مشاهدة النسخة كاملة : أمية الرسول صلى الله عليه وسلم من أدلة إلهية القرآن
ابن القيم
10-23-2004, 07:13 AM
للشيخ أحمد الخطيب نقلاً عن ملتقى اهل التفسير
قرأت لأحدهم مقالا بعنوان (أمية محمد في ميزان العقل والنقل ) قد صب فيه جام غضبه على أمتنا المحمدية لأنها تتباهى – حسب زعمه – بأمية رسولها ويقول في ذلك:
اقتباس:
لم أرى طيلة حياتي أمة تتباهى وتتفاخر بأمية زعيمها(نبيها) مثل الأمة الإسلامية . التي أخذت من أمية محمد مصدراً للتفاخر والاعتزاز .وكأن الجهل وقلت المعرفة شيئاً يعتز به ويبني أصحاب نظرية الأمية ، نظريتهم هذه على بعض الآيات القرآنية التي أساءوا تفسيرها وتأويلها مفسري القرآن.
ـــــــــــ
هكذا آثرت أن أنقل كلامه بطريقة القص واللصق على ما فيه من أخطاء بدهية أتركها لفطنة القارئ وليفرح المسلمون بمستوى ناقديهم.
وفي بقية المقال أمضى الكاتب رحلة وسيطة هدف من ورائها إلى إثبات أن لفظ أمي إنما يعني من ليس إسرائيليا - فاللفظ بحسب رأيه - مصطلح توراتي أي ليس له في العربية مدلول.
وودت لو أنه تمتع بالإنصاف فذكر أن اللفظ عربي له معان مستخدمة منها كذا وكذا وليرجح الرأي الذي يراه ولو كان توراتيا ، ونحن بدورنا نناقشه فيما وصل إليه فإن كان حقا قبلناه ، وإن كان باطلا رددناه عليه ، أما أن يقف عند حد أن اللفظ توراتي بدون الإشارة إلى تضمن اللغة العربية له تقريرها أن الأمي هو من لا يقرأ ولا يكتب فهذا ما لا يقبله منصف.
لكن ما سر العداء بين الكاتب ولفظ الأمي بمعناه المعروف من جهة ثم بينه وبين المتفاخرين بأمية رسولهم – حسب تعبيره – من جهة أخرى ؟
هذا ما أفصح عنه من خلال مقالته التي اعتمد في استخلاص أصولها من روايات واردة في كتب الصحاح المعتمدة لديه ومنها:
طبقات اللغويين والنحاة ، وصبح الأعشى ، وكتاب الأستاذ الحداد ( في سبيل الحوار الإسلامي المسيحي )
أين مراجعه اللغوية ؟ أين مراجعه الحديثية ؟ أين ، أين ........؟
كل هذا لا قيمة له لأنه لن يحقق المطلوب.
الحاصل أن الكاتب أراد أن يثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مجيدا للقراءة والكتابة وأهم دلائله على ذلك أن لفظ الأمي لا يطلق في رأيه على من لا يجيد القراءة والكتاب بل على غير الإسرائيلي
والكاتب بالطبع لا يريد إثبات فضيلة للنبي صلى الله عليه وسلم بادعاء أنه كان يعرف القراءة والكتابة بل يريد أن ينفذ إلى ما وراء عرضه بادعاء أن القرآن من تأليفه حيث لا غرابة في ذلك إذا كان مجيدا للقراءة والكتابة وكأن القراءة والكتابة هما المحك والفيصل وهما علة تأليف القرآن – حسب زعمهم – وكأن كل قارئ كاتب قد صار عالما نحريرا ، ولأن الكاتب قد ذكر – وهو في ذلك محق - أن في مكة من يقرأ ويكتب فنحن نحاججه فلماذا لم يأت كتبة مكة وقراؤها بمثل القرآن بل لماذا آمنوا به وأذعنوا له وهم في القراءة والكتابة والبلاغة المكتسبة من وحدة القبيلة مثل مؤلف القرآن ؟
يقولون هنا: بالتأكيد قد جاءوا بذلك لكن التاريخ لم يثبت إلا فوضى مسيلمة وحتى هذه فيها شك.
ونقول لهم: دعونا نصدقكم في دعواكم أن العرب قد جاءوا بمثل القرآن لكن التاريخ ظلمهم لكنكم لم تجيبونا: لماذا آمن به من آمن من أهل مكة بمجرد صدوعه بالدعوة وقراءته القرآن إذا كان ما جاء به في عرفهم أمرا مستطاعا فإن من آمنوا به هم – بلا شك - كمن يتوهم أنهم قد جاءوا بمثل القرآن في البلاغة سواء ؟
أي لماذا آمن أبو بكر وعلي وعثمان وعمر وطلحة والزبير وسائر إخوانهم من أهل البلاغة واللسن لماذا صدقوا بالقرآن إن لم يكن خارقا ؟
قد كان صلى الله عليه وسلم بمكة من أفقرهم ليس له والد يدفع عنه ولا ولد يسانده أي لم تكن له سطوة على من آمنوا به بل كانت السطوة لمن كفروا فالعدد عددهم والعدة عدتهم ورغم ذلك سارعوا إلى الإيمان به وصبر صلى الله عليه وسلم وصابر حتى هدى الله إليه من الخلق من لا يحصون عددا
وهكذا يدور المعارضون في حلقة مفرغة حول مركز واحد هو دعوى بشرية القرآن الكريم
وحين نحاججهم قائلين لماذا لم يأت أحد بمثله إذا كان بشريا ؟
يقولون هي العبقرية أي أنهم يعترفون بأنه غير عادي لكن الشيطان يمسك ألسنتهم عن تجاوز العبقرية إلى الإقرار بالنبوة.
ولماذا لم يتعبقر غيره ليأتي بمثل ما جاء به ؟
وما قولكم في إخباره بماض قد اندرس ومستقبل قد وقع كما ذكر ؟
هل للعبقرية في ذلك مجال؟
ولماذا لم ينسبه إلى نفسه ونسبه إلى ربه فالناس يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا وهو يتبرأ مما فعل ؟
شيء غير معهود في طباع بني البشر التي جبلت على الفخار والغرور والعجب.
يقولون إنه قد تعلمه من ورقة أو غلام نصراني أعجمي – يا للعجب - كان يختلف إليه بمكة.
ومن ثم كان رد القرآن قاطعا:
{ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَـذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِينٌ }
ولماذا لم يأت المعلم إذن بمثل ما جاء به إن لم يكن أفضل منه ؟
والجواب جاهز طبعا:
إنه التلميذ الذي فاق أستاذه.
لكن ألم يكن لهذا الأستاذ مقدرة على أن يأتي بأي شيء ؟ فماذا علمه إذن ؟
وأخيرا وددت من كاتب المقال أن يذكر لنا لماذا لم يكتب النبي صلى الله عليه وسلم القرآن بنفسه إذن ، بل كان في أحلك الأوقات يرسل إلى الكتبة ليدونوا ما نزل حتى إنه استدعى زيد بن ثابت ليدون فقط هذه العبارة { غير أولي الضرر } فلماذا لم يكتبها بنفسه؟
وإن أجاب بأنه صلى الله عليه وسلم كان يكتب القرآن فهل سيقبل ورفاقه فكرة أن القرآن لم يُحرَّف من قبل الكتبة حيث كاتبه عين مؤلفه؟
هل ، هل ............أسئلة كثيرة تكشف عن زيف المكتوب فهل ندع ما ثبت لدينا يقينا لكتابات من هذا النوع ليست وثيقة الصلة بالمصداقية العلمية.؟
كل هذا ليس مهما للتبوأ ناصية الكتابة بمواقع حساسة ودوريات واسعة الانتشار ويوميات تباع بالملايين فقط امتلك الجرأة على الله ورسوله وستفتح أمامك كل المغاليق.
حسبنا الله ونعم الوكيل
وصدق الله:
{ وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاء مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ 47 وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ 48 بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ 49 وَقَالُوا لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِندَ اللَّهِ وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ 50 أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ 51 قُلْ كَفَى بِاللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيدًا يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ آمَنُوا بِالْبَاطِلِ وَكَفَرُوا بِاللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ 52 }
ابن القيم
10-23-2004, 07:14 AM
أتابع هنا تتمة ما بدأت لأن من وقفوا على أن الكتابيين كانوا يطلقون على العرب: وصف أميين لم يفقهوا أن بين الأمي الذي هو العربي أو غير الكتابي مطلقا، وبين الأمي الذي هو غير عالم بالقراءة والكتابة قرابة ورحما من جهة المعنى ، فلنتصفح إذن أمهات المعاجم وكتب التفسير والمفردات لندرك بعد هذا التصفح أن لفظ الأمي يطلق إطلاقا أصيلا على الذي لا يقرأ ولا يكتب نسبة إلى الحالة التي خرج عليها من بطن أمه حيث لم يخرج أحد عالما أو قارئا كاتبا وفي هذا المعنى جاء قوله سبحانه: { وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا } وكانت اليهود تطلق على العرب " أميين " لأنه لم ينزل إليهم كتاب وهذا سر عدم اتجاههم إلى القراءة والكتابة لأن الأمة التي يكون منهاجها الديني مسطورا في كتاب مقدس تتجه عادة إلى التعلم والتعليم لإجادة قراءة وكتابة كتابهم المقدس ، وهذا سر انتشار القراءة والكتابة لدى الكتابيين في هذا العهد أكثر من انتشاره وعلى هذا فلفظ الأمي متجه في معناه الأصل ومعانيه المتفرعة عنه إلى عدم إجادة القراءة والكتابة والمعنى اتبعوا هذا النبي الأمي المنتسب إلى الأمة الأمية التي لم ينزل عليها كتابا لتقرأه ضرورة أنه لم يبعث إليها رسول.
يقول القرطبي:
(الأمي) منسوب إلى الأمة الأمية، التي هي على أصل ولادتها، لم تتعلم الكتابة ولا قراءتها؛ قال ابن عزيز. وقال ابن عباس رضي الله عنه: كان نبيكم صلى الله عليه وسلم أميا لا يكتب ولا يقرأ ولا يحسب؛ قال الله تعالى: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك) العنكبوت: 48]. وروي في الصحيح عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب)
ما الحكمة في كون الرسول أميا ولماذا التباهي والتفاخر بهذا الوصف على حد وصف المدعي ؟
لا أعتقد أن القارئ من عدم عدم الوعي بحيث يحتاج إلى أن نبين له أن الأمية هنا دليل مصداقية لأن هذا النبي الذي يعرفونه جيدا ويدركون أنه مثل غالبيتهم لا يقرأ ولا يكتب ورغم هذا فقد جاءهم بهذا الكتاب المبين المتضمن من المعارف السابقة واللاحقة ما لا يعرف في سابقه إلا بتعلم وبلوغ رتبة فوق طاقة البشر ، وفي لاحقه بما يحتاج إلى وقوف على الغيب .
ولأنه لم يكن هذا أو ذاك فقد ثبت أنه ما جاء بذلك إلا من خلال وصله بقوة فوق قوة البشر ، ولأنه قد أعلن أن هذه القوة فوة إلهية وجاءهم على صدق دعواه بالمعجزات الحسية والمعنوية وفوق ذلك كله معجزته الكبرى القرآن ، فقد لزم تصديقه ضرورة أنه جاء بذلك وهو الأمي الذي لم يختلف يوما إلى معلم ولم يبارح مكة هائما في رحلة علمية أو سائحا لحاجة معرفية ولم يتبع دينا كتابيا كاليهودية أو المسيحية.
ولنتخيل لو كان محمد صلى الله عليه وسلما متعلما قارئا كاتبا هل كانوا سيقبلون على القرآن وما جاء به إقبال الواثقين بأنه من عند الله أم كانوا سيقنعون بأن ما جاء به هو نتيجة تعلمه ؟
بالطبع هذا ما كان سيحدث ، بدليل أن مدعي عدم الأمية الآن يريدون أن يصلوا إلى تلك الغاية .
أدلة القائلين بعدم أمية الرسول صلى الله عليه وسلم ودمغها:
يحتج القائلون بعدم أمية الرسول صلى الله عليه وسلم وأنه كان متعلما بعدة أدلة أهمها:
1- أن لفظ الأمي يطلق على غير الكتابي في مصطلح الكتابيين ، وهذا ما نقشناه فيما مضى حيث أبرزنا الصلة الحميمة بين المعنيين المطروحين على بساط البحث.
2- يقولون: إن أول آية نزلت في القرآن هي قوله تعالى: { اقرأ } فكيف يأمره بالقراءة ما لم يكن قارئا ؟ والجواب أنه أمره بذلك ليوقفه على أن المسببات وإن كانت مرهونة بأسبابها ، لكنها أمام سلطان الله ليست كذلك ، فها أنت يا محمد أمي لا تقرأ ولا تكتب ، ولكن الله سيعينك على حفظ ما سنزله عليك أفضل من حفظ من يجيدون القراءة والكتابة والمذاكرة ، ولذا قال له { اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ } أي مستعينا به فمنه العون وقد أعانه وضمن له الحفظ وقال له: { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ 16 إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ..} وهؤلاء الذين استدلوا بالآية على دعوى إجادته القراءة نسوا الملابسة التي أحاطت بنزول الآية
ورد في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: الصحيحين عنها قالت: أول ما بدئ به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم؛ فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، ثم حبب إليه الخلاء، فكان يخلو بغار حراء، يتحنث فيه الليالي ذوات العدد، قبل أن يرجع إلى أهله ويتزود لذلك؛ ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها؛ حتى فجئه الحق وهو في غار حراء، فجاءه الملك، فقال: (اقرأ) فقال: (ما أنا بقارئ - قال - فأخذني فغطني، حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني) قال: "أقرأ " فقلت: "ما أنا بقارئ. فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد، ثم أرسلني، فقال: "اقرأ باسم ربك الذي خلق. خلق الإنسان من علق. اقرأ وربك الأكرم. الذي علم بالقلم. علم الإنسان ما لم يعلم "
إنه يصرح بأميته ويقول: " ما أنا بقارئ " ويكررها ، فهل يصلح هذا دليلا على صدق الدعوى ؟
3- يقولون: إن علي بن أبي طالب كان يجيد القراءة والكتابة وفيه دليل على أن محمدا – صلى اله عليه وسلم – كان يجيد ها أيضا لأنه تربى مع علي في بيت عمه أبي طالب ، فلا يعقل أن يكون علي قد انفرد بذلك دونه.
وللجواب جوابا مختصرا قاطعا عن ذلك لابد من كبت دافع التهكم والسخرية ، فما أوهى الأدلة إن كان هذا دليلا ، وكأن كل بيت فيه متعلم واحد قد صار دليلا على تعلم البيت كله.
لا أعتقد أنني بحاجة إلى رد هذه الترهة بأكثر من الاحتجاج بالواقع الذي نعيشه فمع يسر وسائل التعلم وإجباريته أيضا تبلغ نسبة الأمية في بلادنا معدلات عالية وبعضها أعلى من بعض – عذرا لأنني لا أمتلك أحدث الإحصائيات حول هذا الموضوع – نرى رأي العين بيوتات يزيد تعدادها على عشرة أبناء ولم يتعلم منهم إلا فرد واحد أو اثنان أو ...
من الشواهد الدالة على أمية الرسول صلى اله عليه وسلم:
1- ورود آيات كثيرة في القرآن الكريم شاهدة بذلك ومنها قوله تعالى:
{ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ } ( الأعراف: 157 )
ومن ذلك اعتراف الكفار بأميته وعدم معرفته القراءة والكتابة قال تعالى: { وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا } ( الفرقان: 5 ) فقولهم: اكتتبها أي كتبت له لتتلى بعد ذلك على مسامعه صباح مساء.
ومنه قوله تعالى: { وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ } ( العنكبوت: 48)
2- عندما نزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم في غار حراء أول مرة بمستهل سورة العلق { اقرأ } كان رده المؤكد بالتكرار: ما أنا بقارئ ومثل هذه الصياغة تفيد العموم حيث النكرة " قارئ " وقعت في سياق النفي والمعنى: لا أجيد أي لون من ألوان القراءة.
3- اتخاذه صلى الله عليه وسلم كتبة للوحي دليل بارز على أميته إذ لو لم يكن كذلك لكتب القرآن بنفسه فإن قيل: ذلك عسير عليه أن يكتبه بمفرده قلنا: لا عسر في ذلك فالقرآن نزل منجما في ثلاث وعشرين سنة ، وكثير من الصحابة كتبوا مصاحف لخاصة أنفسهم ، وإذا لم يتفرد بهذا فلا أقل من أن يقوم معاونا للكتبة مشاركا لهم ، فإذا لم يفعل صلى الله عليه وسلم هذا مع توفر الدواعي إلى مثله فقد دل على أنه كان أميا لا يقرأ ولا يكتب. وقد مضى أنه أرسل إلى زيد بن ثابت ليكتب له { غير أولي الضرر }
4- كان صلى الله عليه وسلم يعاجل جبريل بالقراءة عند نزوله عليه بالقرآن خشية أن يتفلت منه فضمن الله له الحفظ وأنزل عليه قوله : { لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ 16 إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ 17 فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ } ( القيامة: 16- 18 ) والشاهد أنه لو كان كاتبا قارئا لما خشي ذلك لأن عليه فقط أن يدون ما نزل ليرجع إليه عند الحاجة ، ولأن ذلك لم يحدث فقد دل على أنه أمي.
5- في فداء أسرى بدر جعل النبي صلى الله عليه وسلم فداء الواحد منهم أن يعلم عشرة من أبناء المسلمين ، وهذا تنبه منه صلى الله عليه وسلم إلى أهمية العلم فنحن مطالبون به ديانة ، وعليه فلو كان مجيدا للقراءة والكتابة لقام بتعليم الصحابة وأبناءهم ضرورة أنه معلم الأمة ، فإن قيل: كان من الممكن أن يعهد بذلك لأحد المسلمين القارئين الكاتبين قلنا: لم يكن واحد منهم ليؤثر في المتلقين تأثير النبي صلى الله عليه وسلم فيهم وهذا معروف ، فلما لم يحدث هذا فقد دل على أميته.
6- النبي صلى الله عليه وسلم صرح بهذا عندما قال – كما ورد في الصحيح -:
" إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب " فهذا تصريح واضح مصدر بإن التوكيدية ومذيل بجملة توضيحية تفسيرية " لا نكتب ولا نحسب "
فهل لمدعي عدم الأمية بعد هذا قول؟
سيف الكلمة
10-23-2004, 01:16 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
هذا مبحث جيد فى هذا الموضوع وأردت أن أضيف ما تيسر
بنو إسرائيل وقق عقيدتهم ووفق ما ورد فى كتابهم المقدس
يرون أنهم شعب الله وكل من غيرهم من الأمم أميين
بمعنى أمميين
أى من الأمم من غير شعب الله الذى اختاره الله لنفسه وفق ما كتبوه بأيديهم
ولا ننكر عليهم أنهم كانوا شعب الله وقت أن كانوا على منهج الله
قبل أن يبدلوا فى كتابهم
فكانوا الشعب الذى يتبع منهج الله
وغيرهم من الأمم لم يكونوا فى طاعة الله
ذهب منهم منهج الله وبقيت بعض المسميات المضافة إلى الكتاب مثل
(شعب الله) و(الذى اختاره لنفسه)
وبقى وصفهم لغير المؤمنين بالأمم مع تعديل
هو وصف غير بنى إسرائيل بالأمم
بدبلا لوصف غير المؤمنين بذلك
فى وقت ساد فيه الكفر عند الأمم الأخرى
وساد فيه الإيمان عند بنى إسرائيل
ولم يمنع ذلك وجود كفر فيهم وإيمان عند غيرهم
مثل السامرى عندهم
والمؤمن الذى كان يخفى إيمانه والسحرة فى قصة موسى وفرعون
وقد أشار الله إلى مصطلح الأمم فى قوله تعالى على ألسنتهم
(ذلك بأنهم قالوا ليس علينا فى الأميين سبيل)
فلا يعاقبهم الله وفق ما أحدثوه فى دينهم على أى جرم يفعلوه فى الأميين
والأميين هنا ليس من لا يعرفون القراءة والكتابة
ولكنهم الأمم غير بنى إسرائيل
وشبهة نعلم محمد صلى الله عليه وسلم القراءة والكتابة
حاول الكثير من المبطلين إحداث ثغرة منها للهجوم على الإسلام
بادعاءاتهم أن محمدا كان يقرأ ويكتب وأن القرآن كتاب من تأليفه
وتم الرد عليها فى الموضوع الأصلى باستفاضة
والطريف ما أحدثه بعض أتباع فئة ضالة سمت نفسها بالقرآنيين
ترفض السنة وتقول بالقرآن فقط وتؤول آيات الله وفق هوى أصحابها
يقولون بأن جبريل علم محمدا صلى الله عليهم القراءة والكتابة
واستدلوا بذلك بأول الآيات نزولا
(إقرأ باسم ربك الذى خلق)العلق
بمعنى تلقى تعليم القراءة
وبقول الله
(وما كنت تتلوا قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك)48 العنكبوت
بمعنى ماكنت تستطيع الكتابة وقد علمناك الكتابة
ويجدون فى إنكارهم للسنة
وما فيها من أدلة على عدم إلمام محمد بالقراءة والكتابة
ما يبدلون ويلوون به معانى كلمات الله
وهم هنا يحملون كلمات الله ما لا تحتمله
وهم يدفنون رؤوسهم فى التراب لكى لا يرى أحدهم الحق
وهو أن محمدا كان أميا لا يقرأ ولا يكتب
وكان فى صلح الحديبية أثناء كتابة معاهدته مع أهل مكة لا يعرف مكان الكلمة التى كتبها على وأقسم على عدم محوها وهى (رسول الله) عند طلب مفاوض أهل مكة محوها بقوله لو أننا نعلم أنك رسول الله لاتبعناك
ومحاها الرسول بعد أن حدد له على مكانها
والأدلة من السنة عديدة وكذلك من القرآن
والموضوع الأصلى به ما يكفى لإثبات ذلك
جزا الله كاتب الموضوع وناقله كل خير
مراقب 1
10-26-2004, 01:18 AM
تم نقل مداخلة الزميل جورجيوس ووضعها فى موضوع مستقل على هذا الرابط :
ثلاثة أسئلة (http://altwhed.com/vb/showthread.php?t=239)
الفرصة الأخيرة
07-13-2006, 02:29 PM
......
الحمد لله
07-13-2006, 08:52 PM
السلام عليكم
كنت اتناظر مع احد الملحدين من قبل حول موضوع أمية الرسول صلى الله عليه و سلم .. و كان هذا الدليل الذي أخرسه تماما
صحيح البخاري
حدثنا أحمد بن عثمان بن حكيم حدثنا شريح بن مسلمة حدثنا إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق قال حدثني أبي عن أبي إسحاق قال حدثني البراء رضي الله عنه
أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يعتمر أرسل إلى أهل مكة يستأذنهم ليدخل مكة فاشترطوا عليه أن لا يقيم بها إلا ثلاث ليال ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح ولا يدعو منهم أحدا قال فأخذ يكتب الشرط بينهم علي بن أبي طالب فكتب هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقالوا لو علمنا أنك رسول الله لم نمنعك ولبايعناك ولكن اكتب هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله فقال أنا والله محمد بن عبد الله وأنا والله رسول الله قال وكان لا يكتب قال فقال لعلي امح رسول الله فقال علي والله لا أمحاه أبدا قال فأرنيه قال فأراه إياه فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده فلما دخل ومضت الأيام أتوا عليا فقالوا مر صاحبك فليرتحل فذكر ذلك علي رضي الله عنه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم ثم ارتحل
صحيح مسلم
حدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي وأحمد بن جناب المصيصي جميعا عن عيسى بن يونس واللفظ لإسحق أخبرنا عيسى بن يونس أخبرنا زكرياء عن أبي إسحق عن البراء قال
لما أحصر النبي صلى الله عليه وسلم عند البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثا ولا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف وقرابه ولا يخرج بأحد معه من أهلها ولا يمنع أحدا يمكث بها ممن كان معه قال لعلي اكتب الشرط بيننا بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله فقال له المشركون لو نعلم أنك رسول الله تابعناك ولكن اكتب محمد بن عبد الله فأمر عليا أن يمحاها فقال علي لا والله لا أمحاها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرني مكانها فأراه مكانها فمحاها وكتب ابن عبد الله فأقام بها ثلاثة أيام فلما أن كان يوم الثالث قالوا لعلي هذا آخر يوم من شرط صاحبك فأمره فليخرج فأخبره بذلك فقال نعم فخرج
http://hadith.al-islam.com/Display/Display.asp?Doc=0&ID=5812&SearchText=أمحها&SearchType=root&Scope=0,1&Offset=0&SearchLevel=Allword
قرآن الفجر
07-14-2006, 05:39 PM
شبهة إنكار أمية الرسول الكريم و الرد عليها
الدكتور مسلم محمد جودت اليوسف
إن الحمد لله نحمده و نستعينه و نستغفره ، و نعوذ بالله من شرور أنفسنا ، و من سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، و من يضلل فـلا هادي لـه ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك لـه ، و أشهد أن محمداً عبده و رسولـه[1] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[1])… .
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون } [ آل عمران : 102 ] .
{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً } [ النساء : 1 ]
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً } [ الأحزاب : 70 – 71 ] .
