المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سبعون الفاً يدخلون الجنة بغير حساب



ماكـولا
01-30-2010, 07:32 PM
عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم يوما
فقال عرضت علي الأمم فجعل يمر النبي معه الرجل والنبي معه الرجلان والنبي معه الرهط والنبي ليس معه أحد
ورأيت سوادا كثيرا سد الأفق فرجوت أن تكون أمتي فقيل هذا موسى وقومه
ثم قيل لي انظر فرأيت سوادا كثيرا سد الأفق فقيل لي انظر هكذا وهكذا فرأيت سوادا كثيرا سد الأفق فقيل هؤلاء أمتك ومع هؤلاء سبعون ألفا يدخلون الجنة بغير حساب

فتفرق الناس ولم يبين لهم فتذاكر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أما نحن فولدنا في الشرك ولكنا آمنا بالله ورسوله ولكن هؤلاء هم أبناؤنا فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون
فقام عكاشة بن محصن فقال أمنهم أنا يا رسول الله قال نعم فقام آخر فقال أمنهم أنا فقال سبقك بها عكاشة" بخاري

قال ابن عثيمين في شرح كتاب الرقاق من صحيح البخاري

وقال: ( هم الذين لا يسترقون ) أي لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم ، وأما ما جاء في صحيح مسلم لا يرقون فهذه الرواية منكرة يعني: لا تُعتمد ، لأن الرسول عليه الصلاة والسلام يرقي أصحابه وكان يرقي نفسه وقال: ( إذا استطاع أحدكم أن ينفع أخاه فليفعل ) والرقيا من الإحسان فكيف يكون التخلي عنها سبباً بدخول الجنة بلا حساب ، لكن لا يسترقون: لا يطلبون الرقيا من غيرهم أن يرقيهم ، أي: أن يقرأ عليهم اعتماداً على من ؟ على الله ؛ لأن الذي يطلب من أن يرقيه ربما يتعلق قلبه به خصوصاً إذا شُفي على يده فإنه قد يحصل في قلبه الاعتراف بفضل هذا القارئ دون الاعتراف بفضل الله ، لأن كثيراً من ضعيفي الإيمان يعتمدون على الأسباب أكثر مما يعتمدون على المسبب وهو الله عز وجل

( ولا يتطيرون ) والتطير: التشاؤم بمعلوم ، إما مرئي أو مسموع أو زمان أو مكان ، أصله من الطير ، لأن العرب كانت تتشائم بالطيور ، إذا رأت الطير حينما ينهض من للطيران وذهب يميناً تفائلت ، يساراً تشائمت ، أماماً لها اعتقاد
خلقاً لها اعتقاد آخر ، ولهذا سميت بالطيرة ، لكن المعنى العام تعريفها ، هي التشاؤم بمعلوم مرئي أو مسموع أو زمان أو مكان

المسموع مثل: أن يسمع الإنسان صوتاً فيتشائم منه ، رجل أراد أن يذهب إلى عمل ما لما شرع في العمل سمع صراخاً تشائم فيقول: أن الصراخ ما يأتي إلا بمصيبة ، إذاً: سأترك العمل ، ( هذا صوت ) ، سمع البومة تصرخ على بيته تشائم فقال: انتهى أجلي أو أجل أهلي لأن البومة صرخت على البيت ، والبومة ما تصرخ على البيت إلا تنعي صاحب البيت أو أهله فيتشائم ، والبومة يقولون: إنها إذا صرخت ليلاً حسب اعتقادهم فإن كان أحد له قتيل قالوا: هذه روح القتيل خرجت من قبره تنعي القتيل ، وتقول لأهله خذوا بالثأر ، وإن لم يكن قتيل قالوا: هذه تنعانا..

( المرئي ) إنسان خرج لعمل ما فأول ما يلقاه شخص مريض قال: هذا العمل باطل لأن الذي لاقيته شخص مريض ... فإن لاقاه رجل أعور قال: هذا اليوم ليس فيه خير فإن أول من لاقاني رجل أعور ، حتى إنه في بعض البلاد أول ما يفتح الإنسان إذا جاء رجل أعور أعطاه الشيء بدون مقابل ويقول له: فقط اذهب ولا أراك ...

