المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون



نورعلىنور
01-27-2010, 09:23 PM
أولاً: عن طاووس عن عبد الله بن عباس- رضي الله عنهما-في قوله
-عز وجل-:{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44] قال: «ليس بالكفر الذي تذهبون إليه».
وفي رواية: «إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، إنه ليس كفراً ينقل عن الملة {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} كفر دون كفر».
وقد توبع طاووس -عليه- عن ابن عباس؛ تابعه علي بن أبي طلحة عنه بلفظ: «من جحد ما أنزل الله؛ فقد كفر، ومن أقرّ به ولم يحكم ؛ فهو ظالم فاسق»([1]).
قال ابن قيم الجوزية -رحمه الله- في «مدارج السالكين» (1/335-336): «وهذا تأويل ابن عباس وعامة الصحابة في قوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}؛ قال ابن عباس: «ليس بكفر ينقل عن الملة، بل إذا فعله، فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر».
وكذلك قال طاووس.
وقال عطاء: «هو كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق».
قلت: واعلم -علمك الله- أن أهل السنّة والجماعة من أصحاب الحديث والأثر أتباع السلف الصالح متفقون على تلقي هذا الأثر عن حبر الأمة ابن عباس- رضي الله عنهما- بالقبول، ومجمعون على صحته؛ فهم عاملون به، داعون إليه:

1- قال الحاكم -رحمه الله- في «المستدرك» (2/393): «هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه»([2]).

2- ووافقه الذهبي.

3- ونقل الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في «تفسير القرآن العظيم» (2/64) عنه قوله: «صحيح على شرط الشيخين»، واحتج به([3]).

4- وقال شيخ المفسرين الطبري -رحمه الله- في «جامع البيان» (6/166-167): «وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب: قول من قال: نزلت هذه الآيات في كفّار أهل الكتاب، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت، وهم المعنيون بها، وهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبراً عنهم أولى.
فإن قال قائل: فإن الله -تعالى ذكره- قد عمّ بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصاً؟!
قيل: إن الله -تعالى- عمّ بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم على سبيل ما تركوه كافرون، وكذلك القول في كلّ من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به، هو بالله كافر؛ كما قال ابن عباس».

5- قال الإمام القدوة محمد بن نصر المروزي -رحمه الله- في «تعظيم قدر الصلاة» (2/520): «... ولنا في هذا قدوة بمن روى عنهم من أصحاب رسول الله × والتابعين ؛ إذ جعلوا للكفر فروعاً دون أصله، لا تنقل صاحبه عن ملة الإسلام، كما ثبتوا للإيمان من جهة العمل فرعاً للأصل لا ينقل تركه عن ملة الإسلام، من ذلك قول ابن عباس في قوله: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}».

6- وقال الإمام أبو المظفر السمعاني -رحمه الله- في «تفسير القرآن» (2/42): «قال ابن عباس: الآية في المسلمين وأراد به كفر دون كفر، واعلم أن الخوارج يستدلون بهذه الآية، ويقولون: من لم يحكم بما أنزل الله؛ فهو كافر، وأهل السنة قالوا: لا يكفر بترك الحكم.
وللآية تأويلان:
أحدهما: ومن لم يحكم بما أنزل الله رداً وجحداً فأولئك هم الكافرون.
والثاني: ومن لم يحكم بكل ما أنزل الله فأولئك هم الكافرون، والكافر هو الذي يترك الحكم بكل ما أنزل الله دون المسلم».

7- وذكره الإمام البغوي -رحمه الله- في «معالم التنزيل» (3/61) وثبته -جازماً به- بقوله: «وقال ابن عباس وطاووس: ليس بكفر ينقل من الملة، بل إذا فعله؛ فهو به كافر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر».

8- وقال أبو بكر بن العربي -رحمه الله- في «أحكام القرآن» (2/624-625): «اختلف فيه المفسرون؛ فمنهم من قال: الكافرون والظالمون والفاسقون كلّه لليهود، ومنهم من قال: الكافرون للمشركين، والظالمون لليهود، والفاسقون للنصارى، وبه أقول؛ لأنه ظاهر الآيات، وهو اختيار ابن عباس، وجابر بن زيد، وابن أبي زائدة، وابن شبرمة.
قال طاووس وغيره: ليس بكفر ينقل من الملَّة، ولكنه كفر دون كفر، هذا يختلف إن حكم بما عنده على أنه من عند الله؛ فهو تبديل له يوجب الكفر، وإن حكم به هوى ومعصية؛ فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين».

9- وقال القرطبي -رحمه الله- في «الجامع لأحكام القرآن» (6/190): «... فأما المسلم فلا يكفر، وإن ارتكب كبيرة.
وقيل: فيه إضمار؛ أي: ومن لم يحكم بما أنزل الله ردّاً للقرآن، وجحداً لقول الرسول -عليه الصلاة والسلام-؛ فهو كافر؛ قاله ابن عباس ومجاهد...».

10- وقال البقاعي- رحمه الله- في «نظم الدرر» (2/460) «ولما نهى عن الأمرين، وكان ترك الحكم بالكتاب إما لاستهانة أو لخوف أو رجاء أو شهوة، رتب ختام الآيات على الكفر والظلم والفسق، قال ابن عباس - رضي الله عنهما- من جحد حكم الله كفر، ومن لم يحكم به وهو مقرّ؛ فهو ظالم فاسق».

11- وذكره الواحدي في «الوسيط» (2/191): «وقال طاووس: قلت لابن عباس: ومن لم يحكم بما أنزل الله فهو كافر؟ قال هو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر وملائكته وكتبه ورسله».

12- وقال صديق حسن خان -رحمه الله- في «نيل المرام من تفسير آيات الأحكام»(2/472): «وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم- وصححه- والبيهقي في «سننه» عن ابن عباس في قوله -تعالى- هذا؛ قال: إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه، وإنه ليس كفراً ينقل من الملة بل كفر دون كفر».

13- وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي- رحمه الله- في «أضواء البيان» (2/101): «... وروي عن ابن عباس في هذه الآية أنه قال: ليس الكفر الذي تذهبون إليه، رواه عنه ابن أبي حاتم،والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه؛ قاله ابن كثير».

14- وقال أبو عبيد القاسم بن سلام -رحمه الله- في «الإيمان» (ص45): «وأما الفرقان الشاهد عليه في التنزيل: فقول الله -عز وجل-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} [المائدة:44]، وقال ابن عباس: «ليس بكفر ينقل من الملة»، وقال عطاء بن أبي رباح: «كفر دون كفر».
فقد تبيَّن لنا إذا كان ليس بناقل عن ملّة الإسلام أن الدين باق على حاله، وإن خالطه ذنوب، فلا معنى له إلا أخلاق الكفار وسنتهم.. لأن من سنن الكفار الحكم بغير ما أنزل الله.
ألا تسمع قوله: {أفحكم الجاهلية يبغون} [المائدة:50]، تأويله عند أهل التفسير: أن من حكم بغير ما أنزل الله، وهو على ملّة الإسلام كان بذلك الحكم كأهل الجاهلية، إنما هو أن أهل الجاهلية كذلك كانوا يحكمون».

15- وقال أبو حيان -رحمه الله- في «البحر المحيط» (3/492) «{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} ظاهر هذا العموم، فيشمل هذه الأمة، وغيرهم ممن كان قبلهم، وإن كان الظاهر: أنه في سياق خطاب اليهود، وإلى أنه عامة في اليهود وغيرهم، ذهب ابن مسعود وإبراهيم وعطاء وجماعة، ولكن كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، يعني: أن كفر المسلم ليس مثل كفر الكافر، وكذلك ظلمه وفسقه لا يخرجه ذلك عن الملة، قاله ابن عباس وطاووس».

16- وأورد أبو عبد الله بن بطة في «الإبانة» (2/723) باباً فيه ذكر الذنوب التي يصير صاحبها إلى كفر غير خارج به من الملة.
ثم ذكر (2/733-737) الحكم بغير ما أنزل الله، وساق الآثار عن ابن عباس وابن مسعود، والتابعين الدالة على أنه كفر أصغر غير ناقل عن الملّة.

17- وقال ابن عبد البر -رحمه الله- في «التمهيد» (4/237): «وقد جاء عن ابن عباس -وهو أحد الذين روي عنهم تكفير تارك الصلاة-، أنه قال في حكم الحاكم الجائر: كفر دون كفر. ثم ساقه بإسناده».

18- وقال الخازن في «تفسيره» (1/310-مختصره): «فقال جماعة من المفسرين: «إن الآيات الثلاث نزلت في الكفار، ومن غيّر حكم الله من اليهود؛ لأن المسلم وإن ارتكب كبيرة لا يقال: إنه كافر، وهذا قول ابن عباس، وقتادة والضحاك، ويدل على صحة هذا القول ما روي عن البراء بن عازب...».

19- وقال جمال الدين القاسمي -رحمه الله- في «محاسن التأويل» (6/1998): «كفر الحاكم بغير ما أنزل الله بقيد الاستهانة والجحود له، وهو الذي نحاه كثيرون وأثروه عن عكرمة وابن عباس».

20- وقال الشيخ السعدي -رحمه الله- في «تيسير الكريم الرحمن» (2/296-297): «فالحكم بغير ما أنزل الله من أعمال أهل الكفر، وقد يكون كفراً ينقل عن الملّة، وذلك إذا اعتقد حلّه وجوازه، وقد يكون كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أعمال الكفر قد استحق من فعله العذاب الشديد...{ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}. قال ابن عباس: «كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق»؛ فهو ظلم أكبر عند استحلاله، وعظيمة كبيرة عند فعله غير مستحل له».

21- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في «مجموع الفتاوى» (7/312): «وإذا كان من قول السلف: إن الإنسان يكون فيه إيمان ونفاق، فكذلك في قولهم: إنه يكون فيه إيمان وكفر، وليس هو الكفر الذي ينقل عن الملة؛ كما قال ابن عباس وأصحابه في قوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، قالوا: كفروا كفراً لا ينقل عن الملّة. وقد اتبعهم على ذلك أحمد وغيره من أئمة السنة».
وقال في (7/522): «وقال ابن عباس وغير واحد من السلف في قوله- تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}، {فأولئك هم الفاسقون}، {فأولئك هم الظالمون} كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم. وقد ذكر ذلك أحمد والبخاري وغيرهما».
وقال (7/350-351): «وقد يكون مسلماً، وفيه كفر دون الكفر الذي ينقل عن الإسلام بالكلية؛ كما قال الصحابة - ابن عباس وغيره: كفر دون كفر، وهذا قول عامة السلف، وهو الذي نص عليه أحمد وغيره... وهذا -أيضاً- مما استشهد به البخاري في «صحيحه»»([4]).
وقال (7/67): «قال ابن عباس وأصحابه:كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق، وكذلك قال أهل السنة؛ كأحمد بن حنبل وغيره».
وقال (11/140): «وقال غير واحد من السلف: كفر دون كفر، ونفاق دون نفاق، وشرك دون شرك».

