المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : خلق المسلم - الدكتور عبد العزيز الرنتيسي مثالاً



عبـــاد
10-18-2004, 09:56 PM
الضابط السجان الذي كان مسؤولاً عن مراقبة الشهيد الرنتيسي في معتقلات السلطة:
* لم أحب أحداً بقدر ما أحببت الدكتور الرنتيسي
* جذبني فيه عبادته وتعامله وحبّه للجميع
غزة/إبراهيم المدهون
الضابط (م.ر.) هو أحد المسؤولين عن السجون في السلطة الفلسطينية، وهو المشرف على احتجاز الدكتور الشهيد القائد عبد العزيز الرنتيسي، وهو المسؤول عن مراقبته وأوضاعه داخل السجن.
في هذا الحوار يتحدّث الضابط (م.ر.) عن حياة الدكتور الرنتيسي في المعتقل، وعن تعامل الشهيد، رحمه الله، مع المعتقلين والسجانين.

- ما هي الصورة الذهنية التي كانت لديك عن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي قبل رؤيته في المعتقل؟
• لم أكن أعرف الكثير عن الدكتور فقد قضى حياته في السجون والإبعاد بخلاف الكثير من القياديين، وقد كنت أنظر إليه وكابن حركة فتح أنه إنسان عدواني ومتشدد ولا يحب الخير لأحد، ولكن نظرتي اختلفت تماماً عما سمعته، فقد وجدته أكثر الناس حناناً وحباً للغير، ولمست فيه خوفه على المصلحة الفلسطينية والإسلامية.

- كيف كان أول لقاء لك به؟
• أول لقاء كان لي به رحمه الله حين قامت السلطة الفلسطينية باعتقال الكثير من أبناء حماس والجهاد الإسلامي معاً, حيث دخلت إليهم وتوجهت بالسؤال: لماذا لم تتوحدوا وأنتم إسلاميون؟ فعبس جميع السجناء في وجهي إلا الدكتور عبد العزيز الرنتيسي تبسم كثيراً، وقد أحببته يومها ولم أكن أعرف يومها من هو. وبعد ذلك أصبحت ألتقي به وأتحدث معه وأحاوره.. ولم يدل حديثه على الإطلاق أنه إنسان عدواني أو متشدد، ولكن إلى هذه الفترة لم أحبه كقائد، بل كنت أتقبله وأحبه كإنسان كان ذلك في اللقاء الأول.
أما اللقاء الثاني فكان عند اعتقاله لمدة طويلة في سجن انفرادي. ولأني عرفته كنت أسلم عليه، ولكنه رحمه الله جذبني في أشياء كثيرة: عبادته، صلاته، حبه للخير، فرأيته يتمنى أن يصلي الجميع وتتوثق علاقتهم بدينهم وربهم، وأن يتعلم الجميع، فقد كان يحث رجال الشرطة لأن يتعلموا ويطوروا أنفسهم..

- كيف كانت عباداته في السجن؟
• لاحظت عليه أكثر من مرة عندما أذهب إليه في الليل أجده طوال الليل يصلي من بعد صلاة العشاء إلى صلاة الفجر. كانت هذه الفترة كلها عبادة وصلاة وقراءة قرآن ورغم أنه حافظ لكتاب الله إلا أنه كان يقرأ من الكتاب، وعندما سألته: لماذا تقرأ من الكتاب وأنت حافظ له؟ قال لي: إن ثوابها يكون أكبر بإذن الله. وبصدق لم أكن أتوقع أن هناك إنساناً يظل يصلي ويتعبد طوال الليل، وكان ذلك يومياً.
ومن الأمور التي كنت أحبها في الدكتور الشهيد أنه كان يحث الجميع على الصلاة، ولا أبالغ حين أقول أن أكثر من عشرين شاباً من رجال الشرطة أصبحوا يصلون بعدما حرسوا الدكتور الشهيد في المعتقل. ومن أكثر ما لفت انتباهي شاب من الذين جاءوا من لبنان لم يعرف الدين في حياته، وكان سكّيراً ويفعل جميع المحرمات ظل شهر حراسة عند الدكتور عبد العزيز، فتفاجأت به يوماً يصلي.. استغربت ذلك كثيراً فأخبرني أن الدكتور عبد العزيز الرنتيسي حدثه وعلّمه ماذا تعني الصلاة والعبادة مؤكدا أنه لم يكن يعرف معناها. وقلت له: هل من الممكن أن تستمر في الصلاة؟ فقال لي أنه متأكد بإذن الله أنه سيظل يصلي باستمرار. وبالفعل، بعد سنة رأيته يصلي في المسجد، وعندما رأيت الدكتور عبد العزيز الرنتيسي أخبرته أن هذا الشخص مازال يصلي. فقال بإذن الله سيظل يصلي وكان متأكداً من ذلك.

