مشاهدة النسخة كاملة : الماسونية
تعريف الماسونية
الماسونية .. اشتقاق لغوي من الكلمة الفرنسية ( ْMacon ) ومعناها ( البناء ) والماسونية تقابلها ( Maconneries ) .. أى الباؤون الأحرار .. وفى الإنجليزية يقال: فري ماسون ( Free-mason ) ( البناؤون الأحرار ) . وبذلك يتضح أن هذه المنظمة يربطها أصحابها ومؤسسوها بمهنة البناء . وبالفعل يزعم مؤرخوها ودعاتها أنها في الأصل تضم الجماعات المشتغلة في مهن البناء والعمار . وبهذا التبرير السخيف يحاولون إظهارها وكأنها أشبه بنقابة للعاملين في مهن البناء! ولو كانت الماسونية نقابة محترفي أعمال بناء فما الداعي لسريتها وإخفاء أوراقها ..؟!
حقيقة الماسونية
الماسونية هي حركة خطيرة ما إن يطرح اسمها حتى يثور القلق في نفس المستمع . وما أن تذكر حتى ترى الجلساء يبدءون بتعداد مؤامراتها ومكائدها . ويظهرون الحيرة في أمر هذه الحركة .. التي اعتمدت السرية في إخفاء حقيقتها وأهدافها . ولعل ذلك لأن اليهود الذين حاربوا الأنبياء والرسل . وظنوا أنهم شعب الله المختار وأن ما سواهم ( غوييم ). أي أغبياء ضالين يوجهونهم كيف يشاؤون ويصل بهم المستوى للقول : ( الغوييم هم حيوانات بصورة بشر ) أرادوا أن تكون الماسونية من جملة الأقنعة التي تستتر مخططاتهم وراءها.
يقول حكماء صهيون في البرتوكول الخامس عشر من بروتوكولاتهم: أنه من الطبيعي أن نقود نحن وحدنا الأعمال الماسونية ، لأننا وحدنا نعلم أين ذاهبون وما هو هدف كل عمل من أعمالنا. أما الغوييم فإنهم لا يفهمون شيئا حتى ولا يدركون النتائج القريبة . وفي مشاريعهم فإنهم لا يهتمون إلا بما يرضي مطامعهم المؤقتة ولا يدركون أيضا حتى أن مشاريعهم ذاتها ليست من صنعهم بل هي من وحينا !
هذا قليل من كثير جاء عند حكماء صهيون عن الماسونية بأنها من الأدوات الهامة التي يسعون عبرها لتحقيق أهدافهم سواء في بناء مملكتهم المزعومه في فلسطين ، و إعادة بناء هيكل سليمان . أو في تحقيق نفوذ لهم في أية حكومه أو مؤسسه يستطيعون النفاذ إليها . أو في نشر الفساد في الأرض ، لأن إشاعة التعلق بالماده والشهوات والأهواء يكشف الثغرات ونقاط الضعف في كل شخص والنافذين بشكل خاص كي يتوجهوا إليه بإشباع هذه الأهواء فيصبح رهينة بين أيديهم يستثمرونه كي يريدون ..!
والماسونية تعتمد المنهج اليهودي في الحط من شأن الخالق سبحانه وتعالى . فكما اليهود في توراتهم المحرفة يقولون بالاتحاد بين الله والإنسان . فيعطون على أساس ذلك لله تعالى أوصاف بشريه كقولهم مثلاً:
بكى حتى تورمت عينيه .. ندم على خراب الهيكل ..! سمع آدم وقع أقدام الرب في الجنة ..!
كذلك الماسون يستخدمون للخالق سبحانه وتعالى تعبيرا غامضا هو: مهندس الكون الأعظم ! و في هذا التعبير إنكار واضح لخلق الله تعالى المخلوقات من العدم. فالمهندس ليس سوى بان من مواد متوفرة. وقولهم الأعظم يفيد وكأن العمل تم من قبل مجموعة كان هو أعظمها !
فماسونيتهم كما يدعون فوق الأديان وهى عقيدة العقائد لا تعترف بوطنيه ولا قوميه فهي أمميه عالميه تعمل على توحيد العالم وسلام عالمي ولغة عالمية إلى ما هنالك من الشعارات البراقة التي يجد فيها الضعفاء سبيلا للهروب ومبررا لتقصيرهم في جهادهم من إعلاء راية الإيمان وحفظ الأمم والأوطان والمقدسات.
و ليست الماسونية حركة منظمة لا يمكن محاربتها وإنما حركة مشتتة متعددة النظم محافلها أكثر من أن تعد. وهي متصارعة . وكل محفل فيها يتهم غيره بالخروج عن الماسونية والانحراف عن مبادئها . ففي لبنان وحده وهو بلد صغير هناك عشرات المحافل ولكل واحد منها نظامه ورؤساؤه و مفاهيمه ! و الماسونية حركة تشكل أداة بيد الصهيونية والاستعمار ولكنها ليست الوحيدة. فمن تفرعاتها أندية الروتاري والليونز التي يتباهى بعض من ينسبون أنفسهم لمراكز دينية أو ثقافية زورا بالانتماء لها أو حضور احتفالاتها. ومن مثيلاتها حركات هدامة وأبرزها البهائية والقاديانية !!
جذور الماسونية
في الثلث الثاني من القرن الأول الميلادي، وبالتحديد في العام 43م وفي إطار حملتهم للقضاء على الديانة النصرانية، أنشأ اليهود جمعية سرية أطلقوا عليها اسم "القوة الخفية" واستعانوا بشخصية يهودية تعرف باسم "احيرام أبيود"، أحد مستشاري الملك هيرودس الثاني عدو النصرانية الأكبر، لتحقيق هذه الغاية.
وعن هذه النقطة يقول حيرام: «لما رأيت أن رجال الدجال يسوع وأتباعهم يكثرون ويجتهدون بتضليل الشعب اليهودي بتعاليمهم، مثلت أمام مولاي هيرودوس وقلت له: مولاي الملك: لقد تأكد لجلالتكم وللملأ أن ذلك الدجال يسوع استمال بأعماله وتعاليمه المضلة قلوب كثير من الشعب اليهودي شعبكم، وعلى ما يظهر أن أتباعه ينمون ويزدادون يوماً بعد يوم. فلما رأيت أن لا أمل بقوة تدفع تلك القوة التي لا شك أنها خفية إلا بإنشاء قوة خفية مثلها، فلذلك أرى من الصواب إذا حسن في عين جلالة مولاي وارتأى رأي عبده: إنشاء جمعية ذات قوة أعظم منها, تضم القوة اليهودية المهددة من تلك القوة الخفية، ولا يكون عالماً بمنشأها ووجودها ومبادئها وأعمالها إلا من كان داخلاً فيها، ولن ندع أحداً يعرف أننا أسسناها إلا المؤسسين الذين تختارهم جلالتكم...».
