتهم الانسان نفسه ونظر وسبر في أقوال من الألوف المألفة من العلماء والمفسرين واجيال من تلاميذ النبي صلى الله عليه وسلم كانوا على القول بالنسخ

فقول هذا الطفل


لأن الآية هنا ليست بمعنى الآية القرآنية أيضا، بل بمعنى العذاب السماوي، الذي يظهر كعلامة على صدق النبي، والمعنى: "إذا بدَّل اللّه آية سماوية مكانَ أخرى لا يجوز أن يعترض أحد على ذلك، لأنَّ اللّه يعلم الآية المناسبة في وقتـها المناسب


لنرى السابق واللاحق في هذه الاية يقول جل جلاله " فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ (100) وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ (102) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (104) إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ (105)" النحل


لا أدري أي اين الآية السماوية في الموضوع ! بل الايات منصبة على القرآن وانه اذ قرأ يستعاذ بالله من الشيطان الرجيم الذي ليس له سلطان على المؤمنين ... الخ

ثم اخبر جل في علاه انه اذا بدل آية قرآنية مكان آية قال الكفار لمحمد الأمين صلى الله عليه وسلم انك تفتري على الله تعالى الله عن قولهم واخبر بأنه يعلم ما يفعل وما يصلح لعباده رحمة بهم ثم ذكر أن جبريل الأمين نزله على محمد صلى الله عليه وسلم ناقلا عن الله كلامه , ثم ذكر ان الكفار ينازعون في هذا ويتهمون النبي صلى الله عليه وسلم ان من يعلمه هذا الكلام المعجز هو رجل أعجمي فرُد قولهم بأنه بلسان عربي مبين ! أي القرآن الكريم , ومعجزة النبي صلى الله عليه وسلم القرآن قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من الأنبياء نبي إلا أعطي ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة" متفق عليه

فقولهم

إذا بدَّل اللّه آية سماوية مكانَ أخرى لا يجوز أن يعترض أحد على ذلك، لأنَّ اللّه يعلم الآية المناسبة في وقتـها المناسب

وكذلك نقول اذا بدل آية قرآنية او نسخها فلا يجوز لأحد أن يعترض على ذلك لأن الله يعلم المناسبة في وقتها المناسب وبالمناسبة هذه ما تسمى الحكمة !
-راجع النسخ في أي شيء يكون -

وايضا يلزم على قولهم بأن الآية سماوية البداء ايضا فاذا انتفت عندهم الحكمة من النسخ فيلزم انتفاء الحكمة من نسخ الايات السماوية !

قولهم

إن هذا القانون يظهر في عهد كل نبي، حيث يتلقى وحيًا إنذاريًا مشروطًا، وقد يبدل اللّه هذا الوحي الإنذاري المشروط، كما حصل ذلك في قصة يونس عليه السلام، فبعد أن أخبر اللّه يونسَ -عليه السلام- أنَّ قومه سيهلكون، بدَّل اللّه ذلك لأنَّـهم قد تابوا

قلت: سبحان الله كيف يكون النسخ في آيات دون آيات عند هؤلاء " فبعد أن أخبر اللّه يونسَ -عليه السلام- أنَّ قومه سيهلكون، بدَّل اللّه ذلك لأنَّـهم قد تابوا"

نقول ايضا بعد أن أخبر الله ان في هذه الآية "لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (284)

بدل الله ذلك لأنهم المؤمنين أيضا تابوا وتمسكوا بأوامر الله على كل الاحوال ف أنزل الله "آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (285) لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) "

فأصبحت الاستطاعة شرط التكليف وتجاوز الله عن حديث النفس


قولهم


"إن اللّه تعالى يفي بوعده، ولكنـه قد يؤخر وعيده. يجب التفريق جيدًا بين تغيير الوعد وتغيير الوعيد، فالأول كَذِب -واللّه تعالى منـزَّه عن ذلك- والثاني كرم."

اقول يحتاج الى مزيد نظر لقوله تعالى " قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ (28) مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29)" ق


تفسير قوله تعالى" وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ"

قال الشنقيطي في اضواء البيان 2-445" ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أنه إذا بدل آية مكان آية، بأن نسخ آية أو أنساها، وأتى بخير منها أو مثلها ـ أن الكفار يجعلون ذلك سببا للطعن في الرسول صلى الله عليه وسلم؛ بادعاء أنه كاذب على الله، مفتر عليه. زعما منهم أن نسخ الآية بالآية يلزمه البداء، وهو الرأي المجدد، وأن ذلك مستحيل على الله، فيفهم عندهم من ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم مفتر على الله، زاعمين أنه لو كان من الله لأقره وأثبته، ولم يطرأ له فيه رأي متجدد حتى ينسخه.

والدليل على أن قوله: {بدلنا آية مكان آية} ، معناه: نسخنا آية وأنسيناها، قوله تعالى: {ما ننسخ من آية أو ننسها} ، وقوله: {سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله} [87/6، 7]، أي: أن تنساه.

والدليل على أنه إن نسخ آية أو أنساها، لا بد أن يأتي ببدل خير منها أو مثلها ـ قوله تعالى: {نأت بخير منها أو مثلها} [2/106]، وقوله هنا: {بدلنا آية مكان آية}.

وما زعمه المشركون واليهود: من أن النسخ مستحيل على الله لأنه يلزمه البداء، وهو الرأي المتجدد ـ ظاهر السقوط، واضح البطلان لكل عاقل؛ لأن النسخ لا يلزمه البداء البتة، بل الله جل وعلا يشرع الحكم وهو عالم بأن مصلحته ستنقضي في الوقت المعين، وأنه عند ذلك الوقت ينسخ ذلك الحكم ويبدله بالحكم الجديد الذي فيه المصلحة؛ فإذا جاء ذلك الوقت المعين أنجز جل وعلا ما كان في علمه السابق من نسخ ذلك الحكم، الذي زالت مصلحته بذلك الحكم الجديد الذي فيه المصلحة. كما أن حدوث المرض بعد الصحة وعكسه، وحدوث الغنى بعد الفقر وعكسه، ونحو ذلك لا يلزم فيه البداء؛ لأن الله عالم بأن حكمته الإلهية تقتضي ذلك التغيير في وقته المعين له، على وفق ما سبق في العلم الأزلي، كما هو واضح.


