المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال هل ينعقد التوحيد بالتقليد؟



عساف
03-01-2010, 02:59 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ربما لم أستطع أن أبين السؤال بكلمات معدودة في خانة الموضوع.
ما قصدته بسؤالي هل يحصل الأعتقاد بالتقليد؟؟


فكلمة اعتقاد كما اظن تعني التصديق عن اقتناع تام.
والتقليد بلا تفكر وبلا اقتناع لا أراه اعتقاد إنما هو ترديد لكلام الغير.

ارجو ممن يمتلك اجابة وافية عن هذا التساؤل أن يفيدني مشكوراً. أو يدلني على مصدر يفيدني في هذا الموضوع.

اخت مسلمة
03-01-2010, 05:44 AM
ســــــأنقل لك شروحات للمســـــألة لبعض أهـــــل في طياتها الاجابة بحول الله تعالى :

قال العلامة الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في شرحه للسفارينية :
[ الفصل والأبيات للسفاريني ، والشرح لابن عثيمين ] .
" فصل
في إيمان المقلد

وكل ما يطلب في الجزم ، فمنع تقليد بذاك جزم
كل شيء يطلب فيه الجزم يجب أن يجتهد الإنسان فيه كل شيء يطلب فيه الجزم فإنك لا تقلد فيه يجب أن تعرف الحكم من الكتاب والسنة ،
وعلى هذا فالعوام الآن الذين يؤمنون بالله ورسوله واليوم الآخر ، لو قالوا : نحن لا نعرف ، لكن نسمع علماؤنا يقولون هكذا فآمنا ،
نقول على كلام المؤلف : أن إيمانهم ليس بصحيح ،
لأن الذي يطلب فيه الجزم لا بد أن يكون عن اجتهاد ولا يصح أن يكون عن تقليد ،
لكن هذا القول ضعيف جداً ،

ولهذا قال :
وقيل يكفي الجزم إجماعا بما ، يطلب فيه عند بعض العلماء
يعني : قال بعض العلماء : بل يصح التقليد فيما يطلب فيه الجزم وهذا القول هو الراجح ،
المسائل العملية يجوز فيها التقليد بالاتفاق ، كالوضوء والصلاة والزكاة والصيام والحج وغير ذلك ، فهذه يجوز فيها التقليد بالاتفاق ، ولا يمكن أن يلزم الإنسان الناس بالاجتهاد ، لأن الاجتهاد في هذا صعب ، والعامة لا يمكن أن يقرؤوا كتب الفقه ،
أما مسائل العقيدة التي يجب على الإنسان فيها الجزم :
فقد اختلف العلماء : هل يجوز فيها التقليد أو لا بد من الوقوف على الدليل ؟
ولا شك أن الوقوف على الدليل أولى حتى في المسائل العملية ،
لأن الإنسان إذا بني عقيدته أو عمله على الدليل استراح وصار يعلم الآن أنه يمشي في طريق صحيح ،
لكن إذا لم يمكن فهل يكفي التقليد أو لا يكفي ؟
في هذا خلاف بين أهل العلم :

1. فمنهم من قال : إنه يكفي ،
2. ومنهم من قال : إنه لا يكفي ،

ولكن الحقيقة أنه لا يمكن أن نقول : إن جميع مسائل العقيدة يجب فيها اليقين ،

لأن من مسائل العقيدة ما اختلف فيه العلماء ،
وما كان مختلفاً فيه بين أهل العلم فليس يقينياً ، لأن اليقين لا يمكن نفيه أبداً ،
فمثلاً اختلف العلماء في عذاب القبر هل هو على البدن أو على الروح ؟
واختلف العلماء في الذي يوزن هل هي الأعمال أو صحائف الأعمال أو صاحب العمل ؟
واختلف العلماء في الجنة التي أسكنها آدم هل هي جنة الخلد أو جنة في الدنيا ؟
واختلف العلماء في رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه هل رآه بعينه – يعني في الحياة – أو رآه بقلبه ؟
واختلف العلماء في النار هل هي مؤبدة أو مؤمدة ؟
وكل هذه من العقائد ،

