المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فاتحة الكتاب



الشيخ عبدالرحمن عيسى
12-24-2009, 10:31 PM
فاتحة الكتاب
كشفٌ لأسرار ومكوِّنات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بقلم
الشيخ عبد الرحمن العيسى

1431 هـ 2009 م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
فاتحة .. من الفاتحة :
لعل أعظم سورة في القرآن , تُتلى آناء الليل , وأطرافَ النهار , وتَذهل عنها الأفكار والأفئدة والأبصار , هي سورة الفاتحة !.
وإننا نحن أجيالَ هذا العصر , في أمّس الحاجة والضرورة , إلى أن نلتفـت بانتباه وقوة , نحو هذا النص الإلهي القاطع والجامع , الذي اختصر الوجود كله , وقدم للأجيال المتتابعة , ثقافة ربانية نادرة , وتوجيهاً تعليمياً عديمَ النظير , وإقبالاً على الله , بروحانية عالية , وبمناجاة سامية , وبتمجيد لحضرة العلي الكبير , بما يحقق لنا رضى الله تبارك وتعالى , ويُنيلنا من مَحْض فضله المضنون , ما لا يتسع له الصدر , ويعجز عنه اللسان والقلم , واجتهادُ أهل العلم ..
بداية الفاتحة : استعاذةٌ وبَسْملة , والاستعاذة : مَعاذ وملجأ وملاذ , إلى ركن ركين , من حفظ الله وعنايته ووقايته .. ولطفه الخفي والعلني ..
فالمستعيذ بالله الحق , أفلت من كيد الشيطان , ووسوسته في الصدور , وتم ردع الجان والسُّفْليين عنه , ونجا بعقله ونفسه وأعصابه , مِن مَسِّهم وأذاهم , ومشاركتهم في الأموال والأولاد , والطعام والشراب , والمبيتِ في المساكن والمنازل والديار .. وإساءة الجوار ..
والرجيمُ : أي المرجوم باللعن والطرد, والبعد عن حضرة الله جل جلاله, والذي يُرجم بالحجارة أيضاً , أثناء فريضة الحج في مِنى ..
وإن كثيراً من الأعراض والأمراض : النفسية والعصبية والمزاجية , سببها ترك الاستعاذة , وهو بمثابة إلقاء السلاح في الحرب , ومَنْ لا سلاح له يُقتل أو يُجرح , أو يؤخذ أسيراً غنيمة باردة !. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
وأما البسملة : فهي الاستعانة والاستفتاح , في القراءة والتلاوة , وعند كل الحركات والسكنات والمبادرات , باسم الله الأعظم , الذي هو لفظ الجلالة, القـيِّـمُ على كل الأسماء الإلهية الحُـسنى ..
بمعنى : أَقرأ مستعيناً ومتبركاً ومستقوياً باسم الله السميع العليم , من أجل أن تكون قراءتي وتلاوتي خالصة لوجه الله تعالى , ومتدبراً لها , ولا حظّ للشيطان فيها .. بسم الله الرحمن الرحيم ..
إن اسم الله العظيم , هو الذي نفتتح به حياتنا كلها , وبهذا الاسم المبارك الطيب , ندخل إلى عالم الوجود الأكبر , ونمارس الحياة بأسلوب أفضل , ونحظى بالمزيد من البركات والأنوار , والتجليات العزيزة المنال , من حضرة ذي العزة والجلال ..
إن المسلم المعاصِر والمحاصَر , مفتقر ومضطر إلى الفاتحة الشريفة , يتلوها بفهم ووعي , ويقرؤها بتدبر وفكر , ويعتصم بحبلها الوثيق , وعروتها
الأوثق , في هذا الزمن الخطِر والرديء , والمتفجر بالفتن والمحن , والأوبئة والفيروسات والأمراض , والنوائب الفادحة , والجرائم المنظمة , والظلم الصارخ , والضياع الكبير ..
إنها ــ بما تضمنته من أسماء إلهية , وطاقات مكنونة ــ سفينة الدعاة والهداة , وطوْق الإغاثة والنجاة , وشاطئ السلامة والأمان , بعيداً عن أمواج هذه الحياة العاتية , وتيارها الجارف , وتخطفها العنيف ..
إنها السلاح الأمضى , في معركة الصراع الدائم , وملحمةِ الوجود والأمشاج العاصفة .. بل إنها روح المواجَهة والمقاومة , للتوازنات المختلة , والسلوكيات الجائرة , والسياسات الآثمة .. بحيث تبدو الحياة الراهنة , أمام زحوف الفاتحة : خاويةَ الوِفاض , وفارغة وتافهة , وكلُّ شيء فيها آيل إلى التداعي والسقوط ..
فالفاتحة مَنجاة , وتركها مَهواة , وهي مرجعية متقدمة غير مرتدة , ومنتصرة غير منكسرة , وغالبة ليست مغلوبة أبداً , ومَفـزع إذا حزب الأمر , ووقع الضُّر .. إياك نعبد وإياك نستعين ..
أيها المسلم , أيتها المسلمة : إليكم الفاتحةَ من جديد , هدية من الله الولي الحميد , الذي وهبنا أفضل ما عنده : روحَه الآمر , وقرآنه المجيد , وفاتحته العتيدة , وحبيبه محمداً , صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم , والإيمان بعد ذلك وقبل ذلك ..
الفاتحة : شريعة الحب والحرب , وملحمة الوفاء والصدق , بداية البداية ونهاية النهاية , ميزان العبادات والمعاملات , وقاعدة انطلاق كل المقولات والمقالات , الصادعةِ بالحق , في دنيا الباطل والوهم , والظلم والإثم ..

عبد الرحمن
طليعة بيانية :
لقد تضمنت سورة الفاتحة : كلياتِ المطالب الدينية الأساس , وهي التعريف بالإله المعبود سبحانه , وحمدُه وتمجيده والثناء عليه , وإثبات المرجع والمَعاد , وطلبُ الهداية إلى الصراط المستقيم , والاستعانة برب الكائنات , وقضايا النبوات والرسالات , وتاريخُ الأديان , وصراع الحق والباطل , ومآلات الذين أنعم الله عليهم .. والذين ضلوا والمغضوبين ..
ولذلك لا يمكن لأية سورة قرآنية , أن تكون عِـوضاً وبديلاً عنها , أو أن تقوم مَقامها , فهي مرجعية القرآن ــ إن صح التعبير ــ وروح العبادة والدعاء, وحقيقة التدين الصحيح , دونما رياء ولا غرور ..
إن الفاتحة الشريفة , تعلمنا أموراً كثيرة , لا حصر لها , وهي فقه مفتوح للدين والحياة , تفسر الوجود والأحداث , وتدل على الله , وتأمر بالمعروف , وتنهى عن المنكر , وتختصر سيرة البشر ..
الفاتحة فاتحة , ولكل خير مانحة , وهي العُـدة والذخر , في هذه الدنيا , وفي يوم الدين .. وأبحاث الفاتحة , لا تستوعبها المجلدات الضخمة , وهي بحر العلوم , وفيضُ السلوك , ومفاتح الفرج , ورفع الحرج ..
ومهما كررها المسلم وأعادها , لا يَملها ولا يرتوي منها , ولو قرأها ألف عام , فكأنها تُـقـرأ لأول مرة الآن , وهذا بعض إعجازها الزاخر والباهر, والحمد لله رب العالمين ..
الفاتحة .. تعريف ونزول :
إن سورة الفاتحة مكية , أي نزلت في مكة , قبل الهجرة النبوية , وقد تكون نزلت في المدينة المنورة , مرة ثانية .. وهذه السورة , لها عـدة أسماء , وكثرة الأسماء تدل على شرف المسمى, منها الفاتحة , لافتتاح القرآن المجيد بها , فهي في أول المصحف الشريف , وهي مفتاح الفتح للأولياء والسالكين ..
ويقال لها : فاتحة الكتاب , وأم الكتاب .. لأنها كالأم والمصدر والمرجع , لبقية السور القرآنية , ومضامينها الواسعة , ومدلولاتها ودلائلها اللا متناهية .. ويقال لها أيضاً : السبعُ المثاني , لأنها سبع آيات بالإجماع , تُـثـنـّى أي تعاد وتكرر في الصلاة , وفي الأذكار والدعوات , وتُقرأ في المهمات والملمات , وقضاء الحاجات والأوراد ..
قال الله تبارك وتعالى :
(( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآنَ العظيم )) ..
وقال عليه الصلاة والسلام :
(( هي السبع المثاني والقرآنُ العظيم الذي أوتيته )) ..
إن وصف الله سبحانه للفاتحة , بأنها السبع المثاني , تنويه كبير جداً , بشرفها وفضلها , وإشارةٌ غير خافية , إلى ما تتمتع به هذه السورة الجليلة , مع قلة كلماتها , من شأن وقيمة , وبما لها في حياة الأفراد والأمة , من آثار إيمانية وإحسانية وإيجابية , فائقة ومتفوقة , وما تتركه في التاريخ , من بصمات سلوكية راقية ومتقدمة , وألطاف جسيمة , لا تُشترى بأموال الدنيا ..
وإن أي مسلم , لا يمكن له أن يستغني عن الفاتحة , لأنها تمس جوهر حياته وصَلاته , وبدونها لا صلاة , ولا معنى لهذه الحياة !..
الفاتحة : في حقيقة تشكلها , شفاء من كل داء وألم , وإنها الراقية والشافية , حقاً بإذن الله , وبالنية الخالصة لله عز وجل , فهي الطريق الـمُضاء, والمسلك الوضّاء , والمنهج الواضح ..
وفيما يلي : سوانحُ وتأملات , وملامحُ ومعطيات , حول سورة الفاتحة , ومعانيها الفالحة , وقِـيمها الصالحة . وبالله الهداية والتوفيق ..

الفاتحة .. معاني وقِـيم :
يقول عليه الصلاة والسلام : (( لا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحة الكتاب )) .. أي لا صلاةَ كاملة , أو لا صلاة أصلاً ..
ومعنى ذلك أن المسلمين , مرتبطون بهذه السورة , ارتباطاً مستداماً , حتى الأطفال منهم , فهي تعاد وتردد , في كل ركعة من ركعات الصلاة , على مدار اليوم والليلة , ويتلوها المسلم والمسلمة , عند كل شأن وحاجة , ومباشرة أمر , وممارسة فعل , فهي جزء من روحه ووجوده , وبها تحصل مناجاة الله , بأحسن أسلوب , وأجمع بيان , وأصدق ثناء ودعاء .. فهي حبل اعتصام المؤمن , من أيسر طريق , وأوجز قول , وأحبه إلى النفس , وأعذبه في التلاوة والحفظ .. وأعلاه في القيمة والوزن ..
وقد جاء في الحديث القدسي : (( قسَمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ..)) .. فما نسأله وندعو به في سورة الفاتحة , ضَمِن الله جل جلاله , أن يعطينا إياه , وأن يمنحنا رضاه , بعد أن أثنينا عليه ومجّدناه وحمدناه , أي وصفناه بكل كمال ورحمة وعدل , ونزهناه عن كل نقص وعيب وظلم , من خلال سورة الفاتحة طبعاً ..
فالفاتحة تجمع مقاصد القرآن المجيد , وتستوعب مجمل المعاني الضخمة التي تضمنها كتاب الله , فمن قرأها , فكأنما قرأ المصحف كله , وصدّق بالقرآن : عقيدة وإيماناً , وتدبراً وإحساناً , وامتلاء بحب الله وحمده , وشعوراً بالامتنان تُجاه الحق سبحانه , الذي ما خلقنا إلا ليحبنا ويرحمنا ويكرمنا ..
إن الفاتحة الشريفة , عالم كبير من الرُؤى والفِكَر , والفقه والأدب , ورائع الخطاب والمناجاة , لحضرة العلي الكبير .. وهي تعني التحرر المطلق من كل عبودية للعبيد , والارتباط بخالق الوجود , ارتباطاً لا انفكاك معه , ولا تراجع عنه : ردّة وانقلاباً , ورضىً بالدون من الأمور ..
وهي بعد ذلك : منهج ودستور ونظام , وفهم وقناعة والتزام , وعدة للمحزون والملهوف .. الذي يبحث عن الولي والنصير , في دنيا الغرور والتغرير ..
أو تقول : هي مرجعية الأمة , ولا يشذ عنها إلا هالك , وكاشفة الغمة , لا يتركها إلا من سَـفِه نفسه , وضل سعيُه , وهو يحسِب أنه يُحسن صُنعاً , ويظن بأنه بدون الفاتحة , يمكن أن يكون سعيداً , أو شيئاً مذكوراً ..
فالكثيرون بدون الفاتحة ــ تمسكاً وقراءة ــ كانوا ضائعين ومفلسين , يلهثون خلف الأنانية , والأمجاد الشخصية , والمكاسب المادية , ويعيشون لِما يَفنى كسحابة الصيف , ويبنون على الرمال , وعلى شفا جُرفٍ هارٍ ..
من أسرار الفاتحة :
إن سورة الفاتحة , بمعطياتها االكلية الجامعة , حل لأزمة الحياة , ومَخرج من الضيقات , أجمعُ بيان من قول الرحمن , سر السر , ومنبع البر , العروة الوثقى لكل الورى , وكل الصيد في جوف الفرا .. وفيها نبأ الآخرة والدنيا ..
أبجدية الكون , وإنسان العين , قلم القدرة , وصحيفة المجد والنعمة , ولوحة الإبداع الأولى ..
حروفها كتاب الوجود , ومعانيها معارج للصعود , وكلماتها دساتير ومعايير , ونَبضُها روح التعبد والذكر , والتدين الخالص والحق ..
زاد المسير لأمة البشير , وحاديها في الدرب العسير , ومُلهمها المسعفُ في الضنك والشدة , وناهض بها من الكَـبْوة والعثرة , وآخذ بناصيتها إلى العزة , وعلـوِّ الهمة .. غياث لمستغيث , وفرح لمعنىّ ومكروب ..
ما نزل مثلها ولا قريبٌ منها في كتاب قط , وكل ما ورد في فضلها وتفضيلها : قليل وغـيْض , وقطرة من يَمٍّ وفيض ..
الفاتحة في حياة الأمة :
لم يمر على البشرية قط , أن ارتبطت بشيء كفاتحة الكتاب , وإنها جوهر التطمين والفرقان .. وبها تطمئن القلوب , وتهدأ الخواطر ..
يقرؤها المحزون , فيصبر ويرضى , والخائف فيأمن ويهدأ , والملهوف فترد عليه لهفته , وتجاب دعوته , وحينما يكون المؤمن في كرب وفي ضيق , فيقرأ الفاتحة , ينتابه شعور بسعة رحمة الله , وبالفرج القريب من الله , ومَن يريد استئذاناً واتصالاً , فبالفاتحة يجد الإذن حاضراً , ويكون الوصال والتواصل حاصلاً , وإذا أراد خروجاً أو سفراً , كانت الفاتحة سلاحَه وأفراحه, وحينما يأوي إلى المنام , يقرأ فاتحة الكتاب , فيشعر بالسكينة وهدوء الأعصاب , وقد يصاب بالصداع , فالفاتحة له شفاء ودواء , ويدخل على كبير وأمير , ويدْهمه أمر خطير , فيقرأ الفاتحة , فتكون الأمور عليه برداً وسلاماً ونجاة , ويعقد عقداً , فالفاتحة أساسه , ويقرؤها البائس الفقير , فيجعل الله له مَخرجا , ويرزقه رزقا , ويرحمه حقاً ..
ومن المستحيل فصل الأمة عن الفاتحة , لأنها كانت الكافية والشافية فعلاً, تكفي المؤمنين , كثيراً من أمور الدنيا والدين , وتطرد الشيطان , وتحبط ما يوسوس به في الصدور , وتسبب له مرارة ويأساً ..
كما كانت العلاج من التوتر والقلق , وهي وِرْد الأوابين , والحصن والوقاية , مما قد يتراءى للنساء والرجال والأطفال , من التخيلات والأشباح والأرواح , وكوابيس النوم ..
عيادة مرضى النفوس والأعصاب , ومشفى للخلاص من الانفصام والاكتئاب , وطبيب متخصص , لدى الممسوس والمتحسس ..
والصحابة والعارفون , عرفوا قدرها , واكتشفوا سرها , وقال الرسول صلى الله عليه وآله وسلم : (( وما يُدريك أنها رُقْـية )) . أي شفاء من السُّـم واللَّـدْغة ؟!. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا حزَبه أمر فزع إلى الصلاة . أي إلى الفاتحة . فهي مفتاح الفرج , لسيدنا رسول الله عليه صلى الله
إهمال الفاتحة : فتح أبواباً مغلقة من البلايا والمحْـزنات , وعاد بالخسران والتصدع , على الأسر والمجتمعات ..
مكانة الفاتحة :
وَرد في الآثار : أن نزول الفاتحة , كان شديداً على الشيطان , وأحدث له أزمة وعقدة , بسبب ما تتيح من ألوان الردع والوقاية والحفظ , بحيث تقف سداً منيعاً , أمام جهود إبليس اللعين , ومحاولته إغـواءَ المؤمنين , وفتنتهم عن دينهم , ودفعَهم في طريق السقـوط والـقـنوط ..
سماها رسول الله , صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم : أعظمَ سورة في القرآن , وأمَّ القرآن , لأنها منبعه ومرجعه , ومقدمة له ..
وهي مستثناة لهذه الأمة حصراً .. وجاء في الحديث القدُسي : ((فاتحة الكتاب كنز من كنوز عرشي )) ..
ومعنى ذلك : أن الأمة بأجيالها وقرونها , تتلو هذه السورة , وتُنفق من هذا الكنز , ولا انتهاء له , لأنه كنز متجدد ومجدِّد , وينبوع متدفـق !..
ففي كل يوم تُتلى مليارات المرات , وفي كل مرة , فتح جديد , واستجابة جديدة , وإغاثة ونجدة في اللحظة الحرجة , والموقف الصعب ..
الفاتحة : نصٌّ إلهي قاطع , تنافح عن صاحبها , وتستجيب لقارئها , وهي معتصَم لمن اعتصم بها , وركن إليها , وصدّق بجدواها ونجواها ..
مفاهيم من الفاتحة : مضامين الفاتحة ودلالاتها : قصة الحياة وما بعد هذه الحياة , ملحمة الصراع القائم والدائم , بين الحق والباطل , بين خطين متوازيين , لا يلتقيان أبداً : خط عباد الرحمن , وخط المؤمنين بالطاغـوت والشيطان ..
ومَن أضل ممن ضل عن الفاتحة , ولم يسمح لها بالدخول في حياته ومعاشه , وتسوية وضعه السلوكي والإنساني , واسقـراره الأسري ..
فسبحان من أنزل على الحبيب هذه السورة , وجعلها له ولأمته : ملاذاً وفتحاً مبيناً , ونجوى لله ما مثلها نجوى , ومخزون ثقافة من علم ونور ..
إن الأمة ذات القرون , كان مفزعُها في الخطوب والنوازل , إلى الصلاة التي روحها وركنها الأعظم : الفاتحة .. وبالفاتحة كان لها بصائر ومنائر ..
وإن بقاء الأمة , مرهون ببقاء الفاتحة , لأنها رمز لذلك حقاً وفعلاً ..
الفاتحة هي أول المصحف وآخره , وهي كله وسائره , بها نمضي ونسير , وعليها نحيا ونموت , وإليها المرجع والمصير , في الزمن العسير ..
وأما (( آمين )) : فإنها في الفاتحة , ختام الدعاء وختمه , ولا يُرفع دعاء بدونه , وهي الكلمة الوحيدة , من وضع سيد المرسلين , في المصحف الشريف , ولكنها لا تكتب فيه , وهي توقيع سيدنا رسول الله , عليه صلى الله كلما كان يقرأ الفاتحة : تعبيراً عن إيمانه العميق , بمصداقيتها وهُويتها ..
ومعناها : استجب دعاءنا ونجوانا , وليكنْ كذلك يا رب , وأنعم علينا بالقبول , وأعطنا سؤلنا الذي سألناك , وبه دعوناك .. آمين ..
وماذا بعدُ في قراءة الفاتحة :
يقرأ المسلم الفاتحة , فيشعر بانفتاح الآفاق أمامه , واتضاح الطريق بين يديه , ثم هو يثني على الله بما هو أهله , ثناء منقطعَ النظير , لأنه لا يوجد في الكون , من يُثني على الله بذلك , إلا هو سبحانه القادر عليه , والجدير به , والمستحق له .. فما أعظمَ جلالَ الله , وهو يقرأ الفاتحة , ناظماً لها على هذا النحو المعجز والرائع , مستحضراً كل ما يستدعيه المقام : من بلاغة وحشد وإيجاز وإعجاز , وإحاطة بالمدى والمضمون ..
الفاتحة : عروس القرآن , ومادة هندسة الأكوان , ومصدر الطاقة والقوة وتفعيل الإيمان .. (( إقرأ وارْق )) أيها المؤمن , من خلال سورة الفاتحة , التي تفتح لك عقلك وقلبك , وتنير بصيرتك , وتهدي نفسك , وتصلك بالله مباشرة دونما حجاب ولا سراب , ولا مزيد معاناة ولا عذاب !..
وتأكد أيها المسلم , أن الفاتحة مفتاحك وفلاحك , والينبوع الذي يروي ظمأك إلى المعرفة , وإلى الخشوع , فاستمسك بها , تكن من الفائزين , بإذن الله تبارك وتعالى .. وما أذِن الله لشيء , إذْنَـه للفاتحة , تُقرأ لكل شيء ..
حقاً إن الفاتحة , هي الحياة في حياة هذه الأمة , وهي شعارها وعنوانها الأعظم , وهي وِجْدانها وضميرها المتكلم ..
إنها ــ بحق ــ مرآة المؤمنين , يجدون فيها أنفسهم , ويرون مواقع أقدامهم , ويدركون إلى أين يسيرون , ومَـن في هذه الدنيا يكونون ..
في الفاتحة : حمِد الله نفسه وذاته , أولاً وأزلاً وقبل كل شيء , منوهاً بكماله المطلق : أسماءً وصفاتٍ , وفعلاً وشأناً , ورحمة وسعت كل شيء ..
ويجب أن يكون سلوك المؤمن , منسجماً ومؤتلفاً مع مدلولات سورة الفاتحة , وروحانيتها العالية .. فتنميّ فيه مَلكة الخشية والتقوى , وتجعله رمز الوعي والهدى , ونبراسَ الخلق النبوي العظيم ..
وإنها بالتالي : تشير إلى مآلات الصدام والخصام , على ظهر هذه الأرض , بين أبناء البشر جميعاً , وتكشف عن طبيعة الوجود والحياة , في الدنيا والآخرة , وما وراء المادة , وعالم الملكوت أيضاً ..
