المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الشخصية



ابو شفاء
10-22-2004, 06:02 AM
الشخصية في كل إنسان تتألف من عقليته ونفسيته , ولا دخل لشكله ولا جسمه ولا هندامه, ولا غير ذلك فكلها قشور, ومن السطحية أن يطن احد أنها عامل من عوامل الشخصية أو تؤثر على الشخصية, ذلك أن الإنسان يتميز بعقله , وسلوكه هو الذي يدل على ارتفاعه أو انخفاضه , وبما أن سلوك الإنسان في الحياة إنما هو بحسب مفاهيمه , فيكون سلوكه مرتبطا بمفاهيمه ارتباطا حتميا لا ينفصل عنها. والسلوك هو أعمال الإنسان التي يقوم بها لإشباع غرائزه وحاجاته العضوية , فهو سائر بحسب الميول الموجودة عنده للإشباع سيرا حتميا . وعلى ذلك تكون مفاهيمه وميوله هي قوام شخصيته,
أما ما هي هذه الميول وممّ تتكون وما هي نتائجها؟ وما هي هذه الميول , وما الذي يحدثها , وما هو أثرها؟ فذلك يحتاج إلى بيان:
المفاهيم هي معاني الأفكار لا الألفاظ . فاللفظ كلام دل على معان قد تكون موجودة , وقد لا تكون موجودة, فالشاعر حين يقول
ومن الرجال لذا انبريت لهدمهم هرم غليظ مناكب الصفاح
فإذا رميت الحق في اجلاده ترك الصراح مضعضع الألواح
فان هذا المعنى موجود في الواقع ومدرك حسا وان كان إدراكه يحتاج إلى عمق واستنارة , ولكن الشاعر حين يقول:
قالوا أينظم فارسين بطعنة يوم النزال ولا يراه جليلا
فأجبتهم لو كان طول قناته ميلا إذا نظم الفوارس ميلا
فهذا المعنى غير موجود \و فلم ينظم الممدوح فارسين بطعنة ولا سأل احد هذا السؤال , ولا يمكن أن ينظم الفوارس ميلا, فهذه المعاني للجمل تشرح وتفسر ألفاظها, أما معنى الفكر , فهو انه إذا كان لهذا المعنى الذي تضمنه اللفظ واقع يقع عليه الحس أو يتصوره الذهن كشيء محسوس ويصدقه , كان هذا المعنى مفهوما عند من يحسه أو يتصوره , ولا يكون مفهوما عند من لا يحسه ولا يتصوره , وان كان فهم هذا المعنى من الجملة التي قيلت له أو التي قرأها, ومن هنا كان من المحتم على الشخص أن يتلقى الكلام تلقيا فكريا سواء قرأه أو سمعه . أن أن يفهم معاني الجمل كما تدل عليه من حيث هي لا كما يريد لافظها أو يريدها هو أن تكون , وان يدرك في نفس الوقت واقع هذه المعاني في ذهنه إدراكا يشخّص له هذا الواقع , حتى تصبح هذه المعاني مفاهيم. فالمفاهيم هي المعاني المدرك لها واقع في الذهن سواء أكان واقعا محسوسا في الخارج أم واقعا مسلما به انه موجود في الخارج تسليما مبنيا على واقع محسوس .وما عدا ذلك من معاني الألفاظ والجمل لا يسمى مفهوما وإنما هو مجرد معلومات
يتبع