22- وقال ابن قيم الجوزية -رحمه الله- في «مدارج السالكين» (1/335-336): «فأما الكفر؛ فنوعان: كفر أكبر، وكفر أصغر.
فالكفر الأكبر هو الموجب للخلود في النار.
والأصغر: موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود... وهذا تأويل ابن عباس وعامة الصحابة في قوله -تعالى-: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}؛ قال ابن عباس: «ليس بكفر ينقل عن الملة، بل إذا فعله، فهو به كفر، وليس كمن كفر بالله واليوم الآخر».
وكذلك قال طاووس.
وقال عطاء: «هو كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق».
ثم فصل -رحمه الله- حكم الذي لا يحكم بما أنزل الله بكلام رائع رائق.

23- وقال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني -رحمه الله- في «الصحيحة» (6/109-116): «وقد جاء عن السلف ما يدعمها، وهو قولهم في تفسير الآية: «كفر دون كفر»، صحّ ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس- رضي الله عنه-، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم.
ولا بد من ذكر ما تيسر لي عنهم؛ لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة، ونحا نحو الخوارج الذين يكفّرون المسلمين بارتكابهم المعاصي- وإن كانوا يصلّون ويصومون-».
ثم ساق -رحمه الله- بعض الآثار المتقدمة، وخرجها، وبين صحتها.

24- قال أستاذنا الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين- رحمه الله- في تعليقه على كتاب «التحذير من فتنة التكفير» (ص68-69):«لكن لما كان هذا [الأثر] لا يرضي هؤلاء المفتونين بالتكفير؛ صاروا يقولون: هذا الأثر غير مقبول! ولا يصحّ عن ابن عباس! فيقال لهم: كيف لا يصحّ؛ وقد تلقاه من هو أكبر منكم، وأفضل، وأعلم بالحديث؟! وتقولون: لا نقبل.
ثم هب أن الأمر كما قلتم: إنه لا يصح عن ابن عباس؛ فلدينا نصوص أخرى تدلّ على أن الكفر قد يطلق ولا يراد به الكفر المخرج عن الملّة ؛ كما في الآية المذكورة، وكما في قوله صلى الله عليه وسلم :«اثنتان في الناس هما بهم كفر: الطعن في النسب، والنياحة على الميت».
وهذه لا تُخرج من الملّة بلا إشكال، لكن كما قيل: قلّة البضاعة من العلم، وقلّة فهم القواعد الشرعية العامة: هي التي توجب هذا الضلال.
ثم شيء آخر نضيفه إلى ذلك، وهو: سوء الإرادة التي تستلزم سوء الفهم؛ لأن الإنسان إذا كان يريد شيئاً؛ لزم من ذلك أن ينتقل فهمه إلى ما يريد، ثم يحرِّف النصوص على ذلك.
وكان من القواعد المعروفة عند العلماء أنهم يقولون: استدل ثم اعتقد لا تعتقد ثم تستدل؛ فتضل.
فالأسباب ثلاثة، هي:
الأول: قلّة البضاعة من العلم الشرعي.
الثاني: قلّة فقه القواعد الشرعية.
والثالث: سوء الفهم المبني على سوء الإرادة.
وأما بالنسبة لأثر ابن عباس؛ فيكفينا أن علماء جهابذة ؛ كشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن القيم- وغيرهما- كلهم تلقوه بالقبول ويتكلمون به، وينقلونه ؛ فالأثر صحيح».
فيا أيها القراء الكرام! هل يدخل في عقل مسلم أن هؤلاء العلماء الأجلاء كلّهم متساهلون، أو مقلّدون، أو على الأقل مخطئون، وذاك (الهدام الفسل) و(شيخه المفتون به) هما الإمامان المجتهدان المصيبان؟!! وهما- والله- لا يصلحان أن يكونا تلميذين لأحد تلاميذهم... ووالله -وتالله-: إننا لفي زمان تكلّم (الرويبضة)؛ كما أخبر الصادق المصدوق، فماذا يقال عمن يفعل هذا؟!
وأقول هنا نصيحة لهذا الغمر الجاهل وشيخه المفتون به: ما قاله عبيد الله بن الحسن العنبري- رحمه الله-:«لأن أكون ذنباً في الحقّ أحبّ إليّ من أن أكون رأساً في الباطل»([5]).


وقال عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: «إنا نقتدي ولا نبتدي، ونتَّبع ولا نبتدع ؛ ولن نضلّ ما تمسكنا بالأثر»([6]).
وأقول ما قاله الإمام الأوزاعي -رحمه الله- ناصحاً منبهاً: «اصبر نفسك على السنة،وقف حيث وقف القوم، وقل فيما قالوا، وكف عما كفوا، واسلك سبيل سلفك الصالح؛ فإنه يسعك ما وسعهم»([7]).
ثانياً: عطاء بن أبي رباح.
قال: «كفر دون كفر، وظلم دون ظلم، وفسق دون فسق»([8]).
ثالثاً: طاووس اليماني.
قال: «ليس كمن كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله».
وعنه- أيضاً- قال: «ليس بكفر ينقل عن الملة»([9]).


________________________________________
([1]) انظر تخريجه بتفصيل وتأصيل كتابي: «قرة العيون في تصحيح تفسير عبد الله بن عباس لقوله تعالى: {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}».
([2]) قال شيخنا أسد السنة العلامة الألباني -رحمه الله- في «الصحيحة» (6/113): «وحقِّهما أن يقولا: على شرط الشيخين؛ فإنَّ إسناده كذلك. ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في «تفسيره» (6/163) عن الحاكم أنه قال: «صحيح على شرط الشيخين»، فالظاهر أن في نسخة «المستدرك» المطبوعة سقطاً».
قلت: وقد فصلت ذلك في تخريجي لـ«المستدرك».
([3]) وجدت بالتتبع والاستقراء أن نقل ابن كثير -رحمه الله- لأقوال الحاكم وعدم مخالفته إيّاها موافقة له، لأنه إذا خالف بيَّن وإذا وافق ذكر القول، ومن كان عنده زيادة علم؛ فليدلنا عليه.
وهذا كلّه يهدم اعتراض من زعم أن ابن كثير لم يوافق الحاكم؛ لأن الساكت لا ينسب إليه قول!
([4]) مراده -رحمه الله- تبويب الإمام البخاري في «صحيحه»: (باب كفران العشير، وكفر دون كفر).
قال القاضي ابن العربي المالكي؛ كما في «فتح الباري» (1/83): «مراد المصنف؛ يعني: البخاري: أن يبين أن الطاعات؛ كما تسمى إيماناً؛ كذلك المعاصي تسمى كفراً ؛ لكن حيث يطلق عليها الكفر: لا يراد الكفر المخرج من الملة».
([5]) انظر:«الإبانة»(2/882) و«تاريخ بغداد» (10/308).
([6]) «حلية الأولياء» (1/80).
([7]) انظر: «الإبانة» (2/882)، و«الشريعة» (ص58)، و«السنة» للخلال (3/568)، و«سير أعلام النبلاء» (8/543).
([8]) انظر تخريجه في كتابي: «قرة العيون» (ص 77).
([9]) انظر المرجع السابق (ص 82).

منقول

دمعة تائب
01-30-2010, 11:07 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ومرحا يا اخي نور ووفقك الله على الموضوع الراقي والمميز جزاك الله خير والله الموفق تحياتي اخوك دمعة تائب:ANSmile:

عبد الله كرامة
05-01-2010, 01:42 PM
جزاك الله خيرا موضوع قيم خاصة في هذه الاوقات التي ينتشر فيها التكفير بلا حجة ولا بيان.

ابو بكر المقدسي
05-28-2010, 09:50 PM
وكيف تريد أن أصدق رجل يقول أنا مؤمن بكتاب ولكن لا اطبقه هذا أخي كالذي يقول ان مؤمن ولكن بدون عمل

ولكن سؤال لك : كما اجتهد بأن تأتي بدليل تدرأ به تطبيق شرع الله هل تأتي لي بدليل من الشرع على تطبيق القوانين الوضعية العلمانية التي تطبق في أرض المسلمين ؟؟

عجبا لكم كيف تؤلون الدين

وأني أخي الحبيب في وقت لا حق ساتي لك بأدلة قطعية على كفر من لم يحكم بشرع الله من القرأن وأدلة ضنية من السنة ان شاء الله في القريب العاجل.

ahmed11
06-16-2010, 07:36 PM
اخي الفاضل صاحب الموضوع من الخطا ان تستدل بهذه النقول والتي يستدل بها اهل العلم على واقع من كان ملتزما بشرع الله ثم يترك حكم الله في واقعة معينة معصية لله واتباعا للهوى.. من الخطا الاستدلال بهذه الادلة واسقاطها على واقعنا الذي اجمع اهل العلم الراسخين في هذا العصر على انه عصر صرف حق التشريع لغير الله والتحاكم الى التشريعات الطاغوتية التى جعلوها بدلا من شرع الله وهذه هي الصورة الحقيقية التي عليها الحكم بغير ما انزل الله في هذا العصر وهي واقع كفري مجرد لا يشترط فيه الجحود والاستحلال كما يردد البعض ويستدل على ذلك بالنقول السابقة فمناط تلك النقول غير المناط الذي نعيشه اليوم..

