الخوالف

[السعيد شويل]

** ** ***************************************

{ غزوة تبوك }


غزا سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض الشام لعدم نزولهم على حكم الله

.. فشد المسلمون عليهم فى شدة الحر ووهجه وفى وقت لهيب الشمس وسعيرها

ووقت اتقاد لظى حرها .
..................

فجاء نفر من المسلمين شيوخ ومرضى وضعفاء يطلبون من

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الإذن لهم بالقعود فى المدينة لما هم فيه

من العجز والمرض .. فأذن لهم نبى الله صلى الله عليه وسلم ..

فقد بين الله لنبيه ومصطفاه أن هؤلاء لا إثم ولا حرج عليهم .

{ لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاء وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى وَلاَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ

إِذَا نَصَحُواْ لِلّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ .. .. } التوبة91

.................

وجاء نفر آخر لا يملكون ما يتجهزون به للقتال وليسوا من ذوى اليسار أو الغنى

فى المال .. جاءوا يطلبون العون من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

للجهاد فى سبيل الله فأخبرهم نبى الله صلى الله عليه وسلم بعدم وجود

ما يحملهم عليه للخروج إلى القتال لنفاذ كل معدات النزال .. فانصرفوا من عند

رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلوبهم تتفتر حزنا وأعينهم تفيض دمعا وبكاء

على ما فاتهم من جهاد فى سبيل الله وعلى أنهم لا يملكون مايمكنهم

أن يتزودون به لللحاق بالمجاهدين والمقاتلين .


{..... وَلاَ عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّواْ وَّأَعْيُنُهُمْ

تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنفِقُونَ }التوبة92

..................

وجاء نفر ثالث كارهين بذل النفس والمال .. جاءوا إلى سيدنا رسول الله

صلى الله عليه وسلم يطلبون الإذن لهم بالقعود مثل القاعدين .. فلم يأذن لهم

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فهم ليسوا شيوخا ولا مرضى وليسوا

فقراء بل من ذوى الغنى واليسار.. وليسوا ضعفاء بل أشداء .


{وَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِاللّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ الطَّوْلِ مِنْهُمْ

وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُن مَّعَ الْقَاعِدِينَ }التوبة86


{....إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَاء ....}التوبة93


وشد المسلمون متوجهين إلى أرض الشام للحرب والقتال .. إلا أن هؤلاء تخلفوا

عن النزال وأبوا الخروج لرفع راية دين الله دين الإسلام .. كرهوا بذل المال

فى سبيل الله .. خافوا على أنفسهم من الحرالشديد ووطأة لظى الشمس

لنصرة دين الله .. شغلتهم أموالهم وأولادهم وآثروها على الجهاد فى سبيل الله .

{فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ اللّهِ وَكَرِهُواْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ


اللّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ }التوبة81

..................

وقبل بدء الحرب والقتال أتت رسل أهل الشام من أيلة وتبوك ودومة الجندل

مقرين بدفع الجزية وطالبين الأمن والأمان من

سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

..................

وعاد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه من أرض الشام .. فجاء إليهم

المتخلفون عن القتال .. حالفين بأيمان كاذبة مبررين قعودهم بأعذار واهية .


{يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ


وَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم

بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ سَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ لَكُمْ إِذَا انقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ }

التوبة95
...................


{يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ اللّهَ لاَ يَرْضَى عَنِ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ


...الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ }التوبة 97
..................

وبين الله لسيدنا رسول صلى الله عليه وسلم جزاء هؤلاء .. جزاء المتخلفين عن

الجهاد فى سبيل الله والمتخلفين عن نصرة دين الله .. وبين له جل علاه أنهم

كفرة فاسقين .. لم يعلموا جرم ما فعلوه بعصيانهم وتخلفهم عن القتال فى

سبيل الله وتقاعسهم عن رفع راية دين الله .. أمره الله أن يعرض عنهم

وعما يقولون وما به سيعتذرون .. فلقد حبطت أعمالهم فى دنياهم وآخرتهم ..

وطبع الله على قلوبهم جزاء خذلانهم .. وأمره سبحانه وتعالى أن لا يخرج أحدا

منهم معه فى أى غزوة من الغزوات .. ولا يقاتلون مع سيدنا رسول صلى الله

عليه وسلم أى عدو من الأعداء .. وأن لا يصلى على أى أحد منهم مات أبدا ...

وأن لا يتم الوقوف لأحد منهم على قبره .. فهم عصاة لا يفقهون حدود ما أنزل الله

.. فتنتهم وشغلتهم أموالهم وأولادهم فستكون لهم فتنة فى الدنيا يعذبون من

أجلها فى النار .. وأن مأواهم سكنى الجحيم وأنهم رجس فى جهنم خالدين ..

يقول سبحانه وتعالى


{...... رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ الْخَوَالِفِ وَطَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ}

التوبة 93


ويقول سبحانه وتعالى


{ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } التوبة 95


ويقول سبحانه وتعالى


{فَإِن رَّجَعَكَ اللّهُ إِلَى طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَاسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُل... لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً ...

وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً ...إِنَّكُمْ رَضِيتُم بِالْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَاقْعُدُواْ مَعَ الْخَالِفِينَ ...

وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ منْهُم مَّاتَ أَبَداً... وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ ...

وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ ... وَلاَ تعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ ...

إِنَّمَا يرِيدُ اللّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ} التوبة 85



*****************************************

سعيد شويل