المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التصادم في الحوار يُظِهر النقصَ في فهم الدين



memainzin
03-04-2010, 11:20 AM
انتقد فضيلة الشيخ سلمان بن فهد العودة -المشرف العام على مؤسسة "الإسلام اليوم"- نُدْرَة الحوار بين الحضارات والمذاهب المختلفة، مُؤَكِّدًا أن ثقافة الحوار منخفضة لدى الكثير من شعوب العالم، في وقت تزداد فيه التقنيات العالمية؛ من أجل جَعْلِ العالم كله قرية صغيرة، ورغم ذلك لا يوجد حوار يقرّب مستوى التفاهم بين جميع الشعوب، منكراً على الذين يحدون من أطر الحوار فيبنون حواراتهم على التعصب لرأي مألوف منتصرين لأنفسهم والهوى وليس للدين. وأكد فضيلته أن الحوار في البلدان العربية ضعيف جدا فلا تكاد تجد مركزاً للحوار في بلد عربي سكانه بعشرات الملايين بينما هناك عشرات المراكز في بلدان أوربية سكانها بضعة ملايين. وقال الشيخ العودة خلال حديثه لبرنامج "من هنا نبدأ"، على قناة"الرسالة" الفضائية: إن الغَرْبُ مُتَنَوِّع جدًّا، وليس عنده الكثير من القيم التي من الممكن أن يحارب دونها، ولما تم استهداف النبي "صلى الله عليه وسلم" في الصحف الدنمركية، كان الكثير في الغرب يقولون: هذا شيء يحصل لعيسى!!. ونحن نعرف رواية "شيفرة دافنشي"، وقد انتشرت في نطاق واسع في الغرب، بينما مُنعت في لبنان من منطلق رؤية مسيحية ترفض مضمون هذه الرواية.


* تحول عن النهج



وبيانًا للتحول الذي أصاب بعض أبناء الأمة الإسلامية ، فخالفوا ما كان عليه السلف الصالحون، ضرب الشيخ العودة مثالًا حول بُعد المسافة التي لم تَحُل دون وصول رسالة بعينها، ألا وهي رسالة الإسلام، عندما قطع الرعيل الأول من الصحابة آلاف الأميال إلى النجاشي وكسرى وقيصر، يحملون رسالة الإسلام إلى الآفاق بروحهم القوية الوثابة، الطموحِ إلى الخير، فلم يكن عندهم مشكلة نفسية، ولم يكونوا مسكونين بهاجس الخوف والقلق، وإنما بهاجس الرسالية الذي ملأ نفوسهم إقداما وعزمًا، وهذا هو الذي أوصل المسلمين الأوائل إلى النضج وقيادة العالم. أما الروح المنهزمة المشاهدة اليوم، والتي تتمثل في طابع الخوف، والهواجس، والوساوس، والإحساس المفرط بالمؤامرة، فهي سبب انهزامنا داخليًّا؛ فالإنسان إذا قيل له: هذا خير، وليس هناك ما يدعو للخوف. قال: هذا يخدعني! أما إذا قيل له: إن الأمور خطيرة، والمؤامرات منصوبة، قال: هذا هو الصواب! وفي تأصيلٍ لقواعد إنجاح الحوار وخروجه بالثمرة المنشودة، نَوَّهَ الشيخ العودة إلى ضرورة التخصص؛ لكي يخرج الحوار منطقيًّا، قائلًا: إن التصادم في الحوار مع الآخر يُظِهر النقصَ في فهم الدين، والبصر الفقيه فيه، ولو أن أحدًا- مثلًا- سأل مزارعًا عن البورصة والأسهم فإنه لن يفيده شيئا، ولذلك كان التخصص أمرًا ضروريًّا للنهوض بالحوار. ومجتمعاتنا الإسلامية والعربية مليئةٌ بأناس لم يفلحوا في التواصل بالحوار مع مَنْ حولهم، بل صار كل واحد جزيرة منعزلة، لا تختلط بالآخرين ولا تحتك بهم، ولو أنك انتقلت إلى بلد آخر توجد فيه أقليات مسلمة، لوجدت المواطن العادي فيه أكثر فقهًا، من حيث الحوار والتواصل والاستعداد للمناقشة.


