المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : حتى يأتي أمر الله



الشيخ عبدالرحمن عيسى
03-11-2010, 05:20 PM
حتى
يأتي أمر الله
بحث مستفيض في ماهية هذا الأمر
الشيخ عبد الرحمن العيسى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــ
بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تبارك وتعالى : ( أتى أمر الله فلا تستعجلوه ) ..
مقدمة :
إن أمر الله مختلف المستوى والإتيان , فهناك الأمر التكليفي والتشريعي , وهناك الأمر الكوني والتكويني , وهناك الأمر المُنـْهي لكل أمر , والمنجزُ الوعدِ بالفتح والفرج والنصر ..
فالأمر الأول : موكول إلى البشر فعلـُه وعملـُه , مسؤولية واختباراً , وقد يُعصى هذا الأمر ويخالف , من قبل العصاة والضالين , والمغضوب عليهم , لتشكل تراكماتٍ تسبب عقاباً وعذاباً ..
والأمر الثاني : لا يُـتصور فيه التخلف والمخالفة , بل هو دائم السير والجريان , في الكائنات والأكوان (كن . فيكون) أي إن كن , تُمد الكون بما يلزم من الكينونات والأوامر الناظمة.
وأما الأمر الثالث : فهو الأمر الإلهي المرتقب والمنتظـَر , نتيجة وعاقبة لأحداث وأوضاع وابتلاءات وآليّات , يعيشها المؤمنون المستضعفون , في أزمنة الاضطهاد الديني والسياسي , فيصبرون ويحتسبون , ويتمسكون بما تمليه عليهم عقيدتهم ورسالتهم , حتى يقولوا : ( متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب ) .. أي هو قريب عند الله , وإن بدا أنه بعيد عند الناس ..
والذي يَعنينا هنا , هو أمر الله الذي وُعد به المتقون , وأمروا بالصبر على مقتضاه وبلواه , إلى أن يأتي هذا الأمر من الله , على شكل إغاثة واستجابة : رفعاً للحرج والتمحيص , وفرجاً من العسر والضيق .. ونصراً لأهل الصدق , وتعزيزاً لمكانتهم في الأرض ..
وفي القرآن المجيد , يصف الله أمره , بأنه روح يحي به الله الأرض بعد موتها , ويصلحها بعد فسادها , ويُحي مَنْ عليها بالحياة الحية والنامية والوافية ..
وبداية الرسالة الإلهية , روح من الله المقدس والقدوس , لإحياء القلوب والنفوس , وقد تكون الروح أمراً , وقد يكون الأمر روحاً , فالحياة الحقيقية , رهن بأمر الله المبارك والطيب , الذي تتم ترجمته إلى نهضة وإفاقة , ومسيرة جديدة , في طريق التنور والتحضر , تنور الأفئدة والعقول , وتحضر الأخلاق والمفاهيم .. التي هي الشأن الأعظم , لأمة الإسلام والقرآن ..
وليست بالضرورة , حضارة الفحم والنفط , والحديد والنار , والصراع المحموم من أجل هضم الشعوب , وسفك دمها وعرضها الحرام , تبعاً لنزوات وخطط القادة المجرمين والمتوحشين
الأمر الذي يجعل من حظنا : أمر الله المتوجِّب , يغيثنا وينجدنا من البأس والشدة , التي طال أمدها , واستعصى طريقها المسدود , ليكون الفضل كله لله وحده , ولأمره العظيم , في خلاصنا , وفكاك أسرنا , ومجيء دورنا : خيرَ أمة أخرجت للناس , تأمر بالمعروف , وتنهى عن المنكر , وتؤمن بالله .. وهي مبررات وجودنا واستمرارنا في هذه الحياة : أعزة كرماء ..
وبدون أمر الله المغيث والمسعف هذا , فإن الحياة لا تطاق أبداً , والمؤمنون يتداولهم الأعداء بالاضطهاد , ويستنفدون وجودهم الإيماني من الأرض , ويخلو الجو للكافرين والمجرمين والمفسدين , ويتمكنون من إحباط مشيئة رب العالمين !.. وإطفاء نور الله من الأرض كلياً ..
ولكن رحمة الله سبحانه , تأبى ذلك قطعاً , وتـُعَـقـِّب على حياة الظالمين , بأحكام النسخ والإدالة , والردع والإدانة , واستلابِ ما في أيديهم , من بسطة وقدرة , وحكم ومسؤولية , وإحالتهم إلى مجاهل النسيان , ومطاوي الزمن , وزوايا التاريخ , فلا يُذكرون إلا بالمذمة واللعنة.