وعلى كل حال العرب عندهم جهل عظيم ينشائمون بهذه الأشياء

وبالنسبة للزمان: كانوا يتشائمون بشهر صفر ، ومن شهر شوال بالنسبة للنكاح ، بأن الذي يتزوج في شهر شوال لا يوفق ، وكانوا أيضاً يتشائمون بيوم الأربعاء ، وكانوا يتشائمون بالأنواء ، أي: تقول له أنت في أي نوء ؟ فيقول: في النوء الفلاني ! في أي برج ؟ في البرج الفلاني ! قال: نوء كذا وبرج كذا تقابلا فتناطحا فهلك وعلى هذا فقس
ولذا يوجد مع الأسف في بعض الجرائد التي تخرج الآن يوجد جدول "الجدي" كل هذا من التطير بالزمان

والمكان أيضا: بعض الناس يتطير بالمكان ، دخل من عند الباب فلما دخل من عند الباب غفل وضربه الباب وانجرح فيقول: هذا مكان شؤم ! ولن أدخل فيه ، وكل هذا خلاف الشرع ، حتى إن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: ( ليس منا من تطير ) وهذا يدل على أن دين الإسلام ولله الحمد يريد من الإنسان أن يكون دائماً فيه سرور ، لا يتشائم بمثل هذه الأمور ، ولا يتبع نفسه إياها ، يكون دائماً مطمئناً غير متشائم ، فالذين لا يتطيرون من الذين يدخلون الجنة بلا حسابقوله: ( وعلى ربهم يتوكلون ) هذا الشاهد من الحديث على ربهم لا على غيره

والجملة فيها حصر طريقة ( تقديم ما حقه التأخير ) فهي من جنس ( إياك نستعين ) قدم فيها المعمول

( على ربهم يتوكلون ) يعني: لا على غيره ، في هذا السياق الذي ساقه المؤلف رحمه الله مختصر مقتصر لأنه كان مطولاً فإن النبي عليه الصلاة والسلام لما أخبر بهذا جعل الصحابة يبحثون عن هؤلاء ؟ حتى خرج عليهم صلى الله عليه وسلم فأخبروه ، فقال لهم: ( هم الذين .. الحديث ) وهذا ليس فيه ذكر هذه ، وفيه أيضاً اقتصار لأنه بقي عليه وصف رابع من الذين يدخلون الجنة بغير حساب

من هم ؟ أنهم الذين لا يكتوون ، أي لا يطلبون من أحد أن يكويهم لأنهم لا يريدون أن يستذلوا لأحد لا بالرقية ولا بالكي ، أما ( لا يكوون ) فهذا لا يضر بل هذا من الإحسان ، وقد كوى النبي عليه الصلاة والسلام سعد بن معاذ في أكحله ، فهناك فرق بين الذي يكوي وبين الذي يكتوي ، الذي يكتوي هو الذي يطلب الكي ، وأما الذي يكوي فهو الذي يفعله بغيره




وقد نقل الامام القرطبي في المفهم لما اشكل من صحيح مسلم
3-- 90 وما بعدها " وقوله : (( هم الذين لا يرقون ولا يستَرْقَون ولا يكتوون ولا يتطيّرون )) ، اختلف الناس في معنى هذا الحديث وعلى ماذا يُحمل ، فحمله الإمام المازَرِيّ على أنّهم الذين جانبوا اعتقاد الطبائعيّين في أنّ الأدوية تنفع بطباعها واعتقاد الجاهليّة في ذلك ورقاهم . وهذا غير لائق بمساق الحديث ولا بمعناه ؛ إذ مقصوده إثبات مزيَّةٍ وخصوصيّةٍ لهؤلاء السبعين ألفًا ، وما ذكره يرفع المزيّة والخصوصيّة ، فإنّ مجانبة اعتقاد ذلك هو حال المسلمين كافَّةً ، ومن لم يجانب اعتقاد ذلك ، لم يكن مسلمًا . ثمّ إنّ ظاهر لفظ الحديث إنّما هو : (( لا يرقون ولا يكتوون )) ؛ أي : لا يفعلون هذه الأمور ، وما ذكره خروج عنه من غير دليل .