* تاريخ شاهد على التواصل

وتاريخنا العربي الإسلامي شاهد على وجود أقليات في بلدان متعددة بالعالم الإسلامي، مثل العراق ولبنان، وتلك الطوائف لها وجود عتيق في تلك البلاد من قبل دينونتها بالإسلام ، الذي احتواها ورعاها، ولم يُكرهها على الدخول في الدين، فعاشت في ظل حضارة الإسلام في رعاية واطمئنان. وقد تكلم العلماء، مثل الإمام ابن القيم، رحمه الله، في كتابه "أحكام أهل الذمة" وغيره، عما لهم من الواجبات، وقد ضمنت حقوقهم منذ بدء انتشار الإسلام، وإلى اليوم، وهذا يدلنا على ضرورة التفقه في أمور ديننا، والنظر فيما يأمرنا به نظرا ثاقبا نافذا، فإن الله تعالى يقول: "الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ.." [الزمر:18].


* الحوار قاعدة شرعية مُحْكَمة

واستأنف الشيخ سلمان العودة قائلا: إن الحوار شريعة، تمامًا كما أن الزواج والطلاق شريعة، وقد ذكر الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم لفظ الحوار بين مُشْرِكٍ ومؤمن، في قوله تعالى: "وَهُوَ يُحَاوِرُهُ" [الكهف:34]، وبَيْنَ العالم والجاهل، كما في سورة المجادلة"وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا" [المجادلة:1]، وذكر الله مرادفاتٍ أخرى للحوار، كالمجادلة والمخاصمة وغيرها، مما يدل على أن الحوار قاعدة شرعية مُحكمة.


* بين الحوار والحرب

والرسل والأنبياء بُعِثُوا بتصحيح عقائد الناس، ومسار حياتهم، والمجادلة بالتي هي أحسن. وفي المقابل، بَعَثَ الرسل أيضًا بوسائل أخرى، كالحرب، وهي جزءٌ من الشريعة، والنصوص كثيرة في ذلك، كما في سورة التوبة التي تَحَدَّثَتْ عن نظام الحرب والسلم والعهود، وقد حَفِل نحو نصف القرآن الكريم بذلك، وامتلأت به السُّنّة الْمُطَهَّرة، وتحدث عنه الفقهاء والعلماء، وقد جمع الله تعالى بين الأمرين معًا في آية سورة الحديد، فقال تعالى: "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"[الحديد:25].


* التعميم الخاطئ والتربية الواعية

ونبه الشيخ سلمان العودة إلى خطورة إلصاق التهم الجزئية بالأمم عامة، دون التفصيل والتعقل في الحكم والوصف، فقال: لو قال شخص ما من الغرب: إن الشعوب العربية مهووسة بالجنس واللهو. نقول له: هذا خطأ. فلو قال: ولكني رأيت؟! نقول له: أنت رأيت حِفْنَةً لا تمثل حقيقة هذه الشعوب. ولو قال متطرفون في أمريكا: إن العرب مجموعة من الإرهابيين، فألصقوا التهمة بمليار و300 مليون مسلم، نقول لهم: إن هذا ليس في صالحكم، فهو يؤسس لانهيار عالمي، لأنه إذا عمل بعض الأفراد عملًا ضربكم في الصميم، فكيف يصنع المليار و300 ألف يحملون نفس الفكرة ويسعون إليها؟!
مؤكدا على المعني القرآني: إن من المهم أن نربي أنفسنا، وأن نربي الجميع على أن الناس "ليسوا سواءً".


* صراع الحضارات

وفند فضيلته حقيقة ما يُقال عن نظرية "صدام الحضارات" لصمويل هنتجتون، وقال: هذه النظرية أُجْرِي عليها تعديلات كثيرة، وهناك الكثير من المؤرخين والفلاسفة الذين يرفضون ذلك التوجه وينتقدونه، وهناك في المقابل من تَلَقَّفَها من اليمين المتصهين، وهناك أيضًا في الشعب الأمريكي من بدأ يصحو، وواضح أن هذه الصحوة ستوقع عقابا مؤلما في الانتخابات القادمة على أولئك الذين خاضوا الحروب وأرهقوا شعوبهم. وللأسف- يقول العودة- فإن بعض الإدارات الحاكمة قد تستعين بالمتطرفين والمتشددين لتصنع لها عدوًا؛ حتى تحصل على تأييد شعبي، ونحن كدعاة، لا نخاطب الساسة، ولكن نخاطب المثقفين والمفكرين والعلماء والعامة.