- هل كان الدكتور يحرص على أن يعطيهم دروس ومواعظ لكي ينجذبوا له ويسمعوا نصحه، أم كان ذلك من خلال المعاملة؟
• كانت أفعال الدكتور عبد العزيز مرآة لأقواله، ويحضرني الآن موقف كان الحراس يذكرونه عن الدكتور عبدالعزيز، حيث كان بعض الحراس لا يستطيعون الاستيقاظ طوال الليل فينامون والسلاح بجانبهم، وعندما يأتي الضباط للتفتيش يقوم الدكتور رحمه الله بإيقاظهم وإعطائهم سلاحهم حتى لا تنزل بهم عقوبة. كانت تلك المواقف تجذبهم إلى الدكتور الشهيد، حتى لو تحدث إليهم في أي موضوع كان محل ثقة وتأثير على الشباب فكانت أفعاله ومعاملاته دليل حديثه.

- تحدثت أنه كان يحب الجميع فما مدلول قولك؟
• لاحظت عليه أنه رغم بقائه فترة طويلة في السجن لم أره على الإطلاق يتكلم ولو بكلمة واحدة جارحة عن أحد، حتى عن الرئيس الذي كان يعتقد أن اعتقاله كان من قبله أو حتى على أي عنصر من العناصر المسؤولين عن اعتقاله. حتى أنه لم يعترض طوال فترة أسره على أي شيء إلا على شيء واحد فقط..
حتى أنه كان ضد الخلافات، بل بالعكس كنت أراه يتمنى أن يجتمع الكل ويتحاب وأن يكونوا يداً واحدة، وكان يقول أن الكل مستقل لكن كلنا على خط قتال واحد.. وكيف لا يكون محباً للجميع وهو الذي كان يحث رجال الشرطة على التعلّم في الجامعة وتطوير أنفسهم، وهم الذين يعتقلونه، بل ويدعو لهم بالنجاح.

- هل حثك الدكتور شخصياً على العلم؟
• نعم لقد حثني على التعلم وأنهيت الجامعة، وأنا أدين له بالفضل، حيث كان يحثني على التعلم أنا وأغلب الشباب، وكان يدعو لي وكنت أشعر بذلك، وأكثر من مرة أقول له اليوم ذهبت إلى الامتحان وأشعر أني بدعواتك ربنا وفقني فكنت أشعر دائماً أنه مستجاب الدعاء.
وكم كنتُ مبهوراً بعلمه ومعرفته فقد كان بحراً في الطب والدين والشعر.. وقد استغربت أنه شاعر، وقد كان يقرأ علينا الشعر الذي كتبه وهو في السجن مع الشيخ الشهيد أحمد ياسين في النقب، وأيضاً في الإبعاد. وقد كان الدكتور الشهيد حافظاً للشعر وضليعاً في النحو والطب واللغة والشريعة..

- تحدثت أن الدكتور رحمه الله لم يعترض إلا على شيء واحد فما هو؟
• لقد كانت مدة اعتقال الدكتور الرنتيسي طويلة جداً، وغيره كان ممكناً أن يعترض على أشياء كثيرة سواء المدة أو المعاملة وحتى الطعام، أما الأمر الوحيد الذي اعترض عليه الدكتور فهو الزيارات، حيث أن زوجته وبناته منقبات، وأثناء الزيارة كان لا بد أن يجلس أحد الضباط معهم، وهو يريد أن يتحدث مع زوجته وبناته وأن يرى وجوههن ويحاورهن عن أحوالهن الخاصة، لذلك اعترض رحمه الله على وجود من يراقب أنفاسه وهو يتحدث لزوجه وبناته.
وغير ذلك لم يكن يعترض على أي شيء، لدرجة أنه كان يصوم ولا يعترض على الطعام. فقد كنا نعلم أنه يعاني من مرض السكري ويحتاج لطعام مخصص، وأكثر من مرة كان الطعام لا يناسبه فينوي الصيام ويكمل نهاره صائماً.