وقال الداوديّ : المراد بذلك الذين يجتنبون فعله في الصحّة ، فإنّه يُكره لمن ليست به علّة أن يتّخذ التمائم ويستعمل الرقى ، فأمّا من يستعمل ذلك من مرضٍ به ، فهو جائز . وهذا إن صحّ أن يقال في التمائم وفي بعض الرقي ، فلا يصحّ أن يقال في التعويذات ، وهي من باب الرقي ؛ إذ قد يجوز أن يتعوّذ من الشرور كلّها قبل وقوعها . ولا يصح ذلك في التطبب ، فإنه يجوز أن يتحرز من الأدواء قبل وقوعها ، وأمّا الكيّ ، فسيأتي القول فيه إن شاء الله .


وذهب الخطّابيّ وغيره إلى أنّ وجه ذلك أن يكون تركُها على جهة التوكّل على الله والرضا بما يقضيه من قضاء وينزل من بلاء ، قال . وهذه أرفع درجات المتحقِّقين بالإيمان ، قال . وإلى هذا ذهب جماعة من السلف ، وسمّاهم .

قال القاضي أبو الفضل عياض وهذا هو ظاهر الحديث ؛ ألا ترى قوله : (( وعلى ربّهم يتوكّلون )).

ومضمون كلامه أنّه لا فرق بين ما ذكر من الكيّ والرقى وبين سائر أبواب الطبّ ، وقد ذهب غيره إلى أنّ استعمال الرقى والكيّ قادح في التوكّل بخلاف سائر أنواع الطبّ ، فإنّها غير قادحة في التوكّل ، وفرّق بين القسمين بأن قال . باب الرقى والكيّ والطِيَرة موهوم فيقدح ، وما عداها غير موهوم بل محقّق ، فيصير كالأكل للغذاء والشرب للريّ ، فلا يقدح .

قلت : وهذا فاسد من وجهين .

أحدهما : أنّ أكثرَ أبواب الطبّ موهومة كالكيّ ، فلا معنى لتخصيصه بالكيّ والرقى .

وثانيهما : أنّ الرقى بأسماء الله تعالى هو غاية التوكّل على الله تعالى ، فإنّه التجأ إليه ، ويتضمّن ذلك رغبة له وتبرّكًا بأسمائه ، والتعويل عليه في كشف الضُرّ والبلاء .

فإن كان هذا قادحًا في التوكّل ، فليكن الدعاء والأذكار قادحة في التوكّل ، ولا قائل به ، وكيف يكون ذلك وقد رقى النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ واسترقى ،ورقاه جبريل وغيره ورقته عائشة ، وفعل ذلك الخلفاء والسلف ، فإن كان الرقى قادحًا في التوكّل ومانعًا من اللحوق بالسبعين ألفًا ، فالتوكّل لم يتمّ للنبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ ولا لأحد من الخلفاء ، ولا يكون أحد منهم في السبعين ألفًا مع أنّهم أفضل مَن وافى القيامة بعد الأنبياء ، ولا ينتحل هذا عاقل .
قلت : والذي يظهر لي أنّ القول ما قاله الخطّابيّ وحكاه عن جماعة من السلف ، وذلك ظاهر في الطيرة والكيّ ، فإذا دفع الطيرة عن نفسه ولم يلتفت إليها بالتوكّل على الله ، كان في المقام الأرفع من التوكّل ؛ لأنّ الطيرة قد تلازم قلب الإنسان ولا يجد الانفكاك عنها ، ولذلك قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث سئل عن الطيرة فقال : (( ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدّنّكم )) .


فإذا استعمل المؤمن الإعراض عنها والتفويض إلى الله في أموره ، ذهب ما كان يجده منها ، ولذلك قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ فيما رواه أبو داود من حديث ابن مسعود : (( الطيرة شرك ، الطيرة شرك )) ثلاثًا ، (( وما منّا إلا ، ولكنّ الله يذهبه بالتوكّل )).
وقوله : (( إلاّ )) يعني به استثناء ما يجده الإنسان منها في نفسه الذي قال فيه : (( ذاك شيء يجدونه في صدورهم )).