قال الشيخ عبد العزيز العبد اللطيف حفظه الله في رسالته * حكم الله وما ينافيه *

( ب ) متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله – تعالى – ناقضاً من نواقض الإيمان ؟

إذا تقرر أن التشريع من خصائص ربوبية الله – تعالى – فالحلال ما حللّه الله ورسوله ، -صلى الله عليه وسلم- والحرام ما حرّمه الله ورسوله ، والدين ما شرعه الله ورسوله فليس لأحد أن يخرج عن شيء مما شرع في دين الله – تعالى – بل الواجب اتباع هذه الشريعة قال – تعالى –(( اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ)) (لأعراف:3) وكما يتعين الكفر بالطاغوت ، وذلك بعدم التحاكم إليه واعتقاد بطلانه ، والبراءة منه قال – تعالى - : ((فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لا انْفِصَامَ لَهَا)) (البقرة: من الآية256)
• إن الإيمان اليقيني يوجب الانقياد لحكم الله – تعالى – الذي هو أحسن الأحكام على الإطلاق ، كما هو حال المؤمنين الصادقين الموقنين ، قال – تعالى – (( وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ)) (المائدة: من الآية50) وقال – عز وجل (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ)) (الأحزاب: من الآية36)
• وأما من تحاكم إلى الطاغوت أو حكم الجاهلية ، وهو يدّعي الإيمان ن فهذه دعوى كاذبة كما هو شان المنافقين المذكورين في قوله – تعالى - : (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً)) (النساء:60) .
وقد سمّى الله – تعالى – الذين يحكمون بغير شرعه كفاراً ، وظالمين ، وفاسقين .
فقال – سبحانه - : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) (المائدة: من الآية44 ) وقال – تعالى - (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) (المائدة: من الآية45) وقال – عز وجل - (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) (المائدة: من الآية47).
ويكون الحكم بغير ما أنزل الله – تعالى – كفراً ناقلاً عن الملة ، وناقضاً من نواقض الإيمان في عدة صور وحالات ، نتحدث عن بعضها على النحو التالي :

1- من شرّع غير ما أنزل الله تعالى :

قد تقرر – بداهة – وجوب إفراد الله – تعالى – بالحكم والتشريع )) أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ)) (لأعراف: من الآية54) فإذا كان الله – تعالى – هو المتفرد بالخلق ، والرزق ، والإحياء ، والإماتة ، لا شريك له في هذه الصفات ، فهو – سبحانه – أيضاً وحده المتفرد بالتشريع ، والتحليل ، والتحريم ، فالدين لا يكون إلا ما شرعه الله – تعالى – وليس لأحد أن يشرّع شيئاً ما جاء عن الله – تعالى – ولا عن رسوله ، -صلى الله عليه وسلم- .
• فالتشريع حق خالص لله وحده لا شريك له ، من نازعه في شيء منه ، فهو مشرك لقوله – تعالى - : (( أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ )) (الشورى: من الآية21)
• يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية : " أي هم لا يتبعون ما شرع الله لك من الدين القويم ، بل يتبعون ما شرع لهم شياطينهم من الجن والإنس من تحريم ما حرّموا عليهم من البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحام ، وتحليل أكل الميتة ، والدم ، والقمار إلى نحو ذلك من الضلالات والجهالة الباطلة التي كانوا قد اخترعوها في جاهليتهم من التحليل والتحريم والعبادات الباطلة والأموال الفاسدة "
• وسمّى الله – تعالى – الذين يطاعون فيما زينوا من المعاصي شركاء فقال – سبحانه - : (( وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ )) (الأنعام: من الآية137)
وقال - عز وجل - : (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) (التوبة:31) .
• فهؤلاء الأحبار والرهبان الذين شرعوا غير تشريع الله – تعالى – كفّار ، لا شك في كفرهم ؛ لأنهم نازعوا الله – تعالى – في ربوبيته ، وبدّلوا دين الله وشرعه
• وإذا كانت متابعة أحكام المشرعين غير ما شرّعه الله ، تعتبر شركاً ، وقد حكم الله على هؤلاء الأتباع بالشرك ، كما قال – سبحانه – (( وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ)) (الأنعام: من الآية121) : فكيف يكون حال هؤلاء المشرّعين ؟
* ويقول - عز وجل - : (( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ)) (التوبة: من الآية37) .
• يقول ابن حزم عن هذه الآية : " وبحكم اللغة التي نزل بها القرآن إن الزيادة في الشيء لا تكون ألبتة إلا منه لا من غيره فصحّ أن النسيء كفر ، وهو عمل من الأعمال ، وهو تحليل ما حرّم الله "
• وهؤلاء المشرّعون ما لم يأذن به الله – تعالى – إنما وضعوا تلك الأحكام الطاغوتية لاعتقادهم أنها أصلح ، وأنفع للخلق وهذه ردّّة عن الإسلام ، بل إن اعتبار شيء من تلك الأحكام ولو في أقل القليل عدم رضا بحكم الله ورسوله ، فهو كفر ناقل عن الملة إضافة إلى أن هذا التشريع يعدّ تجويزاً وتسويغاً للخروج على الشرع المنزّل ، ومن سوغّ الخروج على هذه الشريعة فهو كافر بالإجماع
• إن طواغيت البشر – قديماً وحديثاً – قد نازعوا الله في حق الأمر ، والنهي ، والتشريع بغير سلطان من الله – تعالى – فادّعاه الأحبار والرهبان لأنفسهم ، فأحلوا به الحرام ، وحرّموا به الحلال ، واستطالوا به على عباد الله ، وصاروا بذلك أرباباً من دون الله ، ثم نازعهم الملوك في هذا الحق حتى اقتسموا السلطة مع هؤلاء الأحبار والرهبان ، ثم جاء العَلمانِيون ، فنزعوا الحق من هؤلاء وهؤلاء ، ونقلوه إلى هيئة تمثّل الأمة ، أو الشعب ، أطلق عليه اسم البرلمان ، أو مجلس النواب ، "
• إن غالبية الأنظمة التي تحكم بلاد المسلمين – من خلال استقراء دساتيرها – هو انسلاخ من عقيدة إفراد الله – تعالى – وحده بالتشريع ، حيث جعلت التشريع والسيادة للأمة ، أو الشعب ، وربما جعلتْ الحاكم مشاركاً في سلطة التشريع ، وقد يستقل بالتشريع في بعض الأحوال ، وكلّ ذلك تمردٌ على حقيقة الإسلام التي توجب الانقياد والقبول لدين الله – تعالى - والله المستعان
• يقول د / صلاح الصاوي – عن تلك الأوضاع : " إن الحالة التي تواجهها مجتمعاتنا المعاصرة هي حال الإنكار على الإسلام أن تكون له صلة بشؤون الدولة ، والحجر عليه ابتداءً أن تتدخل شرائعه لتنظيم هذه الجوانب ، وتقرير الحق في التشريع المطلق في هذه الأمور للبرلمانات والمجالس التشريعية .
• إننا أمام قوم يدينون بالحق في السيادة العليا والتشريع المطلق للمجالس التشريعية ، فالحلال ما أحلته ، والحرام ما حرّمته ، والواجب ما أوجبته ، والنظام ما شرعته ، فلا يجرم فعل إلا بقانون منها ، ولا يعاقب عليه إلا بقانون منها ، ولا اعتبار إلا للنصوص الصادرة منها .

• هذه المحنة التي نواجهها اليوم ، والتي لا يصلح لدفعها ترقيع جزئي بإلغاء بعض المواد ، والنص على أخرى ، وإنما يصلحه أن نبدأ بتقرير السيادة المطلقة والحاكمية العليا للشريعة الإسلامية ، والنص على أن كل ما يتعارض معها من القوانين أو اللوائح فهو باطل "
• لقد وصل امتهان الشريعة الإلهية ونبذها – في بعض تلك الدساتير – إلى حد أنهم جعلوا هذه الشريعة الربّانية مصدراً ثانوياً من مصادر القانون ، فـتأتي الشريعة متأخرة بعد التشريع الوضعي ، والعرف ، كما أنهم يجاهرون صراحةً بحق التشريع لغير الله – تعالى – بحيث أن نصوص الشريعة لا تكتسب صفة القانون عندهم لو أرادوا العمل بتلك النصوص إلا بصدورها عمن يملك حق التشريع ،وهي السلطة التي يمنحها الدستور الاختصاص بذلك ! أما كون هذه الشريعة منزلة من عند الله – تعالى – فلا يعطيها صفة القانون عندهم ، فضلاً أن تكون حاكمة ومهيمنة ، بل إن العرف يلغي أي مبدأ من مبادئ الشريعة الإسلامية " !
عدا أن هذه القوانين والدساتير الطاغوتية عند أصحابها قد صار لها من الحرمة والتعظيم كما لو كانت شريعة إلهية ، بيّن ذلك الشيخ أحمد شاكر – رحمه الله – فيقول :
" هذه القوانين التي فرضها على المسلمين أعداءُ الإسلام .. هي في حقيقتها دين آخر جعلوه ديناً للمسلمين بدلاً من دينهم النقي السامي ؛ لأنهم أوجبوا عليهم طاعتها وغرسوا في قلوبهم حبها وتقديسها والعصبية لها حتى لقد تجري على الألسنة والأقلام كثيراً من كلمات ( تقديس القانون " قدسية القضاء " ، " حرم المحكمة " ، وأمثال ذلك من الكلمات ، ثم صاروا يطلقون على هذه القوانين ودراستها كلمة ( الفقه ) ، ( والفقيه ) ، " والتشريع " ، " والمشرع " وما إلى ذلك من الكلمات التي يطلقها علماءُ الإسلام على الشريعة وعلمائها "
إن شريعة الله – تعالى - يجب أن تكون وحدها حاكمة ومهيمنة على غيرها ، وأن تكون المصدر الوحيد للتشريع ، فلا ننخدع بما يقوله بعضهم بأن الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع ، لما تتضمنه هذه العبارة الشركية من الإقرار والرضا بمصادر أخرى للتشريع ، ولو كانت مصادر فرعية يقول الله – تعالى - : (( وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ)) (المائدة: من الآية49)


2- أن يجحد أو ينكر الحاكم بغير ما أنزل الله – تعالى – أحقية حكم الله – تعالى – ورسوله -صلى الله عليه وسلم-


كما جاء في رواية لابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله – تعالى – (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) (المائدة: من الآية44) حيث قال : " من جحد ما أنزل الله فقد كفر " وهو اختيار ابن جرير في تفسيره
إن جحود حكم الله – تعالى - هو اعتراض على شرع الله – تعالى – وتكذيب لنصوص الوحيين ، وقد أجمع العلماء على تكفير من أنكر حكماً معلوماً من الدين بالضرورة ، وحكى هذا الإحماع جمع كثير من أهل العلم كما جاء مفصلاً في موضعه .
• فمن ذلك ما قاله أبو يعلى :
" ومن اعتقد تحليل ما حرّم الله بالنص الصريح ، أو من رسوله ، أو أجمع المسلمون على تحريمه ، فهو كافر : كمن أباح شرب الخمر ، ومنع الصلاة والصيام ، والزكاة ، وكذلك من اعتقد تحريم شيء حلّله الله ، وأباحه بالنص الصريح ،أو أباحه رسوله ، أو المسلمون مع العلم بذلك ،فهو كافر كمن حرّم النكاح ، والبيع ، والشراء على الوجه الذي أباحه الله – عز وجل – والوجه فيه أن في ذلك تكذيباً لله – تعالى – ولرسوله في خبره ، وتكذيباً للمسلمين في خبرهم ، ومن فعل ذلك فهو كافر بإجماع المسلمين "
*ويقول ابن تيمية : " والإنسان متى حلّل الحرام المجمع عليه ، أو حرّم الحلال المجمع عليه ، أو بدّل الشرع المجمع عليه ، كان كافراً مرتدّاً بالاتفاق "
* ويقول الشنقيطي : " ومن لم يحكم بما أنزل الله معارضة للرسل، أو إبطالاً لأحكام الله ، فظلمه ، وفسقه ، وكفره ، كلها مخرجة عن الملة " ولا يغيب عنّا أن هذا الجحود في حد ذاته يعدّ كفراً ، ولو لم يكن معه تحكيم لغير الشريعة فالجاحد كافر شرّع من دون الله – تعالى – أو لم يشرّع .
وعند ما ساق ابن القيم أقوال العلماء في تأويل قوله – تعالى – : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) كان مما قال في هذا الشأن .
" ومنهم من تأوّل الآية على ترك الحكم بما أنزل الله جاحداً له ، وهو قول عكرمة ، وهو تاويل مرجوع ، فإن نفس جحوده كفر ، سوء حكم به أو لم يحكم "

3- أن يفضل حكم الطاغوت على حكم الله – تعالى -

سواء كان هذا التفضيل مطلقاً ، أو مقيداً في بعض المسائل . وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب هذه الحالة ضمن نواقض الإسلام ، فقال : " من اعتقد أن غير هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- أكمل من هديه ، أو أن حكم غيره أحسن من حكمه ، كالذي يفضل حكم الطواغيت على حكمه ، فهو كافر " ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم : " من اعتقد أن حكم غير الرسول -صلى الله عليه وسلم- أحسن من حكمه ، وأتم ، وأشمل لما يحتاجه الناس من الحكم بينهم عند التنازع ، إما مطلقاً ، أو بالنسبة إلى ما استجد من الحوادث التي نشأت عن تطور الزمان ، وتغير الأحوال ، فلا ريب أنه كفر لتفضيله أحكام المخلوقين التي هي محض زبالة الأذهان ، وصرف نحاتة الأفكار على حكم الحكيم الحميد "
لقد قام التتار – بعد إسقاطهم لدولة الخلافة العباسية – بإظهار هذا الكفر ، وذلك بتقديم حكم ( الياسق ) وفرضه على المسلمين ، ونبذ حكم الله – تعالى – وقد أشار ابن كثير إلى هذا الواقع عند تفسيره لقوله – تعالى – (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50) * ويقول ابن كثير :
" ينكر – تعالى – على من خرج عن حكم الله المحكم ، المشتمل على كل خير ، الناهي عن كل شر ، وعَدَل إلى ما سواه من الآراء ، والاصطلاحات ، التي وضعها الرجال بلا مستند من شريعة الله ، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات ، والجهالات ، مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم ، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيزخان ، الذي وضع لهم الياسق ، وهو عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها عن شرائع شتى ، من اليهودية والنصرانية ، والملة الإسلامية ، وغيرها ، وفيه كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه ، فصارت في بنيه شرعاً متبعاً ن يقدمونه على الحكم بكتاب الله ، وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- ، فمن فعل ذلك ، فهو كافر يجب قتاله ، حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله ، فلا يحكم سواه في قليل ولا كثير "
* ويتحدث إسماعيل الأزهري عما يزعمه من لا خلاق له ، من الإيمان ، ممن يتهمون هذه الشريعة الكاملة بالنقص ، فكان مما قاله :
" ومن ظنّ أن هذه الشريعة الكاملة التي ما طَرَق العالم شريعة أكمل منها ناقصة تحتاج إلى سياسة خارجة عنها تكملها ، فهو كمن ظن أن بالناس حاجة إلى رسول آخر غير رسولهم الذي يحل لهم الطيبات ويحرّم عليهم الخبائث .
وكذلك من ظن أن شيئاً من أحكام الكتاب والسنة النبوية الثابتة الصحيحة بخلاف السياسة والمصلحة التي يقتضيها نظام الدنيا فهو كافر قطعاً "
• ويحكي محمود شاكر هذه الحالة فيقول :
" والذي نحن فيه اليوم هو هجر لأحكام الله عامة بلا استثناء ، وإيثار أحكام غير حكمه في كتابه وسنة نبيه ،وتعطيل كل ما في شريعة الله ، بل بلغ الأمر مبلغ الاحتجاج على تفضيل أحكام القانون الموضع على أحكام الله المنزلة ، وادعاء المحتجين لذلك بأن أحكام الشريعة إنما نزلت لزمان غير زماننا ، ولعلل وأسباب انقضت ، فسقطت الأحكام كلها بانقضائها "
لقد سلك خصوم هذا الدين مسالك متنوعة في سبيل استنقاص الشريعة الإٍسلامية وتفضيل حكم الطاغوت على حكم الله – تعالى - فتراهم يصفون الإسلام بأنه ديانة روحية ، فلا علاقة له بشؤون الحياة الأخرى كالمعاملات ، والقضاء ، والسياسة ، والحدود ، ونحوها .
• يقول أحمد شاكر عن هؤلاء القوم وحكم الله – تعالى – فيهم :
" والقرآن مملوء بأحكام وقواعد جليلة ، في المسائل المدنية والتجارية ، وأحكام الحرب والسلم ، وأحكام القتال والغنائم والأسرى ، وبنصوص صريحة في الحدود والقصاص ، فمن زعم أنه دين عبادة فقط فقد أنكر كل هذا ، وأعظم على الفرية ، وظن أن لشخص كائناً من كان ، أو لهيئة كائنة من كانت ، أن تنسخ ما أوجب الله من طاعته والعمل بأحكامه ، وما قال هذا مسلم ، ولا يقوله ، ومن قاله ، فقد خرج عن الإسلام جملةً ، ورفضه كلّه ، وإن صام وصلى ، وزعم أنه مسلم " كما يزعم هؤلاء الخصوم أن في تحكيم الشريعة إقراراً للاستبداد السياسي ، والإرهاب الفكري ، ويستدلون على ذلك بما حصل لأوربا أثناء تسلط رجال الكنيسة ، وتارة ينعقون بدعوى جمود الشريعة ، وعدم مواكبتها للحياة المتطورة المتجددة ، وربما وصفوا أحكام الحدود والقصاص بالقسوة التي لا تلائم إنسانية هذا العصر .
• يقول الشيخ محمد بن إبراهيم في هذا الشأن : " وحكم الله ورسوله لا يختلف في ذاته ، باختلاف الأزمان ، وتطور الأحوال ، وتجدد الحوادث ، فإنه ما من قضية كائنة ما كانت إلا وحكمها في كتاب الله – تعالى – وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- نصاً أو ظاهراً أو استنباطاً أو غير ذلك ، علمه من علمه ، وجهله من جهله "
• ويقول الشنقيطي في هذا الصدد :
" وأما النظام الشرعي المخالف لتشريع خالق السموات والأرض ، فتحكيمه كفر بخالق السموات والأرض ، كدعوى أن تفضيل الذكر على الأنثى في الميراث ليس بإنصاف ، وأنهما يلزم استواؤهما في الميراث والدعوى أن تعدد الزوجات ظلم ، وأن الطلاق ظلم للمرأة ، وأن الرجم والقطع ، ونحوهما أعمال وحشية لا يسوغ فعلها بالإنسان ، ونحو ذلك .
فتحكيم هذا النوع من النظام في أنفس المجتمع ، وأموالهم وأعراضهم ، وأنسابهم ، وعقولهم ، وأديانهم كفر بخالق السموات والأرض ، وتمرّد على نظام السماء الذي وضعه من خلق الخلائق كلها وهو أعلم بمصالحها –سبحانه وتعالى – أن يكون معه مشرّع آخر علواً كبيراً " .. ومما يلحق بمسألة تفضيل حكم الجاهلية على حكم الله – تعالى - : من لم يحكم بما أنزل الله – تعالى استخفافاً واستهانة بحكم الله تعالى ، واحتقاراً له فمن وقع في ذلك فقد خرج عن الملة ، لأن ذلك استهزاء بدين الله – تعالى – ومن ثم ، فهو ردة عن الإسلام ، كما هو ظاهر في النصوص التالية :
يقول – تعالى - : (( قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ، لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )) (التوبة: 65 - 66)
* يقول الفخر الرازي : " إن الاستهزاء بالدين كيف كان كفر بالله ، وذلك لأن الاستهزاء يدل على استخفاف ، والعمدة الكبرى في الإيمان تعظيم الله بأقصى الإمكان والجمع بينما محال "
ويقول – تعالى - : (( وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ)) (التوبة:12)
• يقول القرطبي في تفسير هذه الآية : " استدل بعض العلماء بهذه الآية على وجوب قتل كل من طعن في الدين إذ هو كافر ، والطعن أن ينسب إليه ما لا يليق به ، أو يعترض بالاستخفاف على ما هو من الدين ، لما ثبت من الدليل القطعي على صحة أصوله واستقامة فروعه "
• ويقول ابن أبي العز الحنفي : " إن اعتقاد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب ، وأنه مخير فيه ، أو استهان به مع تيقنه أنه حكم الله ، فهذا كفر أكبر "
• ومما قاله أبو السعود عند تفسيره لقوله – تعالى - : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) (المائدة: من الآية44)

" ومن لم يحكم بما أنزل الله كائناً من كان دون المخاطبين خاصة ، فإنهم مندرجون فيه اندراجاً أولياً أي من لم يحكم بذلك مستهيناً به منكراً... فأولئك هو الكافرون لاستهانتهم به " 4- من ساوى بين حكم الله – تعالى – وبين حكم الله الطاغوت ، واعتقد التماثل بينهما ، فهذا كفر ناقل عن الملة ، لما يقتضيه ذلك من تسوية المخلوق بالخالق ، والمناقضة والمعاندة لقوله – تعالى - : (( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ )) (الشورى: من الآية11) ولقوله – عز وجل – (( فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)) (البقرة: من الآية22)
إن دعوى المساواة بين الحكم الإلهي والحكم والوضعي تنقّص للرب – جل جلاله – وغلو وطغيان في أحكام البشر ، وشرك بالله – تعالى – لما في هذه المساواة من اتخاذ الأنداد مع الله – تعالى – يقول – تعالى - : (( فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)) (النحل:74)
* يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية : " أي لا تجعلوا له أنداداً ، وأشباهاً ، وأمثالاً ، ( إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) أي أنه يعلم ، ويشهد أنه لا إله إلا هو ، وأنتم بجهلكم تشركون به غيره "
ويقول – تبارك وتعالى - : (( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَاداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ )) (البقرة: من الآية165) فمن أحبّ من دون الله شيئاً ، كما يحبّ الله – تعالى – فهو ممن اتخذ من دون الله أنداداً ، فهذا ندٌ في المحبة ، لا في الخلق والربوبية ، فإن أحداً من أهل الأرض لم يثبت هذا الندُّ وإذا كان الأمر كذلك ، فلا أضل ، ولا أسوأ حالاً ومآلاً من هؤلاء الذين ساووا بين حكم الله – تعالى – الذي لا معقّب لحكمه ، وبين وحكم البشر العاجزين القاصرين .
• ويقول ابن تيمية : " من طلب أن يطاع مع الله ، فهذا يريد من الناس أن يتخذوا من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله ، والله – سبحانه – أمر أن لا يعبد إلا إيّاه ، وأن لا يكون الدين إلا له " وأخبر – تعالى – عن أهل النار أنهم يقولون – وهم في النار – لآلهتهم : (( تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ،إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)) (الشعراء:97- 98)

يقول ابن القيم عن هذه الآية :
" ومعلوم أنهم ما سووهم به – سبحانه – في الخلق ، والرزق ، والإماتة ، والإحياء ، والملك ، والقدرة ، وإنما سووهم به في الحب ، والتأله ، والخضوع لهم ، والتذلل ، وهذا غاية الجهل والظلم ، فكيف يسوى من خُلق من تراب برب الأرباب ؟ ! وكيف يسوى العبيد بمالك الرقاب ؟ وكيف يسوي الفقير بالذات ، الضعيف بالذات ، العاجز بالذات ، المحتاج بالذات ، الذي ليس له من ذاته إلا العدم ، بالغني بالذات ، القادر بالذات الذي غناه ، وقدرته ، وملكه ، وجوده ،وإحسانه ، وعلمه ، ورحمته ، وكماله المطلق التام ، من لوازم ذاته ؟ فأي ظلم أقبح من هذا ؟ وأي حكم أشدّ جوراً منه ؟! .
• فإذا كانت التسوية بين الله – تعالى – وبين خلقه في عبادة من العبادات تعتبر شركاً وتنديداً يناقض توحيد العبادة ، فكيف بمن سوّى حكم الله – تعالى – بحكم البشر ؟.
• وعلى كلٍ فإن الرضا بالله – تعالى – ربّاً يوجب إفراد الله – تعالى – بالحكم ، واختصاصه ، تعالى – بالأمر – قدراً أو شرعاً – كما قال – سبحانه - : (( أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ)) (لأعراف: من الآية54)) فالحكم بالطاغوت ولو في أقل القليل ينافي هذا التوحيد ، فما بالك بمن سوّى حكم البشر بالحكم الإلهي المنزّل ؟.

5- أن يجوّز الحكم بما يخالف حكم الله ورسوله ، أو يعتقد أن الحكم بغير ما أنزل الله – تعالى – غير واجب ، وأنه مخيّر فيه ،

فهذا كفر مناقض للإيمان ، لتجويزه ما علم بالنصوص الصريحة القطعية تحريمه ،حيث لم يعتقد وجوب إفراد الله – تعالى – بالحكم ، وهو وإن لم يكن جاحداً لحكم الله ، لكن ما دام أنه لا يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله – تعالى – وحده ،وذلك بتجويزه الحكم بغير ما أنزل الله – تعالى – فهذا كفر ناقل عن الملة "
* يقول القرطبي : (إن حكم بما عنده على أنه من عند ــ تعالى ــ فهو تبديل له يوجب الكفر )
* ويوضح ابن تيمية هذه المسألة قائلاً : " ولا ريب أن من لم يعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله على رسوله ، فهو كافر ، فمن استحلّ أن يحكم بين الناس بما يراه عدلاً من غير أتباع لما أنزل الله – فهو كافر – فإنه ما من أمة إلا وهي تأمر بالحكم بالعدل ، وقد يكون العدل في دينها ما رآه أكابرها ، بل كثير من المنتسبين إلى الإسلام يحكمون بعاداتهم التي لم ينزلها الله كسواليف البادية وكأوامر المطاعين فيهم ، ويرون أن هذا هو الذي ينبغي الحكم به دون الكتاب والسنة ، وهذا هو الكفر .
فإن كثيراً من الناس أسلموا ، ولكن مع هذا لا يحكمون إلا بالعادات الجارية لهم التي يأمر بها المطاعون ، فهؤلاء إذا عرفوا أنه لا يجوز الحكم بما أنزل الله ، فلم يلتزموا ذلك بل استحلوا أن يحكموا بخلاف ما انزل الله فهم كفار ، وإلا كانوا جهالاً "
وبتأمل هذا النص المهم ، يظهر لنا أن من جوّزوا الحكم بغير ما أنزل الله – تعالى – وقد عرفوا ذلك فلم يلتزموا فإن هذا يعتبر استحلالاً وردة عن الإسلام ، ولو لم يتضمن تكذيباُ وجحوداً
• ويقول – أيضاً - : " ومن حكم بما يخالف شرع الله ورسوله ، وهو يعلم ذلك ، فهو من جنس التتار الذين يقدمون حكم الياسق على حكم الله ورسوله "
وإذا كان هذا الصنف من جنس التتار .. فكذلك هم من جنس اليهود عند ما حكموا بما يخالف حكم الله – تعالى – وهم يعلمون ذلك ، كما جاء مبيناً في حديث البراء بن عازب –رضي الله عنه – حيث قال : مُرّ على النبي -صلى الله عليه وسلم- بيهودي محمّماً مجلوداً ، فدعاه -صلى الله عليه وسلم- فقال : هكذا تجدون حدّ الزاني في كتابكم ؟ قالوا : نعم . فدعا رجلاً من علمائهم ، فقال : أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى . أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ قال : لا ! ولولا أنك نشدتني بهذا لم أخبرك ، نجده الرجم ، ولكن كثر في أشرافنا ، فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه ،وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد ، قلنا : تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع ، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم ،فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : " اللهم إني أولّ من أحيا أمرك إذا أماتوه " فأمر به فرجم ، فأنزل الله – عز وجل - : (( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ)) إلى قوله: (( إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ)) (المائدة: من الآية41)

يقول ائتوا محمداً ، فإن أمركم بالتحميم والجلد ، فخذوه ، وإن أفتاكم بالرجم ، فاحذروه ، فأنزل الله – تعالى – (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) (المائدة: من الآية44) (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)) (المائدة: من الآية45) (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ)) (المائدة: من الآية47) في الكفار كلها "
فمناط الكفر – هاهنا – ما تلبّس به هؤلاء اليهود من تجويز الحكم بغير ما انزل الله ، وتبديل حكم الله – تعالى – فاليهود كفروا لتغييرهم حكم الله – تعالى – فجعلوا التحميم والجلد بدلاً من الرجم ، وهم يعلمون خطأهم
• ويقول ابن القيم - عن هذه الحالة - : " إن اعتقد أن الحكم بما أنزل الله غير واجب ، وأنه مخيّر فيه مع تيقنه أنه حكم الله ، فهذا كفر أكبر "
• ويقول الشيخ محمد بن عبد الوهاب : " من اعتقد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة محمد -صلى الله عليه وسلم- ، كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى ، عليه السلام، فهو كافر "
• وإضافة إلى ذلك فإن تجويز الحكم بما يخالف حكم الله – تعالى – هو قبول للأحكام والتكاليف من غير الله – تعالى – ولو كان في بعضها ، أو اليسير منها ..، وهذا مناقض لحقيقة الإسلام لله وحده ، فمن استسلم لله – تعالى – ولغيره كان مشركاً ، والاستسلام لله وحده يتضمن عبادته وحده ، وطاعته وحده . وتوضيحاً لذلك فنورد ما سطّره الأستاذ محمد قطب من أمثلة في تجويز الحكم بما يخالف حكم الله – تعالى – حيث يقول :
" كيف نزعم لأنفسنا أننا آمنا بأنه لا إله إلا الله – أي لا معبود إلا الله ، ولا حاكم إلا الله – إذا كنّا نقول – بلسان الحال ، أو بلسان المقال – إنك يا رب ! قد قلت : إن الربا حرام ، أما نحن فنقول : إنه مدار الحياة الاقتصادية المعاصرة ، لا يقوم الاقتصاد إلا به ، ولذلك ، فنحن نُقّره ونتداوله ، ونجعله هو الأصل في تداول المال ! وإنك يا رب ! قد قلت إن الزنا حرام ، وحددت له عقوبة معينة في كتابك المنزل ، وفي سنة رسولك ، -صلى الله عليه وسلم- ، أما نحن فنرى أنه ليس هناك جريمة تستحق العقاب أصلاً إذا تمّ الأمر برضى الطرفين ، ولم تكن المرأة قاصراً ، وإذا وقعت -من جهة نظرنا- جريمة فعقوبتها عندنا أمر آخر غير ما قررت ! وإنك قد قلت يا رب ! إن عقوبة السرقة قطع اليد ، أما نحن ، فنرى أن هذه عقوبة وحشية بربرية ، إنما عقوبة السرقة عندنا هي السجن ، وهي عقوبة مذهبة تليق بإنسان القرن العشرين ! "

6- من لم يحكم بما أنزل الله – تعالى – إباءً وامتناعاً فهو كافر خارج عن الملة ، وإن لم يجحد أو يكذَب حكم الله –تعالى-

