المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : قوله تعالى"وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرش "



ماكـولا
03-18-2010, 04:35 PM
يقول الله " وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ " الزمر 75

قال الرغاب الاصفهاني في مفردات ألفاظ القرآن 245 " أي: مطيفين بحافتيه، أي: جانبيه، ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام: (تحفه الملائكة بأجنحتها) (الحديث: (إن طالب العلم تحفه الملائكة بأجنحتها). أخرجه أحمد 4/240 وإسناده جيد، والطبراني واللفظ له. وانظر الترغيب والترههيب 1/54).

وقال الشاعر:
*له لحظات في حفافي سريره*
*** (هذا شطر بيت، وعجزه:
*إذا كرها فيها عقاب ونائل*
وهو لابن هرمة. والبيت في الأغاني 10/5؛ و 5/172؛ وغرر الخصائص الواضحة ص 241)

وجمعه: أحفة، وقال عز وجل: {وحففناهما بنخل} [الكهف/32]، وفلان في حفف من العيش، أي: في ضيق، كأنه حصل في حفف منه، أي: جانب، بخلاف من قيل فيه: هو في واسطة من العيش.

ومنه قيل: من حفنا أو رفنا فليقتصد (قال الزمخشري: ومن المجاز: فلان يحفنا ويرفنا، أي: يضمنا ويؤوينا. انظر: أساس البلاغة ص 89. وقال في اللسان: من حفنا أو رفنا فليقتصد، مثل أي: من مدحنا فلا يغلون في ذلك ولكن ليتكلم بالحق منهوانظر الأمثال لأبي عبيد ص 45)، أي: من تفقد حفف عيشنا.

وحفيف الشجر والجناح: صوتهما، فذلك حكاية صوتهما، والحف: آلة النساج، سمي بذلك لما يسمع من حفه، وهو صوت حركته."

قال الجوهري في الصحاح " وحفوا حوله يحفون حفا، أي أطافوا به واستداروا. وقال الله تعالى: { وترى الملائكة حافين من حول العرش }. وحفه بالشئ يحفه كما يحف الهودج بالثياب. وكذلك التحفيف. ويقال: من حفنا أو رفنا فليقتصد، أي من خدمنا أو تعطف علينا وحاطنا. وما لفلان حاف ولا راف، وذهب من كان يحفه ويرفه. وحفتهم الحاجة تحفهم، إذا كانوا محاويج. وهم قوم محفوفون. وحف رأسه يحف بالكسر حفوفا، أي بعد عهده بالدهن."

وفي الاسئلة والاجوبة للمسات بيانية للسامرائي " أي ليس بينهم وبين العرش فراغ "

قال العيني في عمدة القاري " وفسر حافين بقوله مطيفين من الإطافة وهو الدوران حول الشيء"

وقلت منه قوله صلى الله عليه وسلم حفوا الشارب قال المناوي في فيض القدير " أي اجعلوها حفاف الشفة أي حولها وحفاف الشيء حوله"

وعن بن جريج أخبرني عطاء قال كان بن الزبير إذا قل الناس جعلهم من وراء المقام فعيب ذلك عليه فقال إنسان لعطاء أرأيت لو كان من وراء المقام من لو جعلهم حول البيت لطافوا به صفا ولكن فيه فرج أي ذلك أحب إليك فقال أما هو وترى الملائكة حافين من حول العرش كأنه يقول حفوفهم صفوفهم حول البيت أحب إلي " مصنف عبد الرزاق 2466


قال البيهقي في الاسماء والصفات " وقال تعالى : {الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم} الآية . وقال تبارك وتعالى : {ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية} وأقاويل أهل التفسير على أن العرش هو السرير ، وأنه جسم مجسم ، خلقه الله تعالى وأمر ملائكته بحمله وتعبدهم بتعظيمه والطواف به ، كما خلق في الأرض بيتا وأمر بني آدم بالطواف به واستقباله في الصلاة . وفي أكثر هذه الآيات دلالة على صحة ما ذهبوا إليه ، وفي الأخبار والآثار الواردة في معناه دليل على صحة ذلك . "


