المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : بحث خطير: ليس العهد الجديد كلمة الله وليس عيسى عليه السلام بإله بل هو رسول الله



أبو صلاح الدين
07-07-2005, 03:05 PM
تـنبـيه: مقالي هذا ملخص من الكتب التي في قائمة المراجع, وخاصة (هل العهد الجديد كلمة الله) وهو كتاب ماتع خطير ومهم جدا.


سوف أدخل في الموضوع بدون مقدمات:


مخطوطات العهد الجديد
يقول القس سويجارت: " يوجد ما يقرب من أربعة وعشرين ألف مخطوط يدوي قديم من كلمة الرب من العهد الجديد ... وأقدمها يرجع إلى ثلاثمائة وخمسين عاماً بعد الميلاد ، والنسخة الأصلية أو المنظورة ، أو المخطوط الأول لكلمة الرب لا وجود لها ..".
ولو فصلنا أكثر في ذكر ما وصل إلينا من مخطوطات العهد الجديد، فإنا نقول: إنها تنقسم إلى ثلاثة أقسام :
أ ) مخطوطات البردي ، والكتابة على ورق البردي، وكانت تستخدم في القرن الثاني والثالث الميلادي . وقد وصل إلينا عن طريقها قطعتين فقط من العهد الجديد .
الأولى : تضم جملتين من إنجيل يوحنا 18/31 ، 18/37 - 38، وقد كتبتا في القرن الثاني وهي محفوظة في مانشستر.
والثانية : وتضم مقطعين من إنجيل متى 1/1 - 9 ، 12/14 - 20 .كما يوجد بعض مخطوطات البردي والتي تحوي نصوصاً إنجيلية صغيرة ، وتعود للقرون اللاحقة .
ب ) مخطوطات إغريقية مكتوبة على رقوق الحيوانات ، ولم تعرف هذه الطريقة في الكتابة إلا في القرن الميلادي الرابع ، ويوجد منها عدد كبير من المخطوطات أهمها النسخة الإسكندرية والفاتيكانية والسينائية.
ج ) مخطوطات متأخرة ترجع للقرون 13 - وما بعده ، وذكر منها البروفسور كولينز سبع مخطوطات أهمها البازلية .
ومن أهم المخطوطات المكتوبة على رقوق الحيوانات المخطوطة الفاتيكانية والسينائية والإسكندرانية ، وهي مخطوطات كتبت في القرن الرابع الميلادي، ونذكر هنا بعض ما يتعلق بالعهد الجديد في هذه المخطوطات .
1 ) النسخة الفاتيكانية : وجاء في مقدمة العهد الجديد للكاثوليك : " وأقدم كتب الخط التي تحتوي على معظم العهد الجديد أو نصه الكامل كتابان مقدسان يعودان إلى القرن الرابع وأجلّهما المجلد الفاتيكاني .. وهذا الكتاب الخط مجهول المصدر ، وقد أصيب بأضرار لسوء الحظ ، ولكنه يحتوي على العهد الجديد ما عدا الرسالة إلى العبرانيين ( 9/14 - 13/25 ) والرسالتين الأولى والثانية إلى تيموثاوس والرسالة إلى تيطس ، والرسالة إلى فليمون ، والرؤيا.
وقد أضاف ناسخ مجهول في القرن الخامس عشر الميلادي هذه الرسائل . وينتهي إنجيل مرقس في هذه النسخة عند الجملة 16/9 ، وترك بعده بياض .
2 ) النسخة السينائية: ويقول عنها المدخل الفرنسي " والعهد الجديد كامل في الكتاب الخط الذي يقال له المجلد السينائي .. لا بل أضيف إلى العهد الجديد الرسالة إلى برنابا وجزء من ( الراعي ) لهرماس ، وهما مؤلفان لم يحفظا في قانون العهد الجديد صيغته في الأخيرة " .
ولا تتضمن هذه النسخة خاتمة مرقس 16/9 - 20 ولا يوجد فيها بياض عند هذه الخاتمة بل يبدأ على الفور إنجيل لوقا .
3 ) النسخة الإسكندرانية : وتحوي العهد الجديد مع النقص الواضح فيه ، ومن النقص الموجود فيها (1) في أول متى - 25/6 ، (2) وفي يوحنا من 6/51 - 8/52 .
وتضم أيضاً رسالتي كلمنت - وهما أيضاً ناقصتين - اللتين لم تضما إلى العهد الجديد إضافة إلى زبور غير معترف فيه، وينسب لسليمان، كما فيه أشياء أخرى لم تدخل في الكتاب المقدس .
4 ) النسخة الافرايمية : وتحوي هذه النسخة العهد الجديد فقط ، وهي محفوظة في باريس في المكتبة الوطنية ، ويرى المحققون أنها كتبت في القرن السادس أو السابع ، وقال بعضهم : بل القرن الخامس .
5 ) نسخة بيزا : وتعود للقرن الخامس ، وتحوي الأناجيل الأربعة وأعمال الرسل ، وهي محفوظة في جامعة كمبرج ، وتخلو من كثير من النصوص مثل مقدمة يوحنا . وقد تحرر ناسخها من المخطوطات القديمة التي ينقل عنها أيما تحرر ، فقد قام بكتابة نسب المسيح كما أورده متى ، ثم لما نسخ إنجيل لوقا ولاحظ الفوارق الكبيرة بين قائمتي لوقا ومتى أعاد قائمة متى في إنجيل لوقا ، ولما كانت قائمة متى ناقصة لكثير من الأسماء أضاف الناسخ أسماء إضافية من عنده .
6 ) النسخة البازلية : ويفترض تدوينها في القرن الثامن ، وهي محفوظة بجامعة بازل بسويسرا، وتضم الأناجيل الأربعة بنقص كبير .
7 ) نسخة لاديانوس : وترجع هذه النسخة للقرن التاسع ، وهي محفوظة في بولديانا بأكسفورد ، وتضم سفر أعمال الرسل فقط .
كما ثمة مخطوطات أخرى متأخرة عنها ، فهي أقل أهمية .


اختلاف مخطوطات العهد الجديد
نلحظ أولاً أن هذه النسخ جميعاً ليست من خط كاتبها أو ليس منها شيء كتب في وجوده، بل إن أولها كتب بعد وفاة كُتاب الأناجيل بما لا يقل عن قرنين من الزمان .
ولا يستطيع النصارى أن يثبتوا سنداً لهذه المخطوطات إلى كتبتها ، واعترف بذلك القسيس فرنج فقال " إن سبب فقدان السند عندنا وقوع المصائب والفتن على المسيحيين إلى مدة ثلاثمائة وثلاث عشرة سنة " لكن رحمة الله الهندي يعتبره عذراً لا يقيلهم من إحضار سند هذه الكتب ، فمثل هذه المسائل لا تقبل من طريق الظن والتخمين .
وهذه النسخ وغيرها التي يتحدث النصارى عن كثرتها لا يتفق منها إثنان ، فقد تعرضت للزيادة والنقصان حسب أهواء النساخ وهو ما يعترف به النصارى ومنهم سويجارت الذي يحاول التقليل من أهمية هذه الاختلافات فيقول : " المبادئ العلمية تخبرنا أنه فيما يختص بكتب العهود القديمة إذا توفر لدينا عشر نسخ منها فإننا لا نحتاج بالضرورة إلى الأصل لنضمن تحققنا من النسخة الأصلية ، وعندما نفكر أن لدينا أربعة وعشرين ألف نسخة ، وأن بعض الاختلافات موجودة فيما بين هذه النسخ ، وهذا ما نعترف به ، فالمهم أن جوهر النص لم يتغير" .
لكن الدكتور روبرت في كتابه " حقيقة الكتاب المقدس " يرد ذلك ويخالفه ، وكان روبرت قد أعد لمطبعة " تسفنجلي " مذكرة علمية تطبع مع الكتاب المقدس ، ثم منع من طبعها ، ولما سئل عن السبب في منعها قال : " إن هذه المذكرة ستفقد الشعب إيمانه بهذا الكتاب " .
يقول د. روبرت : " لا يوجد كتاب على الإطلاق به من التغييرات والأخطاء والتحريفات مثل ما في الكتاب المقدس " ، وينقل روبرت أن آباء الكنيسة يعترفون بوقوع التحريف عن عمد ، وأن الخلاف محصور فيمن قام بهذا التحريف .
ويقول كينرايم : إن علماء الدين اليوم على اتفاق واحد يقضي بأن الكتاب المقدس وصل إلينا منه أجزاء ضئيلة جداً فقط هي التي لم يتم تحريفها .
ويقول الدكتور روبرت : " لن يدعي أحداً أبداً : أن الله هو مؤلف كل أجزاء هذا الكتاب قد أوحى إلى الكتبة هذه التحريفات أو لم يكن يعرفها أكثر من ذلك " .
يقول موريس نورن في " دائرة المعارف البريطانية " : " إن أقدم نسخة من الأناجيل الرسمية الحالية كتب في القرن الخامس بعد المسيح ، أما الزمان الممتد بين الحواريين والقرن الخامس فلم يخلف لنا نسخة من هذه الأناجيل الأربعة الرسمية ، وفضلاً عن استحداثها وقرب عهد وجودها منا، فقد حرفت هي نفسها تحريفاً ذا بال خصوصاً منها إنجيل مرقس وإنجيل يوحنا.
وعن إنجيل مرقس ، فيتحدث عنه نينهام مفسر إنجيل مرقس ، فيقول : " لقد وقعت تغييرات تعذر اجتنابها ، وهذه حدثت بقصد أو بدون قصد ، ومن بين مئات المخطوطات لإنجيل مرقس ، والتي لا تزال باقية حتى اليوم لا نجد نسختان تتفقان تماماً ، وأما رسائل بولس فلها ستة قراءات مختلفة تماماً " .
ويقول : " ليس لدينا أي مخطوطات يدوية يمكن مطابقتها مع الآخرين " ويستعين بما ذكره القس شورر عن مخطوطات الأناجيل وأن بها 50000 اختلاف ، وقال كريسباخ 150000 وتؤكد ذلك دائرة المعارف البريطانية بقولها " إن مقتبسات آباء الكنيسة من العهد الجديد والتي تغطي كله تقريباً تظهر أكثر من مائة وخمسين ألف من الاختلافات بين النصوص " .
وممن اعترف بكثرة هذه الاختلافات العالم ميل ، وذكر بأنها ثلاثون ألفاً ، ووافقه القس باركر البروتستانتي ، وأوصل هذه الاختلافات العلامة وتيس تين إلى أزيد من ألف ألف .
ويقول شميت: لا توجد صفحة واحدة من الأناجيل العديدة التي لا تحتوي نصها الأقدم على اختلافات عديدة".
ويحاول النصارى تبرير هذه الاختلافات الكثيرة بين المخطوطات فيقول صاحب كتاب " مرشد الطالبين " : " لا تعجب من وجود اختلافات في نسخ الكتب المقدسة ، لأن قبل ظهور صناعة الطبع في القرن الخامس عشر من الميلاد كانت تنسخ بالخط ، فكان بعض النساخ جاهلاً وبعضهم غافلاً وساهياً " ، لكن الحق أن هناك تحريفاً متعمداً وهو ما أقر به المدخل الفرنسي للعهد الجديد " إن نسخ العهد الجديد التي وصلت إلينا ليست كلها واحدة . بل يمكن المرء أن يرى فيها فوارق مختلفة الأهمية .. هناك فوارق أخرى بين الكتب الخط تتناول معنى فقرات برمتها واكتشاف مصدر هذه الفوارق ليس بالأمر العسير .
فإن نص العهد الجديد قد نسخ طوال قرون كثيرة بيد نساخ صلاحهم للعمل متفاوت، وما من واحد منهم معصوم من مختلف الأخطاء ... يضاف إلى ذلك أن بعض النساخ حاولوا أحياناً عن حسن نية أن يصوبوا ما جاء في مثالهم ، وبدا لهم أنه يحتوي أخطاء واضحة أو قلة دقة في التعبير اللاهوتي ، وهكذا أدخلوا إلى النص قراءات جديدة تكاد تكون كلها خطأ ، ثم يمكن أن يضاف إلى ذلك كله أن الاستعمال لكثير من الفقرات من العهد الجديد في أثناء إقامة شعائر العبادة أدى أحياناً إلى إدخال زخارف غايتها تجميل الطقس أو إلى التوفيق بين نصوص مختلفة ساعدت على التلاوة بصوت عال.
ومن الواضح أن ما أدخله النساخ من التبديل على مر القرون تراكم بعضه على بعضه الآخر، فكان النص الذي وصل آخر الأمر إلى عهد الطباعة مثقلاً بمختلف ألوان التبديل .. والمثال الأعلى الذي يهدف إليه علم نقد النصوص هو أن يمحص هذه الوثائق المختلفة ، لكي يقيم نصاً يكون أقرب ما يمكن من الأصل الأول، ولا يمكن في حال من الأحوال الوصول إلى الأصل نفسه".
ويؤكد هذا كله جورج كيرد رئيس الجمعية الكندية لدراسة الكتاب المقدس بقوله : " كان يحفظ النص في مخطوطات نسختها أيدي مجهدة لكتبة كثيرين ، ويوجد اليوم من هذه المخطوطات 4700 ما بين قصاصات من ورق إلى مخطوطات كاملة على رقائق من الجلد أو القماش .
إن نصوص جميع هذه المخطوطات تختلف اختلافاً كبيراً ، ولا يمكننا الاعتماد بأن أياً منها قد نجا من الخطأ .. إن أغلب النسخ الموجودة من جميع الأحجام قد تعرضت لتغييرات أخرى على يد المصححين الذين لم يكن عملهم دائماً إعادة القراءة الصحيحة ".