وفسر الشيخ حقيقة الحوار في الإسلام، مُبَيِّنًا أن التداول الحضاري موجود بين الأمم، فقال: الحضارة الإسلامية أساسها الإسلام، ولكن تفاصيل الحضارة في البناء والإبداع، ربما تكون قد تمت من خلال الاستفادة من حضارات أخرى، فلا نستغرب أن نجد -مثلا- أعمدة في الحرم أُخِذَتْ من آثار الرومان، إذن، فالتداول والتراكم الحضاري موجود، وهو ضمن الحوار، والحوار موجود، وهو الذي يحدث الآن، فعَقْد دول العالم الإسلامي الاتفاقات السياسية والتقنية والاقتصادية والبحوث، هذا كله نوع من الحوار.

وعن الحوار بالقدوة الحسنة والأخلاق الإسلامية أكّد الشيخ على أنّ كثيرًا من مجتمعاتنا بحاجةٍ إلى نهضة في الأخلاقيات، الإعلامي والطبيب والموظف والطالب والتاجر، هذه الأخلاقيات التي تعطي الناس انطباعًا إيجابيًّا، سواء للمقيم في بلده أو في الخارج.


* ضرورة الحوار على كافة المستويات

وطالب العودة بضرورة الحوار على كافة المستويات في الداخل والخارج، وقال: إنه لا ينبغي أن نعلق بدء الحوار بانتهائنا من إصلاح أنفسنا، بل لابد من إطلاق الحوار على أكثر من مستوى؛ بمعنى الحوار داخل الإسلاميين، وبين الجماعات، وقادة الفكر والرأي.. عليهم جميعًا أن يزيلوا الحواجز، ويتحاوروا فيما بينهم، وأن يذيبوا الجليد. وكذلك الحوار بين شرائح المجتمع وأطيافه المتعددة، لأن هناك تيارات ومذاهب، وهناك من لا ينتمون إلى الإسلام، وهؤلاء أولى أن يتم التحاور معهم. وليس بالضرورة أن يكون الحوار في إطار "ادخلوا في الإسلام"، وإنما يكون على الأقل من خلال المصالح، ولنا أن ننظر كيف مات نبينا صلى الله عليه وسلم، ودرعه مرهونة عند يهودي؟! إذن فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يحاور اليهودي على شعير يشتريه لأهله. وهذا يبصرنا على أنّ من حِكَمِ الله العظيمة أن المدينة لم تكن موطنًا خاصًّا بالمسلمين، ولكن سكن فيها عباد الأوثان واليهود والنصارى.


* هل الحوار ضعف؟

ونفى الشيخ سلمان العودة نفيًا جازمًا أن يكون الدعاة والمشايخ يحاورون من منطلق الضعف، قائلًا: ما هو الضعف؟ إننا إذا أردنا أن نحاور أحدًا للدخول في الإسلام، فيجب علينا ألا نعتبر أن القوة هي الفظاظة في العبارة، كأن يرسل أحدهم رسالة جوالٍ لفرد من غير المسلمين يقول له: أدعوك إلى الإسلام، أَسْلِمْ تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، وإلا فالجزية أو القتال!!

فهل قام النبي بدعوة أحد إلى الإسلام عَنْوَةً، أو أمر أحدًا من أتباعه بذلك؟ بالطبع لا.
وهل أنت الذي تأخذ الجزية من الناس؟!
إن القوة التي يجب أن نحددها هي قوة العلم والعقل، وأن نقول: ليس لدينا شيء نخافه أو نخفيه.
إن القوة في أن يكون لدينا القدرة على فهم القرآن والسنة والواقع، والقدرة على الإجابة عن أسئلة الآخرين مهما كانت، فلا شيء يُسْكِتُنَا فيما نُسْأل عنه إلا ما يتعلق بأمور الغيب، التي نحن وغيرنا نُفَوِّضُ أمرها لله سبحانه، فالقوة تكون بالإيمان بالله سبحانه وتعالى. وفي إطار الحديث عن غيبة الدور الإسلامي والعربي عن ميدان التقدم يقول العودة: صحيحٌ أننا لا نملك التقدم، ولكننا نملك المنهج القرآني والنبوي، ونملك الإرادة التي تُوجَدُ على الأقل عند بعضنا، ولدينا التقنية التي نستطيع أن نتواصل من خلالها مع أُمَمِ الأرض كلها، حين يوجد مشروع تجتمع عليه الأمة كلها، الحكام والعلماء والنساء والأطفال والعامة.