والقول : بأن ( العقيدة ليس فيها خلاف على الإطلاق ) غير صحيح ،
فيه من مسائل العقيدة ما يعمل فيه الإنسان بالظن ،

مثلاً : في قوله تعالى : ( من تقرب إلي شبراً تقربت منه ذراعاً ) ، لا يجزم الإنسان بأن المراد القرب الحسي ، فإن الإنسان لا شك ينقدح في ذهنه أن المراد بذلك القرب المعنوي ،
( من أتاني يمشي أتيته هرولة ) ، هذا أيضاً لا يجزم الإنسان بأن الله يمشي مشياً حقيقياً هرولة ،
ولهذا اختلف علماء أهل السنة في هذه المسألة هل هو هذا أو هذا ؟
فأنت إذا قلت هذا أو هذا لست تتيقنه كما تتيقن نزول الله عز وجل الذي قال فيه الرسول عليه الصلاة والسلام : ( ينـزل ربنا إلى السماء الدنيا )

هذا لا يشك فيه الإنسان أنه نزول حقيقي ،
وكما في قوله : { استوى على العرش } ( الأعراف 54 )
لا يشك الإنسان أنه استواء حقيقي ،

فالحاصل : أن مسائل العقيدة ليست كلها مما لا بد فيه من اليقين ،
لأن اليقين أو الظن حسب تجاذب الأدلة وتجاذب الأدلة حسب فهم الإنسان وعلمه ،

قد يكون هذان الدليلان متجاذبين عند شخص ، ولكن عند شخص آخر ليس بينهما تجاذب إطلاقاً وقد اتضح عنده أن هذا له وجه وهذا له وجه ،
فمثل هذا الأخير ليس عنده إشكال في المسألة بل عنده يقين ، والأول يكون عنده إشكال ،
وإذا رجّح أحد الطرفين فإنما يرجحه بغلبة الظن ،
لهذا لا يمكن أن نقول : إن جميع مسائل العقيدة مما يتعين فيه الجزم ، ومما لا خلاف فيه ،
لأن الواقع خلاف ذلك ، ففي مسائل العقيدة ما فيه خلاف ،
وفي مسائل العقيدة ما لا يستطيع الإنسان أن يجزم به ، لكن يترجح عنده ،
إذًا هذه الكلمة التي نسمعها بأن ( مسائل العقيدة لا خلاف فيها ) هذه ليست على إطلاقها ،
لأن الواقع يخالف ذلك ، كذلك مسألة العقيدة بحسب اعتقاد الإنسان ليس كل مسائل العقيدة مما يجزم فيه الإنسان جزماً لا احتمال فيه في بعض المسائل حديث أو آيات قد يشك الإنسان فيها ،
فمثلاً : { يوم يُكشف عن ساقٍ } ( القلم 42 ) .

هذه من مسائل العقيدة وقد اختلف فيها السلف :

هل المراد ساقه عز وجل أو المراد الشدة ؟
وعلى هذا فقس ،،،


نرجع الآن إلى كلام المؤلف :

فقوله : ( كل ما يطلب فيه الجزم ) : يريد بذلك مسائل العقيدة وغيرها ،
كل شيء يطلب فيه الجزم ،

قوله : ( فمنع تقليد بذاك حتم ) : مما يجب فيه الجزم أن نجزم بأن الصلوات الخمس مفروضة ،

ولهذا لو أنكر الإنسان فرضية الصلوات الخمس كفر ، يجب أن نجزم بأنها مفروضة وأن الزكاة مفروضة وأن الصيام مفروض وأن الحج مفروض وجوباً ،