وإذا كانت الحالة السابقة تجويز وقبول للحكم بغير ما أنزل الله – تعالى – فهذه الحالة لا تعدو أن تكون في المقابل من تلك الحالة .
فمن المعلوم – عند السلف الصالح – أن الإيمان قول وعمل ، وتصديق وانقياد ، فكما يجب على الخلق أن يصدّقوا الرسل – عليهم السلام – فيما أخبروا فعليهم أن يطيعوهم فيما أمروا ، فلا يتحقق الإيمان مع ترك الانقياد والطاعة ، قال – تعالى - : (( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ )) (النساء: من الآية64) فالإيمان ليس مجرد التصديق – كما زعمت المرجئة - ، وإنما هو التصديق المستلزم للطاعة الانقياد
كما أن الكفر عدم الإيمان – باتفاق المسلمين ومن ثم ، فهو ليس تكذيباً فحسب ، بل قد يكون امتناعاً عن اتباع الرسول مع العلم بصدقه ..
وقد يكون هذا الكفر إعراضاً أو شكاً ، وعلى هذا يكون من ترك الحكم بما أنزل الله إباءً وردّاً ،فهو كافر مرتد ،وإن كان مقراً بهذا الحكم ؛ لأن الإيمان يقتضي وجوب الانقياد ، والطاعة ، والإذعان لحكم الله – تعالى – ونوضح ذلك من خلال ما يلي :
• مما أورده ابن جرير رحمه الله عند شرحه لحديث البراء بن عازب ،- رضي الله عنه - : مرّ بي عمي الحارث بن عمرو ومعه لواء قد عقده له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال فسألته ، قال : بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أن أضرب عنق رجل تزوج امرأة أبيه "
• حيث يقول ابن جرير : " فكان فعله [ أي نكاحه زوج أبيه ] من أدل الدليل على تكذيبه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما أتاه به عن الله – تعالى – ذكره وجحوده آية محكمة في تنزيله ... فكان بذلك من فعله حكم القتل وضرب العنق ، فلذلك أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بقتله وضرب عنقه ؛ لأن ذلك كان سنته في المرتد عن الإسلام "
فتأمل – رحمك الله – نصّ هذا الحديث ،وما قرره ابن جرير عند ما بيّن أن التكذيب ، أو الاستحلال قد يظهر في عمل من الأعمال وهذا كفر ردّ ، وإباء ، فليس التكذيب أو الاستحلال ( القلبي ) واقعاً بنطق اللسان فقط - كما زعمت المرجئة-
إضافة إلى ذلك فإنّ من ردّ ، وامتنع عن قبول حكم الله - تعالى – فهو كافر بالإجماع ، وإن كان مقرّاً بهذا الحكم ، "يقول إسحاق بن راهويه : وقد أجمع العلماء أن على من دفع شيئاً أنزله الله .. وهو مع ذلك مقر بما أنزل الله أنه كافر "
* يقول الجصاص في تفسير قوله – تعالى - : (( فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)) (النساء:65) وفي هذه الآية دلالة على أن من رد شيئاً من أوامر الله – تعالى – أو أوامر الرسول-صلى الله عليه وسلم- فهو خارج من الإسلام ، سواءً ردة من جهة الشك فيه ، أو من جهة ترك القبول ، والامتناع عن التسليم "
* كما يقرر ابن تيمية : اتفاق العلماء على وجوب قتال الطائفة الممتنعة عن شريعة من الشرائع الظاهرة المتواترة ، وإن كانت مقرة بتلك الشريعة ، فيقول :
" كل طائفة ممتنعة عن التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة ، فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه ، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين ، وملتزمين بعض شرائعه ، كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة – رضي الله عنهم – مانعي الزكاة ، فاتفاق الصحابة – رضي الله عنهم – على القتال على حقوق الإسلام عملاً بالكتاب والسنة " إلى أن قال – " فأيما طائفة امتنعت عن بعض الصلوات المفروضات ، أو الصيام ، أو الحج ، أو عن التزام تحريم الدماء ، والأموال ، والخمر ، والزنا ، والميسر أو عن نكاح ذوات المحارم ، أو التزام جهاد الكفار ، أو ضرب الجزية على أهل الكتاب ، وغير ذلك من واجبات الدين ، ومحرماته. التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها ، التي يكفر الجاحد لوجوبها ، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها ، وإن كانت مقرّة بها ، وهذا مما لا أعرف فيه خلافاً بين العلماء "
• ويفصّل ابن تيمية هذه المسألة تفصيلاً شافياً عند ما بيّن أن من أبى وامتنع عن حكم الله – تعالى – وإن كان معترفاً بهذا الحكم – فهو أشدّ كفراً ممن جحد هذا الحكم ، فيقول : " إن العبد إذا فعل الذنب مع اعتقاد أن الله حرّمه عليه ، واعتقاد انقياده لله فيما حرّمه وأوجبه ، فهذا ليس بكافر ، فأما إن اعتقد أن الله لم يحرّمه ، أو أنه حرّمه ، لكن امتنع من قبول هذا التحريم ، وأبى أن يذعن لله وينقاد ،فهو إما جاحد أو معاند ، ولهذا قالوا : من عصى الله مستكبراً ، كإبليس كفر بالاتفاق ، ومن عصى مشتهياً لم يكفر عند أهل السنة والجماعة ، وإنما يكفره الخوارج ، فإن العاصي المستكبر ، وإن كان مصدقاً بأن الله ربه ، فإن معاندته له ، ومحاداته تنافي هذا التصديق ، وبيان هذا أن من فعل المحارم مستحلاً ، فهو كافر بالاتفاق ، فإنه ما آمن بالقرآن من استحل محارمه ،وكذلك لو استحلها من غير فعل ، والاستحلال اعتقاد أن الله لم يحرمها ، وتارة بعدم اعتقاد أن الله حرمها ، وهذا يكون لخلل في الإيمان في الربوبية ، ولخلل في الإيمان بالرسالة ، ويكون جحداً محضاً غير مبني على مقدمة ، وتارة يعلم أن الله حرّمها ، ويعلم أن الرسول إنما حرم ما حرمه الله ، ثم يمتنع عن التزام هذا التحريم ، ويعاند المحرم ، فهذا أشد كفراً ممن قبله ، وقد يكون هذا مع علمه ، أن من لم يلتزم هذا التحريم عاقبه الله وعذبه ، ثم إن هذا الامتناع والإباء ، إما لخلل في اعتقاد حكمة الآمر وقدرته ، فيعود هذا إلى عدم التصديق بصفة من صفاته ، وقد يكون بجميع ما يصدق به تمرداً أو اتباعاً لغرض النفس ، وحقيقته كفر ، هذا لأنه يعترف لله ورسوله بكل ما أخبر به ، ويصدق بكل ما يصدق به المؤمنون ، لكنه يكره ذلك ، ويبغضه ، ويسخطه لعدم موافقته لمراده ومشتهاه ، ويقول : أنا لا أقر بذلك ،ولا ألتزمه ،وأبغض هذا الحق ، وأنفر منه ، فهذا نوع غير النوع الأول ، وتكفير هذا معلوم بالاضطرار من دين الإسلام ، والقرآن مملوء من تكفير مثل هذا النوع "
• وتأكيد لما قرره ابن تيمية : نورد ما قاله النسفي في تفسيره ، لقوله – تعالى - : (( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)) (الأحزاب:36)
" فإن كان العصيان عصيان رد وامتناع عن القبول ، فهو ضلال كفر ، وإن كان عصيان فعل مع قبول الأمر واعتقاد الوجوب ،فهو ضلال خطأ وفسق "
ومما يمكن إلحاقه بالإباء والامتناع : الإعراض ، والصدود عن حكم الله – تعالى – ونوضح ذلك بما يلي :
يقول – تعالى – (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً)) (النساء:60 - 61)
• يقول ابن تيمية : " بين الله سبحانه أن من دعا إلى التحاكم إلى كتاب الله ،وإلى رسوله فصدّ عن رسوله كان منافقاً ، وليس بمؤمن فالنفاق يثبت ، ويزول الإيمان بمجرد الإعراض عن حكم الرسول ، وإرادة التحاكم إلى غيره " .
• ويقول ابن القيم : " فجعل الإعراض عما جاء به الرسول ، والالتفات إلى غيره هو حقيقة النفاق ، كما أن حقيقة الإيمان هو تحكيمه وارتفاع الحرج عن الصدور بحكمه ، والتسليم لما حكم به رضى ، واختياراً ،ومحبة فهذا حقيقة الإيمان ، وذلك الإعراض حقيقة النفاق "

• ويقول البيضاوي في تفسيره لقوله – تعالى - : (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ)) (آل عمران:32) " وإنما لم يقل لا يحبهم لقصد العموم ، والدلالة على أن التولي كفر ، وأنه من هذه الحيثية ينفي محبة الله ، وأن محبته مخصوصة بالمؤمنين "
• ويقول ابن تيمية عند قوله – تعالى - (( فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْهَا سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ عَنْ آيَاتِنَا سُوءَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يَصْدِفُونَ)) (الأنعام: من الآية157) . " فذكر سبحانه أنه يجزي الصادف عن آياته مطلقاً سواء كان مكذباً أو لم يكن – سوءَ العذاب بما كانوا يصدفون ، يبين ذلك أن كل من لم يقر بما جاء به الرسول ، فهو كافر ، سواء اعتقد كذبه ، أو استكبر عن الإيمان به أو أعرض عنه اتباعاً لما يهواه ، أو ارتاب فيما جاء به ، فكل مكذب بما جاء به فهو كافر "


7- من ضمن الحالات التي يكون الحكم بغير ما أنزل الله تعالى كفراً أكبر ، ما قال الشيخ محمد بن إبراهيم :

" وهو أعظمها ، وأشملها ،وأظهرها معاندة للشرع ومكابرة لأحكامه ،ومشاقة لله ورسوله ، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية إعداداً ، وإمداداً ، وإرصاداً ، وتأصيلاً ، وتفريعاً ، وتشكيلاً ، وتنويعاً ، وحكماً ، وإلزاماً ، ومراجع مستمدات .
فكما أن للمحاكم الشرعية مراجع ومستمدات ، مرجعها كلها إلى كتاب الله وسنة رسوله –صلى الله عليه وسلم- فلهذه المحاكم مراجع هي القانون الملفق من شرائع شتى ، وقوانين كثيرة كالقانون الفرنسي ، والقانون الأمريكي ،والقانون البريطاني ، وغيرها من القوانين ، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة ، وغير ذلك .
فهذه المحاكم الآن في كثير من أمصار الإسلام مهيأة مكملة ، مفتوحة الأبواب ، والناس إليها أسراب إثر أسرار ،يحكم حكمها بينهم بما يخالف حكم السنة والكتاب ، من أحكام ذلك القانون ،وتلزمهم به ، وتقرّهم عليه ، وتحتمه عليهم ، فأي كفر فوق هذا كفر ، وأي مناقضة لشهادة أن محمداً رسول الله بعد هذه المناقضة
• ومما يلحق بهذه الحالة ما قاله الشيخ محمد بن إبراهيم – أيضاً - " ما يحكم به كثير من رؤساء العشائر ، والقبائل من البوادي ونحوهم من حكايات آبائهم ، وأجدادهم ، وعاداتهم التي يسمونها (سلومهم ) يتوارثون ذلك منهم ، ويحكمون به ، ويحملون على التحاكم إليه عند النزاع بقاءً على أحكام الجاهلية ، وإعراضاً ورغبة عن حكم الله ورسوله "
• ومن خلال عرض الحالات السابقة الموجبة للردة ، يظهر حكم المشرّع – كما في الحالة الأولى – والحاكم بغير ما أنزل الله – كما في بقية الحالات – ويبقى موضوع المحكوم بتلك القوانين الطاغوتية ، فإن كفره متعلّق بقبوله لغير شريعة الله ، ورضاه بها إضافةً إلى ذلك ، فإن متابعة هذا المحكوم ، وقبوله لغير الشريعة من خلال تحاكمه إلى غير ما أنزل الله – تعالى – لا يخلو من امتناع عن قبول حكم الله وحده ، أو تجويز للحكم بالطاغوت ، وقد أمروا أن يكفروا به ، أو تفضيل لحكم الطاغوت على حكم الله – تعالى – أو التسوية بينهما !! يقول الله – تعالى - : (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً ، وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً)) (النساء:60 -61 ) * ومما قاله أبو السعود في تفسير هذه الآية: " التعجيب والاستفتاح على ذكر إرادة التحاكم [ إلى الطاغوت ] دون نفسه [ أي التحاكم ] للتنبيه على أن إرادته مما يقضي منه العجب ، ولا ينبغي أن يدخل تحت الوقوع فما ظنك بنفسه ؟ "
كما دلت الآية على أن إرادة التحاكم إلى الطاغوت إيمان بهذا الطاغوت ، ومن ثم فهو كفر بالله – تعالى – حيث أن الله – تعالى – قد فرض على عباده الكفر بالطاغوت ، والإيمان به – تعالى – حيث قال – سبحانه- : (( فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ )) (البقرة: من الآية256) . ويقول – عز وجل - (( اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ)) (التوبة:31)
* يقول ابن تيمية – في معنى هذه الآية : ( هؤلاء الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله يكونون على وجهين :
أحدهما : أن يعلموا أنهم بدّلوا دين الله ، فيتبعونهم على التبديل ، فيعتقدون تحليل ما حرّم الله ، وتحريم ما أحلّ الله اتباعاً لرؤسائهم ، مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل ،فهذا كفر ، وقد جعله الله ورسوله شركاً ، وإن لم يكونوا يُصَلُّون لهم ، ويسجدون لهم – فكان من اتبع غيره في خلاف الدين مع علمه أنه خلاف الدين ، واعتقد ما قاله ذلك ، دون ما قاله الله ورسوله مشركاً مثل هؤلاء .
والثاني : أن يكون اعتقادهم وإيمانهم بتحريم الحلال ، وتحليل الحرام ثابتاً ، لكنهم أطاعوهم في معصية الله ، كما يفعل المسلم ما يفعله من المعاصي التي يعتقد أنها معاصي ، فهؤلاء لهم حكم أمثالهم من أهل الذنوب ، كما ثبت في " الصحيح " عن النبي صلى الله عليه وسلم ، أنه قال : " إنما الطاعة في المعروف "
* وأمر آخر وهو أن المحكوم بتلك القوانين راضياً بها فهو كافر ، لأن الراضي بالكفر كفاعله يدلّ على ذلك قوله – تعالى - :
(( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً)) (النساء:140) * يقول القرطبي : " قوله – تعالى - : (فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ) أي غير الكفر : ( إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ) فدل بهذا على وجوب اجتناب المعاصيى وجوب اجتناب المعاصي إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضى بالكفر كفر" * ويقول محمد رشيد رضا في قوله : ( إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ ) هذا تعليل للنهي ، أي إنكم إن قعدتم معهم تكونون مثلهم ، وشركاء لهم في كفرهم ؛ لأنكم أقررتموهم عليه ورضيتموه لهم ، ولا يجتمع الإيمان بالشيء ، وإقرار الكفر والاستهزاء به ، ويؤخذ من الآية أن إقرار الكفر بالاختيار كفر ، ويؤخذ منه أن إقرار المنكر والسكوت عليه منكر وهذا منصوص عليه أيضاً ، وأن إنكار الشيء يمنع فشوه بين من ينكرونه حتماً ، فليعتبر بهذا أهل هذا الزمان ،ويتأملوا كيف يمكن الجمع بين الكفر والإيمان ، أو بين الطاعة والعصيان ، فإن كثيراً من الملحدين في البلاد المتفرنجة يخوضون في آيات الله ، ويستهزئون بالدين ، ويقرهم على ذلك ، ويسكت لهم من لم يصل إلى درجة كفرهم ، لضعف الإيمان و العياذ بالله تعالى – "
ويقول – تعالى - : (( وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ)) (النور:47) * يقول النسفي – في تفسيرها - (وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ) أي المخلصين ، وهو إشارة إلى القائلين آمنّا وأطعنا ، لا إلى الفريق المتولي وحده ، وفيه إعلام من الله بأن جميعهم منتف عنهم الإيمان لاعتقادهم ما يعتقد هؤلاء ، والإعراض وإن كان من بعضهم ،فالرضا بالإعراض من كلهم "