أتى أمر الله :
يخبر الخبير البصير والقدير : أنْ أتى أمر الله , ولكن لا تستعجلوه : ظهوراً وحكماً , بل اصبروا وانتظروا , فعما قليل ينجلي الموقف , وما فيه من غموض وترقب , عن أمر جليل من أمر الله الواحد الأحد , به يغيث الأمة , ويكشف الكرب والغمة , ويحقق الوعـد الموعـود والمفعول .. ( وكان وعداً مفعولاً ) ..
وهذه الآية ( أتى أمر الله ) , ليست لمرة واحدة وتنتهي , بل إنها تفصح وتشير عن إتيان لأمر الله مستمر ومتنوع , وتنهى عن التعجل في حصول ذلك , فقد يستدعي الأمر , آماداً تطول أو تقصر , حسب حجم الأمر , وضخامة النصر , وما قد يستدعيه الموقف المتأزم , والظرف الصعب , واليومُ العصيب , وإصرارُ الدول الكبرى , على اضطهاد العُروبيين والمسلمين ..
فكأنه يقول سبحانه : إن لي في كل فترة متردية , وواقعة متشددة , وحالة مستعصية وسيئة أمراً مُحْـكماً , يفصل فيما كان , ويضع حداً للطغيان , ويُنهي ما قد تفاقم من عوائد الناس المعتادة في الظلم والتجاوز , ورتابة الحياة المرهقة والـمُذلة , واستخفافِ ذوي النفوذ والسلطة , بأية قيمة ذات قيمة , واستعذابِ حياة الإثم والتفلت والجريمة , فلا نهاية تبدو أمام المظلومين , تخفف عنهم بعض ما يعانون , مما هو فوق طاقة التحمل , ويبحثون عن الأمل , يعللون به أنفسهم , فلا يجدون !.. ويتلفتون مذهولين ومشتكين , ولكن ليس من مغيث ولا نصير ..
فعندها يأتي أمر الله بالتغيير الفائق والسريع , واعتدال ميزان العدالة والرحمة , الذي وصل انحطاطه إلى الحضيض .. وكان الجور والحقد والفساد العريض ..
فهل من الممكن في التفسير والتصور , إلا أن يُستنبط لأمر الله الآتي , مثلُ هذا الحجم الرائع , من الإنجازات التي تأتي على قـدَر مقدور : إغاثة لحالة ما في الأرض , من أهوال وعذابات , وحمامات دماء ودموع , تجري أنهاراً وشلالاتٍ , وحضارةِ الوحش المجنون , الذي يزحف كالجراد والطاعون , وينقض من وراء البحار والمحيطات والقرون !. مدمراً التراث والتاريخ , الذي استغرق أحقاباً طِوالاً , وصنعته عقول إنسانية عظيمة !..
أم هل يتصور المؤمنون , وغير المؤمنين , أنْ لا دخلَ لله في كل ما يجري , وأنه ليس بالمرصاد لأعدائه , وأنه لا يحول بينهم وبين ما يشتهون , وأنه في النتيجة ليس له أمر واغل , ولا حكم فاصل , ولا رحمة مُغيثة بخلقه , الذين يُعذبون ويستغيثون , ويستقوون به أمام المتجبرين الذين لا يرحمون , ويقولون : الله ربنا موجود , وسينتقم من القوم الظالمين ..
بلى إن الحق سبحانه , إزاء هذه الحياة الآثمة , له شأنه الأعظم , وأمره المُبـْرم , وإتيانـُه المباغت والمشهود , من حيث لا يحتسب الأعداء الكافرون والمنافقون .. ( فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ) ..
وإن أجل الله إذا جاء , لا يُؤخر لو كنتم تعلمون .. ويا ليتكم تعلمون ..
ويقول سبحانه : ( وما أمرنا إلا واحدة كلمحٍ بالبصر ) ..
فأمر الله الذي يقضي بالتحول والتغيير , لا يتعدد ولا يتكرر , بل هو أمر لمرة واحدة فقط وفي سرعة مجيئه وإتيانه , كانصباب المطر , أو كلمح بالبصر ..
وإن الله جل في علاه , ليس مَعنياً بأن يستأذن أعداءه , ويحصل على موافقتهم , أو ينتظرَ ضعفهم وعجزهم , حتى يبعث بأمره الحاسم والحاكم , فهذا التصور شر من الكفر , وليس من سُـنة الله التي لا تقبل التبديل ولا التحويل . ( ولا تجد لسنتنا تحويلا ) . فالله ملتزم برحمة خلقه ..