ابو شفاء
10-24-2004, 06:44 AM
وتتكون هذه المفاهيم من ربط الواقع بالمعلومات , او من ربط المعلومات بالواقع , وبتبلور هذا التكوين حسب القاعدة او القواعد التي يجري عليها قياس المعلومات حين الربط , اي حسب عقله للواقع والمعلومات حين الربط , اي حسب ادراكه لها. فتوجد بذلك للشخص عقلية تفهم الالفاظ والجمل , وتدرك المعاني بواقعها المشخّص وتصدر حكمها عليه , وعلى ذلك فالعقلية هي الكيفية التي يجري عليها عقل الشيء اي ادراكه. وبعبارة اخرى الكيفية التي يربط فيها الواقع بالمعلومات , او المعلومات بالواقع بقياسها على قاعدة واحدة او قواعد معينة , ومن هنا يأتي اختلاف العقليات كالعقلية الاسلامية , والعقلية الشيوعية والعقلية الرأسمالية , والعقلية الفوضوية , والعقلية الرتيبة . اما نتائج هذه المفاهيم فانها هي التي تعين سلوك الانسان نحو الواقع المدرك , وتعين له نوع الميل لهذا الواقع من الاقبال عليه او الاعراض عنه , وتجعل له ميلا خاصا وذوقا معينا.
اما الميول فهي الدوافع التي تدفع الانسان للاشباع مربوطة بالمفاهيم الموجودة لديه عن الاشياء التي يريد ان يشبعها , وتحدثها عند الانسان الطاقة الحيوية التي تدفعه لاشباع غرائزه وحاجاته العضوية , والربط الجاري بين هذه الطاقة وبين المفاهيم .
وهذه الميول وحدها اي الدوافع مربوطة بالمفاهيم عن الحياة هي التي تكوّن نفسية الانسان . فالنفسية هي الكيفية التي يجري عليها اشباع الغرائز والحاجات العضوية , اي هي الكيفية التي تربط فيها دوافع الاشباع بالمفاهيم , فهي مزيج من الارتباط الحتمي الذي يجري طبيعيا في داخ الانسان بين دوافعه والمفاهيم الموجودة لديه عن الاشياء مربوطة بمفاهيمه عن الحياة.
والغرائز هي الطاقات الاصلية عند الانسان , وتقسم الى ثلاث غرائز
- غريز التدين - وهي اصل الغرائز واهمها.
- غريزة النوع - ومن مظاهرها الزواج والاولاد اي استبقاء النوع البشري
- غريز حب البقاء _ ومن مظاهرها محافظة الانسان على حياته
وهذه الغرائز حتى تتحرك تحتاج الى مثير خارجي
اما الحاجات العضوية فمثيرها داخلي . كالأكل والشرب والنوم.
ونلاحظ ان الغرائز اذا لم يشبعها الانسان فانه يشعر بالقلق اما الحاجات العضوية فاذا لم يشبعها الانسان يموت.
يتبع

ابو شفاء
10-28-2004, 05:53 AM
ومن هذه العقلية والنفسية تتكون الشخصية . فالعقل او الفكر او الادراك وان كان مفطورا مع الانسان ووجوده حتمي لدى كل انسان ولكن تكوين العقلية يجري بفعل الانسان. والميول وان مانت مفطورة عند الانسان ووجودها حتمي لدى كل انسان , ولكن تكوين النفسية يجري بفعل الانسان, وبما ان وجود قاعدة او قواعد يجري عليها قياس المعلومات والواقع حين الربط هو الذي يبلور المعنى فيصبح مفهوما , وبما ان الامتزاج الذي يحصل بين الدوافع والمفاهيم هو الذي يبلور الدافع فيصبح ميلا, كان للقاعدة او القواعد التي يقيس عليها الانسان المعلومات والواقع حين الربط الاثر الاكبر في تكوين العقلية وتكوين النفسية , اي الاثر الاكبر في تكوين الشخصية تكوينا معينا, فان كانت هذه القاعدة او القواعد التي يجري عليها تكوين العقلية هي نفس القاعدة التي يجري عليها تكوين النفسية , وجدت عند الانسان شخصية متميزة بلون خاص. وان كانت القاعدة او القواعد التي يجري عليها تكوين العقلية غير القاعدة او القواعد التي يجري عليها تكوين النفسية , كانت عقلية الانسان غير نفسيته , لأنه يكون حينئذ يقيس ميوله على قاعدة او قواعد موجودة في الاعماق , فيربط دوافعه بمفاهيم غير المفاهيم التي تكوّنت بها عقليته قيصبح شخصية ليس لها مميّز مختلفة متباينة, افكاره غير ميوله , لأنه يفهم الالفاظ والجمل ويدرك الوقائع على وجه يختلف عن ميله للأشياء.
ومن هنا كان علاج الشخصية وتكوينها انما يكون بايجاد قاعدة واحدة لعقلية الانسان ونفسيته معا. اي ان تجعل القاعدة التي يقيس عليها المعلومات والواقع حين الربط هي نفس القاعدة التي يجري على اساسها الامتزاج بين الدوافع والمفاهيم. فتتكون بذلك الشخصية على قاعدة واحدة ومقياس واحد فتكون شخصية متميّزة.