لأنه لا يكتفى بالظن ، لذي الحجا في قول أهل الفن
ثم علل المؤلف فقال : ( لأنه لا يكتفي بالظن ) : لأن التقليد ظن ،
ولهذا تقول للمقلِّد : هل تجزم بهذا ؟ قال لك : يقوله فلان ، إذن ليس عنده جزم ،التقليد يفيد الظن ولو حسن ظن المقلد بالمقلد ما قلده ،
إذن نقول :كل شيء يطلب فيه الجزم فلا تقلد فيه ، لأن هذا ينافي المطلوب ،
فالمطلوب الجزم ، والتقليد يفيد الظن فلا يجوز أن نقلد ،

وقيل يكفي الجزم إجماع بما ، يطلب فيه عند بعض العلماء
يعني : قول ثاني : أنه يكفي الجزم بما يطلب فيه الجزم ولو عن طريق التقليد ، فالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ، هذا مما يجب فيه الجزم ،
ولكن هل العامي يدرك ذلك بدليله ؟

الجواب : لا يدرك ذلك بدليله ،

ومع ذلك نصحح إيمانه ، ونقول : هو مؤمن وإن كان لا يدرك ذلك بدليله ،
قوله : ( يكفي الجزم إجماعاً بما يطلب فيه ) : يعني يكفي الجزم بما يطلب فيه الجزم بالإجماع ،
وقال هذا بعض العلماء ولهذا قال : ( عند بعض العلماء ) ، وهذا القول هو الصحيح ،
والدليل على ذلك :

1 - أن الله أحال على سؤال أهل العلم في مسألة من مسائل الدين التي يجب فيها الجزم ، فقال : { وما أرسلنا من قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون } ( النحل 43 ) ونسألهم لنأخذ بقولهم ،
ومعلوم أن الإيمان بأن الرسل رجال من العقيدة ومع ذلك أحالنا الله فيه إلى أهل العلم ،
2 - وقال تعالى : { فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرأون الكتاب من قبلك } ( يونس 94 )
ويسألهم ليرجع إليهم ،
وإذا كان الخطاب هذا للرسول ولم يشك فنحن إذا شككنا في شيء من أمور الدين نرجع إلى الذين يقرؤون الكتاب إلى أهل العلم لنأخذ بما يقولون ، إذن هذا عام يشمل مسائل العقيدة ،

3 - : أننا لو ألزمنا العامي بمنع التقليد والتزام الأخذ بالاجتهاد لألزمناه بما لا يطيق ،
وقد قال تعالى : { لا يكلف الله نفساً إلا وسعها } ( البقرة 286 ) .
وقال : { أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون ، ولا نكلف نفساً إلا وسعها } ( المؤمنون 61 – 62 ) .
فالصواب المجزوم به القول الثاني : أن ما يطلب فيه الجزم يكتفي فيه بالجزم سواء عن طريق الدليل أو عن طريق التقليد ،
فالجازمون من عوام البشر ، فمسلمون عند أهل الأثر
قوله : ( فالجازمون من عوام البشر ) : يعني الذين يجزمون من العوام ليس عندهم علم ، عوام !!! ،
قوله : ( فمسلمون ) : وإنْ كانوا لم يأخذوا ما يطلب فيه الجزم عن طريق الاجتهاد ،
قوله : ( عند أهل الأثر ) : وكفى بهم قدوة أهل الأثر ،
إذا كان أهل الأثر يرون أنه يجوز التقليد فيما يطلب فيه الجزم - والمقصود أن يحصل الجزم سواءاً عن طريق التقليد أو عن طريق الاجتهاد إذا كان هذا ما يراه أهل الأثر - فهو الذي نراه نحن فهو الصحيح "

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

وقال الشيخ صالح آل الشيخ - حفظه الله - في شرحه للثلاثة الأصول :

" معرفة العبد ربه، ومعرفة العبد دينه، ومعرفة العبد نبيه ,,, هذا واجب فمثل هذا العلم لا ينفع فيه التقليد، واجب فيه أن يحصله العبدُ بدليله ,,, والعبارة المشهورة عند أهل العلم: أن التقليد لا ينفع في العقائد, بل لابد من معرفة المسائل التي يجب اعتقادها بدليلها, هذا الدليل أعم من أن يكون نصا من القرآن, أو من سنة, أو من قول صاحب, أو من إجماع, أو قياس, وسيأتي تفصيل الدليل إن شاء الله تعالى في موضعه.
التقليد هذا لا يجوز في العقائد عند أهل السنة والجماعة, وكذلك لا يجوز عند المبتدعة من الأشاعرة والماتريدية والمتكلمة، لكن ننتبه إلى أن الوجوب عند أهل السنة يختلف عن الوجوب عند أولئك في هذه المسألة، والتقليد عند أهل السنة يختلف عن التقليد عند أولئك, فأولئك يرون أن أول واجب هو النظر, فلا يصح الإيمان إلا إذا نظر، ويقصدون بالنظر؛ النظر في الآيات المرئية؛ في الآيات الكونية، ينظر إلى السماء، يستدل على وجود الله جل وعلا بنظره , أما أهل السنة فيقولون يجب أن يأخذ الحق بالدليل, وهذا الدليل يكون بالآيات المتلوّة, أولئك يحيلون على الآيات الكونية المرئية بنظرهم بنظر البالغ، وأما أهل السنة فيقولون لابد من النظر في الدليل، لا لأجل الاستنباط، ولكن لأجل معرفة أن هذا قد جاء عليه دليل، في أي المسائل,,, ؟؟
في المسائل التي لا يصح إسلام المرء إلا به؛ مثل معرفة المسلم أن الله جل وعلا هو المستحق للعبادة دون ما سواه , هذا لابد أن يكون عنده برهان عليه، يعلمه في حياته, ولو مرة، يكون قد دخل في هذا الدين بعد معرفةٍ الدليل .

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

ولشيخ الإسلام _ رحمه الله _ كلام جميل حول هذه القضية ::

يقول :

أما فى المسائل الأصولية فكثير من المتكلمة والفقهاء من أصحابنا وغيرهم من يوجب النظر والاستدلال على كل أحد حتى على العامة والنساء حتى يوجبوه فى المسائل التى تنازع فيها فضلاء الأمة قالوا لأن العلم بها واجب ولا يحصل العلم إلا بالنظر الخاص
وأما جمهور الأمة فعلى خلاف ذلك فان ما وجب علمه انما يجب على من يقدر على تحصيل العلم وكثير من الناس عاجز عن العلم بهذه الدقائق فكيف يكلف العلم بها وأيضا فالعلم قد يحصل بلا نظر خاص بل بطرق أخر من اضطرار وكشف وتقليد من يعلم أنه مصيب وغير ذلك
وبازاء هؤلاء قوم من المحدثة والفقهاء والعامة قد يحرمون النظر فى دقيق العلم والاستدلال والكلام فيه حتى ذوى المعرفة به وأهل الحاجة إليه من أهله ويوجبون التقليد فى هذه المسائل أو الاعراض عن تفصيلها وهذا ليس بجيد أيضا فان العلم النافع مستحب وإنما يكره إذا كان كلاما بغير علم أو حيث يضر فاذا كان كلاما بعلم ولا مضرة فيه فلا بأس به وإن كان نافعا فهو مستحب فلا إطلاق القول بالوجوب صحيحا ولا إطلاق القول بالتحريم صحيحا
وكذلك المسائل الفروعية من غالية المتكلمة والمتفقهة من يوجب النظر والاجتهاد فيها على كل أحد حتى على العامة وهذا ضعيف لأنه لو كان طلب علمها واجبا على الأعيان فانما يجب مع القدرة والقدرة على معرفتها من الأدلة المفصلة تتعذر أو تتعسر على أكثر العامة
وبازائهم من أتباع المذاهب من يوجب التقليد فيها على جميع من بعد الأئمة علمائهم وعوامهم
ومن هؤلاء من يوجب التقليد بعد عصر أبى حنيفة ومالك مطلقا ثم هل يجب على كل واحد اتباع شخص معين من الأئمة يقلده فى عزائمه ورخصه على وجهين وهذان الوجهان ذكرهما أصحاب أحمد والشافعي لكن هل يجب على العامي ذلك
والذى عليه جماهير الأمة أن الاجتهاد جائز فى الجملة والتقليد
جائز فى الجملة لا يجبون الاجتهاد على كل أحد ويحرمون التقليد ولا يوجبون التقليد على كل أحد ويحرمون الاجتهاد وأن الاجتهاد جائز للقادر على الاجتهاد والتقليد جائز للعاجز عن الاجتهاد فأما القادر على الاجتهاد فهل يجوز له التقليد هذا فيه خلاف والصحيح أنه يجوز حيث عجز عن الاجتهاد إما لتكافؤ الأدلة وإما لضيق الوقت عن الاجتهاد وإما لعدم ظهور دليل له فانه حيث عجز سقط عنه وجوب ما عجز عنه وانتقل الى بدله وهو التقليد كما لو عجز عن الطهارة بالماء
وكذلك العامي إذا أمكنه الاجتهاد فى بعض المسائل جاز له الاجتهاد فان الاجتهاد منصب يقبل التجزى والانقسام فالعبرة بالقدرة والعجز وقد يكون الرجل قادرا فى بعض عاجزا فى بعض لكن القدرة على الاجتهاد لا تكون الا بحصول علوم تفيد معرفة المطلوب فأما مسألة واحدة من فن فيبعد الاجتهاد فيها والله سبحانه أعلم ..

,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,

ومختصرا من درء تعارض العقل والنقل 7/405-407.
[الجواب للشيخ عبد الرحمن البراك]

ما حكم التقليد في العقيدة ؟
وهل يجب على الإنسان أن يستدل على مسائل العقيدة الضرورية حتى يصح إسلامه ؟
وما مراد الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في قوله ( معرفة دين الإسلام بالأدلة ) ؟ وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله ، الإيمان بما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والعلم به إجمالا فرض عين على كل مكلف ، ومعرفة ذلك تفصيلا هو فرض كفاية على عموم الملة إذا قام به من يكفي سقط الإثم عن الباقين ، ومن علم من ذلك شيئاً وجب عليه الإيمان به تفصيلا ، وقد يصير فرض الكفاية فرض عين على بعض الناس بأسباب تقتضي ذلك فالأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر واجب كفائي لكن إذا لم يعلم بهذا المنكر ، ويقدر على تغييره مثلا إلا واحد أو جماعة معينة تعين عليهم لاختصاصهم بالعلم به ، والقدرة على تغييره ، وكل واجب في الدين فإنه مشروط بالاستطاعة لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ } [(16) سورة التغابن] وقوله تعالى {لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } [(286) سورة البقرة] ، فمعرفة مسائل الدين العلمية الاعتقادية ، والعملية وأدلتها واجب الاستطاعة ، ولا فرق في ذلك بين المسائل الاعتقادية ، والمسائل العملية فعلى المسلم أن يعرف ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، ويجتهد في ذلك ، ولا يتخذ له إماما يتبعه في كل شيء إلا الرسول صلى الله عليه ، ومن المعلوم أنه ليس كل أحد يقدر على معرفة كل ما دل عليه القرآن ، والسنة من مسائل دين الإسلام ، بل يمكن أن يقال :ليس في الأمة واحد معين يكون محيطا بكل ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وبما دل عليه القرآن فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ، فلا أحد من العلماء يدعي ذلك لنفسه ، ولا يجوز أن يُدعّى ذلك لأحد منهم ، فهم في العلم بما جاء به الرسول في منازلهم حسب ما آتاهم الله من فضله ، لكن العلماء يختصون بالاجتهاد في معرفة الأدلة ، وفي الاستنباط ؛ فمنهم المصيب ، والمخطئ ، والكل مأجور كما صح بذلك الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم :" إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر". وإذا كان هذا شأن العلماء فكيف بغيرهم ممن قل علمه ، أو كان من عوام المسلمين الذين لا يعرفون الأدلة ، ولا يفهمونها ، فهم عاجزون عن الاجتهاد ، فلا يسعهم إلا التقليد ، ولا فلاق في ذلك بين المسائل الاعتقادية ، والمسائل العملية فهذا مقدورهم لكن عليهم أن يقلدوا من العلماء من يثقون بعلمه ، ودينه متجردين عن إتباع الهوى ، والتعصب هذا هو الصواب في هذه المسألة ، وأما القول بتحريم التقليد في مسائل الاعتقاد فهو قول طوائف من المتكلمين من المعتزلة وغيرهم ، وهو يقتضي أن عوام المسلمين آثمون أو غير مسلمين ، وهذا ظاهر الفساد .
وأما قول الشيخ محمد بن عبد الوهاب : ومعرفة دين الإسلام بالأدلة فهو كما قال ، فإن الواجب أن يعرف المسلم أمور دينه بأدلتها من الكتاب ، والسنة إذا كان مستطيعا لذلك ، وهذا هو الواجب ، إما أن يكون فرض عين في مسائل ، وإما أن يكون فرض كفاية في مسائل أخرى .
وأصل دين الإسلام هو معرفة الله والإيمان به ، وهو يحصل بالنظر ، والاستدلال ويحصل بمقتضى الفطرة التي فطر الله الناس عليها إذا سلمت من التغيير ، واختلف الناس في اشتراط النظر والاستدلال في معرفة الله ، وهل يصح إسلام العبد بدونه أو لا ؟
على مذاهب ذكرها شيخ الإسلام ابن تيمية فقال : تنازع النظار في مسألة وجوب النظر المفضي إلى معرفة الله تعالى على ثلاثة أقوال: فقالت طائفة من الناس: إنه يجب على كل أحد .
وقالت طائفة: لا يجب على أحد .
وقال الجمهور: إنه يجب على بعض الناس دون بعض فمن حصلت له المعرفة لم يجب عليه ، ومن لم تحصل له المعرفة ولا الإيمان إلا به وجب عليه ، وذكر غير واحد أن هذا قول جمهور المسلمين ، كما ذكر ذلك أبو محمد بن حزم في كتابه المعروف " بالفصل في الملل والنحل" فقال: في مسألة: هل يكون مؤمنا من اعتقد الإسلام دون استدلال أم لا يكون مؤمنا مسلما إلا من استدل ؟
وفيه ، قال: سائر أهل الإسلام كل من اعتقد بقلبه اعتقادا لا يشك فيه ، وقال بلسانه: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن كل ما جاء به حق ، وبريء من كل دين سوى دين محمد ؛ فإنه مسلم مؤمن ليس عليه غير ذلك ...

تحياتي للموحدين

عساف
03-01-2010, 03:44 PM
شكرا لك أختي على ما بذلتيه من جهد ووقت لأخيك

اذا كنت فهمت جيدا فان القول بوجوب معرفة الدليل في كل الاعتقاد أمر يتعذر على كثير من الناس (بل قد يتعذر على بعض العلماء) فلذلك قد يكون التقليد (وخصوصا) في المسائل التي حصل فيها اجماع أمرا كافيا لصحة الإيمان وقبوله.


مثلا: لو أتى شخص عامي وقال (القران ليس بمخلوق وهذا اعتقادي في القران)
فتقول له أن كل شئ ما عدا الله مخلوق فهل المصحف بورقه وحبره ليس بمخلوق
فيتوقف عند ذلك ويقول لا أعلم ولكني اعتقد أن القران ليس بمخلوق.
فهذا العامي مؤكد أنه يعذر في هذه المسألة لأنه يتعذر أن يفهمها كل العامة. ولكن هذا العامي لم يعتقد فعلا أن القران ليس بمخلوق. ولم يصل مرحلة الاعتقاد. انما هو أنه مقلد وليس بمعتقد.

هل ما فهمته صحيحا؟؟

فاذا كانت المقدمة صحيحة، فان اجابة السؤال "هل ينعقد التوحيد بالتقليد؟؟"

لا. لا ينعقد التوحيد بالتقليد. ولكن هناك من العلماء من يرى أنه مقبول وان لم يحصل الاعتقاد.

ارجو أن يكون ما ذكرته صحيحا وان لم يكن صحيحا ارجو ان يبين لي الصواب

وكان الله في عونكم واثابكم على افهامي

مالك مناع
03-01-2010, 06:57 PM
مسألة إيمان المقلد
http://www.eltwhed.com/vb/showthread.php?t=14425

مالك مناع
03-01-2010, 07:03 PM
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله-: (( أما المسائل الأصولية فكثير من المتكلمة، والفقهاء من أصحابنا، وغيرهم من يوجب النظر والاستدلال على كل أحد حتى العامة والنساء...، وأما جمهور الأمة فعلى خلاف ذلك، فإنّ ما وجب علمه إنما يجب على من يقدر على تحصيل العلم، وكثير من الناس عاجز عن العلم بهذه الدقائق فكيف يكلّف العلم بها؟ وأيضاً فالعلم قد يحصل بلا نظر خاص، بل بطرق أُخر: من اضطرار وكشف، وتقليد من يعلم أنه مصيب وغير ذلك )).

مجموع فتاوى ابن تيمية (20/ 202)، وانظر: (3/312)، درء التعارض (7/426).

وقال العلاّمة السفاريني- رحمه الله- في تقرير مذهب أهل السنه في هذه المسألة: ((والحق الذي لا محيد عنه، ولا انفكاك لأحد منه، صحة إيمان المقلد تقليداً جازماً صحيحاً وأنّ النظر والاستدلال ليسا بواجبين، وأنّ التقليد الصحيح محصل للعلم والمعرفة.

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية (1/269).


قال العلامة السمعاني- رحمه الله- في بيان ذلك: (( وأمّا إيجاب معرفة الأصول على ما يقوله المتكلمون بعيدٌ جداً عن الصواب، ومتى أوجبنا ذلك، فمتى يوجد في العوام من يعرف ذلك؟ وتصدر عقيدته عنه؛ بل أكثر العوام لو عرضت عليهم تلك الدلائل لم يفهموها أصلاً فضلاً عن أن يصيروا أصحاب دلائل، ويقفوا على العقائد بالطرق البرهانية.

وإنّما غاية العامي هو أن يتلقى ما يريد أن يعتقده ويلقى به ربه من العلماء، ويتبعهم في ذلك ويُقلّدهم ثم يسلم عليها بقلب سليم طاهر عن الأدغال والأهواء ثم يعضُّ عليها بالنواجذ، فلا يحول ولا يزول ولو قُطِّع إرباً، فهنيئاً لهم السلامة والبعد عن الشبهات الداخلة على أهل الكلام والورطات التي تورطوا فيها حتى أدّت بهم إلى المهاوي والمهالك، ودخلت عليها الشبهات العظيمة وصاروا في الآخرة متحيرين...

وعلى أنّا لا ننكر من الدلائل العقلية بقدر ما يَنال المسلم به برد اليقين، ويزداد به ثقة فيما يعتقده وطمأنينة، وإنما ننكر إيجاب التوصل إلى العقائد في الأصول بالطريق الذي اعتقدوه وساموا جميع المسلمين سلوك طريقة؛ وزعموا أنه من لم يفعل ذلك فلم يعرف الله تعالى , ثم أدى بهم ذلك إلى تكفير العوام أجمع !...

ولعله لا يوجد في البلدة الواحدة التي تجمع المائة الألف والمائتين الألف ممن يقوموا بالشرائط التي يعتبرونها إلا الفذ الشارد والشاذ النادر، ولعله لا يبلغ عقد العشرة، فمتى يجد المسلم من قلبه أن يحكم بكفر هؤلاء الناس أجمع ويعتقد أنه لا عقيدة لهم في أصول الدين أصلاً، وأنهم أمثال البهائم والدواب المسخرة!)).

قواطع الأدلة في الأصول للسمعاني ( 2/ 346-347).