وأخيراً : فمن المستحيل حصر ما يُستنبط ويُـفهم , من ثنايا سورة الفاتحة المعـلِّمة والمـثـقـفة , والموحية بكل أمر رائع من الإلهام والفهم والعلم , والسبْـر للكون , والتأصيل لمبدأِ الهداية والصوْن ..
وتقول في النهاية : إن العاقبة للمتقين , وإن النصر للصادقين , وإن الله لمع المحسنين , وإن دنيا الدناءات والمظالم , هي لأعداء الله , وليس لعباده الصالحين..
الفاتحة .. ومِسك الختام :
وبعد : فالحمد لله الذي وفقني لقراءة الفاتحة , على هذا النحو الفاتح لما أُغلق , من الأسرار والمكتشفات والمفاهيم الدقيقة , التي تأتي على قـدَر وتوقيت , وفي ظروف غاية في الصعوبة والحرج , والإحصار والضيق , وطوفان الشر والبلاء , واستفحال أمر الشيطان والأعداء , وتفجر المرض والفتن , والداء والوباء , وتسلط المنافقين والمداهنين , والمفسدين في الأرض فعسى تكون الفاتحة بهذا التفسير ونزع الغطاء : إغاثة عاجلة من حضرة العلي العظيم , بثوبها القشيب هذا , وفيضها الكبير , وعطائها الملحوظ والمؤكد , وتداركها السريع .. وبركاتها الطافحة بكل سر وخير وتيسير ..
وبقوة التصديق والاعتقاد , يحصل كل هذا المطلوب والمراد , ولكنّ الكُسالى والخاملين , والمتعاملين مع الله بالتجارب أو بالشك , فليسوا حتماً أهلاً لذلك , وقد يكونون يُكذبون , ويعتبرونه ضرباً من المبالغات الفضفاضة , وقد يكونون ممتلئين بغُثاء هائل , من إعلام المسيح الدجال , ومن المفتونين على كل حال .. والمعـَوّقين والمبطئين أيضاً ..
أيها القارئ المؤمن الكريم : لا تقـف عند هذا الحد , بل عُـد إلى الفاتحة مجدَّداً , والعـوْد أحمد إن شاء الله .. تبين لنا من مجمل ما تقدم , أنها ــ أي الفاتحة ــ أعطت تصوراً متكاملاً عن الدين الحق , وكيفية التعامل معه , وأفصحت عن مضامين وعناوين , لم تدعْ شأواً لمستبق , ولا حجة لمنطلق , وقدمت أعظم إجابة , على أعظم تساؤل .. والله سبحانه وتعالى أجل وأعلم ..


تنويه :
وبالطبع , فليس هذا تفسيراً للفاتحة , ولم أقصده في الأصل , لأنه مبذول ومتداوَل , في التفاسير المتداولة , ولو فعلت ذلك , لكنت كناقل التمر إلى هَجَر ولم آت بجديد , في هذه الفترة الرهيبة , وظمأ المسلمين إلى العلم والمعرفة , وكشفِ ما هو مستور ومغـيّـب , من الحقيقة الدينية الإسلامية ..
ولكن المسلم المعاصر , محتاج إلى لون مُحْدث من الخطاب الديني الإسلامي : الواعد والرائد , يجمع بين الأصالة والحداثة , والإبداع في المفاهيم , ويتسم باللهجة البيانية , التي فيها الصراحة والوضوح والعمق , والمقاربة الفكرية والبحثية , نحو هذا الواقع : قراءة واستنباطاً وتحقيقاً , وكشفاً لما هو مُعتَّم عليه ومهمَّـش , من أمر الإسلام الحق , والإعجاز القرآني الفائق , والتحليل الموضوعي الأشمل ..
وليس كذلك التفسيرُ اللفظي والبياني والمعنوي , لآيات القرآن وكلماته , وطبيعة أحكامه ومواعظه وتعليماته .. وهذا كله يجري الحديث عنه , والإعلام به , وهو جاهز ومفـصّل تـفـصيلاً ..
والله سبحانه وتعالى , من وراء القصد , وله كل الحمد والمجد والمنة والسلام ..

memainzin
12-15-2011, 09:55 AM
(( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآنَ العظيم ))
مهمة الإعجاز العددى الأولى
1-إثبات أن هذا الكتاب الذى لاريب فيه القرآن الكريم هو كتاب الله أنزله الله بعلمه
لذا فعليك ان تعرف اخى الكريم
أن إسم الله ورد فى كتاب الله 2699 مرة ففى اول آية فى القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم اول إسم من ال 2699
2-وهو دليل آخر عل صدق الصادق الأمين محمد صلى الله عليه وسلم
3- مهمته (( الإعجاز العددى )) ليزداد اللذين آمنوا أيمانا
-----------------------

الأدلة لدى ثلاثة انواع
1- معقولات حسابية لايرفضها عاقل
2- دلائل مادية بالحرف العربى ((ا ل ل ه)) والرقم العربى (( 12345678910))
3- الغير معقولات وهذه سأحتفظ بها لنفسى حتى حين
عدد سور القرآن الكريم 114 سورة بالضرب فى 100 او بالقسمة على 100
ولأننا بصدد إثبات ان هذا الكتاب هو كتاب الله فإسم الله هو أكبر دليل عل ذلك فقد وردإسم الله فى 85 سورة

85 سورة بها إسم الله _ 114 سورة = 29
85 × 29 = 2465
11400 _ 2465 = 8935
(( 6236 آية بمافيها البسملة وهى اول آية فى القرآن الكريم +إسم الله 2699 بمافيها اول إسم لله فى أول آية فى القرآن الكريم بسم الله الرحمن الرحيم ))
عدد سور القرآن الكريم 114 سورة مجموع ترتيب أرقام العدد 114 من 1+2+3 ال 114 = 6555
مجموع ترتيب أرقام العدد 85 من 1+2+3 ال 85 = 3655
114_ 85 = 29
6555 _ 3655 = 2900 بالقسمة على 100 = 29 سورة مجموع ترتيب أرقام العدد 29 من 1+2=3 ال 29 = 435 _2900 = 2465 ((114= 85×29 ))
إسأل نفسك قبل ان ترد لما فى ال ((29)) 85×29 هل كان محمدا عليه السلام يعلم بشيء من خصائص الأرقام ؟؟
هناك الكثير ولكننى ساكتفى بتذكيركم بما هو موجود ومنشور فى هذا المنتدى
(( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآنَ العظيم ))
الإعجاز الحسابى (( العددى الإحصائى ))
يوضح الكثير
حتى انه
يبين حسابيا كم هى السور التى فى النصف الأول التى بها إسم الله وكم هى السور التى بها إسم الله فى النصف الثانى
ويبين كم هى السور التى ليس بها إسم الله فى النصف الأول من المصحف وكم هى السور التى ليس بها إسم الله فى النصف الثانى من المصحف
ويبين كم هى السور التى بها حروف مقطعة فى النصف الأول وكذلك فى النصف الثانى بل ويحدد كم عدد إسم الله فى السور التى بها حروف مقطعة
ويبين كم هو عدد آيات النصف الأول وكم هى عدد آيات اانصف الثانى بل وكم هو عدد إسم الله فى النصف الأول وكذلك فى النصف الثانى
وكل ذلك كما هو موجود فى المصحف الكريم كتاب الله
ويوضح الكثير الكثير مماغاب عناجميعا ويحل إشكالات نحتاج اليها خاصة فى زماننا هذا فقط إن وعاه العقلاء و العلماء
بل واكثر من ذلك فما عليك اخى إلا ان تطلب !!!:): أى ماذا تريد من الإعجاز العددى !!
(( ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآنَ العظيم ))