(ج) متى يكون الحكم بغير ما أنزل الله كفراً أصغر ؟

يكون الحكم بغير ما أنزل تعالى في واقعة ما مع اعتقاده وجوب الحكم بما أنزل الله – تعالى – في هذه القضية المعينة ، فعدَل عنه عصياناً وهوىً وشهوة ، مع اعترافه بأنه آثم في ذلك ،ومستحق للعقوبة ، ونسوق جملة من كلام أهل العلم في هذه المسألة :
* يقول القرطبي : " إن حكم به [ أي بغير ما أنزل الله ] هوى ومعصية فهو ذنب تدركه المغفرة على أصل أهل السنة في الغفران للمذنبين "

* ويقول ابن تيمية : " أما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً ، لكن عصى واتبع هواه ، فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة "
* ويقول ابن القيم: " عن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة ، وعدل عنه عصياناً ، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة ، فهذا كفر أصغر "
* ويقول الشيخ محمد بن إبراهيم : " وأما القسم الثاني من قسمي كفر الحاكم بغير ما أنزل الله ، وهو الذي لا يخرج عن الملة ، وذلك أن تحمله شهوته وهواه على الحكم في القضية بغير ما أنزل الله مع اعتقاده أن حكم الله ورسوله هو الحق ، واعترافه على نفسه بالخطأ ومجانبة الهدى .
وهذا وإن لم يخرجه كفره عن الملّة فإنه معصية عظمى أكبر من الكبائر، كالزنا، وشرب الخمر ، والسرقة ، واليمين، الغموس، وغيرها ، فإن معصية سماها الله في كتابه كفراً أعظم من المعصية لم يسمها كفراً "
• ويقول الشنقيطي : " من لم يحكم بما أنزل الله معتقداً أنه مرتكب حراماً ، فاعل ُ قبيحاً ، فكفره ، وظلمه ، وفسقه ، غير مخرج عن الملة
وعلى مثل هذه الحالة – التي ذكرت آنفاً – يُحمل ما ورد عن ابن عباس – رضي الله عنهما – وعطاء وطاووس ، وأبي محلز - رحمهم الله تعالى - .
فقد جاء عن ابن عباس – رضي الله عنهما – في قوله – تعالى - : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) (المائدة:44) أنه قال : " ليس بالكفر الذي يذهبون إليه ، وفي رواية أنه ، قال : " كفر لا ينقل عن الملة "
وقال عطاء : " كفر دون كفر ، وظلم دون ظلم ، وفسق دون فسق "
* وقال طاووس : " ليس بكفر ينقل عن الملة " " وعند ما جاء نفر من الإباضية لأبي مجلز ، فقالوا له : يقول الله : (( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) ( فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) . ) فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ) (المائدة: من الآية47) . قال أبو مجلز أنه يعملون بما يعملون – يعني الآمراء – ويعلمون أنه ذنب "
ومما يجدر التذكير به – في هذا المقام – أن هناك من حمّل كلام ابن عباس – رضي الله عنهما – وغيرها من الآثار السابقة – ما لا يحتمله ، فآساءوا فهمها ، والمراد منها ، ولذا فلا بد من التنبيه على ما يلي :
1- أن ظاهر سياق تلك الآيات في قوله – تعالى - : ((( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ)) . وما بعدها .. يدلّ على أن المعنى المقصود أصلاً بالكفر والظلم والفسق فيها ، هو الكفر الأكبر ، والظلم الأكبر ، والفسق الأكبر
كما يوضح ذلك سبب نزولها ، حيث إنها نزلت في اليهود – كما سبق بيانه ثم إن هؤلاء الأئمة – كابن عباس وغيره عمُّوا بها غير الكفار وقالوا : كفر دون كفر ، مع أن سياق الآيات على أنها في الكفار ، كما جاء في آخر رواية البراء بن عازب – رضي الله – عنه – في سبب نزول تلك الآيات : ( في الكفار كلها).
2- أن ما قاله أبو مجلز– رحمه الله – للإباضية، كان جواباً عمّا أراه من إلزامه بتكفير الأمراء، لأنهم في معسكر السلطان ... ولأنهم ارتكبوا بعض ما نهاهم الله عنه ,
*ومما قاله محمود شاكر – في المقصود من كلام أبي مجلز: " اللهم إني أبرأ إليك من الضلالة، وبعد، فإن أهل الريب والفتن ممن تصدروا للكلام في زماننا هذا، قد تلمس المعذرة لأهل السلطان في ترك الحكم بما أنزل الله ، وفي القضاء في الدماء ،والأعراض ، والأموال بغير شريعة الله التي أنزلها في كتابه ، وفي اتخاذهم قانون الكفار شريعة في بلاد الإسلام ، فلما وقف على هذين الخبرين اتخذهما رأياً يرى به صواب القضاء في الأموال ، والأعراض ، والدماء بغير ما أنزل الله ، وأن مخالفة شريعة الله في القضاء العام لا تكفر الراضي بها ، والعامل بها – إلى أن قال - : لم يكن سؤالهم عما احتج به مبتدعة زماننا ، من القضاء في الأموال والأعراض ،والدماء بقانون مخالف لشريعة أهل الإسلام ، ولا في إصدار قانون ملزم لأهل الإسلام بالاحتكام إلى حكم غير حكم الله في كتابه ، وعلى لسان نبيه-صلى الله عليه وسلم- فهذا الفعل إعراض عن حكم الله ، ورغبة عن دينه ، وإيثار لأحكام أهل الكفر على حكم الله – سبحانه وتعالى – وهذا كفر لا يشكّ أحد من أهل القبلة على اختلافهم في تكفير القائل به والداعي إليه. .

ولو كان الأمر على ما ظنوا في خبر أبي مجلز ، أنهم أرادوا مخالفة السلطان في حكم من أحكام الشريعة ، فإنه لم يحدث في تاريخ الإسلام أن سن حاكم حكماً وجعله شريعة ملزمة للقضاء بها ، هذه واحدة ، وأخرى أن الحاكم الذي حكم في قضية بعينها بغير حكم الله فيها ، فإنه إما أن يكون حكم بها وهو جاهل ،فهذا أمره أمر الجاهل بالشريعة ، وإما أن يكون حكم بها هوى ومعصية ، فهذا ذنب تناله التوبة وتلحقه المغفرة "
ولعل مما يؤكد ذلك : " ما أخرجه عبد بن حميد ، وأبو الشيخ عن أبي مجلز : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ) قال : نعم ، قالوا : ( وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) . قال : نعم ، قالوا : فهؤلاء يحكمون بما أنزل الله ؟ قال : نعم ، هو دينهم الذي به يحكمون ،والذي به يتكلمون ، وإليه يدعون ، فإذا تركوا منه شيئاً ، علموا أنه جور منهم ، إنما هذه اليهود والنصارى والمشركون الذين لا يحكمون بما أنزل الله "
فينبغي أن يفهم كلام أبي مجلز – وكذا كلام ابن عباس – رضي الله عنهما – على ظاهره ، وحسب مناسبة بلا غلو ، ولا جفاء ،فلا نكون كالخوارج الذين جعلوا مطلق المخالفة الشرعية كفراً أكبر ، وفي الوقت نفسه لا نكون مع الطرف المقابل لهم ممن جعلوا رفض الشريعة ، وتنحيتها والإعراض عنها كفراً أصغر ، فلم يقصد ابن عباس – وكذا أبو مجلز – من أبى وامتنع عن الألتزام بشرع الله – تعالى – وتحاكم إلى قوانين الجاهلية ، فلم يكن في تلك القرون السابقة من يفعل مثل ذلك ، فكلام السلف الصالح – في معصية كفر دون كفر ، يدور حول قضية مفردة ، أو واقعة معينة في الحكم بغير ما أنزل الله – تعالى – عن هوى وشهوة ، مع اعتقاد حرمة هذا الفعل وإثمه ، وليس منهاجاً عاماً ، وهذا أمر ظاهر تدلّ عليه عبارة ابن تيمية – التي سبق ذكرها : " أما من كان ملتزماً لحكم الله ورسوله باطناً وظاهراً ، ولكن عصى واتبع هواه ، فهذا بمنزلة أمثاله من العصاة "
• وكذا ما قاله ابن القيم : " إن اعتقد وجوب الحكم بما أنزل الله في هذه الواقعة ، وعدل عنه عصياناً ، مع اعترافه بأنه مستحق للعقوبة ، فهذا كفر أصغر "
هذا ما تيسر جمعه وإعداده ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

انتهى كلام الشيخ من رسالته الماتعة * حكم الله وما ينافيه *

تعرف على الشيخ

الاسم:

د. عبد العزيز بن محمد بن علي آل عبد اللطيف


اللقب العلمي:

أستاذ مشارك

عُيّن معيداً سنة 1404هـ، ثم محاضراً سنة 1407هـ، ثم أستاذ مساعداً سنة 1414هـ، ثم أستاذ مشاركاً سنة1427هـ ولا يزال كذلك .