* نقد وإرشاد

وانتقد الشيخ بشدة لجوء بعض القنوات الفضائية إلى استضافة رجل علماني شديد الذكاء، ورجل آخر ضعيف الشخصية، للحديث حول أمر من أمور الدين، وقال: هكذا تكون القضية غير عادلة، فكثير من الإخوة الأكفاء يحجمون، ثم يخرج شخص ضعيف، وأنا أستنكر خروج البعض، وترك البرامج على الهواء، فالأمر إذًا أشبه بالحرب، وعلى المرء أن يستعين بالله، وأن يُقَارِعَ الحجة بالحجة، وأن يتحدث بعدل وإنصاف، وألا يخضع للاستفزاز.

كما انتقد الشيخ سلمان العودة جدال المسلمين حول القضايا الفرعية، دون التأصيل لثوابت الدين وضرورياته القطيعة، والتشديد عليها، وإدارة الجدل حولها لإقامة الحجة والإقناع بها من حيث إنها أصول، ولكن بعض الناس –كما يقول الشيخ- يجادل في الثوابت؛ لأن عنده ريبًا أو انحرافًا في عقله، بينما يلحق البعض الآخر بهذه الأصول ما ليس منها من الفرعيات والجزئيات التي يأبى أن يكون حولها أخذ ورد، فيحرم على الناس مناقشتها، أو يرمي خصومه الذين لا يوافقونه الرأي بأنهم مشكوكٌ في دينهم، وليس فقط يخالفونه الرأي!


* عداء بابا الفاتيكان للإسلام

واتهم الشيخ العودة بابا الفاتيكان صراحة بأنه معادٍ للإسلام، وقال: البابا الحالي استهدف الإسلام في أكثر من مناسبة، وقام بتعميد رجل كان مسلمًا، وانتقل إلى النصرانية لمصلحة مادية، كما صرح بذلك مجموعة من المثقفين؛ حيث قام البابا بتعميده على الهواء، وقال أمام الشاشات: إن القارات تُفَرِّقُنا والتاريخ والمناهج والمسيح يجمعنا!

كما أن البابا الحالي لم يقدم اعتذارًا للمسلمين فيما يخص الحروب الصليبية وغيرها، واتحاد علماء المسلمين عنده موقف من الحوار مع البابا، لكن الحوار لا يتوقف عند البابا، والأحداث تتغير وتتداول بين يوم وليلة.

وأنهى فضيلته حديثه مطالبًا بضرورة التحلي برحابة الصدر؛ لكي يصل الحوار الإسلامي إلى كافة الأطياف والشعوب، ولا بد أن يكون الانتصار للدين لا للنفس، ودعا النخب الفكرية إلى ضرورة التوحد؛ لأنهم هم من يقود المجتمع. وقال: أذكر أنني التقيت بروفيسورات كان لديهم فهم ومفاجآت، ولا يعرفون كثيرًا من الحقائق المتعلقة بالإسلام، ولكن بالحوار ثبتت لهم حقيقة الإسلام العظيم.

* المصدر: موقع الإسلام اليوم

دنيا
03-04-2010, 11:31 AM
هذا الخطاب حقيقة نادرا ما نسمعه من مشايخ المسلمين وعلمائها وهو حقيقة يعبر عن مستوى راقي وانا ادعو كل من في هذا المنتدى للإعتبار من هذا ومن اراء الشيخ سلمان علنا نتصالح مع انفسنا و نعلم ابجديات التعامل مع الأخر
شكرا

عساف
03-04-2010, 08:07 PM
حقيقة صرنا نرى تغير واضح في الخطاب المتدين خصوصا بعد أحداث 11 سبتنمبر. فهو الان يحاور الاخر ويدعو للحوار وأكثر انفتاحا. بينما كان في السابق أكثر أنغلاقا وأكثر اقصائية للاخر.
نرجو من الله أن يهدي المسلمين للصواب وأن يوفقهم.