وقد أشار جل وعلا إلى علمه بزوال المصلحة من المنسوخ، وتمحضها في الناسخ بقوله هنا: {والله أعلم بما ينزل} ، وقوله: {نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير} ، وقوله: {سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى} ، فقوله: {نه يعلم الجهر وما يخفى} بعد قوله: {إلا ما شاء الله} ، يدل على أنه أعلم بما ينزل؛ فهو عالم بمصلحة الإنسان، ومصلحة تبديل الجديد من الأول المنسي."



قال ابن كثير 2-713" يخبر تعالى عن ضعف عقول المشركين وقلة ثباتهم وإيقانهم, وأنه لا يتصور منهم الإيمان وقد كتب عليهم الشقاوة, وذلك أنهم إذا رأوا تغيير الأحكام ناسخها بمنسوخها قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم: {إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ} أي كذاب, وإنما هو الرب تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد, وقال مجاهد: {بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} أي رفعناها وأثبتنا غيرها, وقال قتادة: هو كقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} الآية, فقال تعالى مجيباً لهم {قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ} أي جبريل {مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ} أي بالصدق والعدل {لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا} فيصدقوا بما أنزل أولاً وثانياً, وتخبت له قلوبهم {وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} أي وجعله هاديا وبشارة للمسلمين الذين آمنوا بالله ورسله."


قال الشوكاني في فتح القدير 3-278" { بل أكثرهم لا يعلمون } شيئا من العلم أصلا أو لا يعلمون بالحكمة في النسخ فإنه مبني على المصالح التي يعلمها الله سبحانه فقد يكون في شرع هذا الشيء مصلحة مؤقتة بوقت ثم تكون المصلحة بعد ذلك الوقت في شرع غيره ولو انكشف الغطاء لهؤلاء الكفرة لعرفوا أن ذلك وجه الصواب ومنهج العدل والرفق واللطف "


قال شيخ الاسلام " فأمره أن يقول : { نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ } ، فإن الضمير في قوله : { قُلْ نَزَّلَهُ } عائد على مافي قوله : { بِمَا يُنَزِّلُ } والمراد به القرآن، كما يدل عليه سياق الكلام وقوله : { وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ } فيه إخبار الله بأنه أنزله، لكن ليس في هذه اللفظة بيان أن روح القدس نزل به، ولا أنه منزل منه ." مجموع فتاوى التفسير 102

ماكـولا
12-09-2009, 02:09 PM
قالوا

أدلة إبطال النسخ
ومن الأدلة الدامغة التي تنقض "نسخ التلاوة" كما يسمونه هو الآيات الكريمة التالية:


قولـه تعالى" لا تحرك به لسانك لتعجل به انا علينا جمعه وقرآنه "

(القيامة:18-17)
لقد تعهد الله تعالى في هذه الآية بحفظ كتابه من خلال تعهده بجمعه وقراءته.
وقوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون). في هذه الآية يؤكد الله تعالى أنه سيحفظ هذا القرآن الكريم من خلال عدد من أدوات التوكيد، وهي: إن، ولام التوكيد.



نقول
وكم من عائب قولا صحيحا ... وآفته من الفهم السقيم
تصوُر المدموغ كل ما يقف عليه انه دامغ بسبب ما فيه من دمغ ليس حجة فعليه ان يضمد جراحه قبل ان يرمي حقبة من الزمن مليئة بالعلم واهله من لدن الصحابة ومن بعدهم بعدم الفهم والعلم

فغالب هذه الاعتراضات التي لا ترتقي لأن تكون شبهة اصلا لا تحتاج الى ابن كثير ولا القرطبي الموسوعي بل تحتاج الى قراءة السابق واللاحق من الايات في غالبها فضلا عن ان تكاتف الادلة والجمع بين كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم
والاية هكذا ولكن أمراض القلوب تبتر السابق واللاحق في موضع وتثبته في مواضع يقول الله " لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (19)" تماما كقوله تعالى " ولا تقربوا الصلاة " ف

يأخذ منها المتزندق ترك الصلاة , والايات التي معنى يأخذ منها المتقدين " انا علينا جمعه وقرآنه " وما بعدها بالنسبة له سراب

فقوله " فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18)
" قال ابن كثير " ثم قال: { إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ } أي: في صدرك، { وَقُرْآنَهُ } أي: أن تقرأه، { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ } أي: إذا تلاه عليك الملك عن الله عز وجل ، { فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } أي: فاستمع له، ثم اقرأه كما أقرأك، { ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } أي: بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه، ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا."

فمن بيانه نسخ الاوامر الشرعية تخفيفا لعباده وهو مما شرعه وأراده في الوقت المناسب له

ومن اللطائف ما ذكره السعدي رحمه الله " وفي هذه الآية أدب لأخذ العلم، أن لا يبادر المتعلم المعلم قبل أن يفرغ من المسألة التي شرع فيها، فإذا فرغ منها سأله عما أشكل عليه، وكذلك إذا كان في أول الكلام ما يوجب الرد أو الاستحسان، أن لا يبادر برده أو قبوله، حتى يفرغ من ذلك الكلام، ليتبين ما فيه من حق أو باطل، وليفهمه فهما يتمكن به من الكلام عليه..." والله المستعان


الحكمة في رفع التلاوة مع بقاء الحكم

وقد أجاب الزركشي عن الحكمة في بقاء التلاوة مع نسخ الحكم بقوله:

والجواب من وجهين

أحدهما: أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه والعمل به فيتلى لكونه كلام الله تعالى فيثاب عليه، فتركت التلاوة لهذه الحكمة.