وجد الملك هيرودوس في فكرة أبيود, فرصة في محاربة أتباع الدعوة اليسوعية، فتلقفها على الفور وبادر إلى استدعاء أبرز مستشاريه بهدف تفعيلها على الفور في إطار تنظيمي فاعل، ولقد ضم الاجتماع الأول بالإضافة إلى الملك، وأبيود؛ كلاً من: مؤآب لافي, هانا أنتيبا, جاكوب أبدون, سلومون, أبيرون, أدونيرام.
والثابت تاريخياً أن السلف والخلف من آل هيرودوس لم يدخروا جهداً في التنكيل برموز الدعوة النصرانية من مثل: قتل القديس يعقوب وسجن الداعي بطرس وقطع رأس يوحنا المعمدان بالإضافة إلى ذبح أطفال بيت لحم.
وقد أسندت رئاسة جمعية "القوة الخفية" إلى الملك المذكور، وهكذا تم عقد أول اجتماع سري عام 43م حضره الملك المذكور ومستشاراه اليهوديان "احيرام أبيود" و"موآب لافي" وستة من الأنصار المختارين، وكان الغرض الرئيس من إنشاء هذه الجمعية القضاء على النصرانية.
وقد عقدوا الاجتماع الثاني واتخذوا بعض القرارات السرية وتعاهدوا على كتمانها وأفسحوا لمن يثقون بهم المجال للانضمام إلى هذه الجمعية على أن تُعصَب عينيْ كل من يود الانتساب للجمعية، واتفقوا على اتخاذ بعض الأدوات الهندسية كالبيكار والميزان رمزاً لمنـظمتهم السرية.
وتلا هذا الاجتماع سلسلة لقاءات دورية سرية, تمخض عنها وضع الخطوط العامة والتفصيلية للهيكلية التنظيمية، وتخلل هذا الأمر تدريجياً تسييج نشاطهم الداخلي والخارجي بسياج محكم من الطقوس والرموز السرية, وأعقب ذلك انتشار لأعضاء الحركة الجديدة وعمل دعوي على خطين متوازيين:
الأول: وتمثل في بناء هياكل (محافل حسب التسمية الحديثة) واجتذاب أعضاء جدد إليها من عامة الناس, تحت شعارات وعناوين مغايرة تماماً لحقيقة الأمر.
والثاني: نشاط سري تركز على تعقب المبشرين النصرانيين، إما بالتكذيب أو التحريف وأحياناً بالنفي والقتل.
وبعد هلاك الملك هيرودس انتقلت رئاسة هذه الجمعية السرية إلى "احيرام" مستشاره ثم أعقبه ابن أخيه "طوبان لقيان".
ويكتب التاريخ أن حيرام أبيود وجد مقتولاً تحت شجرة في مدينة صيدون (صيدا) خلال قيامه في مهمة تبشيرية. وتقديراً لفضله في تأسيس القوة الخفية والعمل على تعزيز مكانتها, بالغ تلامذته في تكريمه بأن أطلقوا على أنفسهم لفترة زمنية غير طويلة «أبناء الأرملة» وذلك لأن حيرام كان يتيم الأم, وغالباً ما عُرف بين أصحابه بـ «ابن الأرملة».
بقيت حركة حيرام أبيود تعرف باسم القوة الخفية, حتى بداية القرن الثامن عشر, وتُعد هذه المرحلة التاريخية الفاصلة بين انطلاقة الحركة ومطلع القرن المذكور, من أكثر المراحل غموضاً في تاريخها, ولم نعثر للأسف في مطاوي ما كُتب عن تاريخ الماسونية, على ما يمكن أن يُستدل من خلاله على ما آلت إليه أمور الحركة طيلة هذه الفترة, غير أننا نفترض على ضوء ما حصل لاحقاً، ولأسباب نجهلها، أن الحركة أو القوة الخفية قد شُلت حركتها من الناحية العملية، فيما تحولت تعاليمها وإنجازاتها إلى إرث أسطوري توارثته نخبة من اليهود, تعود في جذورها إلى سلالة المؤسسين الأوائل.
وهذا ليس بالأمر المستغرب, إذا عرفنا طبيعة الحركات الباطنية التي تميل إلى الجمود والانطواء والتكتم على كل ما يتصل بتاريخ رموزها.
وتجاوزاً لتلك المرحلة الغامضة بكل ما حملت من تطورات وأحداث، نتوقف عند بداية القرن الثامن عشر, حيث شهدت محاولة تجديد الإرث الخفي، وانطلاقة الحركة الماسونية وشيوعها.
ففي 25 أغسطس من العام 1716, اجتمع كلٌ من «جوزف لافي» أحد ورثة تاريخ أجداده, من الجد الأكبر «موآب لافي» وابنه إبراهيم, ويهودي آخر يدعى «إبراهيم أبيود» من سلالة المؤسس الأول «حيرام أبيود», بالإضافة إلى عضوين آخرين, اجتمع الخمسة في لندن بعد اطلاعهم على النسخة الأصلية لتعاليم القوة الخفية ورموزها وإشاراتها السرية, ووضعوا لها بعض المبادئ البراقة "حرية، مساواة، إخاء، تعاون" واستبدلوا الرموز القديمة باصطلاحات جديدة كما قرروا تبديل اسم "هيكل" الذي كانوا يستعملونه قديماً باسم "محفل" وتبديل اسم القوة الخفية باسم "البنائين الأحرار" (ماسون تعني بناء). ولأول مرة في التاريخ ظهر لعالم الوجود ما يسمونه بالبنائين الأحرار، وأخذت تنتشر الجمعيات التي تحمل هذا الاسم، وزعم أقطاب اليهود الذين يقفون وراء هذه الجمعيات أن أهدافها نشر المبادئ الإصلاحية والاجتماعية وبناء مجتمع إنساني جديد. وقد استطاعوا أن يتخذوا من أحد أنصارهم "ديزا كولييه" مطية لتحقيق أغراضهم وأطلقوا عليه وعلى من يسيرون على غراره من غير اليهود اسم "العميان" كما أطلقوا على اسم محفل لندن الماسوني المركزي اسم "محفل إنجلترا الأعظم" على أن يكون في مقدمة مهامه دعم اليهود ومحاربة الأديان وبث روح الإلحاد والإباحية.