فالله سبحانه , يفعل ما يشاء ويختار , في الوقت الذي يشاء , وبالسبب الذي يريد , أو بدون سبب أصلاً , وإن الله الذي لا يُـسْـتـَفـزُّ ولا يُـبْـتـزُّ , ولا يَعجل لعجلة المخلوقين , وله حكمته وتوقيته الدقيق , في إعادة تدبير أمر الدنيا والدين , على النحو الذي يرضيه , ويعيد التوازن من جديد , بعد ما يلـُجُّ أعداؤه في العُـتـوِّ والطغيان , وامتهان أهل الدين والإيمان ..

الله يأمر بظهور الحق :
ويقول سيد الخلق محمد , صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق , لا يضرهم من خالفهم , حتى يأتيَ أمر الله ) ..
فالرسول عليه الصلاة والسلام , يُـثبت هنا : أن هذه الأمة , مهما كانت في أي ظرف وزمان , لا تخلو ولا يجوز أن تخلو , من وجود جماعة وبقية , هم طائفة تطوف في الأرض , وتبشر بالحق , ويكون لها السمو والظهور الباهر , الذي لا يمكن إخفاؤه , ولا التعتيم عليه ..
وأن هذه الطائفة , تستمر في الوجود والحضور : مَظهراً ورمزاً , تأثيراً وأثراً , تجديداً ورحمة , تذكيراً وتذكرة , فيبقى الناس متذكرين , وأن الحق مع الدين , الذي هو الإسلام الحق , والدين الخالص .. ( ألا لله الدين الخالص ) ..
فإذا ما ضل المسلمون , عن طريق الهدى والنور , ووقعوا فريسة الظلمات والظلم والإثم فإن هذه الطائفة , تشكل طليعة مؤمنة وملتزمة , ورواداً وهداة في أزمنة الانحسار والبلاء , فلا يتحقق مراد أعداء الله , من أن يَـفصلوا الأمة عن دينها بالكلية , ويجردوها من كل أصالة وهوية فتستعصي عليهم , رغم جهودهم المضنية , وجهود المنافقين لهم , والسائرين في ركابهم ..
إن عودة الأمة , إلى شرعها الحنيف , وموقعها الزاهر , مرهونة بالرسالة التي تحملها هذه الطائفة , وتستمر عليها , رغم الضغوط والتحديات , والجسور المدمَّرة , والطرق المسدودة , فلا تضرهم مخالفة المخالفين , ولا تـَثـني من عزيمتهم أراجيف الراجفين والمرجفين .. فبإذن ٍ ومشيئة من الله , يتم التجاوز لكل ذلك , وتنتصر هذه الطائفة , فتنتصر الأمة تبعاً لها .. ومن خلال آليات وأحداث وملاحم , يكون في النتيجة : الفتح المبين , والنصر المؤزَّر , والعودة الحميدة والرشيدة , والنهوضُ من الكبوة الشديدة !.. بقائد ملهَم ومنتظر , يُعده الله جل جلاله , ويصنعه على عينه ..
فأية بشرى عظيمة , يحملها إلينا رسولنا الكريم , حينما ينوه بهذه الطائفة , التي يضيء وجودها مصابيح الأمل , ويوقد شعلة الإيمان , ويمهد لانتصار المؤمنين والموحدين .. الثابتين على الـعهد , والـصابـريـن في الـبـأسـاء والـضراء , وحينَ الـبـأس .. وحين الـغلاء والـبلاء , والـظلم الضاغط , وحياة القهر والحرمان ..
وتصدُّع الأمة على هذا النحو المشاهَد , لن يغير من الحقيقة الإلهية شيئاً , ما دام عباد الله الصالحون , يتحملون أعباء الدعوة والدين , ويشكلون النواة التي منها تنبثق شجرة الإيمان والنصر , في هذا الزمان , لتستعيد أمتنا : حريتها السليبة , وحقوقها المغتصبة ..


كيف يجيء أمر الله :
يقول سبحانه : ( حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور .. ) ..
نوح عليه السلام , كان في مأزق فادح , استمر ألف سنة إلا خمسين عاماً .. ولا يعلم إلا الله , كم مضى من زمن التصبر والترقب , بعد الاستجابة لدعاء نوح , حتى أنجز هذا الدعاء , وتـُرجمت الاستجابة الإلهية , إلى واقع يقتحم على قومه , ما هم فيه من سُكر وغفلة , وإمعان ٍ في الأذى والكفر , وإلحاق الضرر بنوح ومن معه , من أبنائه والمؤمنين والمؤمنات ..
لقد كان الموقف الأخير لنوح , بعد دعوته التي دعا بها , يتطلب تدخلاً سريعاً من الخالق المقتدر , لإحداث الطوفان , الذي يُغرق أهل الكفر والطغيان , ويُنهي هذه المأساة الطويلة جداً ..
وهذا التدخل , جاء على شكل أمر ذاتي مباشر , يصدره الله سبحانه , في لمحة تسبق الزمن , وتقول بالتفصيل : ما ينبغي أن يكون , حيث جبريلُ والمدبراتُ أمراً , على أهْـبة الاستعداد , لتنفيذ موجبات هذا الأمر , وإن الإشارة المشفـَّرة في ذلك : أن يفور التنور , دون أن يذكر الحق سبحانه , ماهية هذا الفوران , المُؤْذن ِ بانفجار الطوفان !..
ولعل الله جل في علاه , يدبر هذا الأمر , من قبل ألفيته العسيرة والمريرة , ويصمم بعلمه الواسع , تفاصيل ذلك العذاب , ويهيء ظروف المناخ القادم , الذي يرتبط توقيته بيوم مُعـيـَّن , وساعة معلومة سلفاً .. غير قابلة للتقديم والتأخير , وحاسمة ً أيضاً ..
فتجيء وقائع الحدث الكبير , حسبما هو مصمم في العلم المحيط , دون زيادة أو نقصان ..
فقد علم الله قبلاً وقِدماً , ما سيكون من نوح وقومه , ومآلاتِ ذلك الصراع الغريب في التاريخ ! فتقرر ذلك كله وترتب , في عالم التنازع والأسباب , والأحداث والتطورات المتلاحقة .
وعِـلمُ الله بما سيكون , ليس بالضرورة حكماً مُسْبقاً منه , وقراراً اتـُّخذ قبل خلق السموات والأرض , وليس فيه جَبْرية يزعمها الجائرون الجـبْـريون , القائلون على الله بلا علم ولا كتاب منير .. وإلا ضاعت المسؤوليات , وكان الملومَ والمفـرِّط َ : ربُّ العالمين !..
والجبريون يخلطون بين العلم والحكم , وبين الأمر التكويني والتشريعي , وبين المقدمات والنتائج , وبين أفعال الكافرين والعصاة والمجرمين , وما به يُجازوْن ويعاقبون !..
وهؤلاء باختصار : لا يُسَبِّحون الله ولا ينزهونه , ولا ينسبون إلى أنفسهم ظلماً ولا إثماً , ولا يقول أحدهم : سبحانك إني كنت من الظالمين , ويقول سبحانه : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون ) .. ( وقِـفـوهم إنهم مسؤولون ) .. فلماذا السؤال إذا كان جبر , وليس في علم الله جبرية مزعومة , ولا ما يدل عليها .. لأن العلم كشف مسبق بما سيكون , ليس إلا ..
مـُسَـوِّغات أمر الله :
إن الله سبحانه , يعبر عن أمره بالمجيء , من خلال : إذا .. التي هي ظرف لما يُستقبل من الزمان .. فكم يستغرق ذلك من وقت وتسلسل أحداث , وتراكم مسوِّغات واعتبارات , وحصول جملة من التطورات والمخالفات , لتكون القضية جاهزة لدى الحضرة الإلهية , ومستوية ً تماماً , ومستكملة لكل الشروط الموضوعية , التي تـُؤذن في حضرة الله , بمجيء أمر الله وحكمه ..
وكم يصبر الله على ظلم الظالمين , وأعداء النبوة والنبيين , حتى تـَستنفد الأحداثُ المعادية لله , ما قـُدِّر من صبر وحلم وإمهال, في محضر الله جل جلاله .. ( وإن الله يـُمهل ولا يـُهمل ) .. وحيثيات الأمر , لا بد منها لمجيء الأمر .. وإن النتائج المعتبرة , مسبوقة بمقدمات مستوجـِبة ..
وإن جملة الأعداء والظالمين , يستفيدون من صبر الله وحلمه , في عملية الاستمرار والغرور , وكونـِهم يتحركون في دائرة الإمهال والاستدراج والإملاء , فيظن أعداء الله , أن ذلك ضعف من الإله , فيزدادون غروراً , ويتصورون أنهم غير مغلوبين , وأن سلطتهم إلى الأبد !..
ويقول سبحانه : ( وأُمْلي لهم إن كيدي مَـتين ) .. ( سنستدرجهم من حيث لا يعلمون ) ..
ألا ما أغبى وما أتفهَ المغرورين بالله , الذين يتطاولون على حق الله , ويستهينون بقدرة الله عليهم , وأن ما هم فيه دائم لهم , ولو دام لمن قبلهم , لما وصل إليهم .. فمتى ذلك يعلمون , ومتى من سكرتهم يُـفيقون ؟!.. بل متى يأمر الله , بإخراجهم من دائرة الحلم والإمهال ..
وإن فوران التنور ينتظرهم , ليتقرر البدءُ بنهايتهم , وحينئذ لا تنفعهم أبراج ولا جنود , ولا تحميهم بوارج ولا مُعدات , ولا تحول بينهم وبين أمرالله إذا جاء , استحكامات ولا مِنصات , ودوائر استخبارات !.. وكم من قادة متجبرين وظالمين , كانت نهايتهم على عناصر حمايتهم !..
تساؤلات :
فهل يحق بعد ذلك لأمة القرآن , رغم الغثاء والأغبياء , من أبنائها العاقين , أن تكون الآن في موقع الترقب والانتظار , والتطلع إلى مجيء أعظم أمر لله , يقضي على أكبر فتنة في الأرض قد مرت على هذا الكوكب المنكوب , منذ عهد آدم وإلى اليوم ؟!. وهي فتنة المسيح الدجال !..
وهل من سبيل إلى انفراج كبير , في نهاية هذه الأزمنة المَـقيتة , والأزمات الشائكة , والمصائب المروِّعة , والأهوال المخيفة والمرعبة , والأعداء الطاغين والباغين , والخطط الجهنمية المدمرة , والاستراتيجيات الشيطانية , الوجهِ الآخر لحضارة الغرب والأمريكان ؟!..
وهل على أعداء هذه الأمة وأعداء مستضعفيها , أن يتوقعوا أمراً من أمر الله , يعلمون بموجبه أن الله هو الحق المُحق , وأنه لكل عظمة وانتصار أهل ومستحِـق , وأنهم وحدهم الجناة والقاسطون , وأن تمتعهم في هذه الدنيا , كان اختباراً إلى حين .. فسقطوا في الامتحان , وصاروا جديرين بكل مذلة وامتهان ؟!. ( وأما االقاسطون فكانوا لجهنمَ حطباً ) والقاسط منحرف وجائر ..
ويقول سبحانه : ( وإنْ أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين ) .. فلا تغتروا أيها المجرمون ..
أخيراً :
فلا أريد بعد ذلك كله , أن يسبق إلى وهم السادرين , أن أمر الله هذا يأتي من فراغ , وأنني أتمنى على الله الأماني , وأن أمة الإجابة والإنابة , لم تقدم أعظم ثمن لأعظم نصر , في ملحمة ضخمة ونادرة , تتناثر فيها الأشلاء والدماء , كأنها ذرات الهواء , وينال المؤمنين الصادقين والمؤمنات , تحت كل سماء , وفوق كل أرض , ما لا يوصف ولا يكاد يُصدَّق , مما تشيب له رؤوس الأجـنـَّة في بطون أمهاتها , وتعجز قواميس اللغة , عن توصيفه وتوثيقه وتسطيره !..
أمرُ الله بالعدل :
يقول سبحانه : ( إن الله يأمر بالعدل .. ) ..
وبالعدل قامت السموات والأرض , وهو عدل الله المطلق , الذي هو في حقيقته وواقعه , غير مَـقدور للبشر , أن يكون مفهوماً لديهم , وواضحاً لهم , بسبب الأمشاج والملابسات !..
فمباديء العدل معروفة ومتداولة عِـلماً , ومن الميسور التعرف عليها , ولكنَّ حقائق العدل المطلق , هي التي لا يعلم إلا الله سبحانه : مداها وفحواها , وأين وكيف تقع , ومَنْ ضحاياها ؟..
إن العدل الذي يأمر به الله الحق , هو العدل الحقيقي في هذا الوجود .. وهو الذي يفعله سبحانه , بكل دقة وحيادية , دون أن يظلم ذرة أو يَحيف .( أم يخافون أن يَحيف الله عليهم .. ) ..
( إن ربي على صراط مستقيم ) ..
ولذلك فإن العدل عدلان : عدل خاص بالبشر , وعدلُ خالق البشر ..
وأما الأول : ففي الغالب الأعم , يَخرج البشر من ملحمة العدل خاسرين , وأكثرهم يكون من الظالمين , خصوصاً على مستوى القضاة والحاكمين , أئمة الجـوْر .. فيعطـَّل ميزان العدالة والعدل , ويُطرح جانباً : إكراماً للرشاوى والشهوات , والأحقاد والمصالح القذرة , واستضعاف الآخـَرين , الذين لا يجدون ناصراً لهم , إلا الله تبارك وتعالى , فيظلِمون مستهينين بعدل الله !..
وأما العدل الإلهي : فلا يُعَطل أبداً , وإذا اقفرت الأرض من عدل البشر , فإن عدل الله قائم الموازين , وقد يُخفـِّف من وطأة الظلم , وينال الظالمين من حيث لا يشعر الناس , ولا ينتبهون !..
وإن عدل الله في غـِمار الحياة الدنيا , المفعمةِ بالمظالم والضغوط والتعديات , يكتنفه الغموض والخفاء غالباً , بسبب التركيبة الدنيوية , المؤسسةِ على قاعدة الابتلاء والتكليف والمسؤولية , التي من مقتضاها إعطاءُ الفرصة والإمهال , لـيُـظهر كلٌّ ما عنده , ولعله يأخذ بالتوبة , وليكون في النهاية , موسوماً بسِـمة الظلـم الذي ينتابه ويوبقه , أو العـدل الـذي ينـْجيه ويطلقه .. أو التوبة النصوح التي قد تـَغفر له , وتـُكـفـِّر ذنبه , ويُعفى عنه بعد الحكم عليه ..
وليست استحقاقات العدل في الدنيا , مستوفاةَ بالكامل , فكثير من الناس يمضون بما كسَبوه من مظالم العباد , ليُوَفـَّوْا جزاءهم العادل يوم الدين .. والحياة ابتلاء بالطبع , وغرس وزرع ..
( وجعلنا بعضكم لبعض فتنة .. ) ..
ولذلك ترى كثيراً من الظالمين والآثمين , لا يمسهم السوء ولا هم يحزنون , في دنياهم وحياتهم هذه , بالحكمة التي ذكرناها آنفاً , وبمقتضى الحكم الإلهي , مع وقف التنفيذ غالباً ..
ومن الملاحظ أن العدل الإلهي في الدنيا , قد يتباطؤ مجيئه , كنتيجة وعاقبة للذين ظلموا , ولكنْ يأتي أخيراً : تطهيراً لهم في الدنيا , وإعفاء من العقوبة في الآخرة .. إذا كانوا مؤمنين وموحدين طبعاً .. وقد لا يأتي , فيعاقبون يوم الدين , وهذا ليس في صالحهم حتماً ..
وأما الكفار الملاعين , وأكابر المجرمين , فليسوا في هذا المربَّع من عدل الله قطعاً .. ولهم شأنُ عدل آخر .. قد يُـدخلهم جهنم وبئس المصير .. خالدين فيها أبداً , وما هم منها بمخرجين ..
وفي الخاتمة , فإن العدل معناه : التوازن والمساواة والإنصاف , وإعطاء الحقوق لأربابها كـاملـة غـير مـنقوصة , والأخـذ ُ بيد الـمظلـومين : خـلاصاً وإنقـاذاً ونـصراً , ووقـفـاً لـسياسة الذين لا يرحمون , وينامون مِلء عيونهم , وشعوبهم لا تنام , من الظلم والتسيب واللا مسؤولية..
وقد يكون معناه : عقوباتٍ وحدوداً ومؤاخذاتٍ , تـُوقـَع بأهل الظلم , ومرتكبي الجرائم والفواحش : مُجازاة وقصاصاً , وردعاً وزجراً لسواهم , لكي لا يكونوا أمثالهم !..
الروح .. من أمر الله :
ويقول سبحانه : ( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي .. ) ..
( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا .. ) ..
وهكذا يبدأ حديث الروح والأمر , في تلازم مستمر , فمصدر الروح ومرجعيته , من عالم الأمر .. فما هو عالم الأمر هذا ؟.. وما هو وجه التلازم بينهما ؟..
في البداية : وصف الله نفسه بأنه رب العالمين , فهي عوالم كثيرة إذن , لا يحيط بها إلا الله سبحانه وتعالى .. وليست عالماً واحداً , هو عالم العادات والتقاليد , الذي نحن فيه ..
وعالم الأمر واحد منها , ولعله أكبرُها , بسبب ارتباطه بالروح , التي تُفيض الحيَوات , في الأرض والسموات !.. وموجودات كل منهما .. فالروح سر الوجود , وسر كل مولود ..
إن الروح كلية لا تتجزأ , وهي نفحة متدفقة من عالم الأمر الإلهي , الذي يختزن في دوائره , كلَّ ما لله من أوامر في العوالم , تـَهديها وتـُسويها , وتبعث الروح والحياة والحيوية فيها.. لتمضي سفينة الحياة , محاطة بألطاف خفية وعلنية , من أمر الله الملك القدوس ..
وإن الروح أيضاً , هي ابتداءً : النواةُ الأولى , والبذرةِ الصالحة , لنشوء الـمبادي والقيم الحية , وتـَكوِّن الـحقائـق والـمفـاهـيم الـصادقة , وهي قـاعـدة انطـلاق الـنبوات والرســالات , حسب الآية الآنفة .. وهي قوله تعالى : ( وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ..) ..
يتمخض عالم الأمر , فتكون الولادة روحاً تملأ الكيانات , وتسري في الخلايا والذرات , وتـُنتج طاقة الحياة .. التي تـُضيء وتُحي الموات من الماديات والترابيات , والخلايا الدقيقات !..
والمباديء على اختلاف ألوانها , مباديها روحانيات مجرَّدة , تـُطوِّف في الأرض والفكر وتـُشعل مَوْقد الأمل , وتكشف عن المستقبل , وتمهد طريق الرواد الأوائل , من أجل صنع واقع مفقود , والتبشير بعهد جديد , من خلال حالة اليأس , والمعيشة الأصعب .. والحكم الذي يصبح عبئاً فاسداً ومستهلكاً .. فتنبعث الحياة في كل ما هو مَنسيُّ وميت , ومستهلـَك ومستنفـَد , مما يطمح إليه البشر , ويثير اهتمامهم , ويدغدغ أحلامهم , وهو محل رضاهم ومناهم ..
وهكذا تنشأ العهود والأدوار في التاريخ , وتتجسد الأحكام والمسؤوليات الجديدة , وتقوم الدول الكبرى على ظهر هذه البسيطة , وتـُصاغ الاستراتيجيات الفاعلة والمهيمنة .. ويأخذ الصراع , وتنازعُ البقاء , شكلاً آخر .. يفضي إلى نمط للحياة جديد وصاعد !..
فالروح آمرة ومُعمِّرة وبنَّاءة , لأنها جاءت من عالم الأمر , وهي لها الفوق والطوق , ومن وراء الماديات والمحسوسات , وهي ذات طبيعة فذة لا تموت , ولا يتطرق إليها التحول والفناء ..
تفنى أثوابها التي ارتدتها , وكياناتها التي تقمصتها , وأجسادها التي سكنت فيها إلى حين , وبَعثت فيها التحرك والسكون .. وهي اللطيفة الربانية , التي تُفعِّل واقع الحياة , وما كان ويكون ..
وهي أمانة الله , ونفخة الله , وروح من روح الله , وسر مكتوم وغير معلوم , لم يُكشف غطاؤه , ولم يُدرك شأوُه وجوهره المقدس .. وحينما تغادر الأجساد , تموت هذه الأجساد !..
ولكنها من خلال مصدرهـا وآثـارها , مُوَلـِّد ضخم , يُـمد الكـون بالـطاقة اللازمة , لـيتحرك كل ما فـيه , حسب ما خـُـلـق له , ووُجد من أجـله , بناء على تركـيبته الـخاصة , وتسويته المتميزة والممَـيَّـزة .. خصوصاً الإنسان , الذي فضله الله على سائر الحيوان ..
الروح عَـين وبها نبصر , وأذن وبها نسمع , ويد وبها نبطِـش , ورجل وبها نمشي , ورئتان وبهما نتنفس , وقلب وهو مصدر الطاقة الحيوية , في البدن وأعصابه .. وهي بَر وبحر , ومد وجزر , وشمس وقمر , وكوكب ونجم , ومَجرات وغابات .. إلخ إلخ ..
وبدون الروح , فلا شيء من ذلك ألبتـَّة , إلا أن يكون موتاً وعدماً , وفراغاً وظلماتٍ , وقحطاً جارفاً , وتصحراً وتحجراً , وطبيعة خامدة .. ومقابرَ كلُّ ما فيها : موحش وأصم , والعبرة فيها بالإشارة والرمز , والحجارة الموحية بما في الأجداث , من أسرار وأخبار وأحداث..
وإذ يأتي أمر من الله , فإنه يترجَم في عالم الأمر , إلى طاقة روحانية فائقة , ذاتِ معاني ودلالات خارقة , تنبثق وتنطلق , وتمضي إلى قـدَرها المقـْدور , وثوبها الصفيق , وكيانها المختلف , وجسدها الكثيف , وأدائها المتنوع والمشهود .. في عالم الملك والشهادة والشهود ..
حيث تظهر وتتبلور آثارها وعطاءاتها , التي تـُذهل أولى الفكر والعقل , وهي الأقرب والأبعد معاً
هبطت إليك من المَحلِّ الأرفع وَرْقاءُ ذات تدلل وتمنع
وهي الروح حتماً هبطت من عالم الأمر , إلى عالم التراب والصخر , فصار جناتٍ وأنهاراً , وحضارة إبداع وإعجاز , ومظهراً للظواهر المدهشة , والمفارقات والمعادلات المحيرة.
الله لا يأمر بالفحشاء :
ويقول سبحانه : ( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عـليها آباءنـا والله أمرنا بها قـل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون ) ..
ومن الـمَفـْروغ منه قرآنياً , أن الله سبحانه , يأمر بالعدل والإحسان , والقسط والحق , وأما الظلم والجور , والفحشاء والإثم , فليس لله أوامر مختصة بها .. ومركزة عليها ..
وإن وقوعها , لا يدل على أن الله يرتضيها ويشاؤها , فما نهى الله عنه , لا يأمر به قطعاً , بل يمقته ويمقت فاعليه , ويعاقب عليه .. وهو ليس مسؤولاً عنه , بل مسؤولاً عن كل ما هم ايجابي وصالح , في هذا الوجود ..
وإن أوامر الله ونواهيه : الـتشريعية والتـكلـيفية , فبالإمكان عصيانها ومخالفتها .. وحينئذ لا يقال : وقع في ملكه ما لا يريده .. إذ حكمته العليا والقديمة , هي التي اقتضت ذلك ..
ولأن هذا العصيان ممكن أصلاً , ولا يشير إلى عجز الرحمن , بعد أن منح الحرية للإنسان ..
وإن حرية الإرادة والاختيار , الممنوحة َ للبشر : ابتلاء واختباراً , هي مصدر السوء والـفـُحش , وحصول المظالـم والـظلم , الـذي حـرمه الله عـلى نفسه , وحرمه على خلقه من بني آدم .. ( يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تـَظالموا ) ..
أوامر الله : قـُدوسية ورحموتية , وهي لصالح الخليقة , ولحساب ما هو نافع ومفيد , ويحقق الحياة المستقرة , على ظهر هذا الكوكب .. وهذه هي شريعة الله , وسبيل التعامل مع الله ..
ولكن النفس الأمارة بالسوء , والشياطين الآمرين بالمنكر , هم الذين تقع عليهم مسؤولية الضلال الديني والدنيوي , والفساد الخلقي والاجتماعي , والحساب والعذاب الأخروي ..
وإن الله طيب لا يفعـل إلا طـيبـاً , وقـدُّوس لا يقـبـل إلا ما كـان مقـدَّساً , ورحمن رحيم , لا يصدر عنه ما هو قسوة وحقد وظلم , ومتسامح كريم , يحب الكرم والعفو , والصفح الجميل , ويكره ما سوى ذلك , مما لا يتورع عنه الظالمون والمجرمون والآثمون , ولكلٍ صفته وسِمته ..
وإن الله سبحانه , رب الصلاح والإصلاح والصالحين , والإيمانُ به طريق النصر والفلاح والمؤمنين , والذين يعصونه , ويخالفون عن أمره , فإنهم هم الفاسدون والمفسدون في الأرض ..
ملاحظة هامة :
إنني أود أن أقول شيئاً : إن الناس في هذا الزمان , يقولون عند كل جريمة وخطيئة يرتكبونها , أو يرتكبها غيرهم : هذا أمر الله , وكأن الله يأمر بذلك , ويُجبـِر عليه !. وبذلك يصدرون صكوك البراءة , إلى أفعال الشيطان , وأفعال أتباعه وأوليائه من الإنس والجان , التي لا يمكن إلا أن تدان : عقلاً وشرعاً .. فالمشكلة قديمة , ومنذ قال عزازيل : ( فبما أغويتني ) ..
وكأن هذه الأفعال , هي من فعل الله ابتداء وبداية , وأنهم مُجْبرون عليها , ولا مَخلصَ لهم منها , وأنهم لا دور لهم في صنعها واجتراحها , وأنهم ضحية ومظلومون !. أستغفر الله العظيم ..
ويُسْـقطون بذلك كامل المسؤولية , في هذه الحياة الدنيوية , التي لا يقول بها عاقل , فضلاً عن مؤمن يقرأ القرآن , ويـتدبر ما فيه من آيات التسبيح لله , المنزهةِ لـه عن أفـعـال المخـلـوقين , وما فـيها من بغي وظـلم وإثـم .. وتلويث للبيئة والقيم , التي أبدعها الله في أكمل حلة وتوازن ..
وسبحان الله في القرآن , طافحة بالنزاهة والتنزيه لله , وبكماله المطلق , الذي لا تشوبه شائبة مما يَصفون .. والمنهج الحق في قوله تعالى : ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) .. ويقول : ( فلولا أنه كان من المسبحين . للبث في بطنه إلى يوم يُبعثون ) ..
ويجب نفيُ آثار المذهب الجبْري , من حياة هذه الأمة , الذي دفع بها إلى مهاوي الردى , واستعذاب الظلم , والاستهانة بالمعاصي والذنوب , والاكتفاء بإلقاء العُـهدة على علام الغيوب , وأن الاعتراض على المذنبين , وما يفعله الظالمون , اعتراض على الله ذاته .. ومن يَعترضْ ينتطرد .. وألغيَ الأمر بالمعروف , والنهي عن المنكر !.. وضاعت حقيقة الدين واليقين .. والله سبحانه وتعالى أجل وأعلم .. وأكرم .. عبد الرحمن