المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أضحيات العيد بانتظار حبال المشانق



muslimah
11-25-2009, 07:07 PM
رهينات.. بانتظار حبال المشانق!

ذكرى محمد نادر

على هامش قرار الاعدام بحق سجينات عراقيات وتوقعات تنفيذه في بداية ايام عيد الاضحى!
وبما اننا قد تحولنا الى ارقام.. ارقام تقدر اعداد موتانا اليومية.. واعداد المقابر المحفورة والمجهزة سلفا.. لأناس لم يعودوا يحملون اسماءهم، بل ارقام تسلسل موتهم ومشانقهم المعدة باتقان شديد!.. فنحن وقد حولتنا جهود حكومات الاحتلال الى اناس مفرغين من معاني الوجود والقيمة الانسانية كلها الى مجرد قطيع ينتظر بصمت او بصخب, او بتضجر, او بخوف, وعلى الاغلب بترقب, سواء لقرار حكومي يوقعه القضاء.. ام لفصيل يرتدي زي الاجهزة الامنية ليجهز كما فعل من قبل عشرات المرات, ومؤخرا في منطقة ابو غريب بذبح 14 عراقياً بلا جريرة سوى الرغبة في ترهيب العراقي وتركيعه، فهو ليس قتلاً بدم بارد، وانما.. بتلذذ مدروس وممنهج.. امام بيوتهم, او في جوامعهم على سجاجيد الصلاة, او خلف مراكز الشرطة, او قرب المقابر لتوفير المشقة على انفسهم بنقل الجثث الى مكان ابعد! فلم يعد الفرق كبيراً فالموت واحد وانه قد يكون مؤجلا وحسب, لكنه قادم لرقاب تعيش تحت ظل واقع احتلال يومي ومصادرة مشينة لحق الوجود الانساني.. واسباب القتل ليست ذات اهمية للبحث عنها فما عادت الاجهزة الامنية تتكلف فيها جهدا استثنائيا في ايجادها.. انها ذريعة جاهزة مقدما "الارهاب".. فبعرف الحكومة الاحتلالية الرابعة وما سبقها من حكومات, كل من لا يتفق معها فهو عدوها حسب السياق الاخلاقي الامريكي الذي سوقه راعيهم الاعلى بوش" من ليس معي فهو ضدي" ويستحق الموت.. وبالتأكيد فان كل ما يمت لمقاومتها ومقاومة المحتل هو ارهاب يجب جز عنقه!
وبما اننا مجرد ارقام لا غير فليس مهما لنا ان نعرف ان هناك رقماً نسوياً يقدر بالاف المعتقلات داخل سجون الاجهزة الامنية العراقية يعانين اشكال الجور والاضطهاد والبؤس.. والتقارير المسربة من داخل تلك السجون, وافادات الشهود تتحدث حالياعن 126 امراة منهن, يستعددن خلال ايام لاستقبال حبال مشانق العيد.. والضحايا نساء لا خراف!
تقارير الامم المتحدة تخبرنا عن ارتفاع خطر وغير مسبوق في بلد كالعراق, قبل احتلاله باعداد من ينتظرون لحظة الاعدام وبلغة الارقام تقول تلك التقارير الاممية ان 1000 سجين مشكوك بادانتهم تنتظر اوراقهم توقيع رئيس الحكومة لبدء مراسيم الموت.. فبعرف اخلاقيات حكومة الاحتلال الرابعة ان الموت لابد ان يكون مشرعناً بتوقيع رئاسة الجمهورية!
وبانتظار التوقيع الحكومي.. دعونا نذكركم وانت تستقبلون عيد الاضحى.. ان هذا الاضحى سيكون له طعم آخر.. طعم دم آخر مسفوح.. دم نسوي خالص.. دم عراقي سيجف بعروق رقاب تسعة نساء جزعات يجهزن انفسهن لزفة الموت المرتقبة لما قبل العيد!
وليس غريبا طبعا ان توقع رئاسة الحكومة على اوراق الموت في أضاحينا.. ففي العراق ملايين الاضاحي تترقب موتها كل حين!
النسوة العراقيات اللواتي ينتظرن صدور لحظة الشروع بالقضاء عليهن.. تتراوح اتهاماتهن ما بين جنائية ملتبسة وغامضة تماما تعتمد في ادلتها على المخبر السري, وما بين تهم الارهاب وجميعن نسوة لم يتجاوزن سن الثلاثين من اعمارهن.. واغلبهن امهات وبعضهن يعشن داخل السجون صحبة اطفالهن.. وتقارير المنظات الاممية مثل منظمة "يونامي" الصادر عام 2008 تصف القضاء العراقي بأنه "قضاء لا يلبي الحد الادنى من المعايير المطلوبة للمحاكمات"! وتقيمه بانه غير قادر على الايفاء بشروط العدالة! وتشكك بنزاهة قضائه.. منظمة الشفافية الدولية وفي لائحتها الجديدة لهذا العام تضع الجهاز الحكومي والقضائي في صدارة الاجهزة الحكومية الفاسدة وبجدارة لا تنافسها فيه سوى افغانستان!
تقارير وزارة حقوق الانسان العراقية لم تبتعد كثيرا عن هذا التوصيف ومع انها واحدة من وزارات حكومة بظل احتلال, فقد اجبرها الواقع المهين لوضع الاستجوابات في السجون العراقية ان تعترف بأن" الاعترافات تنتزع من المتهمين بالقسوة والتعذيب والترهيب والاهانة والاغتصاب"!
وزيرة شؤون المرأة السيدة نوال السامرائي في حكومة الاحتلال الرابعة لم تستطع احتمال وزر الاف السجينات اللواتي بلغ تعدادهن 4000 سجينة من بينهن وحسب تقارير هذه الوزارة 22 وضعن اطفالا سفاحا داخل السجون اعترفت "السامرائي", انها لن تستطيع عملا يمكنه مساعدة الضحايا في السجون العراقية.. فقدمت استقالتها اثرها كاحتجاج صامت! على الاقل لإراحة ضمير لم يعد يحتمل اكثر!
النائب حارث العبيدي كانت حصته اكبر, فهو قدم حياته اثر زيارته لسجون الداخلية وبعد خطبة يوم الجمعة التي تحدث فيها عن زيارته للسجون العراقية ومشاهدته المروعة لتلك السجون وعن ارقام النسوة العراقيات فيه.. فهن مجرد ارقام معدومة الكرامة!
وبعد صلاة اخر جمعة له في حياته وزيارته للسجون كممثل للجنة حقوق الانسان في البرلمان العراقي وكوسيلة فعالة لاسكات صوته, وقع القتلةعلى جسده امضاءا, ببضعة اطلاقات ثمنا مناسبا لسكوته!
تقارير منظمة هيئة ارادة المرأة العراقية تحدثنا عن الترويع الذي لا يمكن ان تصل إليه مخيلة بمثال, عن معتقل صرخ بوجه سجانيه "اوقع لكم.. أبصم لكم بأصابعي العشرة على أي اعتراف تريدون!" وكان حراس السجن يقتادون زوجته امامه.. لا شيء مهماً هنا فإذلال الرجال باعراضهم أمر يومي ومعتاد عليه ومستساغ الطعم لناهشي الانسان العراقي من ضباع المنطقة الخضراء!
دولة قانون القتل المشرعن بتوقيع حكومي غير مستعدة للاعلان عن ارقام السجينات! وتحجب متعمدة اي مصادر معلومات عن اوضاعهن او عن التهم الموجهة إليهن.. وتحجب عنهن اي مرافعة قانونية وتحرمهن الحق في لقاء محام يدافع عن قضاياهن, فحتى هذا الحق مصادر.
وارقام السجينات, تتفاوت وتتضارب, تقترب او تبتعد عن بضعة آلاف او تنزل الى المئات غير مهم طبعا.. فنحن بالنسبة للحكومة مجرد ارقام! ولكن الاخبار الاكيدة تطلعنا بان 9 نساء منهن, بانتظار العيد لينحرن على مذبح الدم قراطية.. دم قراطية الحكومة الرابعة في كنف بساطيل الاحتلال.. في وقت ما زالت فيه الذاكرة تفيض المً غير منسي, بتذكر دماء 72 امرأة من نساء الفلوجة تلطخ اسيجة الدور والاسطح عندما قام جنود الاحتلال الامريكي بقنصهن تشفيا فيهن.. في منتصف جباههن.. فهن على وفق قانون القتلة الديمقراطيون رقم يشطب وحسب!
ولو سئلت عراقية عما اذا تفضلين الموت قنصا او ان تكوني في احد سجون الداخلية.. حتما ستختار القنص! لانه اكثر كرامة من الاغتصاب وانتظار الموت في سجون ضباع الداخلية!
ولكل رجل عراقي يتباهى برجولته.. اتقدم بسؤال بسيط ان استطاع الاجابة عنه بصدق.. اسأله: أتراك تتخيل أنك أو زوجك أو ابنتك او أي من بقية عرضك, ستكون بعيدا عن أيدي "رجال القانون" ولو انك أخ أو أب أو زوج لواحدة ممن يقبعن بلا رحمة ترتجى بين أيدي جلادي القرن الواحد والعشرين.. أية غصة ستعيش, وأية لوبة روح ستعاني وأية كرامة مهدورة ستداوي.. وهل تظن ان هذا الموقف سيكون بعيدا عنك مستقبلا!
وأيم الحق إني لا أفهم كيف تهان المروءة والرجولة وكيف تسحق الكرامة الانسانية.. وكيف تذل نساؤنا.. فيما يصك الرجال افواههم ويخبئون وجوههم ويحنون رقابهم!
إنهن بناتكم, أخواتكم, زوجاتكم, أمهاتكم, عماتكم, وخالاتكم, أعراضكم.. إنهن عراقياتكم اللواتي تهان كرامتهن وتداس تحت البساطيل غدائرهن الشريفة.. فيما يتنافخ بعضكم بالمناصب والمكاسب وحفنات من دولارات الخزي.. إنها عفتنا نحن الحرائر تداس بجبن الساكتين عن الدفاع عنها.. تهان وانتم يا رجال العراق صامتون.. فاللعنة.. اللعنة.. اللعنة على كل من ضم بجبن بكفيه لسانه.. وكف يده عن حقنا في صون عرضنا.. ولم يبادر للذود عما ينتهك..
انهن الرهينات والمشانق مدلاة على رقابهن في جحور سجون الاحتلال بانتظار من ينجدهن فهل فيكم من يغيث؟.. هل فيكم "أخو خيته"؟.. هل فيكم من ينتخي؟.. أين الرجال الذين وقفوا في وجه الأخطار التي أحاقت بالعراق وردوها بصدورهم؟.. أين شعلان أبو الجون، ضاري المحمود، الشيخ مهدي الخالصي، العقداء الأربعة.. أينكم يا رجال الرجال؟..
اوقفوا جريمة نحر العراقيات.. إنهن عقد العراق الذي لا يمكن التهاون به أم ان للغيرة عرف مختلف اليوم, توائم توصيفات العراق الجديد!
ألا هبوا يا عراقيين وأعيدوا أمجاد ثورة العشرين..