عبـــاد
10-20-2004, 06:40 PM
تم نقل الموضوع إلى قسم الحوار عن الإسلام
بدأ الاسلام غريبا
بقلم: حامد المقدسي
قال رسول الله صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنِ الْغُرَبَاءُ قَالَ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاس"ُ.
يصف الحديث الحالة التي بدأ بها الإسلام والحالة التي ينتهي إليها بالغربة، ولمعرفة المقصود من هذا الوصف لابد من معرفة ما يقصد بكلمة غربة وغريب.
الغربة والتغرب هي البعد، وفي الحديث عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ فَقَالَ غَرِّبْهَا إِنْ شِئْتَ" (النسائي) أي أبعدها ويريد الطلاق، والغَرْب هو الذهاب والتنحي عن الناس، والتغريب هو النفي عن البلد ومنه حديث زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ" (البخاري). ويقال غريب للوحيد الذي لا أهل عنده. وعلى ذلك فالغربة نوعان: غربة المكان وغربة الزمان.
أما غربة المكان وهي التي يسمى الغريب فيها غريباً وهو من بَعُدَ عن وطنه أو أهله. كما في حديث تغريب الزاني.
وأما غربة الزمان فهي أن توجد في زمن ليس زمنك، فأنت غريب وأنت بين أهلك وولدك وفي بلدك، فالطاعن في السن غريب وهو بين أهله، والذي آب بعد سفر طويل غريب وهو يحتاج إلى فترة حتى يتأقلم.
أما الحديث "بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا" فيعني أن الإسلام كان في أول الأمر كالغريب الذي لا أهل عنده، وسوف يعود غريباً عندما يبعد عنه أهله ويحملون أفكاراً غير أفكاره، وقناعات ليست منه، فهم قد فصلوا أنفسهم عنه وبعدوا وأصبح المستمسكون به كالغرباء لقلتهم وغرابة أفكار الإسلام لطغيان أفكار الكفر في المجتمع. فالحديث يدل على غربة غير غربة المكان وغربة الزمان وهي غربة المفاهيم.
إن حالة الغربة هذه –أي غربة المفاهيم – قد عاشها الرسول صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما بدأ الإسلام غريباً وعاشها الأنبياء من قبله صلوات الله عليهم جميعاً. فالرسول صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يوصف بالصادق الأمين بين أهله وعشيرته في مكة قبل بعثته، فلم يكن في غربة، ولكن حدثت الغربة عندما جاء بالمفاهيم الجديدة التي فهموها بفطرتهم من أن هذه الدعوة هي انقياد وحبس للنفس، وهذا مخالف لتقاليدهم وعاداتهم، فكانت هذه الأفكار عندما بدأ الإسلام غريباً.
وحامل الدعوة عند عودة الإسلام غريباً يجد أهله يحملون مفاهيم غير مفاهيمه ومخالفة له من قومية وديمقراطية وأكثرية، وتصبح لهذه الأفكار أجواء وأبواق وأفواه وآذان، ويصبح المنكر معروفاً والمعروف منكراً، ويصبح فصل الدين عن الحياة مطلباً جماعياً، والدعوة لتحرير المرأة ضرورة بشرية، وتعد الدعوة لبناء دولة الخلافة ضرباً من المستحيل، وقطع يد السارق منافية لحقوق الإنسان، ورجم الزاني وجلد شارب الخمر تدخلاً في الحرية الشخصية، وهذا ما يجعل عودة الإسلام غريباً. فالناس قد يتفرقون عن حامل الدعوة رغم أنهم يُصَلون ويسبحون ولا يتفوهون بكلمات الكفر، ولكنهم بأفعالهم وتصرفاتهم يحاربون الله والرسول ويحاولون جاهدين أن يُضِلوا المسلمين عن الطريق الموصلة لرضوان الله عز وجل. حتى أن كثيراً من الذين يحملون الإسلام وتتعارض مصالحهم مع أحكام الله عزوجل يحاول جاهداً بكل وسيلة أن يحمل النص ما لا يحتمل حتى يُفَصِّل الإسلام لكي يوافق مصالحهم مدعين أن ما يقومون به موافق للشرع.