shahid
03-06-2010, 02:57 PM
فهناك صراع حضاري منوع في كل المجالات. صراع فكري، صراع ديني وعقائدي، صراع علمي، صراع سياسي، صراع اقتصادي، صراع حضاري شمولي. وأمام هذا الصراع هناك عدة احتمالات: الاحتمال الأول: هو تغريب العالم: أي تحويل العالم إلى عالم تابع للغرب مسلم بنظريات الغرب، وقيمه، وأخلاقياته، وحضارته، وهذا غير ممكن ولا وارد. الاحتمال الثاني: هو الصدام الحضاري، الصدام بين الحضارات والمواجهة بينها، وهو ما توقعه المؤلف وذهب إليه. الاحتمال الثالث: هو -كما قال المؤلف- انتصار قيم التسامح الثقافي والحوار بين الحضارات، والمبادئ المشتركة التي تجمع الأمم كلها، وهذا الأمر مستبعد جداً. فالمؤلف رجح ورشح أنه سيكون هناك صراع بين الحضارات، وهذا المؤلف وضع نفسه في الخندق الغربي، لأنه رجل أمريكي يقول -كما قال الذي قبله فوكوياما يقول: أنا أمريكي (100%) وإن كنت من أصل ياباني إلا أنني لا أعاني من عقدة ازدواجية الانتماء فأنا أمريكي (100%) وهو يقدم أمريكا، بل يقول: إنني أشعر أنني سوف أقدم دوراً عظيماً لـأمريكا وقد يكون هذا الدور في البيت الأبيض -هكذا يقول فوكوياما- ومثله أيضاً هنتجتون فهو يقول مثل ذلك، ويضع نفسه في الخندق الغربي. ثم يقول: يجب أن نرص الصفوف الغربية أمام التحدي الإسلامي والتحدي الصيني، ويجب أن نطور نوعاً من الوحدة بين أمريكا وأوروبا، ويجب إيجاد علاقة تعاون على أقل تقدير بين أمريكا وروسيا، بين أمريكا واليابان، يجب ألا نذهب بعيداً في تخفيض القدرة العسكرية الغربية. وهذه الأشياء الذي يطالب بها، لأنه يقول: إن هناك عدواً منتظراً استعدوا له، كيف يستعدون له؟ وحدوا صفوفكم، وتعاونوا مع أصدقائكم الآخرين، لا تخفضوا أسلحتكم كثيراً، ولا تذهبوا بعيداً في ذلك لأنكم سوف تحتاجونها. فانظر إلى الوعي والعمق والإدراك والتخطيط للمستقبل وأنت حين تأتي للمسلمين تجد أنهم على رغم الضعف، والذلة، والقلة، والتأخر إلا أن الخلافات الشرسة تعصف بهم فلا تبقي أحداً مع أحد، وإلى الله المشتكى وهو وحده المستعان! وهذا الكتاب: صدام الحضارت قد يكون ردة فعل للمد الأصولي العالمي، والتوجهات الدينية الموجودة في الإسلام، وفي بقية الديانات الأخرى، وكأنه يدعو أمريكا إلى أن تعتصم بمعطياتها، وخصائصها في مواجهة قوم مسلمين يؤمنون بدين، وينتمون إليه انتماءً عريقاً. كما أن هذا الكتاب يتحدث ويكشف حرج القوى الغربية -أمريكا وغيرها- إزاء ما يسمونه بـالديمقراطية في العالم العربي والإسلامي، فهو يقول لك: إن الديمقراطية مع أنها هي البديل الذي يقدمه الغرب، وهي الشيء الذي يتحدثون عنه، وهي دين الغرب، وعقيدته، ومنهجه، وسياسته إلا أنهم يقولون لك: إن الديمقراطية خطر في العالم العربي والإسلامي. وذلك لأن الديمقراطية الحقيقية لو طبقت في العالم العربي والإسلامي فسوف تدعم قوى معادية للغرب، على نمط ما حصل في الجزائر، والأردن، واليمن، وما يمكن أن يجري في مصر وأي بلد آخر، أي أنها سوف تدعم التوجهات الأصولية التي تكتسح الشارع العربي والإسلامي، وبالمقابل فإن رفض الديمقراطية في العالم الإسلامي سوف يكرس التذمر، والتوتر، والقلق الاجتماعي والسياسي، ويجعل الرفض والغضب الشعبي يزداد ويتفاقم يوماً بعد يوم. إن هذا الطرح -طرح الصراع الحضاري- هو طرح معقول في نظري