وكانت أوروبا في تلك الفترة تعيش أخصب المراحل في ورش الإعمار والبناء، وكان البناؤون ناشطين ومؤثرين في مجريات الحياة من خلال العمل النقابي، فاستغل اليهود هذا المناخ للتمويه على انطلاقتهم السرية, وأطلقوا على حركتهم اسم البناؤون الأحرار (الماسونية)، وعلى هيكلهم اسم (المحفل) بقصد التعتيم والتضليل، وكانوا يرمزون بذلك إلى هدفهم الأكبر: استعادة مجد إسرائيل، واسترداد هيكل سليمان في بيت المقدس.
وبعد حوالي عشرة أشهر, وتحديداً في 24 حزيران 1717 عُقد أول لقاء بين الأعضاء الخمسة على أساس المعطيات الجديدة, وكان مكانه في لندن أيضاً، واعتبر هذا اليوم التاريخي بمثابة العيد السنوي للماسونية, أو يطلق على هذا اليوم حالياً وللتمويه (عيد مار يوحنا)، وأعلن حينها عن تأسيس أول محفل عالمي ماسوني سمي بمحفل انكلترا العظيم.
ومما ساعد لاحقاً على انتشار الحركة الماسونية كما سيتبين معنا, الظروف المفصلية التي كانت تعيشها أوروبا والتحولات الكبرى التي عصفت بها على كل المستويات.
فبعد ظهور عصر النهضة وما تولد عنه من أفكار تدعو إلى تقديس العقل، والإيمان بالقانون الطبيعي، ونبذ كل ما يتعلق بفكرة الغيب والدين، وفي ظل انكماش سلطة الكنيسة وتراجعها أمام زحف الأفكار العلمانية في صورتها الجنينية، ازدهرت الحركة الماسونية بأفكارها الطوباوية الجوفاء (الحرية والمساواة والاخاء), مستغلة بذلك حاجة الأوروبي الغريق, إلى خشبة الخلاص الروحي والمعنوي.
وقد استطاع الماسونيون بما كانوا يملكون من قوة التأثير المادي والإعلامي, استقطاب أبرز الرموز الأوروبية في تلك الفترة, بالإضافة إلى تركيزهم على الطبقة المتوسطة في المجتمع الأوروبي, والتي عادة ما تكون فاعلة وطامحة للتغيير، ومن هنا نجد سرعة انتشار المحافل الماسونية في أرجاء أوروبا، حيث أنه لم يمض أكثر من ثمان سنوات على تأسيس المحفل الأول في بريطانيا, حتى تلاه الثاني في فرنسا عام 1725, والثالث والرابع في كل من إيطاليا وألمانيا عام 1733.
وعلى مستوى الرموز الأوروبية السياسية, فقد انضم إلى الماسونية كلٌ من؛ ملكي بروسيا فريدريك الثاني والثالث، وملوك شبه جزيرة اسكندنافيا، وملك النمسا جوزف الثاني، ونابليون وأفراد أسرته, بالإضافة إلى أعضاء الأسرة المالكة الإنجليزية.
ويُقال أن أكثر من نصف أعضاء الجمعية العمومية في فرنسا عشية الثورة الفرنسية, كانوا أعضاء في الماسونية, ومن جهة ثانية استطاعت الماسونية، من خلال قدرة اليهود التعبوية، التأثير في أعضاء الطبقة الفكرية والعلمية من أمثال فولتير ومونتسكيو وجوته وفخته وهربر وموتسارت بالإضافة إلى الأنسيكلوبيديين (الموسوعيين).
وهذا باختصار؛ هو عرض لما حققته الماسونية خلال قرن من انطلاقتها الرسمية, ولا حاجة للتذكير بمغزى هذا الأمر لجهة قوة هذه الحركة ونفوذها الواسع, الذي استمر تصاعدياً حتى وقتنا الراهن، وأيضاً لجهة تماسك وتشابك تنظيمها السري الداخلي.
وللحركة الماسونية تاريخ أسود، وتردد اسمها عند نشأة كثير من الحركات السرية والعلنية وفي مؤامرات عديدة ، وعُرفت بطابع السرية والتكتم وبالطقوس الغريبة التي أخذت الكثير من رموزها من التراث اليهودي وكُتبت حولها الآلاف من الكتب في الغرب وفي الشرق. ومن أهم الحركات والثورات التي كانت الماسونية وراءها الثورة الفرنسية، وحركة الاتحاد والترقي التي قامت بحركة انقلابية ضد السلطان عبد الحميد الثاني ووصلت إلى الحكم ثم ما لبثت أن ورطت الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى مما أدى إلى تمزقها وسقوطها.
وقد ظل طابع السرية يلف هذه الحركة في اجتماعاتها ومنتدياتها وتحركاتها حتى طرأ تطور جديد، إذ تجرأت بفتح أبوابها وإعلان نشاطها متحدية كل المشاعر المتأججة ضدها.
التطور التاريخي للماسونية في الشرق الأوسط
كانت تركيا .. المحطة الأولى في المنطقة لإعلان هذا النشاط، ثم جاء الأردن ثانية، ولا ندري أين ستكون المحطة الثالثة؟ الماسونية كما هو ثابت نتاج الفكر اليهودي، وتركيا ترتبط مع الكيان الصهيوني بحلف استراتيجي، فهل هناك علاقة تجمع بين أطراف هذا الثالوث؟ وما قصة الماسونية في تركيا؟.. وماذا فعلت فيها؟ ولنبدأ من البداية:
اسطنبول:
تأسس أول محفل ماسوني في الدولة العثمانية عام 1861م تحت اسم "الشورى العثمانية العالية" ولكنه لم يستمر طويلاًً، فالظاهر أنه قوبل برد فعل غاضب مما أدى إلى إغلاقه بعد فترة قصيرة من تأسيسه. ومن المعروف أن أول سلطان عثماني ماسوني كان السلطان مراد الخامس الشقيق الأكبر للسلطان عبد الحميد الثاني والذي لم يدم حكمه سوى ثلاثة اشهر تقريباً عندما أقصي عن العرش لإصابته بالجنون. وقد انتسب إلى الماسونية عندما كان ولياً للعهد وارتبط بالمحفل الإسكتلندي، كما كان صديقاً حميماً لولي العهد الإنجليزي الأمير إدوارد "ملك إنجلترا فيما بعد" الذي كان ماسونياً مثله، حتى ظنّ بعض المؤرخين أن ولي عهد إنجلترا هو الذي أدخله في الماسونية، ولكن هذا غير صحيح لأنه كان ماسونياً قبل تعرفه إلى الأمير "إدوارد" .
وكان من النتائج الخطيرة لتواجد المحافل الماسونية الأجنبية داخل حدود الدولة العثمانية احتضان هذه المحافل حركة "الاتحاد والترقي" وهي في مرحلة المعارضة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، وأصبحت المحافل الماسونية محل عقد اجتماعات أعضاء جمعية الاتحاد والترقي بعيداً عن أعين شرطة الدولة وعيونها لكونها تحت رعاية الدول الأجنبية ولا يمكن تفتيشها. ويعترف أحد المحافل الماسونية التركية الحالية وهو محفل "الماسونيون الأحرار والمقبولون" في صفحة "الإنترنت" التي فتحوها تحت رموز: بأنه : "من المعلوم وجود علاقات حميمة بين أعضاء جمعية الاتحاد والترقي وبين أعضاء المحافل الماسونية في تراقيا الغربية، بدليل أن الذين أجبروا السلطان عبد الحميد الثاني على قبول إعلان المشروطية كان معظمهم من الماسونيين".
يقول المؤرخ الأمريكي الدكتور "أرنست أ. رامزور" في كتابه "تركيا الفتاة وثورة 1908م" وهو يشرح سرعة انتشار حركة جمعية الاتحاد والترقي في مدينة سلانيك:
"لم يمض وقت طويل على المتآمرين في سلانيك وهي مركز النشاط حتى اكتشفوا فائدة منظمة أخرى وهي الماسونية، ولما كان يصعب على عبد الحميد أن يعمل هنا بنفس الحرية التي كان يتمتع بها في الأجزاء الأخرى من الإمبراطورية فإن المحافل الماسونية القديمة في تلك المدينة استمرت تعمل دون انقطاع ـ بطريقة سرية طبعاً ـ وضمت إلى عضويتها عدداً ممن كانوا يرحبون بخلع عبد الحميد."
ثم يقول "ويؤكد لنا دارس آخر أنه في حوالي سنة 1900 قرر "المشرق الأعظم" الفرنسي (أي المحفل الماسوني الفرنسي) إزاحة السلطان عبد الحميد وبدأ يجتذب لهذا الغرض حركة تركيا الفتاة منذ بداية تكوينها. ثم إن محللاً آخر يلاحظ: يمكن القول بكل تأكيد إن الثورة التركية (أي حركة جمعية الاتحاد والترقي) كلها تقريباً من عمل مؤامرة يهودية ماسونية".
ويقول "سيتون واطسون" في كتابه "نشأة القومية في بلاد البلقان": "إن أعضاء تركيا الفتاة ـ الذين كان غرب أوروبا على اتصال دائم معهم ـ كانوا رجالاً منقطعين وبعيدين عن الحياة التركية وطراز تفكيرها لكونهم قضوا ردحاً طويلاً من الزمن في المنفى، وكانوا متأثرين وبشكل سطحي بالحضارة الغربية وبالنظريات غير المتوازنة للثورة الفرنسية. كان كثير منهم أشخاصاً مشبوهين، ولكنهم كانوا دون أي استثناء رجال مؤامرات لا رجال دولة، ومدفوعين بدافع الكراهية والحقد الشخصي لا بدافع الوطنية. والثورة التي أنجزوها كانت نتاج عمل مدينة واحدة وهي مدينة سلانيك إذ نمت وترعرعت فيها وتحت حماية المحافل الماسونية "جمعية الاتحاد والترقي" وهي المنظمة السرية التي بدلت نظام حكم عبد الحميد.
وكما كان عهد الاتحاديين هو العهد الذهبي بالنسبة لليهود الراغبين في الهجرة إلى فلسطين كذلك كان العهد الذهبي في فتح المحافل الماسونية في طول البلاد وعرضها في الدولة العثمانية. يقول فخر البارودي في مذكراته واصفاً وضع دمشق بعد وصول الاتحاد والترقي إلى الحكم : "وقد ساعد الاتحاديين على نشر دعايتهم اللوج ـ أي المحفل ـ الماسوني الذي كان مغلقاً قبل الدستور" ثم يقول: "وبعد الانقلاب فتح المحفل أبوابه، وجمع الأعضاء شملهم وأسسوا محفلاً جديداً أسموه محفل "نور دمشق" وربطوه بالمحفل الإسكتلندي"
ولكي نعرف مكانة المحافل الماسونية لدى أعضاء جمعية الاتحاد والترقي نسوق هنا اعتراف أحد أعضائهم: "كان هناك نوعان من الأعضاء في الجمعية: أحدهما مرتبط بالمحفل الماسوني وهذا كنا نطلق عليه اسم الأخ من الأب والأم، وآخر غير مرتبط بالمحفل الماسوني، فكنا نطلق عليه اسم الأخ من الأب فقط". وفي كتاب نشره الماسونيون في تركيا تحت عنوان "الماسونية في تركيا وفي العالم" يتحدث عن دور المحافل الماسونية في إنجاح حركة الاتحاديين: "وقد انتشرت الماسونية بشكل خاص في سلانيك وحواليها. ومع أن عبدالحميد حاول أن يحد ويشل الحركة الماسونية هناك، إلا أنه لم يوفق في مسعاه" ، "وقد قامت هذه المحافل، لاسيما محفل "ريزورتا" ومحفل "فاريتاس" بدور كبير في تأسيس وتوسيع حركة جمعية الاتحاد والترقي، كما كان للماسونيين دورهم في "إعلان الحرية" سنة 1908م.
الهيكل التنظيمي للماسونية
تنقسم الماسونية الحديثة إلى ثلاث مراتب رئيسة، مُرَتبة وفق الترتيب العمودي على الشكل التالي: الماسونية العامة أو الرمزية، والماسونية الملوكية أو العقد الملوكي، وأخيراً الماسونية الكونية.
1ـ المرتبة العامة
وسميت هذه المرتبة «بالعامة» لأن أعضاءها غالباً ما يكونون من عامة الناس, ومن مختلف الانتماءات الفكرية والعرقية والوطنية, وأكثر هؤلاء يجهل حقيقة الماسونية وأهدافها، وتجتذبه العناوين والأدبيات الإنسانية الزائفة التي تُغلِّف النشاط والخطاب العلني للحركة الماسونية.
وسُميت «بالرمزية» لكونها محاطة بشرنقة من الرموز والإشارات الإيحائية المكثفة, التي أُريد لها لعب دور المثير المحفز للعضو المنتسب حديثاً، وجعله أسير شعور بالرهبة والرغبة, كذاك الذي ينتاب عادة أصحاب المجازفات الذين لا يخفون لذتهم في المغامرة طلباً للشهرة والتميز.
وهذه المرتبة مقسمة إلى 33 درجة، والمطلوب من العضو الارتقاء في سلم هذه الدرجات، وقد يكسب رضى رؤسائه بالوصول إلى الدرجة النهائية. لكن يبقى دون ذلك عقبات وصعوبات جمة, تتمثل في جزءٍ منها في تفلت المرء من روابطه الدينية والوطنية والبيئية.
وعن ذلك يصرح أحد الماسونيين الكبار في محفل «منفيس» بلندن, أمام الأب لويس شيخو صاحب كتاب «السر المصون في شيعة الفرمسون» بالآتي:
«إننا إذا سمحنا ليهودي أو لمسلم أو لكاثوليكي أو بروتستانتي بالدخول في أحد محافل الماسونية، فإنما ذلك يتم على شرط أن الداخل يتجرد من أضاليله السابقة ويجحد خرافاته وأوهامه التي خُدع بها في شبابه، فيصير رجلاً جديداً».
وأعضاء هذه المرتبة هم، بنظر أعضاء المرتبتين التاليتين، العميان الذين قصرت أبصارهم عن رؤية ماهية الماسونية واستغرقتهم نشوة الإحساس بالتقدير الأجوف.
وفي إشارة إلى هذه النقطة, جاء في البروتوكول الخامس عشر من «بروتوكولات حكماء صهيون» ما نصه: «... والحافز لأفراد الغوييم (غير اليهود) في انتمائهم إلى المحافل عادة, حب الاستطلاع ودافع الفضول، وفصيلٌ ثالث منهم؛ أمنيته أن يقف ويتكلم في الجمهور ليستمعوا إليه، وهذا ليس إلا ترهات، فهؤلاء جميعاً متعطشون إلى أن يستمتعوا بلذة القول, إن هم نجحوا واستحسن الناسُ ما قالوا، ونحن في هذا على غاية الجود والكرم، والسبب الذي من أجله أننا نمن عليهم بهذا النجاح والاستحسان, هو أن نسخرهم ونستغلهم من ناحية غرورهم المطبق، وهذا كله مما يحملهم على أن يعظموا من دون شعور آراءنا وأفكارنا...».
2ـ مرتبة العقد الملوكي
وقد حرص فيها اليهود بداية, على أن يكون أعضاؤها من اليهود الصهاينة فقط، إلا أنه واستجابة لتطور أوضاع الحركة لجهة اتساع دائرتها وارتفاع عدد المنتسبين إليها من غير اليهود، ارتأيَ قبول أولئك الذين خلصوا في ولائهم للقضية اليهودية.
وفي هذا المجال نقرأ ما جاء في كتاب «هيكل سليمان أو الوطن القومي لليهود» لصاحبه المؤلف يوسف الحاج، الذي كتب عن الماسونية وخفاياها بعد أن عاينها عن قرب بوصوله إلى المرتبة 33 وتحوله إلى مرتبة العقد الملوكي قبل تخليه لاحقاً عن ماسونيته, حيث يقول:
«يشهد اللَّه أننا ما قصرنا في شيء من العطف على أبناء إسرائيل طيلة السنين التي خالطناهم فيها في محافل الحرية والمساواة ... وكم مرة مشينا وإياهم في نشر المبادىء الإنسانية العامة، غافلين عما كانوا يعملونه في الخفاء بمعزل عنا، بلمِّ شعثهم وجمع شتاتهم من أقي الأرض للحصول على السيادة العالمية باسم الدين والقومية، الَّذَيْن كانوا يظهرون لنا تذمُّرهم من التمسك بهما وإضرارهما بالاجتماع الإنساني، وكم من مرة محونا من مؤلفاتنا التاريخية اسم كل يهودي له صلة بإحدى وقائع التاريخ التي يُشتم منه رائحة التعصب والتعدي، زعماً منا أنه تحامل عليه».
3ـ مرتبة الماسونية الكونية
وتضم القلة القليلة من أبرز الشخصيات اليهودية العالمية التي تتفرع عن سلالات يهودية, عريقة في الإجرام والخبث, ويحيط بهذه الشخصيات غموض كثيف، ولا يتسنى لأحد معرفة هوياتهم غير من كان له الأقدمية في المرتبة الثانية, ويكاد يجمع الباحثون على أن المعقل الرئيسي لهؤلاء يقع في مدينة نيويورك ذات الكثافة اليهودية عالمياً.
قضية الطقوس الرمزية السرية: الحركة الماسونية حركة سرية باطنية، الطقوس والإشارات السرية الرمزية تشكل عنصراً أساسياً من عناصر بنائها الهيكلي، وجزءاً هاماً من ديناميتها الداخلية المغلقة, ونبدأ بالرموز المتعلقة بفكرة البناء, والتي تمثل الشعار الرسمي للماسونية، وهي مكونة من: البيكار، الشاقول، المطرقة، الزاوية القائمة. وترمز إلى الأدوات التي استخدمت في بناء هيكل سليمان. ويلي ذلك, مجموعة من المفردات والأشكال والحركات المرمزة التي تجري عادة داخل المحفل، خاصة في أجواء انضمام عضو جديد، وللمثال نقف عند بعض حيثيات الطقس الرمزي لهذه العملية، حيث تُعصب عينا الداخل أول الأمر كي لا يرى شيئاً من موجودات المحفل حتى يتم حلف اليمين، يأخذه الكفيل الذي يقوده إلى جهة الرئيس بعد أن يهمس في أذنه قائلاً له أن يخطو ثلاث خطوات متساوية مبتدئاً بالرجل اليمنى، ثم يوقفه بين عمودين، ويُرمز بهذا التقويم إلى أن المنتسب قبل دخوله كان في ظلمة واليوم بعد القسم ينتقل إلى النور الأزلي, ثم إن الرئيس يدعوه ويلقي عليه الأسئلة التي يراها مناسبة، ويحلّفه اليمين وفي يده سيف على عنق الحالف، وأمام عينيه التوراة بيد كفيله, وعند انتهائه من اليمين تُحل العصابة عن عينيه فيرى السيف مسلولاً على عنقه والتوراة الممثلة للنور الأزلي أمام عينيه، ثم يُلبسه الرئيس مئزراً صغيراً كإشارة إلى تحقق إنضمامه إلى الجمعية، وعن مضمون القسم، فهو كالآتي:
«أقسم بمهندس الكون الأعظم (المقصود به ظاهراً الإله وباطناً حيرام أبيود) ألاّ أخون عهد الجمعية وأسرارها لا بالإشارة ولا بالكلام ولا بالحركات، ولا أكتب شيئاً عنها ولا أنشره بالطبع أو الحفر أو التصوير، وأرضى إن حنثت بقسمي بأن تُحرق شفتاي بحديد محمى، وأن تقطع يداي ويُجز عنقي وتُعلق جثتي في محفل ماسوني كي يراها طالب آخر ليتعظ بها، ثم تُحرق جثتي ويُذر رمادها في الهواء لئلا يبقى أثر من جنايتي، أقسم بمهندس الكون الأعظم أن لا أفشي أسرار الماسونية، لا علاماتها ولا أقوالها ولا تعاليمها ولا عاداتها، وأن أصونها مكتومة في صدري إلى الأبد»!!
بالإضافة إلى ما تقدم فإن الماسونيين يحرصون دائماً على إضفاء طابع السرية الرمزية التامة حتى على أبسط تفاصيل علاقتهم الداخلية ومظهرهم الخارجي, وذلك من مثل العبارات والمصطلحات الخاصة بالتحية وطريقة المصافحة، ووضع قفازات بيضاء في أيديهم وتزيين صدورهم بشريط عريض، وارتداء ثوب أسود طويل (بالأخص داخل محافلهم)، ووضع الخاتم الممهور بشعار الماسونية بإصبع كل ماسوني، وفي الآونة الأخيرة بدأ الحديث عن ضغوط تمارس من قبل بعض الحكومات على المحافل الماسونية للكشف عن هويات المنتسبين إليها، وعن أنشطتها الغامضة في مختلف المجالات، وذلك كما حصل في فرنسا منذ ما يقرب من خمسة عشر عاماُ, عندما سُمح لرجال الأمن والصحافة بدخول المحافل الماسونية وبالتعرف على أبرز الشخصيات الماسونية ذات التأثير الكبير في مجريات الأحداث. وقد كتبت صحيفة Le monde في حينها تقريراً مفصلاً عن هذه القضية، وكما يحصل حالياً في بريطانيا، حيث كتبت صحيفة «تايمز» نقلاً عن تقرير أعدته وكالة رويترز للأنباء بتاريخ 28 - 1 - 2002 بأن الماسونيين في بريطانيا سيبدأون بالظهور علانية في شوارع لندن إعتباراً من أواخر شهر يونيو، وبأن الماسونيين الذين عُرف عنهم السرية والغموض (عام 1798 صدر قانون حظر منع الجمعيات السرية في بريطانيا واستثنيت المحافل الماسونية منه) سيقومون بأعمال خيرية في الشوارع وهم يرتدون قمصاناً مكتوباً عليها «أنا ماسوني», وحسب ما أوضحت الصحيفة فإن الماسونيين المشهورين بتأثيرهم في المجتمع البريطاني من خلف الستار, سيكون بإمكانهم قراءة مجلتهم «الماسونية» الفصلية.
وأشارت رويتر إلى أنه رغم تشجيع الحركة الماسونية لنحو 300 ألف ماسوني في بريطانيا على التحدث بصراحة عن دورهم في المجتمع، فإنه لن يُسمح لهم بالحديث عن طريقة المصافحة أو كلمة السر المطلوبة لدخولهم المراكز الماسونية، كما ستظل اجتماعاتهم قاصرة عليهم.
والجدير ذكره في هذا السياق وتأكيداً على الغموض الذي يلف الحركة الماسونية حتى عندما يُعلن عن عدد أعضائها في دولة ما، فإن بعض المصادر تذهب إلى أن عدد الماسونيين في بريطانيا يصل إلى المليون ماسوني، وهم جزء من نحو 59 مليون في العالم موزعين بين أمريكا (4 ملايين) وكندا ونيوزيلندا وأستراليا وجنوب أفريقيا.
الماسونية وعلاقتها باليهودية والصهيونية العالمية
لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود
إذا كان الحديث عن علاقة اليهودية بالماسونية من ناحية النشأة والتطور التاريخي، يشوبه الضعف عند البعض لجهة السند والمعطى اليقيني، بحكم تاريخية القضية وتعقيداتها المتداخلة والمركبة والمفتوحة على أكثر من احتمال وحساب واعتبار، فإن ما يوفره العصر الحديث من دلائل ومعطيات يقتل الشك باليقين، ويؤكد على حقيقة لا تقبل الجدل، ومفادها أن الماسونية هي البنت الوفية لليهودية بمعتقداتها ورموزها وأهدافها, وهذا ما أكدت عليه دائرة المعارف اليهودية لمؤلفها الماسوني اللبناني حنا أبو راشد في النص التالي:
«أما أن الماسونية يهودية, فذلك مما لا شك فيه من ناحية واحدة لا تتعداها، ونحن الماسونيون العريقون أعلم بذلك من الخوارج المتطفلين... بل إننا لنسمح بأن ندل هؤلاء على الحجة الدامغة في هذا الشأن، وهي حجة التوراة في عدة صفحات ورد فيها ما لا يمكن المكابرة معه عند المقابلة بين نصها والنص المماثل في التعاليم الماسونية».
وما صدر عن دائرة المعارف الماسونية الصادرة في فيلادلفيا طبعة 1903 تصب في هذا الاتجاه. ومما جاء فيها:
«إن اللغة الفنية والرموز والطقوس التي يمارسها الماسونيون الأوروبيون ملأى بالمُثُل والاصطلاحات اليهودية، ففي محفل «اسكوتلندا» نجد التواريخ الموضوعة على المراسلات والوثائق الرسمية كلها بحسب تقويم العصر والأشهر اليهودية، وتستعمل كذلك الأبجدية اليهودية».
وفي الدائرة نفسها لسنة 1906 نقرأ الفقرة التالية:
«يجب أن يكون كل محفل ماسوني تجسيداً للعامل اليهودي، وأن يكون كل أستاذ على كرسي المحفل ممثلاً لملك اليهود».
نقول بأن الماسونية كانت ولا تزال البنت الوفية لأمها اليهودية والأداة المثلى لإقامة المشروع اليهودي على أنقاض المشاريع الرسالية السماوية الحقة، بدءًا من الشعارات المعلنة وانتهاءً بجوهر العقيدة القائم على نفي كل ما هو إلهي وديني حقيقي، نقول هذا بالاستناد إلى ما ذُكر ودُوِّن في ندوات ونشرات الماسونيين أنفسهم، وعلى سبيل المثال لا الحصر جاء في نشرة الماسون الألمانية الصادرة بتاريخ 15 - 12 - 1766 ما نصه:
«لا يجب على الفرمسون أن لا يكترثوا للأديان المختلفة فحسب، لكن ينبغي عليهم أيضاً أن يقيموا أنفسهم فوق كل اعتقاد بالإله أياً كان».
وعن المحفل الفرنسي الأكبر لاجتماعات شهر أكتوبر العام 1922 جاء في إعلانه ما حرفيته:
«لنشتغل بأيدٍ خفية نشيطة ولننسج الأكفان التي سوف تدفن كل الأديان»!!.
تعريف اليهودية Judaism
تعريفها: هي الملة التي يدين بها اليهود وهم أمة موسى عليه السلام .
أصلها: كانت في أصلها - قبل أن يحرفها اليهود – هي الرسالة المنزلة من الله تعالى على موسى عليه السلام ، وكتابها: التوراة, وهي الآن ديانة باطلة لأن اليهود حرفوها ولأنها نسخت بالإسلام.
سبب تسميتها: سميت اليهودية بذلك نسبة إلى اليهود، وهم أتباعها، وسموا يهوداً: نسبة إلى (يهوذا) ابن يعقوب, الذي ينتمي إليه بنو إسرائيل, الذين بعث فيهم موسى عليه السلام، فقلبت العرب الذال دالاً ؟
وقيل : نسبة إلى الهود، بشدّ الدال، وهو التوبة والرجوع، وذلك نسبة إلى قول موسى لربه: ((إنا هدنا إليك)) أي تبنا ورجعنا إليك يا ربنا، وذلك أن بني إسرائيل حين غاب عنهم موسى عليه السلام وذهب لميقات ربه، صنعوا عجلاً من ذهب وعبدوه، فلما رجع موسى وجدهم قد ارتدوا, فغضب عليهم وأنبهم فرجع أكثرهم وتابوا، فقال موسى هذه الكلمة؛ فسموا هوداً ثم حولت إلى (يهود) والله أعلم.
الصهيونية Zionism
تعريفها: هي منظمة يهودية تنفيذية، مهمتها تنفيذ المخططات المرسومة لإعادة مجد بني إسرائيل – اليهود - وبناء هيكل سليمان، ثم إقامة مملكة إسرائيل, ثم السيطرة من خلالها على العالم تحت ملك (ملك يهوذا) المنتظر.
وسميت بذلك: نسبة إلى (صهيون), وهو جبل يقع جنوب بيت المقدس يقدسه اليهود.
الماسونية والصهيونية
والصهيونية قرينة للماسونية, إلا أن الصهيونية يهودية بحتة في شكلها وأسلوبها ومضمونها وأشخاصها، في حين أن الماسونية يهودية مبطنة تظهر شعارات إنسانية عامة، وقد ينطوى تحت لوائها غير اليهود من المخدوعين والنفعيين.
كما أن الصهيونية حركة دينية سياسية معلنة, تخدم اليهود بطريق مباشر, فهي الجهاز التنفيذي الشرعي والرسمي لليهودية العالمية.
في حين أن الماسونية حركة علمانية إلحادية سرية تخدم اليهود بطريق غير مباشر، فهي القوة الخفية التي تهيء الظروف والأوضاع لليهود.
تاريخها ونشأتها
الصهيونية كالماسونية, ليست وليدة هذا العصر, فقد مرت بمراحل كثيرة منذ القرون الأولى قبل ظهور المسيحية وبعدها, وقبل ظهور الإسلام وبعده، وكانت مراحلها الأولى مهمتها تحريض اليهود على الانتفاض والعودة إلى أرض فلسطين وبناء هيكل سليمان، وتأسيس مملكة إسرائيل الكبرى، وتدبير المؤامرات والمكائد ضد الأمم والشعوب الأخرى.
أما الصهيونية الحديثة: فقد بدأت نواتها الأولى عام 1806م حين اجتمع المجلس الأعلى لليهود بدعوة من نابليون ـ لاستغلال أطماع اليهود وتحريضهم على مساعدته ـ ثم حركة (هرتزل) اليهودي التي تمخضت عن المؤتمر اليهودي العالمي في مدينة (بال) بسويسرا عام 1897م والذي قرر فيه أقطاب اليهود ما يسمى بـ (بروتوكولات صهيون), وهو المخطط اليهودي الجديد للاستيلاء على العالم, ومن هذا المؤتمر انبثقت المنظمة الصهيونية الحديثة.
أهداف الصهيونية
ذكرنا أن الصهيونية حركة يهودية خالصة, أما أهدافها؛ فهي ذات جانبين:
ديني وسياسي.
أما الجانب الديني فيتلخص فيما يلي:
1. إثارة الحماس الديني بين أفراد اليهود في جميع أنحاء العالم، لعودتهم إلى أرض الميعاد المزعومة (أرض فلسطين).
2. حث سائر اليهود على التمسك بالتعاليم الدينية والعبادات والشعائر اليهودية والالتزام بأحكام الشريعة اليهودية.
3. إثارة الروح القتالية بين اليهود، والعصبية الدينية والقومية لهم للتصدي للأديان والأمم والشعوب الأخرى.
أما الجانب السياسي فيتلخص فيما يلي :
1. محاولة تهويد فلسطين (أي جعلها يهودية داخلياً) وذلك بتشجيع اليهود في جميع أنحاء العالم على الهجرة إلى فلسطين وتنظيم هجرتهم وتمويلها، وتأمين وسائل الاستقرار النفسي والوظيفي والسكني, وذلك بإقامة المستوطنات داخل أرض فلسطين (( وهي عبارة عن مجمعات سكنية حديثة كاملة المرافق تمولها الصهيونية من تبراعات اليهود والدول الموالية لهم في العالم))، وتوطيد الكيان اليهودي الناشئ في فلسطين سياسياً واقتصادياً وعسكرياً.
2. تدويل الكيان الكيان الصهيوني في فلسطين عالمياً، وذلك بانتزاع اعتراف اكثر دول العالم بوجود دولة الكيان الصهيوني في فلسطين وشرعيتها وضمان تحقيق الحماية الدوليه لها، وفرضها على العالم، وعلى المسلمين على وجه الخصوص, لذلك نجد أن الصهيونية تقوم بدور رئيس, في دفع أمريكا وروسيا وأكثر الدول في أوربا لحماية الكيان الصهيوني سياسياً وعسكرياً ودعمها اقتصاديا وبشرياً، فبالرغم من أن أمريكا ودول أوربا ـ دول نصرانية ـ ، وبالرغم من أن روسيا شيوعية تحارب الأديان, وبالرغم أيضاً من أن شعوب هذه الدول تكره اليهود بحق, إلا إنها لا تزال تحمي دولة الكيان الصهيوني وتدعمها, وما ذك إلا بتأثير الصهيونية الواضح.
3. متابعة وتنفيذ المخططات اليهودية العالم السياسية والاقتصادية، خطوة بخطوة، ووضع الوسائل الكفيلة بالتنفيذ السريع والدقيق لهذه المخططات، ثم التهيئة لها إعلامياً وتمويلها اقتصادياً، ودعمها سياسياً.
