المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : متى يسوغ أن ننسب قاعدة من القواعد للسلف الصالح ؟



مالك مناع
01-31-2010, 06:16 PM
قال العلامة صالح آل الشيخ حفظه الله (فيما نقله عنه الأخ حامد حسين بدر):

من الذي يُقعّد؟ ومن الذي يحقّ له التقعيد؟ أنه لا يسوغ لأحد أنْ ينسب قاعدة من القواعد للسلف الصالح، يقول القاعدة عند السلف هي كذا إلاّ عن أحد طريقين:

الأول: أنْ يجد نصاً (من السلف) على أنها قاعدة، يجد نص: والقاعدة كذا، والأصل كذا. في قول إمام من الأئمة أو في كتب الاعتقاد أو في كتب السلف الصالح رضوان الله عليهم، لابد أنْ يكون ثمَّ نص حتى لا نجعل السلف مقعدين لقواعد خاطئة، والسلف لا شك أنهم خير هذه الأمة « خَيْرُ النّاسِ قَرْنِي، ثُمّ الّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمّ الّذِينَ يَلُونَهُمْ» فمن الناس من يأتي ويقول القاعدة عند السلف كذا، هل نص السلف على هذه القاعدة؟ لا تجد جوابًا بالإثبات بأنهم نصوا عليها، من أين أوتي بهذه القاعدة؟ بفهم ذلك المقعد، والمقعد إذا كان من أهل العلم فإنه لن يجترئ على تقعيد دون نص من السلف الصالح على هذا التقعيد إذا نُسبت تلك القاعدة للسلف. هذا الطريق الأول لفهم التقعيد المنسوب للسلف الصالح أن ينص على هذه القاعدة عند السلف.


الثاني: أنْ يستقرئ عالم راسخ متأني لكلام السلف في المسألة ثم يُقعِّد، فإذا أتي عالم راسخ في العلم متأني فيما يأتي وفيما يذر ويستقرئ كلام السلف وبعد استقرائه لكلامهم ولأحوالهم يخرج تقعيدا، مثل ما قعّد لنا شيخ الإسلام رحمه الله تعالى قواعد كثيرة في العقيدة وكذلك في السلوك، ونسب هذه القواعد للسلف فإنه انضبطت الأفهام وإذا نظرت في أقوال السلف وفي أحوالهم لا تجد أنها تخرج عن تقعيدات شيخ الإسلام ابن تيمية، لمَ؟ لأنّ شيخ الإسلام استقرأ وهو راسخ في العلم، واستقرأ وهو ينظر إلى أقوال السلف جميعا ما استعجل فنظر إلى قولٍ أو قولين أو عشرة أو عشرين أو خمسين فأخرج فيها قاعدة ربما لا يكون السلف موافقين على هذه القاعدة، ويكون ذلك القول وذلك التقعيد مخالفا لأقوال السلف.

وقال أيضا: فإذن ليس النجاة وليست معرفة الحق في أنْ تجد قولاً مكتوبا في كتاب أو قولاً منسوبا إلى عالم، أو رأيا يستدل عليه صاحبه بالكتاب أو بالسنة أو بأقوال بعض أهل العلم حتى يكون استدلاله موافقا للقواعد المحكمة التي قررها أئمة الإسلام.

القواعد من مزاياها أنها محكمة لأنها أمرٌ كلّي وضعه العلماء بالاستدلال بالنصوص المحكمة دون المتشابهة، أما أقوال أهل الزيغ، أقوال أهل الضلال فإنهم يستدلون بأدلة لكن هذه الأدلة معارَضة بمثلها، معارضة بغيرها، وأبلغ منه في البعد وأبلغ منه في البطلان أنْ يستدل بحال من الأحوال بفعل تابعي، بفعل مجموعة من التابعين بقول من أقوالهم، بقول وجده في كتاب، بقول وحده منسوبا إلى عالم ولو استدل عليه حتى يوافق ذلك النصوص من الكتاب والسنة، وما قعَّده أهل العلم من القواعد التي تعصم من أخذ بها من الخطأ في هذا الباب العظيم.

وقال أيضا: دخول كثير من الناس وخاصة بعض المنتسبين إلى العلم أو طلبة العلم دخلوا في مسائل التفسيق والتكفير والتبديع وجعلوا قواعد للتبديع ليست معروفة عند أهل العلم، ولهذا تجد أن أهل العلم يخالفونهم، استدلوا على ذلك التقعيد بأدلة وبأقوال لكن لِمَ لَمْ يستدل أهل العلم ولِمَ لم يفهموا تلك القواعد على نحو ما أورد أولئك؟ لأجل أن الفقه بعضه مرتبط ببعض، بعضه صلة لبعض، والتقعيد والعلم بعضه صلة لبعض، وأولئك أخذوا بعضًا وتركوا بعضًا، كذلك في مسائل التكفير تجد هذا يكفر وذلك لا يكفر ويأتي احتدام إما تكفير دول وإما تكفير أشخاص أو تكفبير علماء أو تبديع لأشخاص أو علماء أو طلبة علم أو دعاة أو تفسيق لهذا أو هذا ويختلف هذا مع هذا، وإذا نظرت إلى كلام أهل العلم وجدت أنه موافق للعلم منضبط لا اعتراض عليه، وهؤلاء يتجادلون فيما بينهم، وهذا يورد حجه وقاعدة وذاك يورد حجه وقاعدة، وسبب الخلاف فيما بينهم أنهم لم يرجعوا إلى تقعيد القواعد التي يتكلمون فيها ومن أهمها في هذه المسائل أنّ الفقه مبني بعضه على بعض، وأيضًا الفقه في بعض مسائله مبني على العقيدة، والعقيدة في مسائل التكفير مبنية على باب حكم المرتد، وباب الردة.

وقال أيضا: فإذن هذه متصلة بهذه، فالجرأة على التقعيد والجرأة على التطبيق يُسبب آثارًا من الخلاف وآثارًا من التفرق وآثارًا من الاستقلال بالآراء، هل يقال فلان له رأي هذا أخطأ فيه هو رأي هذا صحيح والأمر سهل لو كان هذا يرجع إليه ومقتصرٌ عليه لكن فيما نرى في هذا الوقت نجد أنه ليس الأمر كذلك، نجد أنّ كل من له رأي وله فهم لا بد أن تجد من يتبعه على ذلك، وهذا سبب لنا آراء كثيرة وفرق كثيرة وأقوال كثيرة، وهذا مما يجب أن يُدْرَأ وأن يجتمع أهل الحق وأن يجتمع المؤمنون، وطلاب الإصلاح، وطلاب الخير، وطلاب الدعوة، وطلاب الجنة، وطلاب الدار الآخرة أن يجتمعوا على كلمة سواء، وأن لا يسعوا في التفريق في زيادة الفرقة فيما بينهم بأن ينضبطوا في تقعيد قواعدهم وفي تقعيد كلامهم وفيما يأتون وفيما يذرون؛ لأنَّ مراد الجميع الخير وهداية الناس إلى الدين والإصلاح وإزالة المنكرات والأمر بالمعروف وفُشُوِّ الخير وزوال الباطل، وهذا إنما يكون بالاجتماع والائتلاف، وأما الفرقة فإنها مُفْرِحَةٌ للشيطان ومُحْزِنَةٌ لعباد الله المؤمنين.

موحد تونسي
01-31-2010, 06:35 PM
بقول الله تعالي وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه توكلت وإليه أنيب
و يقول أيضا وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (الأنعام/153)
و في حديث العرباضِ بنِ ساريةَ رضيَ اللهُ عنه قال: "وعَظَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم موعظةً وجِلَتْ منها القلوبُ وذرَفتْ منها العيونُ، فقلنا يا رسولَ اللهِ كأنها موعظةُ مُودِّع فأوصِنا. قال: "أُوصيكُم بتقوى اللهِ عز وجلَّ والسمعِ والطاعةِ" ثم قال: "فإنه من يعِش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكُم بسُنَّتي وسنةِ الخلفاءِ الراشدين المهديِّينَ من بعدِي عَضُّوا عليها بالنَّواجِذِ".
و يقول المصطفي صلي الله عليه و سلم كذلك قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وعليكم بالطاعة وإن عبدا حبشيا فإنما المؤمن كالجمل الأنف ؛ حيثما قيد انقاد
فما لم يكن عند السلف الصالح دينا فلا يمكن أن يكون اليوم دينا