- هل يعني ذلك أن الدكتور كان مريضاً، وإدارة السجن تعلم ولا تخصص له طعاماً يناسب صحته؟
• طبعاً الجميع كان يعلم أنه مريض بالسكري ولم يحضروا له طعاماً خاصاً بل من الموجود.. ولكن علمت أن آخر ستة شهور كانوا يحضرون له طعامه الخاص. فبعض الحراس ومن شدة حبهم للدكتور الشهيد كانوا يحضروا له طعاماً خاصاً على حسابهم دون أن يخبروه، لأنه كان سيرفض لو علم، وقد جربت ذلك معه فرفض بشدة، ومن بعدها قررنا إخباره أنها من السجن، فمعلوم أن ليس كل طعام السجن دجاج أو لحوم بل هناك عدس، وكان لا يهون علينا تقديم مثل ذلك للدكتور.

- كطبيب.. كيف كان الشهيد في السجن هل كان ينصح الشباب أو يعالجهم؟
• لقد كان هناك بعض الشباب عند مرضهم يلجأون إلى الدكتور الرنتيسي ليكتب لهم علاجهم، رغم أن هناك عيادة في الشرطة، ولكن الأطباء في العيادة ليسوا بمستوى علم الدكتور عبد العزيز.. لذا كان ملاذاً لبعض الحراس. حتى أنني أخذت طفلي إلى السجن ليعالجه الدكتور الشهيد فشفاه الله على يده، بعد أن ذهبت لأكثر من طبيب لمعالجته ولم يتعافَ، وكان ابني حينها في الرابعة من عمره.

- حدثنا عن تطلعاته للمستقبل؟
• كان دائماً يقول سوف تقوى شوكة الإسلام وتكبر حماس وتصبح لها قوة وتشتبك مع الاحتلال من جديد، ولم يكن أحد يتوقع في ذلك الوقت أن تقوى حماس وتكبر وتتصارع مع العدو.. وذات مرة قال لي سوف ينسحبون من الضفة الغربية، ولكن سوف يعيدون احتلالها، على العكس من غزة التي لم يتراجعوا عن الخروج منها.

- هل حدثك الدكتور الشهيد عن مرحلة الإبعاد؟
• حدثني الدكتور رحمه الله عن هذه المرحلة، وأكد أنها غيرت كثيراً في حياته. ولكن لم يحدثني عن الإبعاد بقدر ما حدثني عن مرارة العودة من الإبعاد، لأن الجميع عادوا من الإبعاد إلى بيوتهم إلا هو فقد عاد إلى المعتقل، رغم أنه كان يقول ((لو أظل طول حياتي في سجن في فلسطين أهون علي من الإبعاد)).
وكثيراً ما حدثني عن أجواء الإبعاد، وكيف كانوا يتصرفون، كما حدثني عن الصلاة والحياة والثلوج، وما رآه وكيف كانوا يعالجون من يمرض وغير ذلك من الأمور.

- طبعاً استمرت علاقتك بالدكتور الرنتيسي بعد الإفراج فكيف كانت طبيعة العلاقة؟
• نعم لقد استمرت علاقتي معه حتى بعد الإفراج وكانت أقوى من علاقة أخ بأخيه، وأقول لك بأني لم أحب أحداً بقدر ما أحببت الشيخ عبد العزيز الرنتيسي، وكنت أشعر أنه يحبني أيضاً، فأكثر من مرة أكون في الشارع ولا أراه ويراني هو، فيركن سيارته ويسلم علي بالأحضان ويطمئ

حازم
10-21-2004, 08:48 AM
أخى عباد بارك الله لك . وانا من المعجبين بمقالاتك حتى المنقول منها :rolleyes:

يا ليتك لا تغيب علينا لفترات بعيدة :)

