عبد الواحد
02-16-2010, 04:46 PM
اللاأدري - أو الملحد - غالبا ما يبرر موقفه أو يتظلم دون أن يفكر في مصدر قدرته على التظلم وقدرته على إدراك العدل.
وكحد أدنى للصدق مع النفس عليه أن يختار .. وليس له خيارات كثيرة:
1- إما أن يقبل بوجود خالق منحه القدرة على التمييز بين الظلم والعدل.. وحينها يكون ظالما لنفسه إذا أصر على الكفر بخالقه.
2- أو يقبل ان يكون التطور الطبيعي الأعمى هو الذي أنتج إدراكه المزيف بالظلم.. ولن يكون لتظلّمه أية قيمة أدبية أو أخلاقية.
هي فعلا ورطة.. فماذا يختار؟
لو ان الله خلق لارادة للانسان و امده بالعقل ليتغلب على كل الشبهات والشهوات فعلا لتغلب الانسان علي كل الشبها ت والشهوات،
ولكن الانسان لم يفعل، وهذه يعني ان الله لم يفعل.
لن نذهب بعيداً.. ما رأيك أن تنظر الى حالتك -كمثال حي- به تمتحن صدقك وتجيب بنفسك على كلامك!
أنت تريد قدرة أكبر لتتغلب على الشبهات.. ومن تلك الشبهات قولك أنك لم تهتدي لان الله لم يفعل.
ما رأيك أن شبهتك هذه بُنيت على إنكارك لواقعك البديهي.. فانت بكل بساطة تنكر أنك حر بحجة ان الله خلقك!
إذاً القضية ليست شبهات وقصور في العقل وضعف في الإرادة وذنب هنا او هناك كما تقول ...
بل القضية هي في إنكارك لواقعك و مخادعتك لنفسك .. محاولا إقناعها انك ضحية الخالق!
فأي زيادة في الإرادة أو العقل تريدها من خالقك حتى تدرك أنك فعلا تتمتع بإرادة حرة الآن؟
لسنا نحن سبب دخولنا النار ولا هم سبب دخولهم الجنه وانما هو الخالق بالتاكيد.
ومن هو السبب في ظهور اعتراضك هذا نفسه؟ وسبب كتابتك لكل مداخلة صغتها بكل حرية ؟
طبعا الله خالق كل شيء .. لكن هل الله هو الذي يعترض في ذلك الاقتباس.. أم أنت؟
- إن قلتَ "الخالق هو الذي يعترض وليس أنت".. إذاً لن يسمع منك أحد ذلك الاعتراض الذي أجبرت عليه.. لانه لا يمثل إرادتك في الحقيقة!
- ومتى اعترفت أنك أنت المعترض حقاً .. حينها تقر أنك تمتعك بإرادة حرة لا تتعارض مع كونك مخلوق!
إذاً نفس الإرادة التي بها تكتب الآن هي نفسها التي ستدخلك الجنة أو النار.. فلا تفصل بين الأمرين.
اليس خالق الاراده هو الله، اليس الله هو المتصرف الاول والاخير في كل شئ؟
نعم. الله متصرف في كل شيء وهو الذي خلق قدراتك لكها.. بما في ذلك قدرتك على كتابة اعتراضك الأخير.
فهل منعك ذلك من كتابة ما تشاء أو أفقدك كل هامش من الحرية؟ بالطبع لا! {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ}
ثم ما هي غايتك في النهاية يا زميلي؟
1- هل هو اعتراض على خالقك الذي تؤمن حقاً أنه موجود؟ حينها لن تظلم إلا نفسك!
2- أم هو تبريرك الذي غايته إنكار الخالق؟ في هذه الحالة ألزمك بنفس منطقك مع إستبدال الخالق بالتطور:
("اليس صانع الإرادة هو التطور الطبيعي الغير عاقل، اليس ذلك التطور الأعمى هو المتصرف الاول والاخير في كل شيء؟")
حسناً إذا كان (الغير عاقل) هو المتصرف الحقيقي في كل شيء ..فهو أيضا متصرف فيما تكتبه الآن.. والسؤال الآن:
كيف تريد من غيرك أن ينظر الى كلامك أنه صادر من عاقل.. والمتصرف الحقيقي في أفعالك غير عاقل؟
هذا منطقك باختصار:
1- إذا كان الله هو المتصرف الحقيقي في كل شيء
2- إذاً أنا مجبر.. والله ظلمي
3- إذاً لا يوجد إله
4- إذاً المتصرف الحقيقي في كل شيء هي الطبيعة الغير عاقلة..
5- وما أكتبه هو ضمن ذلك الكل الذي تتصرف فيه الطبيعة الغير عاقلة.
وحين تصل الى هذه النتيجة يا زميلي عليك أن تلتزم بتبعاتها
- عليك أن تقر أن ما تكتبه من منطق هو بعيد عن العقل... وتظلمك ليس له أية قيمة أخلاقية أو أدبية.
لأنه "منطق" و"تظلم" لم يصدر في الأصل عن عاقل له قيم وأخلاق.. بل الأصل هو التطور الأعمى!
ولماذا لا بد ان يكون هناك معني للحرية والجزاء؟
هل اعتراضك هذا سيجعلك تختفي وحريتك من الوجود؟ تذكر أنك تعترض على أمر واقع!
قيل لك أنه (لا معنى للحرية و للجزاء إن أجبر الله الناس على أن يكونوا أخياراً كالملائكة لا يعصون له أمراً).. تجيب:
لا يعصونه امرا، اي انه لا بد ان يكون هناك عصيان! حتي يكون هناك معني للحرية والجزاء، اي انه لا بد ان يدخل عدد وقدره ... النار حتي يكون هناك معني للحريه والجزاء اليس كذلك؟
أنت هنا تفكر بالمقلوب يا زميل!!!
لا ترى ضرورة من وجود الحرية... لان ذلك يقود الى العصيان.. والعصيان يقود الى دخول البعض الى النار
وماذا تغير بعد أن اقنعت نفسك أنه لا توجد ضرورة من خلق الله للحرية التي تتبعها مسؤولية ثم حساب؟
هل اختفيت أنت من الوجود بحجة انك كائن حر وتسقط في بعض الذنوب؟
العاقل يا زميلي لا يبحث عن تبرير مزيف تكون نتيجته إنكار أمر واقع.
سألك أحد الأخوة (أتريد أن يخلق الله للإنسان مشيئة ليست تستطيع أن تشاء إلا الخير).. فتجيب:
كلا، هي تستطيع ان تختار الشر ولكنها بعد التفكير والتدبير ستختار الخير مع انها قادرة علي اختيار الاخر.
ومن قال لك ان الكافر لا يستطيع ان يدرك الحق الذي تكبر عليه؟ أنت مثلا كم من تفكير وتدبير تحتاج لتختار الإقرار بواقعك؟
ثم كيف تريد أن يمنحك الله قدرة تعصمك من الصغائر والكبائر.. وأنت أصلا لم تستغل القدرة التي منحك الله إياها بالفعل!
وهي الرضى بطبيعتك التي خلقك الله عليها. فذهبت تشترط أن يخلقك الله بمواصفات ملائكية.
أنت تنكر واقعك بطريقة غريبة فتقول:
- بما أن الحرية الكاملة (1) يمكن أن تقود الى الخطأ (2).. ثم المسؤولية (3) التي يليها حساب (4) .. ثم عقاب (5)
- وبما أنك لا ترى ضرورة من العقاب (5) إذاً لا حساب (4) ولا مسؤولية (3) ولا خطأ (2) ولا حرية (1)
التفكير بهذه الطريقة المقلوبة قادك فقط إلى إنكار واقعك! فأنت تعلم بالفعل أنك حر وخطاء وتضعف من حين لآخر!
السؤال باختصار مرة اخري
لماذا لم يخلق الله ارادة الناس بشكل اقوي مما هي عليه الان؟ وسنظل ايضا مخيرين، وسيظل ايضا للشر وجود
لان إرادتك الحرة التي تمتلكها الآن كــــافـــــيـــــــة لنجاتك! أنت تظن أن عقوبة العبد حتمية بمجرد أن تضعف إرادته ويخطئ. والصحيح أنه مهما ضعف الشخص ومهما كبر ذنبه.. فتوبته الصادقة وندمه يمحوان كل تلك الذنوب. قال تعالى { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} هذا لأن ("كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون") كما قال النبي (ص). إذاً ما ينجي الإنسان الضعيف الخطاء هي توبته وطلبه المغفرة من الله ورضاه بالخلقة التي خلقه الله عليها.
فإذا خلق الله نسخه طبق الاصل من دنيتنا وقام بزيادة مقدار الاراده فيها حتي يزيد عن مقدار الشبهات، لم يقعوا فيها،
وبالتالي دخلوا الجنه ودخلنا النار
ما الفرق اذا بين هاتين الدنيتين حتي يعاقب اهل واحده ولا يعاقب اهل الاخري؟
وكيف قفزت الى هذه النتيجة العجيبة التي لم يسلم لك بها أحد؟ ليس فقط لأننا كبشر لا نعلم الغيب بل لان ميزانك مختل!
والميزان الصحيح هو (ضعف إرادة المخلوق) في مقابل (مغفرة وكرم زائد من الله) ودليل ذلك قوله تعالى عن التائب:
{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}
إذاً البشر ستتحول سَيِّئَاتِهِمْ -التي سببها ضعف إرادتهم- الى حَسَنَاتٍ بمجرد توبتهم الصادقة والرضى بما لم ترضى به أنت الى الآن.
فأين هي إذاً تلك الميزة التي تراها في "الدنيا الأخرى" التي تفترضها؟
• الله الذي خلق الإنسان ضعيفا .. هو نفسه الإله الذي جعل للإنسان أسبابا كثيرة للتوبة ...
• وإن شاء الله خلق آخرين بقدرات أخرى.. لجعل لهم أسبابا أخرى للتوبة تناسب حالتهم..
خطأك يا زميلي أنك تتحدث عن ضعف الإنسان و"مقدار قوة الإرادة" دون أن تنظر الى ما يقابلها من توبة.
الله خلق الإنسان ضعيف نعم.. لكنه سبحانه أيضا قال {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
• ولذلك يحسب السيئة بواحدة .. وقــــد يغفر!
• ويحسب الحسنة بعشر .. وقــــد يزيد!
• ويبدل سيئات التائب حسنات
• ويقبل التوبة العبد ما لم يغرغر.
اذا كنت قادر على الايمان، فلماذا لا اؤمن! لاني لا اريد، ولماذا لا اريد،
لا تريد لأنك تبحث عن اعذار واهية من نوعية لماذا لم يخلقني الله أقوى..
واعتراضك هذا هو أول وأهم عقبة تمنعك من الارتقاء بإرادتك وإيمانك
كيف تكون صادقاً في طلبك للسلم العاشر مثلاً.. وأنت ترفض ان ترتقي الى السلم الأول الذي تستطيعه (أي الرضى بخلقتك وبضعفك)
أيضاً لا تريد لأن لك إرادة حرة حقيقة بها تريد ما تشاء. وليس إرادة مزيفة أو خدعة توهمك أنك حر!
ربما مشكلتك الحقيقية هي في تصورك الخاطئ للحرية.. فتتخيلها كآلة ميكانيكية. فتقول
"لماذا لا اؤمن! لاني لا اريد، ولماذا لا اريد" .... ولماذا سقط الدومينو الأخير؟ بسبب سقوط آخر .. ولماذا سقط الآخر؟ بسبب ثالث وهكذا...
http://56ebgg.blu.livefilestore.com/y1pUKnrF_kpMu2lMTrOYtSsai2ohcUwNIoL2VcInknvZexOtY-S6hhaPRTJhjemg2UToB1DFsNs-taBF8I4D7rkV5G7pZYPxHji/falling-dominos.jpg
هل هذا هو فهمك للحرية ... مجرد سلسلة من الأحداث الجبرية؟ لو كانت مشيئة الإنسان قابل للتحليل لما قال الله
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا }
الله خلق لك إرادة حرة حقيقية.. لا يمكن إنكارها بمجرد عجزك عن تحليل "آليتها"
فإذا كان الابتلاء نسبته 50 والاراده 55 فإن الانسان سيعبر
لماذا اذا لم يجعل الله الاراده اقوي من الشبهات
مرة أخرى تتحدث عن الإرادة وكأنها مجرد لعبة نسب واحتمالات.. ولو كانت كذلك لما كانت حقاً حرة!
وبما أنك تكرر نفس السؤال عن تلك ( الاراده الأقوى من الشبهات)...
هل حقا إرادتك أضعف من "شبهة" إنكارك لواقعك وشهادتك على نفسك؟
إرتقي الى السلم الأول الذي تستطيعه وارضى بخلقتك و أسلم وجهك لله.. يمنحك إن شاء تلك الزيادة.
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ }
أما إن كنت تريد أن تقفز الى أعلى درجات التقوى وانت ترفض أول درجة .. فلن يصدقك أحد!
يتبع إن شاء الله...
وكحد أدنى للصدق مع النفس عليه أن يختار .. وليس له خيارات كثيرة:
1- إما أن يقبل بوجود خالق منحه القدرة على التمييز بين الظلم والعدل.. وحينها يكون ظالما لنفسه إذا أصر على الكفر بخالقه.
2- أو يقبل ان يكون التطور الطبيعي الأعمى هو الذي أنتج إدراكه المزيف بالظلم.. ولن يكون لتظلّمه أية قيمة أدبية أو أخلاقية.
هي فعلا ورطة.. فماذا يختار؟
لو ان الله خلق لارادة للانسان و امده بالعقل ليتغلب على كل الشبهات والشهوات فعلا لتغلب الانسان علي كل الشبها ت والشهوات،
ولكن الانسان لم يفعل، وهذه يعني ان الله لم يفعل.
لن نذهب بعيداً.. ما رأيك أن تنظر الى حالتك -كمثال حي- به تمتحن صدقك وتجيب بنفسك على كلامك!
أنت تريد قدرة أكبر لتتغلب على الشبهات.. ومن تلك الشبهات قولك أنك لم تهتدي لان الله لم يفعل.
ما رأيك أن شبهتك هذه بُنيت على إنكارك لواقعك البديهي.. فانت بكل بساطة تنكر أنك حر بحجة ان الله خلقك!
إذاً القضية ليست شبهات وقصور في العقل وضعف في الإرادة وذنب هنا او هناك كما تقول ...
بل القضية هي في إنكارك لواقعك و مخادعتك لنفسك .. محاولا إقناعها انك ضحية الخالق!
فأي زيادة في الإرادة أو العقل تريدها من خالقك حتى تدرك أنك فعلا تتمتع بإرادة حرة الآن؟
لسنا نحن سبب دخولنا النار ولا هم سبب دخولهم الجنه وانما هو الخالق بالتاكيد.
ومن هو السبب في ظهور اعتراضك هذا نفسه؟ وسبب كتابتك لكل مداخلة صغتها بكل حرية ؟
طبعا الله خالق كل شيء .. لكن هل الله هو الذي يعترض في ذلك الاقتباس.. أم أنت؟
- إن قلتَ "الخالق هو الذي يعترض وليس أنت".. إذاً لن يسمع منك أحد ذلك الاعتراض الذي أجبرت عليه.. لانه لا يمثل إرادتك في الحقيقة!
- ومتى اعترفت أنك أنت المعترض حقاً .. حينها تقر أنك تمتعك بإرادة حرة لا تتعارض مع كونك مخلوق!
إذاً نفس الإرادة التي بها تكتب الآن هي نفسها التي ستدخلك الجنة أو النار.. فلا تفصل بين الأمرين.
اليس خالق الاراده هو الله، اليس الله هو المتصرف الاول والاخير في كل شئ؟
نعم. الله متصرف في كل شيء وهو الذي خلق قدراتك لكها.. بما في ذلك قدرتك على كتابة اعتراضك الأخير.
فهل منعك ذلك من كتابة ما تشاء أو أفقدك كل هامش من الحرية؟ بالطبع لا! {بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ * وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ}
ثم ما هي غايتك في النهاية يا زميلي؟
1- هل هو اعتراض على خالقك الذي تؤمن حقاً أنه موجود؟ حينها لن تظلم إلا نفسك!
2- أم هو تبريرك الذي غايته إنكار الخالق؟ في هذه الحالة ألزمك بنفس منطقك مع إستبدال الخالق بالتطور:
("اليس صانع الإرادة هو التطور الطبيعي الغير عاقل، اليس ذلك التطور الأعمى هو المتصرف الاول والاخير في كل شيء؟")
حسناً إذا كان (الغير عاقل) هو المتصرف الحقيقي في كل شيء ..فهو أيضا متصرف فيما تكتبه الآن.. والسؤال الآن:
كيف تريد من غيرك أن ينظر الى كلامك أنه صادر من عاقل.. والمتصرف الحقيقي في أفعالك غير عاقل؟
هذا منطقك باختصار:
1- إذا كان الله هو المتصرف الحقيقي في كل شيء
2- إذاً أنا مجبر.. والله ظلمي
3- إذاً لا يوجد إله
4- إذاً المتصرف الحقيقي في كل شيء هي الطبيعة الغير عاقلة..
5- وما أكتبه هو ضمن ذلك الكل الذي تتصرف فيه الطبيعة الغير عاقلة.
وحين تصل الى هذه النتيجة يا زميلي عليك أن تلتزم بتبعاتها
- عليك أن تقر أن ما تكتبه من منطق هو بعيد عن العقل... وتظلمك ليس له أية قيمة أخلاقية أو أدبية.
لأنه "منطق" و"تظلم" لم يصدر في الأصل عن عاقل له قيم وأخلاق.. بل الأصل هو التطور الأعمى!
ولماذا لا بد ان يكون هناك معني للحرية والجزاء؟
هل اعتراضك هذا سيجعلك تختفي وحريتك من الوجود؟ تذكر أنك تعترض على أمر واقع!
قيل لك أنه (لا معنى للحرية و للجزاء إن أجبر الله الناس على أن يكونوا أخياراً كالملائكة لا يعصون له أمراً).. تجيب:
لا يعصونه امرا، اي انه لا بد ان يكون هناك عصيان! حتي يكون هناك معني للحرية والجزاء، اي انه لا بد ان يدخل عدد وقدره ... النار حتي يكون هناك معني للحريه والجزاء اليس كذلك؟
أنت هنا تفكر بالمقلوب يا زميل!!!
لا ترى ضرورة من وجود الحرية... لان ذلك يقود الى العصيان.. والعصيان يقود الى دخول البعض الى النار
وماذا تغير بعد أن اقنعت نفسك أنه لا توجد ضرورة من خلق الله للحرية التي تتبعها مسؤولية ثم حساب؟
هل اختفيت أنت من الوجود بحجة انك كائن حر وتسقط في بعض الذنوب؟
العاقل يا زميلي لا يبحث عن تبرير مزيف تكون نتيجته إنكار أمر واقع.
سألك أحد الأخوة (أتريد أن يخلق الله للإنسان مشيئة ليست تستطيع أن تشاء إلا الخير).. فتجيب:
كلا، هي تستطيع ان تختار الشر ولكنها بعد التفكير والتدبير ستختار الخير مع انها قادرة علي اختيار الاخر.
ومن قال لك ان الكافر لا يستطيع ان يدرك الحق الذي تكبر عليه؟ أنت مثلا كم من تفكير وتدبير تحتاج لتختار الإقرار بواقعك؟
ثم كيف تريد أن يمنحك الله قدرة تعصمك من الصغائر والكبائر.. وأنت أصلا لم تستغل القدرة التي منحك الله إياها بالفعل!
وهي الرضى بطبيعتك التي خلقك الله عليها. فذهبت تشترط أن يخلقك الله بمواصفات ملائكية.
أنت تنكر واقعك بطريقة غريبة فتقول:
- بما أن الحرية الكاملة (1) يمكن أن تقود الى الخطأ (2).. ثم المسؤولية (3) التي يليها حساب (4) .. ثم عقاب (5)
- وبما أنك لا ترى ضرورة من العقاب (5) إذاً لا حساب (4) ولا مسؤولية (3) ولا خطأ (2) ولا حرية (1)
التفكير بهذه الطريقة المقلوبة قادك فقط إلى إنكار واقعك! فأنت تعلم بالفعل أنك حر وخطاء وتضعف من حين لآخر!
السؤال باختصار مرة اخري
لماذا لم يخلق الله ارادة الناس بشكل اقوي مما هي عليه الان؟ وسنظل ايضا مخيرين، وسيظل ايضا للشر وجود
لان إرادتك الحرة التي تمتلكها الآن كــــافـــــيـــــــة لنجاتك! أنت تظن أن عقوبة العبد حتمية بمجرد أن تضعف إرادته ويخطئ. والصحيح أنه مهما ضعف الشخص ومهما كبر ذنبه.. فتوبته الصادقة وندمه يمحوان كل تلك الذنوب. قال تعالى { قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} هذا لأن ("كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون") كما قال النبي (ص). إذاً ما ينجي الإنسان الضعيف الخطاء هي توبته وطلبه المغفرة من الله ورضاه بالخلقة التي خلقه الله عليها.
فإذا خلق الله نسخه طبق الاصل من دنيتنا وقام بزيادة مقدار الاراده فيها حتي يزيد عن مقدار الشبهات، لم يقعوا فيها،
وبالتالي دخلوا الجنه ودخلنا النار
ما الفرق اذا بين هاتين الدنيتين حتي يعاقب اهل واحده ولا يعاقب اهل الاخري؟
وكيف قفزت الى هذه النتيجة العجيبة التي لم يسلم لك بها أحد؟ ليس فقط لأننا كبشر لا نعلم الغيب بل لان ميزانك مختل!
والميزان الصحيح هو (ضعف إرادة المخلوق) في مقابل (مغفرة وكرم زائد من الله) ودليل ذلك قوله تعالى عن التائب:
{إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَٰئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}
إذاً البشر ستتحول سَيِّئَاتِهِمْ -التي سببها ضعف إرادتهم- الى حَسَنَاتٍ بمجرد توبتهم الصادقة والرضى بما لم ترضى به أنت الى الآن.
فأين هي إذاً تلك الميزة التي تراها في "الدنيا الأخرى" التي تفترضها؟
• الله الذي خلق الإنسان ضعيفا .. هو نفسه الإله الذي جعل للإنسان أسبابا كثيرة للتوبة ...
• وإن شاء الله خلق آخرين بقدرات أخرى.. لجعل لهم أسبابا أخرى للتوبة تناسب حالتهم..
خطأك يا زميلي أنك تتحدث عن ضعف الإنسان و"مقدار قوة الإرادة" دون أن تنظر الى ما يقابلها من توبة.
الله خلق الإنسان ضعيف نعم.. لكنه سبحانه أيضا قال {لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا}
• ولذلك يحسب السيئة بواحدة .. وقــــد يغفر!
• ويحسب الحسنة بعشر .. وقــــد يزيد!
• ويبدل سيئات التائب حسنات
• ويقبل التوبة العبد ما لم يغرغر.
اذا كنت قادر على الايمان، فلماذا لا اؤمن! لاني لا اريد، ولماذا لا اريد،
لا تريد لأنك تبحث عن اعذار واهية من نوعية لماذا لم يخلقني الله أقوى..
واعتراضك هذا هو أول وأهم عقبة تمنعك من الارتقاء بإرادتك وإيمانك
كيف تكون صادقاً في طلبك للسلم العاشر مثلاً.. وأنت ترفض ان ترتقي الى السلم الأول الذي تستطيعه (أي الرضى بخلقتك وبضعفك)
أيضاً لا تريد لأن لك إرادة حرة حقيقة بها تريد ما تشاء. وليس إرادة مزيفة أو خدعة توهمك أنك حر!
ربما مشكلتك الحقيقية هي في تصورك الخاطئ للحرية.. فتتخيلها كآلة ميكانيكية. فتقول
"لماذا لا اؤمن! لاني لا اريد، ولماذا لا اريد" .... ولماذا سقط الدومينو الأخير؟ بسبب سقوط آخر .. ولماذا سقط الآخر؟ بسبب ثالث وهكذا...
http://56ebgg.blu.livefilestore.com/y1pUKnrF_kpMu2lMTrOYtSsai2ohcUwNIoL2VcInknvZexOtY-S6hhaPRTJhjemg2UToB1DFsNs-taBF8I4D7rkV5G7pZYPxHji/falling-dominos.jpg
هل هذا هو فهمك للحرية ... مجرد سلسلة من الأحداث الجبرية؟ لو كانت مشيئة الإنسان قابل للتحليل لما قال الله
{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا }
الله خلق لك إرادة حرة حقيقية.. لا يمكن إنكارها بمجرد عجزك عن تحليل "آليتها"
فإذا كان الابتلاء نسبته 50 والاراده 55 فإن الانسان سيعبر
لماذا اذا لم يجعل الله الاراده اقوي من الشبهات
مرة أخرى تتحدث عن الإرادة وكأنها مجرد لعبة نسب واحتمالات.. ولو كانت كذلك لما كانت حقاً حرة!
وبما أنك تكرر نفس السؤال عن تلك ( الاراده الأقوى من الشبهات)...
هل حقا إرادتك أضعف من "شبهة" إنكارك لواقعك وشهادتك على نفسك؟
إرتقي الى السلم الأول الذي تستطيعه وارضى بخلقتك و أسلم وجهك لله.. يمنحك إن شاء تلك الزيادة.
{وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ }
أما إن كنت تريد أن تقفز الى أعلى درجات التقوى وانت ترفض أول درجة .. فلن يصدقك أحد!
يتبع إن شاء الله...