المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إذا حكم الإسلام، ما مصير غير المسلمين؟



ساري فرح
03-25-2010, 05:37 PM
التصدي لشبهات العلمانيين
إذا حكم الإسلام، ما مصير غير المسلمين؟


حديث عن العلمانية:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله عليه الصلاة والسلام يقول: «... "ألا إنَّ رحى الإسلام دائرة, فدُوروا مع الكتاب حيث دار, ألا إن الكتاب والسلطان سيفترقان, فلا تُفارقوا الكتاب, ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم؛ إن عصيتموهم قتلوكم, وإن أطعتموهم أضلُّوكم" قالوا: يا رسول الله, كيف نصنع؟ قال: "كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم عليه السلام؛ نشروا بالمناشير, وحملوا على الخُشُب, موتٌ في طاعة الله خير من حياةٍ في معصية الله"» رواه الطبراني في المعجم الكبير.


إن التهويل من الحكم الإسلامي من الأساليب التي يعتمدها العلمانيون للدلالة على حتمية العلمانية (فصل الدين عن السياسة والحياة العامة). فهم يروجون أفكاراً عبر أبواقهم الإعلامية الكثيرة تصف النظام الإسلامي بالتمييز والعنصرية في حق الشعوب المغلوبة والمحكومة بالإسلام.


أدلة الشريعة
يظن الكثير من غير المسلمين، بل حتى من جهلة المسلمين، بأن الإسلام دين عنصري إلغائي كالنازية والصهيونية يسعى إلى إبادة الآخر أو الهيمنة عليه لإذلاله. وذلك ما تنفيه الآيات الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة جملة وتفصيلاً: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات : 13] وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "يا أيها الناس ألا ‏ ‏إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا‏ ‏لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى" ويقول الله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} [النساء : 58] كما تقضي أوامر الإسلام بأن يُنظر إلى المحكومين نظرة إنسانيّة لا نظرة عنصريّة أو طائفيّة أو مذهبيّة، ولذلك تطبّق الأحكام على الجميع بالسواء لا فرق بين المسلم وغير المسلم، قال تعالى: {... وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَن لّاتَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى إِنَّ اللهَ خَبيرٌ بِما تَعْمَلُون.} [المائدة: 8] ويقول تعالى في خطاب إلى سيدنا محمد وأمته: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ} [الأنبياء : 107] وانظر في قوله تعالى: {لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الممتحنة : 8] فسترى أن الله قد أمرنا بالبر أي التوسع في فعل الخير، هذه الكلمة التي كثيراً ما تستخدم لوصف العلاقة المثالية مع الوالدين، والقسط، أي العدل مع من؟ مع غير المسلمين الذين لا يحاربوننا ولا يؤذوننا. قال رسول الله عليه الصلاة والسلام: "ألا من ظلم معاهدًا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طِيبِ نفسفأنا حجيجه يوم القيامة" [رواه أبو داود، وهو صحيح] والمعاهد هو غير المسلم الذي دخل في عهد مع المسلمين أو من أهل الذمة، وفي حديث آخر "من آذى ذميا فأنا خصمه" بإسناد مسلم والبخاري وأيضاً "إنكم ستفتحون مصر .. فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها؛ فإن لهم ذِمة ورحِماً" رواه مسلم. وهناك من تشمئزُّ نفسُهُ من تلك اللفظة – أي الذمَّة - إلا أن للفظة مدلولٌ إيجابي، فقد قال رسول الله: "من صلَّى الصبح فهو في ذمة الله" أي في حمايته ورعايته وأمنه، فغير المسلمين الذين يعيشون معنا هم تحت حمايتنا ورعايتنا وأمننا.