عبـــاد
10-21-2004, 09:26 PM
أخي حازم
السلام عليكم أشكرك على اهتمامك وتشجيعك
أنا متابع للمنتدى وأسأل الله أن يجعله سبباً للنفع والخير ولكنني أحب أن أقرأ أكثر مما أكتب لأن الكتابة مسؤولية ونتائجها يحاسب عليها الكاتب يوم القيامة

وأحب أن أشارككم بما يهمني وأعتقد فائدته حتى لو كان منقولاً - ولكن مع الإشارة إلى نقله

والسلام عليكم ورحمة الله - نفعنا الله وإياكم برمضان وأوقاته الثمينة

سيف الكلمة
10-25-2004, 07:34 AM
يسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين

أسعدتنى هذه الكلمات عن الرنتيسى
القائد المسلم
ففيها جوهر ما نحتاج إليه
أمتنا واحدة رغم تعدد التقسيمات
من دول ومنظمات وغير ذلك
وعدونا واحد فملة الكفر واحدة وكلها تحت قيادة الشيطان
ونباعد بين بعضنا البعض فتتفرق قوتنا
ويستفيد عدونا من تفرقنا

لا تخش من مسئولية الكلمة
ونفذ أمر محمد صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الله ولو بآية
ولكن فقط تأكد من صحة قولك مهما كان قليلا
فتوكل على الله وتحرى الحق
فلا أراك قليل العلم
والحذر يكون بالمزيد من جمع المعلومات عن الموضوع
وليس بالإمتناع خشية الخطأ
وإذا أتيت بأكثر الأسماء شهرة من أهل العلم
تجد لكل منهم خطأ أو أكثر
ويبقى أننا نأخذ منهم ونعلم فضلهم
وما اختلف الأئمة إلا لزيادة فى العلم هنا وزيادة هناك
وكل يرد عليه ما سقط منه إلا رسول الله
مما أتانا عنه إلا ما لا نرى أنه ليس من حديثه
مسترشدين بعلم أهل الحديث وبكتاب الله

شكر الله لكم
فقد أسعدنى ما أتيت عن الرنتيسى
القدوة والمثل الأعلى
لمن يحرص على وحدة هذه الأمة
ولمن يسعى إلى النصر القريب بإذن الله

أسعدنى ثقته بالنصر
والمؤمن يرى بنور ربه
ونور الله فى كتابه الكريم بين
أتى وعد الآخرة ونحن فيه الآن
لما جاء بالآية 104 من سورة الإسراء
فقد أتى الله ببنى إسرائيل لفيفا من أنحاء الأرض
ونصر الله عليهم قريب
لما جاء بالآية 7 من نفس السورة
بالبشارة بالنصر عليهم ودخول المسجد مما يسؤ وجوههم
إنه وعد الآخرة الذى جاء الخبر به فى الآيتين المشار إليهما
أنصدق توازنات القوى الحالية
أم نصدق رب العالمين
لهذا أثق فى نصر الله مصدقا لله
كما وثق الرنتيسى رحمه الله
رغم ضعف إمكانياته بالقياس إلى قوة أعداء الله

الفرصة الأخيرة
07-18-2006, 10:13 AM
رحم الله الشيخ الرنتيسي رحمة واسعة من عنده .. وجزى الله الكاتب والناقل خير الجزاء.

وحقيقة هؤلاء هم القادة الذين رباهم القرآن وصنعتهم السنة النبوية .. فليهنأ بهم المسلمون .. وليخسأ أهل الكفر والانحلال والفساد.

وكم خسر العالم بموت هذا الرجل.

لقد كسب هو خاتمته الحسنة نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا .. كما كسبت الأمة الإسلامية قائدا عظيما مات على خير نحسبه كذلك .. فصار قدوة حسنة لأجيال تالية إن شاء الله عز وجل.

لكن خسرت الأرض الكثير بذهاب أمثاله من الصالحين .. خسرت الأرض حين ذهب هو وأمثاله رغم أن الله يحفظها بهؤلاء.
فكم خسرت حين يذهب سببُ حفظِ الله لها؟
وكم خسرت حين يذهب سببُ نظافتها وطهارتها؟
وكم وكم.

فرحمة الله عليه رحمة واسعة

ودمتم سعداء :emrose: :emrose: