تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : اتّخَذُوَاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ.



ماكـولا
12-17-2009, 05:51 PM
"اتّخَذُوَاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ اللّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوَاْ إِلاّ لِيَعْبُدُوَاْ إِلََهاً وَاحِداً لاّ إِلََهَ إِلاّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ"


روى الترمذي في جامعه 3095 " عن عدي بن حاتم قال : أتيت النبي صلى الله عليه و سلم وفي عنقي صليب من ذهب فقال يا عدي اطرح عنك هذا الوثن وسمعته يقرأ في سورة براءة { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله } قال أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئا استحلوه وإذا حرموا عليهم شيئا حرموه " حسنه الالباني


قال ابو الطيب في عون المعبود 8-391" قال في فتح البيان في هذه الاية ما يزجر من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد عن التقليد في دين الله وتأثير ما يقوله الأسلاف على ما في الكتاب العزيز والسنة المطهرة فإن طاعة المتمذهب لمن يقتدي بقوله ويستن بسنته من علماء هذه الأمة مع مخالفته لما جاءت به النصوص وقامت به حجج الله وبراهينه هو كاتخاذ اليهود والنصارى للأحبار والرهبان أربابا من دون الله للقطع بأنهم لم يعبدوهم بل أطاعوهم وحرموا ما حرموا وحللوا ما حللوا وهذا هو صنيع المقلدين من هذه الأمة وهو أشبه به من شبه البيضة بالبيضة والتمرة بالتمرة والماء بالماء

فياعباد الله ما بالكم تركتم الكتاب والسنة جانبا وعمدتم إلى رجال هم مثلكم في تعبد الله لهم بهما وطلبه للعمل منهم بما دلا عليه وأفاداه فعملتم بما جاؤوا به من الاراء التي لم تعمد بعماد الحق ولم تعضد بعضد الدين ونصوص الكتاب والسنة تنادي بأبلغ نداء وتصوت بأعلى صوت بما يخالف ذلك ويباينه فأعرتموها آذانا صما وقلوبا غلفا وأذهانا كليلة وخواطر عليلة وأنشدتم بلسان الحال وما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وإن ترشد غزية أرشد انتهى

وقال الرازي في تفسيره قال شيخنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين رضي الله عنه قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله تعالى في بعض المسائل فكانت مذاهبهم بخلاف تلك الايات فلم يقبلوا تلك الايات ولم يلتفتوا إليها وبقوا ينظرون إلي كالمتعجب يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الايات مع أن الرواية عن سلفنا وردت إلى خلافها ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء ساريا في عروق الأكثرين من أهل الدنيا "


قال صالح الشيخ في شرح الواسطية " إما أن يكون بطريق اللزوم لأنه يلزم ممن هو رب أن يكون معبودا وحده دون ما سواه وإما أن يكون بطريق اجتماع الألفاظ وافتراقها ، قد قال إمام هذه الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله (إن لفظ الإله والرب والألوهية والربوبية في الكتاب والسنة تدخل في الألفاظ التي إذا اجتمعت افترقت وإذا تفرقت اجتمعت) وهذا ربما يكون لأجل التضمن واللزوم الذي بين اللفظين .

المقصود من ذلك أن قول الملكين للمقبور (مَن رَّبُكَ؟) يعني من معبودك ، ودليل ذلك أن المحنة والرسالات والابتلاء بالنبوات إنما وقع في العبودية ولم يقع في الاعتراف بالربوبية فإذن (مَن رَّبُكَ؟) يعني من معبودك من الذي تعبد ، هذا هو السؤال الأول ، والمسلم يجيب (رَبِّيَ اللهُ) يعني معبودي الله "


قال الشوكاني في فتح القدير 2-514" الأحبار : جمع حبر وهو الذي يحسن القول ومنه ثوب محبر وقيل : جمع حبر بكسر الحاء قال يونس : لم أسمعه إلا بكسر الحاء وقال الفراء : الفتح والكسر لغتان وقال ابن السكيت : الحبر بالكسر العالم والحبر بالفتح العالم والرهبان جمع راهب مأخوذ من الرهبة وهم علماء النصارى كما أن الأحبار علماء اليهود ومعنى الآية أنهم لما أطاعوهم فيما يأمرونهم به وينهونهم عنه كانوا بمنزلة المتخذين لهم أربابا لأنهم أطاعوهم كما تطاع الأرباب"


قال ابن كثير 1-463 " فالجهلة من الأحبار والرهبان ومشايخ الضلال يدخلون في هذا الذم والتوبيخ بخلاف الرسل وأتباعهم من العلماء العاملين فإنهم إنما يأمرون بما يأمر الله به، وبلغتهم إياه رسله الكرام، وإنما ينهونهم عما نهاهم الله عنه وبلغتهم إياه رسله الكرام، فالرسل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، هم السفراء بين الله وبين خلقه في أداء ما حملوه من الرسالة وإبلاغ الأمانة، فقاموا بذلك أتم القيام، ونصحوا الخلق، وبلغوهم الحق، وقوله: {وَلَكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} أي ولكن يقول الرسول للناس كونوا ربانيين، قال ابن عباس وأبو رزين وغير واحد: أي حكماء علماء حلماء

وقال الحسن وغير واحد: فقهاء وكذا روي عن ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة وعطاء الخراساني وعطية العوفي والربيع بن أنس وعن الحسن أيضاً: يعني أهل عبادة وأهل تقوى، وقال الضحاك في قوله: {بِمَا كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} : حق على من تعلم القرآن أن يكون فقيهاً {تَعلَمُونَ} أي تفهمون معناه، وقرىء {تُعَلِّمُونَ} بالتشديد من التعليم {وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} تحفظون ألفاظه."


قال الشنقيطي في أضواء البيان 1-307" وقوله: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} فإن عدي بن حاتم رضي الله عنه لما قال للنبي صلى الله عليه وسلم: كيف اتخذوهم أربابا؟ قال له النبي صلى الله عليه وسلم: "إنهم أحلوا لهم ما حرم الله، وحرموا عليهم ما أحل الله فاتبعوهم" ، وذلك هو معنى اتخاذهم إياهم أربابا. ويفهم من هذه الآيات بوضوح لا لبس فيه أن من اتبع تشريع الشيطان مؤثرا له على ما جاءت به الرسل، فهو كافر بالله، عابد للشيطان، متخذ الشيطان ربا، وإن سمى أتباعه للشيطان بما شاء من الأسماء؛ لأن الحقائق لا تتغير بإطلاق الألفاظ عليها، كما هو معلوم"


وقال الشنقيطي 7-307" قال الإمام أبو عمر بن عبد البر رحمه الله، في كتابه جامع بيان العلم وفضله وما ينبغي في روايته وحمله، ما نصه:
باب فساد التقليد ونفيه والفرق بين التقليد والاتباع: قد ذم الله تبارك وتعالى التقليد في غير موضع من كتابه، فقال: {اتخذوااتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة:31]."

قال عبد الله بن المبارك: وهل بدل الدين إلا الملوك ... وأحبار سوء ورهبانها


قال الفخر الرازي في مفاتيح الغيب 8-77" وأما إنهم اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله فيدل عليه وجوه
أحدها إنهم كانوا يطيعونهم في التحليل والتحريم والثاني إنهم كانوا يسجدون لأحبارهم
والثالث قال أبو مسلم من مذهبهم أن من صار كاملاً في الرياضة والمجاهدة يظهر فيه أثر حلول اللاهوت فيقدر على إحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص فهم وإن لم يطلقوا عليه لفظ الرب إلا أنهم أثبتوا في حقه معنى الربوبية والرابع هو أنهم كانوا يطيعون أحبارهم في المعاصي ولا معنى للربوبية إلا ذلك ونظيره قوله تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَاهَهُ هَوَاهُ ( الجاثية 23 ) فثبت أن النصارى جمعوا بين هذه الأمور الثلاثة وكان القول ببطلان هذه الأمور الثلاثة كالأمر المتفق عليه بين جمهور العقلاء وذلك لأن قبل المسيح ما كان المعبود إلا الله فوجب أن يبقى الأمر بعد ظهور المسيح على هذا الوجه وأيضاً القول بالشركة باطل باتفاق الكل وأيضاً إذا كان الخالق والمنعم بجميع النعم هو الله وجب أن لا يرجع في التحليل والتحريم والانقياد والطاعة إلا إليه دون الأحبار والرهبان فهذا هو شرح هذه الأمور الثلاثة"


وقال ايضا 16- 30-31" في الآية مسائل

المسألة الأولى قال أبو عبيدة الأحبار الفقهاء واختلفوا في واحده فبعضهم يقول حبر وبعضهم يقول حبر وقال الأصمعي لا أدري أهو الحبر أو الحبر وكان أبو الهيثم يقول واحد الأحبار حبر بالفتح لا غير وينكر الكسر وكان الليث وابن السكيت يقولان حبر وحبر للعالم ذمياً كان أو مسلماً بعد أن يكون من أهل الكتاب وقال أهل المعاني الحبر العالم الذي بصناعته يحبر المعاني ويحسن البيان عنها والراهب الذي تمكنت الرهبة والخشية في قلبه وظهرت آثار الرهبة على وجهه ولباسه وفي عرف الاستعمال صار الأحبار مختصاً بعلماء اليهود من ولد هرون والرهبان بعلماء النصارى أصحاب الصوامع