أمثلة لتحريف النساخ
وذكر المحققون أمثلة صريحة لتدخل النساخ في النص عن عمد ، منه ما جاء في متى " متى نظرتم رجسة الخراب التي قال عنها دانيال قائمة في المكان المقدس ، ليفهم القارئ ، فحينئذ ليهرب الذي في اليهود إلى الجبال "( متى 24/15 - 16 ) فلفظه " ليفهم القارئ " من زيادة الناسخ .
ومثله ما جاء في آخر يوحنا " هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا وكتب هذا ، ونعلم أن شهادته حق " ( يوحنا 21/24 ) فقوله " نعلم أن شهادته حق " من زيادة النساخ .
ومثله ما جاء في يوحنا " للوقت خرج دم وماء ، والذين عاين شهد ، وشهادته حق ، وهو يعلم أنه يقول الحق لتؤمنوا أنتم " ( يوحنا 19/34 - 36 ) فالجملة الأخيرة أراد الناسخ بها التأكيد والتنبيه على صدق يوحنا ، وهي ليست من كتابته .



إبطال دعوى الإلهام لكتبة العهد الجديد
إن أحداً من كتاب العهد الجديد - سوى بولس - لم يدع لنفسه الإلهام ، بل سجلت كتاباتهم أن هذا العمل جهد بشري خالص لم يقصد كاتبوه أن يسجلوا من خلاله كتباً مقدسة.
فها هو لوقا في مقدمة إنجيله يقول “ إذا كان كثيرون قد أخذوا بتأليف قصة في الأمور المتيقنة عندنا ، كما سلمها إلينا الذين كانوا منذ البدء معاينين وخداماً للكلمة ، رأيت أنا أيضاً - إذ قد تتبعت كل شيء من الأول بتدقيق - أن أكتب على التوالي إليك أيها العزيز ثاوفيلس ، لتعرف صحة الكلام الذي علمت به “ ( لوقا 1/1-4 ) .
فيفهم من هذه المقدمة أمور منها : أن إنجيله خطاب شخصي ، وأنه دوّنه بدافع شخصي ، وأن له مراجع نقل عنها بتدقيق ، وأن كثيرين كتبوا غيره ، ولم يذكر لوقا شيئاً عن إلهام إلهي أو وحي من روح القدس .
وإذا كان الحواريون والتلاميذ غير عارفين بإلهامية ذواتهم وبعضهم ، فكيف عرف النصارى ما جهله أصحاب الشأن ؟ لا دليل في الأناجيل على إلهامية أحد منهم .
عبارات لا يمكن أن تكون وحياً
لو تتبعنا الأناجيل لما وجدنا ما يشعر بأن أياً منها صادر من ملهم يكتب وحياً ، فمثلاً يقول لوقا : “ ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة ، وهو - على ما كان يظن - ابن يوسف .. “ ( لوقا 3/23 ) فلفظه “ نحو “ “يظن” لا تصدر عن ملهم جازم بما يقول، وقد أزعجت هاتان العبارتان علماء الكنيسة ، فحذفوهما من طبعة الكتاب المقدس المنقحة.
ومثله في خاتمة يوحنا يقول : “ وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله (يوحنا 20/30 - 31 ) ، وقد كتبه بطلب من أساقفة آسيا لا الروح القدس، وهو لا يقول بأن الله ألهمه ذلك.
ويقول : “ هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا ، وكتب هذا ، ونعلم أن شهادته حق “ فلم يذكر شيئاً عن إلهام هذا الإنجيل ، ثم قال بعدها ما أثبت صفة البشرية لكلامه “ وأشياء أخرى كثيرة صنعها يسوع، إن كتبت واحدة واحدة فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة “ ( يوحنا 21/24 - 25 ) ، فمثل هذه المبالغة لا يغيب أنها صنع بشري لعادة البشر في ذلك.
وعلاوة على هذا كله فإن في الرسائل فقرات تنفي هي عن نفسها دعوى الإلهام وتكذبه، وتشهد لصاحبها بأنه يتحدث ببشرية تامة ، وأن الوحي لا علاقة له بما يكتب
ومن ذلك قول بولس : “ أقول لهم أنا لا الرب “ ( كورنثوس (1) 7/12 ) .
ثم يقول “ حسب رأيي “ ( كورنثوس (1) 7/40 ).
ويقول : “ ليس عندي أمر من الرب فيهن “ ( كورنثوس (1) 7/25 )، فهل نصدق بولس، وهو يصف كلامه هنا بأنه رأي شخصي أم نصدق النصارى الذين يقولون عن هذه العبارات أنها أيضاً ملهمة .
ويقول بولس أيضاً وهو ينفي عن كلامه صفة القداسة “ الذي أتكلم به لست أتكلم به بحسب الرب، بل كأنه في غباوة في جسارة الافتخار هذه “ ( كورنثوس (2) 11/16 - 17 ).
ويؤكد أن بعض ما يصدر عته هو محض رأي بشري واجتهاد شخصي منه، فيقول: “لست أقول على سبيل الأمر، بل باجتهاد ... أعطي رأياً في هذا أيضاً “ ( كورنثوس (2) 8/8 - 10 ).
ويقول بولس: “ ليتكم تحتملون غباوتي قليلاً “ ( كورنثوس (2) 11/1 )، فهل أوحى الله له أن يصف نفسه بالغباء، وهل يعتذر الله ويخشى أن يكون ملهمه قد أثقل على أولئك الذين يقرؤون رسالته.
ويقول معتذراً، والمفروض أن القائل وحي الله الذي يسجله بولس: “ لقد اجترأت كثيراً فيما قلت أيها الإخوة“ ( رومية 15/15 ).
إنكار المحققين لإلهامية كتبة العهد الجديد
وقد أنكرت بعض فرق النصارى وبعض مقدميهم وغيرهم من المحققين إلهامية الأناجيل والرسائل .
ويقول مؤلفو الترجمة المسكونية: “ جمع المبشرون ، وحرروا، كل حسب وجهة نظره الخاصة ما أعطاهم إياه التراث الشفهي “ فليس ثمة إلهام إذن.
ويقول لوثر عن رسالة يعقوب: “ إنها كلّاء .. هذه الرسالة وإن كانت ليعقوب .. إن الحواري ليس له أن يعين حكماً شرعياً من جانب نفسه ، لأن هذا المنصب كان لعيسى عليه السلام فقط “، فقول لوثر هذا، يفهم منه عدم اعتباره ليعقوب الحواري ملهماً.
ثم يقول ريس في دائرة معارفه: “ والكتب التي كتبها تلاميذ الحواريين - مثل إنجيل مرقس ولوقا وكتاب الأعمال - توقف ميكايلس في كونها إلهامية “.
ويقول" حبيب سعيد" عن بولس في كتابه "سيرة رسول الجهاد" منبهاً إلى حقيقة هامة وصحيحة : " لم يدر بخلده عند كتابتها - أو على الأصح عند إملائها - أنه يسطر ألفاظاً ستبقى ذخراً ثميناً تعتز به الأجيال القادمة"، ويا للعجب ، بولس لا يعلم بقدسية كلماته بينما النصارى عنه يناضلون.
وفي الفاتيكان شكل البابا ( جون ) لجنة لدراسة الإنجيل برئاسة العلامة (هانز كومب)، وبعد دراسة متأنية ، قررت اللجنة:" أن الإنجيل كلام بشر ، وأنه لا يوجد دليل على أن الإنجيل ينحدر مباشرة عن الله “ .
إن أحداً من الإنجيلين لم يلهم كتابة خبر الصعود (صعود المسيح للسماء), لأن خبر الصعود قد أضيف فيما بعد،كما اعترفت بذلك لجنة تنقيح الكتاب المقدس التي أصدرت النسخة (r.s.v), واسمها النسخة المنقحة من الكتاب المقدس..!!



