المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التعريف بالنصرانية ، مختصراً



بكار
04-08-2010, 06:12 AM
التعريف:
النصرانية لغة: قيل: نسبة إلى نصرانة، وهي قرية المسيح عليه السلام من أرض الجليل، وتسمى هذه القرية ناصرة ونصورية، والنسبة إلى الديانة نصراني، وجمعه نصارى.
النصرانية اصطلاحاً: هي دين النصارى الذين يزعمون أنهم يتبعون المسيح عليه السلام، وكتابهم الإنجيل .
وقد أطلق على أتباع الديانة النصرانية في القرآن الكريم نصارى، وأهل الكتاب، وأهل الإنجيل، وهم يسمون أنفسهم بالمسيحيين نسبة إلى المسيح عليه السلام، ويسمون ديانتهم (المسيحية). وأول ما دُعيَ النصارى (بالمسيحيين) في أنطاكية حوالي سنة (42) م، ويرى البعض أن ذلك أول الأمر كان من باب الشتم.
ولم ترد التسمية بالمسيحية في القرآن الكريم ولا في السنة، كما أن المسيح حسب الإنجيل لم يسمِّ أصحابه وأتباعه بالمسيحيين، وهي تسمية لا توافق واقع النصارى؛ لتحريفهم دين المسيح عليه السلام.
فالحقُّ والصواب أن يطلق عليهم نصارى، أو أهل الكتاب؛ لأن في نسبتهم للمسيح عليه السلام خطأ فاحشا؛ إذ يلزم من ذلك عزو ذلك الكفر والانحراف إلى المسيح عليه السلام، وهو منه بريء .
التعريف بالمسيح عليه السلام:
إجمالاً من خلال القرآن الكريم وما يتفق معه مما ورد في أناجيل النصارى:
المسيح عليه السلام نبي من أنبياء بني إسرائيل، دعا إلى الله عزَّ وجلَّ، وبلَّغ رسالة ربه عزَّ وجلَّ، وقد ذكر الله عزَّ وجلَِّ هذا النبي الكريم في القرآن الكريم، وذكر دعوته في مواضع عديدة، من أشملها قوله تعالى: {إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ قَالَتْ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ قَالَ كَذَلِكِ اللّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَاء إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ وَأُبْرِىءُ الأكْمَهَ والأَبْرَصَ وَأُحْيِـي الْمَوْتَى بِإِذْنِ اللّهِ وَأُنَبِّئُكُم بِمَا تَأْكُلُونَ وَمَا تَدَّخِرُونَ فِي بُيُوتِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ وَمُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ الَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ وَجِئْتُكُم بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَأَطِيعُونِ إِنَّ اللّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هَـذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ رَبَّنَا آمَنَّا بِما أنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِين} [آل عمران: 45-60].
وإذا نظرنا إلى الأناجيل الموجودة بين يدي النصارى نجد أنها صرَّحت بما ذكره القرآن تصريحاً واضحاً لا لبس فيه، ومن ذلك:
1- بشرية المسيح:
2- أنه رسول الله:
3- أنه رسول إلى بني إسرائيل خاصة:
4- أنه دعا إلى عبادة الله وحده لا شريك له:
5- إنه متبع لشريعة موسى عليه السلام ومكمل لها
6- أنه دعا إلى التوبة
تاريخ النصارى إجمالاً
المسيح عليه السلام من خلال مصادر النصارى:
المسيح هو: عيسى بن مريم عليه السلام، وينسبه النصارى إلى داود عليه السلام، ويعتقدون أنه لا أب له من البشر؛ لأن الله أرسل إلى مريم الملك جبريل عليه السلام فكان الحمل به عليه السلام، ثم إنها وضعته بعد ذلك في بيت لحم في فلسطين، وزعم صاحب إنجيل متى أن أمه ذهبت به من فلسطين إلى مصر خوفاً من هيرودس حاكم اليهودية، الذي عزم على قتل جميع الأطفال الذين ولدوا في ذلك العام؛ لأن منجمين مجوس أخبروه بولادة ملك اليهود. وبعد بلوغ المسيح عليه السلام الثلاثين من عمره ابتدأ دعوته بعد أن اعتمد من يحيى عليه السلام فكان يعظ الناس في أماكن تجمعهم، وإذا رأى مرضى يشفيهم - بِإِذْنِ اللّهِ-، ويتجول في سائر المدن اليهودية، وظهرت على يديه آيات كثيرة مثل تكثير الطعام، وشفاء المرضى، والمشي على الماء وغير ذلك، وفي هذه الفترة المبكرة من دعوته التحق به من يزعم النصارى أنهم حواريو المسيح، وتابعوه في رحلاته، ثم أرسل تلاميذه اثنين اثنين إلى القرى للدعوة، وشعر رؤساء اليهود بالخطر الذي سيحيق بهم، من جراء دعوة المسيح عليه السلام، ولذا فقد اتفقت كلمتهم على ضرورة القضاء عليه. فلما كان في اليوم الأول من أيام عيد الفصح علم اليهود بمكانه في بيت المقدس، وذلك بوشاية من أحد أتباعه، وهو يهوذا الإسخريوطي، فجاءوا وألقوا القبض عليه، ففرَّ تلاميذه وتركوه، فأخذه اليهود إلى رئيس كهنتهم، وواجهوه بما يتهمونه به، إلا أنهم رأوا أن الشهود لا تتفق كلمتهم فيما شهدوا به عليه، وأخيراً سأله رئيس الكهنة وقال له: أأنت المسيح ابن المبارك ؟ فقال عيسى: أنا هو وسوف تبصرون ابن الإنسان جالساً عن يمين القوة، وآتياً في سحاب السماء. فمزَّق رئيس الكهنة ثيابه. وقال ما حاجتنا بعد إلى شهود قد سمعتم التجاديف، ما رأيكم ؟ فحكم الجميع عليه أنه مستوجب للموت. ثم حملوه إلى الوالي الروماني (بيلاطس البنطي) الذي قرره بما كان متهماً به، وهو أنه (ملك اليهود) وهي التهمة التي أوعز اليهود إلى الوالي الروماني أن المسيح يدَّعيها لنفسه، إلا أن المسيح لم يجبه بشيء، فرأى بيلاطس أنه لا يستحق الموت، وهو الجزاء الذي كان يطالب اليهود بإيقاعه به، إلا أن بيلاطس بعد ذلك ونزولاً عند رغبة اليهود حكم عليه بالموت على الصليب، فحمل يوم الجمعة صباحاً إلى موضع الصلب، حيث علِّق على الصليب في زعمهم في الساعة الثالثة صباحاً، وبقي على الصليب إلى الساعة التاسعة عصراً ، حيث مات بعد أن صاح (إلهي إلهي لماذا تركتني). ثم أُنزِل عن الصليب وأدخل قبراً بقي فيه تلك الليلة ونهار السبت وليلة الأحد، فلما جاءوا صباح الاثنين وجدوا القبر خالياً، وقيل لهم: إنه قام من قبره، ثم إنه ظهر لتلاميذه بعد ذلك، وبيَّن لهم أنه حيٌّ وبقى معهم حسب كلام صاحب أعمال الرسل (أربعين يوماً) ثم ارتفع إلى السماء وهم ينظرون إليه، وكانت مدة دعوة المسيح حسب الأناجيل الثلاثة الأولى لا تزيد عن سنة واحدة، إذ لم يذكروا خلال دعوة المسيح إلا عيداً واحداً، أما أنجيل يوحنا فذكر ثلاثة أعياد لليهود، لهذا يرى كثير من النصارى أن مدة دعوته كانت ثلاث سنوات، وكان أتباعه خلال هذه المدة والذين خَلَّفهم بعده ينحصرون في الاثني عشر حواريًّا، وآخرين يبلغ مجموعهم مائة وعشرين فقط.
وكل من نظر في الأناجيل التي بين يدي النصارى، والتي تحوي دعوة المسيح ونشاطه، وتحركاته، ومواعظه، يتيقن أن المسيح لم يؤسس ديانة جديدة البتة، بل كان يلتزم بشريعة موسى عليه السلام، ويدعو إلى الالتزام بها، ويحرم الخروج عليها، وبهذا أيضاً وصَّى تلاميذه الذين أرسلهم إلى الدعوة في القرى.
أما محور دعوة المسيح عليه السلام حسب الأناجيل، فهو الدعوة إلى التوبة والإنابة إلى الله والتبشير بالملكوت القريب، وكان يضرب لهم الأمثال في ذلك، ولا يختلف في هذا عن الأنبياء من بني إسرائيل الذين سبقوه وجاءوا بعد موسى عليه السلام، إلا أنه زاد في النهي عن الفواحش والفساد بتأكيد تحريم الوسائل إليها، فمن ذلك قوله في إنجيل متى (5/27): (قد سمعتم أنه قيل للقدماء: لاتزن. وأما أنا فأقول لكم: إن من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه). وفي (5/33): (سمعتم أنه قيل للقدماء: لا تحنث بل أوف للرب أقسامك. وأما أنا فأقول لكم: لا تحلفوا البتة...... بل ليكن كلامكم نعم نعم، لا لا).
وكذلك أكَّد على التسامح والعفو والمحبة، وفي هذا يقول متى (5/43): (سمعتم أنه قيل: تحب قريبك وتبغض عدوك. وأما أنا فأقول لكم: باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلُّوا لأجل الذين يسيئون إليكم ويطردونكم).
أما التشريع فلم يذكر عنه منه شيء سوى ما يتعلق بالحض على عدم الطلاق وعدم زواج المطلقة. يقول متى عنه في (5/31): (وقيل: من طلَّق امرأته فليعطها كتاب طلاق. وأما أنا فأقول لكم: إن من طلَّق امرأته إلا لعلة الزنى يجعلها تزني، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزني).
وفي إنجيل لوقا (16/18) يقول: (كل من يطلِّق امرأته ويتزوَّج بأخرى يزني، وكل من يتزوَّج بمطلقة من رجل يزني). فهذا يدلُّ على أن المسيح عليه السلام لم يؤسس ديانة جديدة البتة، بل كان شأنه ودعوته شأن ودعوة الأنبياء السابقين من بني إسرائيل من بعد موسى عليه السلام، إلا أن الله جعله وأمه آية لبني إسرائيل.
تلاميذ المسيح عليه السلام بعد رفعه:
المصادر التاريخية لهذه الفترة بعد رفع المسيح عليه السلام نادرة جدًّا وقليلة، فلا يوجد بين يدي النصارى سوى سفر (أعمال الرسل) الذي ورد فيه جانب من أعمال حواريي المسيح وتلاميذه، ثم خُصص بقية الكتاب للحديث عن بولس، ويضاف إلى هذا السفر بعض الجمل الواردة في الرسائل الملحقة بالعهد الجديد التي تتحدث عن شيء من تاريخ تلاميذ المسيح. هذا كل ما لدى النصارى من كتب عن هذه الفترة.
ولهذا سنشير إشارة مختصرة إلى هذه الفترة حسب المعلومات المتاحة، فنقول:
إن تلاميذ المسيح فيما يذكر النصارى بعد رفعه قاموا بالدعوة في جميع مدن اليهودية. وحسب سفر (أعمال الرسل) فقد أظهروا آيات وعجائب كثيرة قاموا بها، وخاصة شفاء المرضى، وبناءً على تلك الآيات أقبل الناس على سماع كلامهم والاستجابة لهم، إلا أن هذا لم يمنع كهنة اليهود ورؤساءهم من أن يتوعدوا التلاميذ ويتهددونهم؛ ليتوقفوا عن الدعوة، إلا أن ذلك التهديد لم يوقف حماس التلاميذ ونشاطهم في الدعوة، وتتركز دعوة التلاميذ وتعاليمهم على وجوب التوبة والتعميد، والإيمان بالمسيح عيسى عليه السلام؛ لتغفر لهم خطاياهم، وهي الدعوة التي كان المسيح عليه السلام يدعو إليها، كما سبق بيانه. ولم يكن في دعوتهم تصريح بألوهية المسيح ولا بنوته لله، بل أعلن (بطرس) كبيرهم فيما يذكر النصارى أمام اليهود في أول خطبة له عامة: ( إن يسوع الناصري رجل قد تبرهن لكم من قبل الله بقوات وعجائب وآيات صنعها الله بيده في وسطكم، كما أنتم أيضاً تعلمون)، بعد هذا ازداد حنق اليهود على التلاميذ، فقبضوا على أحدهم- ويسمَّى إستفانوس- ورجموه بالحجارة حتى قتلوه، وقتلوا بعده آخر يسمَّى يعقوب أخو يوحنا، ثم اضطهدوا بقية الأتباع، حتى تشتت كثير منهم في سائر أنحاء اليهودية والسامرة، وكان التلاميذ إلى ذلك الوقت مقتصرين في دعوتهم على أبناء جلدتهم من اليهود، إلا أنهم رأوا أن غير اليهود يقبلون أيضاً دعوتهم، وقد انضمَّ إليهم عدد من اليونانيين، فشجَّعهم هذا على تكثيف الدعوة بين الأجانب، فأرسلوا برنابا إلى أنطاكية؛ ليدعو الأجانب، فآمن بدعوته أيضاً العديد من الناس، وكان قد انضم إلى التلاميذ بولس (شاؤول اليهودي) فكُلف هو وبرنابا بدعوة الوثنيين، فنجحا في دعوتهما نجاحاً كبيراً، وحدث من جراء قبول الوثنيين اليونانيين وغيرهم للديانة النصرانية إشكال خطير، وهو أن بعض دعاتهم صاروا لا يُلزمون من تنصَّر من الوثنيين بالتمسك بتعاليم الشرائع الموسوية، وعلى رأس هؤلاء بولس، وأما الدعاة الآخرون فكانوا يرون وجوب العمل بتعاليم الشريعة الموسوية، ومن ضمنها الختان. فحدث خلاف بينهم، اجتمعوا على إثره في مجمع في بيت المقدس، فقرروا عدم مطالبة الوثنيين بالالتزام بالشريعة، ويكتفى من ذلك بالامتناع عما ذبح للأصنام وعن الدم والمخنوق والزنا. هكذا ذكروا. وينتهي بعد هذا خبر التلاميذ، ولا يعلم على التحديد ما حدث منهم ولا ما حدث عليهم، وإنما يمكن تتبع بولس في دعوته، وأنه نشط نشاطاً قويًّا في دعوته، فزار مدناً عديدة في آسيا، ثم كان خاتمة مطافه في روما، وهذا آخر ما ذكره صاحب سفر الأعمال، ولا يعطينا عن خاتمة حياة بولس شيئا، ولا يعرف النصارى على التحقيق عنها شيئاً.

العصور اللاحقة لعصر تلاميذ المسيح الى مجيء الامبراطور قسطنطين:
إن الحديث عن العصور المتقدمة من هذه الفترة يلفه الغموض الشديد، ويكاد يكون الجهل بتلك الفترة جهلاً مطبقـاً، وهي فترة من أكثر فترات التاريخ النصراني غموضاً وأشدها صعوبة وخطورة؛ إذ أفرزت هـذه الفترة- وخاصة اللاحقة مباشرة لعصر التلاميذ- بروز الأناجيل الكثيرة، التي ظهرت في وقت متقارب من تلك الفترة، وهي متضاربة تضارباً شديداً.
كذلك برزت للوجود الأقوال المنحرفة الكثيرة عن المسيح وديانتـه، وهي أيضاً أقوال متضاربة متباينة.
يقول الكاتب النصراني حبيب سعيد متحدثاً عن تلك الفترة: (ومع أنه من اليسير جمع نتف من هنا وهناك عن هذه الفترة- نهاية عصر الحواريين - إلا أن الأربعين سنة من (70) إلى (110) م - تبقى أكثر فترات التاريخ المسيحي غموضاً وإبهاماً، وهو أمر يؤسف له؛ لأن هذه الفترة حفلت بكثير من معالم التغيير في الكنيسة نفسها، ولأن فيها برز كثيرون من دعاة المسيحية المجهولين بعد (بولس)، وظهر كثير من الأفكار التي حملها- بلا شك- المتنصرون الوثنيون من مصادر غير مسيحية، وخاصة حول العقائد والممارسات المسيحية، مثل الأسرار، والأصوام وأشكال العبادة، ودستور الكنيسة نفسه خضع لبعض التعديلات).
ويميز هذه الفترة المتقدمة من تاريخ النصارى حادثة مهمة جدًّا لعلها من أهم الحوادث التي وقعت على النصارى بعد رفع المسيح عليه السلام ألا وهي حادثة تدمير بيت المقدس من قبل القائد الروماني تيطس سنة (70) م, في عهد الإمبراطور (لوسباسيانوس) حيث قضى هذا القائد على اليهود في فلسطين، وخاصة في القدس قضاء شبه تام بسبب ثورتهم ضد الرومان.
ولاشك أن عملية القتل والإبادة هذه قد طالت أكبر عدد من النصارى في ذلك التاريخ؛ لأنه لم يكن هناك فرق بين اليهودي والمتنصر إبان تلك الفترة، كما أن البلاء والقتل والإبادة كان شبه عام لجميع المناطق التي يتواجد فيها اليهود في فلسطين خاصة، والمناطق المجاورة لها.
ومن هنا فإن الحديث عن تلك الفترة فيه عسر واضح؛ إذ إنها حلقة مجهولة في تاريخ النصرانية، حتى إن نهاية أتباع المسيح عليه السلام- وكذلك بولس- تعتبر مجهولة بسبب ذلك البلاء الطويل الذي حلَّ باليهود متتابعاً متلاحقاً من قبل الرومان، منذ رفع المسيح عليه السلام إلى تدمير تيطس لبيت المقدس سنة (70) م، ثم استمرَّ البلاء على من بقي منهم إلى التدمير الثاني في عهد الإمبراطور (أدريان) حيث تجمَّع مجموعة من اليهود وأمَّروا عليهم رجلاً يسمَّى (بركوكبا) وزعموا أنه المسيح المنتظر فخرج بهم على الرومان، فما كان من الإمبراطور الروماني (أدريان) حوالي عام (130) م, إلَّا أن أرسل حملة كبيرة، وأمرها بتدمير جميع المحلات التي يمرون عليها، محلًّا، محلًّا، واستمرَّ في ذلك سنتين حتى دمَّر بلاد اليهود، وقضى عليهم، وأعاد تدمير بيت المقدس، وبنى محله هيكلاً للمشتري، معبود الرومان في ذلك الوقت، وحرَّم على اليهود الدخول إلى بيت المقدس إلا يوماً واحداً في السنة بعد دفع غرامة مالية كبيرة.
فلا شكَّ أن أحداثاً جساماً كهذه كانت سبباً من الأسباب المباشرة للانقطاع التاريخي البيَّن في تاريخ النصارى الذين كانوا في ذلك الوقت لا يتميزون عن اليهود بشيء خاصة لدى من هو خارج إطارهم مثل الرومان واليونان الوثنيين.
كما أن الثقل الديني والالتزام بمبادئ المسيح عليه السلام كان متمركزاً في بيت المقدس، وكان سبق أن حدث انقسام بين دعاة النصارى في مسألة شريعة موسى عليه السلام، ووجوب التزامها، وإلزام المتنصرين من الوثنيين بها، وكان المحافظون على الشريعة والموجبون للالتزام بها من المتبعين للمسيح من اليهود هم القوة الغالبة في ذلك الوقت.
إلا أن تدمير بيت المقدس وقتل اليهود وجَّه لهذه الفئة بالذات ضربة قاصمة، وأفسح المجال لبولس وأتباعه المنادين بإلغاء العمل بالشريعة الموسوية، وفصلها عن ديانة المسيح عليه السلام. يقول حبيب سعيد: (أما خراب أورشليم في الشرق إثر التمرد اليهودي سنة (70) م, فكان له أثر عميق في المسيحية، وذلك لأنه قضى على الجماعات الفلسطينية، وتضخم أعداد متنصري الوثنية، من العوامل التي جعلت كفاح (بولس) للتخلص من اليهودية الناموسية الضيقهة، غير ذي موضوع، وغدت أنطاكيه ورومية وبعدها أفسس أهم المراكز في تطور التاريخ المسيحي).
ظهور المذاهب والأقوال المختلفة في المسيح وديانته:
والناظر في تاريخ تلك الفترة يجد أنها أفرزت إفرازات خطيرة جدًّا في الديانة النصرانية حيث


ظهرت المذاهب والأقوال المختلفة والمتباينة في المسيح وديانته، نذكر منها:
الفرع الأول: الغنوصية:
وهو اسم يطلقه النصارى على فرق عديدة، تجمع في عقيدتها بين إلهين اثنين أو أكثر، وتبني مطالبها على المعرفة.
المارسيونية أو الماركونية:
وهم أتباع مارسيون الذي ولد في آسيا سنة (85) م، وبعضهم يقول: (120) م، ومن معتقداته القول بإلهين: أحدهما إله اليهود، وهو في زعمه إله قاس شرس، وهو الذي خلق هذا العالم المادي. ومع ذلك فهو أقل مستوى من الإله الآخر الذي هو إله الرحمة والمحبة، حيث هو الإله الحقيقي المحتجب، والذي ظهر في شخص المسيح، ويرى أن المسيح لم يمت على الصليب، ولم يدفن، ولم يقم من القبر، ولكنه اختفى فجأة؛ ليبشر الموتى في الهاوية، ثم رجع بعد ذلك ليقوم بعمله كالأب المحتجب في السماء.
الفرع الثاني: المونتانية:
وهي تنسب إلى رجل اسمه ( مونتانس ) ادَّعى النبوة بعد منتصف القرن الثاني الميلادي، وزعم أن الروح القدس يتكلم إليه، وتنبَّأ معه أيضاً امرأتان أعلنتا قرب نهاية العالم، وقرب رجوع المسيح عليه السلام. ولكي يستعدوا لهذا المجيء أمرت المتنبئتان الناس بالكفِّ عن الزواج، وعن شرب الخمر، وعن الأطعمة الشهية، وصاروا ينتظرون مجيء المسيح، حتى خرج مجموعة منهم إلى الصحراء لاستقبال المسيح، وكادوا أن يهلكوا من الجوع والعطش لولا أن السلطات أنقذتهم. وقد استمرت المونتانية قائمة إلى القرن الخامس الميلادي.
الفرع الثالث: البنويون:
وقولهم: أن المسيح إنسان ولد من مريم بطريقة إعجازية، وأن الله عزَّ وجلَّ في وقت تعميد المسيح تبناه ووهبه قوة لعمل المعجزات، واستمرَّ بشراً إنسانـاً إلى أن صلب ثـم مات، وقـام من الموت، ورفـع إلى السماء، وهم ينتظرون مجيئه؛ ليخلص أتباعه من العار الذي أصابهم بسبب صلبه، وهم يتمسكون بالشريعة الموسوية.
أولا: السابليوسية:
نسبة إلى الكاهن سابليوس المتوفى سنة (261) م, وهو كما قيل عنه يعتقد: بأن الله واحد غير قابل للتجزئة، وينكر الثالوث إلا أنه يرى أن الله الخالق تجسد بعد في صورة المسيح فصار ابناً، فتألم وصلب، ثم تحوَّل بعد ذلك إلى الروح القدس الذي صار مرشداً للتلاميذ. فعنده أن الله واحد قد أخذ هذه الأدوار الثلاثة كلها.

بولس السميساطي: وهو أسقف أنطاكيه الذي رُسِّم أُسقفًّا لها سنة (260) م، وكان يقول: إن الله واحد، وأن كلمته وحكمته من صفاته، وأن هذه الصفة (الكلمة) حلَّت على المسيح الذي هو بشر ولد من مريم فحين حلَّت عليه الكلمة صار المسيح الفادي والمخلص، ورفعه الله مكافأة له، وأعطاه اسماً فوق كل اسم.

ثانيا: الآريوسية:
نسبة إلى الأسقف الليبي (آريوس) الذي درس على تلميذ بولس السميساطي وهو (لوقيانوس)، وكان آريوس يعلم بأن الله إله واحد غير مولود، أزلي، أما الابن فليس أزليًّا، بل وجد وقت لم يكن الابن فيه موجوداً، وهو خرج من العدم مثل غيره من المخلوقات حسب مشيئة الله، فهو ليس إلهاً، ولايملك شيئاً من الصفات الإلهية، إلا أن الله منحه مجداً جعله فوق كل الخلائق.
وقد انتشرت الآريوسية انتشاراً عظيماً، وهي التي انعقد مجمع نيقية سنة (325) م, بأمر الإمبراطور قسطنطين للنظر فيها وغيرها من المذاهب التي كان يتوزع إليها النصارى في ذلك الوقت.
فهذه المذاهب والأقوال المتباينة كانت منتشرة بين النصارى في ذلك الوقت، ولأتباعها نشاط قوي أيضاً، وكانت المواجهات القوية كثيراً ما تحدث بينهم وبين من يخالفهم، وخاصة أتباع مذهب (بولس) الذي كان له تلاميذ وأتباع فيما يظهر أقوياء وذوي نشاط في دعوتهم، وقد استطاعوا أن يترأسوا المراكز الدينية في ذلك الوقت، بعد سقوط عاصمة الديانـة الأولى، وهي بيت المقدس، وتلك المراكز تمثَّلت في أنطاكية، والإسكندرية، وروما، وكانت في الغالب في يد أتباع بولس، وقد كان من أولئك الأتباع:
أسقف أنطاكية إغناطيوس الأنطاكي الذي نصب أسقفًّا لكنيسة أنطاكية، وذلك في سنة (70) م.
وأسقف كنيسة روما إكلميندس الروماني الذي نصب فيما يظن من سنة (92- 101) م.
وأسقف سميرنا (أزمير) بوليكاربوس: الذي قتل في اضطهادات الحاكم ماركوس أوريليوس سنة (156) م.
وأسقف ليون إيريناوس: الذي يعتقد أنه توفي بين سنتي (190- 202) م.
جاستين- يوستينوس مارتر الذي فتح مدرسة في روما ثم أعدم في سنة (165) م.
وإكلميندس الإسكندري: الذي ولد سنة (150) م, في بلاد اليونان، ثم انتقل إلى الإسكندرية حيث التحق بمدرستها التي تدعى (مدرسة التعليم المسيحي) وتولى إدارتها، ويعتقد أنه توفي سنة (215) م.
وإريجانوس المصري: الذي ولد حوالي (185) م, في الإسكندرية، وتولى إدارة المدرسة اللاهوتية فيها بعد مديرها السابق، توفي في صور سنة (253) م.
وإثناسيوس: الذي نُصِّبَ أسقفًّا على الإسكندرية سنة (328) م خلفاً لإسكندروس، واللذان كان لهما أكبر الأثر في تحريف دين المسيح عليه السلام بترسيخ عقيدة ألوهية المسيح في مجمع نيقية الذي دعا إليه الإمبراطور قسطنطين سنة (325) م، ونبذ دعوة التوحيد التي كان يتزعمها آريوس الليبي.
وكانت هذه المواجهات بين المختلفين من دعاة النصارى وأساقفتهم تنتهي في الغالب بالدعوة إلى مجمع من المجامع، الذي يعلن في نهايته بحرمان من قصد حرمانه، وطرده من الشركة النصرانية، وفي الغالب لا ينصاع المطرود والمحروم لتلك القرارات، بل يستمر في نشر تعاليمه.
ومن المعلوم أن النصارى في تلك الفترة لم تكن لهم دولة، ولم يقم لهم تجمع متكامل بحيث يمكن أن يقال عنهم: إنهم أمة مجتمعه، بل كانوا أول الأمر يعيشون بين بني جنسهم اليهود ثم بين الوثنيين، وهذا جعلهم في حالة من البلاء والعذاب شديدة، فحين كانوا بين بني جنسهم اليهود كانوا يُضْطَهدون؛ لأن اليهود اعتبروهم خارجين عن شريعتهم، وفي نفس الوقت يضطهد الجميع الرومان الوثنيون الذين كانوا لا يعرفون فرقاً بين اليهودي والنصراني، لهذا فقد كان لثورات اليهود على الرومان أسوأ الأثر على النصارى، وبعد القضاء على اليهود، وطرد من بقي منهم خارج فلسطين واجه النصارى الذين كانوا بين الوثنيين اضطهاداً شبه متواصل من قبل حكام الرومان الوثنيين استمر قرابة ثلاثة قرون، إلى أن تولَّى الإمبراطور قسطنطين عرش روما، فأوقف الاضطهاد بمرسوم ميلان سنة (313) م، وابتدأ النصارى منذ ذلك التاريخ، يظهرون على السطح، وبدأت ديانتهم تنتشر انتشاراً فعليًّا على حساب الوثنية التي كانت تدين بها أكثر الشعوب في ذلك الوقت، إلا أن النصرانية نفسها في هذه الفترة المتأخرة قد وصلت إلى الوثنيين، وقد أثرت في كثير من دعاتها السنون العجاف المتطاولة التي مرَّت بهم، فانحرفوا عن دين المسيح عليه السلام، وجعلوه ديناً وثنيًّا يقوم على تأليه ثلاثة آلهة في ثلاثة أقانيم يزعمون أنها إله واحد، ويعتمدون في شرح الديانة وتفصيل العقيدة على الفلسفة، وخاصة الأفلاطونية الحديثة والرواقية، وكان من يسمون بالمدافعين عن النصرانية في تلك العهود جلهم قد درس الفلسفة الوثنية، وربما كان تابعاً لها فترة طويلة ثم تحوَّل إلى النصرانية بفلسفته وسابق تصوراته، فهذا كله جعل الوثني لا يجد فرقاً كبيراً بين ما كان يعتقد وما يدعوا إليه النصارى.
وكان لتنصر أباطرة الرومان- وأولهم قسطنطين- أكبر الأثر في انتشار النصرانية في الدولة الرومانية المترامية الأطراف - والناس على دين ملوكهم- إلا أن تنصر الأباطرة قد جعل النصارى يواجهون مشكلة كبرى، وهي وصاية الأباطرة على الديانة وتعاليمها، حيث صارت بعد ذلك في يد الأباطرة الرومان الذين يسيِّرون العقائد النصرانية وفق أهوائهم، فينصرون من المذاهب ما يتفق مع أهوائهم، فإذا كان هناك أحد يدعو إلى تعاليم لا يميلون إليها فإنهم يطلبون من النصارى عقد مجمع، ويوعز إليهم بطرد ولعن من لا يرغبون، يقول حبيب سعيد: ( وباحتضان الإمبراطورية للكنيسة، تعرَّضت القوى الروحية في الكنيسة لخطر الاختناق والفناء، وغدا تنفيذ القانون الكنسي، واستدعاء المجالس العامة وتنفيذ قرارتها، وتعيين الأساقفة في المراكز الهامة، وحق الاختصاص الأعلى للمحاكم الروحية، والقول الفصل في المشاكل الجدلية، والتي قد تنشأ حول العقائد، غدت كلها من الحقوق التي طالبت بها الدولة الرومانية، وأصرت على انتزاعها من السلطات الدينية).
يؤكد لنا هذا التسلط ويوضحه أن الذي دعا إلى مجمع نيقية سنة (325) م, هو الإمبراطور قسطنطين، وكان حاضراً في ذلك المجمع، وقرَّر فيه أُلوهية المسيح، وطرد آريوس وجماعته، ثم صدق بعده بعشر سنوات على قرارات مجمع صور التي فيها إعادة آريوس إلى الكنيسة، وطرد إثناسيوس الذي كان وراء إقرار ألوهية المسيح عليه السلام.
ثم دعا كل من الإمبراطور الغربي قسطنطين الثاني والإمبراطور الشرقي قسطنديوس إلى مجمع في مدينة سارديكا سنة (343) م, بغرض توحيد النصارى، لكن النصارى لم يتفقوا، وخرجوا أشد اختلافاً وتفرقاً.
ثم بعد مقتل الإمبراطور قسطنطين الثاني دعا الإمبراطور قسطنديوس إلى مجمع ميلانو سنة (355) م, وطلب من الأساقفة إصدار حكم بخلع إثناسيوس، ووقعت الأغلبية على ما أراد، ثم دعا ذلك الإمبراطور أيضاً إلى مجمعين في نفس الوقت مجمع في تركيا ومجمع في إيطاليا سنة (359) م، وأمر الذين يشرفون على مجمع إيطاليا بإرغام المجتمعين على التوقيع على قرار المجمع الذي يوافق نوعاً ما مذهب الآريوسيين الذين يسمون (الأريوسيين المعتدلين). كما استخدم القوة العسكرية من أجل إرغام المجتمعين في تركيا على التوقيع، ثم جاء الإمبراطور ثيود وسيوس- وكانت ميوله ضد الآريوسية- فدعا إلى مجمع القسطنطينة سنة (381) م، وقرر المجمع العودة إلى قانون الإيمان النيقوي، وزادوا عليه: ألوهية الروح القدس، واعتبار الآريوسية ضد القانون الروماني، وهو المذهب الذي عليه الغالبية العظمى من النصارى إلى الآن.
وهكذا نجد أن النصرانية صارت ألعوبة بيد أباطرة الرومان يسيرونها وفق أهوائهم ورغباتهم إلى أن سقطت الدولة الرومانية أمام هجمات القبائل القادمة من الشرق والشمال الشرقي التي استولت على روما سنة (410) م.
وبهذا نكون قد عرضنا في هذا المبحث التاريخ النصراني المبكر بشكل مختصر، ولعله يكون وافياً بالغرض، ولابد أن نبين هنا أن انتصار أتباع بولس ومذهبه قد جعل مصادر دارسي مثل هذه الموضوعات تعتمد عليهم، فهم الذين نقلوا كل هذه المعلومات عن معلميهم، وعن الفرق الأخرى ومعلميها، لذا فإن الحكم على صحة المعلومات عن تلك الفرق وأولئك الناس- وخاصة في مجال العقيدة- لا يكون صحيحاً دقيقا إلا في حالة الاطلاع على كلام صاحب المقالة، أو كلام تلاميذه وأتباعه عنه، فعلى المطالع لذلك الانتباه في هذا الموضوع والحذر. والله تعالى أعلم .

انتهى الملخص من كتاب (دراسات في الأديان) للدكتور سعود الخلف ، من ص165 الى ص 192

الباحثة عن البينة
04-09-2010, 01:41 PM
بارك الله فيك أخي بكار
وجزاك الله كل خير

ناصر الناصر
04-15-2010, 04:10 PM
بارك الله فيك أخي بكار على موضوعك القيم........

لكن عندي سؤال إنشاء الله يمكنك أن ترد عليه أنت أو الإخوة في المنتدى.......و هو الأتي في قارئتك للقران الكريم و تفهمك لمعانيه في السابق....هل و جدت أية قرآنية تهاجم و تتوعد النصرانية و اليهودية كديانة أم الآيات التي نراها عن بعض الأشخاص من الديانة النصراني و اليهودية الذين حاربوا الإسلام و المسلمين فقط.........


بارك الله فيك.