الجويرية
01-18-2010, 08:59 AM
إثبات المشيئة والإرادة لله سبحانه
النص من كتاب العقيدة الواسطية:
وقوله : { وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ } .
وقوله :{ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } .
وقوله : { أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } .
الشرح :
قوله : { وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ } أي : هلا إذ دخلت بستانك .
{ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ } أي : إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها اعترافًا بالعجز وأن القدرة لله سبحانه .
قال بعض السلف : من أعجبه شيء فليقل : ما شاء الله لا قوة إلا بالله .
وقوله : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } أي : لو شاء سبحانه عدم اقتتالهم لم يقتتلوا، لأنه لا يجري في ملكه إلا ما يريد، لا راد لحكمه ولا مبدل لقضائه .
وقوله تعالى : { أُحِلَّتْ لَكُم } أي : أبيحت والخطاب للمؤمنين .
{ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ } أي : والمراد به المذكور في قوله : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ } الآية التي بعدها بقليل .
وقوله : { غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ } استثناء آخر من بهيمة الأنعام .
والمعنى : أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها إلا ما كان منها وحشيًا فإنه صيد لا يحل لكم في حال الإحرام،
فقوله : { وَأَنتُمْ حُرُمٌ } في محل نصب على الحال، والمراد بالحرم من هو محرم بحج أو عمرة أو بهما .
{ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } من التحليل والتحريم لا اعتراض عليه .
الشاهد من الآيات
أن فيها إثبات المشيئة والقوة والحكم والإرادة صفات لله تعالى على ما يليق بجلاله .
وقوله : { فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء } .
الشرح :
{ فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ } أي : من شاء الله سبحانه أن يوقه وجعل قلبه قابلًا للخير . و { من } : اسم شرط جازم، ويرد : مجزوم على أنه فعل الشرط . { يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } مجزوم بجواب الشرط .
والشرح : الشق، وأصله التوسعة، وشرحت الأمر : بينته ووضحته . والمعنى : يوسع الله صدره للحق الذي هو الإسلام حتى يقبله بصدر منشرح .
{ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ } أي : ومن شاء سبحانه أن يصرفه عن قبول الحق .
{ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا } أي : لا يتسع لقبول الحق . { حَرَجًا } أي : شديد الضيق فلا يبقى فيه منفذ للخير، وهو تأكيد لمعنى { ضَيِّقًا } .
{ كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء } أصله يتصعد، أي كأنما تكلف ما لا يطيق مرة بعد مرة كما يتكلف من يريد الصعود إلى السماء . شبه الكافر في ثقل الإيمان عليه بمن يتكلف ما لا يطيقه كصعود السماء .
الشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات الإرادة لله سبحانه وأنها شاملة للهداية والإضلال، أي : يريد الهداية ويريد الإضلال كونًا وقدرًا لحكمة بالغة .
فالإرادة الربانية نوعان :
النوع الأول : إرادة كونية قدرية،
وهذه مرادفة للمشيئة،
ومعنى (الإرادة الكونية القدرية) أن الإرادة متعَلَّقها ما يكون في ملكوت الله من التكوين ومن القَدَر
و(الإرادة الكونية القدرية) هذه قد يكون منها ، لا تقوم الأشياء إلا بها ، وقد تكون الأشياء من محبوبات الله وقد لا تكون من محبوبات الله ، فالله جل وعلا أراد الإيمان كونا من المؤمن وحصل العبد عليه ، وأراد الكفر كونا من الكافر وكان العبد كافرا .
ومن أمثلتها قوله تعالى : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا }
وقوله تعالى : { وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ }
وقوله : { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا } .
النوع الثاني : إرادة دينية شرعية،
فـ (الإرادة الشرعية) قد يمتثلها العبد وقد لا يمتثلها ، يعني قد يأتي بفعل يوافق مراد الله الشرعي ، وقد يكون فعله غير موافق لمراد الله الشرعي
وأما (الإرادة الشرعية الدينية) فهي محبوبة لله جل وعلا ، كما أراد الإيمان يعني طلبه مريدا له من العباد فحققه المؤمن .