قال أبو سعيد الدارمي في الرد على الجهمية " حدثنا الحسن بن الصباح البزاز البغدادي حدثنا علي بن الحسن بن شقيق عن ابن المبارك أنه سئل بم نعرف ربنا قال بأنه فوق العرش فوق السماء السابعة على العرش بائن من خلقه قال قلت بحد قال فبأي شيء

والحجة لقول ابن المبارك رحمه الله قول الله تبارك وتعالى "وترى الملائكة حافين من حول العرش الزمر " فلماذا يحفون حول العرش إلا لأن الله عز و جل فوقه ولو كان في كل مكان لحفوا بالأمكنة كلها لا بالعرش دونها ففي هذا بيان بين للحد وأن الله فوق العرش والملائكة حوله حافون يسبحون ويقدسونه ويحمل عرشه بعضهم قال الله تعالى "الذين يحملون العرش ومن حوله يسبحون بحمد ربهم"

وفي التبيان تفسير غريب القرآن " حافين من حول العرش مطيفين بحفافيه أي بجانبه ومنه حف به الناس أي صاروا في جوانبه "

قلت وهو كقوله تعالى " واضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب وحففناهما بنخل وجعلنا بينهما زرعا"

قال ابن عاشور في تحرير والتنوير 8-477" ومعنى حففناهما : أحطناهما ، يقال : حفّه بكذا ، إذا جعله حافاً به ، أي محيطاً ، قال تعالى : { وترى الملائكة حافين من حول العرش } [ الزمر : 75 ] ، لأن ( حف ) يتعدى إلى مفعول واحد فإذا أريد تعديته إلى ثاننٍ عدي إليه بالباء ، مثل : غشيه وغشاه بكذا . ومن محاسن الجنات أن تكون محاطة بالأشجار المثمرة ."

وقلت وهو غاية في الهيبة والجلال والاكبار من احاطة الملائكة للعرش خاشعين لله الواحد القهّار " هذا كما يقال إن السلطان لما جلس وقف حول سريره ملوك أطراف العالم خاضعين خاشعين فإن عظمة السلطان إنما تشرح بذلك"

قال الليث : يقال حف القوم بسيدهم يحفون حفا إذا طافوا به.

قال القرطبي " والحفاف الجانب، وجمعه أحفة، ويقال: حف القوم بفلان يحفون حفا، أي طافوا به، ومنه " حافين من حول العرش"

وقال ايضا - ابن عاشور-12-467" إن من جملة تلك الأحوال حَفّ الملائكة حول العرش .
والخطاب للنبيء صلى الله عليه وسلم فيكون إيذاناً بأنها رؤية دنو من العرش وملائكته ، وذلك تكريم له بأن يكون قد حواه موكب الملائكة الذين حول العرش .
والحَفُّ : الإِحداق بالشيء والكون بجوانبه .

وجملة { يُسَبحون بحمد ربهم } حال ، أي يقولون أقوالاً تدل على تنزيه الله تعالى وتعظيمه مُلابِسَةً لحمدهم إياه . فالباء في { بحمد ربهم } للملابسة تتعلق ب { يسبحون } . وفي استحضار الله تعالى بوصف ربهم إيماء إلى أن قربهم من العرش ترفيع في مقام العبودية الملازمة للخلائق ."

وقال البغوي " { وَتَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ } أي: محدقين محيطين بالعرش، مطيفين بحوافيه أي: بجوانبه
"

قال القرطبي " " وترى الملائكة " يا محمد " حافين " أي محدقين " من حول العرش " في ذلك اليوم " يسبحون بحمد ربهم " متلذذين بذلك لا متعبدين به أي يصلون حول العرش شكرا لربهم.
والحافون أخذ من حافات الشيء ونواحيه ,قال الاخفش: واحدهم حاف,وقال الفراء: لا واحد له إذ لا يقع لهم الاسم الا مجتمعين.

ودخلت " من " على " حول " لانه ظرف والفعل يتعدى الى الظرف بحرف وبغير حرف.
وقال الاخفش: " من " زائده أي حافين حول العرش وهو كقولك: ما جاءني من أحد، فمن توكيد."


قال الشوكاني في فتح القدير 4-681 " والمعنى : أن الرائي يراهم بهذه الصفة في ذلك اليوم وجملة { يسبحون بحمد ربهم } في محل نصب على الحال : أي حال كونهم مسبحين لله ملتبسين بحمده وقيل معنى يسبحون يصلون حول العرش شكرا لربهم والحافين جمع حاف قاله الأخفش وقال الفراء : لا واحد له إذ لا يقع لهم هذا الاسم إلا مجتمعين "

وقال القاسمي في محاسن التأويل " أي : الملائكة السماوية حافين في جنة الفردوس حول عرش الرحمن ، محدقين به"

وقال الحافظ ابن دقيق العيد رحمه الله في شرح الاربعين 93 عند شرحه لقوله صلى الله عليه وسلم وحفتهم الملائكة" ومعنى " حفتهم الملائكة " أي حافتهم من قوله عز و جل { حافين من حول العرش } أي محدقين محيطين به مطفين بجوانبه فكأن الملائكة قريب منهم قربا حفتهم حتى لم تدع فرجة تتسع لشيطان.."

وهذا المعنى هو المراد من الحف وهو قرب الملائكة من رب العالمين وانهم حول العرش ينزهون الله عن كل سوء فلا اله الا الله

تنبيه : فسر (حافّين) بحافِينَ! وأن معناها: بلا نعال! .. وهو تحريف لا معنى له سوى اغراض بدعية

" إنه مشهد رائع حافل، يبدأ متحركاً ثم يسير وئيداً حتى تهدأ كل حركة ويسكن كل شيء ويخيّم على الساحة جلال الصمت ورهبة الخشوع.

ويبدأ المشهد بالأرض جميعاً في قبضة ذي الجلال، وها هي السماوات جميعاً مطوّيات بيمينه.
إنها صورة يرتجف لها الحسّ ويعجز عن تصويرها الخيال، ثم ها هي ذي الصيحة الأولى تنبعث، فيصعق من يكون باقياً على ظهرها من الأحياء. ولا نعلم كم مضى من الوقت حتى انبعثت الصيحة الثانية (فإذا هم قيام ينظرون). و يغير ضجيج وعجيج، تجتمع الخلائق. فعرض ربك هنا تحف به الملائكة فما يليق الصخب في مثل هذا المقام.

(وأشرقت الأرض بنور ربها) أرض الساحة التي يتم فيها الاستعراض، أشرقت بالنور الهادئ (بنور ربها) فإذا هي تكاد تشفّ من الإشراق، (وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء)، وطوي كل خصام وجدال في هذا المشهد خاصة (وقضي بينهم بالحق وهم لا يظلمون * ووفيت كل نفس ما عملت وهم لا يظلمون * ووفيت كل نفس ما عملت وهو أعلم بما يفعلون ).
فلا حاجة إلى كلمة واحدة تقال ولا إلى صوت واحد يرتفع.

وهكذا تجمل هنا عملية الحساب والجزاء، لأن المقام مقام روعة وجلال.
وإذا تم الحساب وعرف المصير وجّه كل فريق إلى مأواه(وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً) حتى إذا وصلوا إليها بعيداً هناك استقبلتهم حزنتها بتسجيل استحقاقهم لها وتذكيرهم بما جاء بهم إليها (وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) فالموقف موقف إذعان واعتراف وتسليم (قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى).

وكذلك وجه الذين اتقوا ربهم إلى الجنة حتى إذا وصلوا هناك استقبلهم خزنتها بالسلام والثناء (سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ) وارتفعت أصوات أهل الجنة بالحمد والدعاء: (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَاء فَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ ).

ثم يختم الشريط المصور بما يلقي في النفس روعة ورهبة وجلالاً تتسق مع المشهد كله وتختمه خير ختام(وَتَرَى الْمَلَائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَقِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)."
الاعجاز اللغوي والبياني في القرآن