4. توحيد وتنظيم جهود اليهود في جميع العالم أفراداً وجماعات ومؤسسات ومنظمات، وتحريك العملاء والمأجورين عند الحاجة لخدمة اليهود وتحقيق مصالحهم ومخططاتهم.
مغالطات صهيونية
في نهاية القرن التاسع عشر، عندما ظهرت الحركة الصهيونية، كان ما يسمى "التيار الوطني" هو الغالب في هذه الحركة، وهو التيار الداعي إلى بقاء اليهود في بلادهم الأصلية، والعمل على الاندماج في هذه المجتمعات، وكانت غالبيته من المثقفين والعمال الفقراء أو من الطبقة المتوسطة.
أما التيار الثاني، فهو " التيار القومي " وكان يتزعمه غلاة الصهاينة من كبار الأغنياء اليهود الباحثين قبل كل شئ عن " أرض " يمارسون عليها نشاطهم الاقتصادي, بعيداً عن منافسة البرجوازية الأوروبية القوية، ولم يكن يعنيهم كثيراً أن تكون هذه الأرض فلسطين أو غيرها، فالموضوع بالنسبة لهم كان مشروعاً اقتصادياً فحسب.
وبالفعل فقد طرح في البداية إنشاء دولة لليهود في أوغندا أو غانا ! ثم طرح إنشاء دولة في مناطق واسعة من الأرجنتين! ومع ظهور النزعات العنصرية في أوروبا والمذابح التي تعرض لها اليهود في روسيا أولاً، ثم في باقي الدول الأوروبية، ازداد أنصار التيار القومي الداعي إلى وطن قومي لليهود, ونتيجة عدد كبير من العوامل, تم اختيار فلسطين لتكون هي الوطن القومي المزعوم "وهذه العوامل يمكن مناقشتها في مبحث مستقل".
ومن الطريف ذكره، أن أدبيات ـ الحركة الصهيونية ـ كانت تسمي فلسطين باسمها الأصلي، ولم تكن تسمية الكيان الصهيوني قد خطرت لهم على بال، حتى بعد قيام الكيان الصهيوني كانت تسمى " فلسطين" حتى العام 1952 على الأقل، لأنهم يعرفون أن شعب إسرائيل المزعوم، كان قد اندثر من الوجود، وذاب بين شعوب المنطقة منذ القرن السادس قبل الميلاد على الأقل! وأن اللغة العبرية نفسها قد اندثرت من الوجود منذ ذلك الزمن أيضاً، وقد كان اليهود يتكلمون الآرامية "المقصود يهود السبي في بابل وبعد ذلك في فلسطين", ثم بعد ظهور العربية وهيمنتها على المنطقة, تكلم اليهود العربية مثلهم مثل غيرهم من شعوب المنطقة.
وعندما قامت الصهيونية بمحاولة إحياء اللغة العبرية، وهي المحاولة التي كان لليهود الألمان الدور البارز فيها، فقد جاءت العبرية الحديثة اصطناعاً على اصطناع، وهي لا تمت بصلة للغة العبرية الأصلية، ذات الأصل الشرقي العريق. فاللغة العبرية الحديثة غير قادرة على نطق ثلاثة من الأحرف الأساسية في "اللغات السامية" وهي الحاء والعين والقاف، إضافة إلى قلب الحروف المأخوذة عن الآرامية، وتحويل الألمان الحرف (و) إلى (ف)، بثلاثة نقاط, وهو الحرف الألماني (w ), وهكذا ضاعت اللغة العبرية مرتين، وأصبحت لغة عجيبة، هجينة، مصطنعة حتى النهاية.
مثال آخر للتزوير البشع الذي تمارسه الصهيونية، هو ادعائها بأن اليهود في جميع أنحاء العالم ليسوا أتباع دين معين هو الدين اليهودي فقط، ولكنها تذهب أبعد من ذلك، أن تدعي بأن هؤلاء إنما هم شعب واحد من عرق واحد في واحدة من اكثر الخدع بشاعة في تاريخ الإنسانية.
مثال ثالث للتزوير والخداع، هو ادعائها بأن فلسطين، هي الأرض الموعودة، وهي مسرح التوراة، وهي الحاضنة الطبيعية للديانة اليهودية! ورغم فشلهم الذريع في إثبات هذا الأمر وهم ينبشون في تراب فلسطين منذ أكثر من قرنين من الزمان, مزودين بكل ما يخطر على بال من إمكانيات تكنولوجية، وملايين الدولارات، وأدعية الحاخامات، وقد أخرجت أرض فلسطين كل أسرارها، ولم يعثر على أثر واحد لكل ما ذكر في التوراة، لا قصور ولا ممالك ولا ما يحزنون، وبقيت أرض فلسطين وفية حتى النهاية، رغم أن بعض أبنائها قد غيروا جلودهم، المهم أن كل الحضارات التي مرت على فلسطين نعرفها جيداً ويمكن تزمينها بدقة، وأبرز هذه الحضارات هي الحضارة الكنعانية والحضارة الفلسطينية، حتى إنسان ما قبل التاريخ كان حاضراً بأدواته البدائية، ليكون شاهداً على فضيحة الهدهد هذه, فجن جنونهم وبدأوا يمارسون الكذب علانية، مستفيدين بالدرجة الأولى من غياب الطرف العربي، وصمته المريب، ومستفيدين من بعض أطروحات الفقه الإسلامي البائسة من نوع " العلو الثاني " و " الوعد الإلهي " وهم يوظفون كل ما في حوزتهم من إمكانيات لتزوير التاريخ وإعادة كتابته كما يريدونه، سينما، موسيقى، قصص، أفلام كرتون، سياحة، طبيخ، كل شيء، كل شيء.
والعرب، أين العرب من كل هذا ؟
يؤسفني أن أقول أن رد الفعل العربي, كان الغياب التام ولا شيء غير الغياب، بل أخطر من ذلك نحن، العرب، مارسنا بغباء لا نحسد عليه ترديد بعض المقولات التوراتية ، وهي كثيرة جداً ومخزية في حق ثقافة عريقة كثقافتنا العربية !
ارفع هذا الموضوع مخصوص من اجل الكندى
ملحد5
05-07-2005, 01:23 AM
مشكور عزيزي حازم لكني قراته من خلال الرابط الذي وضعته لي هناك
المهم النية
:emrose:
سبع البوادي
05-11-2005, 02:03 PM
اللاديننيين =الماسونيين
موضوع شيق و مثير .
Powered by vBulletin™ Version 4.2.1 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, ENGAGS © 2010