ومن أمثلتها قوله تعالى : { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } الآية ( 27 ) النساء
وقوله : { مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ } الآية ( 6 ) المائدة .
وقوله تعالى : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } الآية ( 33 ) الأحزاب .
فإذن يجتمع في المؤمن الطائع (الإرادة الكونية القدرية) و (الإرادة الشرعية الدينية) وأما الكافر أو العاصي فيكون في حقه (الإرادة الكونية القدرية) وهو يكون غير ممتثل لـ (الإرادة الشرعية) .
الفرق بين الإرادتين :
1 ـ الإرادة الكونية قد يحبها الله ويرضاها، وقد لا يحبها ولا يرضاها والإرادة الشرعية لابد أنه يحبها ويرضاها . فالله أراد المعصية كونًا ولا يرضاها شرعًا .
2 ـ والإرادة الكونية مقصودة لغيرها، كخلق إبليس وسائر الشرور لتحصل بسبب ذلك المجاهدة والتوبة والاستغفار وغير ذلك من المحاب . والإرادة الشرعية مقصودة لذاتها، فالله أراد الطاعة كونًا وشرعًا وأحبها ورضيها .
3 ـ الإرادة الكونية لابد من وقوعها، والإرادة الشرعية لا يلزم وقوعها فقد تقع وقد لا تقع .
تنبيه : تجتمع الإرادتان الكونية والشرعية في حق المخلص المطيع وتنفرد الإرادة الكونية في حق العاصي .
تنبيه آخر : من لم يثبت الإرادتين ويفرق بينهما فقد ضل كالجبرية والقدرية . فالجبرية أثبتوا الإرادة الكونية فقط، والقدرية أثبتوا الإرادة الشرعية فقط . وأهل السنة أثبتوا الإرادتين وفرقوا بينهما .
المصدر:شرح العقيدة الواسطية للشيخ الفوزان
شرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ
النص من كتاب العقيدة الواسطية:
وقوله : { وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ } .
وقوله :{ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } .
وقوله : { أُحِلَّتْ لَكُم بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } .
الشرح :
قوله : { وَلَوْلا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ } أي : هلا إذ دخلت بستانك .
{ قُلْتَ مَا شَاء اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ } أي : إن شاء أبقاها وإن شاء أفناها اعترافًا بالعجز وأن القدرة لله سبحانه .
قال بعض السلف : من أعجبه شيء فليقل : ما شاء الله لا قوة إلا بالله .
وقوله : { وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُواْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ } أي : لو شاء سبحانه عدم اقتتالهم لم يقتتلوا، لأنه لا يجري في ملكه إلا ما يريد، لا راد لحكمه ولا مبدل لقضائه .
وقوله تعالى : { أُحِلَّتْ لَكُم } أي : أبيحت والخطاب للمؤمنين .
{ بَهِيمَةُ الأَنْعَامِ } أي : والمراد به المذكور في قوله : { حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ } الآية التي بعدها بقليل .
وقوله : { غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنتُمْ حُرُمٌ } استثناء آخر من بهيمة الأنعام .
والمعنى : أحلت لكم بهيمة الأنعام كلها إلا ما كان منها وحشيًا فإنه صيد لا يحل لكم في حال الإحرام،
فقوله : { وَأَنتُمْ حُرُمٌ } في محل نصب على الحال، والمراد بالحرم من هو محرم بحج أو عمرة أو بهما .
{ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ مَا يُرِيدُ } من التحليل والتحريم لا اعتراض عليه .
الشاهد من الآيات
أن فيها إثبات المشيئة والقوة والحكم والإرادة صفات لله تعالى على ما يليق بجلاله .
وقوله : { فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء } .
الشرح :
{ فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ } أي : من شاء الله سبحانه أن يوقه وجعل قلبه قابلًا للخير . و { من } : اسم شرط جازم، ويرد : مجزوم على أنه فعل الشرط . { يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ } مجزوم بجواب الشرط .
والشرح : الشق، وأصله التوسعة، وشرحت الأمر : بينته ووضحته . والمعنى : يوسع الله صدره للحق الذي هو الإسلام حتى يقبله بصدر منشرح .
{ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ } أي : ومن شاء سبحانه أن يصرفه عن قبول الحق .
{ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا } أي : لا يتسع لقبول الحق . { حَرَجًا } أي : شديد الضيق فلا يبقى فيه منفذ للخير، وهو تأكيد لمعنى { ضَيِّقًا } .
{ كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء } أصله يتصعد، أي كأنما تكلف ما لا يطيق مرة بعد مرة كما يتكلف من يريد الصعود إلى السماء . شبه الكافر في ثقل الإيمان عليه بمن يتكلف ما لا يطيقه كصعود السماء .
الشاهد من الآية الكريمة : أن فيها إثبات الإرادة لله سبحانه وأنها شاملة للهداية والإضلال، أي : يريد الهداية ويريد الإضلال كونًا وقدرًا لحكمة بالغة .
فالإرادة الربانية نوعان :
النوع الأول : إرادة كونية قدرية،
وهذه مرادفة للمشيئة،
ومعنى (الإرادة الكونية القدرية) أن الإرادة متعَلَّقها ما يكون في ملكوت الله من التكوين ومن القَدَر
و(الإرادة الكونية القدرية) هذه قد يكون منها ، لا تقوم الأشياء إلا بها ، وقد تكون الأشياء من محبوبات الله وقد لا تكون من محبوبات الله ، فالله جل وعلا أراد الإيمان كونا من المؤمن وحصل العبد عليه ، وأراد الكفر كونا من الكافر وكان العبد كافرا .
ومن أمثلتها قوله تعالى : { وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا }
وقوله تعالى : { وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلاَ مَرَدَّ لَهُ }
وقوله : { وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا } .
النوع الثاني : إرادة دينية شرعية،
فـ (الإرادة الشرعية) قد يمتثلها العبد وقد لا يمتثلها ، يعني قد يأتي بفعل يوافق مراد الله الشرعي ، وقد يكون فعله غير موافق لمراد الله الشرعي
وأما (الإرادة الشرعية الدينية) فهي محبوبة لله جل وعلا ، كما أراد الإيمان يعني طلبه مريدا له من العباد فحققه المؤمن .
ومن أمثلتها قوله تعالى : { وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } الآية ( 27 ) النساء
وقوله : { مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ } الآية ( 6 ) المائدة .
وقوله تعالى : { إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ } الآية ( 33 ) الأحزاب .
فإذن يجتمع في المؤمن الطائع (الإرادة الكونية القدرية) و (الإرادة الشرعية الدينية) وأما الكافر أو العاصي فيكون في حقه (الإرادة الكونية القدرية) وهو يكون غير ممتثل لـ (الإرادة الشرعية) .
الفرق بين الإرادتين :
1 ـ الإرادة الكونية قد يحبها الله ويرضاها، وقد لا يحبها ولا يرضاها والإرادة الشرعية لابد أنه يحبها ويرضاها . فالله أراد المعصية كونًا ولا يرضاها شرعًا .
2 ـ والإرادة الكونية مقصودة لغيرها، كخلق إبليس وسائر الشرور لتحصل بسبب ذلك المجاهدة والتوبة والاستغفار وغير ذلك من المحاب . والإرادة الشرعية مقصودة لذاتها، فالله أراد الطاعة كونًا وشرعًا وأحبها ورضيها .
3 ـ الإرادة الكونية لابد من وقوعها، والإرادة الشرعية لا يلزم وقوعها فقد تقع وقد لا تقع .
تنبيه : تجتمع الإرادتان الكونية والشرعية في حق المخلص المطيع وتنفرد الإرادة الكونية في حق العاصي .
تنبيه آخر : من لم يثبت الإرادتين ويفرق بينهما فقد ضل كالجبرية والقدرية . فالجبرية أثبتوا الإرادة الكونية فقط، والقدرية أثبتوا الإرادة الشرعية فقط . وأهل السنة أثبتوا الإرادتين وفرقوا بينهما .
المصدر:شرح العقيدة الواسطية للشيخ الفوزان
شرح العقيدة الواسطية للشيخ صالح آل الشيخ