السيرة الذاتية:

تاريخ الميلاد: 1380هـ .
مكان الميلاد: الرياض.
كلية التخرج: تخرّج من كلية أصول الدين بالرياض سنة 1403/1404هـ .
جامعة التخرج: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التخصص العام: أصول الدين.
التخصص الدقيق: عقيدة ومذاهب معاصرة.

حصل على درجة الماجستير في تخصص العقيدة سنة 1407 هـ بتقدير ممتاز .

حصل على درجة الدكتوراه في تخصص العقيدة سنة 1414 هـ مع مرتبة الشرف الأولى .

المشاركات والخبرات العلمية:

(1) درّس جملة من متون وكتب العقيدة مثل:
كتاب التوحيد , وفتح المجيد , والحموية , والعبودية , والتدمرية، ولمعة الاعتقاد، وعقيدة السلف للصابوني، والعقيدة الطحاوية وغيرها.

(2) المشاركة في إعداد مناهج دراسية في العقيدة.

فشارك في إعداد مناهج قسم العقيدة وموادها سواً في المرحلة الجامعية أو مرحلة الدراسات العليا. وشارك ضمن فريق تأليف العلوم الشرعية للمرحلة الثانوية بوزارة التربية والتعليم.

(3) شارك في تحكيم وفحص جملة من الكتب والأبحاث .

(4) أشرف و ناقش عدة رسائل علمية لنيل درجة الماجستير .

(5) عضو هيئة التحرير ووحدة الدراسات لمجلة البيان .

(6) عضو الهيئة الاستشارية لمجلة وموقع الصوفية www.alsoufia.com .

الرسائل الجامعية:

نواقض الإيمان القولية والعملية )رسالة دكتوراه) وأجيزت مع مرتبة الشرف الأولى .

دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب عرض ونقض ( رسالة ماجستير) ومنح صاحبها درجة الماجستير بتقدير ممتاز .

النتاج العلمي:

أكثر من 29 كتاباً

وقد طُبعت هذه الكتب عدة طبعات، بمدار الوطن , ومكتبة الرشد , كما طبعت وزارة الشؤون الإسلامية كتاب مقرر التوحيد للناشئين، وترجم إلى عدة لغات، وطبعت رئاسة الإفتاء كتاب دعاوى المناوئين لدعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب .

وأكثر من 104 مقالاً .

وأكتر من 55 جواباً .

وأكثر من 13 بيانات شارك في توقيعها .

وعدد كبير من المواد الصوتية ( 9 دروس, و 15 مادة مابين ندوات ، ومحاضرات , ومواد منوعة )

معظمها من إصدار تسجيلات التقوى الإسلامية

للمزيد من المعلومات عن الشيخ تفضل بزيارة موقع فضيلة الشيخ د.عبدالعزيز بن محمد بن علي آل عبداللطيف الرسمي

www.alabdulltif.net

شيعي سابقا
06-27-2010, 10:09 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي في الله نور علي نور
هل انت كاتب الموضوع ام ناقله ؟
الله اعلم انك ناقل للموضوع
اخي قبل نقلك للموضوع هل راجعت المصادر وهل النقل صحيح من المصادر ؟
كاتب الموضوع كذب في بعض النقول
اعطيك مثال على ذلك
المصدر الخامس
5- قال الإمام القدوة محمد بن نصر المروزي -رحمه الله- في «تعظيم قدر الصلاة» (2/520): «... ولنا في هذا قدوة بمن روى عنهم من أصحاب رسول الله × والتابعين ؛ إذ جعلوا للكفر فروعاً دون أصله، لا تنقل صاحبه عن ملة الإسلام، كما ثبتوا للإيمان من جهة العمل فرعاً للأصل لا ينقل تركه عن ملة الإسلام، من ذلك قول ابن عباس في قوله: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}».

اخي الكريم اذهب الى المصدر الاصلي " تعظيم قدر الصلاة" الجزء الثاني صفحة 520
لقد نسب كاتب الموضوع هذا الكلام الى الإمام القدوة محمد بن نصر المروزي وهو ليس كذلك
قد حذف كاتب الموضوع كلمة قالوا في بداية الكلام
اي النص بدون حذف يكون
" قالوا ولنا في هذا قدوة بمن روى عنهم من أصحاب رسول الله × والتابعين ؛ إذ جعلوا للكفر فروعاً دون أصله، لا تنقل صاحبه عن ملة الإسلام، كما ثبتوا للإيمان من جهة العمل فرعاً للأصل لا ينقل تركه عن ملة الإسلام، من ذلك قول ابن عباس في قوله: { ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون}».
من الذين قالوا ؟
ارجع الى نفس الكتاب وارجع الى عنوان الموضوع
قالوا : هي احد فرق المرجئة الذين خالفوا اهل السنة والجماعة في مسمى الايمان
اخي نصيحتي لك ولكل من ينقل موضوع شرعي ان تتأكد من صحة النقل والمصادر

أسامة عزام
06-27-2010, 11:16 PM
الصحيح في المسألة -والخلاصة كذلك- أن الحكم بغير ما أنزل الله يختلف حكمه بحسب اختلاف حال الحاكم وصورة حكمه بغير ما أنزل الله

بعض صور الحكم بغير ما أنزل الله: متفقٌ على أنها من الكفر الأصغر غير الناقل عن الملة
وبعض صور الحكم بغير ما أنزل الله: متفقٌ على أنها من الكفر الأكبر الناقل عن الملة
وبعض الصور، وقع فيه الخلاف بين فضلاء هذا العصر من العلماء وطلبة العلم

وأفضل (أو من أفضل) مَنْ تكلموا في هذه المسألة، الشيخ محمد بن إبراهيم في رسالة تحكيم القوانين (http://www.islamway.com/?article_id=2292&iw_a=view&iw_s=Article)

وكذلك الشيخ العلامة أحمد شاكر في كتابه الفذ حكم الجاهلية، وكتابه الآخر كلمة حق

وأخوه العلامة محمود شاكر في تحقيقه لتفسير الطبري

والإمام العلامة الشنقيطي صاحب أضواء البيان

وأقتبس من رسالة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله قوله تحت أنواع الحكم بغير ما أنزل الله، المخرج من الملة منها:


الخامس: وهو أعظمها وأشملها وأظهرها معاندة للشرع، ومكابرة لأحكامه، ومشاقّة لله ورسوله، ومضاهاة بالمحاكم الشرعية، إعدادا وإمدادا وإرصادا وتأصيلا، وتفريعا وتشكيلا وتنويعا، وحكما وإلزاما، ومراجع ومستندات. فكما أنّ للمحاكم الشرعية مراجعَ مستمدّات، مرجعها كلُّها إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فلهذه المحاكم مراجعٌ، هي: القانون المُلفّق من شرائعَ شتى، وقوانين كثيرة، كالقانون الفرنسي، والقانون الأمريكي، والقانون البريطاني، وغيرها من القوانين، ومن مذاهب بعض البدعيين المنتسبين إلى الشريعة وغير ذلك.

فهذه المحاكم في كثير من أمصار الإسلام مهيّأة مكملة، مفتوحةُ الأبواب، والناس إليها أسرابٌ إثْر أسراب، يحكُمُ حُكّامُها بينهم بما يخالف حُكم السُنّة والكتاب، من أحكام ذلك القانون، وتُلزمهم به، وتُقِرُّهم عليه، وتُحتِّمُه عليهم.. فأيُّ كُفر فوق هذا الكفر، وأيُّ مناقضة للشهادة بأنّ محمدًا رسولُ اللهِ بعد هذه المناقضة.

وذِكْرُ أدلّة جميع ما قدّمنا على وجه البسْطِ معلومةٌ معروفة، لا يحتمل ذكرها في هذا الموضوع. فيا معشر العُقلاء، ويا جماعات الأذكياء وأولي النهى كيف ترضون أنْ تجري عليكم أحكامُ أمثالكم، وأفكارُ أشباهكم، أو مَن هم دونكم، مِمّن يجوز عليهم الخطأ، بل خطأهم أكثرُ من صوابهم بكثير، بل لا صواب في حُكمهم إلاّ ما هو مُستمدٌّ من حُكم اللهِ ورسولهِ، نصًّا أو استنباطًا، تَدَعونهم يحكمون في أنفسكم ودمائكم وأبشاركم، وأعراضكم وفي أهاليكم من أزواجكم وذراريكم، وفي أموالكم وسائر حقوقكم؟؟

ويتركون ويرفضون أن يحكموا فيكم بحُكم الله ورسوله، الذي لا يتطرّق إليه الخطأ، ولا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ..وخُضوع الناس ورضوخهم لحكم ربِّهم خضوعٌ ورضوخٌ لِحُكم مَنْ خلقهم تعالى ليعبدوه فكما لا يسجدُ الخلقُ إلاّ للهِ، ولا يعبدونَ إلاّ إياه ولا يعبدون المخلوق، فكذلك يجب أن لا يرضخوا ولا يخضعوا أو ينقادوا إلاّ لحُكم الحكيم العليم الحميد، الرؤوف الرحيم، دون حُكم المخلوق، الظلوم الجهول، الذي أهلكته الشكوكُ والشهواتُ والشبهات، واستولت على قلوبهم الغفلة والقسوة والظلمات فيجب على العُقلاء أن يربئوا بنفوسهم عنه، لما فيه من الاستعباد لهم، والتحكم فيهم بالأهواء والأغراض، والأغلاط والأخطاء، فضلاً عن كونه كفرًا بنصِّ قوله تعالى: {ومَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الكافِرون} [المائدة:44].

.

والله تعالى المستعان