و بعد :
وردني عن طريق الشيخ الدكتور أحمد نجيب حفظه الله تعالى أن مهندساً في جنوب سورية يثير العديد من الشبه حول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم و الشريعة الإسلامية و مصادرها ، و قد كلفني الشيخ مشكوراً بالرد على هذه الشبه لبيان الحق و نصرته ، قال تعالى :
فقلت مستعيناً بالله تعالى :
( إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) (غافر:51)
ذلك أن شبهة إنكار أمية الرسول صلى الله عليه وسلم قديمة و ليست حديثة كما يظن البعض .
جاء في دائرة المعارف في مادة أمي :
( أمي لقب محمد في القرآن ، و هو لقب يرتبط من بعض الوجوه بكلمة " أمة " و لكن يظهر أنه ليس مشتقاً منها مباشرة ، لأنه لم يظهر إلا بعد الهجرة و يختلف معناه عن معنى كلمة " أمة " التي كانت شائعة قبل الهجرة ) .
و جاء في السياق نفسه قوله : ( و قد استدل قوم بإطلاق لفظ أمي على محمد بأنه لم يكن يقرأ و لا يكتب . و الحقيقة أن كلمة أمي لا علاقة لها بهذه المسألة لأن الآية 78 من سورة البقرة التي تدعو إلى هذا الافتراض لا ترمي الأميين بالجهل بالقراءة و الكتابة بل ترميهم بعدم معرفتهم بالكتب المنزلة ) .
ثم جاء في هذا العصر من يجتر و يثير هذه الشبهة من جديد ثم يلقيها على الناس حتى يفسد عليهم دينهم الذي ارتضاه الله لهم .
و لعل أهم نقاط الشبهة تتمثل في تفسير كلمتي الأمي ، و اقرأ :
أولاً – تفسير كلمة الأمي :
- ادعى هذا المبتدع أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يعلم القراءة و الكتابة و دليله على ذلك هو الفهم المحرف لقوله تعالى : ( الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْأِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (لأعراف:157) فمعنى لفظ " الأمي " بحسب زعمه هو غير يهودي أو غير كتابي و ليس معناها الذي لا يعرف الكتابة و القراءة . ثم يدعم شبهته بتفسير محرف آخر لقوله تعالى : ( رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ) ( البقرة :129) . و الدليل على ذلك - بحسب زعمه - أن قريشاً كانوا يتهمون الرسول بأنه يؤلف القرآن و هي تهمة كان من شأنها أن تبدو مستحيلة و مضحكة لو كان الرسول حقاً لا يحسن القراءة و الكتابة .
هذه هي مجمل أدلة هذه البدعة و فيما يلي الرد على هذه البدعة المضلة و بيان الحق المبين الذي عليه سلف هذه الأمة :
- للرد على هذه الشبهة نعود إلى أهل اللغة و أهل التفسير لنرى ما معنى كلمة " أمي " عندهم فهم أعلم بمراد الله تعالى ، يقول ابن منظور : ( معنى الأمي المنسوب إلى ما عليه جَبَلَتْه أمه أي لا يكتب فهو أمي لأن الكتابة مكتسبة فكأنه نسب إلى ما يولد عليه أي على ما ولدته أمه عليه ) [2] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[2]).
و قال الزهري : ( قيل للذي لا يكتب و لا يقرأ أمي ، لأنه على حيلته التي ولدته أمه عليها و الكتابة مكتسبة متعلمة و كذلك القراءة من الكتاب )[3] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[3]) .
و قال الراغب الأصبهاني : ( الأمي هو الذي لا يكتب و لا يقرأ من كتاب ، و عليه حمل قول تعالى : ( هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم …. ) [4] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[4]) .
أما ابن قتيبة فقد نسب كلمة أمي إلى أمة العرب التي لم تكن تقرأ أو تكتب فقال : ( قيل لمن لا يكتب أمي ، لأنه نسب إلى أمة العرب أي جماعتها و لم يكن من يكتب من العرب أي جماعتها و لم يكن من يكتب من العرب إلا قليل من لا يكتب إلى الأمة … )[5] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[5]) .
و مما سلف نرى أن كلمة أمي تعني عند أئمة اللغة : الذي لا يقرأ و لا يكتب و ليس كما يدعي هذا المبتدع أن معناها غير الكتابي أو غير اليهودي .
أما تفسير كلمة أمي عند أهل التفسير فإننا نراهم قد اتفقوا مع أهل اللغة حول معنى هذه الكلمة :
قال الإمام الطبري عليه رحمة الله تعالى : يعني بالأميين الذين لا يكتبون و لا يقرءون ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم إنا أمة أمية لا نكتب و لا نحسب .... ) [6] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[6]).
أما الإمام الشوكاني عليه رحمة الله تعالى فقد فسر الأمي بأنه : منسوب إلى الأمة الأمية التي هي على أصل ولادتها من أمهاتها لم تتعلم الكتابة و لا تحسن القراءة للمكتوب )[7] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[7]) .
ثانياً – تفسير كلمة اقرأ :
- يأتي هذا المبتدع بتفسير مضحك لمعنى " اقرأ " فقد فسر كلمة اقرأ في قوله تعالى : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ( العلق : 1 ) ببلغ و ليس أمر القراءة المعروف عند أهل اللغة و التفسير بل و من في قلبه قليل من الفقه و الفهم .
إن معنى كلمة اقرأ في قوله تعالى : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ) ( العلق : 1 ) هو مجرد فعل القراءة و ليس التبليغ كما يدعي هذا المبتدع ، لأن الفعل قد جاء مكسور الهمزة من قرأ – يقرأ – اقترأ الكتاب بمعنى نطق بالمكتوب فيه و ألقى النظر عليه و طالعه .
و قرأ الكتاب تتبع ما فيه و قرأ الآية نطق بها ، [8] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[8]) و أقرأ اسم تفضيل من قرأ أي أجود قراءة – و استقرأه طلب منه أن يقرأ و القرّاء الحسن القراءة [9] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[9]).
و بعد هذا فإن فعل اقرأ في أول سورة العلق لم يكن المراد به الأمر بالتبليغ ، فلو كان دالاً على التبليغ فيجب أن يأتي من :
أقرأ – يقرئ – أقرئ ، و ذلك بإيراد همزة التعدية نقول أقرأ فلاناً السلام ، و أقرأه إياه أي بلغه ، وفي الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً يا عائش هذا جبريل يقرئك السلام … ) [10] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[10])
و نجد الزمخشري في أساس البلاغة يقول : و لا يقال اقرأ سلامي على فلان بل أقرئه ) .
و نستدل من ذلك أن قوله تعالى : ( اقرأ باسم ربك ) يراد منه الأمر بالقراءة و لا يراد منه التبليغ ، لأنه لو كان ذلك لوجب أن يقول أقرئ و يكون المحذوف هو مفعول الفعل طلباً للاختصار .
و ورد في لسان العرب أقرأ غيره إقراء و منه قوله تعالى ( سنقرئك فلا تنسى ) .
و الواقع لو كان معنى اقرأ في آية العلق بلغ لاستوعبه الرسول صلى الله عليه وسلم لأول وهلة ، و لم يحتج – و هو على صواب – بأنه غير قادر على القراءة عندما خاطبه جبريل لأول مرة : ما أنا بقارئ ، لأنه في هذه الحالة سيكون قد عصى أمر ربه ، و لم يصدع بما أمر به أما و إنه كان عاجزاً عن القراءة التي بمعنى فعل القراءة فإنه كان مصيباً أي غير قادر على القراءة و الكتابة .
عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء ، فكان يخلو بغار حراء يتحنث فيه و هو التعبد الليالي أولات العدد قبل أن يرجع إلى أهله و يتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى جاءه الحق و هو في غار حراء فجاءه الملك ، فقال : اقرأ ، قال : ما أنا بقارئ ، قال فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال لي اقرأ ، قال : قلت ما أنا بقارئ ، قال : فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني ، فقال : اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ ما لم يعلم ، قال : فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال : زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الريع …. ) [11] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[11]).
الرسـول الكريم صلى الله عليه وسلم أخبر الملك بأنه لا يعرف القراءة و الكتابة فلو كان مدلول اقرأ في مفتتح السورة بمعنى بلغ لكان قوله صلى الله عليه وسلم ( ما أنا بقارئ ) و عدم جوازه على الرسول صلى الله عليه وسلم ، فإنه لم يقل بهذا القول أحد من قبل .
و هذا و بالإضافة إلى ما سبق أورد العديد من الأدلة من القرآن الكريم و السنة النبوية الشريفة و التي تثبت بطلان ما يدعيه هذا المبتدع .
1- القرآن الكريم :
قال تعالى : ( وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ) ( العنكبوت : 48 ) .
يبين البيان الإلهي أن محمداً - صلى الله عليه وسلم لم يقرأ قبل القرآن كتاباً بسبب أميته و لو كان يكتب و يقرأ لارتاب الذين في قلبهم مرض ، ثم إن مجرور من إذا كان نكرة يدل على الزمن المطلق عندما يكون منفياً ، أي أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يعلم القراءة و الكتابة و لم يتعلمها لا قبل البعثة و لا بعدها بل ظل أمياً لا يقرأ و لا يكتب حتى توفاه الله تعالى .
قال النحاس : ( و ذلك دليل على نبوته ، لأنه لا يكتب و لا يخالط أهل الكتاب فجاءهم بأخبار الأنبياء و الأمم و زالت الريبة والشك ) [12] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[12]).
أما ما ذكره النقاش في تفسير هذه الآية عن الشعبي أنه قال ما مات النبي صلى الله عليه وسلم حتى كتب و أسند حديث كبشة السلولي ، مضمنه : أنه صلى الله عليه وسلم قرأ صحيفة لعيينة بن حصن ، و اخبر بمعناها .
قال أهل العلم أن هذا كله ضعيف و لا يصح لا سنداً و لا متناً .[13] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[13]) فمدار هذه الرواية عن عيينة بن حصن و عيينة هذا لم تصح له رواية أبداً [14] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[14]).
2- في الحديث النبوي الشريف :
- عن سعيد بن عمرو بن سعيد أنه سمع بن عمر رضي الله عنهما يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إنا أمة أمية لا نكتب و لا نحسب ، الشهر هكذا و هكذا و هكذا و عقد الإبهام في الثالثة و الشهر هكذا و هكذا يعني تمام ثلاثين ) [15] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[15]).
هذا الحديث يدل دلالة المفهوم و المنطوق على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يكتب ولا يحسب ، كما يجب أن لا نفهم أن معنى هذا الحديث أنه لا يوجد في أمة العرب من يعلم القراءة والكتابة ، بل كان فيهم من يعلم ذلك ، بيد أن هذا قليل جداً ، لذلك كان الحكم للغالب .