إن غير المسلمين جزءٌ من مشروع الدولة الإسلامية، إذ هم من رعاياها الذين يستحقون الرعاية الكاملة دونما انتقاص من حقوقهم. فالدولة الإسلامية ليست دولة عنصرية ترمي إلى تفوق "العنصر" المسلم على سائر العناصر، إذ ليست الأمة الإسلامية عرقاً ولا قومية، وليس الإسلام ديناً عنصرياً، بل هو مبدأ ونظام وطريقة عيش. والدولة الإسلامية ليست دولة للمسلمين فقط ، وإنما هي الدولة التي ترعى شؤون الناس، جميع الناس، بوصفهم يحملون تابعيتها سواءً كانوا مسلمين أو غير مسلمين،بينما لا ترعى شؤون المسلمين الذين لا يحملون تابعيتها . ذلك أن الأساس الذي تقوم عليه الدولة الإسلامية – وهو العقيدة الإسلامية – ليس أساساً عنصرياً ولا عصبياً طائفياً، بل هو أساس فكري سياسي يهدف إلى إنشاء طريقة في العيش تصلح للإنسان بوصفه إنساناً ، بصرف النظر عن عرقه أو لونه أو قوميته أو بيئته.
فإذا كانت حقوق أهل الأديان تتوزع بين اعتبارين: اعتبار أنهم أناس يحتاجون نظاماً يرعى شؤونهم بوصفهم أناساً، واعتبار أنهم أصحاب دين ينشدون ممارسة دينهم دونما تضييق عليهم. فإنه ما من شك أن الإسلام هو النظام الصالح لرعاية شؤون الناس، إذ ينظم علاقات الناس في المجتمع باعتبارهم رعايا للدولة الإسلامية مسلمين وغير مسلمين، ويطبق النظام العام على الجميع دونما استثناء، ويضمن لجميع الرعايا فرداً فرداً حاجاتهم الضرورية من أمن وطبابة وتعليم ومأكل وملبس ومسكن، ويفسح المجال لمن شاء أن ينمي ملكه بالطرق الحلال دون تفريق بين مسلم وغير مسلم.
أما ضمان حقوقهم، من حيث هم أهل دين يحرصون على ممارسة شعائرهم، فإن الإسلام حفظ لأهل الأديان خصوصياتهم الدينية، فلم يكرههم على ترك أديانهم ولم يتعرض لمعابدهم وعباداتهم ولا لمآكلهم ومشاربهم، وترك لهم تنظيم أحوالهم الشخصية وفق أحكام دينهم وترك لهم إنشاء محاكمهم الخاصة في هذا المجال. ولم يعمد المسلمون طوال تاريخهم الحضاري العظيم إلى إجبار الشعوب أو الأفراد الذين تحت ولايتهم، وذلك تطبيقاً لمجموعة من المبادئ الإسلامية التي رسخت فيهم هذا السلوك ومنها النهي عن الإكراه في الدين كما جاء في الآية 256 من سورة البقرة {لا إِكْراهَ في الدِّينِ...} قال العلامة ابن كثير رحمه الله: "أي لا تُكرِهوا أحدًا على الدخول في دين الإسلام، فإنه بَيِّن واضح، جلي دلائله وبراهينه، لا يحتاج إلى أن يكره أحد على الدخول فيه، بل من هداه الله للإسلام وشرح صدره ونور بصيرته؛ دخل فيه على بينة، ومن أعمى الله قلبه وختم على سمعه وبصره؛ فإنه لا يفيده الدخول في الدين مكرهاً مقسوراً".


أما الجزية؛ فهي لا تُفرض إلا على الذكور القادرين على حمل السلاح, وفي ذلك إعفاء من القتال, وهي رسم سنوي يتفاوت مقداره بحسب قدرة الكِتابي وثروته, وقد يقِلُّ مقدارها عن مقدار ما يدفعه كثير من المسلمين من زكاة. وفي المقابل, ينفق بيت مال المسلمين على الفقراء والشيوخ من الكتابيين عدا عن كثير من الخدمات, ويضمن المسلمون حماية النصارى مقابل هذه الجزية, وقد قام المسلمون برد الجزية إلى أهلها في شمال بلاد الشام قبيل هجوم جيوش الروم, وذلك لعدم قدرتهم على حماية النصارى في تلك المنطقة لكثرة عديد جيش الروم.


شهادة المفكرين الغربيين
خلافاً لما يظنه البعض، فإن عدداً غير قليل من المفكرين والمؤرخين الغربيين القدامى والمعاصرين قد اتخذ الموضوعية منهجاً في تعاطيه مع الحضارة الإسلامية، مما أدى إلى إظهارهم لصورة ناصعة مشرقة عن الإسلام من خلال كتاباتهم.
تقول المستشرقة الألمانية زيغريد هونكه: "العرب لم يفرضوا على الشعوب المغلوبة الدخول في الإسلام، فالمسيحيون والزرادشتية واليهود الذين لاقوا قبل الإسلام أبشع أمثلة للتعصب الديني وأفظعها؛ سمح لهم جميعاً دون أي عائق يمنعهم بممارسة شعائر دينهم، وترك المسلمون لهم بيوت عبادتهم وأديرتهم وكهنتهم وأحبارهم دون أن يمسوهم بأدنى أذى، أو ليس هذا منتهى التسامح؟ أين روى التاريخ مثل تلك الأعمال؟ ومتى؟".
ويقول غوستاف لوبون في كتابه "حضارة العرب" : " إن القوة لم تكن عاملاً في انتشار القرآن ، فقد ترك العرب المغلوبين أحراراً في أديانهم .. فإذا حدث أن انتحل بعض الشعوب النصرانية الإسلام واتخذ العربية لغة له؛ فذلك لما كان يتصف به العرب الغالبون من ضروب العدل الذي لم يكن للناس عهد بمثله، ولما كان عليه الإسلام من السهولة التي لم تعرفها الأديان الأخرى".
ويقول "جاك ريسلر" في كتابه "الحضارة العربية": "على الرغم من تنوّع الأعراق والشعوب المكوّنة "للإسلام" في العصر الأمويّ، القرنين السابع والثامن، كان المسلمون قد بدؤوا يتميّزون بمزايا مشتركة، وكانوا يتصرّفون تقريباً بالطريقة ذاتها على الرغم ممّا كان يمكنه أن يفرّق بين الحضر والبدو، بين الأغنياء والفقراء. ذاك أنّ عقيدة واحدة مترسّخة بقوّة، كانت تثير ردود فعل واحدة لدى كائنات مختلفة. كانت روحيّة القرآن تنظّم السلوك اليوميّ، وتشيع جوّاً حيويّاً، وتتوصّل من خلال تغلغلها في الأفكار إلى توحيد شكل العقليّات والطبائع".
ويقول توماس آرنولد : "لم نسمع عن أية محاولة مدبرة لإرغام غير المسلمين على قبول الإسلام أو عن أي اضطهاد منظم قصد منه استئصال الدين المسيحي" ويقول أيضاً: " لقد عامل المسلمون الظافرون العرب المسيحيين بتسامح عظيم منذ القرن الأول للهجرة ، واستمر هذا التسامح في القرون المتعاقبة ، ونستطيع أن نحكم بحق أن القبائل المسيحية التي اعتنقت الإسلام قد اعتنقته عن اختيار وإرادة حرة ، وإن العرب المسيحيين الذين يعيشون في وقتنا هذا بين جماعات المسلمين لشاهد على هذا التسامح " [المصدر: الدعوة إلى الإسلام، السير توماس أرنولد].
وينقل معرِّب "حضارة العرب" قول روبرتسن في كتابه "تاريخ شارلكن": "إن المسلمين وحدهم الذين جمعوا بين الغيرة لدينهم وروح التسامح نحو أتباع الأديان الأخرى، وإنهم مع امتشاقهم الحسام نشراً لدينهم، تركوا مَن لم يرغبوا فيه أحراراً في التمسك بتعاليمهم الدينية".
ويقول المفكر الأسباني بلاسكوا أبانيز في كتابه "ظلال الكنيسة" (ص 64) متحدثاً عن الفتح الإسلامي للأندلس: "لقد أحسنت أسبانيا استقبال أولئك الرجال الذين قدموا إليها من القارة الإفريقية، وأسلمتهم القرى أزمتها بغير مقاومة ولا عداء، فما هو إلا أن تقترب كوكبة من فرسان العرب من إحدى القرى؛ حتى تفتح لها الأبواب وتتلقاها بالترحاب .. كانت غزوة تَمَدْيُن، ولم تكن غزوة فتح وقهر .. ولم يتخل أبناء تلك الحضارة زمناً عن فضيلة حرية الضمير، وهي الدعامة التي تقوم عليها كل عظمة حقة للشعوب، فقبلوا في المدن التي ملكوها كنائس النصارى وبيع اليهود، ولم يخشَ المسجد معابد الأديان التي سبقته، فعرف لها حقها، واستقر إلى جانبها، غير حاسد لها، ولا راغب في السيادة عليها".
ويقول الكونت هنري دي كاستري في كتابه "الإسلام": "... ومن المرجح أن المسلمين لو عاملوا الأندلسيين كما عامل المسيحيون الأمم السكسونية والواندية؛ لأخلدت إلى الإسلام واستقرت عليه".
يقول ول ديورانت: "لقد كان أهل الذمة، المسيحيون والزرادشتيون واليهود والصابئون يستمتعون في عهد الخلافة الأموية بدرجة من التسامح، لا نجد لها نظيراً في البلاد المسيحية في هذه الأيام، فلقد كانوا أحراراً في ممارسة شعائر دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم".
ويقول أيضاً: "وكان اليهود في بلاد الشرق الأدنى قد رحبوا بالعرب الذين حرروهم من ظلم حكامهم السابقين .. وأصبحوا يتمتعون بكامل الحرية في حياتهم وممارسة شعائر دينهم .. وكان المسيحيون أحراراً في الاحتفال بأعيادهم علناً، والحجاج المسيحيون يأتون أفواجاً آمنين لزيارة الأضرحة المسيحية في فلسطين .. وأصبح المسيحيون الخارجون على كنيسة الدولة البيزنطية، الذين كانوا يلقون صوراً من الاضطهاد على يد بطاركة القسطنطينية وأورشليم والاسكندرية وإنطاكيا، أصبح هؤلاء الآن أحراراً آمنين تحت حكم المسلمين" [المصدر: مجلدات قصة الحضارة، ويل ديورانت]


الخلاصة
وفي الختام ، أرجو أن تكون الآيات المذكورة والأحاديث المنقولة وأقوال كبار المؤرخين الغربيين من غير المسلمين قد أزاحت الغشاوة عن أعين الذين يتهمون الإسلام بظلم غير المسلمين، وليدركوا مدى سماحة الإسلام وعظمة تشريعه وعدالته في حق الإنسانية جمعاء، رحمة للعالمين.


إعداد: أبو مريم (الثاني)

اخت مسلمة
03-25-2010, 08:02 PM
جزاك الله خيرا ...
ماعاش أهل الكتاب حياة أزهر مما عاشوها تحت ظل الحكم الاسلامي الحق ... والتاريخ زاخر بمواقف مؤيدة لايتعامى عنها الا أعمى القلب والبصيرة , أو ذو المصالح والأهواء الفاسدة .. وهم كثر ...!!

بارك الله فيك أخي

تحياتي للموحدين