المسألة الثانية الأكثرون من المفسرين قالوا ليس المراد من الأرباب أنهم اعتقدوا فيهم أنهم آلهة العالم بل المراد أنهم أطاعوهم في أوامرهم ونواهيهم نقل أن عدي بن حاتم كان نصرانياً فانتهى إلى رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) وهو يقرأ سورة براءة فوصل إلى هذه الآية قال فقلت لسنا نعبدهم فقال ( أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه ويحلون ما حرم الله فتستحلونه ) فقلت بلى قال ( فتلك عبادتهم )

وقال الربيع قلت لأبي العالية كيف كانت تلك الربوبية في بني إسرائيل فقال إنهم ربما وجدوا في كتاب الله ما يخالف أقوال الأحبار والرهبان فكانوا يأخذون بأقوالهم وما كانوا يقبلون حكم كتاب الله تعالى قال شيخنا ومولانا خاتمة المحققين والمجتهدين رضي الله عنه قد شاهدت جماعة من مقلدة الفقهاء قرأت عليهم آيات كثيرة من كتاب الله تعالى في بعض المسائل وكانت مذاهبهم بخلاف تلك الآيات فلم يقبلوا تلك الآيات ولم يلتفتوا إليها وبقوا ينظرون إلي كالمتعجب يعني كيف يمكن العمل بظواهر هذه الآيات مع أن الرواية عن سلفنا وردت على خلافها ولو تأملت حق التأمل وجدت هذا الداء سارياً في عروق الأكثرين من أهل الدنيا

فإن قيل إنه تعالى لما كفرهم بسبب أنهم أطاعوا الأحبار والرهبان فالفاسق يطيع الشيطان فوجب الحكم بكفره كما هو قول الخوارج

والجواب أن الفاسق وإن كان يقبل دعوة الشيطان إلا أنه لا يعظمه لكن يلعنه ويستخف به أما أولئك الأتباع كانوا يقبلون قول الأحبار والرهبان ويعظمونهم فظهر الفرق ..."

وقال في موضع" والمراد أن الله سبحانه وتعالى هدى الخلق إلى الدين الحق بواسطة ما أظهر من الدلائل العقلية والنقلية وأما هؤلاء الدعاة والرؤساء فإنهم لا يقدرون على أن يهدوا غيرهم إلا إذا هداهم الله تعالى فكان التمسك بدين الله تعالى أولى من قبول قول هؤلاء الجهال"


قال السعدي 334" { اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ } وهم علماؤهم { وَرُهْبَانَهُمْ } أي: العُبَّاد المتجردين للعبادة.
{ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ } يُحِلُّون لهم ما حرم اللّه فيحلونه، ويحرمون لهم ما أحل اللّه فيحرمونه، ويشرعون لهم من الشرائع والأقوال المنافية لدين الرسل فيتبعونهم عليها.
وكانوا أيضا يغلون في مشايخهم وعبادهم ويعظمونهم، ويتخذون قبورهم أوثانا تعبد من دون اللّه، وتقصد بالذبائح، والدعاء والاستغاثة"


قال الطبري 14-209 " (أربابا من دون الله)، يعني: سادةً لهم من دون الله، يطيعونهم في معاصي الله، فيحلون ما أحلُّوه لهم مما قد حرَّمه الله عليهم، ويحرِّمون ما يحرِّمونه عليهم مما قد أحلَّه الله لهم.."


قال القرطبي في تفسيره 1- 326" قال علماؤنا: وقد كفرت اليهود والنصارى بهذا الاصل العظيم في الدين " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله " [ التوبة: 31 ] عزوجل وجعلوا لمن أذنب أن يأتي الحبر أو الراهب فيعطيه شيئا ويحط عنه ذنوبه " افتراء على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين " [ الانعام: 140 ].


قال الشوكاني 3-84 " ومثل هؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله المعتقدون في الأموات بأنهم يقدرون على ما لا يقدر عليه إلا الله سبحانه كما يفعله كثير من عباد القبور ولا ينافي هذا ما قيل من أن الآية نزلت في قوم مخصوصين فالاعتبار بما يدل عليه اللفظ لا بما يفيده السبب من الاختصاص ممن كان سببا لنزول الحكم "


وقال ايضا 4-106 "عناه أنهم أنزلوهم منزلة ربهم في قبول تحريمهم وتحليلهم لما لم يحرمه الله ولم يحله الله
وهذا يدل على بطلان القول بالاستحسان المجرد الذي لا يستند إلى دليل شرعي، قال الكيا الطبري: مثل استحسانات أبي حنيفة في التقديرات التي قدرها دون مستندات بينة.
وفيه رد على الروافض الذين يقولون: يجب قبول قول الامام دون إبانة مستند شرعي، وإنه يحل ما حرمه الله من غير أن يبين مستندا من الشريعة."