المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المعذرة ... قد اجتهدتُ !



ماكـولا
12-09-2009, 03:14 PM
المجتهد والإجتهاد ..

هذا الموضوع يتأرجح بين الغالي فيه والجافي عنه وبين الإفراط والتفريط

فقوم رفعوا شعار الاجتهاد وحلقوا في فضاء الحرية حتى انك اذا اردت اتنزل احدهم تمسك بغياية الاجتهاد قائلا انا مجتهد!

وآخر تصلب تصلب الاصنام وكان حقا انه سجن عقله

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم "إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران اثنان وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر واحد "


قال المباركفوري في تحفة الاحوذي 4-463" ( فله أجران ) أي أجر الإجتهاد وأجر الاصابة والجملة جزاء الشرط ( فأخطأ فله أجر واحد ) قال الخطابي إنما يؤجر المخطىء على اجتهاده في طلب الحق لأن اجتهاده عبادة ولا يؤجر على الخطأ بل يوضع عنه الإثم وهذا فيمن كان جامعا لالة الاجتهاد عارفا بالأصول عالما بوجوه القياس فأما من لم يكن محلا للإجتهاد فهو متكلف ولا يعذر بالخطأ بل يخاف عليه الوزر

ويدل عليه قوله صلى الله عليه و سلم القضاة ثلاثة واحد في الجنة واثنان في النار وهذا إنما هو في الفروع المحتملة للوجوه المختلفة دون الأصول التي هي أركان الشريعة وأمهات الأحكام التي لا تحتمل الوجوه ولا مدخل فيها للتأويل فإن من أخطأ فيها كان غير معذور في الخطأ وكان حكمه في ذلك مردودا كذا في المرقاة "



و قال المناوي في فيض القدير" قال عياض : والاجتهاد بذل الوسع في طلب الحق والصواب في النازلة وابن الحاجب : استفراغ الوسع لتحصيل ظن بحكم شرعي ( فأصاب ) أي طابق ما عند الله ( فله أجران ) أجر لاجتهاده وأجر لإصابته . فإن قيل : الإصابة مقارنة للحكم فما معنى الفاء المفيدة للترتيب والتعقيب ؟ فالجواب أن فيه إشارة إلى علو رتبة الإصابة والتعجب من حصولها بالاجتهاد ( وإذا حكم فاجتهد ) فيه التأويل المار ( فأخطأ ) أي ظن أن الحق في نفس الأمر في جهة فكان خلافه ( فله أجر واحد ) على اجتهاده لأن اجتهاده في طلب الحق عبادة وفيه أن المجتهد يلزمه تحديد الاجتهاد لوقوع الحادثة ولا يعتمد على المتقدم فقد يظهر له خلاف ما لم يكن ذاكرا للدليل الأول وأن الحق عند الله واحد لكن وسع الله للأمة وجعل اختلاف المجتهدين رحمة وأن المجتهد يخطئ ويصيب وإلا لما كان لقوله فأخطأ معنى..."


قال الشوكاني في نيل الأوطار باب التشديد في الولايات 9- 134 " ولكن هذه الترغيبات إنما هي في حق القاضي العادل الذي لم يسال القضاء ولا استعان به على بالشفعاء وكان لديه من العلم لكتاب الله وسنة رسوله ما يعرف به الحق من الباطل بعد إحراز مقدار من آلاتهما يقدر به على الاجتهاد في إبراده وإصداره

وأما من كان بعكس هذه الأوصاف أو بعضها فقد أوقع نفسه في مضيق وباع آخرته بدنياه لأن كل عاقل يعلم أن من تسلق للقشاء وهو جاهل بالشريعة المطهرة جهلا بسيطا أو جهلا مركبا أو من كان قاصرا عن رتبة الاجتهاد فلا حامل له على ذلك إلا حب المال والشرف أو أحدهما إذ لا يصح أن يكون الحامل من قبيل الدين لأن الله لم يوجب على من لم يتمكمن من الحكم بما أنزل من الحق أن يتحمل هذا العبء الثقيل قبل تحصيل شرطه الذي يحرم قبوله قبل حصوله فعلم من هذا أن الحامل للمقصرين على التهافت على القضاء والتوثب على أحكام الله بدون ما شرطه ليس إلا الدنيا لا الدين

فإياك والاغترار بأقوال قوم يقولون بالسنتهم ما ليس في قلوبهم فإذا لبسوا لك أثواب الرياء والتصنع وأظهروا شعار التغرير والتدليس والتلبيس وقالوا مالهم بغير الحق حاجة ولا أرادوا إلا تحصيل الثواب الأخروي فقيل لهم دعوا الكذب على أنفسكم يا قضاة النار بنص المختار فلو كنتم تخشون الله وتتقونه حق تقاته لما أقدمتم على المخاطرة بادئ بدء بدون إيجاب من الله ولا إكراه من سلطان ولا حاجة من المسلمين وقد كثر التتابع من الجهلة في هذا المنصب الشريف واشتروه بالأموال ممن هو أجهل منهم حتى عمت البلوى جميع الأقطار اليمنية"

هذا ما وقع في هذه الاقطار فكيف لو ضم له باقي الأقطار ؟



وقد جاء عند ابن ماجه بسند صححه الالباني وغيره حدثنا أبو هاشم قال قال لولا حديث ابن بريدة عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال"
القضاة ثلاثة اثنان في النار وواحد في الجنة رجل علم الحق فقضى به فهو في الجنة ورجل قضى للناس على جهل فهو في النار ورجل جار في الحكم فهو في النار" . لقلنا إن القاضي إذا اجتهد فهو في الجنة

قال القرطبي في المفهم 7-292 " فإذا تقرَّر ذلك فاعلم : أنَّ المجتهد ضربان :

أحدهما : المجتهد المطلق ، وهو : المستقل باستنباط الأحكام من أدلَّتها . فهذا لا شكَّ في أنَّه إذا اجتهد مأجور ، كما قدمناه ، لكنه يُعزُّ وجوده ، بل قد انعدم في هذه الأزمان . فلو لم ينفذ إلا حكم من كان كذلك لتعطلت الأحكام ، وضاعت الحقوق .

وثانيهما : مجتهد في مذهب إمام وهذا غالب قضاة العدل في هذا الزمان وشرط هذا أن يحقق أصول إمامه ، وأدلَّته ، وينزل أحكامه عليها فيما لم يجده منصوصًا من مذهب إمامه . وإمَّا ما وجده منصوصًا : فإن لم يختلف قول إمامه ؛ عمل على ذلك النَّصَّ ، وقد كُفِي مؤنة البحث والأولى به : تَعَرَّفُ وجه ذلك الحكم وأما إن اختلف قول إمامه : فهناك يجب عليه البحث في تعيين الأولى من القولين على أصول إمامه .

واختلف أصحابنا فيمن يحفظ أقوال إمامه فقط هل يصلح للحكم عند الضرورة أو لا ؟ على قولين ؟ فمن أجازه شرط فيه : أنَّه لا يخرج عن نصوص إمامه ، أو نصوص من فهم عن إمامه ، فإذا تعارضت عنده الأقوال لم يحكم بشيء منها أصلاً حتى يسأل عن الأرجح من له أهلية الترجيح . ولا يحكم بنظره أصلاً ؛ إذ لا نظر له . ومتى فعل شيئًا من ذلك كان حكمه منقوضًا ، وقوله مردودًا .

وقد كان أهل الأندلس يرجحون الأقوال بالناقلين لها من غير نظر في توجيه شيء منها. فيقولون : إن قول ابن القاسم ونقله أولى من نقل غيره وقوله ، بناءً على أن ابن القاسم اقتصر على مالك ، ولم يتفقَّه بغيره ، ولطول ملازمته له . فإن لم نجده لابن القاسم قولاً كان قول أشهب أولى من قول ابن عبدالحكم ؛ لأنَّه أخذ عن الشافعي ، فخلَّط ، وهكذا . وقد بلغني : أنهم كانوا بالأندلس يشترطون على القضاة في سجلاتهم مراعاة ذلك الترتيب .

قلت : وهذه رتبة لا أخسَّ منها ؛ إذ صاحبها معزولٌ عن رتبة الفقهاء ، ومنخرط في زمرة الأغبياء ؛ إذ لا يفهم معاني الأقوال ، ولا يعرف فضل ما بين الحلال والحرام ، فحق هذا ألا يتعاطى منصب الأحكام ، فإنَّه من جملة العوام والمشهور : أنَّه لا يُسْتَقْضَى من عَرِي عن الاجتهاد المذكور ، ولذلك قال القاضي أبو محمد عبد الوهاب : ولا يُستقضى إلا فقيه من أهل الاجتهاد . وهذا محمولٌ على ما تقدم ، والله تعالى أعلم .
والإجتهاد المعني في هذا الباب هو : بذل الوسع في طلب الحكم الشرعي في النوازل على ما قلناه ."


قال الصنعاني في سبل السلام 6-378-388 " والحديث دليل على أنه لا ينجو من النار من القضاة إلا من عرف الحق وعمل به ... وفيه التحذير من الحكم بجهل أو بخلاف الحق مع معرفته به... وفيه أنه يتضمن النهي عن تولية الجاهل القضاء ...

قال في مختصر شرح السنة : إنه لا يجوز لغير المجتهد أن يتقلد القضاء ولا يجوز للإمام توليته قال والمجتهد من جمع خمسة علوم علم كتاب الله ، وعلم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقاويل علماء السلف من إجماعهم واختلافهم ، وعلم اللغة ، وعلم القياس ، وهو طريق استنباط الحكم من الكتاب والسنة إذا لم يجده صريحا في نص كتاب أو سنة أو إجماع فيجب أن يعلم من علم الكتاب الناسخ والمنسوخ والمجمل والمفسر ، والخاص والعام والمحكم والمتشابه والكراهة والتحريم والإباحة والندب ، ويعرف من السنة هذه الأشياء ، ويعرف منها الصحيح والضعيف والمسند والمرسل ، ويعرف ترتيب السنة على الكتاب وبالعكس حتى إذا وجد حديثا لا يوافق ظاهره الكتاب اهتدى إلى وجه محمله فإن السنة بيان للكتاب فلا تخالفه ، إنما تجب معرفة ما ورد منها من أحكام الشرع دون ما عداها من القصص والأخبار والمواعظ ، وكذا يجب أن يعرف من علم اللغة ما أتى في الكتاب والسنة من أمور الأحكام دون الإحاطة بجميع لغات العرب ، ويعرف أقاويل الصحابة والتابعين في الأحكام ومعظم فتاوى فقهاء الأمة حتى لا يقع حكمه مخالفا لأقوالهم فيأمن فيه خرق الإجماع ، فإذا عرف كل نوع من هذه الأنواع فهو مجتهد وإذا لم يعرفها فسبيله التقليد ا هـ "