وعند الوقوف مع هذا الحديث لابد من التنبيه بعض النقاط:
أولاً: إن تغير الحال لا يقتضي تغير الفكر عند الإنسان، فبين بداية الإسلام غريباً وعودته غريباً كما بدأ شبه دائرة، بداية غريبة وعودة غريبة، وبين البداية والعودة فترة تعتري الإنسان فيها القوة والضعف، والخمول والنشاط، والإجتهاد والكسل، فهل تغير الحال يقتضي تغير الفكر؟! يعني إذا طرأ تغير في الحال وأصبح الإسلام غريباً فهل يجوز تركه ؟؟؟!! كلا وألف كلا، بل الأمر كما أخبر ربنا عزوجل: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾(آل عمران85)، فلم يجعل الله حمل الإسلام متعلقاً ومرهوناً بحال معينة، فيكون لنا إسلام في حال قوتنا وإسلام آخر في حال ضعفنا، ونحمل الإسلام في حال القوة بشكل يختلف عن الشكل الذي نحمله في حالة الضعف. ليس الأمر كذلك على الإطلاق، فالتغير قد يطرأ على الواقع وعلى الإنسان، وقد يتغير الواقع صيفاً وشتاءً، وقد يتغير الإنسان قوة وضعفاً كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ (الروم 54)، وهذا تغير في الحال، ولكن يبقى الإسلام هو الإسلام في كل الأحوال. والفكر هو الفكر، فلا يوجد فكر صيفي أو شتوي، فلا يتغير الفكر تبعاً للواقع بل يغير الواقع بالفكر.
فعندما بدأ الإسلام غريباً حمله أشخاص آمنوا به وحملوه فكراً حدد سلوكَهم، فأصبحوا غرباء لغربة فكرهم في واقعهم الذي يعيشون فيه، فما تغيروا بل حملوه بقوة… وعندما يعود الإسلام غريباً كما بدأ فإن الأشخاص الذين يحملونه فكراً يحدد سلوكهم فإنهم غرباء فلا يغيرونه ولا يبدلونه لذريعةٍ واهية أو مصلحة آنية بحجة غربتهم في مجتمعهم.
ثانياً- أمر الله رسوله الكريم عندما بدأ الإسلام غريباً بالصبر فقال جل وعلا: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾، ونهاه أن يصيبه الحزن أو الضيق لعدم استجابتهم لدعواه مع تأكدهم من صدقه صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ (الكهف6)، وعندما يعود الدين غريباً فالمطلوب هو الصبر على حمل الدعوة والتمسك بها، وأن لا يدخل في النفس ضيق أو يأس أو إحباط لرؤية المنكر يفعل أو لضعف استجابة الناس.
ثالثاً: وهنا لابد للغريب من بشارات تثبته في غربته وتؤنسه في وحدته:
أ- إن واقع الغربة لا يقتضي أن يكون حامل الإسلام المستمسك به في حزن، بل هو في سعادة دائمة يرقص قلبه فرحاً لما هو مقبل عليه، ففي نهاية الحديث: "فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ " وفي تفسير كلمة طوبى عدة أقوال متقاربة وكلها في وصف الحالة المستطابة لهم في الجنة حيث أن طوبى على وزن فُعْلى من الطيب وهو العيش الطيب، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ ( الرعد 29)، وهذه لفتة وبشارة، فهم - وقد استشعروا حلاوة الإيمان - يعيشون فيها في هذه الحياة الدنيا حتى يصلوا لوعد الله وبشارته.
إن الله سبحانه وتعالى قد مدح النبي صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه عندما بدأ الإسلام غريباً، فقال عزوجل: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ (الفتح 29 )، وبشر كل من سار على دربهم ونهج نهجهم فقال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾(التوبة 100). فكذلك عندما يعود الإسلام غريباً طوبى للغرباء الذين لا يخرجهم عن صراط الله كثرة الخارجين عنه، ولا يثنيهم خذلان أهلهم لهم ولا يخافون الوعيد ما داموا في كنف الله عندما يعود الإسلام غريباً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ" رواه مسلم.