وثانيهما: أن النسخ غالباً يكون للتخفيف، فأبقيت التلاوة تذكيراً بالنعمة ورفع المشقة.
انظر http://ejabh.m5zn.com/arabic_article_32676.html

http://islamqa.com/ar/ref/110237

الأول : ( أن نسخ الآية مع بقاء الحكم ليس مجرداً من الحكمة ، ولا خالياً من الفائدة ... بل فيه فائدة أي فائدة ، وهي حصر القرآن في دائرة محدودة تيسر على الأمة حفظه واستظهاره ، وتسهل على سواد الأمة التحقق فيه وعرفانه ؛ وذلك سورٌ محكم ، وسياج منيع ، يحمي القرآن من أيدي المتلاعبين فيه بالزيادة أو النقص ؛ لأن الكلام إذا شاع وذاع وملأ البقاع ، ثُمَّ حاول أحد تحريفه ، سرعان ما يعرف ، ويقابل بالإنكار ، وبذلك يبقى الأصل سليماً من التغيير والتبديل ، مصداقاً لقوله سبحانه : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ , لَحَـافِظُونَ } [ الحجر : 9 ] .


والخلاصة : أن حكمة الله قضت أن تنزل بعض الآيات في أحكام شرعية عملية ، حتى إذا اشتهرت تلك الأحكام ، نسخ سبحانه هذه الآيات في تلاوتها فقط ، رجوعاً بالقرآن إلى سيرته من الإجمال ، وطرداً لعادته في عرض فروع الأحكام من الإقلال ، تيسيراً لحفظه وضماناً لصونه : { وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 216 ، 232 ، آل عمران : 66 ، النور : 19 ] ) مناهل العرفان للزرقاني 2/236 .


والثاني : أن في نسخ التلاوة مع بقاء الحكم إظهاراً لمقدار طاعة هذه الأمة في المسارعة إلى بذل النفوس بطريق الظن من غير استفصال لطلب طريق مقطوع به ، فيسرعون بأيسر شيء كما سارع الخليل إلى ذبح ولده بمنام ، والمنام أدنى طرق الوحي انظر : البرهان في علوم القرآن للزركشي 2/168 ، 169


والثالث : ( أنه على فرض عدم علمنا بحكمة ولا فائدة في هذا النوع من النسخ ، فإن عدم العلم بالشيء لايصلح حجة على العلم بعدم ذلك الشيء ، وإلاَّ فمتى صار الجهل طريقاً من طرق العلم ؟ ثُمَّ إن الشأن في كل ما يصدر عن العليم الحكيم الرحمن الرحيم ، أن يصدر لحكمة أو لفائدة ، نؤمن بها وإن كنا لانعلمها على التعيين ، وكم في الإسلام من أمور تعبدية ، استأثر الله بعلم حكمتها ، أو اطلع عليها بعض خاصته من المقربين منه والمحبوبين لديه { وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ } [ يوسف : 76 ] { وَمَآ أُوتِيتُم مِّنَ ا؟لْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً } [ الإسراء : 85 ] ) مناهل العرفان في علوم القرآن للزرقاني 2/237 .


والوجه الرابع : وهو خاص بآية الرجم ، فالسر في نسخ تلاوتها مع بقاء حكمها أنها كانت تتلى أولاً لتقرير حكمها ، ردعاً لمن تحدثه نفسه أن يتلطخ بهذا العار الفاحش من شيوخ وشيخات ؛ حتى إذا ما تقرر هذا الحكم في النفوس ، نسخ الله تلاوته لحكمة أخرى هي الإشارة إلى شناعة هذه الفاحشة ، وبشاعة صدورها من شيخ وشيخة ، حيث سلكها مسلك ما لايليق أن يذكر فضلاً عن أن يفعل ، وسار بها في طريق يشبه طريق المستحيل الذي لايقع ؛ كأنه قال : نزهوا الأسماع عن سماعها ، والألسنة عن ذكرها ، فضلاً عن الفرار منها ومن التلوث برجسها ، كتب الله لنا الحفظ والتوفيق ؛ إنه على كل شيء قدير ظر : مناهل العرفان للزرقاني 2/213 ." بواسطة علوم القرآن عند ابن عبد البر 256 وما بعدها

ماكـولا
12-13-2009, 11:33 AM
قولهم


وأما أدلة إبطال نسخ الحكم، أي أدلة إبطال أن هنالك أحكاما قرآنية ملغية، فهي الآيات التالية
قوله "الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ
معنى الآية: أن آيات القرآن الكريم قد أحكمها الله تعالى كلها، ولا ريب أن إلغاء بعض الأحكام يتنافى مع الإحكام


أقول

" لا حول ولا قوة الا بالله , نعمة الفهم لا تنال لمن اتقى الله واراد به خير " واتقوا الله ويعلمكم الله " وقال " يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر الا أولوا الألباب"
ولو انتبه المتنبه الى ان الجواب من اية ذاتها " ثم فصلت ..."

قال السعدي " { أحكمت آياته } أي: أتقنت وأحسنت، صادقة أخبارها، عادلة أوامرها ونواهيها، فصيحة ألفاظه بهية معانيه.
{ ثم فصلت } أي: ميزت وبينت بيانا في أعلى أنواع البيان"


ومن جملة التفصيل الناسخ والمنسوخ

اما القرآن ففيه المتشابه وفيه المحكم وهو كله محكم قال الله " اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا [الزمر:23]

وقال الله " مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ"

قال صالح ال شيخ " فالقرآن متشابه لأنه بعضه يشبه بعضا آيات في التوحيد وآيات في التوحيد، وآيات في وصف أحد الرسل وبيان حاله مع قومه وآيات كذلك، آيات في الجنة والجنة والنار والنار والآخرة والآخرة، كذلك في صفات الله وصفات الله وهكذا فبعضه يشبه بعضا، في الأمر والنهي وفي الأمر والنهي، في الحلال والحرام في الحلال والحرام وهكذا.... والمحكم ما اتضحت دلالته وبان، والمتشابه ما يحتاج في بيان دلالته إلى اجتهاد أهل العلم فيه أو إلى رده للمحكم، ومن الاجتهاد أن يرد إلى المحكم، فالمتشابه من القرآن ما لم تتضح دلالته في نفسه، يشتبه على الناظر فيه..... معنى (هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ) أي هُنَّ الأصل الذي يُرجع إليه في الكتاب فالمحكمات البينات الواضحات، وما من آية مشتبهة في القرآن إلا ويمكن إرجاعها إلى محكم فيه، فمعنى (أُمُّ الْكِتَابِ) يعني هُنَّ أصل الكتاب الذي يرجع إليه؛ لأن الأم هي أصل الولد، وأم الكتاب الأصل الذي يرجع إليه الكتاب في آيِهِ وذلك أنها مشتملة على معاني الكتاب، ومن هذا كانت الفاتحة أم القرآن؛ لأن جميع آيات القرآن راجعة على آيات الفاتحة إما بظهور أو بشيء من البيان...."


وقال ايضا " وهنا تلحظ أنّ قوله (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ) فيه إثبات أنَّ القلوب زاغت قبل النظر في القرآن، فَهُم زاغوا قبل، ثم بعد ذلك تلمسوا الدليل على زيغهم، قال (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ) فزاغت قلوبهم ثم اتبعوا ما تشابه منه، (فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) يستدلون بما تشابه بما لم يتّضح معناه أو بما يحتمل أو بما لو رُدّ إلى المحكم لبان، (يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ) يعني يتبعونه ويجمعونه لأجل الاستدلال به، ويتركون المحكم." قلت وهنا الفرق بين أهل السنن واهل البدع أن اهل السنن ينظرون ثم يعتقدون اما اهل البدع فيعتقدون ثم يستدلون !


ثم قال"وهذا مثل ما حصل من النصارى أنَّهم نظروا في القرآن فزعموا أن رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - خاصّة بالعرب لقول الله جل وعلا "وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ"[الزخرف:44]، وأيضا في قول الله جل وعلا "وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ"[الشعراء:214]، فاحتجوا بآيات على خصوص بعثة محمد - صلى الله عليه وسلم - للعرب.

وهذا احتجاج بالمتشابه واتباع له؛ لأن في قلوبهم زيغا، فوجود الزيغ في القلوب، وهو عدم رد الكتاب، وعدم اتباع محمد عليه الصلاة والسلام، فتلمسوا وتتبعوا الدليل.
كذلك كما هو ظاهر في هذه الأمة الفرق الضالة من الخوارج والمرجئة والقدرية والمعتزلة وأشباه هذه الفرق، فإن كل فرقة احتجت بالمتشابه وتركت المحكم.
فأخذت بعض الآيات الخوارج على بدعتهم في تكفير صاحب الكبيرة استدلوا بقول الله جل وعلا "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا"[النساء:93]، فقالوا هذا يدل على أن فاعل الكبيرة كافر لأنه حكم عليه بأنه خالد في النار.
واحتجت المرجئة مثلا على بدعتهم بآيات، واحتجت القدرية على بدعتهم بآيات، والجبرية على بدعتهم بآيات.
إذن القرآن فيه احتجاج لكل صاحب زَيْغ، حتى في هذا العصر أتت طائفة وقالوا الصلوات في القرآن ثلاث؛ لأن جل وعلا لم يذكر في القرآن خمس صلوات فلا نصلي إلا ثلاثا.

وهنا قال عدد من أهل العلم المفسرين وغيرهم إن الحكمة من وجود المتشابه في القرآن الابتلاء؛ لأنه لو كان القرآن واضحا صار الزائغ عنه معاند فقط؛ لأنه واضح فلم يزيغ إلا المعاند، والله جل وعلا بحكمته جعل القرآن منه محكم ومنه متشابه لم تتضح دلالته؛ ليبتلي الناس كيف يعملون، هل يسلطون أهواءهم مستدلين بالمتشابه أم يتخلصون من الهوى، فيُرجعون المتشابه إلى المحكم، ويرجعون ذلك إلى الراسخين في العلم وإلى أهل العلم الذين يفهمون المتشابه فيفهمون المحكمات.
فإذن الحكمة من وجود المتشابه في القرآن الابتلاء، والله جل وعلا ابتلى الناس بالحياة "لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا" وابتلاهم بالرسول عليه الصلاة والسلام هل يؤمنون به أم لا يؤمنون «إنما بعثتك لأبتليك وأبتلي بك» كما في صحيح مسلم، وكذلك ابتلى الله جل وعلا الناس بالقرآن بجعل بعض القرآن متشابها؛ هل يُرجعونه للمحكم ويسلمون لأهل العلم أم أنهم يخوضون في المتشابه فيقعون في الفتنة.
لهذا قال أهل العلم بالتفسير معنى قوله (فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ) يعني ابتغاء فتنة أتباعهم كما نص عليه ابن كثير في تفسيره، فهم اتبعوا ما تشابه منه لأجل أن يُضِلوا ويفتنوا الأتباع معهم."
(شرح كشف الشبهات)


فليس في كتاب الله ما يشكل ولا مايتعارض الا مع صاحب هوى وسيأتي ما اعترض عليه اخوانهم النصارى واستشكلوه بزعمهم


وايضا قال الله " { وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا } [ طه : 114 ] . فانقضاء الوحي كقوله تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا"

فلكل فترة احكامها الشرعية من الفترة المكية الى الفترة المدنية , واستشكال هؤلاء المبتدعة المتقدينة كاستشكال اخوانهم السابقين " وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا"

قال الشنقيطي " أي: كذلك الإنزال مفرقا بحسب الوقائع أنزلناه لا جملة كما اقترحوا، وقوله: {لنثبت به فؤادك} ، أي: أنزلناه مفرقا، لنثبت فؤادك بأنزاله مفرقا.

قال بعضهم: معناه لنقوي بتفريقه فؤادك على حفظه؛ لأن حفظه شيئا فشيئا أسهل من حفظه مرة واحدة، ولو نزل جملة واحدة.
وقال بعضهم: ومما يؤكد ذلك أنه صلوات الله وسلامه عليه أمي لا يقرأ ولا يكتب."


وقال الله " وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث"

قال الشنقيطي " قرأ هذا الحرف عامة القرآء «فرقناه» بالتخفيف: أي بيناه وأوضحناه، وفصلناه وفرقنا فيه بين الحق والباطل. وقرأ بعض الصحابة {فرقناه} ، بالتشديد: أي أنزلناه مفرقا بحسب الوقائع في ثلاث وعشرين سنة. ومن إطلاق فرق بمعنى بين وفصل قوله تعالى: {فيها يفرق كل أمر حكيم...} الآية
وقد بين جل وعلا أنه بين هذا القرآن لنبيه ليقرأه على الناس على مكث، أي مهل وتؤدة وتثبت، وذلك يدل على أن القرآن لا ينبغي أن يقرأ إلا كذلك"


وقال ابن كثير " وقوله: { وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ } أما قراءة من قرأ بالتخفيف، فمعناه: فصلناه من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة من السماء الدنيا، ثم نزل مُفرقًا منجما على الوقائع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاث وعشرين سنة. قاله عكرمة عن ابن عباس.
وعن ابن عباس أيضًا أنه قال { فَرَقْنَاهُ } بالتشديد، أي: أنزلناه آية آية، مبينًا مفسرًا؛ ولهذا قال: { لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ } أي: لتبلغه الناس وتتلوه عليهم { عَلَى مُكْثٍ } أي: مَهَل { وَنزلْنَاهُ تَنزيلا } أي: شيئًا بعد شيء."
وقال الله{مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ}[الإسراء:2] مُحْدَثْ يعني حَدِيْثْ جَدِيْدْ
وقال الله {وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ}[الشعراء:5].



فهؤلاء استشكلوا كون القرآن لم ينزل دفعة واحدة والا لزم انه تجدد له امور بعد ان لم تكن ماثلة له في البداية تعالى الله عن جهلهم و المتقدينون استشكلوا النسخ بعد اتمام الشريعة –بزعمهم- والزموا بالبداء ايضا

فلا هؤلاء ولا هؤلاء ادركوا حكمة الله في التخفيف على عباده والتدرج بهم , وايضا لم يدركوا ان لكل مقام مقال فلا يصح ان يرشد الله نبيه صلى الله عليه وسلم في بداية الدعوة ولما يدعوا الناس الى توحيد الله ونبذ الشرك الى الجهاد في سبيله وقتال قريش " جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم " ولما يدخل في الاسلام احد !!

ولا يصح ان يبين ايات الحرابة والقتال بين المسلمين وكيفية التعامل مع ذلك الا لما يستقر امر المسلمين فيبين الله له القصاص واحكامه وهكذا , وكذا النسخ فان الله قد تدرج مع عباده في الخمر ثم حرمها مطلقا وكان هذا والشريعة لم تكتمل بعد وفي بعض مواضع النسخ يكون تحفيفا ورحمة من الله على عباده , وبعضها كان بسبب اجتهادهم في عبادتهم والانقياد فخفف الله عنهم تماما كالاقدار المعلقة وتماما كما ذكر المتقدينون



" كما حصل ذلك في قصة يونس عليه السلام، فبعد أن أخبر اللّه يونسَ -عليه السلام- أنَّ قومه سيهلكون، بدَّل اللّه ذلك لأنَّـهم قد تابوا

ونحن نقول بدل الله بعض اوامره عن المسلمين لأنهم قد أذعنوا وانقادوا لأمر الله فخفف عنهم فما ينقم المتفذلكون ؟

وليتأمل المتأمل قوله تعالى " سَيَقُولُ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (142) وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ (143) قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)" البقرة

وان كانت الايات لا تحتاج الى توضيح لمن اراد الله به خيرا الا اني اقول
قال ابن كثير "قيل المراد بالسفهاء هاهنا: المشركون؛ مشركو العرب، قاله الزجاج. وقيل: أحبار يهود، قاله مجاهد. وقيل: المنافقون، قاله السدي. والآية عامة في هؤلاء كلهم، والله أعلم"

وقال ايضا " ولما وقع هذا حصل لبعض الناس -من أهل النفاق والريب والكفرة من اليهود -ارتياب وزيغ عن الهدى وتخبيط وشك، وقالوا: { مَا وَلاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا } أي: ما لهؤلاء تارة يستقبلون كذا، وتارة يستقبلون كذا؟ فأنزل الله جوابهم في قوله: { قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ } أي: الحكم والتصرف والأمر كله لله، وحيثما تولوا فثمَّ وجه الله، و { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ } [ البقرة : 177]أي: الشأن كله في امتثال أوامر الله، فحيثما وجهنا توجهنا، فالطاعة في امتثال أمره، ولو وجهنا في كل يوم مرات إلى جهات متعددة، فنحن عبيده وفي تصريفه وخُدَّامُه، حيثما وجَّهَنا توجهنا، وهو تعالى له بعبده ورسوله محمد -صلوات الله وسلامه عليه وأمتِه عناية عظيمة؛ إذ هداهم إلى قبلة إبراهيم، خليل الرحمن، وجعل توجههم إلى الكعبة المبنية على اسمه تعالى وحده لا شريك له، أشرف بيوت الله في الأرض، إذ هي بناء إبراهيم الخليل، عليه السلام، ولهذا قال: { قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ."

وقال أيضا " وقوله تعالى: { وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ } يقول تعالى: إنما شرعنا لك -يا محمد -التوجه أولا إلى بيت المقدس، ثم صرفناك عنها إلى الكعبة، ليظهر حالُ من يَتَّبعك ويُطيعك ويستقبل معك حيثما توجهتَ مِمَّن ينقلب على عَقبَيْه، أي: مُرْتَدّاً عن دينه { وَإِنْ كَانَتْ لَكَبِيرَةً } أي: هذه الفعلة، وهو صرف التوجه عن بيت المقدس إلى الكعبة، أي: وإن كان هذا الأمر عظيماً في النفوس، إلا على الذين هدى الله قلوبهم، وأيقنُوا بتصديق الرسُول، وأنَّ كلَّ ما جاء به فهو الحقّ الذي لا مرْية فيه، وأن الله يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد، فله أن يكلّف عباده بما شاء ، وينسخ ما يشاء، وله الحكمة التامة والحجة البالغة في جميع ذلك، بخلاف الذين في قلوبهم مرض، فإنه كلما حدث أمر أحدث لهم شكّاً، كما يحصل للذين آمنوا إيقان وتصديق، كما قال الله تعالى: { وَإِذَا مَا أُنزلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْسًا إِلَى رِجْسِهِمْ } [ التوبة : 124 ،125] وقال تعالى: { قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاءٌ وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذَانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى } [ فصلت : 44] وقال تعالى: { وَنُنزلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلا خَسَارًا } [ الإسراء: 82]. ولهذا كان مَن ثَبَتَ على تصديق الرسول صلى الله عليه وسلم واتباعه في ذلك، وتوجه حيثُ أمره الله من غير شك ولا رَيْب، من سادات الصحابة."

أي والله "وان كانت لكبيرة الا على الذين هدى الله " ونقول " فبهداهم اقتده" ولا يرتاب في كتاب الله الا المرتابون ولله الامر من قبل ومن بعد

قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه " ... ولا يهلك على الله تعالى الا هالك" مسلم وغيره
فمن لم تسعه كل هذه الادلة وسد طريق الهداية في وجه فهو الهالك

ماكـولا
12-14-2009, 10:29 PM
استدلوا على باطلهم ب


قول الله " لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد " فصلت 43
النسخ الذي يقولون به يعني إبطال الحكم، والآية الكريمة تنفي أن يكون القرآن يأتيه أي باطل. ولا شك أن إبطال حكم الآية يجعل الباطل يأتيها؛ لأن القائلين بنسخ الحكم يقولون: لا يجوز أن يُتبع الحكم المنسوخ، بل من البطلان اتباعه. أي أنهم يقولون بأن القرآن يأتيه الباطل، وهذا بخلاف الآية.


أقول :

هكذا يكون الأخذ بالمتشابه وترك المحكم والمحكم يصبح متشابه والمتشابه محكم تماما كما يسود الرويبضة بدل الامين العليم والكذوب بدل الصادق فانا لله
يقول الله " إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير (40) إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز (41) لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد (42)"

فالإلحاد الميل بالكلام الى غير معناه ومنه الالحاد اللفظي والمعنوي تماما كهذا الالحاد الذي معنى بالايمان بآية دون أخرى والايمان ببعض القرآن دون بعض لاستشكال لا يرقى لأن يكون اشكالا انما هي وساوس شيطانية
فالله يخبر بأن القرآن المتحدى به مع بيانه وسهولة وناسخه ومنسوخه لا يأتيه الباطل بشتى الصور بل هو محفوظ ومتعهد بحفظه منذ أن مات النبي صلى الله عليه وسلم الى ان يرث الله الارض ومن عليها
ولقد كان النسخ معروفا عند تلاميذ النبي صلى الله عليه وسلم ولم يستشكلوا ما استشكلوه هؤلاء المتعالمين المتغربين ! فأمر وسع الذين من قبلهم ولم يسعهم فلا وسع الله على من لم يسع ما وسعهم

الباطل في لسان العرب قال ابن منظور 11-56 (بطل) بَطَل الشيءُ يَبْطُل بُطْلاً وبُطُولاً وبُطْلاناً ذهب ضيَاعاً وخُسْراً فهو باطل وأَبْطَله هو ويقال ذهب دَمُه بُطْلاً أَي هَدَراً وبَطِل في حديثه بَطَالة وأَبطل هَزَل والاسم البَطل والباطل نقيض الحق والجمع أَباطيل.... والبَطَلة السَّحَرة مأْخوذ منه وقد جاء في الحديث ولا تستطيعه البَطلة قيل هم السَّحَرة .... والتَّبَطُّل فعل البَطَالة وهو اتباع اللهو والجَهالة وقالوا بينهم أُبْطُولة يَتَبَطَّلون بها أَي يقولونها ويتداولونها وأَبْطَلت الشيءَ جعلته باطلاً وأَبْطل فلان جاء بكذب وادَّعى باطلاً وقوله تعالى وما يبدئ الباطل وما يعيد قال الباطل هنا إِبليس أَراد ذو الباطل أَو صاحب الباطل وهو إِبليس وفي حديث الأَسود بن سَرِيع كنت أُنشد النبي صلى الله عليه وسلم فلما دخل عمر قال اسكت إِن عمر لا يحبُّ الباطل ( رواه احمد ضعيف فيه علي بن زيد بن جدعان )قال ابن الأَثير أَراد بالباطل صِناعَة الشعر واتخاذَه كَسْباً بالمدح والذم فأَما ما كان يُنْشَدُه النبيُّ صلى الله عليه وسلم فليس من ذلك ولكنه خاف أَن لا يفرق الأَسود بينه وبين سائره فأَعلمه ذلك..."

فان كان المقصود هو ان الآية باطلة بذاتها فهذا كفر بالله جل كلام الله عن ذلك
وان كان المعنى انه أُبطل العمل بها بأمر من الله ونسخ " ما ننسخ من آية او ننسها نأت بخير منها او مثلها " فهو ابطال لها وانتقال الى آية اخرى لحكمة الله
اما الايات التي " لا يأتيه الباطل من بين يديه " فسابقتها تبين أن هذا الالحاد في الايات" إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير إن الذين كفروا بالذكر لما جاءهم وإنه لكتاب عزيز "

فيدل على انه يخبرهم باعجاز القرآن وانه لا يأتيه الباطل ولا تحرف أحكامه وأخباره وأوامره ونواهيه وناسخه ومنسوخه

فقد قال الله {وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}

قال الشنقيطي "الحق في لغة العرب: الثابت الذي ليس بزائل ولا مضحمل. والباطل: هو الذاهب المضمحل. والمراد بالحق في هذه الآية: هو ما في هذا القرآن العظيم والسنة النبوية من دين الإسلام. والمراد بالباطل فيها: الشرك بالله، والمعاصي المخالفة لدين الإسلام.

وقد بين جل وعلا في هذه الآية الكريمة: أن الإسلام جاء ثابتا راسخا، وأن الشرك بالله زهق. أي ذهب واضمحل وزال. تقول العرب: زهقت نفسه: إذا خرجت وزالت من جسده.
ثم بين جل وعلا أن الباطل كان زهوقا، أي مضمحلا غير ثابت في كل وقت. وقد بين هذا المعنى في غير هذا الموضع. وذكر أن الحق بزيل الباطل ويذهبه. كقوله: {قل إن ربي يقذف بالحق علام الغيوب قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} ، وقوله: {بل نقذف بالحق على الباطل فيدمغه فإذا هو زاهق ولكم الويل مما تصفون} الآية.

فالمقصود من الاية التي استدلوا بها هو ان القرآن محفوظ من عبث العابثين من لدن النبي صلى الله عليه وسلم الى ان يرفع المصحف وان الله قد تكفل بحفظ دينه

ماكـولا
12-15-2009, 10:19 PM
واستدلوا على باطلهم



بقول الله " أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا " النساء

عند القائلين بالنسخ، فإن الآية الناسخة تلغي الآية المنسوخة لأن هناك اختلافا وتناقضا بين حكميْهما. وهذه الآية الكريمة تؤكد أن هذا غير موجدود في كتاب الله، بل هو في كتب البشر. وهذا المنطق تحتج به الآية على صدق القرآن الكريم، وكأن القائلين بالنسخ يكفرون بهذه الحجة!

اقول : سبحان الله الواحد القهار ما احلمه على عباده وما أجرئهم على كتابه قد قال الله " هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ (7)"
فاذا وقعت عين هذا الأحول على ايات من كتاب الله منشأها الجهل المكبوت في جوفه اتهم آيات الله بأنها متعارضة وو الخ شأن الزنادقة وهذا هو مذهب المستشرقين والنصارى الحاقدين الذي تسلل الى هذه الجماعة
قد اخبرنا الله في هذه الايات انه جعل القرآن منه ما هو محكم ومنه ما هو متشابه فيرد المتشابه الى المحكم , ولكن أهل الزيع تمسكوا بالمتشابه ورموا الامة بالجهل ووسموهم بالكفر ! فاننا لله
اما الراسخون في العلم يؤمنون بمحكمه ومتشابه ويعرفون تأويله والجمع بين الايات وكان ابن عباس يقول انا ممن يعرف تأويله
فما من مبتدع الا وقد نزع بآية من القرآن ينصر بها باطله من لدن الخوارج مرورا بالقدرية صاعدين على الجهمية مستقرين على القاديانية
فللجاهل أيضا ان ينزع بهذه الاية انه ثمة اختلافا كثيرا في كتاب الله شأن النصارى في كتاب الله وما ذاك الا لشيء في صدورهم ما هم ببالغيه فنعوذ بالله منهم

ماكـولا
12-16-2009, 09:00 PM
واستدلوا على باطلهم ب
قوله تعالى" واتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ولن تجد من دونه ملتحدا" الكهف


اقول : كلمات الله منها الكونية ومنها الشرعية فمثل كلام الله الكوني " ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله"

وقال تعالى " قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا"

اما الكلمات الشرعية فمثل قوله " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه "

قال شيخ الاسلام في مجموع فتاوى التفسير 4-270" قال تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا لاَّ مُبَدِّلِ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [ الأنعام : 115 ] . فإن الكلام إما إنشاء وإما إخبار . فالإخبار صدق، لا كذب، والإنشاء ـ أمر التكوين وأمر التشريع ـ عدل، لا ظلم . والقدرية المجوسية كذبوا بما أخبر به عن خلقه وشرعه من أمر الدين، والإبليسية جعلوه ظالمًا في مجموعهما، أو في كل منهما ."


وقال ابن ابي العز " وكلمات الله نوعان : كونية ، ودينية فكلماته الكونية هي التي استعاذ بها النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : « أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر » . قال تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون }. وقال تعالى : { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته } . والكون كله داخل تحت هذه الكلمات ، وسائر الخوارق والنوع الثاني : الكلمات الدينية ، وهي القرآن وشرع الله الذي بعث به رسوله ، وهي أمره ونهيه وخبره ، وحظ العبد منها العلم بها ، والعمل ، والأمر بما أمر الله به ، كما أن حظ العباد عموما وخصوصا العلم بالكونيات والتأثير فيها ، أي بموجبها . فالأولى تدبيرية كونية ، والثانية شرعية دينية"

فقول الله " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته"

قال ابن كثير " قال قتادة: صدقا فيما قال وعدلا فيما حكم.
يقول: صدقا في الأخبار وعدلا في الطلب، فكل ما أخبر به فحق لا مرية فيه ولا شك، وكل ما أمر به فهو العدل الذي لا عدل سواه، وكل ما نهى عنه فباطل، فإنه لا ينهى إلا عن مَفْسَدة، كما قال: { يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ } إلى آخر الآية [الأعراف: 157].

{ لا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ } أي: ليس أحد يُعقِّبُ حكمه تعالى لا في الدنيا ولا في الآخرة، { وَهُوَ السَّمِيعُ } لأقوال عباده، { الْعَلِيمُ } بحركاتهم وسكناتهم، الذي يجازي كل عامل بعمله."

فالممعنى لا تبديل لقضاء الله الذي يقضيه فى شؤون الكائنات
وكذا في قوله تعالى " { وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً }(الكهف27)


وحتى لو كان المراد من " كلماته " آياته المنزلة فى القرآن " فإنه ـ كذلك ـ لا مبدل لها من الخلق فهي باقية محفوظة كما أنزلها الله عز وجل ، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . أي انها محفوظة


قال الرازي في مفاتيح الغيب 6-451" المسألة الثانية : أن تعلق هذه الآية بما قبلها أنه تعالى بين في الآية السابقة أن القرآن معجز ، فذكر في هذه الآية أنه تمت كلمة ربك ، والمراد بالكلمة القرآن أي تم القرآن في كونه معجزاً دالاً على صدق محمد عليه السلام ، وقوله : { صِدْقاً وَعَدْلاً } أي تمت تماماً صدقاً وعدلاً ، وقال أبو علي الفارسي : { صِدْقاً وَعَدْلاً } مصدران ينصبان على الحال من الكلمة تقديره صادقة عادلة ، فهذا وجه تعلق هذه الآية بما قبلها .

فالصفة الأولى : كونها تامة وإليه الإشارة بقوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ } وفي تفسير هذا التمام وجوه : الأول : ما ذكرنا أنها كافية وافية بكونها معجزة دالة على صدق محمد عليه الصلاة والسلام ، والثاني : أنها كافية في بيان ما يحتاج المكلفون إليه إلى قيام القيامة عملاً وعلماً ، والثالث : أن حكم الله تعالى هو الذي حصل في الأزل ، ولا يحدث بعد ذلك شيء ، فذلك الذي حصل في الأزل هو التمام ، والزيادة عليه ممتنعة ، وهذا الوجه هو المراد من قوله صلى الله عليه وسلم : « جف القلم بما هو كائن إلى يوم القيامة »"

اقول وهل آيات الله جل جلاله غير تامة او ناقصة او غير معجزة بوجود الناسخ والمنسوخ ؟؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

قال ابن الجوزي في زاد المسير 2-399" وفي قوله : { لا مبدِّل لكلماته } قولان . أحدهما : لا يقدر المفترون على الزيادة فيها والنقصان منها والثاني : لا خُلف لمواعيده ، ولا مغير لحكمه "

اقول لو كان في النسخ افتراء او كذب او ماشابه هل بقي من القرون السالفة ال عهدنا لا احد يستطيع ايقاف هذه العقيدة الى ان سخر الله لها اعجمي متأنجلز ؟


ويقول الفخرالرازي ايضا 6-452" الصفة الثالثة : من صفات كلمات الله كونها عدلاً وفيه وجهان : الأول : أن كل ما حصل في القرآن نوعان ، الخبر والتكليف . أما الخبر فالمراد كل ما أخبر الله عن وجوده أو عن عدمه ويدخل فيه الخبر عن وجود ذات الله تعالى وعن حصول صفاته أعني كونه تعالى عالماً قادراً سميعاً بصيراً ، ويدخل فيه الأخبار عن صفات التقديس والتنزيه كقوله : { لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ } [ الإخلاص : 3 ]

وكقوله : { لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ } [ البقرة : 255 ] ويدخل فيه الخبر عن أقسام أفعال الله وكيفية تدبيره لملكوت السموات والأرض وعالمي الأرواح والأجسام ، ويدخل فيه كل أمر عن أحكام الله تعالى في الوعد والوعيد والثواب والعقاب ، ويدخل فيه الخبر عن أحوال المتقدمين ، والخبر عن الغيوب المستقبلة ، فكل هذه الأقسام داخلة تحت الخبر ، وأما التكليف فيدخل فيه كل أمر ونهي توجه منه سبحانه على عبده سواء كان ذلك العبد ملكاً أو بشر أو جنياً أو شيطاناً وسواء كان ذلك في شرعنا أو في شرائع الأنبياء عليهم السلام المتقدمين ، أو في شرائع الملائكة المقربين الذين هم سكان السموات والجنة والنار والعرش وما وراءه مما لا يعلم أحوالهم إلا الله تعالى .

وإذا عرفت انحصار مباحث القرآن في هذين القسمين فنقول : قال تعالى : { وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ صِدْقاً } إن كان من باب الخبر { وَعَدْلاً } إن كان من باب التكاليف ، وهذا ضبط في غاية الحسن .

والقول الثاني : في تفسير قوله : { وَعَدْلاً } أن كل ما أخبر الله تعالى عنه من وعد ووعيد وثواب وعقاب فهو صدق لأنه لا بد وأن يكون واقعاً ، وهو بعد وقوعه عدل لأن أفعاله منزهة عن أن تكون موصوفة بصفة الظلمية .

الصفة الرابعة : من صفات كلمة الله قوله : { لاَ مُبَدّلَ لكلماته } وفيه وجوه : الأول : أنا بينا أن المراد من قوله : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبّكَ } أنها تامة في كونها معجزة دالة على صدق محمد صلى الله عليه وسلم .

ثم قال : { لاَّ مُبَدّلَ لكلماته } والمعنى أن هؤلاء الكفار يلقون الشبهات في كونها دالة على صدق محمد عليه الصلاة والسلام إلا أن تلك الشبهات لا تأثير لها في هذه الدلائل التي لا تقبل التبديل البتة لأن تلك الدلالة ظاهرة باقية جلية قوية لا تزول بسبب ترهات الكفار وشبهات أولئك الجهال .

والوجه الثاني : أن يكون المراد أنها تبقى مصونة عن التحريف والتغيير كما قال تعالى : { إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر وَإِنَّا لَهُ لحافظون } [ الحجر : 9 ] .

والوجه الثالث : أن يكون المراد أنها مصونة عن التناقض كما قال : { وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً } [ النساء : 82 ] .

والوجه الرابع : أن يكون المراد أن أحكام الله تعالى لا تقبل التبديل والزوال لأنها أزلية والأزلي لا يزول .
واعلم أن هذا الوجه أحد الأصول القوية في إثبات الجبر ، لأنه تعالى لما حكم على زيد بالسعادة وعلى عمرو بالشقاوة ، ثم قال : { لاَ مُبَدّلَ لِكَلِمَات الله } يلزم امتناع أن ينقلب السعيد شقياً وأن ينقلب الشقي سعيداً ، فالسعيد من سعد في بطن أمه ، والشقي من شقي في بطن أمه "

قلت ولكل منا طريقان باستطاعة المكلف سلوكه لما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم " مامنكم من أحد إلا له منزلان منزل في الجنة ومنزل في النار . فإذا مات فدخل النار ورث أهل الجنة منزله . فذلك قوله تعالى أولئك هم الوارثون" ابن ماجه 4341 وصححه الالباني


ولما في المسند من حديث أبي سعيد الخدري 11013 عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل المؤمن في القبر"... فيقول صدقت ثم يفتح له باب إلى النار فيقول هذا كان منزلك لو كفرت بربك فأما إذ آمنت فهذا منزلك فيفتح له باب إلى الجنة ..." ويقال للكافر" ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقول هذا منزلك لو آمنت بربك فأما إذ كفرت به فإن الله عز و جل أبدلك به هذا ويفتح له باب إلى النار"


قلت فالحاصل انه لا تعارض بين " بين قوله تعالى { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } فهو يثبت النسخ في القرآن، قوله تعالى { و اتل ما أوحي إليك من ربك لا مبدل لكلماته } و لا تناقض فالآية الأولى تتحدث عن نسخ الله بعض الأحكام وفقاً لمصلحة العباد ، فيما تذكر الثانية أن أحداً غير الله لا يستطيع أن يبدل كلماته ." – موقع ابن مريم-



واستدلوا أيضا ب قوله تعالى "ذلك الكتاب لا ريب فيه "

ولا أدري ما وجه الدلالة الا اذا اعبروا ان النسخ فيه ريبة ولا ريبة فيه الا عند ارباب الشك و الارتياب