المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سؤال من فضلكم وجزاكم الله خيرا...كيف يفسر الوعي و الادراك...



طالب رضى الرحمن
04-09-2010, 11:02 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد وعلى أله وأهله وصحبه
ثم أما بعد


جزى الله إخواني في الله في هذا المنتدى خير الجزاء و رفع قدركنم وغفر لنا ولكم إنه هو التواب الرحيم

هذه أول مشاركة لي في هذا المنتدى المبارك و هي عبارة عن سؤال و أرجو أن تكون هذه المشاركة مباركة بإذن الله
::::السؤال ::::

- كيف يفسر الملحد العقل أو ما يسمى بالادراك و الارادة والحرية.... ؟؟؟
- ولماذا العقل البشري (و أقول العقل نظرا للفرق بين العقل والدماغ للذين لا يفرقون وعلى فكرة فهذا أثبت علميا أن العقل ليس هو الدماغ...) هو العنصر الثابت الوحيد الذي تقاس به الاشياء ؟؟؟


وطبعا هذه الاسئلة وضعتها لإخواني لنفتح نقاشا في هذا الموضوع فقد قرأت أنهم يقولون أن الوعي هو خلاصة التطور ككل و أنه أقصى ما بلغه هذا التطور المزعوم ولكن.....لماذا .....لماذا توقف الامر عند العقل ؟؟؟ أما كان ليكون هنالك أمر أو أمور تفوق العقل البشري ونمط تفكيره(ادراك/استنباط/استنتاج/....) كل هده الامور لانجدها إلا في الانسان

وتحية إسلامية طيبة لإخواني في الله أعضاء المنتدى الكريم

niels bohr
04-10-2010, 07:34 AM
الوعي والإدراك ظواهر غير مادية.

يحيى
04-10-2010, 08:52 AM
الوعي هو انعكاس لعملية موضوعية خارج الانسان الواعي تحدث في محيطه عندما يتعامل مع الخطاب أو الصوت أو ما تحسه أو ما إلى ذلك, لكن هو أيضا تعامل مع مجموعة من التفاعلات الداخلية و هو مثلا التعبير عن ما يدور في داخلك و الاقرار به عن طريق أفعال أو نية أوغير ذلك. السؤال عن جوهر الوعي هو نفس السؤال عن جوهر العقل أو الروح فهو موضوع تتناوله الفلسفة و علم النفس و علم الأعصاب الإدراكي على حد سواء. هناك تعابير أخرى تتمحور حول نفس الموضوع أو في جواره مثل المعرفة و مصادرها و الادراك و الاحساس و التحقق و الضمير و المشاعر. يمكن القول أنه هناك مجموعة من التصورات و الآراء حول هذا الموضوع, في كثير من هذه التصورات نجد الجانب النظري و الفلسفي يلعب الدور الرئيسي فيها و بالضبط في "نظريات الوعي". أهم هذه النظريات من وجهات نظر غير دينية تعود لقدماء اليونان و خصوصا ارسطو و افلاطون فيما يسمى بفلسفة الروح أو فلسفة العقل, تصوراتهم (خصوصا في المعرفة التي أثرت في مفهوم الوعي عندهم أو أسست لهذا المفهوم أصلا) نجد لها آثار باقية الى يومنا هذا في كثير من الافكار (في نظريات الوعي).

عموما يمكن تقسيم هذه النظريات حسب التعارض
الثنائية (الجسد و الروح) مقابل المادية التي ترى بأن الانسان كله مادة و ليس هناك روح أو وجود مستقل عن الوجود المادي و هذه النظرة هي ميتافيزيقية تقوم على إنكار شيء بدون دليل و تحمل في طياتها تناقضها إذ كيف للدماغ أو العقل أو القلب إدراك ما هو ليس بمادة كالروح و العدم حتى ينكره؟
في الفلسفة الغربية الحديثة نجد الفيلسوف الفرنسي ديكارت من حمل لواء هذه النظرة الثانية الجسدية الروحية, إذ أنه كان يرى بأن الجسد و الروح يشتغلان معا في دماغ الانسان حيث يتم معالجة ما يستقبله الدماغ من اشارت (رسالات خارجية او اداخلية) ثم تتحول الى وعي. كيف يندمج الروح مع الجسد ليقدما وطيفة معينة يبقى موضوع يثير اهتمام كثير من الفلاسفة الى يومنا هذا. فكما قسموا الانسان الى جسد و روح, هناك من قسم الوعي إلى ادراك ظاهراتي عبارة عن انطباع و مشاعر و تجارب, و إدراك منفذي و هو المنفذ الذي يتيح لك امكانية التعبير عن الادراك الظاهراتي, مثلا تعبر ببكاء عن شعور بالخوف او الحزن.

التقسيم الاخر هو من حيث الموضوعية و الكيف, تجاربنا الموضوعية مثل ملاحظة اللون الاخضر, هي تجارب لها جودتها الخاصة. السؤال هنا هو ما إذا كانت هذه الجودة تعبر عن شيء آخر غير الادراك؟ بالنسبة لديكارت لم يكن يعتقد بإمكانية اختزال هذا الادراك في وظائف مادية بحتة يقوم بها الدماغ, على الرغم من تفاعل بين الجسد و الروح في الدماغ. اليوم كذلك هناك كثير من المفكرين و الفلاسفة يؤمنون بهذا أي بأن الروح الانسانية لا يمكن اختزالها كلها في عمليات الدماغ, و هناك ايضا من يرى العكس.

نحن عندما ننظر في قاعة معينة فنخرج بنتيجة "ليس هناك شيء في القاعة", فلابد يعني أن تكون لدينا بعض المعارف المحددة حتى نطلق العنان لهذا الادعاء, يجب أن نعرف القاعة و حدودها و يجب أن نعرف "شيء" مثلا انسان, حيوان, كرسي, ناموس.. فهل الادعاء هذا صحيح؟ لا طبعا, هو صحيح نسبيا, لكن غير صحيح لأنه مقيد بما نعرفه من أشياء و محدود بحدود حواسنا من سمع و بصر و حتى الاجهزة مهما بلغ دقتها فهي محدودة, إذن لا يمكن أن نعتبر هذا الادعاء علميا فالعلم ليس من شئونه أن يتدخل فيما لا يعنيه (يحيط به) .. سيقول قائل إذن بهذه الطريقة يمكن أن تدعي أي شئت فتقول هناك روح و بحوح و حوح و جوح و قاح و ساح و ناحناح و برحداح و فنفوح و سراح و جقشاح... نعم يمكن أن تدعي هذا لكن ادعاءك غير مقبول بدون دليل, و الإنكار أيضا, أنت يمكن أن تدعي و أطالبك بالدليل لكن أن تنكر فهذا أمر لا يقع فيه إلا أهل الهوى و الغباء, مثلهم مثل من أنكر وجود طبيعة أخرى غير مادية يتصف بها الانسان –زعموا.

يبقى الحل الوحيد لمعرفة القاعة هو التفكير في الادعاء نفسه ما يحمل من حقائق و تناقضات, و التفكير في القاعة في حدود معرفتنا, أو نستسلم لمصدر هو أعلى و أدق من معارفنا المتطورة بدون انقطاع و المتغيرة بدون ثبوت. هذا هو الطريق الصحيح فنحن نعرف 'الروح" بالوحي الرباني و من يدعي غير ذلك فهو مجرد مدندن يدندن فيما لا يعنيه و لا يصل اليه.

لكن هناك ملاحظات واضحة تجعلنا نعرف بأن هناك شيء آخر غير مادي في الانسان, نحن نقول الروح لأن تلك النتائج تتفق مع الوحي الذي يقول بان الانسان مخلوق فيه روح, لا لأننا نعرف بأنها روح أصلا, فقد يكون ذلك الشيء الذي نستنتجه نحن لا علاقة له بالروح و قد يكون كذلك لكن على ايه حال هو جانب في الانسان ليس بمادة و هنا يمكن قراءة مواضيع الاخ أ. عبد الواحد مثل إشكالية العقل في الإلحاد, حتى الصفر يسخر من الملاحدة, جمهورية الخلايا الشعبية الموضوع الذي يرد فيه على أحد كبار منكرى الجانب اللامادي في الانسان, حتى الخطأ يستحيل ان يظهر في عالم مادي... الخ

رأيي أنا هو أن الوعي شبكة اتصال و تبادل معلومات بين العقل (القلب) و الدماغ و الروح.
أنظر الى مناسبات الايات في القرآن
أفلا يعقلون
افلا يتذكرون
أفلا ينظرون
لهم قلوب لا يفقهون بها
لهم أعين (دماغ) لا يبصرون بها
إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور
...

هذه دعوة لايقاض الوعي عند الانسان, للتوعية.

elserdap
04-10-2010, 06:33 PM
مرحبا أخي الكريم طالب رضى الرحمن حيـاك الله أخي الفاضل في منتداك

جزاكم الله خيرا أخي يحيى فقد استفدت بمداخلتك ... بل والأدهى من ذلك أن العلوم الطبية لا تستطيع تفسير كيف تتحول الإشارات الكهربية في الدماغ إلى وعي وإدارك ( ولا ننسى أن الدماغ البشري صامت مُظلم ولا نعرف كيف تتحول بداخله الإشارت إلى صور حسية وإداركات واعية !!)
وأول درس يأخذه طالب الطب في مادة علم وظائف الأعضاء physiology هو القاعدة الذهبية التي تقول أن العصب لا يتعب ولا يرتاح nerve can not get fatigue وبالفعل كنت أتناقش مع أحد الأطباء منذ أيـام عن الشعور بالإرتياح بعد قضاء الحاجة وكيفية إدارك العقل لذلك وهذا أمر لا يوجد تفسير طبي مادي علمي له على الإطلاق على حد قول زميلي - وهو حاصل على زمالة في الأمراض الباطنية -

أما عن مسألة كيف يفسر الملحد العقل أو ما يسمى بالادراك و الارادة والحرية.... ؟؟؟ وهذه المسألة كنت قد بحثت فيهـا منذ حوالي عامين .. وفي مناظرتي مع التوونسي منذ فترة قريبة قال التوونسي أن الوعي والإدارك من إنتاج المادة وهذا طبعا أساس من أسس الفكر الماكسي والإلحـادي عموما وقمت بعرض النقد لهذه النظرية في نقاط كالآتي :-
نقد نظرية أسبقية المادة على الوعي

تقوم نظرية أسبقية المادة على الوعي على أن المادة تسبق الوعي وأن الوعي والفكر من منتجات المادة وأحد تطورات المادة في صيغتها الراقية
1- يقول أرسطو إن مَن ينكر الميتافيزيقيا يتفلسف ميتافيزيقيا .. فمِن أين للماركسيين بهذه النظرية الميتافيزيقية والتي تقول بأسبقية المادة على الوعي .. أو بأن الوعي من إنتاج المادة ؟
2- ومسألة أسبقية المادة على الفكر أو انتاج المادة للوعي هي مسألة سفسطية فلسفية قديمة وكان يطرحها الشُكاك والملاحدة وكان الفلاسفة يجيبون ويقولون أنه لو كان الوعي فعلا من صور المادة فهذا يعني أن الوعي متساوي عند البشر جميعا فأي صورة من صورة المادة لها قياسات محددة وثابتة ..... طبعا كما تلاحظ هذا سؤال فلسفي وأيضا إجابة فلسفية
3- اثبت العلم أن الفكر والوعي كلاهما لا مادي وهذه حقيقة علمية محسومة فالوعي ليس موجات .. ليس فوتونات .. ليست جسيمات يمكن أن تصدر عن المادة
4- نظرية أسبقية المادة على الفكر تُناقض قانون الديناميكا الحرارية الثاني فهذا القانون يقول أن الكون يتجه نحو البرودة نحو الموت الحراري وأن المادة من المجرة إلى الذرة ينطبق عليها هذا القانون وهو قانون وليس نظرية ويقول القانون أننا مثلا لو وضعنا كوب ماء ساخن في غرفة باردة فإن الحرارة تنتقل من الكوب إلى الغرفة وأن الكون كله يتجه هذا الإتجاه حيث أن الحرارة تنتقل مع الوقت من الأجسام الساخنة إلى الأجسام الباردة وأنه في لحظة ما ستتساوى حرارة جميع الأجسام في الكون وعندها سيموت الكون حراريا والكون يتجه طبقا للقانون إلى التبسيط إلى البرودة إلى التفكك إلى الموت الحراري وهذا القانون بالمناسبة يقضي على الداروينية فالعلم يقول أن الكون يتجه نحو التفكك البرودة التبسيط بينما يقول الإلحاد أن الكون يتجه نحو التطور نحو الارتقاء وهذا خطأ علمي قاتل
تقول الماركسية أن المادة تتطور إلى الوعي إلى الفكر ... المادة ترتقي ...بينما يقول العلم أن المادة تتجه نحو التبسيط نحو الفتكك نحو الإختزال .......... فالعلم في جانب بينما الماركسية والإلحاد في جانب آخر تماما
فالوعي والفكر يستحيل أن يكونا من تطور المادة ومن منتوجاتها وإلا لصارت المادة عكس القانون

بوعابدين
04-10-2010, 07:11 PM
الدماغ أداة من أدوات العقل وهو وصلة بينه وبين الحواس . أما العقل فأمر لا نعلم ماهيته ولعله من خصائص الروح التي لم نؤتى علمها

طالب رضى الرحمن
04-10-2010, 08:10 PM
السلام عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم

جزاكم الله إخواني على هذه المداخلات الجميلة والتي تستحق القرأءة بالفعل
وبالنسبة لما قاله أخي elserdap فيما يخص مسألة التجربة التي تتبث أن الوعي منفصل عن الدماغ أو المادة بصفة عامة فأحب أن أذكرها
فقط للنعرفة
""...ثم إن ملامسة المنطقة الخاصة بالنطق في الدماغ تؤدي إلى فقدان مؤقت للقدرة على الكلام (حبسة) عند المريض. ونظرا لانعدام الإحساس في الدماغ فان المريض لا يدرك أنه مصاب بالحبسة إلا عندما يحاول أن يتكلم أو يفهم الكلام فيعجز عن ذلك. ويروي بنفيلد ما حدث ذات مرة >>"أخذ أحد مساعدي يعرض على مريض مجموعة من الصور على الجانب الآخر من الشاشة المعقمة. وكان المريض في البداية يسمي كل صورة باسمها الدقيق. وقبل أن تعرض على المريض صورة فراشة وضعت الالكترود (القطب الكهربائي) حيث كنت أفترض وجود قشرة المخ الخاصة بالنطق.فظل المريض صامتا للحظات ثم طقطق بأصابعه كما لو كان غاضبا. ثم سحبت الالكترود فتكلم في الحال وقال: »الآن أقدر على الكلام. إنها فراشة. لم أكن قادرا على النطق بكلمة »فراشة « فحاولت أن أنطق بكلة «"" إنتهي ,العلم في منظوره الجديد, ص 34/35.

وكما هو ملاحظ من التجربة فالمريض رغم توقف ملكة الكلام فإنه أدرك أن الصورة هي فراشة و زيادة على ذلك فإنه لما حاول نطقها ولم يفعل فكر بطريقة منطيقة بشيئ يشبه الفراشة وهذا دليل على انفصال ملكة التفكير والوعي.

ontology
04-10-2010, 11:44 PM
المادة على الوعي
ماذا تقصد من هذه الاسبقية ..؟

تحياتي

طالب رضى الرحمن
04-11-2010, 12:35 AM
بشكل بسيط يقصد الاخ أن الوعي هو نتاج للمادة (حسب هذا التعبير...) وبذلك كان لابد من أن تسبق المادة لأنها الاصل
على سبيل المثال عندما تقول أن العثور على الذهب كان نتيجة لعملية تنقيب فإن عملية التنقيب تسبق الذهب (بشكل بسيط يعني)

ontology
04-12-2010, 08:19 PM
بشكل بسيط يقصد الاخ أن الوعي هو نتاج للمادة (حسب هذا التعبير...) وبذلك كان لابد من أن تسبق المادة لأنها الاصل
على سبيل المثال عندما تقول أن العثور على الذهب كان نتيجة لعملية تنقيب فإن عملية التنقيب تسبق الذهب (بشكل بسيط يعني)

شكراً على هذا التوضيح..

ontology
04-12-2010, 08:38 PM
بشكل بسيط يقصد الاخ أن الوعي هو نتاج للمادة (حسب هذا التعبير...) وبذلك كان لابد من أن تسبق المادة لأنها الاصل
على سبيل المثال عندما تقول أن العثور على الذهب كان نتيجة لعملية تنقيب فإن عملية التنقيب تسبق الذهب (بشكل بسيط يعني)

شكراً على هذا التوضيح..

يحيى
04-13-2010, 03:18 AM
لابد من التذكير بشيء مهم أنا قلته في مواضيع أخرى:
إن البحوث العلمية التي تدور حول الوعي هي أفقر الدراسات اطلاقا و هذه البحوث و إن كانت فلسفية (في الغالب) او نفسية أو في العلوم العصبية يغلب عليها الجانب الفلسفي النظري و لا ينبغي مقارنة هذه البحوث مع النظريات الاخرى في العلوم المتقدمة كالفيزياء بل حتى الفيزياء أنا لا أؤمن بأي نظرية إيمان أعمى بل آخذ النظريات في سياق محدود جدا له علاقة بالنطاق التوصيفي الذي تلعب فيه النظرية, إذا كان هذا هو الحال مع العلوم المتقدمة فكيف بالبحوث الفقيرة التي تتعلق بالوعي؟ سمعت أحد أبرز العلماء في العلوم العصبية يتكلم عن نتيجه بحوثه ليقول لنا "إن دراسة الوعي يجب أن تخرج من سجن النظرة الفقيرة التي تركز على الأعصاب, إني أعتقد أن الوعي شبكة كبيرة من الوظائف بالاضافة الى وظائف الأعصاب".

إن بعض المتفلسفين يحاول التفلسف في الوعي لإرجاع كل وظائفه إلى أساس مادي لينكر الحرية مثلا لكن يؤول إنكاره هذا, نحن و إن اتفقنا مع أمثال هؤلاء جدلا بأن الوعي ليس إلا تراكم الوظائف المادية, فالسؤال يبقى من كون و نظم هذا النظام حتى أصبح بهذا الإبداع بحيث يستطيع أن يتفكر في وعيه ماذا يكون و لا يكون؟؟ إن الغباء المستفحل الذي يكمن في إنكار الجانب اللامادي -بدون دليل- لا يغني من جوع.. و قد صدق من قال نحن نثبت لك وجود الله بدون المرور بفكرة حدوث المادة أصلا.. إن الوعي يفتقر إلى صانع و حكيم و عليم و خبير و مريد سواء كان الوعي مادة فقط (بغض النظر عن تعريفها الموضوعي في أيه حالة) أو كانت غير ذلك...

عندما أتكلم عن الحاسوب فطبعا أتكلم عن العتاد و نظام التشغيل, إن التخدير يستطيع أن يجعل الانسان فاقدا للوعي, فهل يكون للمخدر (مادة) تأثير على لامادة؟؟ من قال أن الوعي شيء لامادي فقط؟؟ إن الانسان بأكمله روح و جسد و نحن لا ندعي غير ذلك, لكن نقول من المستحيل أن تخرج القيمة من لاقيمة, فالعتاد اذا اصابه عطب فقد نظام التشغيل قيمته و إذا فقدت نظام التشغيل أصبح العتاد وحده لا ينفع .. لكن هذا الحاسوب مهما فعل و مها قام به من عمليات و وظائف فإنها في الأخير لا معنى لها, فلا فرق أن تسير مائة اشارة كهربايئة في الدورة المتكاملة أو في دورتين متكاملتين, فالنهاية واحدة. نفس الشيء بالنسبة للوعي فسواء عالج المخ مليون اشارة بطريقة أو بأخرى فإنها في النهاية مجرد مليون اشارة اذا اختزلناها الى الاصل (كما يدعون) حصلنا على ترليونات من تبادل الشحنات بين الذرات, فلماذا تفرز هذه العملية التي لا تختلف عن أي عملية أخرى شيء اسمه "حزن" و في الأخرى شيء اسمه "ارتياح" ووو؟

من أين توليد هذه القيم؟ لا يمكن أن يكون مصدر توليد هذه القيمة شيء أيضا مادي يمكن اختزاله في النهاية الى تفاعلات بين الذرات. فالحجر حجر سواء وضعته على كرسي أو على المائدة, سواء استقمته أو وضعته, سواء اضفت اليه حجرا أو مليون حجر, فإنه في الأخير حجر.. و من ناحية ثانية هو كيف تدرك هذه التراكمات في النهاية شيء ليس من جنسها, مثلا كيف تدرك معنى "لامادة" أو "عدم"؟؟ هذا كله يوضح أنه هناك شيء آخر ليس من الأرض يكون هذا الإنسان.

تلازم الجانب المادي و اللامادي في الانسان هي الحياة فلا معنى لجانب بدون آخر لأن ذلك يعني الموت, لكن هل نحس نحن بالجوانب الاخرى النفسية و الروحية كما نحس بالجانب المادي عندما نرتاح و نشرب و نأكل؟ نعم.. هذا يسمى دليل التجربة الروحية.. لكن التجربة تحس من خلالها بجانب دون الآخر, فهل هناك تجربة تجعلك تحس في نفس الوقت باستقلال هذا الجانب عن ذاك؟؟ نعم و قد سُجلت عالميا آلاف من هذه الحوادث جرب الكثير منهم نفس الشيء و قد جربها أناس من مختلف مكونات المجتمع, و قد قال أحد الأطباء الذين عاشوا هذه التجربة "من السهل أن تكون ملحدا عندما تتحرك و تتنفس, لكن من الصعب أن تبقى ملحدا و أنت على سرير الموت".. هذه التجربة هي التي تُعرف باسم "تجربة الاقتراب من الموت" Near death experience.