في الجملة، وإن كان هذا الطرح مقلقاً للعلمانيين لأنه يقتضي الاعتصام بالدين، وسوف يجعل كل أمة تعود إلى دينها، وإلى عقيدتها، وإلى تراثها الصحيح تعتصم به أمام من يحاربونها بدين مختلف، وعقيدة مختلفة، وتراث متغير، وأمور وخصائص تاريخية مميزة. ولذلك يقول البعض: إذا صح هذا التوقع في صدام الحضارات فإن النصر في جميع الديانات، وفي جميع الأمم، وفي جميع الدول، سوف يكون لأكثر التيارات تشدداً وانغلاقاً في جميع الحضارات، وسوف يكون النصر بالنسبة للمسلمين -مثلاً- حليف من يسمونها بالتيارات الأصولية التي تدعو إلى رجعة صادقة وكاملة إلى الدين في جميع ميادين الحياة. ومثل ذلك في الديانات الأخرى، فـالنصرانية -مثلاً- سوف يكون النصر للتيارات الأصولية المتشددة فيها، والهندوس سوف يكون النصر للتيارات الهندوكية المتشددة التي تؤمن بالحديد والنار في مقاومة خصومها وأعدائها، ومثل ذلك بالنسبة لليهود أو غيرهم، وخاصة إذا كانت تلك التيارات تملك قوة الاستقطاب والتأثير في الجماهير. فهذه ثلاثة توقعات يمكن أن يتم من خلالها سقوط الحضارة الغربية، وبالجملة فهناك قائمة طويلة جداً من الأمراض الفتاكة المزمنة التي تنخر في الجسم الغربي عامة، والجسم الأمريكي خاصة. وهناك على سبيل المثال: الأمن واختلال الأمن، فساد الأسرة وتفككها، ضياع الشباب ومشكلاتهم، الإجهاض وهو قضية خطيرة، المخدرات وانتشارها وعصاباتها، الشذوذ الأخلاقي والجنسي، الفقر المدقع في تلك الدول الغنية حتى إنك تجد أنه عام (1978م) كان عدد الفقراء الذين لا يجدون قوت اليوم -دون مستوى الفقر المعدم- ثلاثمائة مليون إنسان فقط، وبعد عشر سنوات تحول هذا الرقم إلى كم؟! هل تتوقع أنه انخفض؟! كلا، بل ارتفع إلى مليارين من الناس، مليارا إنسان يعيشون دون مستوى الحياة الإنسانية العادية من شدة الفقر، حتى في أرقى المدن الغربية والأمريكية ينامون على الأرصفة ويأخذون أطعمتهم من صناديق القمامة، وقد رأيت بعيني مثل هذه المشاهد، وهم يعدون في بعض الولايات بالملايين. البطالة: وانتشار معدلات البطالة وارتفاعها في أمريكا وغيرها. عصابات الإجرام: كالمافيا وغيرها، وهي عصابات خطيرة للخطف، وللسرقة، وللقتل، وللاغتيال، ولتعاطي وبيع كل الأشياء بلا استثناء. الديون الفردية: كل الأفراد مدينون في أمريكا، والديون الفردية تزيد الآن على (4.4 تريليون دولار) على أفراد الشعوب الأمريكية! فكل فرد مدين وهو يقضي حياته كلها في تسديد الديون: دين للسيارة، دين للبيت، دين للزواج، دين لكل شيء، وهذا أمر خطير بدأ يتسرب أيضاً للبلاد الإسلامية. التعليم وانهياره: حتى إن هناك كتابا ًانتشر ودرس، عنوانه: أمة معرضة للخطر -أظن أني سبق أن تحدثت عنه- يتكلم عن انهيار التعليم في أمريكا. الإعلام وخطره أيضاً، التجسس على الأفراد، أو على الدول، أو على المؤسسات، والتجسس المضاد أيضاً. النعرات العنصرية في أمريكا، والصدام بين البيض والسود مثلاً، وقد حدثت كما تعرفون أحداث كثيرة من هذا القبيل في العام الماضي، وراح ضحيتها عشرات الأفراد، ومليارات من الأموال. تلوث البيئة: وهو أحد الأمراض الخطيرة، الأمراض الفتاكة كما أسلفت، الفشل السياسي والفضائح الكثيرة التي تلاحق البيت الأبيض وتلاحق جميع مراكز الإدارة والسياسية في فرنسا، وفي إيطاليا، وفي بريطانيا، وفي ألمانيا، وفي غيرها. وعلى سبيل المثال: هناك عشرات بل مئات المقالات موجودة عندي تتحدث فقط عن الفشل السياسي في أمريكا، ومشكلات داخل البيت الأبيض، وقضايا تتعلق بشخص الرئيس هناك، وفضائح عن ذاته، وعن علاقاته، وعن إخوانه، وأخواته، ومن الذي سجن بالمخدرات، ومن الذي سجن بالسرقة، ومن ومن، وبعض القضايا المتعلقة به، وأشياء شخصية تدل على أن هناك -فعلاً- إخفاقات كثيرة، وفشلاً في الإدارة، وتأخراً في الإنتاجية. أيضاً الفضائح التي تلاحق الإيطاليين اليوم، يومياً فضائح تكشف عن رجال الحكم هناك، وكثير من رجال السياسة هناك لم يعودوا لامعين لشعوبهم بما فيه الكفاية. فهذه قائمة طويلة، وعندي فيها معلومات كثيرة لعل جلسة خاصة -إن شاء الله- تخصص لمثل هذه الأمور، لأنها لا تخلو أيضاً من عبرة، وطرافة في بعض الأحيان، وبغض النظر عن هذا كله إلا أن الجميع يتفقون على وجود صعوبات جمة تنتظر المسيرة الغربية عامة، وتنتظر المسيرة الأمريكية على وجه الخصوص. ولقد كنا في يوم من الأيام نقرأ كلاماً كهذا عن انهيار الحضارة الغربية، وأذكر أنه وقع في يدي كتاب للأستاذ سيد قطب رحمه الله تعالى اسمه: المستقبل لهذا الدين، فقرأت فيه فصلاً بعنوان: انتهى دور الرجل الأبيض، وهو يتكلم كلاماً شبيهاً بهذا، عن أن دور الغربيين قد انتهى، وجاء دور المسلمين الذين يجب أن يحملوا ويقدموا للعالم الحل، فكنا نعلم أن ذلك حق، ولكن الإنسان يراوده شيء مما يرى من هيمنة الغرب، ومما يسمعه من المستغربين الذين كانوا يعدون هذا الكلام أضحوكة يسخرون بها ويتلهون بها، بل حتى الصالحون داخلتهم الظنون في ذلك، وصار إيمانهم أحياناً نظرياً، فهم يقولون نعم صحيح ولكن! إذاً: عندهم شك ويتوقعون أن العالم الغربي سيظل مهيمناً لفترة طويلة غير منظورة، حتى المفكر الجزائري مالك بن نبي رحمه الله وهو مفكر عميق، واجتماعي متخصص، إلا أنه مع ذلك كان يميل إلى القول بخلود الحضارة الغربية وأبديتها في الدنيا، ثم تراجع عن ذلك وأعلن خلافه. ونحن إذاً نفرح ونسر لكل حديث عن سقوط أمريكا أو الحضارة الغربية، لأننا وإن جاءنا بعض إنتاجها، وبعض تيسيراتها المادية والحضارية، إلا أنها أصلتنا بنارها في مجتمعاتنا وأممنا، فنحن وإن كنا كأفراد في نعمة، إلا أننا كأمة في خطر، ولا يجوز أبداً أن ننظر إلى الناحية المادية، أو الأنانية، أو الفردية فحسب، وأردد وترددون مع الشاعر هذا الأبيات:
أنا ضد أمريكا إلى أن تنقضي هذي الحياة ويوضع الميزان
أنا ضدها حتى وإن رقَّ الحصى يوماً وسال الجلمد الصوان
بغضي لـأمريكا لو الأكوان ضمت بعضه لأنهارت الأكوان
هي جذر دوح الموبقات وكل ما في الأرض من شر هو الأغصان
من غيرها زرع الطغاة بأرضنا ومن ذا سواها أكبر الطغيانا
حبكت فصول المسرحية حبكة يعيا به المتمرس الفنان
هذا يكر وذا يفر وذا بهذا يستجير ويبدأ الغليان
حتى إذا انقشع الدخان مضى لنا جرح وحل محله سرطان
وإذا ذئاب الغرب راعية لنا وإذا جميع رجالنا خرفان
وإذا بأصنام الأجانب قد ربت وبلادنا ورجالها القربان
إذاً: لا نلام حينما نبغض هذا الصنم الذي مارس ألوان التسلط على المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. أيها الأحبة: إن سنة التغيير قطعية، والتاريخ ما توقف لغير فوكوياما حتى يتوقف له، أما الشرع ف



الجهاد بالدعوة إلى التوحيد


ومن الجهاد الدعوة إلى الإسلام في بلاد المسلمين، ليكون الإسلام هو الأساس الذي عليه يجتمعون ومنه ينطلقون، والدعوة إلى التوحيد، توحيد الله تعالى، وإفراده بالعبادة، ونفي جميع الأوثان والأنداد والأصنام التي ما أغنت عن المسلمين شيئاً، ولا يمكن أن تغني عنهم شيئاً، ولا يمكن أن يكونوا مسلمين حقاً وهم يرونها بين أظهرهم، ويسكتون عنها أو يداهنونها. فلا بد من توحيد الله تعالى، وصرف جميع أنواع العبادة له، فلا حب إلا لله، ولا خوف إلا منه، ولا رجاء إلا فيه، ولا عبادة لغيره، وكل ألوان العبادة: الصلاة، والصيام، والذبح، والنذر، والحكم، والعبودية، كلها تصرف لواحد جل وتعالى: وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً [الكهف:26]. إن الفرد بالتوحيد لله تعالى ينضبط في عمله، وتستقر نفسه، وعقله، ويثمر، وينتج، ويصبح إنساناً فعالاً مؤثراً في هذه الحياة.

هذا الكلام للشيخ سلمان العودة من محاضرة بعنوان( نهاية التاريخ ) وكانت في عام 1414

وهذا هو الرابط
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=121702
السؤآل هل نأخذ بكلامه هذا ام الآخر ام نجمع بين الاثنين كما نجمع بين الاحاديث ؟
وليس معنى هذا الكلام انا ضد الحوار مع الآخر اطلاقا انا مع الحوار ومع حق الآخر في حياة كريمة طالما لا يمثل خطرا على الاسلام ، كما يجب على الاخر الا يفرض علي كيفية معينة للاسلام .

memainzin
03-08-2010, 10:02 AM
هذا الكلام للشيخ سلمان العودة من محاضرة بعنوان( نهاية التاريخ ) وكانت في عام 1414

وهذا هو الرابط
http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=FullContent&audioid=121702
السؤآل هل نأخذ بكلامه هذا ام الآخر ام نجمع بين الاثنين كما نجمع بين الاحاديث ؟
وليس معنى هذا الكلام انا ضد الحوار مع الآخر اطلاقا انا مع الحوار ومع حق الآخر في حياة كريمة طالما لا يمثل خطرا على الاسلام ، كما يجب على الاخر الا يفرض علي كيفية معينة للاسلام .

حتى يجاب على سؤلك من قبل أساتذتنا الكرام

اليك هذة الدراسة
خلاصة:
باختصار لن يكون لأي حوار حظا من النجاح ما دامت المفاهيم الغربية عن الإسلام ذات محتوى عدواني وشرير، وما دامت الثقافة الغربية تمارس استعلاء على الثقافات الأخرى وتسعى لفرض منظوماتها القيمية والثقافية على شعوب العالم وترفض مبدأ أن الإنسانية منذ الأزل متواجدة طبيعيا في إطار حضارة كونية شاملة متعددة الثقافات ومتنوعة المحتوى. ولن ننجح من جهتنا في عقلنة الحوار طالما بقي الساسة العرب والمسلمون وبعض المثقفين يتحدثون مع الغرب من موقع المذنب بغير ذنب، وطالما بقي الساسة يجافون شعوبهم ويضعفونها بدلا من إطلاعها على الحقائق، ويحتمون بالغرب ويسترضونه بدلا من الاحتماء بشعوبهم. ولن ننجح طالما بقي الخطاب الرسمي للعرب والمسلمين:
· ميكيافيللي مائع ومتقلب بحسب التيار السياسي ومتعدد المرجعيات ليس له أصول ولا فصول، فهو ملكي وجمهوري وقبلي وعائلي وجهوي ودهري ومسلم وعلماني وثوري ورجعي ومنفتح ومنغلق ومتسامح ومتطرف وحديث ومتخلف وأصيل وعصري وحدث ميكيافيليا ما استطعت، حتى أن البعض يستغرب كيف تصل رياح التغيير إلى كل بقعة في العالم بما فيها الدول الغارقة بالقبلية والموصوفة بالشديدة الفقر والتخلف وتنحرف عندما تقترب من الفضاءات العربية!
· علماني مستورد ومشوه بلا أي تجربة من أي نوع سواء كانت تاريخية أو طبيعية. فالعلمانية التي نمارسها، وهي تماما كالدولة القطرية، مستقدمة من الغرب وفاقدة لكل رصيد معرفي تاريخي محلي يحدد اختياراتها ويوجه سياساتها.
· مُنْبَت بتخليه التام عن أصالته الممثلة بالإسلام والذي من المفترض أن يمثل له رصيدا معرفيا هائلا يمكننا من إدارة علاقاتنا الدولية بوضوح تام ولو بلغة علمانية. أما أن نقارع العلمانية برصيدها التاريخي وحصونها ومن موقع الزعم بأننا علمانيون فهذا مدعاة للسخرية.



http://www.shatharat.net/vb/showthread.php?t=7034

أهمية الحوار بين الحضارات في تحقيق السلام العالمي
www.ipc-kw.net/bookdownload-36.html