المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قواعد هامة فيما يتعلق بأسماء الله و صفاته



متروي
03-07-2010, 08:42 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه بعض الدرر المنتقاة من شرح العلامة العثيمين رحمه الله على كتاب لمعة الاعتقاد لأبن قدامة المقددسي

المقدمة
الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده رسوله، صلى الله عليه، وعلى آله، وأصحابه، ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليمًا كثيرًا‏.‏
أما بعد‏:‏ فهذا تعليق مختصر على كتاب ‏(‏لمعة الاعتقاد‏)‏ الذي ألفه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي المولود في شعبان سنة 541هـ بقرية من أعمال نابلس، المتوفى يوم عيد الفطر سنة 620هـ بدمشق رحمه الله تعالى‏.‏
وهذا الكتاب جمع فيه مؤلفه زبدة العقيدة، ونظرًا لأهمية الكتاب موضوعًا، ومنهجًا، وعدم وجود شرح له فقد عقدت العزم - مستعينًا بالله مستلهمًا منه الصواب في القصد والعمل - على أن أضع عليه كلمات يسيرة تكشف غوامضه، وتبين موارده، وتبرز فوائده‏.‏
والله أرجو أن لا يكلني إلى نفسي طرفة عين، وأن يمدني بروح من عنده، وتوفيق، وأن يجعل عملي مباركًا ونافعًا إنه جواد كريم‏.‏