قال الأحوذي : ( قال صلى الله عليه وسلم إنا أمة أمية لا نكتب و لا نحسب أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة و الحساب فهم على جبلتهم الأولى ) [16] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[16]).
إضافة إلى هذا فإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم اتخذ لنفسه كتاباً يكتبون الوحي و لم يذكر التاريخ الصادق أنه صلى الله عليه وسلم قام بكتابة الوحي بنفسه ، ولو كان عالماً بالقراءة و الكتابة لفعل ذلك و لو لمرة واحدة ، و لكن لم يؤثر عنه ذلك ، و لعل عقد صلح الحديبية يبين هذا :
- عن البراء قال لما أحصر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيت صالحه أهل مكة على أن يدخلها فيقيم بها ثلاثاً و لا يدخلها إلا بجلبان السلاح السيف و قرابه و لا يخرج معه أحد من أهلها و لا يمنع أحداً أن يمكث بها ممن كان معه ، فقال لعلي : اكتب بيننا بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله ، فقال المشركون : لو نعلم أنك رسول الله تابعناك و لكن اكتب محمد بن عبد الله . قال : فأمر علياً أن يمحوها ……. ) .[17] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[17])
و ربما يحتج محتج بحديث ذكر الدجال المكتوب بين عينيه كافر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قرأ هذه الكلمة بما يعني أنه كان يعلم القراءة .
نقول رداً على هذه الشبهة بنص الحديث الوارد عن حذيفة و الذي ينص على كلمة كافر يقرؤها كل مؤمن كاتب و غير كاتب .
- عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنا أعلم بما مع الدجال منه ، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض و الآخر رأي العين نار تأجج ، فإما أدركه أحد فليأت النهر الذي يراه ناراً و ليغمض ، ثم ليطأطئ رأسه فليشرب منه فإنه ماء بارد و إن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب و غير كاتب ) [18] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[18]).
و في رواية التي رواها الإمام أحمد مكتوب بين عينيه كافر مهجاة .
- عن جابر بن عبد الله أنه قال ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الدجال في خفقة من الدين و أدبار من العلم فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة و اليوم منها كالشهر و اليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامكم هذه و لـه حمار يركبه عرض ما بين اليسرى أربعون ذراعاً فيقول للناس أنا ربكم و هو أعور و إن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر ك ف ر مهجاة يقرؤه كل مؤمن كاتب و غير كاتب .... ) [19] (http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm#[19]).
أما الحكم على من يقول أو يروج هذه الأقوال المبتدعة ، فهو بلا شك على غير هدى من الله تعالى و عليه التوبة من هذه البدع الضالة المضلة . و على أهل العلم و طلابه مناصحته و أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر حتى يعود إلى صوابه و رشده أو يسحق من الله و من أولي العزم ما يستحق إن استمر على نهجه هذا و طغيانه .
و لا يمكنني أن أحكم على هذا المبتدع بأكثر من هذا لشح أخباره عني ، لذلك أتمنى على من يقرأ هذا الرد أن يمدني بكتب و مصنفات و أقاويل هذا الرجل لكي أدرسها دراسة أعمق و أشمل فيكون الرد عليه وعلى بدعه أعمق و أحكم و أدق و أوضح . و الله المستعان .
و أختم قولي هذا بقول الله تعالى : ( وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ ) ( يونس : 82 ).
---------------------------
[1] - هذه الخطبة تسمى عند أهل العلم بخطبة الحاجة ، و هي تشرع بين يدي كل خطبة ، سواء كانت خطبة جمعة أو عيد أو مـقدمة كتاب …إلخ .
[2] - لسان العرب لابن منظور ، ج12/34.
[3] - الزاهر للأزهري الهروي ، ج1/109.
[4] - غريب القرآن ، للراغب الأصبهاني ، ص 28.
[5] - غريب الحديث ، لابن قتيبة ، ج1/84.
[6] - تفسير الطبري ، ج1/373 .
[7] - فتح القدير ، ج 1/104.
[8] - المنجد في اللغة و الأعلام ، ص 617.
[9] - المعجم الوسيط ، ج 2/253.
[10] - صحيح البخاري ، ج3/1374.
[11] - صحيح مسلم ، ج1/141. صحيح البخاري ، ج1/4.
[12] - فتح القدير ، ج4/207-تفسير القرطبي ، ج13/351.
[13] - تفسير القرطبي ، ج13/352.
[14] - الإصابة في تمييز الصحابة ، ج4/767.
[15] - صحيح مسلم ، ج2/716- صحيح البخاري ، ج2/675.و اللفظ للإمام مسلم .
[16] - تحفة الأحوذي ، ج8/212- و انظر شرح النووي على صحيح مسلم ، ج7/192.
[17] - صحيح مسلم ، ج3/1410- مصنف ابن أبي شيبة ، ج7/383.
[18] - صحيح مسلم ، ج4/2249.
[19] - مسند اإمام أحمد ، ج3/367.
المصدر:
http://saaid.net/Doat/moslem/13.htm
Powered by vBulletin™ Version 4.2.1 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, ENGAGS © 2010