وأمّا الكيّ ، فالمأمون منه جائز ، وقد كوى النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ أُبيًّا يوم الأحزاب على أكحله لما رمي. وفي البخاريّ عن ابن عبّاس أنّ النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال : (( الشفاء في ثلاث : في شرطة محجم ، أو شربة عسل ، أو كيّة بنار ، وأنا أنهى أمّتي عن الكيّ )) ، وفي حديث جابر : (( وما أُحِبُّ أن أكتوي )). وعلى هذا فالمأمون من الكيّ وإن كان نافعًا جائزًا ، إلاّ أنّ تركه خير من فعله ، وهذا معنى نهيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ عنه ، وسببه أنّه تعذيب بعذاب الله ، وقد قال : (( لا تُعذِّبوا بعذاب الله )) ؛ يعني : النار .

وبهذا ينفرد الكيّ ولا يُلحق به التطبُّب بغير ذلك في الكراهة ، فإنّ النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ قد تطبَّب وطبّ ، وأحال على الطبيب وأرشد إلى الطبّ بقوله : (( يا عبادَ الله ! تداووا ، فإنّ الذي أنزل الداء أنزل الدواء )).

وأمّا الرقى والاسترقاء ، فما كان منه من رقي الجاهليّة أو بما لا يعرف ، فواجب اجتنابه على سائر المسلمين ، وتركه حاصل من أكثرهم ، فلا يكون اجتناب ذاك هو المراد هنا ، ولا اجتناب الرقي بأسماء الله وبالمرويّ عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ؛ لما قدّمناه من أنّه التجإ إلى الله تبارك وتعالى وتبرّك بأسمائه .


ويظهر لي - والله أعلم - أنّ المقصود اجتناب رقي خارج عن القسمين ، كالرقي بأسماء الملائكة والنبيّين والصالحين ، أو بالعرش والكرسيّ والسماوات والجنّة والنار وما شاكل ذلك ممّا يعظَّم ، كما قد يفعله كثير ممن يتعاطى الرقي ، فهذا القسم ليس من قبيل الرقي المحظور الذي يعمّ اجتنابه ، وليس من قبيل الرقي الذي هو التجاء إلى الله تعالى وتبرُّك بأسمائه ، وكأنّ هذا القسم المتوسط يُلحق بما يجوز فعله ، غير أنّ تركه أولى ؛ من حيث إنّ الرقي بذلك تعظيم ، وفيه تشبيه للمَرقيِّ به بأسماء الله تعالى وكلماته ، فينبغي أن يُجتنب لذلك . وهذا كما نقوله في الحلف بغير الله تعالى ، فإنّه ممنوع ، فإنّ فيه تعظيمًا لغير الله تعالى بمثل ما يعظّم به الله تعالى ، والله أعلم .
فهذا ما ظهر لي ، فمن ظهر له ذلك فليقلْه شاكرًا ، وإلا ، فليتركْه عاذرًا . وسيأتي الكلام في اشتقاق لفظ الطِيَرَة في كتاب الصلاة ، إن شاء الله تعالى .


وقوله : (( وعلى ربّهم يتوكّلون )) ، (( التوكّل )) لغةً : هو التعاجز عن أمر ما ، والاعتماد فيه على من يثق به ، والاسم التكلان ، يقال منه . اتّكلْتُ عليه في أمري ، وأصله أوْتَكلْت ، قُلبت الواو ياءً لانكسار ما قبلها ، ثمّ أُبدل منها التاءُ وأُدغمت في تاء الافتعال . ويقال . وكّلْتُه بأمر كذا توكيلاً ، والاسم الوِكالة بكسر الواو وفتحها .

واختلف العلماء في التوكّل وفيمن يستحِقّ اسم المتوكِّل على الله تعالى ، فقالت طائفة من المتصوِّفة . لا يستحقّه إلا من لم يخالط قلبه خوف غير الله من سَبُع أو غيره ، وحتّى يترك السعي في طلب الرزق لضمان الله تعالى .

وقال عامّة الفقهاء : إنّ التوكّل على الله تعالى هو الثقة بالله والإيقان بأنّ قضاءه ماضٍ ، واتّباع سنّة نبيّه في السعي فيما لا بدّ منه من الأسباب من مطعم ومشرب وتحرّز من عدوّ وإعداد الأسلحة واستعمال ما تقتضيه سنّة الله تعالى المعتادة وإلى هذا ذهب متحقِّقو المتصوِّفة ، لكنّه لا يستحقّ اسم المتوكّل عندهم مع الطمأنينة إلى تلك الأسباب ، والالتفات إليها بالقلوب ، فإنّها لا تجلب نفعًا ولا تدفع ضرًّا ، بل السبب والمسبّب فعل الله تعالى ، والكلّ منه وبمشيئته . ومتى وقع من المتوكِّل ركون إلى تلك الأسباب ، فقد انسلخ عن ذلك الاسم .