وقبل الدخول في صميم الكتاب أحب أن أقدم قواعد هامة فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته‏.‏
القاعدة الأولى‏:‏ ‏"‏في الواجب نحو نصوص الكتاب والسنة في أسماء الله وصفاته‏"‏
الواجب في نصوص الكتاب والسنة إبقاء دلالتها على ظاهرها من غير تغيير؛ لأن الله أنزل القرآن بلسان عربي مبين، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يتكلم باللسان العربي؛ فوجب إبقاء دلالة كلام الله، وكلام رسوله على ما هي عليه في ذلك اللسان، ولأن تغييرها عن ظاهرها قول على الله بلا علم؛ وهو حرام لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْأِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ‏}‏‏[‏ سورة الأعراف، الآية‏:‏ 33‏.‏‏]‏‏.‏
مثال ذلك قوله تعالى‏:‏ ‏{‏بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ‏}‏‏[‏سورة المائدة، الآية‏:‏ 64‏.‏‏]‏‏.‏ فإن ظاهر الآية أن لله يدين حقيقيتين، فيجب إثبات ذلك له‏.‏
فإذا قال قائل‏:‏ المراد بهما القوة‏.‏
قلنا له‏:‏ هذا صرف للكلام عن ظاهره، فلا يجوز القول به؛ لأنه قول على الله بلا علم‏.‏
القاعدة الثانية‏:‏ في أسماء الله‏.‏ وتحت هذه القاعدة فروع
الفرع الأول‏:‏ أسماء الله كلها حسنى، أي بالغة في الحسن غايته؛ لأنها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى‏}‏‏[‏ سورة الأعراف، الآية‏:‏ 180‏.‏‏]‏‏.‏
مثال ذلك‏:‏ ‏(‏الرَّحْمَنِ‏)‏ فهو اسم من أسماء الله تعالى، دال على صفة عظيمة هي الرحمة الواسعة‏.‏ ومن ثم نعرف أنه ليس من أسماء الله‏:‏ ‏"‏الدهر‏"‏؛ لأنه لا يتضمن معنى يبلغ غاية الحسن، فأما قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‏:‏ ‏(‏لا تسبوا الدهر، فإن الله هو الدهر‏)‏ فمعناه‏:‏ مالك الدهر المتصرف فيه، بدليل قوله في الرواية الثانية عن الله تعالى‏:‏ ‏(‏بيدي الأمر أقلب الليل والنهار‏)‏ ‏[‏رواه مسلم، كتاب الألفاظ ‏(‏2246‏)‏‏.‏‏]‏‏.‏
الفرع الثاني‏:‏ أسماء الله غير محصورة بعدد معين لقوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في الحديث المشهور‏:‏ ‏(‏أسألك اللهم بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك‏)‏ ‏[‏رواه أحمد ‏(‏1/391، 452‏)‏، وابن حبان رقم ‏(‏2372‏)‏، صححه الألباني في ‏"‏الصحيحة‏"‏ رقم ‏(‏199‏)‏‏.‏‏]‏، وما استأثر به في علم الغيب عنده لا يمكن حصره ولا الإحاطة به‏.‏
والجمع بين هذا وبين قوله في الحديث الصحيح‏:‏ ‏(‏إن لله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة‏)‏‏[‏ رواه البخاري، كتاب الدعوات ‏(‏6410‏)‏، ومسلم، كتاب الذكر ‏(‏2677‏)‏، وابن ماجه، كتاب الدعاء ‏(‏3860‏)‏‏.‏‏]‏‏:‏ أن معنى هذا الحديث‏:‏ إن من أسماء الله تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخل الجنة‏.‏ وليس المراد حصر أسمائه تعالى بهذا العدد، ونظير هذا أن تقول‏:‏ عندي مائة درهم أعددتها للصدقة‏.‏ فلا ينافي أن يكون عندك دراهم أخرى أعددتها لغير الصدقة‏.‏
الفرع الثالث‏:‏ أسماء الله لا تثبت بالعقل، وإنما تثبت بالشرع فهي توقيفية، يتوقف إثباتها على ما جاء عن الشرع فلا يزاد فيها ولا ينقص؛ لأن العقل لا يمكنه إدراك ما يستحقه تعالى من الأسماء، فوجب الوقوف في ذلك على الشرع؛ ولأن تسميته بما لم يسم به نفسه، أو إنكار ما سمى به نفسه جناية في حقه تعالى، فوجب سلوك الأدب في ذلك‏.‏
الفرع الرابع‏:‏ كل اسم من أسماء الله فإنه يدل على ذات الله، وعلى الصفة التي تضمنها، وعلى الأثر المترتب عليه إن كان متعديًا، ولا يتم الإيمان بالاسم إلا بإثبات ذلك كله‏.‏
مثال ذلك في غير المتعدي‏:‏ ‏"‏العظيم‏"‏ فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسمًا من أسماء الله دالًا على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي العظمة‏.‏
ومثال ذلك في المتعدي‏:‏ ‏"‏الرحمن‏"‏، فلا يتم الإيمان به حتى نؤمن بإثباته اسمًا من أسماء الله دالًا على ذاته تعالى، وعلى ما تضمنه من الصفة وهي الرحمة وعلى ما ترتب عليه من أثر وهو أنه يرحم من يشاء‏.‏

القاعدة الثالثة‏:‏ ‏"‏في صفات الله‏"‏ وتحتها فروع أيضًا
الفرع الأول‏:‏ صفات الله كلها عليا، صفات كمال ومدح، ليس فيها نقص بوجه من الوجوه كالحياة، والعلم، والقدرة، والسمع، والبصر، والحكمة، والرحمة، والعلو، وغير ذلك، لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى‏}‏ ‏[‏سورة النحل، الآية‏:‏ 60‏.‏‏]‏‏.‏ ولأن الرب كامل فوجب كمال صفاته‏.‏
وإذا كانت الصفة نقصًا لا كمال فيها فهي ممتنعة في حقه كالموت والجهل، والعجز، والصمم، والعمى، ونحو ذلك؛ لأنه سبحانه عاقب الواصفين له بالنقص، ونزه نفسه عما يصفونه به من النقائص، ولأن الرب لا يمكن أن يكون ناقصًا لمنافاة النقص للربوبية‏.‏
وإذا كانت الصفة كمالًا من وجه، ونقصًا من وجه لم تكن ثابتة لله، ولا ممتنعة عليه على سبيل الإطلاق، بل لابد من التفصيل فتثبت لله في الحال التي تكون كمالًا، وتمتنع في الحال التي تكون نقصًا كالمكر، والكيد، والخداع ونحوها فهذه الصفات تكون كمالًا إذا كانت في مقابلة مثلها؛ لأنها تدل على أن فاعلها ليس بعاجز عن مقابلة عدوه بمثل فعله، وتكون نقصًا في غير هذه الحال فتثبت لله في الحال الأولى دون الثانية، قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ‏}‏‏[‏ سورة الأنفال، الآية‏:‏ 30‏.‏‏]‏ ، ‏{‏إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا* وَأَكِيدُ كَيْدًا‏}‏‏[‏ سورة الطارق، الآيتان‏:‏ 15، 16‏.‏‏]‏، ‏{‏إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ‏}‏‏[‏ سورة النساء، الآية‏:‏ 142‏.‏‏]‏‏.‏ إلى غير ذلك‏.‏
فإذا قيل‏:‏ هل يوصف الله بالمكر مثلًا‏؟‏
فلا تقل‏:‏ نعم، ولا تقل‏:‏ لا، ولكن قل‏:‏ هو ماكر بمن يستحق ذلك، والله أعلم‏.‏
الفرع الثاني‏:‏ صفات الله تنقسم إلى قسمين‏:‏ ثبوتية، وسلبية‏:‏
فالثبوتية‏:‏ ما أثبتها الله لنفسه كالحياة، والعلم، والقدرة، ويجب إثباتها لله على الوجه اللائق به؛ لأن الله أثبتها لنفسه وهو أعلم بصفاته‏.‏
والسلبية‏:‏ هي التي نفاها الله عن نفسه كالظلم، فيجب نفيها عن الله؛ لأن الله نفاها عن نفسه لكن يجب اعتقاد ثبوت ضدها لله على الوجه الأكمل؛ لأن النفي لا يكون كمالًا حتى يتضمن ثبوتًا‏.‏
مثال ذلك‏:‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا‏}‏‏[‏ سورة الكهف، الآية‏:‏ 49‏.‏‏]‏‏.‏ فيجب نفي الظلم عن الله مع اعتقاد ثبوت العدل لله على الوجه الأكمل‏.‏
الفرع الثالث‏:‏ الصفات الثبوتية تنقسم إلى قسمين‏:‏ ذاتية، وفعلية‏.‏
فالذاتية‏:‏ هي التي لم يزل ولا يزال متصفًا بها كالسمع والبصر‏.‏
والفعلية‏:‏ هي التي تتعلق بمشيئته إن شاء فعلها، وإن شاء لم يفعلها كالاستواء على العرش، والمجيء‏.‏
وربما تكون الصفة ذاتية فعلية باعتبارين كالكلام فإنه باعتبار أصل الصفة صفة ذاتية، لأن الله لم يزل ولا يزال متكلمًا وباعتبار آحاد الكلام صفة فعلية، لأن الكلام متعلق بمشيئته يتكلم بما شاء متى شاء‏.‏
الفرع الرابع‏:‏ كل صفة من صفات الله فإنه يتوجه عليها ثلاثة أسئلة‏:‏
السؤال الأول‏:‏ هل هي حقيقية‏؟‏ ولماذا‏؟‏
السؤال الثاني‏:‏ هل يجوز تكييفها‏؟‏ ولماذا‏؟‏
السؤال الثالث‏:‏ هل تماثل صفات المخلوقين‏؟‏ ولماذا‏؟‏
فجواب السؤال الأول‏:‏ نعم حقيقية، لأن الأصل في الكلام الحقيقة، فلا يعدل عنها إلا بدليل صحيح يمنع منها‏.‏
وجواب الثاني‏:‏ لا يجوز تكييفها لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا‏}‏ ‏[‏سورة طه، الآية‏:‏ 110‏.‏‏]‏‏.‏ ولأن العقل لا يمكنه إدراك كيفية صفات الله‏.‏
وجواب الثالث‏:‏ لا تماثل صفات المخلوقين لقوله تعالى‏:‏ ‏{‏لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ‏}‏ ‏[‏سورة الشورى، الآية‏:‏ 11‏.‏‏]‏ ، ولأن الله مستحق للكمال الذي لا غاية فوقه فلا يمكن أن يماثل المخلوق لأنه ناقص‏.‏
والفرق بين التمثيل والتكييف أن التمثيل ذكر كيفية الصفة مقيدة بمماثل، والتكييف ذكر كيفية الصفة غير مقيدة بمماثل‏.‏
مثال التمثيل‏:‏ أن يقول قائل‏:‏ يد الله كيد الإنسان‏.‏
ومثال التكييف‏:‏ أن يتخيل ليد الله كيفية معينة لا مثيل لها في أيدي المخلوقين فلا يجوز هذا التخيل‏.‏

القاعدة الرابعة‏:‏ ‏"‏فيما نرد به على المعطلة‏"‏
المعطلة هم الذين ينكرون شيئًا من أسماء الله، أو صفاته، ويحرفون النصوص عن ظاهرها، ويقال لهم ‏"‏المؤولة‏"‏، والقاعدة العامة فيما نرد به عليهم أن نقول‏:‏ إن قولهم خلاف ظاهر النصوص، وخلاف طريقة السلف، وليس عليه دليل صحيح، وربما يكون في بعض الصفات وجه رابع أو أكثر‏.‏

المغيرة
03-25-2010, 05:04 PM
السلام عليكم

الحديث التالي من صحيح البخاري، هل هو ماذهبت إليه من تثبيت الصفة في شكل آدم:


حدثنا ‏ ‏يحيى بن جعفر ‏ ‏حدثنا ‏ ‏عبد الرزاق ‏ ‏عن ‏ ‏معمر ‏ ‏عن ‏ ‏همام ‏ ‏عن ‏ ‏أبي هريرة ‏
عن النبي ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال ‏ ‏ خلق الله ‏ ‏ آدم ‏ ‏ على صورته طوله ستون ذراعا فلما خلقه قال اذهب فسلم على أولئك النفر من الملائكة جلوس فاستمع ما يحيونك فإنها تحيتك وتحية ذريتك فقال السلام عليكم فقالوا السلام عليك ورحمة الله فزادوه ورحمة الله فكل من يدخل الجنة على صورة ‏ ‏آدم ‏ ‏فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن

تحياتي

متروي
03-25-2010, 10:10 PM
اعتقاد أهل السنة والجماعة في قول النبي صلى الله عليه وسلم (إن الله خلق آدم على صورته)
ســُئل فضيلة الشيخ العلاَّمة محمد أمان بن علي الجامي – رحمه الله – عن اعتقاد أهل السنة والجماعة في قول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن الله خلق آدم على صورته ".

فـأجـاب – رحمه الله – :

(هذا الحديث :" إن الله خلق آدم على صورته " ، إن كان السائل يريد الإيجاز يُـــقال : استئناسا بالحديث :" إن الله خلق آدم على صورة الرحمن " ، نُـثبت الصورة ، وإن اختلف أهل العلم في تفسير الصورة :
منهم من فسَّر بالصفة : أي متصفاً ببعض صفات الله تعالى ، أي : من حيث الاتفاق في اللفظ والمعنى العام ، وذلك وارد في الكتاب :" بعلـــم عليم " ، " بحلـــم حليم " ، وصْـف الله تعالى بالعلم والحلم ، ووصْـف عبد من عبيد الله تعالى بالعلم والحلم ، ونحن كُلــنا موصوفون بالسمع والبصـر ، فالله موصوف بالسمع والبصر. هذا الاتفاق في اللفظ العام ، والمعنى العام ، دون حقيقة السمع، وحقيقة البصـر، وحقيقة العلم ، وحقيقة الحلم ليـس في ذلك غضـاضة. أي : الاشتراك بين الخالق والمخلوق في بعض الصفـات في اللفظ أولاً ثم في المعنى العام : العلم العام ، الحلم العام . بمعنـى : قبل إضـافة سمع الله إلى الله ، وسمع المخلوق إلى المخلوق ، وقبل إضـافة علم الخالق إلى الخالق ، وعلم المخلوق إلى المخلوق ، هذا يُــقال له : المـطلق الكلي ( المعنى العام ) ؛ الاشتراك في هذا المطلق الكلي لا يضر ، لأن هذا المعنى العام ليس لأحد ، إنما تختص صفات الله بالله بالإضافة ، إذا قلنا سمع الله ، بصر الله ، علم الله ، مستحـيلٌ أن يشـارك الله أحدٌ في علمه وسمعه وبصره. هذه الإضـافة تسمى إضافة تخصيص ، الإضافة تُـخصص . إذاً بعد هذا الشرح ، إذا قيل : خلق الله آدم – كذلك أولاده – على صورته أي : متصفين ببعض صـفاته . كما شرحنا ، ليس في ذلك أي غضاضة.

منهم؛من يقول: نُـمِرُّ الحديث كما جاء : فنثبت صـورة تلــيق به دون بحثٍ عن حقيقة الصورة. هذان قولان لأهل العلم في هذا القسم ، وفي الحديث بحث طويــل لأن الحديث له سبب ، والحديث له تتمة.

لذلك بعض أهل العلم قد يخرج الحديث من نصوص الصفات : فيجعل الضمير راجعاً إلى المضروب " إذا ضرب أحدكم غُلامه فلا يضرب وجهه ولا يقبحه ، لأن الله خلق آدم على صورته " أي : على صورة هذا المضروب ، احتراماً لأبيكم آدم . يسمون هذا : التشبيه المقلوب ، لأنه شبَّهَ الأصل بالفرع ، شُـبِّهَ آدم بولده ، ولمْ يُشـبَّه الولد بالوالد ، لذلك يسمونه التشبيه المقلوب : إن الله خلق آدم على صورة هذا المضروب . " إذا ضربتم غلامكم أو غِلْمَانكم فلا تضربوا الوجه ولا تُـقبِّحهُ " لا تقولوا : قبـَّـح الله وجهك ، ولا تضربوا في الوجوه ، احتراماً لأبيكم آدم ، لأن آدم خُلِـق على صورة هذا المضروب ، من نظر إلى سبب الحديث ، وفسَّر بهذا التفسير أخرج الحديث من كونه من نصوص الصفات.

وبعضهم؛ نظر إلى تتمة الحديث "إن الله خلق آدم على صورته وطوله ستون ذراعاً" على صورته) :أي خلقه طويلاً هكذا ستون ذراعاً لم يتدرَّج كما تدرَّج أولاده ، " إن الله خلق آدم على صورته فطوله ستون ذراعاً " خلقه هكذا طويل ، واضح ؟!
كذلك من فسَّر بهذا التفسير يُـخرج الحديث من كونه من نصوص الصفات ، فيكون مرجع الضمير آدم نفسه ، خلق الله آدم على صورته هو ، أي على هذه الهيئة لذلك كل من يدخل الجَنَّة يدخل فطوله ستون ذراعاً كأبيهم آدم .

هذان معنيان ؛ على هذين المعنيين : الحديث ليس من نصوص الصفات.
بعض أهل العلم يرجِّح المعنى الأول ، لماذا ؟! لوجود حديث آخر صريح ، هذا الحديث الثاني : " خلق الله آدم على صورة الرحمن ". عندما كتبت رسالةً تُـسمَّى : (المحاضرة الدفاعية عن السُّنَّة المحمدية) رداً على مدعي النبوة في السودان ، ناقشت هذا الحديث ، في ذلك الوقت لم يكن عندي الحديث الثاني ، لأن الحديث الثاني ضلَّ عندنا نصل إليه أنه ضعيف إلى أن صححه الشيخ التويجري وقرر تصحيحه الشيخ عبد العزيز بن باز شيخُنا ، بعد ذلك ثبت لدينا أن الحديث صحيح ، بناءً على صحة هذا الحديث يكون المعنى الأول هو الراجح ، أي : أن الحديث من نصوص الصفات ، خلق الله آدم على صورة الرحمن " متصفاً ببعض صفاته على ما شرحنا ، وبالله التوفيق. ) إ.هـ