ATmaCA
12-21-2009, 02:18 AM
الحمد لله رب العالمين ..
يقول السائل : أود الاستفسار عن قوله تعالى سيصلى (نارا) ذات (لهب) . ولتوضيح الاستفسار أسأل : هل هناك نارًا ذات لهب ونارًا ذات ماء ؟ اليس كلمة النار ( وهى ما سيصلاه أبو لهب) تكفى دلاليًا لأن نفهم أنها ذات لهب ؟ فهى لاتضيف جديدًا ..
الرد :
لا بُدَّ قبل الشروعِ في بيانِ الوجه البلاغيِّ في قوله جلَّ ذِكرُه : ) ذاتَ لهبٍ ( أن نكونَ على اعتقادِ التفرقة بينَ أصولِ البلاغةِ ، وقوانينِها ، وأصولِ المنطقِ ، وقوانينِه ؛ فالبلاغةُ هي أن تبلِّغَ المخاطبَ المعنَى بأحسنِ طريقٍ ، وتقرِّبَه إليه ، وتغريَه بالإيمانِ به ؛ فربَّما كانت على حذوِ المنطقِ ، وربَّما خالفته .
فلما كان ذلك كذلك ، وكانت البلاغةُ قائمةً على مراعاةِ حالِ الخِطابِ ، ومراعاة حالِ المخاطَبِ ، وكانَ الخِطابُ في ما ها هنا خِطابَ تهديدٍ ، ووعيدٍ ، وكانَ المخاطَبُ مُصِرًّا على كفرِه ، مقيمًا على محادَّتِه لله تعالَى ، ورسولِه ، ناسبَ أن يُذكَر اللازمُ ؛ وإن كانَ ملزومُه مغنيًا عنه ، لِما يقعُ للمخاطَب أحيانًا من الغفلةِ عن تصوُّر الشيء بجميعِ لوازمهِ ، والذهابِ عن تعقُّلِ معناه حقَّ التعقُّلِ ؛ فإذا ذُكِرت كانت كالتنبيه له ، وكانَت أبعدَ أثرًا في نفسه .
ولهذه الآيةِ نظائرُ ؛ منها قولُه تعالَى : ) نارُ اللهِ الموقَدةُ ( ، ولا تكونُ النارُ إلا موقَدةً ، وقوله : ) وغرابيبُ سودٌ ( ، والغربيبُ الأسودُ الشديدُ السَّوادِ ، ثم قولُ الأعشَى :
ما روضةٌ من رياضِ الحَزْنِ معشِبةٌ *** خضراءُ جادَ عليها مسبِلٌ ، هطِلُ
فوصفَ الروضة بالخضرةِ معَ أنَّ الروضةَ لا تكونَ إلا كذلكَ .
وهذا ضربٌ من الإطنابِ من طريقِ التصويرِ يدورُ معَ حالِ الخِطابِ ، والمخاطَبِ . ولا أعرِفُ البلاغيِّين ذكرُوه . وإذا أردتَّ أن تعرِفَ ما فيه من البلاغة ، فاحذف اللوازمَ من الشواهدِ السابقةِ ، ثم اذكرها ، وقارن بينَ أثرِ الحالينِ في نفسِك ؛ فإذا أحسستَ أنَّ في ذكرِها فضلَ فائدةٍ ، فاعلمْ أنَّه من أجلِ ذلكَ زيدت في الكلام . ( الأستاذ فيصل المنصور )
يقول السائل : أود الاستفسار عن قوله تعالى سيصلى (نارا) ذات (لهب) . ولتوضيح الاستفسار أسأل : هل هناك نارًا ذات لهب ونارًا ذات ماء ؟ اليس كلمة النار ( وهى ما سيصلاه أبو لهب) تكفى دلاليًا لأن نفهم أنها ذات لهب ؟ فهى لاتضيف جديدًا ..
الرد :
لا بُدَّ قبل الشروعِ في بيانِ الوجه البلاغيِّ في قوله جلَّ ذِكرُه : ) ذاتَ لهبٍ ( أن نكونَ على اعتقادِ التفرقة بينَ أصولِ البلاغةِ ، وقوانينِها ، وأصولِ المنطقِ ، وقوانينِه ؛ فالبلاغةُ هي أن تبلِّغَ المخاطبَ المعنَى بأحسنِ طريقٍ ، وتقرِّبَه إليه ، وتغريَه بالإيمانِ به ؛ فربَّما كانت على حذوِ المنطقِ ، وربَّما خالفته .
فلما كان ذلك كذلك ، وكانت البلاغةُ قائمةً على مراعاةِ حالِ الخِطابِ ، ومراعاة حالِ المخاطَبِ ، وكانَ الخِطابُ في ما ها هنا خِطابَ تهديدٍ ، ووعيدٍ ، وكانَ المخاطَبُ مُصِرًّا على كفرِه ، مقيمًا على محادَّتِه لله تعالَى ، ورسولِه ، ناسبَ أن يُذكَر اللازمُ ؛ وإن كانَ ملزومُه مغنيًا عنه ، لِما يقعُ للمخاطَب أحيانًا من الغفلةِ عن تصوُّر الشيء بجميعِ لوازمهِ ، والذهابِ عن تعقُّلِ معناه حقَّ التعقُّلِ ؛ فإذا ذُكِرت كانت كالتنبيه له ، وكانَت أبعدَ أثرًا في نفسه .
ولهذه الآيةِ نظائرُ ؛ منها قولُه تعالَى : ) نارُ اللهِ الموقَدةُ ( ، ولا تكونُ النارُ إلا موقَدةً ، وقوله : ) وغرابيبُ سودٌ ( ، والغربيبُ الأسودُ الشديدُ السَّوادِ ، ثم قولُ الأعشَى :
ما روضةٌ من رياضِ الحَزْنِ معشِبةٌ *** خضراءُ جادَ عليها مسبِلٌ ، هطِلُ
فوصفَ الروضة بالخضرةِ معَ أنَّ الروضةَ لا تكونَ إلا كذلكَ .
وهذا ضربٌ من الإطنابِ من طريقِ التصويرِ يدورُ معَ حالِ الخِطابِ ، والمخاطَبِ . ولا أعرِفُ البلاغيِّين ذكرُوه . وإذا أردتَّ أن تعرِفَ ما فيه من البلاغة ، فاحذف اللوازمَ من الشواهدِ السابقةِ ، ثم اذكرها ، وقارن بينَ أثرِ الحالينِ في نفسِك ؛ فإذا أحسستَ أنَّ في ذكرِها فضلَ فائدةٍ ، فاعلمْ أنَّه من أجلِ ذلكَ زيدت في الكلام . ( الأستاذ فيصل المنصور )