ثمّ المتوكِّلون على حالين :

الحال الأوّل : حال المتمكِّن في التوكُّل ، فلا يَلتفِت إلى شيء من تلك الأسباب بقلبه ، ولا يتعاطاها إلاّ بحكم الأمر .

الحال الثاني : حال غير المتمكِّن ، وهو الذي يقع له الالتفات إلى الأسباب أحيانًا ، غير أنّه يدفعها عن نفسه بالطرق العلميّة والبراهين القطعيّة والأذواق الحاليّة ، فلا يزال كذلك إلى أن يُرقِيَه الله بجوده إلى مقام المتمكِّنين ، ويلحقه بدرجات العارفين .


وقوله : (( فقام إليه عُكّاشة بن مِحصَن فقال : ادع اللهَ يجعلُني منهم )) ، (( عكاشة )) هذا هو بضمّ العين وتشديد الكاف ، قال ثعلب . وقد يُخفَّف.

قلت : ولعلّه منقول من عُكاشة اسمٍ لبيت النمل بالتخفيف ، أو مأخوذ من عَكِش الشَعر وتعكَّش إذا التوى .
وعُكاشة هذا من أفاضل الصحابة وخيارهم وشجعانهم ، له ببدر المقام المشهود والعَلَم المنشور ، وذلك أنّه ضرب بسيفه في الكفّار حتّى انقطع ، فأعطاه رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ جِذْل حطب فأخذه فهزّه فعاد في يده
سيفًا صارمًا ، فقاتل به حتّى فتح الله على المسلمين .

وكان ذلك السيف يسمَّى العون ، ولم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ حتّى قُتل عُكاشة في الردّة وهو عنده ، قتله طُليحة الأسديّ ، وهو الذي قال له رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : (( منّا خيرُ فارسٍ في العرب )) ، قالوا . ومن هو يا رسول الله ، قال : (( عُكاشة بن محصن )).

ولقوّة يقينه وشدّة حرصه على الخير ورغبته فيما عند الله سبق الصحابةَ كلَّهم بقوله : (( ادع الله أن يجعلني منهم )). ولمّا لم يكن عند القائم بعده من تلك الأحوال الشريفة ما كان عند عُكاشة ، قال له : ((سبقك بها عُكاشة )) ، وأيضًا فلئلاّ يطلبَ كلّ من هناك ما طلبه عُكاشة ، والآخر ، ويتسلسل الأمر ، فسدّ النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ الباب بقوله : ((سبقك بها )). وهذا أولى من قول من قال إنّ الرجل كان منافقًا ؛ لوجهين :
أحدهما : أنّ الأصل في الصحابة صحة الإيمان والعدالة ، فلا يُظنُّ بأحد منهم شيءٌ يقتضي خلاف ذلك الأصل ، ولا يُسمع إلاّ بالنقل الصحيح وأمّا بالتقديرات والتخمينات ، فلا

والثاني : أنّه قلّ أن يصدر مثل ذلك السؤال من منافق ، فإنّه لا يصدر غالبًا إلاّ عن تصديق صحيح ويقين بما عند الله تعالى."



قال شيخ الاسلام في اقتضاء الصراط المستقيم " بل الأفضل للعبد أن لا يسأل قط إلا الله كما ثبت في الصحيح في صفة الذين يدخلون الجنة بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فجعل من صفاتهم أنهم لا يسترقون أي لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم ولم يقل لا يرقون وإن كان ذلك قد روي في بعض طرق مسلم فهو غلط فإن النبي صلى الله عليه و سلم رقى نفسه وغيره لكنه لم يسترق فالمسترقي طالب الدعاء من غيره بخلاف الراقي لغيره فإنه داع له
وقد قال صلى الله عليه و سلم لابن عباس إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله
فالله هو الذي يتوكل عليه ويستعان به ويستغاث به ويخاف ويرجى ويعبد وتنيب القلوب إليه لا حول ولا قوة إلا به ولا منجى منه إلا إليه والقرآن كله يحقق هذا الأصل "


قال ابن القيم في الزاد " وذلك لأن هؤلاء دخلوا الجنة بغير حساب قال { وعلى ربهم يتوكلون } فلكمال توكلهم على ربهم وسكونهم إليه وثقتهم به ورضاهم عنه وإنزال حوائجهم به لا يسألون الناس شيئا لا رقية ولا غيرها ولا يحصل لهم طيرة تصدهم عما يقصدونه فإن الطيرة تنقص التوحيد وتضعفه

-قال والراقي متصدق محسن والمسترقي سائل والنبي صلى الله عليه وسلم رقى ولم يسترق وقال من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه فإن قيل فما تصنعون بالحديث الذي في " الصحيحين " عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ثم نفث فيهما فقرأ { قل هو الله أحد } و { قل أعوذ برب الفلق } و { قل أعوذ برب الناس } ويمسح بهما ما استطاع من جسده ويبدأ بهما على رأسه ووجهه ما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات قالت عائشة : فلما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرني أن أفعل ذلك به فالجواب أن هذا الحديث قد روي بثلاثة ألفاظ . أحدها : هذا .

والثاني : أنه كان ينفث على نفسه .

والثالث قالت كنت أنفث عليه بهن وأمسح بيد نفسه لبركتها وفي لفظ رابع كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث وهذه الألفاظ يفسر بعضها بعضا . وكان صلى الله عليه وسلم ينفث على نفسه وضعفه ووجعه يمنعه من إمرار يده على جسده كله . فكان يأمر عائشة أن تمر يده على جسده بعد نفثه هو وليس ذلك من الاسترقاء في شيء كان يأمرني أن أرقيه وإنما ذكرت المسح بيده بعد النفث على جسده ثم قالت كان يأمرني أن أفعل ذلك به أي أن أمسح جسده بيده كما كان هو يفعل . "


قال الحويني في شرح كتاب العلم من صحيح البخاري " فتركوا الاسترقاء، وتركوا التداوي اتكالاً على الله تبارك وتعالى. وقد ثبت عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنه لما سمع أحاديث في فضل الحمى، وأنها حظ المؤمن من النار؛ دعا على نفسه بالحمى، لكنه اشترط أن لا تصده عن جماعة أو جهاد يقول الرواي: فكنا نضع أيدينا على جبهته فنرى أثر الحمى، ومات بها رضي الله عنه"
قال ابن عثيمين رحمه الله " ( هم الذين لا يسترقون ) أي لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم..."


قال الالباني " و أما الاسترقاء ، و هو طلب الرقية من الغير ، فهو و إن كان جائزا ، فهو مكروه
كما يدل عليه حديث " هم الذين لا يسترقون ... و لا يكتوون ، و لا يتطيرون ،و على ربهم يتوكلون " متفق عليه و أما ما وقع من الزيادة في رواية لمسلم :" هم الذين لا يرقون و لا يسترقون ... "فهي زيادة شاذة .."


فالذي يترجح والعلم عند الله , ان هؤلاء النفر لكمال توكلهم على الله والتجائهم اليه وحده لعلمه بأنه القادر على كل شيء فعّال لما يريد , ورضاً وايماناُ وتسليماُ بقضائه وقدره تركوا طلب الاسترقاء من الناس وتوكلوا على رب الناس , ومن اتاهم ليرقيهم لم يمانعوا الا اذا حصل تعلق قلب بهم تركوه و لا يسألون ذلك ابتداءاً
وهم يرقون انفسهم بأنفسهم بما كان النبي صلى الله عليه وسلم يرقي نفسه ويتعوذ بالله منه
امر اخر هو اذا كان المرض مما يعترضه امام القيام بالواجبات المفروضة فلا يجوز له التخلي عن الدواء والرقية وطلبها لأجل حق الله , والضرورة في حقه تقدر بقدرها في هذا الباب

دمعة تائب
01-30-2010, 11:01 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته شكرا وجزااك الله خير على الموضوع الراقي الجميل المميز ووفقك الله ولاخواني واخواتي المسلمات اخوك دمعة تائب تحياتي:ANSmile: