المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال لا تكاد تجد الا كتابيا او ملحدا،فاين جهد المسلمين حينها ايام عزهم؟



ابوبكر الجزائري
03-12-2010, 09:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله،اخوتي في الله من المؤمنين الموحدين لرب العالمين اسال الله لي ولكم التوفيق والسداد،
اسال الله ان يكتب لكم اجر المجاهين في سبيله الساعين لاعلاء كلمته،المبلغين لدينه والقائمين بحجته امين
لقد فرحت اشد الفرح بانضمامي الى منتداكم ،ولم يكن يخطر بالبال وجود مثله،ولا تعلمون مدى انشراح الصدر وسرور القلب حين وقعت على هذا المنتدى.فلكم جزيل الشكر
اولى مشاركاتي استفسار طالما اشغل فكري ،وارهق ذهني،وهو في الاساس ليس امرا ذا بال خطير والاجابة عنه بالنفي او الايجاب،لا تعد غاية ولا مقصدا ،بل العلم به لا يعد من ضروريات العلوم ،ولا مهماتها ،غاية الامر ان يدرج في باب الملح التي يعتني بها اقوام خدمة للثقافة والمعرفة.
غير ان السبب الرئيس الذي جعلني اهتم به هو اتخاذ الملحدين لهذا الامر متكئا للطعن في الاسلام واهله ،وان لم يكن مطعنا سعيا للتشويش على ضعاف النفوس ومرضى القلوب من عامة المسلمين.
خلاصة الاشكال ما يلي:
انني حين اتصفح ما بين يدي من مراجع تؤرخ لعولم الدنيا وصناعاتها ايام عز المسلمين وتفوقهم الحضاري ،ورقيهم المدني لا تكاد تجد احدا من رواد هذه العلوم-ممن اعرف - وله امامة في فن منها او كان اهلا لان ينسب الى التطوير في باب العلوم والتقنية،وله اثر واضح جلي في مجالات التنظير والتقعيد والاختراع والتطبيق في جميع التخصصات الطبيعية منها والرياضية،وتطبيقاتها في سائر المجالات.
اقول حين استعراضك لذلك التاريخ لا تكاد تجد رائد في علوم الدنيا الا وتجده ما بين كتابي اتيحت له فرصة الامان والعيش بسلام واكرمه المسلمون فمهر وبرع ،او ملحد معطل اتخذ الاشتغال بالعلوم الدنيوية مدخلا للطعن في الاسلام ،او منافقا زنديقا ظهر كفره في ثنايا ابحاثه وارائه وان حاول اخفائه والبراءة منه .
والذين سلموا من الزندقة والكفر فانك تجدهم قد تلوثوا بافكار الفلاسفة في الاعتقاد لدرجة انك تحار في بعضهم اهو حقا على دين الاسلام ام لا يدين بشيء.
اخواني ايكون من المعقول بناء حضارة دامت في عزها قرونا طويلة وتكون احدى دعائم التحضر فيها قائمةعلى سواعد المعادين للملة التي قامت عليها هذه الحضارة
اين كان اذكياء اهل الارض من الفقهاء والمفسرين والقضاة وغيرهم ممن تركوا اثارا عظيمة في علوم الشريعة.اين هي جهودهم واين اثار فكرهم في هذا الباب.
تساؤلاتي هذه لا تنم عن انكار وجحد عياذا بالله ،بل انا لست متخصصا في التاريخ،وبضاعتي فيه اقل من تذكر،وانما انا كغيري من المسلمين ،نتاج انظمة تربوية قائمة على تمجيد الحضارة الاسلامية والفخر بها ثم اذا اتيت الى التمثيل.فلا تجد الا الخوارزمي وجابر بن حيان وابن سينا وابن النفيس وابن الهيثم والفارابي وابن رشد حفيد و. وفلان اليهودي وفلان النصراني و فلان المجوسي ووو...الى اخر القائمة التي ما تعلمنا غيرها
ولا يخفى على من اطلع على كتب الفرق والملل والنحل حال اكثر اولئك.والله المستعان.
اخواني ربما قد تعذر دولة الخلافة الراشدة لانها كانت دولة فتية مشغولة بقهر العدو المحيط.وربما تكون دولة الامويين معذورة لانشغال خلفائها باستكمال مسيرة الصحابة في الجهاد ،وتوطيد امور الخلافة والاشتغال باطفاء الفتن والصراعات الداخلية.،لكن ما عذر بقية الدول سواء دول الخلافة كالعباسيين والعثمانيين او دالدويلات الموازية كالامويين والمرابطين في المغرب،والمماليك والتتار في المشرق.
الظن باولئك كلهم وقد مهدوا السبل لبناء اعظم حضارة ان يزين تاريخم بالانجم الزاهرة اولي العقائد الصحيحة اصحاب الايمان واليقين ائمة فنون الدنيا ،جنبا الى جنب مع اخوانهم من حملة الشريعة وعلومها ،وجنبا الى جنب مع ابطال الامة الفرسان الشجعان الذين مرغو جباه الجبابرة في الاوحال.
اخوتي في الله هذا نداء الى المتخصصين في تاريخ العلوم .يحق لي الاستفسار حتى تتم نشوة العز بهذا الدين .والله المستعان وعليه التكلان والحمد لله رب العالمين.

عبد الغفور
03-12-2010, 10:00 PM
أهلا ومرحبا بك أخي الفاضل في منتدى التوحيد

هذا برنامج من إنتاج قناة المانية يتحدث عن التقدم العلمي في الاسلام وكيف أنه كان السبب في الحضارة الغربية :


"علوم الاسلام الدفينة" و أسرار تفوق علماء المسلمين

القيصر الألماني فريدرش الثاني كان مولعا باللغة العربية وعلوم واختراعات المسلمين وقد رحب في بلاطه بنابغتهم ابن الأثير

ألمانيا - مرسل الكسيبي

"علوم الاسلام الدفينة" هو عنوان لفلم وثائقي ألماني يعد من أعظم الانتاجات الألمانية المنصفة لتاريخ العلماء المسلمين وواحد من أبرز قادتهم عبر التاريخ ..

هكذا يقف الشريط على تاريخ اسلامي مشرق يعود بالذاكرة الانسانية الى رصد تحولات هامة عرفها العالم قبل حوالي ألف سنة ..
انه ظهور لنظام عالمي جديد في ظل ظهور القائد الاسلامي البارز السلطان صلاح الدين..

الشريط ينطلق من الحديث عما كان يمتلكه المسلمون انطلاقا من القرن العاشر ميلادي من تقنيات ومهارات حرفية متقدمة عن الأوروبيين , ويذكر أمثلة لساعات صالحة ودقيقة وعدسات مكبرة تشبه النظارات وأجهزة تقنية استخدمت في علوم الفلك أو الجراحة الطبية وعلوم التشريح..
وبالمقابل يقول منتجوه الألمان بأن المسيحيين كانوا يمارسون التجسس الصناعي على نطاق واسع , وكانت الكنيسة ترى في تقدم المسلمين صنيعة شيطانية , بل انها كانت تمقت ممارسة الطب الاسلامي وقام رؤساؤها باخفاء علوم اسلامية لمئات السنين بل حتى يوم الناس هذا ..

الشريط يستجوب في الغرض المؤرخ الألماني توماس شوتز الذي يقر بدوره بأن التاريخ يكتب من المنتصر , وبأن كتابته تمت في القرون الوسطى بواسطة رهبان متعصبين للديانة المسيحية نظروا الى الاسلام كعدو وشيطان.

http://doc.aljazeera.net/DocGallery/Media/Images//2009/8/26/2009826918114907344.jpg

تواريخ مفصلية :

كانت سنة 1187 ميلادية سنة فاصلة في تاريخ دحر الصليبية , واستعد القائد المتحضر بحسب وصف الشريط الألماني السلطان صلاح الدين للمعركة , وكان مقتنعا بأن الانتصار لايكون بالايمان فقط , وانما أيضا بالتخطيط وبراعة العلوم وهو ماشكل وقتها نظرة شائعة لدى قادة المسلمين.

كلام أيدته شهادة المستشرق التركي "فؤاد سازغين" الذي قال بأن هذا الدين الجديد يدفع الناس الى الابتكار والابداع والنتيجة هي وجود أناس مبدعين , فالنجار أو راعي الابل يستطيعان أيضا أن يكونا من العلماء..

ويمضي الفلم في بيان الأجواء التي سبقت تحرير مدينة القدس , فالمحاربون المسلمون كانوا متأكدين من النصر , وايمانهم بقدراتهم كان كبيرا وثقتهم في أنفسهم كانت كافية لمواجهة القوة الصليبية الضخمة , معتمدين على الخطط والنظام في المعركة ..

وبالمقابل كان الفرنجة يؤمنون بفكرة سموهم على الملائكة وكان القادة الصليبيون يدربون جنودهم على القساوة البشعة في القتال .

أوائل شهر يوليو من سنة 1187 م كانت المعركة الكبرى , فالصليبيون عند صفوريا والمسلمون عند طبريا على طريق الناصرة , وعند حطين بين المخيمين كانت المنازلة الفاصلة .
منازلة سبقها اعداد وتفوق علمي اسلامي , اذ يبرز الفلم نموذج العالم المسلم ابن الأثير وأستاذه بهاء الدين الجزري ..

خزانة مشفرة أم كنز ثمين ? :

ففي القرن 12 م اخترع الجزري العديد من الأجهزة الميكانيكية , وكان من بينها أول قفل خزانة محكم بأربع مفاتيح مشفرة باثني عشر حرفا ..وقد وضع لذلك رسما علميا مازال محفوظا في واحد من أهم مخطوطاته .

كان الجزري يخبئ داخل خزانته المشفرة كتابا عظيما يشرح فيه نتاج معرفة الثقافة الاسلامية من خلال تضمين مخطوطه اختراعات مثيرة لعلماء مسلمين لم يتعرفها أحد من قبل .

المؤرخ الألماني "توماس شوتز" رأى معلقا في الشريط بأن العلوم استخدمت من أجل أن يكون الاسلام ذي مكانة عالية ومن أجل ممارسة العبادات على أحسن وجه..

عبقرية سابقة لزمانها :

ويمضي الشريط في سرد ومحاكاة تصويرية لشغف المسلمين بالعلوم , وهو ماجعلهم يطورون أجهزة دقيقة لقياس الزمن من مثل الساعة التي اخترعها الجزري , وهي شبيهة بالساعة الرملية المعاصرة , غير أن ساعته كانت تعمل بالماء ويجلس أعلاها كاتب مسلم في هندام بديع يؤشر بدواته بدقة متناهية الى التوقيت المناسب .

الساعات التي اخترعها المسلمون في تلك الحقبة كانت فخمة ومزخرفة وهدفت الى الحفاظ الدقيق على مواعيد الصلاة كما رمزت أيضا الى مظاهر تقوى وخشية حكام تلك الحقبة الاسلامية .
الفلم يمضي أيضا في بيان فضل العالم المسلم ابن الهيثم , وهو الذي طور الدراسات اليونانية في القرن الحادي عشر ميلادي واستنتج بأن الزجاج المصقول له وظيفة التكبير وتحسين قوة نظر العين .

وفي ومضة ورائية يصور لنا الفلم ابن الأثير موضحا لأسباب هزيمة المسلمين بحسب شروحات أستاذه بهاء الدين , فيذكر بأن النزاعات الداخلية وعدم وحدة الشعوب الاسلامية هي سر عدم الانتصار..

حطين تصنع الانتصار :

وضع تغير على عهد صلاح الدين الأيوبي الذي نجح في توحيد الصف الاسلامي ليجمع جيشا تحت امرته بتعداد ثلاثين ألف جندي .

ويشرح الشريط على لسان ابن الأثير تصور أستاذه الجزري لعوامل الانتصار , ليؤكد على أهمية استعمال القوة واستغلال نقاط ضعف العدو , ليعرض لاحقا الى تقنيات القتال المعتمدة لدى المسلمين انذاك , حيث وقع تدريب الجيش على القتال عن بعد وعلى استعمال تقنية الرماح وعلى فنون الخيالة , في حين اعتمد الصليبيون على فنون القتال الشخصي المباشر واستعملوا قمصان مزنجرة وزن الواحد منها 40 كلغا..

وقعت معركة حطين في الرابع من يوليو سنة 1187 م , وشارك فيها 25 ألف جندي عن الفرنجة , وقابلهم 30 الف مقاتل عن المسلمين .

ويعرض المنتجون الألمان لخطة المنازلة , اذ كون المشاة المسلمون نواة المعركة , واحتل الرماة على الجياد جوانب الجيش ..
أما الفرنجة فقد تمركزوا كتلة قوية بالوسط , لتحاصرهم رماح وسهام المسلمين على شكل دائري ..
وقد فوجئ الصليبيون بهذا التكتيك الحربي ولم يستطيعوا فك الحصار ومن ثمة استسلموا بسرعة وخسروا المعركة , ليكون اندحارهم في حطين مقدمة لاستعادة القدس بعد أن فشلت بقية جيشهم في الدفاع عنها .

مايبرزه الفلم هو استعادة صلاح الدين الأيوبي للمدينة المقدسة بعد مائة عام من الاحتلال , مع قراره بالسماح للسكان المسيحيين وبقايا المحاربين بمغادرة المدينة سالمين .

ويذهب منتجو الفلم الألماني الى أن انتصار حطين كان بداية لعملية تهريب للعلوم العربية وتقنياتها الى بلاد الغرب ...

أطماع صليبية تتجدد :

http://doc.aljazeera.net/DocGallery/Media/Images//2009/8/26/2009826918114907345.jpg

بعد بضع سنوات على انتصار حطين , بدأ أحد الحكام النصارى بالتحرك نحو القدس رغبة في استرجاعها ..
انه ريتشارد قلب الأسد الذي تحرك بجيشه باتجاه جنوب ايطاليا بعيد وفاة القيصر الألماني "فريدرش بارباروسه" الذي خطط هو الاخر قبل وفاته لاحتلال القدس .

ففي سنة 1990 م أبحر أسطول ريتشارد من صقلية باتجاه قبرص , ثم من قبرص باتجاه ميناء عكا , التي حاصرها جيشه أشهرا طويلة ثم اقتحمها ليحدث مقتلته العظيمة ويأسر 3 الاف مسلم ...
ساوم قلب الأسد صلاح الدين على رقاب الأسرى فدية , وأمر السلطان الأيوبي بتعزيز دفاعات القدس والاستعداد للمواجهة ..

صناعة حربية متقدمة :

بدى صلاح الدين من خلال الشريط رجل حرب وأمر ابن الأثير وأستاذه بهاء الدين بتحضير سائل حارق حمل اسم النار اليونانية ..

كانت الاستعدادات المذكورة ضمن خطة واضحة لتعزيز دفاعات المدينة , اذ لم يتحرج المسلمون في تطوير علوم من سبقهم من الفرس واليونانيين والهنود , وقام الخبراء المسلمون بتعبئة السائل المذكور في أوعية فخارية خاصة موصولة بفتائل ..

قام منتجو الفلم باستجواب عالم الحراريات الألماني "بيتر روتر" حول فاعلية السائل المذكور , فانتهى به الاقرار الى صعوبة اطفاء خلطته الكيميائية باستعمال المياه بعد أن قام شخصيا باعادة تصنيعه في مخبره بمدينة ميونيخ الألمانية ..

ويمر الفلم على تقنية حربية أخرى أعدها الجزري , حين قام بتحضير ماسمي بالمسحوق الأسود , وهو ماكان بمثابة المادة المتفجرة بحسب تجارب محاكاة قام بها العالم الألماني "بيتر روتر" .

الأستاذ بهاء الدين الجزري صنع على تلك الحقبة صواريخ قصيرة المدى لاطلاق المادة المذكورة , وقد عرفت لاحقا باسم الصواريخ العثمانية ..
صواريخ قصيرة المدى قام عالم الحراريات روتير باعادة تصنيع نموذج مصغر منها , ليشرح لمشاهدي الشريط ذكاء وعبقرية صانعيها ..

طور المهندسون المسلمون بموازاة كل ذلك دبابات لدك الحصون وحماية المحاربين بداخلها من الحراب والسهام والأوعية الحارقة .., وقد عرض الفلم لنموذج مصمم يكشف ذكاء اسلاميا سابقا في القرن الثاني عشر ميلادي !


انتصار ديبلوماسي اسلامي بنكهة طبية ! :

وعلى بعد كلمترات قليلة من حصون مدينة القدس حدثت المفاجأة حين مرض ريتشارد قلب الأسد وأشرف على الموت , وفشل طبيبه الفرنجي في مداواته ..

وفي الوقت الذي كان الأوروبيون على تلك الحقبة يعالجون مرضاهم عن طريق السحر والصلوات , ويذهب بعضهم الى حلق رأس المريض النفسي واستزراع صليب تحت جلده كما يرد في مادة الفلم , في الوقت ذاته برع الأطباء المسلمون في اجراء العمليات المعقدة على العظام والأعضاء الداخلية , اذ طوروا أجهزة لفحص المرضى وقيس كميات الدم المفصود , حتى أن الخبير الألماني Lutz Kottbad أعاد تصنيع جهاز طبي استخدمه المسلمون قبل أكثر من ثمانية قرون ...

أمر السلطان صلاح الدين بمعالجة العدو اللدود , واحتار ابن الأثير في طلب السلطان حين توجه برفقة أستاذه الجزري الى خيمة قلب الأسد ...

وفي مشهد تمثيلي يعرض "علوم الاسلام الدفينة" الى فحص قائد الفرنجة وخجل الطبيب النصراني , حين أمر الأستاذ بهاء الدين بفواكه طازجة ل"قلب الأسد" , ويوصي بالعناية به في مكان صحي ونظيف ..

ويعزز المؤرخ الألماني Thomas Schuetz حيثيات المشهد التمثيلي بالحديث عما وصل له المسلمون في القرن العاشر ميلادي , اذ يذكر بأن المسلمين حازوا انذاك على دورات مياه وتصريف صحي في البيوت , وعرفوا بترددهم يوميا على الحمامات العامة , فيما كان الأوروبيون وفي نفس القرن يجوبون مدنهم بأحذية خشبية عالية من فرط انتشار البراز في شوارعها ..!

لم يكتف المسلمون انذاك بايصال الماء الى البيوت السكنية في المدن , بل قاموا أيضا بايصاله الى الحقول الزراعية عن طريق سواقي ومضخات لولبية , وقد عرض الشريط الى نموذج تمت اعادة تصنيعه لأغراض بيانية ..

http://doc.aljazeera.net/DocGallery/Media/Images//2009/8/26/200982692051826211.jpg

يعود "علوم الاسلام الدفينة" الى شخصية صلاح الدين الأيوبي , فيذكر بأنه كان سياسيا لايشق له غبار , وهو مايكتشفه ابن الأثير حين يتفطن لاحقا الى السر الكامن وراء أمره بمعالجة قائد الفرنجة ....
لقد أراد صلاح الدين انهاء الصراع بطرق ديبلوماسية ..., حين استبقى القدس بأيدي المسلمين وسمح للنصارى بالاحتفاظ بمدن يافا وعكا وصور..

خلافة علمية :

وفي سنة 1192 م انسحب ريتشارد قلب الأسد وجيشه من فلسطين , وفي تلك السنة أوصى العالم المسلم بهاء الدين الجزري قبيل رحيله بخلافته العلمية لابن الأثير , وسلمه كتابا ثمينا وعجيبا ضمنه رسومات بيانية لاختراعات هامة لعلماء مسلمين .

سنة 1215 م كانت مدن "بلارمو" و"توليد" و"كورغو" في اسبانيا مراكز للعلوم الاسلامية , والسبب في ذلك كما يشرح الفلم كان القيصر الألماني فريدرش الثاني .., الذي عرف بشغفه بالحضارة والعلوم الاسلامية وبمقته لتخلف الكنيسة التي كانت تسرق علوم المسلمين وتدحر مشروع التقارب بين الشعوب.

سمح صلاح الدين بعد اندحار جيوش قلب الأسد بزيارة النصارى للقدس , وهو ماساهم في تدفق العلوم الاسلامية على القارة الأوروبية , وقد بدى ذلك واضحا في صقلية مقر القيصر الألماني "فريدرش الثاني" الذي ترعرع بين المسلمين وكانت عربيته أفضل من ألمانيته , بل انه كان مهتما بدراسة العلوم والتقنيات التي كانت الكنيسة ترى فيها عملا كفريا ..!

حاكم ألماني بروح اسلامية :

كان فريدرش الثاني مولعا بما أنجزه المسلمون في علوم الفلك , حيث برع علماؤهم في صناعة ساعات دقيقة راقبوا بها مسارات النجوم والكواكب , وقد حمل ابن الأثير اللواء عن أستاذه الراحل وصار يدرس العلوم الصحيحة بصقلية لأن حاكمها الألماني كان معجبا بالحضارة الاسلامية وقد استدعاه الى بلاطها شاكيا من ضغوط الكنيسة في ظل معاداة رهبانها للمعارف والعلوم ..وقد عرض عليه في تلكم الزيارة اعجابه بالرسومات العلمية والتقنية للعلماء المسلمين ..

في سنة 1250 ميلادية توفي القيصر الألماني فريدرش الثاني ورحل أكبر مشجع رسمي للعلم في أوربا , واغتنمت الكنيسة الفرصة من أجل مصادرة كتب ومخطوطات ومجسمات لاختراعات أخذها القيصر الراحل من علماء عرب ومسلمين .., وبدأت بعيد رحيله أكبر عملية سرقة علمية في تاريخ البشرية .

السطو على التاريخ أو الهزيمة النفسية ؟:

تم نفي العلماء المسلمين من البلاط مع وفاة القيصر المنفتح , وطرد ابن الأثير من صقلية وفشل التقارب بين الحضارات ...

ويقول أصحاب الفلم الألماني في خاتمته بأن العلم الاسلامي الذي دام أكثر من 800 سنة والذي كان حصيلة جهد عباقرة العلماء المسلمين لم يضع , بل سرق وطمست أسماء أصحابه , وعادت لتظهر من جديد بعد مئات السنين على عهد ليوناردو دافينشي وجاليلي , حيث استندوا لحقائق سابقيهم من العلماء المسلمين دون أن يعرفوا بأسمائهم بعد أن طمستها الكنيسة .

ويقر المؤرخ الألماني "توماس شوتز" في شهادته على الكارثة التاريخية بأن الكرامة الاسلامية تعاني من جحود في الغرب لانجازات الاسلام العظيمة ..

وفي خلاصة هامة انتهى على وقعها "علوم الاسلام الدفينة" , يرى كاتب الفلم بأن المسلمين يعانون من الشعور بالنقص تجاه التفوق العلمي الغربي وذلك لجهلهم بانجازات أسلافهم ولأنهم لايعلمون بأن ماوصلت اليه البشرية من تقدم اليوم في مجالات الضوء والطب والهندسة والقياس الزمني ماكان ليكون لولا اختراعات العلماء المسلمين , ولو أن الغرب عرف كم من مكاسب حضارته الغربية كان منشأها الحضارة الاسلامية لزاد احترام هذين الحضارتين لبعضهما البعض ...

وتشير قناة RTL الثانية الألمانية عند نهاية عرضها للشريط , الى أن "كتاب العلم" الذي تحدث عنه الفلم الوثائقي موجود فعلا في خمس مجلدات أعيد تأليفها بجامعة "غوته" بفرانكفورت وقد تمت اعادة بناء الكثير من المخترعات المضمنة بالكتاب , وهي معروضة أيضا بفرانكفورت لمن يريد الاطلاع عليها ..

المصدر :
http://doc.aljazeera.net/followup/20...340956459.html (http://doc.aljazeera.net/followup/2009/08/200982692340956459.html)

عبد الغفور
03-12-2010, 10:03 PM
علوم الإسلام الدفينة - الجزء الاول 1
http://www.youtube.com/watch?v=jD0HEFtCKRA

علوم الإسلام الدفينة - الجزء الاول 2
http://www.youtube.com/watch?v=WnaLz2jjHl8

علوم الإسلام الدفينة - الجزء الثانى 1

http://www.youtube.com/watch?v=OQuw_HXTAy8

علوم الإسلام الدفينة - الجزء الثانى 2

http://www.youtube.com/watch?v=Psak4bBL7ek

علوم الإسلام الدفينة - الجزء الثالث 1

http://www.youtube.com/watch?v=gD7SAjUx-6A

علوم الإسلام الدفينة - الجزء الثالث 2

http://www.youtube.com/watch?v=ra4clJiO0pQ

حيدرة الاسود
03-12-2010, 11:30 PM
شمس الاسلام تسطع على الغرب كتاب يفيض بالعلوم الاسلامية التي نسبت فيما بعد للغرب وجزى الله الاخ ابو بكر الجزائري ومرحبا به بين اخوته وشكر اخر للاخ عبد الغفور وجزيتم خيرا

ابوبكر الجزائري
03-12-2010, 11:43 PM
السلام عليكم ورحمة الله
جزاك الله عني خيرا اخي عبد الغفور .اثلجت صدري ،وانا اتابع باهتمام هذا الشريط.
لكن لا تزال الرغبة قائمة في معرفة من اسهموا في هذا البناء المعرفي والحضاري .
اهي كما يدعي افراخ الملحدين من ان المسلمين شغلوا بعلوم الشريعة ووجهوا اليها اهتمامهم .وبقي النصيب الاوفر للملاحدة والكتابيين والمنحرفين من اهل القبلة.ولكم مني جزيل الشكر

niels bohr
03-14-2010, 09:52 AM
اهي كما يدعي افراخ الملحدين من ان المسلمين شغلوا بعلوم الشريعة ووجهوا اليها اهتمامهم .وبقي النصيب الاوفر للملاحدة والكتابيين والمنحرفين من اهل القبلة.ولكم مني جزيل الشكر
كلام غير صحيح طبعا. كل علماءنا في القرون الوسطى كانوا مسلمين ولم يكن منهم ملحدا واحدا ولا مسيحيا.

ابوبكر الجزائري
03-14-2010, 01:45 PM
كلام غير صحيح طبعا. كل علماءنا في القرون الوسطى كانوا مسلمين ولم يكن منهم ملحدا واحدا ولا مسيحيا.
السلام عليكم ورحمة الله.
ليست الامور بهذه البساطة فما اسهل اساليب التعميم لاجل الهروب من الواقع .
وكليتك هذه ما اسهل نقضها بمثال او مثالين،فابن سينا الملحد القرمطي الباطني الذي كان يبطن الالحاد ويظهر التشيع والرفض الغالي،باتفاق المؤمنين من اهل العلم المعتد بقولهم واحيلك على ترجمته في سير الذهبي لتعلم حقيقة الامر.
وكفر الفرابي والحاده ايضا لا يشك فيه عاقل اطلع على ارائه في كتابه المدينة فانه صاغ مذاهب كل ملحد في انكار البعث والقول بقدم العالم وانكار كمال الرب جل جلاله ثم اودعها كتبه كيد بالاسلام والمسلمين
واما ابن رشد فلم اجد احد اخرجه من الايمان ،لكنه ارتقى مرتقا صعبا ،ورام امرا جللا حين ارام التسوية بين وحي رب العالمين، وبين ضلال احد اعتى شياطين الانس المجرم الاول ارسطو.
ولابن رشد عبارات لا تحتمل عظم فيها الفلسفة وساوى بينها وبين النبوة ،وفهم من كلامه القول بقسمة الناس في اتباعهم الشريعة الى جمهور وخاصة على الاصطلاح الفلسي الكافر الاثم.
واما كون اليهود والنصارى ساهموا في رقي الحضارة الاسلامية،لما وجدوه من امن واكرام فقدوه في اروبا الظلمات في القرون الوسطى فامر لا ينكره الا من قل اطلاعه ،وابسط مثال عليه مهندس سلاح الحربية في معركة القسنطينة الشهيرة المجري او النمساوي الشك مني ،الذي استعان به الخليفة محمد الفاتح.،
وغيره من الاطباء والمعماريين قبله وبعده كثر .
ولا ينقضي عجبي حين ارى بعض افراد الامة الاسلامية في زمن الضعف كالغرقى يتشبثون باي شيء يقلل من الهزيمة النفسية تجاه الغرب الكافر ،فكان مما تشبث به الغرقى في زماننا هذا التفاخر بالملاحدة وانجازاتهم في ابواب علوم الدنيا متنساين الالوف المؤلفة من المؤمنين الذين ساهموا في بناء الحضاري والمعرفي.والذين لم يتح لامثالي من المبتدئين التعرف على اسمائهم وتراجمهم واعمالهم.
انا لا اشك في ان تلميع الزنادقة والمنحرفين من اهل القبلة من طرف الاروبيين وافراخهم من الليبراليين ما هو الا جزء من المكيدة الفاجرة لمحو اصل الولاء والبراء في الله واحلال التدين بدين الهوى محله. والقصد من ذلك واضح خلاصته بعبارة سهلة ميسورة:انظروا ايها المسلمون المتحجرون الى تحرير العقل والانفلات من الدين كيف رفع اولئك الذين عظمتهم اوربا في سماء العلم ،وكيف حط اتباع الدين والتقيد به الذي يسميه المنافقون اغلالا،انظروا ماذا حل بمن ترونهم القدوة ....الى اخر القصيدة التي يكررها علينا بنو علمان في جرائدهم كل صباح ويروج لها ضعاف المسلمين المنهزمين الغرقى..
ان القلب ليعتصر الما ،وان النفس لتضيق حزنا حين امر بمدرسة اسلامية يراد منها تخريج الاجيال الاسلامية التي تقوم دعائم الحضارة على سواعدها ،لكنك تجد مدخلها قد شوه بتعليق لافتة : مدرسة الامام الحجة والبارع الطبي المخترع....فلان بن فلان الذي هو في الحقيقة ما هو الا احد اعداء الملة والدين .اليس هذا من التناقض.ربما سياتي يوم نسمي فيه مدارسنا الادبية مثلا باسم الاخطل النصراني لما له من اثر في الشعر ايام عز الدولة الاسلامية ونقول انظروا معشر المسلمين الى ادابكم كيف حاز السبق فيها شاعر نصراني مختل العقل.الا يكون هذا هو عين الهراء والسخف.
والسلسة طويلة جدا نواثار الهزيمة النفسية قائمة مستمرة ،ولاجل التخفيف منها والعمل على زوالها كانت مناشدة امثالي ممن لم يطلعوا على الحقائق .
وارجو منك القاء نظرة متانية على هذا الرابط رحمني الله واياك وزادني واياك من علمه وفضله.

http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=341132
والله من وراء القصد والحمد لله رب العالمين

متعلم
03-14-2010, 06:02 PM
الحمد لله رب العالمين ..


ايكون من المعقول بناء حضارة دامت في عزها قرونا طويلة وتكون احدى دعائم التحضر فيها قائمة على سواعد المعادين للملة التي قامت عليها هذه الحضارة
"الدعائم" لم تقم واحدة منها بسواعد هؤلاء ، وإنما قامت بسواعد أئمة الهدى من أهل العلوم الشرعية ، هؤلاء هم الذين وفروا لأولئك البيئة والعوامل اللازمة كي يبرع من برع منهم في العلوم الدنيوية كالطب وغيره.

وأنت تدرك هذه الحقيقة أخي، هذا واضح في ثنايا كلامك ، فلا أدري لماذا أعرضت هنا عما انتبهت إليه من قبل.

فالكتابي والملحد والمنتسب للإسلام المتلوث بالفلسفة .. كل هؤلاء تحسب براعتهم في الطب وغيره في ميزان الإسلام .. هو الذي وفر لهم البيئة الملائمة .. بدليل أن أمثالهم وإخوانهم ونظرائهم كانوا في البيئة الأخرى مضرب المثل في الخمول والجهل.

وهذا كما أن نصارى العرب أو الذين يعيشون في بيئة إسلامية ، ليس لهم الفخر بمستواهم الأخلاقي المرتفع عن إخوانهم ونظرائهم في الغرب ، لأن هذا لم يستقوه من دينهم الذي اشتركوا فيه جميعهم ، وإنما الفضل هنا للإسلام الذي شكل لهم بيئة نظيفة ارتقت بأخلاقهم نسبيـًا عن إخوانهم هناك .. ولذلك لما ابتعد المسلمون عن دينهم ، وانحدر مستواهم الأخلاقي نسبيــًا ، انحدر بالتبعية المستوى الأخلاقي للنصارى بل والملاحدة أيضـًا ..

فالمعادلة هكذا : تلبس نساء المسلمين النقاب ، فتنتقب نساء النصارى تبعـًا .. تخلع نساء المسلمين النقاب ، فتخلعه نساء النصارى وتزيد .. لا فضل هنا للنصرانية ولا تأثير .. وإنما الفضل والتأثير الإيجابي للإسلام ، والتأثير السلبي للابتعاد عنه ..

وهكذا الحال في العلوم الدنيوية كالطب وغيره : لما كان المؤمنون في عافية من دينهم ، ارتقى النصارى والملاحدة الذين يعايشونهم على إخوانهم ونظرائهم في الغرب ..

والمقصود أن دعائم المجتمع المسلم لم تكن ولم تقم بأيدي الكتابيين والملاحدة ، بل بأيدي أئمة الهدى ومصابيح الدجى ، بما نشروه من علوم ومعارف شرعية إسلامية .. هذا يوفر البيئة اللازمة للبراعة في الطب وغيره.

يقول ابن تيمية رحمه الله في (الجواب الصحيح) عن علوم الطب وغيره :
(( وقد يكون الحاذق فيها مَن هو عند المسلمين منبوز بنفاق وإلحاد، ولا قدر له عندهم، لكن حصل له بما يعلمه من المسلمين من العقل والبيان ما أعانه على الحذق في تلك العلوم، فصار حثالة المسلمين أحسن معرفة وبيانا لهذه العلوم من أولئك المتقدمين )).

ومثال هذا - كتقريب للأذهان - ما نجده من علو كعب "المغنين" الذين تعلموا تجويد القرآن في صغرهم، على "المغنين" الذين لم يتعلموا هذه العلوم .. فهذه العلوم أكسبت دارسيها معرفة بمخارج الحروف ، وبراعة في الأداء ، وإن كانوا استخدموها في الغناء الذي بالمعازف ..

فهكذا المقررات الصحيحة والقواعد السليمة التي تجدها مبثوثة في مبادئ العلوم الشرعية الإسلامية ، تكسب دارسها ومتعلمها ملكات ومواهب ، بإمكانه استخدامها في مجالات أخرى كالطب وغيره .. مع الفارق طبعـًا بين حل الطب وحرمة الغناء بالمعازف، وهو فارق غير مؤثر فيما أردنا التمثيل له ..



اين كان اذكياء اهل الارض من الفقهاء والمفسرين والقضاة وغيرهم ممن تركوا اثارا عظيمة في علوم الشريعة.اين هي جهودهم واين اثار فكرهم في هذا الباب.
أنت أجبت نفسك أيها الفاضل .. كانوا يشيدون الآثار العظيمة في علوم الشريعة .. بعبارة أخرى : كانوا يشيدون الدعائم اللازمة لقيام المجتمع الذي يتيح للآخرين البراعة في الطب وغيره.

لكن لماذا لا ينشغلون هم بالطب وغيره من العلوم الدنيوية ؟! .. لعلك تتساءل ..

فالجواب: أنعيب عليهم الانشغال بالفاضل عن المفضول ؟! ..

لا شك أن العلوم النبوية خير من غيرها .. والملاحدة وغيرهم ما طرحوا مثل هذه الإشكالات ، إلا لما استقر في روعهم علو العلوم الدنيوية على غيرها ، بل لا وجود لغيرها في تقديرهم .. دعك من أن "العلوم" الدنيوية لا يعرفون حقيقتها ، ولا يتصورونها التصور الصحيح، وإنما هي تتلخص عندهم كما تعلم في "الكوكاكولا" و"الهامبورجر" !

والمقصود أن انشغال أئمة المسلمين بالعلوم النبوية عن علوم الطب وغيره ، إنما هو انشغال بالأفضل عن المفضول ، هذا يُمدحون عليه ولا مذمة .. ولهم فضل على أهل الطب وغيره ، بما يوفرونه لهم من تقرير التصورات الصحيحة عن الكون في الآفاق والأنفس ، وبما يحررونه لهم من قواعد سليمة ، استخدمت في العلوم الشرعية ابتداءً ، لكنها صالحة بذاتها للاستخدام في كافة العلوم .. علماء الشرع لهم الفضل بهذا وذاك على أهل الطب وغيرهم .. دعك من الحقائق "الدنيوية" التي أخبر بها الأنبياء "جاهزة".

لكن ينبغي أن نقولها صراحة :

المهم في الإسلام ، للمجتمع والمواطن ، هو معرفته بالله كما جاءت بها أنبياؤه .. ليست الأهمية المطلقة هنا للكولا والهامبورجر لو لاحظت !

ابوبكر الجزائري
03-14-2010, 08:52 PM
السلام عليكم رحمة الله ،
شكر الله لك اخي متعلم حسن بيانك
ولكن قولك:

"الدعائم" لم تقم واحدة منها بسواعد هؤلاء ، وإنما قامت بسواعد أئمة الهدى من أهل العلوم الشرعية ، هؤلاء هم الذين وفروا لأولئك البيئة والعوامل اللازمة كي يبرع من برع منهم في العلوم الدنيوية كالطب وغيره.

وأنت تدرك هذه الحقيقة أخي، هذا واضح في ثنايا كلامك ، فلا أدري لماذا أعرضت هنا عما انتبهت إليه من قبل.
كلا لم اعرض عنها ،بل هي من صميم ايماني ،واعتقد جازما انه لو اجتمعت اصحب الملل المخالفة للاسلام ما بلغوا فضل احد من عوام المسلمين وذلك لاني استيقنت قول رب العالمين:"يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الاخرة غافلون."،وقوله تعالى عن الكفرة وفيهم اذكياء اهل الارض:"وقالوا لو كنا نسمع او نعقل ما كنا في اصحاب السعير فاعترفوا بذنبهم فسحقا لاصحاب السعير."
لكن تساؤلي كان مبنيا على حيرة تنتاب كثيرا من ضعاف المسلمين يتخذها الملحدون متكئا للتشكيك.فاردت ان ابرز الداء على صورته ،فانه وان كان بسيطا في نظر المعالج،فما اشد المه على المريض خاصة اذا تعلق بمرض القلب.
ثم قولك ايها الفاضل:
فالكتابي والملحد والمنتسب للإسلام المتلوث بالفلسفة .. كل هؤلاء تحسب براعتهم في الطب وغيره في ميزان الإسلام .. هو الذي وفر لهم البيئة الملائمة .. بدليل أن أمثالهم وإخوانهم ونظرائهم كانوا في البيئة الأخرى مضرب المثل في الخمول والجهل.
ولا بد ان يكون من وفر لهم هذه البيئة التي برعوا فيها من اشد الناس سعيا لتحصيل الكمال ،ذلك ان ما كان كمالا في المفضول من وجه فالفاضل احرى به ، والمعرفة التفصيلية للبارعين من اسلافنا في علوم الدنيا،تزيد من اعتزاز الخلف بهم
ثم قلت رحمك الله:

فالمعادلة هكذا : تلبس نساء المسلمين النقاب ، فتنتقب نساء النصارى تبعـًا .. تخلع نساء المسلمين النقاب ، فتخلعه نساء النصارى وتزيد .. لا فضل هنا للنصرانية ولا تأثير .. وإنما الفضل والتأثير الإيجابي للإسلام ، والتأثير السلبي للابتعاد عنه ..
وهكذا الحال في العلوم الدنيوية كالطب وغيره : لما كان المؤمنون في عافية من دينهم ، ارتقى النصارى والملاحدة الذين يعايشونهم على إخوانهم ونظرائهم في الغرب ..

والمقصود أن دعائم المجتمع المسلم لم تكن ولم تقم بأيدي الكتابيين والملاحدة ، بل بأيدي أئمة الهدى ومصابيح الدجى ، بما نشروه من علوم ومعارف شرعية إسلامية .. هذا يوفر البيئة اللازمة للبراعة في الطب وغيره.

يقول ابن تيمية رحمه الله في (الجواب الصحيح) عن علوم الطب وغيره :
(( وقد يكون الحاذق فيها مَن هو عند المسلمين منبوز بنفاق وإلحاد، ولا قدر له عندهم، لكن حصل له بما يعلمه من المسلمين من العقل والبيان ما أعانه على الحذق في تلك العلوم، فصار حثالة المسلمين أحسن معرفة وبيانا لهذه العلوم من أولئك المتقدمين )).
وههنا مربط الفرس، فالفضل في التمكن والبراعة والعمل والتطبيق عائد اولا وآخرا للمسلمين لما لهم من مزية العقل الراشد الذي اوتوه جزاءا وفاقا على اتباعهم للدين الحق كما قال تعالى:والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم".
فما لنا اليوم لانسمع الا تعظيم الحثالة حين تذكر ماثر اسلافنا.

أنت أجبت نفسك أيها الفاضل .. كانوا يشيدون الآثار العظيمة في علوم الشريعة .. بعبارة أخرى : كانوا يشيدون الدعائم اللازمة لقيام المجتمع الذي يتيح للآخرين البراعة في الطب وغيره.

لكن لماذا لا ينشغلون هم بالطب وغيره من العلوم الدنيوية ؟! .. لعلك تتساءل ..

فالجواب: أنعيب عليهم الانشغال بالفاضل عن المفضول ؟! ..
لااخي ما عاب عليهم ذلك الا من طمست بصيرته ،لكن دعني انبهك الى انه مع اشتغالهم بالعلوم الشرعية ما غفلوا يوما عن علوم الدنيا ،كيف وهي من فروض الكفاية التي تحث عليها الشريعة.ام تراهم اخي الفاضل تركوا الطب للملاحدة،واشتغلوا بالشعر والادب الذي كثير من اغراضه مفضولة وبعضها قديكون من فضول المباح الذي لا يخفاك مغبة الاشتغال به.
اني اتصور سلفنا الصالح بقدر انكبابهم على مصالح الدين،كانو منكبين على مصالح الدنيا لتعذر التفريق بينهما شرعا وعقلا وواقعا.غير انه ولحاجة في نفوس اعدئنا ،وتكاسل منا تم اغفال هذا الجانب المشرق من تاريخنا

لا شك أن العلوم النبوية خير من غيرها .. والملاحدة وغيرهم ما طرحوا مثل هذه الإشكالات ، إلا لما استقر في روعهم علو العلوم الدنيوية على غيرها ، بل لا وجود لغيرها في تقديرهم .. دعك من أن "العلوم" الدنيوية لا يعرفون حقيقتها ، ولا يتصورونها التصور الصحيح، وإنما هي تتلخص عندهم كما تعلم في "الكوكاكولا" و"الهامبورجر" !
والمقصود أن انشغال أئمة المسلمين بالعلوم النبوية عن علوم الطب وغيره ، إنما هو انشغال بالأفضل عن المفضول ، هذا يُمدحون عليه ولا مذمة .. ولهم فضل على أهل الطب وغيره ، بما يوفرونه لهم من تقرير التصورات الصحيحة عن الكون في الآفاق والأنفس ، وبما يحررونه لهم من قواعد سليمة ، استخدمت في العلوم الشرعية ابتداءً ، لكنها صالحة بذاتها للاستخدام في كافة العلوم .. علماء الشرع لهم الفضل بهذا وذاك على أهل الطب وغيرهم .. دعك من الحقائق "الدنيوية" التي أخبر بها الأنبياء "جاهزة".
لا اقول بغير هذا وهذا ديني وهو اعتقادي ،مع ضميمة سبق ذكرها وهو انه لا بد لمن اوتي صحة التصور،وسلك السبل السوية، ان يكون في الريادة في كل ما هو فضيلة بغض النظر عن تفوات الفضائل،وعلى هذا فارجو من الاخوة الموقرين ان يلتزموا في تدخلاتهم بصلب الموضوع المطروح،وان لا يحيدوا عنه لتقرير حقائق هي من صلب ايمان المسلم .فانا قد اسلفت سابقا ان:ان معرفة هذا التاريخ اعني تاريخ الصناعات عند المسلمين ،لا يعد من ضروريات الدين ولا مهماته ،وانما هو من الملح لا من العقد.وبينت سبب طرحي للموضوع.
فانا حين اسال اين جهود اسلافنا ومن هم اعلامهم ،فاني اعدها حيدة من المجيب اذا قال لي:
أنعيب عليهم الانشغال بالفاضل عن المفضول ؟!
بل ينبغي اذا كان من اهل الدراية ان يقول :جهودهم كذا وكذاواعلامهم كالتالي: وينور المنتدى بذكر اسمائهم. ونحو ذلك.
ثم قولك اخي الكريم:
"]لكن ينبغي أن نقولها صراحة :

المهم في الإسلام ، للمجتمع والمواطن ، هو معرفته بالله كما جاءت بها أنبياؤه .. ليست الأهمية المطلقة هنا للكولا والهامبورجر لو لاحظت !
ننعم لاحظت واستيقنت ان الكولا والهمبرجر لا اهمية لهما الا زيادة السموم في الجسم وتعريضه لاخطر الامراض.ولكن اكثر الناس لا يعلمون.
ولك مني جزيل الشكر والله المستعان وعليه التكلان والحمد لله رب العالمين

niels bohr
03-15-2010, 03:12 AM
كلام غير صحيح طبعا. كل علماءنا في القرون الوسطى كانوا مسلمين ولم يكن منهم ملحدا واحدا ولا مسيحيا.
السلام عليكم ورحمة الله.
ليست الامور بهذه البساطة فما اسهل اساليب التعميم لاجل الهروب من الواقع .
وكليتك هذه ما اسهل نقضها بمثال او مثالين،فابن سينا الملحد القرمطي الباطني الذي كان يبطن الالحاد ويظهر التشيع والرفض الغالي،باتفاق المؤمنين من اهل العلم المعتد بقولهم واحيلك على ترجمته في سير الذهبي لتعلم حقيقة الامر.
وكفر الفرابي والحاده ايضا لا يشك فيه عاقل اطلع على ارائه في كتابه المدينة فانه صاغ مذاهب كل ملحد في انكار البعث والقول بقدم العالم وانكار كمال الرب جل جلاله ثم اودعها كتبه كيد بالاسلام والمسلمين
واما ابن رشد فلم اجد احد اخرجه من الايمان ،لكنه ارتقى مرتقا صعبا ،ورام امرا جللا حين ارام التسوية بين وحي رب العالمين، وبين ضلال احد اعتى شياطين الانس المجرم الاول ارسطو.
ولابن رشد عبارات لا تحتمل عظم فيها الفلسفة وساوى بينها وبين النبوة ،وفهم من كلامه القول بقسمة الناس في اتباعهم الشريعة الى جمهور وخاصة على الاصطلاح الفلسي الكافر الاثم.
واما كون اليهود والنصارى ساهموا في رقي الحضارة الاسلامية،لما وجدوه من امن واكرام فقدوه في اروبا الظلمات في القرون الوسطى فامر لا ينكره الا من قل اطلاعه ،وابسط مثال عليه مهندس سلاح الحربية في معركة القسنطينة الشهيرة المجري او النمساوي الشك مني ،الذي استعان به الخليفة محمد الفاتح.،
وغيره من الاطباء والمعماريين قبله وبعده كثر .
ولا ينقضي عجبي حين ارى بعض افراد الامة الاسلامية في زمن الضعف كالغرقى يتشبثون باي شيء يقلل من الهزيمة النفسية تجاه الغرب الكافر ،فكان مما تشبث به الغرقى في زماننا هذا التفاخر بالملاحدة وانجازاتهم في ابواب علوم الدنيا متنساين الالوف المؤلفة من المؤمنين الذين ساهموا في بناء الحضاري والمعرفي.والذين لم يتح لامثالي من المبتدئين التعرف على اسمائهم وتراجمهم واعمالهم.
انا لا اشك في ان تلميع الزنادقة والمنحرفين من اهل القبلة من طرف الاروبيين وافراخهم من الليبراليين ما هو الا جزء من المكيدة الفاجرة لمحو اصل الولاء والبراء في الله واحلال التدين بدين الهوى محله. والقصد من ذلك واضح خلاصته بعبارة سهلة ميسورة:انظروا ايها المسلمون المتحجرون الى تحرير العقل والانفلات من الدين كيف رفع اولئك الذين عظمتهم اوربا في سماء العلم ،وكيف حط اتباع الدين والتقيد به الذي يسميه المنافقون اغلالا،انظروا ماذا حل بمن ترونهم القدوة ....الى اخر القصيدة التي يكررها علينا بنو علمان في جرائدهم كل صباح ويروج لها ضعاف المسلمين المنهزمين الغرقى..
ان القلب ليعتصر الما ،وان النفس لتضيق حزنا حين امر بمدرسة اسلامية يراد منها تخريج الاجيال الاسلامية التي تقوم دعائم الحضارة على سواعدها ،لكنك تجد مدخلها قد شوه بتعليق لافتة : مدرسة الامام الحجة والبارع الطبي المخترع....فلان بن فلان الذي هو في الحقيقة ما هو الا احد اعداء الملة والدين .اليس هذا من التناقض.ربما سياتي يوم نسمي فيه مدارسنا الادبية مثلا باسم الاخطل النصراني لما له من اثر في الشعر ايام عز الدولة الاسلامية ونقول انظروا معشر المسلمين الى ادابكم كيف حاز السبق فيها شاعر نصراني مختل العقل.الا يكون هذا هو عين الهراء والسخف.
والسلسة طويلة جدا نواثار الهزيمة النفسية قائمة مستمرة ،ولاجل التخفيف منها والعمل على زوالها كانت مناشدة امثالي ممن لم يطلعوا على الحقائق .
وارجو منك القاء نظرة متانية على هذا الرابط رحمني الله واياك وزادني واياك من علمه وفضله.

http://www.muslm.net/vb/showthread.php?t=341132
والله من وراء القصد والحمد لله رب العالمين
ابن سينا والفارابي وابن رشد كانوا مسلمين قلبا وقالبا. ربما لم يكونوا على مذهب أهل السنة, ربما كانت لهم بعض الهرطقات, لكنهم أولا وأخيرا مسلمون وكانوا يفخرون بإسلامهم ويدافعون عنه.
أما مشاركة بعض المسيحيين واليهود فهذا أمر طبيعي وحجة لنا وليست علينا. وحتى اليوم في أمريكا وأوروبا هناك اللكثير من الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات وحتى الوزراء المسلمين.

تحياتي.

ابوبكر الجزائري
03-15-2010, 05:39 PM
]ابن سينا والفارابي وابن رشد كانوا مسلمين قلبا وقالبا. ربما لم يكونوا على مذهب أهل السنة, ربما كانت لهم بعض الهرطقات, لكنهم أولا وأخيرا مسلمون وكانوا يفخرون بإسلامهم ويدافعون عنه.[/c
قيل قديما:
بقضى على المرء في ايام محنته حتى يرى حسنا ما ليس بالحسن
اذا كان المؤمن قلبا وقالبا يورثه ايمانه بعض الهرطقات،حتى ولو كانت من جنس القول بقدم العالم ،وانكار البعث والنشور، والسخرية بالنبوة وتفضيل زبالة فكر اليونان عليها.فعلى دين الله السلام.
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان في الجسد مضغة اذا صلحت صلح الجسد كله واذا فسدت فسد الجسد كله الا وهي القلب.
وصديقنا يقول،لا يلزم ذلك بل ان من المسلمين من كان اسلامه قلبا وقالبا لكن فكره وجسده فاسد اشد الفساد ،ولا يضيره ذلك ما دام يفخر باسلامه الذي اورثه بعض الهرطقات.استغفر الله واتوب اليه.
أما مشاركة بعض المسيحيين واليهود فهذا أمر طبيعي وحجة لنا وليست علينا. وحتى اليوم في أمريكا وأوروبا هناك اللكثير من الأطباء والمهندسين وأساتذة الجامعات وحتى الوزراء المسلمين.
الان صارت مشاركتهم طبيعية بعدما جزمت بعدم وجودهم انفا .واذا كان من ذكرت انفا مسلمين قلبا وقالبا مع هرطقاتهم التي قللت من شانها بصيغة التبعيض فما لك لا تدرج اليهود والنصارى في المسلمين قلبا وقالبا ،وما يمنع ذلك والهرطقات الصادرة ممن قبلهم يتبرؤون منها ويرونها كفرا في مللهم.وبهذا تسلم لك كليتك السابقة والتي قررت فيها:
كل علماءنا في القرون الوسطى كانوا مسلمين ولم يكن منهم ملحدا واحدا ولا مسيحيا....بل هم مسلمون قلبا وقالبا.
وهكذا فلتقر اعين المسلمين ولا داعي للقلق والخوف .فبالله عليك اي نتيجة ستؤدي اليها مقرراتك هذه .
ولا حول ولا قوة الا بالله

د. هشام عزمي
03-15-2010, 07:57 PM
يمكنك مطالعة هذا الرابط على الويكيبيديا :
http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%84%D9%85%D8%A7%D8%A1_%D9%85%D8%B3%D9%84% D9%85%D9%88%D9%86
ففيه قائمة بأبرز علماء المسلمين في مختلف العلوم ..
وفيهم أناس من أصحاب العقائد السليمة - نحسبهم كذلك ..
منهم الخوارزمي وابن ربن الطبري وغيرهم ممن لا أحيط علمًا بتراجمهم ..
والله أعلم .

ابوبكر الجزائري
03-15-2010, 11:41 PM
لا اعرف كيف اشكرك اخي الفاضل ،ولعل الاخوة الافاضل رواد منتدى التوحيد،مشرفين واعضاء ينشطون لفتح قسم خاص تدون فيه جهود ولئك الاعلام وتوثق بايد امينة متخصصة جامعة بين المعرفة بالعلوم النبوية والدراية بالصناعت الدنيوية.
ليميزوا بين الغث والسمين ،"فان خير من استاجرت القوي الامين"

متعلم
03-16-2010, 09:51 AM
إلى أخي "أبي بكر الجزائري" وفقه الله ..

بعد تصحيح اللفظ إلى : { إن خير من استأجرت القوي الأمين } بغير فاء في أولها .. أقول :

قبل الاستمرار في موضوعنا لي عتاب بخصوص استخدامك للون الأحمر بكثرة، وهذا يؤذي العين. وأنتم أهل للرفق إن شاء الله.

نقطة أخرى : قد تجد في خطابي لك بعض الكلام أو تلوين الأسلوب بما لا تستسيغه أنت كمسلم، فاعلم أن هذا غالبًا مطلوب به غيرك بل غير المسلمين ..

وهذه بالمناسبة – استطرادًا - مشكلة تقابلنا دومًا عند الجواب عن إشكالات الإخوة المسلمين .. فالأخ المسلم يطرح أمامنا ما قاله غير المسلمين طالبًا الجواب الشافي .. فإذا أجبناه بجواب يناسب المسلم ويتخطى ما يفترض أنه ثابت لديه، قال لنا: « يا أخي جوابك جيد لكن للمسلم فقط ولا ينفع غير المسلمين الذين لا يؤمنون بما بنيت عليه جوابك » .. فإذا ما أجبناه بما يناسب غير المسلم، يكون تعقيبه: « أرفق بنا أخي فأنا مسلم مثلك موحد، لماذا تسيء بي الظن وتفترض أني أخالفك فيما تحاول إثباته مع أنها حقائق من صلب إيمان المسلم ؟! » ..



ندخل في الموضوع ..

اتفقنا أخي على أنه « لو اجتمعت اصحب الملل المخالفة للاسلام ما بلغوا فضل احد من عوام المسلمين » .. وليس هذا ما عنيته أنا بأنك تدركه لكن أعرضت عنه حينًا .. إنما قصدت إدراكك لكون الفضل في براعة غير المسلمين يعود إلى الإسلام بما وفره لهم من بيئة وعوامل يسرت لهم طريقهم.


معك حق طبعًا في أن « ما كان كمالاً في المفضول فالفاضل أحرى به » .. وهذا لا يعارض انشغال الأئمة بعلوم الشريعة عن الطب وما شابهه .. لأن الكمال هنا ليس مجرد الانشغال بالطب وما شابهه ، وإنما الكمال هنا في جنس الانشغال بالعلم النافع ، وقد حصل أئمتنا – بفضل الله – من هذا الجنس أعلاه ، فانشغلوا بأنفع العلوم ، فلا يُشترط بعد هذا أن يحصلوا أفراد هذا الجنس فردًا فردًا ..

وأيضًا فالكمال ليس في مجرد الانشغال بالطب وما شابهه، وإنما في سعة الاطلاع وبذل المجهود والذكاء والفراسة وقوة التحصيل و ... الخ .. ولا يخفى عليك ما من الله به على أئمتنا وعلمائنا من هذا الباب، ولا يشترط – بعد هذا – أن يستعملوه في الطب على وجه الخصوص أو ما شابهه.

ودونك الصحابة رضوان الله عليهم، ليس فيهم « رائد » في عالم الطب وما شابهه .. وليس هذا تفويتـًا لبعض الكمالات، وإنما حصَّلوا – بمجموعهم – أجناس الكمالات البشرية، وانشغلوا بما ينفعهم وينفع الناس.

بل اعتبر بحال نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم .. ما انشغل بطب ولا كيمياء كما تعلم .. وما طلب « الريادة » في هذه العلوم ، بل كان محلها عنده كما لا يخفى عليكم « أنتم أعلم بأمر دنياكم ».


سمعت شكواك أخي : « فما لنا اليوم لا نسمع الا تعظيم الحثالة حين تذكر ماثر اسلافنا » .. معك حق في شكواك .. « التعظيم » المطلق لابن سينا وغيره عند الحديث عن هذه العلوم الدنيوية يؤذي المسلم الفاهم بلا شك .. لكن في المقابل – كما لا يخفى عليكم – لا ينبغي غمط الناس حقوقهم، لا ننزع صفة العلم بالطب وما شابهه عن هؤلاء الفلاسفة أو حتى الملاحدة ..

العدل هنا أن نحتذي حذو علمائنا الكرام .. ماذا فعل « الذهبي » و « ابن كثير » وأمثالهما عندما تكلموا عن هؤلاء البارعين في الطب ؟ .. اعترفوا لهم بالبراعة في الطب وما برعوا فيه من علوم أخرى .. بل اعترفوا لهم بالبراعة حتى في « السحر » لمن برع منهم فيه .. هذا شيء و « تعظيم » هؤلاء شيء آخر.

ابن تيمية رحمه الله كان يقول عن ابن سينا وأمثاله عبارة تعجبني : « ذكاء ولا زكاء » .. هذا يلخص موقف علمائنا من هؤلاء كما ترى.

فعلماؤنا الكرام على مر العصور لم تكن عندهم مشكلة في الاعتراف بالبراعة في أي علم لمن برع فيه .. لم تكن عندهم مشكلة في الاعتراف لأبي نواس أو لبشار بن برد أو أمثالهما بالبراعة في الشعر أو غيره .. لكن لم يكونوا يرتبون على هذا « تعظيم » هؤلاء كأنهم هم « واجهة » المسلمين ..

أنا معك تمامـًا في أننا ابتعدنا كثيرًا عن الحق حين جعلنا « واجهتنا » أمام الغرب : ابن سينا والفارابي والرازي وأمثالهم.



تقول أخي عن علمائنا الكرام : « دعني انبهك الى انه مع اشتغالهم بالعلوم الشرعية ما غفلوا يوما عن علوم الدنيا » .. ومَن قال إنهم غفلوا ؟!

« لم يغفلوا » شيء .. و « كانت لهم الريادة فيها » شيء آخر ..

وإلا .. فأين ما ساهم به « ابن حنبل » - عليه سحائب الرحمة – في علم الطب أو الفلك أو الكيمياء ؟! .. أين ما ساهم به أبو حنيفة أو الشافعي أو مالك أو الأوزاعي أو الثوري أو .... الخ في هذه العلوم ؟!

تراجم هؤلاء العلماء بين أيدينا لم تخفى علينا .. ولهم أتباع في المشرق والمغرب حرصوا على إثبات كل فضيلة – حصلت لهم – في تراجمهم .. فلو علموا إسهامـًا لهم في هذه العلوم لما توانوا لحظة عن تدوينه ونقله.

وأنا لا أنكر اطلاع هؤلاء العلماء على أحدث ما وصل إليه الطب وما شابهه في عصرهم .. لكن هذا شيء والانشغال بهذه العلوم إلى درجة « الريادة » فيها شيء آخر.


تقول أخي الكريم : « ام تراهم اخي الفاضل تركوا الطب للملاحدة، واشتغلوا بالشعر والادب الذي كثير من اغراضه مفضولة وبعضها قد يكون من فضول المباح الذي لا يخفاك مغبة الاشتغال به »

هم فعلوا – مع الطب وما شابهه – كما فعل نبيهم عليه الصلاة والسلام : « أنتم أعلم بأمر دنياكم » .. لم تزد هذه العلوم عندهم عن هذا القدر .. لم تتضخم هذه العلوم في حسهم ولم تأخذ أكبر من حجمها ..

لم تكن رسالة المسلمين إلى العالم أن يصدروا لهم الطب والفلك والكيمياء .. ما ابتعثهم الله لهذا .. وما لهذا كانوا خير أمة .. إنما استشعروا أن رسالتهم أن يصدروا للعالم ميراث الأنبياء .. « وإن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر » .. والأنبياء لم يورثوا علوم الطب والفلك والكيمياء .. لم يرسلهم الله لتعليم الناس هذه العلوم ابتداءً ، وإن كان في رسالتهم ما ينفع الناس في هذه العلوم تبعـًا.

وأما الاشتغال بالأدب والشعر ، فلكونه مفيد في فهم الميراث النبوي ، فالشعر ديوان العرب - بصرف النظر عن معانيه – العرب الذين نزل القرآن بلغتهم، وتحدث النبي عليه الصلاة والسلام بحديثهم.

لكنك لن تجد "ابن حنبل" مثلاً مغرمـًا بالموازنة بين الشاعر الفلاني والشاعر العلاني .. ولن تجد "الشافعي" – وهو من هو في العلم بالعربية لغة وأدبًا – لن تجد له مصنفـًا يعتني فيه بالأغراض البلاغية لشعر "الخنساء" ..

ولا أقول إنهم كانوا يجهلون هذه العلوم .. ولا أقول إنهم لا يتعرضون – عرضـًا – لبعض هذه المسائل .. ولكن أقول إنهم كان يشغلهم مدى ما تخدم به هذه العلوم علوم الشريعة .. ميراث النبوة.

ولذلك اهتموا من الطب بالقدر الذي يحتاجون إليه في فهم الميراث النبوي .. مَن ينكر مثلاً المباحث الماتعة لابن القيم التي يحدثنا فيها عن أمور تندرج تحت علم الطب أو الفلك أو الأحياء ؟! .. لا أحد ينكر طبعـًا .. وكان غرضه منحصرًا في خدمة هذه العلوم للميراث النبوي .. كان « مضطرًا » إلى هذا الحديث حتى يشرح لنا – مثلاً – قوله تعالى : { الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى } ..

هذا شيء .. والسؤال عن « إسهامات » ابن القيم وما حققه من « ريادة » في الطب وما شابهه : شيء آخر.



تقول أخي: « اني اتصور سلفنا الصالح بقدر انكبابهم على مصالح الدين،كانو منكبين على مصالح الدنيا لتعذر التفريق بينهما شرعا وعقلا وواقعا »

أقول: هنا نحتاج إلى وقفة لنحدد مفهوم « مصالح الدنيا » قبل الحديث عن « انكباب » سلفنا الصالح عليها نفيـًا أو إثباتــًا.

إذا كنت تعني بمصالح الدنيا : العلوم الدنيوية كالطب وغيره .. فقد تعاملوا معها كما تعامل نبيهم عليه الصلاة والسلام .. لم يمنعوا أحدًا عن الاشتغال بها .. بل بينوا للناس أنها من فروض الكفاية ..

لاحظ هنا أن احتياج الناس الطبيعي لهذه العلوم يدفع الكثيرين منهم تلقائيـًا للانشغال بها .. وفي المقابل قد يغفلون عن الانشغال بالميراث النبوي .. من هنا لم يكن الأئمة والعلماء يخطبون في الناس يوميـًا قائلين: تعلموا الطب .. تعلموا الفلك .. تعلموا الكيمياء .. لكنهم – في المقابل - كانوا في كل لحظة يأمرونهم بتعلم القرآن والحديث.

تقول أيها الفاضل: « لا بد لمن اوتي صحة التصور،وسلك السبل السوية، ان يكون في الريادة في كل ما هو فضيلة بغض النظر عن تفاوت الفضائل »

لا شك أن نبينا – عليه الصلاة والسلام – أوتي صحة التصور وسلك السبل السوية، لكن ما انشغل بطب ولا كيمياء ولم تزد هذه العلوم عنده على : « أنتم أعلم بأمور دنياكم » ..

والصحابة – رضوان الله عليهم – أوتوا صحة التصور وسلكوا السبل السوية، وما انشغلوا بهذه العلوم حتى تكون لهم « الريادة » فيها ..

فإذا تابع الأئمةُ والعلماءُ النبيَّ والصحابةَ في عدم الانشغال بهذه العلوم ، لم يكن هذا بمبعد لهم عن صحة التصور وسلوك السبل السوية.

وقد بينتُ من قبل أن الفضيلة ليست في مجرد الانشغال بهذه العلوم، وإنما في أمور أخرى ، كجنس الانشغال بالعلم النافع. وقد حصَّل أئمتنا وعلماؤنا هذه الفضائل فعلاً.



كان سؤالك : أين جهود أسلافنا في الطب وما شابهه ؟
وكان جوابي: أنعيب عليهم الانشغال بالفاضل عن المفضول ؟
أنت تعتبرها « حيدة » .. وينبغي – عندك – أن يكون الجواب : جهودهم كذا وكذا

الذي فاتك أخي أني لا أوافقك أصلاً على أن أئمتنا وعلماءنا كانت لهم « ريادة » في هذه العلوم .. وهذا ما أريد أن أصل إليه .. فكيف أعدد لك « جهودهم » في علوم لم ينشغلوا بها كانشغال ابن سينا وغيره ؟!

ما هي « إسهامات » الأئمة الأربعة جوار « إسهامات » ابن سينا وحده ؟! .. الطب – وما شابهه – علوم تتحصل بالمشاهدة والتجربة والقياس .. تحتاج إلى الانشغال بها .. وأئمتنا وعلماؤنا لم ينشغلوا بها كانشغال ابن سينا وأمثاله .. هذا هو الواقع .

ومرادي بعد تقرير هذا الواقع أن أبين أن هذا ليس عيبـًا فيهم ولا لأنهم فوتوا بعض الكمالات .. حسبت أن هذا موطن الإشكال الذي يثيره الملاحدة أو قد يمر بخاطر ضعاف النفوس من عامة المسلمين.

فالإشكال هنا ينبني على مقدمة تضخم من هذه العلوم وتعطيها أكبر من حجمها .. وغرضي هدم هذه المقدمة وبيان تأثير هذا في حل الإشكال.

نعم أخي ، ليست هذه العلوم متضخمة عندك أنت .. لكنها كذلك في حس الملاحدة وضعاف النفوس من عامة المسلمين .. وهؤلاء هم الذين تطرح لنا إشكالهم .. هذا ما فهمته وحاولت الإجابة عنه.


يمكنني أن أسرد لك أمثلة على براعة بعض المسلمين في بعض هاتيك العلوم .. لكن هذا لن يحل الإشكال الذي تحكيه .. لأنه من الثابت أن أئمتنا وعلمائنا المبرزين لم ينشغلوا بهذه العلوم ..

ومن الثابت أيضـًا أن القائمة سيظل يتصدرها ابن سينا وأمثاله .. ضرورة أن الواقع حتم انشغال هؤلاء بمثل هذه العلوم ..

وقد نبه ابن تيمية رحمه الله على انشغال قساوسة النصارى أو علماء أهل الكتاب عمومـًا بالطب وما شابهه ، وأرجع السبب في هذا إلى أن علوم دينهم لا تشفي غليلهم، ولا تزيدهم – كلما اشتغلوا بها – إلا كفرًا بهذه الأديان .. فلا يجدون أمامهم إلا الانغماس في التجارب الكيميائية أو العكوف على المناظير الفلكية ..

فالجري وراء « إسهام » هذا العالم أو ذاك في الطب أو غيره ، لن يجدي نفعـًا في حل الإشكال الذي تحكيه هنا .. دعك من أن قصارى جهدك أن تحصل على « أسماء » كما يُقال : « مستورة » الحال .. لأن أغلبها لم يُعرف لها اشتغال بالعلوم النبوية .. فيظل الإشكال : أين جهود الأئمة والعلماء المبرزين ؟! .. كيف فاتهم هذا الكمال ؟!

وأحسب أن فيما قدمت من توضيحات تساعد على حل الإشكال بإذن الله.

سعيد أخي بالمباحثة التي أمتعتنا بها هنا .. متعك الله دومـًا بالعافية والسلامة.

ابوبكر الجزائري
03-16-2010, 08:56 PM
بعد تصحيح اللفظ إلى : { إن خير من استأجرت القوي الأمين } بغير فاء في أولها
على العين والراس،كلام ربي نصححه ولو بمهج العيون،فجزيت خيرا على غيرتك.

قبل الاستمرار في موضوعنا لي عتاب بخصوص استخدامك للون الأحمر بكثرة، وهذا يؤذي العين. وأنتم أهل للرفق إن شاء الله.
عتاب مقبول من اخ كريم وقد قال الشاعر
إذا ذَهب العتابُ فليس وُد ... وَيبقى الوُدُّ ما بَقِي العِتابُ
وفي المثل السائر: وفي العتاب حياة بين أقوام

نقطة أخرى : قد تجد في خطابي لك بعض الكلام أو تلوين الأسلوب بما لا تستسيغه أنت كمسلم، فاعلم أن هذا غالبًا مطلوب به غيرك بل غير المسلمين ..
وهذه بالمناسبة – استطرادًا - مشكلة تقابلنا دومًا عند الجواب عن إشكالات الإخوة المسلمين .. فالأخ المسلم يطرح أمامنا ما قاله غير المسلمين طالبًا الجواب الشافي .. فإذا أجبناه بجواب يناسب المسلم ويتخطى ما يفترض أنه ثابت لديه، قال لنا: « يا أخي جوابك جيد لكن للمسلم فقط ولا ينفع غير المسلمين الذين لا يؤمنون بما بنيت عليه جوابك » .. فإذا ما أجبناه بما يناسب غير المسلم، يكون تعقيبه: « أرفق بنا أخي فأنا مسلم مثلك موحد، لماذا تسيء بي الظن وتفترض أني أخالفك فيما تحاول إثباته مع أنها حقائق من صلب إيمان المسلم ؟! »

اما هذه فسببها حداثة عهدي بالمنتدى،وقلة علميباحوال الخطاب فيه،اما وقد علمت فقد رضيت

وأيضًا فالكمال ليس في مجرد الانشغال بالطب وما شابهه، وإنما في سعة الاطلاع وبذل المجهود والذكاء والفراسة وقوة التحصيل و ... الخ .. ولا يخفى عليك ما من الله به على أئمتنا وعلمائنا من هذا الباب، ولا يشترط – بعد هذا – أن يستعملوه في الطب على وجه الخصوص أو ما شابهه

لا اعني الانشغال بالطب لذاته فان ذلك ليس فيه مزية اخروية لصاحبه ،وانما اعني الانشغال به باعتباره احد فروض الكفاية ،التي تقوم عليها كثير من مصالح الدين والدنيا،التي لو اجتمعت الامة على تركها لاستوجبت الاثم،خاصة ان في ابواب الدين ما يطلب فيه راي الخبير المسلم دون غيره،اضف الى ذلك ما تعلمه من جعل السلطان للكافر على المسلم لو اعرض المسلمون عن هذه الصناعات لما يترتب من الحاجة اليها.فمن هذه الحيثية الاشتغال بهذه العلوم كمال له مزية وفضيلة اخروية من جنس فضائل علوم الشريعة وان لم تكن تلحقها في القدر والرتبة.

ومثله قولك

"]وإلا .. فأين ما ساهم به « ابن حنبل » - عليه سحائب الرحمة – في علم الطب أو الفلك أو الكيمياء ؟! .. أين ما ساهم به أبو حنيفة أو الشافعي أو مالك أو الأوزاعي أو الثوري أو .... الخ في هذه العلوم ؟!
تراجم هؤلاء العلماء بين أيدينا لم تخفى علينا .. ولهم أتباع في المشرق والمغرب حرصوا على إثبات كل فضيلة – حصلت لهم – في تراجمهم .. فلو علموا إسهامـًا لهم في هذه العلوم لما توانوا لحظة عن تدوينه ونقله
وقولك:ما هي « إسهامات » الأئمة الأربعة جوار « إسهامات » ابن سينا وحده ؟! .. الطب – وما شابهه – علوم تتحصل بالمشاهدة والتجربة والقياس .. تحتاج إلى الانشغال بها .. وأئمتنا وعلماؤنا لم ينشغلوا بها كانشغال ابن سينا وأمثاله .. هذا هو الواقع .
.
فاني لا اعني بالاسهام والانكباب اعيان الافراد بل مجموع الامة،فانهم لمعرفتهم بفضل علوم الشريعة وشرفها ،وعلو قدرها بذلوا فيها عمارهم ،وتلك العلوم الشرعية هي التي توجب عليهم سد الفجوة والفراغ في غيرها من الصناعات
ودونك الصحابة رضوان الله عليهم، ليس فيهم « رائد » في عالم الطب وما شابهه .. وليس هذا تفويتـًا لبعض الكمالات، وإنما حصَّلوا – بمجموعهم – أجناس الكمالات البشرية، وانشغلوا بما ينفعهم وينفع الناس.
الصحابة هم اول من وضع اولى لبنات البناء الحضاري ايام الدولة العمرية،ولا يقول احد انهم بلغوا الريادة لانشغالهم بالجهاد والدعوة وتثبيت الايمان ،وانت تعلم الحد الفارق في العلوم بين بدايتها ونهاياتها.ومع هذا فقد حصلوا من الصناعات ما يضمن لهم الاستغناء عن المنافقين،واهل الكتاب، في العلوم الدنيوية المنتشرة في عصرهم كالطب،والفلك،وصناعة الحرب،والزراعة،ونحوها والذي عجزوا عنه لظروف الدعوة التي توجب عليهم الاشتغال بما هو اولى كانت تنزل عليهم كرامة ربهم تعوضهم جزاءا وفاقا على ايمانهم.

بل اعتبر بحال نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم .. ما انشغل بطب ولا كيمياء كما تعلم .. وما طلب « الريادة » في هذه العلوم ، بل كان محلها عنده كما لا يخفى عليكم « أنتم أعلم بأمر دنياكم.
وقلت ايضا:
"]لا شك أن نبينا – عليه الصلاة والسلام – أوتي صحة التصور وسلك السبل السوية، لكن ما انشغل بطب ولا كيمياء ولم تزد هذه العلوم عنده على : « أنتم أعلم بأمور دنياكم »
اما هذه منك فعظيمة ،-وارجو ان اكون اسات فهمك فسامحني- والله المستعان-
فحال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز لمسلم ان يتخذها مضربا للامثال يدفع به ما قد يتنقص به بعض الناس او غيره لما ينجر عن ذلك من التعريض بالجناب الكريم العالي،وسوء الادب مع مقام النبوة،وان لم يكن صاحبه قاصد لذلك،فلا ينبغي لمن عيب بالامية ان يقول هذا رسول الله كان اميا ،او لمن استهزأبه وعير بالرعي واليتم ان يضرب المثل بالرسول صلى الله عليه وسلم.بل الواجب ان تورد احوال المصطفى صلى الله عليه وسلم في سياق لا يقتضي التعريض والتنقص وسوء الادب.كما قيل في الحكمة من اميته انه اية على صدقه ودليل من دلائل نبوته.ف
.يقول القاضي عياض في الشفا:
فصل الوجه الخامس أن لا يقصد نقصا ولا يذكر عيبا ولا سبا لكنه
ينزع بذكر بعض أوصافه أو يستشهد ببعض أحواله صلى الله عليه وسلم الجائزة عليه في الدنيا على طريق ضرب المثل والحجة لنفسه أو لغيره أو على التشبه به أو عند هضيمة نالته أو غضاضة لحقته ليس على طريق التأسي وطريق التحقيق بل على مقصد الترفيع لنفسه أو لغيره أو على سبيل التمثيل وعدم التوقير لنبيه صلى الله عليه وسلم أو قصد الهزل والتنذير بقوله كقول القائل إن قيل في السوء فقد قيل في النبي أو إن كذبت فقد كذب الأنبياء أو إن أذنبت فقد أذنبوا أو أنا أسلم من ألسنة الناس ولم يسلم منهم أنبياء الله ورسله أو قد صبرت كما صبر أولو العزم أو كصبر أيوب أو قد صبر نبى الله عن عداه وحلم على أكثر مما صبرت .....وذكر امثلة كثيرة ثم قال: إلى أمثال هذا وإنما أكثرنا بشاهدها مع استثقالنا حكايتها لتعريف أمثلتها ولتساهل كثير من الناس في ولوج هذا الباب الضنك واستخفافهم فادح هذا العب ء وقلة علمهم بعظيم ما فيه من الوزر وكلامهم منه بما ليس لهم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم.
فلعلك تعيد صياغة العبارة

العدل هنا أن نحتذي حذو علمائنا الكرام .. ماذا فعل « الذهبي » و « ابن كثير » وأمثالهما عندما تكلموا عن هؤلاء البارعين في الطب ؟ .. اعترفوا لهم بالبراعة في الطب وما برعوا فيه من علوم أخرى .. بل اعترفوا لهم بالبراعة حتى في « السحر » لمن برع منهم فيه .. هذا شيء و « تعظيم » هؤلاء شيء آخر.
ابن تيمية رحمه الله كان يقول عن ابن سينا وأمثاله عبارة تعجبني : « ذكاء ولا زكاء » .. هذا يلخص موقف علمائنا من هؤلاء كما ترى.
احسنت ،هذا عين العدل ان ننزل الكرام منازلهم،ونطيبها باطايب الايمان ،ولا نزكم انوفهم بمجاورة الحثالة ،بل للحثالة مكانها الذي يليق بها ،وان كنا احيانا نلجأاليها مكرهين.كما نفعل مع المياه النجسة التي يعاد تطهيرها،لاجل الاستعمالات الصناعية. فهذا هو عين العدل.وهو صنيع العدول من امثال ابن كثير والذهبي

ومرادي بعد تقرير هذا الواقع أن أبين أن هذا ليس عيبـًا فيهم ولا لأنهم فوتوا بعض الكمالات .. حسبت أن هذا موطن الإشكال الذي يثيره الملاحدة أو قد يمر بخاطر ضعاف النفوس من عامة المسلمين.
فالإشكال هنا ينبني على مقدمة تضخم من هذه العلوم وتعطيها أكبر من حجمها .. وغرضي هدم هذه المقدمة وبيان تأثير هذا في حل الإشكال.
نعم أخي ، ليست هذه العلوم متضخمة عندك أنت .. لكنها كذلك في حس الملاحدة وضعاف النفوس من عامة المسلمين .. وهؤلاء هم الذين تطرح لنا إشكالهم .. هذا ما فهمته وحاولت الإجابة عنه.
يمكنني أن أسرد لك أمثلة على براعة بعض المسلمين في بعض هاتيك العلوم .. لكن هذا لن يحل الإشكال الذي تحكيه .. لأنه من الثابت أن أئمتنا وعلمائنا المبرزين لم ينشغلوا بهذه العلوم ..
ومن الثابت أيضـًا أن القائمة سيظل يتصدرها ابن سينا وأمثاله .. ضرورة أن الواقع حتم انشغال هؤلاء بمثل هذه العلوم .. وقد نبه ابن تيمية رحمه الله على انشغال قساوسة النصارى أو علماء أهل الكتاب عمومـًا بالطب وما شابهه ، وأرجع السبب في هذا إلى أن علوم دينهم لا تشفي غليلهم، ولا تزيدهم – كلما اشتغلوا بها – إلا كفرًا بهذه الأديان .. فلا يجدون أمامهم إلا الانغماس في التجارب الكيميائية أو العكوف على المناظير الفلكية ..
فالجري وراء « إسهام » هذا العالم أو ذاك في الطب أو غيره ، لن يجدي نفعـًا في حل الإشكال الذي تحكيه هنا .. دعك من أن قصارى جهدك أن تحصل على « أسماء » كما يُقال : « مستورة » الحال .. لأن أغلبها لم يُعرف لها اشتغال بالعلوم النبوية .. فيظل الإشكال : أين جهود الأئمة والعلماء المبرزين ؟! .. كيف فاتهم هذا الكمال ؟!


هذه الجملة منك مفيدة،وهي كافية شافية لايضاح المراد.لكن لا تنسى انها من باب التحلية ،ونحن اما قلوب مريضة تحتاج الى تخلية،حتى يصادف الحق محلا قابلا للاذعان والانقياد.ولا تعجب ممن تغيرت اسس الفطرة في حقه فراوده الشك في ضروريات الدين ان يلبس عليه الشيطان من هذه الجهة التي قدلانجني وراءها كثير طائل.

سعيد أخي بالمباحثة التي أمتعتنا بها هنا .. متعك الله دومـًا بالعافية والسلامة.

امين واياك ،وانا اسعد
كرم تبين في كلامك ماثلاً ... ويبين عتق الخيل في أصواتها

متعلم
03-18-2010, 03:25 PM
إلى أخي الفاضل "أبي بكر الجزائري" وفقه الله ورعاه ..


لا اعني الانشغال بالطب لذاته فان ذلك ليس فيه مزية اخروية لصاحبه ،وانما اعني الانشغال به باعتباره احد فروض الكفاية ،التي تقوم عليها كثير من مصالح الدين والدنيا،التي لو اجتمعت الامة على تركها لاستوجبت الاثم،خاصة ان في ابواب الدين ما يطلب فيه راي الخبير المسلم دون غيره،اضف الى ذلك ما تعلمه من جعل السلطان للكافر على المسلم لو اعرض المسلمون عن هذه الصناعات لما يترتب من الحاجة اليها.فمن هذه الحيثية الاشتغال بهذه العلوم كمال له مزية وفضيلة اخروية من جنس فضائل علوم الشريعة وان لم تكن تلحقها في القدر والرتبة.

جميل أخي الكريم. إذن الكلام هنا – كما أحسب والله أعلم – ليس عن « إسهامات » ولا عن « ريادة » .. الكلام هنا عن مجرد المعرفة بالطب :
« باعتباره أحد فروض الكفاية »
« لو اجتمعت الأمة على تركها لاستوجبت الإثم »
« لو أعرض المسلمون ... »

فيكون السؤال :
هل أعرض المسلمون – في عصور القوة – عن هذه العلوم ؟ ..
هل اجتمعت الأمة على تركها ؟ ..

والجواب : كلا .. ودونك كتب طبقات الأطباء – مثلاً – كما لا يخفى عليكم.


ومقصودي التفرقة بين مجرد العلم بالطب والاشتغال به، فهذا كان في الأمة فعلاً، وبين أن يتصدر قائمة الأطباء أئمة المسلمين وعلمائهم، فهذا لم يحصل، لاشتغال علمائنا بما هو أولى.



تقول أخي : « وتلك العلوم الشرعية هي التي توجب عليهم سد الفجوة والفراغ في غيرها من الصناعات » .. هي توجب هذا على الأمة بمجموعها لا عليهم كما لا يخفى عليكم .. ثم إنهم نظروا في الأمة فوجدوا من كفى الأمة في هذه المهن بالفعل.

بعبارة أخرى: الواجب هنا هو مجرد "سد الفجوة"، وليس « الريادة ».



تقول عن الصحب الكرام رضي الله عنهم: « حصلوا من الصناعات ما يضمن لهم الاستغناء عن المنافقين،واهل الكتاب، في العلوم الدنيوية المنتشرة في عصرهم »
أقول: وكذا من بعدهم، ساروا مسيرتهم .. والجهاد والدعوة وتثبيت الإيمان أمور ملازمة للأمة في كل عصر.




بخصوص إرشادي للاعتبار بحال نبينا عليه الصلاة والسلام في عدم الانشغال بالطب وما شابهه، استعظمت أنت هذا مني .. فأسأل الله أن يجزيك على غيرتك على الجناب النبوي الشريف.

على أنه ليس في كلامي أي مساس بالجناب النبوي، معاذ الله .. فأنت لا تعيرني بعدم الاشتغال بالطب وأنا أدافع بتشابه حالي مع حال نبينا عليه الصلاة والسلام .. كلا ..

وأما باقي ما منعه القاضي عياض – رحمه الله – من الحالات، ففيه مبالغة واضحة – والحق يُقال – لو التزمناها لمنعنا القياس الشرعي على حال النبي عليه الصلاة والسلام، وهو باطل، فما استلزمه باطل أيضـًا.

وما زال العلماء يستخدمون هذا القياس على حال النبي عليه الصلاة والسلام في أمور لا تحصى ..

مثلاً يزعم الصوفية تصرف بعض "أبدالهم" في الكون، فيكون جواب العلماء: إذا كان الله قد قال للنبي عليه الصلاة والسلام { ليس لك من الأمر شيء } فكيف بمن هو دونه ؟!

وأمثال هذا كثيرة جدًا فوق الحصر ..

وما قياسي إلا من هذا الباب ..

فكان القول منكم أخي بأن ما كان كمالاً في المفضول فالفاضل أحق به .. فبينت أنا أن النبي عليه الصلاة والسلام أفضل الفضلاء ولم يلزم من هذا اشتغاله بالطب ولا الريادة فيه .. فدل هذا على أن الاشتغال بالطب – وما شابهه – على وجه التعيين ليس هو محل الكمال تحديدًا ..

وكذا كلامي عن الصحب الكرام أردت به نفس القياس ..

ومما استُدل به على مبالغة القاضي عياض رحمه الله حوادث نبوية كثيرة، مثلما أخبر عليه الصلاة والسلام بأن كل إنسان وُكِّل به قرينه من الجن ، فسألوه: « وإياك يا رسول الله ؟! » قال : « وإياي إلا أن الله أعانني عليه فأسلم فلا يأمرني إلا بخير » ولم يقل لهم : كيف تجترءون على التعريض بالجناب النبوي ؟! .. أو ما شابه.

وأمثال هذه الحوادث كثيرة لا إخال أكثرها يخفى عليكم إن شاء الله.

وعامة كلام العلماء في استخدام هذا القياس على الرسل والأنبياء كثير جدًا يجل عن الحصر والقصر.

شكر الله لك غيرتك .. وغفر لنا ولك.