فالسابقون الأولون الذين نصروا الله ورسوله عندما بدأ الإسلام غريباً استشعروا حلاوة الإيمان ومدحهم ربنا ووعدهم بالجنة. واللاحقون الآخرون الذين ينصرون الله ورسوله عندما يعود الإسلام غريباً كما بدأ يستشعرون حلاوة الإيمان في كل لحظة وموعودون بالجنة إن شاء الله. فهم الذين رعاهم الله وحماهم وثبتهم على الحق وأعانهم رغم الأذى الذي وقع عليهم عندما بدأ الإسلام غريباً وعوضهم بلذة الإيمان وحلاوته التي لا يعلمها إلا من صابر نفسه وجالدها حتى يكون لسان حاله يقول:
ولست أُبالي حين أُقتـل مسـلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
وكما جاء في الحديث الصحيح عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ" رواه البخاري.
وعندما بدأ لإسلام غريباً خاطب ربنا عزوجل رسوله الكريم قائلاً: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ﴾(الأنفال 64) وقال أيضاً: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ (الزمر 36 )، وقال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾(يونس62)، فهو جل وعلا يرعاهم ويعينهم وهو وليهم ويدافع عنهم عندما يعود الإسلام غريباً كما دافع عنهم عندما بدأ الإسلام غريباً.
ب- إن لهم بشارات ووعد بالنصر والتمكين، قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ﴾(القصص5)، وقد تحقق للرسول صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصر الله حتى عندما كان مع أقل عدد في الغار، "ما ظنك باثنين الله ثالثهما".
ووعد الله الغرباء عندما يعود الإسلام غريباً بالنصر والتمكين في الدنيا حيث قال: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾(النور55).
أخيراً ونحن في عصر غربة مفاهيم نجد أمامنا ثلاث طرق:
- أن يكون عندنا قرآن بلا علم ولا إيمان، ويشرحه حديث المصطفى صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنَ الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَقَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ فَقَالَ رجل لَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَيْفَ يُرْفَعُ الْعِلْمُ مِنَّا وَبَيْنَ أَظْهُرِنَا الْمَصَاحِفُ وَقَدْ تَعَلَّمْنَا مَا فِيهَا وَعَلَّمْنَا نِسَاءَنَا وَذَرَارِيَّنَا وَخَدَمَنَا قَالَ فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ وَقَدْ عَلَتْ وَجْهَهُ حُمْرَةٌ مِنَ الْغَضَبِ قَالَ فَقَالَ أَيْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بَيْنَ أَظْهُرِهِمُ الْمَصَاحِفُ لَمْ يُصْبِحُوا يَتَعَلَّقُوا بِحَرْفٍ مِمَّا جَاءَتْهُمْ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمْ أَلَا وَإِنَّ مِنْ ذَهَابِ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ ثَلَاثَ مِرَارٍ". رواه الامام احمد. أليس غريباً أن يكون القرآن عندنا للبركة والمناسبات ونقرأه للموتى ونصبر به الحزانا والثكالى…؟!
- أن يكون عندنا إيمان بلا علم ولا قرآن، وهذه أنكى من سابقتها وأدهى،فالبوذيون ومشركو العرب كان عندهم إيمان ما، قال تعالى: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾. (الزمر3)، أليس غريباً أن ندعو إلى تقارب الأديان ونحن نقرأ القرآن؟؟ ونستعمل اصطلاح "إخواننا النصارى" وإصطلاح "الدين لله والوطن للجميع"؟؟
- أن يكون عندنا قرآن وإيمان وعلم بأن هذا القرآن من عند الله وأنه تعالى القابض الباسط المحيي المميت وأنه الأول والآخر… فإذا حصل هذا العلم النابع من الإيمان بالله والالتزام بأوامره، فلا يهمنا من خالفنا عندما يعود الإسلام غريباً لاعتقادنا الجازم بأن الله ناصرٌ دينه ومظهره على الدين كله، وصدق الله العظيم: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾(التوبة).
متابعة إشرافية
مشرف 1
بدأ الاسلام غريبا
بقلم: حامد المقدسي
قال رسول الله صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا كَمَا بَدَأَ فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَنِ الْغُرَبَاءُ قَالَ الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاس"ُ.
يصف الحديث الحالة التي بدأ بها الإسلام والحالة التي ينتهي إليها بالغربة، ولمعرفة المقصود من هذا الوصف لابد من معرفة ما يقصد بكلمة غربة وغريب.
الغربة والتغرب هي البعد، وفي الحديث عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ إِنَّ امْرَأَتِي لَا تَمْنَعُ يَدَ لَامِسٍ فَقَالَ غَرِّبْهَا إِنْ شِئْتَ" (النسائي) أي أبعدها ويريد الطلاق، والغَرْب هو الذهاب والتنحي عن الناس، والتغريب هو النفي عن البلد ومنه حديث زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ فِيمَنْ زَنَى وَلَمْ يُحْصَنْ جَلْدَ مِائَةٍ وَتَغْرِيبَ عَامٍ" (البخاري). ويقال غريب للوحيد الذي لا أهل عنده. وعلى ذلك فالغربة نوعان: غربة المكان وغربة الزمان.
أما غربة المكان وهي التي يسمى الغريب فيها غريباً وهو من بَعُدَ عن وطنه أو أهله. كما في حديث تغريب الزاني.
وأما غربة الزمان فهي أن توجد في زمن ليس زمنك، فأنت غريب وأنت بين أهلك وولدك وفي بلدك، فالطاعن في السن غريب وهو بين أهله، والذي آب بعد سفر طويل غريب وهو يحتاج إلى فترة حتى يتأقلم.
أما الحديث "بَدَأَ الْإِسْلَامُ غَرِيبًا ثُمَّ يَعُودُ غَرِيبًا" فيعني أن الإسلام كان في أول الأمر كالغريب الذي لا أهل عنده، وسوف يعود غريباً عندما يبعد عنه أهله ويحملون أفكاراً غير أفكاره، وقناعات ليست منه، فهم قد فصلوا أنفسهم عنه وبعدوا وأصبح المستمسكون به كالغرباء لقلتهم وغرابة أفكار الإسلام لطغيان أفكار الكفر في المجتمع. فالحديث يدل على غربة غير غربة المكان وغربة الزمان وهي غربة المفاهيم.
إن حالة الغربة هذه –أي غربة المفاهيم – قد عاشها الرسول صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندما بدأ الإسلام غريباً وعاشها الأنبياء من قبله صلوات الله عليهم جميعاً. فالرسول صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يوصف بالصادق الأمين بين أهله وعشيرته في مكة قبل بعثته، فلم يكن في غربة، ولكن حدثت الغربة عندما جاء بالمفاهيم الجديدة التي فهموها بفطرتهم من أن هذه الدعوة هي انقياد وحبس للنفس، وهذا مخالف لتقاليدهم وعاداتهم، فكانت هذه الأفكار عندما بدأ الإسلام غريباً.
وحامل الدعوة عند عودة الإسلام غريباً يجد أهله يحملون مفاهيم غير مفاهيمه ومخالفة له من قومية وديمقراطية وأكثرية، وتصبح لهذه الأفكار أجواء وأبواق وأفواه وآذان، ويصبح المنكر معروفاً والمعروف منكراً، ويصبح فصل الدين عن الحياة مطلباً جماعياً، والدعوة لتحرير المرأة ضرورة بشرية، وتعد الدعوة لبناء دولة الخلافة ضرباً من المستحيل، وقطع يد السارق منافية لحقوق الإنسان، ورجم الزاني وجلد شارب الخمر تدخلاً في الحرية الشخصية، وهذا ما يجعل عودة الإسلام غريباً. فالناس قد يتفرقون عن حامل الدعوة رغم أنهم يُصَلون ويسبحون ولا يتفوهون بكلمات الكفر، ولكنهم بأفعالهم وتصرفاتهم يحاربون الله والرسول ويحاولون جاهدين أن يُضِلوا المسلمين عن الطريق الموصلة لرضوان الله عز وجل. حتى أن كثيراً من الذين يحملون الإسلام وتتعارض مصالحهم مع أحكام الله عزوجل يحاول جاهداً بكل وسيلة أن يحمل النص ما لا يحتمل حتى يُفَصِّل الإسلام لكي يوافق مصالحهم مدعين أن ما يقومون به موافق للشرع.
وعند الوقوف مع هذا الحديث لابد من التنبيه بعض النقاط:
أولاً: إن تغير الحال لا يقتضي تغير الفكر عند الإنسان، فبين بداية الإسلام غريباً وعودته غريباً كما بدأ شبه دائرة، بداية غريبة وعودة غريبة، وبين البداية والعودة فترة تعتري الإنسان فيها القوة والضعف، والخمول والنشاط، والإجتهاد والكسل، فهل تغير الحال يقتضي تغير الفكر؟! يعني إذا طرأ تغير في الحال وأصبح الإسلام غريباً فهل يجوز تركه ؟؟؟!! كلا وألف كلا، بل الأمر كما أخبر ربنا عزوجل: ﴿وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنْ الْخَاسِرِينَ﴾(آل عمران85)، فلم يجعل الله حمل الإسلام متعلقاً ومرهوناً بحال معينة، فيكون لنا إسلام في حال قوتنا وإسلام آخر في حال ضعفنا، ونحمل الإسلام في حال القوة بشكل يختلف عن الشكل الذي نحمله في حالة الضعف. ليس الأمر كذلك على الإطلاق، فالتغير قد يطرأ على الواقع وعلى الإنسان، وقد يتغير الواقع صيفاً وشتاءً، وقد يتغير الإنسان قوة وضعفاً كما قال تعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ (الروم 54)، وهذا تغير في الحال، ولكن يبقى الإسلام هو الإسلام في كل الأحوال. والفكر هو الفكر، فلا يوجد فكر صيفي أو شتوي، فلا يتغير الفكر تبعاً للواقع بل يغير الواقع بالفكر.
فعندما بدأ الإسلام غريباً حمله أشخاص آمنوا به وحملوه فكراً حدد سلوكَهم، فأصبحوا غرباء لغربة فكرهم في واقعهم الذي يعيشون فيه، فما تغيروا بل حملوه بقوة… وعندما يعود الإسلام غريباً كما بدأ فإن الأشخاص الذين يحملونه فكراً يحدد سلوكهم فإنهم غرباء فلا يغيرونه ولا يبدلونه لذريعةٍ واهية أو مصلحة آنية بحجة غربتهم في مجتمعهم.
ثانياً- أمر الله رسوله الكريم عندما بدأ الإسلام غريباً بالصبر فقال جل وعلا: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ﴾، ونهاه أن يصيبه الحزن أو الضيق لعدم استجابتهم لدعواه مع تأكدهم من صدقه صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: ﴿فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا﴾ (الكهف6)، وعندما يعود الدين غريباً فالمطلوب هو الصبر على حمل الدعوة والتمسك بها، وأن لا يدخل في النفس ضيق أو يأس أو إحباط لرؤية المنكر يفعل أو لضعف استجابة الناس.
ثالثاً: وهنا لابد للغريب من بشارات تثبته في غربته وتؤنسه في وحدته:
أ- إن واقع الغربة لا يقتضي أن يكون حامل الإسلام المستمسك به في حزن، بل هو في سعادة دائمة يرقص قلبه فرحاً لما هو مقبل عليه، ففي نهاية الحديث: "فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ " وفي تفسير كلمة طوبى عدة أقوال متقاربة وكلها في وصف الحالة المستطابة لهم في الجنة حيث أن طوبى على وزن فُعْلى من الطيب وهو العيش الطيب، قال تعالى: ﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ﴾ ( الرعد 29)، وهذه لفتة وبشارة، فهم - وقد استشعروا حلاوة الإيمان - يعيشون فيها في هذه الحياة الدنيا حتى يصلوا لوعد الله وبشارته.
إن الله سبحانه وتعالى قد مدح النبي صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه عندما بدأ الإسلام غريباً، فقال عزوجل: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانًا﴾ (الفتح 29 )، وبشر كل من سار على دربهم ونهج نهجهم فقال: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾(التوبة 100). فكذلك عندما يعود الإسلام غريباً طوبى للغرباء الذين لا يخرجهم عن صراط الله كثرة الخارجين عنه، ولا يثنيهم خذلان أهلهم لهم ولا يخافون الوعيد ما داموا في كنف الله عندما يعود الإسلام غريباً قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ" رواه مسلم.
فالسابقون الأولون الذين نصروا الله ورسوله عندما بدأ الإسلام غريباً استشعروا حلاوة الإيمان ومدحهم ربنا ووعدهم بالجنة. واللاحقون الآخرون الذين ينصرون الله ورسوله عندما يعود الإسلام غريباً كما بدأ يستشعرون حلاوة الإيمان في كل لحظة وموعودون بالجنة إن شاء الله. فهم الذين رعاهم الله وحماهم وثبتهم على الحق وأعانهم رغم الأذى الذي وقع عليهم عندما بدأ الإسلام غريباً وعوضهم بلذة الإيمان وحلاوته التي لا يعلمها إلا من صابر نفسه وجالدها حتى يكون لسان حاله يقول:
ولست أُبالي حين أُقتـل مسـلماً على أي جنب كان في الله مصرعي
وكما جاء في الحديث الصحيح عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِي اللَّهم عَنْهم عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ" رواه البخاري.
وعندما بدأ لإسلام غريباً خاطب ربنا عزوجل رسوله الكريم قائلاً: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنْ اتَّبَعَكَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ﴾(الأنفال 64) وقال أيضاً: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ﴾ (الزمر 36 )، وقال تعالى: ﴿أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾(يونس62)، فهو جل وعلا يرعاهم ويعينهم وهو وليهم ويدافع عنهم عندما يعود الإسلام غريباً كما دافع عنهم عندما بدأ الإسلام غريباً.
ب- إن لهم بشارات ووعد بالنصر والتمكين، قال تعالى: ﴿وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمْ الْوَارِثِينَ﴾(القصص5)، وقد تحقق للرسول صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نصر الله حتى عندما كان مع أقل عدد في الغار، "ما ظنك باثنين الله ثالثهما".
ووعد الله الغرباء عندما يعود الإسلام غريباً بالنصر والتمكين في الدنيا حيث قال: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا﴾(النور55).
أخيراً ونحن في عصر غربة مفاهيم نجد أمامنا ثلاث طرق:
- أن يكون عندنا قرآن بلا علم ولا إيمان، ويشرحه حديث المصطفى صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنَ الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ الْعِلْمُ وَقَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ فَقَالَ رجل لَهُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ كَيْفَ يُرْفَعُ الْعِلْمُ مِنَّا وَبَيْنَ أَظْهُرِنَا الْمَصَاحِفُ وَقَدْ تَعَلَّمْنَا مَا فِيهَا وَعَلَّمْنَا نِسَاءَنَا وَذَرَارِيَّنَا وَخَدَمَنَا قَالَ فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ وَقَدْ عَلَتْ وَجْهَهُ حُمْرَةٌ مِنَ الْغَضَبِ قَالَ فَقَالَ أَيْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بَيْنَ أَظْهُرِهِمُ الْمَصَاحِفُ لَمْ يُصْبِحُوا يَتَعَلَّقُوا بِحَرْفٍ مِمَّا جَاءَتْهُمْ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمْ أَلَا وَإِنَّ مِنْ ذَهَابِ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ ثَلَاثَ مِرَارٍ". رواه الامام احمد. أليس غريباً أن يكون القرآن عندنا للبركة والمناسبات ونقرأه للموتى ونصبر به الحزانا والثكالى…؟!
- أن يكون عندنا إيمان بلا علم ولا قرآن، وهذه أنكى من سابقتها وأدهى،فالبوذيون ومشركو العرب كان عندهم إيمان ما، قال تعالى: ﴿أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾. (الزمر3)، أليس غريباً أن ندعو إلى تقارب الأديان ونحن نقرأ القرآن؟؟ ونستعمل اصطلاح "إخواننا النصارى" وإصطلاح "الدين لله والوطن للجميع"؟؟
- أن يكون عندنا قرآن وإيمان وعلم بأن هذا القرآن من عند الله وأنه تعالى القابض الباسط المحيي المميت وأنه الأول والآخر… فإذا حصل هذا العلم النابع من الإيمان بالله والالتزام بأوامره، فلا يهمنا من خالفنا عندما يعود الإسلام غريباً لاعتقادنا الجازم بأن الله ناصرٌ دينه ومظهره على الدين كله، وصدق الله العظيم: ﴿يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ﴾(التوبة).
متابعة إشرافية
مشرف 1