إبطال نسبة الأناجيل والرسائل للحواريين

تعود أسفار العهد الجديد السبعة والعشرون إلى ثمانية مؤلفين تفاوتت مقادير كتاباتهم ، ففي حين لم تزد رسالة يهوذا عن صفحتين فإن لبولس ما يربو على المائة صفحة .
وأيضاً يتفاوت قرب هؤلاء من المسيح ، ففي حين أن يهوذا وبطرس ويوحنا من تلاميذه الاثنى عشر ، فإن لوقا ومرقس لم يلقيا المسيح ، فيما لم يتنصر بولس إلا بعد رفع المسيح .
والنصارى يعتبرون هؤلاء المؤلفين الثمانية بشراً ملهمين كتبوا ما أملاه عليهم روح القدس وفق أسلوبهم ، وقد ثبت لدينا عدم إلهامية كتبة العهد الجديد فيما سبق .
ولكن هل تصح نسبة الكتب إلى هؤلاء الثمانية؟ وبالذات إلى متى ويوحنا وبطرس الذين يفترض أنهم من أخص تلاميذ المسيح أم أن النسبة هي أيضاً محرفة ؟ وهل من الممكن أن يصدر هذا الكلام - الذي في العهد الجديد - من حواريي المسيح الذين رباهم طوال سني رسالته ، وذكرهم القرآن بالثناء الحسن ؟
إن هذا كله جعل المحققين من المسلمين يرون أن هذه الأسفار لا يمكن أن تصدر عن تلاميذ المسيح المؤمنين ، فاهتموا لذلك بدراسة وتوثيق نسبة هذه الأسفار إليهم .


أولاً : إنجيل متى
أدلة الكنيسة على صحة نسبة الإنجيل إلى متى
تؤكد الكنيسة بأن متى هو كاتب الإنجيل ، وتستند لأمور ذكرها محررو قاموس الكتاب المقدس ، أهمها : " الشواهد والبينات الواضحة من نهج الكتابة بأن المؤلف يهودي متنصر "
وأيضاً " لا يعقل أن إنجيلاً خطيراً كهذا - هو في مقدمة الأناجيل - ينسب إلى شخص مجهول، وبالأحرى أن ينسب إلى أحد تلاميذ المسيح ".
وأيضاً " يذكر بابياس " في القرن الثاني الميلادي أن متى قد جمع أقوال المسيح "
وأخيراً " من المسلم به أن الجابي عادة يحتفظ بالسجلات ، لأن هنا من أهم واجباته لتقديم الحسابات،وكذلك فإن هذا الإنجيلي قد احتفظ بأقوال المسيح بكل دقة ".

ملاحظات على إنجيل متى :
رأى المحققون أنه لا دليل عند النصارى على صحة نسبة الإنجيل لمتى ، بل إن الأدلة قامت بخلافه. إذ في الإنجيل أموراً كثيرة تدل على أن كاتبه ليس متى الحواري ، ومن هذه الأدلة :
- أن متى اعتمد في إنجيله على إنجيل مرقس ، فقد نقل من مرقس 600 فقرة من فقرات مرقس الستمائة والاثني عشر ، كما اعتمد على وثيقة أخرى تسمى M
يقول ج ب فيلبس في مقدمته لإنجيل متى : " إن القديس متى كان يقتبس من إنجيل القديس مرقس ، وكان ينقحه محاولاً الوصول إلى تصور أحسن وأفضل لله ".
ويضيف القس فهيم عزيز أن اعتماد متى على مرقس حقيقة معروفة لدى جميع الدارسين، فإذا كان متى هو كاتب الإنجيل فكيف ينقل عن مرقس الذي كان عمره عشر سنوات أيام دعوة المسيح ؟ كيف لأحد التلاميذ الإثني عشر أن ينقل عنه ؟
- ثم إن إنجيل متى قد ذكر متى العشار مرتين ، ولم يشر من قريب أو بعيد إلى أنه الكاتب ، فقد ذكره بين التلاميذ الإثنى عشر ، ولم يجعله أولاً ولا آخراً ، ثم لما تحدث عن اتباعه للمسيح قال: " وفيما يسوع مجتاز هناك رأى إنساناً جالساً عند مكان الجباية اسمه متى فقال له : اتبعني فقام وتبعه" ( متى 9/9 ) .
فاستخدم أسلوب الغائب ، ولو كان هو الكاتب لقال : " قال لي " ، " تبعته " " رآني "، فدل ذلك على أنه ليس الكاتب ، وهنا يجدر التنبيه على أمر هام ، وهو أن مرقس ذكر القصة ذاتها، وسمى عامل الضرائب لاوي بن حلفي ( انظر مرقس 2/15 ) فهل لاوي بن حلفي هو نفسه متى؟ هل هذا هو الاسم التنصيري للاوي كما تزعم الكنيسة؟
يقول جون فنتون مفسر متى وعميد كلية اللاهوت بلينشفيلد بأنه لا يوجد دليل على أن متى هو اسم التنصير للاوي ، ويرى أنه من المحتمل " أنه كانت هناك بعض الصلات بين متى التلميذ والكنيسة التي كتب من أجلها هذا الإنجيل، ولهذا فإن مؤلف هذا الإنجيل نسب عمله إلى مؤسس تلك الكنيسة أو معلمها الذي كان اسمه متى، ويحتمل أن المبشر كاتب الإنجيل قد اغتنم الفرصة التي أعطاه إياها مرقس عند الكلام على دعوة أحد التلاميذ ، فربطها بذلك التلميذ الخاص أحد الإثني عشر ( متى ) الذي وقره باعتباره رسول الكنيسة التي يتبعها " .
- ثم إن التمعن في الإنجيل يبين مدى الثقافة التوراتية الواسعة التي جعلت منه أكثر الإنجيليين اهتماماً بالنبوءات التوراتية عن المسيح ، وهذا لا يتصور أن يصدر من عامل ضرائب ، وهذا لن يكون من كتابة متى العشار . يقول أ. تريكو في شرحه للعهد الجديد (1960م ): إن الاعتقاد بأن متى هو عشار في كفر ناحوم ناداه عيسى ليتعلم منه ، لم يعد مقبولاً ، خلافاً لما يزعمه آباء الكنيسة.

منكرو نسبة الإنجيل إلى التلميذ متى
وقد أنكر كثير من علماء المسيحية في القديم والحديث صحة نسبة الإنجيل لمتى يقول فاستس في القرن الرابع : " إن الإنجيل المنسوب إلى متى ليس من تصنيفه " ، وكذا يرى القديس وليمس . والأب ديدون في كتابه " حياة المسيح" .
ويقول ج ب فيلبس : " نسب التراث القديم هذه البشارة إلى الحواري متى ، ولكن معظم علماء اليوم يرفضون هذا الرأي " .
ويقول د برونر : " إن هذا الإنجيل كله كاذب " .
ويقول البرفسور هارنج : إن إنجيل متى ليس من تأليف متى الحواري ، بل هو لمؤلف مجهول أخفى شخصيته لغرض ما .
وجاء في مقدمة إنجيل متى للكاثوليك : " أما المؤلف ، فالإنجيل لا يذكر عنه شيئاً وتقاليد الكنيسة تنسبه إلى الرسول متى ، ولكن البحث في الإنجيل لا يثبت ذلك الرأي أو يبطله على وجه حاسم ".
ويقول القس فهيم عزيز عن كاتب متى المجهول: " لا نستطيع أن نعطيه اسماً ، وقد يكون متى الرسول ، وقد يكون غيره " .
ويقول المفسر لإنجيل متى جون فنتون في تفسيره عن كاتب متى : " إن ربط شخصيته كمؤلف بهذا التلميذ إنما هي بالتأكيد محض خيال " .
وقد طعنت في صحة نسبة الإنجيل لمتى فرق مسيحية قديمة ، فقد كانت الفرقة الأبيونية ترى البابين الأولين لإنجيل متى إلحاقيين ، ومثلها فرقة يوني تيرين ، ويرون أن البداية الحقيقية لهذا الإنجيل قوله : " في تلك الأيام جاء يوحنا المعمداني .... " ( متى 3/1 ) فتكون بداية الإنجيل قصة يوحنا المعمداني كما هو الحال في مرقس ويوحنا ، ويدل لذلك أيضاً أن قوله " في تلك الأيام " لا يمكن عوده على ما في الإصحاحين السابقين، إذ كان الحديث في آخر الإصحاح الثاني عن قتل هيرودس للأطفال بعد ولادة المسيح ، وهو زمن طفولة المسيح والمعمدان الذي يكبره بستة أشهر ، بينما الإصحاح الثالث يتحدث عن دعوة المعمداني - أي وهو شاب - ، وهذا يعني وجود سقط أو حذف قبل الإصحاح الثالث ، أو أنه البداية الحقيقية للإنجيل .

من الكاتب الحقيقي لإنجيل متى؟
وإذا لم يكن متى هو كاتب الإنجيل المنسوب إليه ، فمن هو كاتب هذا الإنجيل ؟
في الإجابة عن السؤال نقول: نتائج الدراسات الغربية التي أكدت أن هذا الإنجيل قد كتبه غير متى التلميذ ، ونسبه إليه منذ القرن الثاني ، ولربما يكون هذا الكاتب تلميذاً في مدرسة متى .
ويحاول كولمان وشراح الترجمة المسكونية تحديد بعض الملامح لهذا الكاتب ، فالكاتب - كما يظهر في إنجيله - مسيحي يهودي يربط بين التوراة وحياة المسيح ، وهو كما يصفه كولمان : يقطع الحبال التي تربطه باليهودية مع حرصه على الاستمرار في خط العهد القديم ، فهو كاتب يهودي يحترم الناموس ، ويعتبر بذلك من البعيدين عن مدرسة بولس الذي لا يحترم الناموس ، بينما يقول هذا الكاتب " فمن نقض إحدى هذه الوصايا الصغرى وعلم الناس ، هكذا يدعى أصغر في ملكوت السماوات "( متى 5/19 ) .
ويرجح كولمان أيضاً أنه عاش في فلسطين ، ويرجح فنتون أنه " كتب في حوالي الفترة من 85 - 105م " (متى مات سنة70) ، وهو يقارب ما ذهب إليه البرفسور هارنج حين قال " إن انجيل متى ألف بين 80 - 100م " .
ولو تساءلنا أين الإنجيل الذي كتبه متى كما جاء في شهادة بابياس في القرن الثاني الميلادي؟
وفي الإجابة عن السؤال نقول: فإن بابياس ذكر أن متى كتب وجمع أقوال المسيح ، وما نراه في الإنجيل اليوم هو قصة كاملة عن المسيح وليس جمعاً لأقواله ، كما أن عدم صحة نسبة هذا الإنجيل له لا تمنع من وجود إنجيل آخر قد كتبه ، ولعل من المهم أن نذكر بأن في الأناجيل التي رفضتها الكنيسة إنجيلاً يسمى إنجيل متى ، فلعل بابياس عناه بقوله .
وهكذا رأى المحققون أن ثمة أموراً تمنع القول بأن هذا الإنجيل هو كلمة الله ووحيه وهديه، فهو - وكما يقول الشيخ أبو زهرة - إنجيل " مجهول الكاتب ، ومختلف في تاريخ كتابته ، ولغة الكتابة ، ومكانها ، وتحديد من كتب له هذا الإنجيل ، ثم شخصية المترجم وحاله من صلاح أو غيره وعلم بالدين ، واللغتين التي ترجم عنها ، والتي ترجم إليها ، كل هذا يؤدي إلى فقد حلقات في البحث العلمي .



ثانياً : إنجيل مرقس
ملاحظات على إنجيل مرقس
لقد توقف المحققون ملياً مع هذا الإنجيل وكاتبه ، وكانت لهم ملاحظات : -
أن مرقس ليس من تلاميذ المسيح ، بل هو من تلاميذ بولس وبطرس . يقول المفسر نينهام مفسر لوقا : " لم يوجد أحد بهذا الاسم عرف أنه كان على صلة وثيقة ، وعلاقة خاصة بيسوع ، أو كانت له شهرة خاصة في الكنيسة الأولى " .
وثمة دليل قوي آخر هو شهادة المؤرخ بابياس ( 140م ) حين قال : " اعتاد الشيخ يوحنا أن يقول : إذ أصبح مرقس ترجماناً لبطرس دون بكل تدقيق كل ما تذكره ، ولم يكن مع هذا بنفس الترتيب المضبوط ما رواه من أقوال وأفعال يسوع المسيح ، وذلك لأنه لم يسمع من السيد المسيح فضلاً عن أنه لم يرافقه ، ولكن بالتبعية كما قلت ، التحق ببطرس الذي أخذ يصوغ تعاليم يسوع المسيح لتوائم حاجة المستعمين ، وليس بعمل رواية وثيقة الصلة بيسوع وعن يسوع لأحاديثه " .
كما يقول مفسر مرقس دنيس نينهام قوله " من غير المؤكد صحة القول المأثور الذي يحدد مرقس كاتب الإنجيل بأنه يوحنا مرقس المذكور في أعمال الرسل ( 12/12 ، 25 ) ... أو أنه مرقس المذكور في رسالة بطرس الأولى ( 5/13 ) .. أو أنه مرقس المذكور في رسائل بولس ...
لقد كان من عادة الكنيسة الأولى أن تفترض جميع الأحداث التي ترتبط باسم فرد ورد ذكره في العهد الجديد ، إنما ترجع جميعها إلى شخص واحد له هذا الاسم ، ولكن عندما نتذكر أن اسم مرقس كان أكثر الأسماء اللاتينية شيوعاً في الإمبراطورية الرومانية ، فعندئذ نتحقق من مقدار الشك في تحديد الشخصية في هذه الحالة " .
وأهم مسألة شغلت الباحثين بخصوص هذا الإنجيل خاتمته ، فإن خاتمة هذا الإنجيل (16/9 - 20 ) غير موجودة في المخطوطات القديمة المهمة كمخطوطة الفاتيكان والمخطوطة السينائية .
ويقول وليم باركلي : إن النهاية المشهورة - علاوة على عدم وجودها في النسخ الأصلية القديمة - فإن أسلوبها اللغوي يختلف عن بقية الإنجيل ، وقد اعتبرتها النسخة القياسية المراجعة فقرات غير موثوق فيها ، ونقل رحمة الله الهندي أن القديس ( جيروم ) في القرن الخامس ذكر بأن الآباء الأوائل كانوا يشكون في هذه الخاتمة .
وعن الخاتمة الموجودة يقول الأب كسينجر " لابد أنه قد حدث حذف للآيات الأخيرة عند الاستقبال الرسمي ( النشر للعامة ) لكتاب مرقس في الجماعة التي ضمنته .
وبعد أن جرت بين الأيدي الكتابات المتشابهة لمتى ولوقا ويوحنا ، تم توليف خاتمة محترمة لمرقس بالعناصر من هنا ومن هناك لدى المبشرين الآخرين .. وذلك يسمح بتكوين فكرة عن الحرية التي كانوا يعالجون بها الأناجيل " .ويعلق موريس بوكاي قائلاً " ياله من اعتراف صريح بوجود التغييرات التي قام بها البشر على النصوص المقدسة ".



ثالثاً : إنجيل لوقا
ملاحظات على إنجيل لوقا
نلاحظ على إنجيل لوقا ملاحظات، أهمها :
1- أن مقدمته تتحدث عن رسالة طابعها شخصي ، وأنها تعتمد على اجتهاده لا على إلهام وحي ، وكان قد لاحظ ذلك أيضاً عدد من محققي النصرانية ، فقد أنكر إلهامية هذا الإنجيل عدد من النصارى منهم مستر كدل في كتابه " رسالة الإلهام " ومثله واتسن، ونسب هذا القول للقدماء من العلماء ، وقال القديس أغسطينوس : " إني لم أكن أؤمن بالإنجيل لو لم تسلمني إياه الكنيسة المقدسة".
2- شك كثير من الباحثين في الإصحاحين الأولين من هذا الإنجيل ، بل إن هذا الشك كما ذكر جيروم يمتد إلى الآباء الأوائل للكنيسة ، وكذلك فرقة مارسيوني فليس في نسختها هذين الإصحاحين .
ويؤكد المحققون بأن لوقا لم يكتب هذين الإصحاحين ، لأنه يقول في أعمال الرسل " الكلام الأول أنشأته ياثاوفيلس عن جميع ما ابتدأ يسوع " ( أعمال 1/1 ) أي معجزاته بدليل تكملة النص " ما ابتدأ يسوع يعلم به إلى اليوم الذي ارتفع فيه " ( أعمال 1/2 ) والإصحاحان الأولان إنما يتكلمان عن ولادة المسيح ، لا عن أعماله . ونقل وارد كاثلك عن جيروم قوله : بأن بعض العلماء المتقدمين كانوا يشكون أيضاً في الباب الثاني والعشرين من هذا الإنجيل .
وهكذا نرى للإنجيل أربعة من الكتاب تناوبوا في كتابة فقراته وإصحاحاته .
3- إن الغموض يلف شخصيته ، فهو غير معروف البلد ولا المهنة ولا الجهة التي كتب لها إنجيله تحديداً ، ولا تاريخ الكتابة و .... المعروف فقط أنه من تلاميذ بولس ، وأنه لم يلق المسيح ، فكيف يصح الاحتجاج بمن هذا حاله وجعل كلامه مقدساً ؟




رابعاً : إنجيل يوحنا
أدلة النصارى على نسبة الإنجيل إلى يوحنا
وتستدل الكنيسة لتصحيح نسبة هذا الإنجيل بأدلة ذكرها محررو قاموس الكتاب المقدس وهي : -
" (1) كان كاتب الإنجيل يهودياً فلسطينياً ، ويظهر هذا من معرفته الدقيقة التفصيلية لجغرافية فلسطين ، والأماكن المتعددة في أورشليم وتاريخ وعادات اليهود …ويظهر من الأسلوب اليوناني للإنجيل بعض التأثيرات السامية .
(2) كان الكاتب واحداً من تلاميذ المسيح ، ويظهر هذا من استخدامه المتكلم الجمع .. وفي ذكر كثير من التفاصيل الخاصة بعمل المسيح ومشاعر تلاميذه ... ويتضح من يوحنا ( 21/24 ) أن كاتب هذا الإنجيل كان واحداً من تلاميذ المسيح .
(3) كان كاتب الإنجيل هو التلميذ الذي كان المسيح يحبه .. وكان هذا التلميذ هو يوحنا نفسه " .
ويتحدث مؤلف الإنجيل عن سبب تأليفه له فيقول " أما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله، ولكي تكون - إذا آمنتم - حياة باسمه " ( يوحنا 20/31 ) ".
ويوضح محررو قاموس الكتاب المقدس فيقولون : " كان الداعي الآخر إلى كتابة الإنجيل الرابع تثبيت الكنيسة الأولى في الإيمان بحقيقة لاهوت المسيح وناسوته ، ودحض البدع المضلة التي كان فسادها آنذاك قد تسرب إلى الكنيسة ، كبدع الدوكينيين والغنوصيين والكيرنثيين والأبيونيين ...ولهذا كانت غايته إثبات لاهوت المسيح " .
وقد لقي هذا الإنجيل معارضة شديدة للإقرار بقانونيته ، فاندفع د. بوست في قاموس الكتاب المقدس يدافع عنه ويقول : " وقد أنكر بعض الكفار قانونية هذا الإنجيل لكراهتهم تعليمه الروحي ، ولا سيما تصريحه الواضح بلاهوت المسيح ، غير أن الشهادة بصحته كافية .
فإن بطرس يشير إلى آية منه ( بطرس (2) 1/14 ، يوحنا 21/18 ) وأغناطيوس وبوليكرس يقتطفان من روحه وفحواه ، وكذلك الرسالة إلى ديوكينتس وباسيلوس وجوستينوس الشهيد وتايناس ، وهذه الشواهد يرجع بنا زمانها إلى منتصف القرن الثاني .
وبناءً على هذه الشهادات ، وعلى نفس كتابه الذي يوافق ما نعلمه من سيرة يوحنا نحكم بأنه من قلمه ، وإلا فكاتبه من المكر والغش على جانب عظيم، وهذا الأمر يعسر تصديقه، لأن الذي يقصد أن يغش العالم لا يكون روحياً".

إنكار صحة نسبة الإنجيل إلى يوحنا
وتوجهت جهود المحققين لدراسة نسبة الإنجيل ليوحنا ، ومعرفة الكاتب الحقيقي له .فقد أنكر المحققون نسبة الإنجيل ليوحنا الحواري ، واستندوا في ذلك إلى أمور منها :
1- أن ثمة إنكار قديماً لصحة نسبته ليوحنا ، وقد جاء هذا الإنكار على لسان عدد من الفرق النصرانية القديمة ، منها فرقة ألوجين في القرن الثاني ، ويقول صاحب كتاب ( رب المجد ) : " وجد منكرو لاهوت المسيح أن بشارة يوحنا هي عقبة كؤود ، وحجر عثرة في سبيلهم ، ففي الأجيال الأولى رفض الهراطقة يوحنا ".
وتقول دائرة المعارف البريطانية: " هناك شهادة إيجابية في حق أولئك الذين ينتقدون إنجيل يوحنا ، وهي أنه كانت هناك في آسيا الصغرى طائفة من المسيحيين ترفض الاعتراف بكونه تأليف يوحنا ، وذلك في نحو 165م ، وكانت تعزوه إلى سرنتهن (الملحد) . ولا شك أن عزوها هذا كان خاطئاً .
لكن السؤال عن هذه الطبقة المسيحية البالغة في كثرة عددها إلى أن رآه سانت اييفانيوس جديرة بالحديث الطويل عنها في ( 374 - 377م ) " أسماها القس " ألوغي " ( أي معارضة الإنجيل ذي الكلمة ) .
لئن كانت أصلية إنجيل يوحنا فوق كل شبهة ، فهل كانت مثل هذه الطبقة لتتخذ نحوه أمثال هذه النظريات في مثل هذا العصر ، ومثل هذا البلد ؟ لا وكلا " .
ومما يؤكد خطأ نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا أن جاستن مارتر في منتصف القرن الثاني تحدث عن يوحنا، ولم يذكر أن له إنجيلاً ، واقتبس فيلمو - 165م - من إنجيل يوحنا ، ولم ينسبه إليه .
وقد أُنكر نسبة الإنجيل أمام أرينيوس تلميذ بوليكارب الذي كان تلميذاً ليوحنا ، فلم ينكر أرينيوس على المنكرين ، ويبعد كل البعد أن يكون قد سمع من بوليكارب بوجود إنجيل ليوحنا ، ثم لا يدافع عنه .
وقد استمر إنكار المحققين نسبة هذا الإنجيل عصوراً متلاحقة ، فجاءت الشهادات تلو الشهادات تنكر نسبته ليوحنا . منها ما جاء في دائرة المعارف الفرنسية : " ينسب ليوحنا هذا الإنجيل وثلاثة أسفار أخرى من العهد الجديد ، ولكن البحوث الحديثة في مسائل الأديان لا تسلم بصحة هذه النسبة .
ويقول القس الهندي بركة الله : " الحق أن العلماء باتوا لا يعترفون دونما بحث وتمحيص بالنظرية القائلة بأن مؤلف الإنجيل الرابع كان القديس يوحنا بن زبدى الرسول ، ونرى النقاد بصورة عامة على خلاف هذه النظرية " .
وعند تفحص الإنجيل أيضاً تجد ما يمتنع معه نسبته الإنجيل للحواري يوحنا ، فالإنجيل يظهر بأسلوب غنوصي يتحدث عن نظرية الفيض المعروفة عند فيلون الإسكندراني ، ولا يمكن لصائد السمك يوحنا أن يكتبه خاصة أن يوحنا عامي كما وصفه سفر أعمال الرسل " فلما رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا ، ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم وعاميان تعجبوا " ( أعمال 4/13 ) .
وتقول دائرة المعارف البريطانية : " أما إنجيل يوحنا ، فإنه لا مرية ولا شك كتاب مزور ، أراد صاحبه مضادة حواريين لبعضهما ، وهما القديسان متى ويوحنا .... وإنا لنرأف ونشفق على الذين يبذلون منتهى جهدهم ، وليربطوا ولو بأوهى رابطة ذلك الرجل الفلسفي الذي ألّف هذا الكتاب في الجيل الثاني بالحواري يوحنا الصياد الجليلي ، فإن أعمالهم تضيع عليهم سدى ، لخبطهم على غير هدى ".
وأما ما جاء في خاتمة الإنجيل مما استدل به القائلون بأن يوحنا هو كاتب الإنجيل وهو قوله " هذا هو التلميذ الذي يشهد بهذا ، وكتب هذا ، ونعلم أن شهادته حق " ( يوحنا 21 / 24 ) . فهذه الفقرة كما يقول المحققون دليل على عدم صحة نسبة الإنجيل ليوحنا ، إذ هي تتحدث عن يوحنا بصيغة الغائب .
ويرى ويست أن هذه الفقرة كانت في الحاشية ، وأضيفت فيما بعد للمتن ، وربما تكون من كلمات شيوخ أفسس . ويؤيده بشب غور بدليل عدم وجودها في المخطوطة السينائية .
ويرى العلامة برنت هلمين استرتير في كتابه " الأناجيل الأربعة " أن الزيادات في متن يوحنا وآخره كان الغرض منها " حث الناس على الاعتراف في شأن المؤلف بتلك النظرية التي كان ينكرها بعض الناس في ذلك العصر" .
ثم إن بعض المؤرخين ومنهم تشارلز الفريد ، وروبرت إيزلز وغيرهما قالوا بأن يوحنا مات مشنوقاً سنة 44م على يد غريباس الأول ، وعليه فليس هو مؤلف هذا الإنجيل، إذ أن هذا الإنجيل قد كتب في نهاية القرن الأول أو أوائل الثاني .

من كتب إنجيل يوحنا؟
وإذا لم يكن يوحنا هو كاتب الإنجيل ، فمن هو الكاتب الحقيقي ؟
يجيب القس فهيم عزيز : " هذا السؤال صعب ، والجواب عنه يتطلب دراسة واسعة غالباً ما تنتهي بالعبارة : لا يعلم إلا الله وحده من الذي كتب هذا الإنجيل " .
وحاول البعض الإجابة عن السؤال من خلال تحديد صفات كاتب الإنجيل دون ذكر اسم معين، يقول جرانت: " كان نصرانياً ، وبجانب ذلك كان هيلينياً ، ومن المحتمل أن لا يكون يهودياً ، ولكنه شرقي أو إغريقي ، ونلمس هذا من عدم وجود دموع في عينيه علامة على الحزن عندما كتب عن هدم مدينة لليهود " .
وجاء في مدخل الإنجيل أن بعض النقاد " يترك اسم المؤلف ، ويصفونه بأنه مسيحي كتب باليونانية في أواخر القرن الأول في كنائس آسيا " .
وقال مفسر إنجيل يوحنا جون مارش : " ومن المحتمل أنه خلال السنوات العشر الأخيرة من القرن الأول الميلادي قام شخص يدعى يوحنا ، من الممكن أن يكون يوحنا مرقس خلافاً لما هو شائع من أنه يوحنا بن زبدى .. وقد تجمعت لديه معلومات وفيرة عن يسوع ، ومن المحتمل أنه كان على دراية بواحد أو أكثر من الأناجيل المتشابهة ، فقام حينئذ بتسجيل جديد لقصة يسوع ".
وقال المحقق رطشنبدر : " إن هذا الإنجيل كله ، وكذا رسائل يوحنا ليست من تصنيفه ، بل صنفها أحد في ابتداء القرن الثاني ، ونسبه إلى يوحنا ليعتبره الناس " .
ويوافقه استادلن ويرى أن الكاتب " طالب من طلبة المدرسة الإسكندرية ".
وقال الخوري في " تحفة الجيل " بأن كاتب الإنجيل هو تلميذ يوحنا المسمى بروكلوس.
وقال بعض المحققين ومنهم جامس ماك كينون ، واستيريتر في كتابه " الأناجيل الأربعة " بأن يوحنا المقصود هو تلميذ آخر من تلاميذ المسيح وهو ( يوحنا الأرشد ) ، وأن أرينوس الذي نسب إنجيل يوحنا لابن زبدى قد اختلط عليه أمر التلميذين .
وذكر جورج إيلتون في كتابه " شهادة إنجيل يوحنا " أن كاتب هذا الإنجيل أحد ثلاثة : تلميذ ليوحنا الرسول أو يوحنا الشيخ ( وليس الرسول ) أو معلم كبير في أفسس مجهول الهوية .
لكن ذلك لم يفت في عضد إيلتون الذي ما زال يعتبر إنجيل يوحنا مقدساً ، لأنه " مهما كانت النظريات حول كاتب هذا الإنجيل، فإن ما يتضح لنا جلياً بأن كاتبه كان لديه فكرة الرسول ، فإذا كتبه أحد تلاميذه فإنه بلا مراء كان مشبعاً بروحه .. ".
كما ذهب بعض المحققين إلى وجود أكثر من كاتب للإنجيل ، منهم كولمان حين قال : " إن كل شيء يدفع إلى الاعتقاد بأن النص المنشور حالياً ينتمي إلى أكثر من مؤلف واحد ، فيحتمل أن الإنجيل بشكله الذي نملكه اليوم قد نشر بواسطة تلاميذ المؤلف ، وأنهم قد أضافوا إليه "، ومثله يقول المدخل لإنجيل يوحنا .
ومن هذا كله ثبت أن إنجيل يوحنا لم يكتبه يوحنا الحواري ، ولا يعرف كاتبه الحقيقي ، ولا يصح بحال أن ننسب العصمة والقداسة لكاتب مجهول لا نعرف من يكون .
وعند غض الطرف عن مجهولية الكاتب واستحالة القول بعصمته عندئذ ، فإن ثمة مشكلات تثار في وجه هذا الإنجيل نبه المحققون إليها منها : اختلاف هذا الإنجيل عن باقي الأناجيل الثلاثة رغم أن موضوع الأناجيل الأربعة هو تاريخ المسيح .
إذ تتشابه قصة المسيح في الأناجيل الثلاثة ، بينما يظهر الإنجيل الرابع غريباً بينها ، فمثلاً : هو الإنجيل الوحيد الذي تظهر فيه نصوص تأليه المسيح ، بل هو أنشىء لإثبات ذلك كما يقول المفسر يوسف الخوري: " إن يوحنا صنف إنجيله في آخر حياته بطلب من أساقفة كنائس آسيا وغيرها ، والسبب : أنه كانت هناك طوائف تنكر لاهوت المسيح " .
ولما لم يكن في الأناجيل الثلاثة ما يدفع أقوال هذه الطوائف ، أنشأ يوحنا إنجيله ، وهذا المعنى يؤكده جرجس زوين، فيقول عن أساقفة آسيا أنهم اجتمعوا " والتمسوا منه أن يكتب عن المسيح ، وينادي بإنجيل مما لم يكتبه الإنجيليون الآخرون " .
ويقول الأب روغيه في كتابه المدخل إلى الإنجيل :" إنه عالم آخر ، فهو يختلف عن بقية الأناجيل في اختيار الموضوعات والخطب والأسلوب والجغرافيا والتاريخ ، بل والرؤيا اللاهوتية " .
وهذه المغايرة أوصلته إلى تقديم صورة للمسيح مغايرة تماماً عما في الأناجيل الثلاثة والتي يسميها البعض : " المتشابهة " أو " الإزائية " ، لذا تقول دائرة المعارف الأمريكية: " من الصعب الجمع بين هذا الإنجيل والأناجيل الثلاثة ، بمعنى أن لو قدرنا أنها صحيحة لتحتم أن يكون هذا الإنجيل كاذباً " .
يقول السير آرثر فندلاي في كتابه " الكون المنشور " معبرا عن هذا الاختلاف : " إن إنجيل يوحنا ليس له قيمة تستحق الذكر في سرد الحوادث الأكيدة ، ويظهر أن محتوياته لعب فيها خيال الكاتب دوراً بعيداً ".
ومن المشكلات التي تواجه هذا الإنجيل أيضاً أن أيدي المحرفين نالت هذا الإنجيل ، فأضافت فيه رواية المرأة الزانية ( انظر يوحنا 8/1 - 11 ) والتي يقول عنها مدخل هذا الإنجيل: " هناك إجماع على أنها من مرجع مجهول في زمن لاحق". وقد حذفت هذه القصة من النسخة القياسية المراجعة ( (r. S. V) لاعتبارها عبارة دخيلة على الإنجيل .

أبو صلاح الدين
07-07-2005, 03:15 PM
يقول الفاضل الكريم أد. منقذ بن محمود السقار في كتابه الماتع(هل العهد الجديد كلمة الله):

مصادر الأناجيل المسيحية:
عندما يتحدث النصارى عن إلهامية الأناجيل والرسائل يفهم منه أن ما كتبه الإنجيليون وحي الله الذي صاغه بعض البشر بعباراتهم وأساليبهم بعد أن ألهمهم روح القدس ما كانوا يكتبونه .
ولما ثبت لدينا براءة روح القدس من هذه الأناجيل وجهالة أصحابها ، وبطلان دعوى الإلهام المزعومة تساءل المحققون عن مصدر هذه الأناجيل وعن علاقة مواد بعضها ببعض، وهل من سبيل لمعرفة المصادر التي لجأ إليها الكاتبون الذين نسميهم متى ويوحنا ومرقس ولوقا ، مجازاً ومجاراة لـلعرف السائد فحسب ؟
منذ القرن الخامس الميلادي حاول النصارى من خلال النظر في التشابه فيما بين الأناجيل معرفة مصادر هذه الأناجيل ، وسجلت أول محاولة على يد القديس أوغسطين الذي قال بأن مرقس اقتبس من إنجيل متى ولخصه ، وأما لوقا فاستعمل في كتابته الإنجيلين .
وبقي رأي أوغسطين سائداً حتى نهاية القرن التاسع عشر، حيث أظهرت الدراسات الحديثة نظريات أخرى مخالفة لنظرية أوغسطين وأكثر دقة منها .
وقد لاحظ المحققون وجود تشابه كبير بين الأناجيل الثلاثة، ورأوا أن هؤلاء الإنجيليين نقل بعضهم من بعض، وقبل أن نذكر أهم هذه النظريات، لنقف على مدى التقارب بين الأناجيل الثلاثة التي يسميها البعض الإزائية أو المشتركة ( متى ومرقس ولوقا ) نتأمل الجدول التالي، وأما إنجيل يوحنا فهو إنجيل مختلف تماماً عن هذه الأناجيل الثلاثة.
متى مرقس لوقا
عدد جمل كل إنجيل 1068 661 1160
جمل مشتركة بين الأناجيل الثلاثة 330 330 330
جمل مشتركة بين متى ومرقس 178 178 -
جمل مشتركة بين مرقس ولوقا - 100 100
جمل مشتركة بين متى ولوقا 230 - 230
جمل مستقلة لكل منهم 330 53 500

وأول نظريات المصادر قدمها هوتزمان 1860م ، وأفادت هذه النظرية أن متى ولوقا تأثرا بمرقس خلافاً للمشهور ، كما تأثر متى ولوقا أيضاً بوثيقة مشتركة أخرى غير معروفة في العصور الحديثة ، كما كان لكل من متى ولوقا مصدر خاص نقل عنه كل منهما ما انفرد به .
وقول هوتزمان بأن مرقس أصل لمتى ولوقا ، تقول عنه دائرة المعارف البريطانية : " يكاد يكون مسلماً به ".
وأما إنجيل مرقس فالسائد عنه ما يقوله ابن البطريق : " كتب بطرس رئيس الحواريين إنجيل مرقس عن مرقس في مدينة رومية ، ونسبه إلى مرقس " ، ولا يخفى غرابة هذا القول إذ كيف ينقل بطرس الحواري عن مرقس الذي لا دليل على لقياه المسيح ؟!
وأما القول بأن مرقس أخذ عن بطرس إنجيله بعد أن رافقه في أسفاره فهو قول ممكن، لو ثبت نسبة الإنجيل إليه وكان قد رافق بطرس الحواري حقاً كما ذكر المؤرخ الأسقف بابياس ت 130م حين قال : " إن مرقس كان ترجماناً لبطرس ، قد كتب بالقدر الكافي من الدقة التي سمحت بها ذاكرته ما قيل عن أعمال يسوع وأقواله دون مراعاة لنظام ، لأن مرقس لم يكن قد سمع يسوع ، ولا كان تابعاً شخصياً له ، لكنه في مرحلة متأخرة - كما قلت أنا من قبل - قد تبع بطرس " .
لكن الدراسات الأحدث والأعمق قام بها الأبوان بينوا وبومارا الأستاذان بمعهد الكتاب المقدس بالقدس 1972 - 1973م تذكر أن النص الإنجيلي مر بمراحل وتطورات، يقول الأبوان : " إن بعض قراء هذا الكتاب سيندهشون أو سينزعجون عندما يعلمون أن كلمة المسيح تلك ، أو أن ذلك الرمز أو ذلك الخبر عن مصيره ، لم تكن ملفوظة كما نقرأها نحن ، بل إنها قد نقحت ، ثم كيفت من الذين نقلوها إلينا ، أما بالنسبة إلى الذين لم يألفوا هذا النوع من البحث العلمي فيمكن أن يكون هذا مصدراً للدهشة ، بل للفضيحة ".
ويذكر الأبوان أن الأناجيل مرت في تدوينها بمرحلتين،، حيث وجدت أربع مصادر نقل عنها الإنجيليون بصورة متشابكة ، فتكونت كتب وسيطة تمثل الكتابات الأولية للإنجيليين ، وفي المرحلة الثانية ظهرت الكتابات النهائية للأناجيل الأربعة بعد أن اعتمد كل منهم وبصورة متشابكة أيضاً على كتابات بعض في المرحلة الأولى أو الأولية .
والمصادر الأولية كما يرى بينوا وبومارا هي :
- الوثيقة ( أ ) ونبعت من أوساط يهودية مسيحية ، وألهمت متى ومرقس .
- الوثيقة ( ب ) هي المادة التفسيرية للوثيقة ( أ ) ، واستخدمتها الكنائس المسيحية ذات الأصول الوثنية ، وألهمت جميع المبشرين ما عدا متى .
- الوثيقة ( ج ) وألهمت مرقس ولوقا ويوحنا .
- الوثيقة ( ق ) تكون معظم المصادر الشائعة بين متى ولوقا .
ولم تؤد أية وثيقة من هذه الوثائق الأساسية إلى تحرير النصوص النهائية التي في حوزتنا ، فبينها وبين التحرير النهائي توجد تآليف وسيطة خاصة بكل إنجيل " .
وهذا الذي نقلناه من حديث النصارى عن المصادر - ورغم الخلاف فيها واحتمالية أن تظهر نظريات أخرى - فإن مجرد البحث في موضوع هذه المصادر ينقض الادعاء القائل بإلهامية الأناجيل وصلتها بالروح القدس ، أو حتى التلاميذ.
وأما تلك الوثائق المجهولة التي نقل عنها كتبة الأناجيل فهي حلقة أخرى من سلسلة المجاهيل التي تكتنف الأناجيل وكتابها وسني تدوينها و... .
إنجيل المسيح

وإذا كانت هذه الأناجيل والرسائل من صنع البشر وتأليفهم، وإذا كان أصحابها لم يدعوا لأنفسهم أنهم يسجلون كلمة الله، فكيف أضحت هذه الكتابات مقدسة وإلهية؟ وأين الإنجيل الذي أنزله الله على عيسى، والذي يومن به المسلمون؟

الإنجيل الصحيح: إنجيل المسيح
تساءل المحققون طويلاً عن إنجيل المسيح الذي أنزله الله على عيسى ، ذلكم الإنجيل الذي يؤمن به المسلمون والذي تذكره الأناجيل كثيراً .
لكن الإجابة النصرانية هي صمت مطبق وتجاهل لوجود الإنجيل ، فنقطة البدء عندهم للإنجيل أو العهد الجديد تبدأ من الحواريين وهم يسطرون الرسائل والأناجيل .
لكن هذه الرسائل التي ألفت في النصف الثاني من القرن الأول تتحدث في نصوص كثيرة عن إنجيل المسيح ، ولا تذكر شيئاً عن الأناجيل التي لم يكن مرقس - أول الإنجيليين - قد خط شيئاً منها، إذ أن بولس – ولـه أربعة عشر رسالة في العهد الجديد - قتل سنة 62 بينما ألف مرقس أول الأناجيل عام 65م ، ثم تتابعت العشرات من الأناجيل بعد ذلك وهي تشير أيضاً إلى إنجيل المسيح أو إنجيل الله .

نصوص تتحدث عن إنجيل المسيح
تحدث بولس ثم الإنجيليون عن إنجيل المسيح في نصوص كثيرة منها: قول بولس: " إني أعجب أنكم تنتقلون هكذا سريعاً عن الذي دعاكم بنعمة المسيح إلى إنجيل آخر .. يوجد قوم يريدون أن يحولوا إنجيل المسيح .. " ( غلاطية 1/6 - 8 ) ، فهو يتحدث عن إنجيل حقيقي يتركه الناس إلى إنجيل آخر مزور.
ومثله قول بولس " بل نتحمل كل شيء لئلا نجعل عائقاً لإنجيل المسيح .. أمر الرب أن الذين ينادون بالإنجيل من الإنجيل يعيشون " ( كورنثوس (1) 9/12 - 14 ).
ويقول متوعداً: " الذين لا يطيعون إنجيل ربنا يسوع ، الذين سيعاقبون بهلاك أبدي " ( تسالونيكي (2) 1/8 - 9 ) .
وفي الأناجيل الأربعة وسفر أعمال الرسل حديث عن إنجيل حقيقي، ففي أعمال الرسل أن بطرس قام وقال: " أيها الرجال الإخوة : أنتم تعلمون أنه منذ أيام قديمة اختار الله بيننا أنه بفمي يسمع الأمم كلمة الإنجيل ويؤمنون " ( أعمال 15/7 ) .
وعندما سكبت المرأة الطيب عند قدمي المسيح قال: " الحق أقول لكم حيثما يكرز بهذا الإنجيل في كل العالم يخبر أيضاً بما فعلته هذه تذكاراً لها ". ( متى 26/13 )، وهو بالطبع لا يقصد إنجيل مرقس الذي ألفه مرقس بعد القصة بسنوات طويلة .
ويقول مرقس: " من يهلك نفسه من أجلي ومن أجل الإنجيل فهو يخلصها ". ( مرقس 8/35).
والملاحظ أن هذه النصوص تتحدث عن إنجيل واحد، وليس الأناجيل الأربعة أو السبعين التي رفضتها الكنيسة، وتسمي النصوص هذا الإنجيل، إنجيل الله، وإنجيل المسيح.
وقد تهرب عموم النصارى من الإقرار بوجود إنجيل حقيقي هو إنجيل المسيح ، فقالوا : لم ينزل على المسيح شيء ، بل الإنجيل هي أقواله الشخصية ، وقد سطرها الإنجيليون ، وهذا بالطبع متسق مع قولهم بألوهية المسيح، إذ لا يليق بالإله أن يؤتى كتاباً فهذا حال الأنبياء .
لكن يرد هذه الدعوى ذكر النصوص التي تحدثت عن وحي الله إلى المسيح منها قوله: " أنا أتكلم بما رأيت عند أبي " ( يوحنا 8/38 ).
وقوله: " أتكلم بهذا كما علمني أبي " ( يوحنا 8/28 ).
ويثبت في موضع آخر أنه يوحى إليه كسائر الأنبياء، فيقول: " الكلام الذي أعطيتني قد أعطيتهم " ( يوحنا 14/24 ).

الإقرار بوجود إنجيل المسيح وفقده
كما نقل رحمة الله الهندي في كتابه الماتع إظهار الحق عن بعض علماء النصرانية إقرارهم بوجود إنجيل يسوع قبل ضياعه واختفائه ، ومنهم مارش وليكرك وكوب وأكهارن وغيرهم ، يقول أكهارن: " إنه كان في ابتداء الملة المسيحية في بيان أحوال رسالة المسيح رسالة مختصرة يجوز أن يقال أنها هي الإنجيل الأصلي ، والغالب أن هذا الإنجيل كان للمريدين الذين كانوا لم يسمعوا أقوال المسيح بآذانهم ، ولم يروا أحواله بأعينهم ، وكان هذا الإنجيل بمنزلة القلب ".
ويصف الدكتور هارناك هذا الإنجيل فيقول : " والإنجيل الذي قام بتبليغه المسيح إنما كان يتعلق بالأب وحده ، ولا يتعلق بالابن ، وليس ذلك أمراً متضاداً ، كما أنه ليس عقلانية ، وإنما هو عرض بسيط ساذج للحقائق التي بينها مؤلفو الأناجيل " .
يا مسلمون أحضروا إنجيل المسيح!!
ولنا أن نتساءل إن كان هذا الإنجيل مما أمرت الكنيسة بإحراقه ضمن الأناجيل الكثيرة التي حرمتها وأمرت بحرقها في مجمع نيقية .
فكثيراً ما نسمع مطالبة النصارى للمسلمين أن يظهروا إنجيل المسيح الذي يدعونه ، فيجيب العلامة منصور حسين في كتابه الفريد "دعوة الحق بين المسيحية والإسلام": " إنه منذ فجر المسيحية، وبعد رفع المسيح ، وقبل الإسلام كان هناك العديد من الأناجيل ، قبل المسيحيون أربعاً منها فقط .. والباقي - كما وجدنا - طوردت وأحرقت ، والذين طاردوها هم المسيحيون أنفسهم وأحرقوها ، وليس المسلمون ، وليدلنا سيادته (أي القمص باسيليوس، وهو أحد المرددين لهذه العبارة) عليها ، وحينئذ أدله من بينها على الإنجيل الصحيح ، أما أن يحرقها المسيحيون ، ثم يطالبون المسلمين ... فهذا غير معقول " .
إذاً قد اختفى إنجيل المسيح،وعهدة إحضاره باقية في ذمة النصارى. وما زال الكلاك للدكتور الفاضل: منقذ السقار, إذ يقول:
تناقضات الأناجيل في رواياتها بعض الأحداث

نسب المسيح
منها تناقض متى ولوقا في نسب يوسف النجار ، كما تناقض لوقا ومتى مع ما جاء في سفر الأيام الأول وهو يتحدث عن بعض ملوك إسرائيل الذين جعلهم متى من أجداد المسيح . يقول متى: " كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم . إبراهيم ولد إسحق . وإسحق ولد يعقوب . ويعقوب ولد يهوذا وإخوته ، ويهوذا ولد فارص وزارح من ثامار . وفارص ولد حصورن . وحصرون ولد أرام ، وأرام ولد عمينا داب . وعمينا داب ولد نحشون . ونحشون ولد سلمون ، وسلمون ولد بوعز من راحاب . وبوعز ولد عوبيد من راعوث . وعوبيد ولد يسى ، ويس ولد داود الملك .
وداود الملك ولد سليمان من التي لأوريا ، وسليمان ولد رحبعام . ورحبعام ولد أبيا . وأبيا ولد آسا . وآسا ولد يهوشافاط . ويهوشافاط ولد يورام . ويورام ولد عزيا . وعزيا ولد يوثام . ويوثام ولد أحاز . وأحاز ولد حزقيا . وحزقيا ولد منسي . ومنسي ولد آمون . وآمون ولد يوشيا. ويوشيا ولد يكنيا وإخونه عند سبي بابل .
وبعد سبي بابل يكنيا ولد شالتئيل . وشالتئيل ولد زربابل . وزربابل ولد أبيهود . وأبيهود ولد ألياقيم . وألياقيم ولد عازور . وعازور ولد صادوق . وصادوق ولد أخيم . وأخيم ولد أليود. وأليود ولد أليعازر، وأليعازر ولد متان . ومتان ولد يعقوب . ويعقوب ولد يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع الذي يدعى المسيح .
فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلاً . ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلاً ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً " ( متى 1/1 - 17 ) .
لكن لوقا يورد نسباً آخر للمسيح يختلف تمام الاختلاف عما جاء في متى يقول لوقا :" ولما ابتدأ يسوع كان له نحو ثلاثين سنة وهو - على ما كان يظن - ابن يوسف بن هالي ، بن منثات بن لاوي بن ملكي بن ينا بن يوسف بن متاثيا ابن عاموص بن ناحون بن حسلي بن نجاي ، بن ماث بن متاثيا بن شمعي بن يوسف بن يهوذا ، بن يوحنا بن ريسا بن زربابل بن شالتبئيل بن نيري ، بن ملكي بن أدى بن قصم بن ألمودام بن عير ، بن يوسي بن أليـعازر بن يوريم بن متثات بن لاوي . بن شمعون بن يوذا بن يوسف بن يونان بن ألياقيم بن مليا بن مينان بن متاثا بن ناثان بن داود .بن يسى بن عوبيد بن بوعز بن سلمون بن نحشون بن عميناداب بن أرام بن حصورن بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهمي بن تارح بن ناحور ، بن سروج بن رعو بن فالج بن عابر بن شالح بن فينان بن أرفكشاد بن سام بن نوح بن لامك بن متوشالح بن أخنوخ بن يارد بن مهللئيل بن قينان بن أنوش بن شيت بن آدم ابن الله " ( لوقا 3/23 - 38 ) .
توقف المحققون ملياً عند التناقض في نسب المسيح ، وقد استوقفتهم ملاحظات منها :
- أن متى ولوقا اتفقا فيما بين إبراهيم وداود ، ثم اختلفا بعد ذلك اختلافاً كبيراً ، فقد جعل متى المسيح من ذرية ملوك بني إسرائيل سليمان ثم رحبعام ثم أبيا ثم آسا ثم يهوشافاط .... ، بينما يجعله لوقا من نسل ناثان بن داود وليس في أبنائه من ملك على بني اسرائيل .
- ولا يعقل أن يكون المسيح من ذرية أخوين أي سليمان وناثان ابنا داود عليه السلام .
- وأيضاً بلغ الاختلاف بين القوائم الثلاث مدى يستحيل الجمع فيه على صورة من الصور ، فالاختلاف في أعداد الأجيال كما الأسماء ، وثمة خلل في الأنساب وإسقاط لعدد من الآباء .
- وقد حرص متى على تقسيم سلسلة الأنساب التي ذكرها إلى ثلاثة مجموعات في كل منها أربعة عشر أباً فيقول: " فجميع الأجيال من إبراهيم إلى داود أربعة عشر جيلاً ، ومن داود إلى سبي بابل أربعة عشر جيلاً ، ومن سبي بابل إلى المسيح أربعة عشر جيلاً " ( متى 1/17 ) .
لكن متى لم يوف بالأرقام التي ذكرها إذ لم يذكر بين المسيح والسبي سوى إثني عشر أباً. وقد تصرف متى في المجموعة الثانية فأسقط عدداً من الأسماء ليحافظ على الرقم 14 فأسقط ما بين يورام وعزيا ثلاثة آباء ، هم أخزيا بن يورام وابنه يواشى وابنه أمصيا والد عزيا .
- وأما ما جاء في مقدمة لوقا " وهو على ما كان يظن " فقد يظن فيه النصارى مهرباً من الاعتراف بهذا التناقض لكن هذه العبارة قد وضعت في النسخ الإنجليزية بين قوسين ( ) للدلالة على عدم وجودها في المخطوطات القديمة، أي أنها دخيلة وتفسيرية.
لكن العبارة في سائر اللغات العالمية موجودة من غير أقواس ، أي أصبحت جزءاً من المتن (الوحي ).
ولعل صورة التناقض والتلاعب تتضح إذا تأملنا في الجدول الذي يقارن بين سلسلتي لوقا ومتى، ونضع إلى جوارهما ما جاء في سفر (الأيام الأول 3/10-19)، لنقف على الأسماء التي أسقطها متى، لتنتظم له سلسلته التي أرادها، فقد غير في نسب المسيح، لتتناسب وحساباته الخاصة:

م إنجيل متى (1/1-17) أخبار الأيام (3/10-19) إنجيل لوقا (3/23-38) م إنجيل متى (1/1-17) أخبار الأيام (3/10-19) إنجيل لوقا (3/23-38)
1 داود داود داود 22 زربابل زربابل شالتئيل
2 سليمان ناثان ناثان 23 أبيهود حننيا زربابل
3 رحبعام رحبعام متاثا 24 الياقيم ريسا
4 أبيا أبيا مينان 25 عازور يوحنا
5 أسيا اسا مليا 26 صادوق يهوذا
6 يهوشافاط يهوشافاط الياقيم 27 أخيم يوسف
7 يورام يورام يونان 28 أليود شمعى
8 عزيا أخزيا يوسف 29 اليعازر متائيا
9 ... يواش يهوذا 30 متان مآث
10 ... أمصيا شمعون 31 يعقوب نجاى
11 ... عزريا لاوى 32 يوسف حسلى
12 يوئام يوثام متثات 33 ناحوم
13 أحاز أحاز بوريم 34 عاموص
14 حزقيال حزقيال اليعازر 35 مُتاثيا
15 منسى منس يوسى 36 يوسف
16 آمون آمون عير 37 ينًا
17 يوشيا بوشيا المودام 38 ملكى
18 ... يهوياقيم قصم 39 لاوى
19 يكنيا يكنيا أدى 40 متثات
20 شالتئيل شالتئيل ملكى 41 هالى
21 ... فدايا نيرى 42 يوسف
والسؤال كيف يجمع علماء الكتاب المقدس بين تناقضات أنساب المسيح ؟
قال بعضهم: " لا يراد من هذا شجرة نسب كامل ، … أسماء قد سقطت من بعض الإنجيليين ، وهذا للتوضيح الموصل إلى الرغبة بإثبات سلالة مؤسسة على الصحة التاريخية في خطوطها العريضة أو عناصرها الأساسية " .
ولكن بوكاي لا يرى هذا التبرير مقبولاً ، لأن النصوص لا تسمح بمثل هذا الافتراض، إذ أن نص التوراة الذي اعتمد عليه الإنجيليون يقول : فلان في عمر كذا أنجب كذا ، ثم عاش كذا من السنين ، وهكذا فليس ثمة انقطاع .
ويقول صاحب كتاب " شمس البر " معرفتنا بطريقة تأليف جداول النسب في تلك الأيام قاصرة جداً " ، ويعلق بوكاي " لاشك أن نسب المسيح في الأناجيل قد دفع المعلقين المسيحيين إلى بهلوانيات جدلية متميزة صارخة تكافئ الوهم والهوى عند كل من لوقا ومتى " .
لكن النتيجة الخطيرة والمهمة المترتبة على وجود هذا التناقض هي : أن إنجيل متى لم يكن معروفاً للوقا مع أنه قد سبقه بنحو عشرين سنة ، ولو كان لوقا يعرفه ، أو يعتبره إنجيلاً مقدساً لراجعه ولما خالفه ، فدل ذلك على عدم وجود إنجيل متى يومذاك ، أو إسقاط الاعتبار له .
ثم ماذا عن يوحنا ومرقس لم أهملا نسب المسيح ، فلم يذكراه ؟ هل يرجع ذلك لشكهما في صحة متى ولوقا أم خوفاً من سخرية اليهود أم ..... ؟ ثم يتعامل مرقس ويوحنا بوضوح تام مع المسيح على أنه ابن ليوسف النجار.

ملاحظات هامة حول نسب المسيح
ومن التأمل في سلسلتي نسب المسيح تبين للمحققين بعض الملاحظات .
1 ) ما علاقة يوسف النجار بالمسيح
عند التأمل في سلسلة نسب المسيح نجد أن النصارى جعلوا نسب يوسف النجار نسباً للمسيح الذي لا أب له ، وليس ثمة علاقة بينه وبين يوسف النجار، ولو كان المذكور نسب مريم لكان له وجه ، أما يوسف النجار فلا .
ثم إن نسبة المسيح ليوسف النجار تؤكد ماكان اليهود يشيعه عن مريم وابنها، إذ هي نسبة غير حقيقية ، ثم إن اشتهار المسيح بأنه ابن يوسف النجار يجرد المسيح من إحدى أعظم المعجزات التي اختص بها  ، فلم يصر عليها النصارى ؟
وإن أصر النصارى على قدم هذه النسبة التي أوردتها الأناجيل فإنا حينذاك نراها دالة على عبوديته لله ، وأن معاصريه كانوا يرونه بشراً عادياً جاء من سلالة بشرية، وكانوا يسمونه ابن النجار، وهذا يدل على أن دعوى الألوهية التي أحدثها بولس لم تكن قد سرت حينذاك وإلا لما احتيج إلى نسب للمسيح الإله .
2 ) جدات المسيح المذكرات في نسب متى
ثم نلحظ أن متى ذكر في نسب المسيح أربع جدات للمسيح هن ثامار ، وزوجة داود التي كانت لأوريا الحثي ، وراحاب ، وراعوث. فما السر في ذكر هؤلاء الجدات دون سائرهن ؟ هل كن نساء فوق العادة حتى خلدهن الإنجيل؟
إن لكل واحدة من الأربع سوءة تذكرها التوراة ، فأما ثامار فهي التي ولدت فارص زنا من والد أزواجها الذين تعاقبوا عليها واحداً بعد واحد تنفيذاً لما جاء في الناموس عن زواج الرجل من أرملة أخيه ، وهكذا ولدت ثامار فارص من والد أزواجها يهوذا ( انظر قصتها مع يهوذا في التكوين 38/2 - 30 ) .
وأما زوجة أوريا الحثي فهي التي تتهم التوراة زوراً داود بأنه فجر بها، وهي زوجة لأحد قادته فحملت ، ثم دفع داود بزوجها إلى الموت ، وتزوجها بعد وفاته ، وكان حملها بالنبي سليمان أحد أجداد المسيح. ( انظر القصة في صموئيل (2) 11/1 - 4 ) .
وأما راحاب زوجة سلمون ، وأم بوعز ، وكلاهما من أجداد المسيح - حسب متى -، فراحاب هي التي قال عنها يشوع: "امرأة زانية اسمها راحاب " ( يشوع 2/1 ) وذكر قصة زناها في سفره .
وأما راعوث فهي راعوث المؤابية زوجة بوعز وأم عوبيد ، والتوراة تقول: " لايدخل عموي ولا مؤابي في جماعة الرب، حتى الجيل العاشر " ( التثنية 23 / 3 ) .
ولحسن الحظ هذه المرة فإن المسيح ليس داخلاً في هذا الطرد، إذ هو الجيل الثاني والثلاثون لها.
3 ) أجداد المسيح
أما أجداد المسيح الذكور الذين ذكر متى منهم اثنان وثلاثون أباً ( إلى دواد ) وذكر لوقا اثنان وأربعون أباً ، فهؤلاء أيضاً لا يتشرف المسيح بأن يكونوا من آبائه لو كان ما تذكره التوارة صحيحاً ، وحاشا أن يكون ذلك صحيحاً فإن أربعة من هؤلاء الآباء تذكر التوراة أنهم فعلوا الزنا ، وبعضهم كان الزنا المنسوب إليه زنا محارم ، وهؤلاء الأربعة هم يهوذا ، وداود ، وسليمان ، ورحبعام .
وأما يهوياقيم أحد أجداد المسيح كما في سفر الأيام الأول " بنو يوشيا: البكر يوحانان، الثاني يهوياقيم، الثالث صدقيا، الرابع شلّوم. وابنا يهوياقيم: يكنيا ابنه، وصدقيا ابنه" (الأيام (1) 3/14-15)، فيهوياقيم اسم أسقطه متى من نسبه للمسيح،بين يوشيا وحفيده يكنيا، ولا يخفى على المحققين سبب إسقاطه لاسمه ، فحسب سفر الأيام فقد ملك يهوذا، فأفسد فقال الله فيه: " لا كون له جالس على كرسي داود ، وتكون جثته مطروحة للحر نهاراً وللبرد ليلاً ، وأعاقبه ونسله وعبيده على إثمهم " ( إرميا 36/30 - 31 )
ثم بعد ذلك يزعم النصارى أن المسيح سيرث كرسي داود يقول لوقا في أعمال الرسل: " من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد ليجلس على كرسيه " ( أعمال 2/30 ) ويقول: " الرب الإله يعطيه كرسي داود أبيه " ( لوقا 1/32 ) .... فكيف يتفق هذا مع نص إرميا ؟ولم يصر النصارى على ذكر هؤلاء الآباء والأمهات للمسيح ؟
يقول مفسر الإنجيل وعلماء اللاهوت " هنا تكمن الروعة برمتها ، فإن الله أحب الخطاة إلى درجة أنه لن يستنكف أن يجعل أسلاف ابنه مثل هؤلاء ".

أسماء التلاميذ الإثني عشر
ومن التناقضات بين الأناجيل أيضاً اختلاف الأناجيل في أسماء التلاميذ الإثني عشر ، إذ يقدم العهد الجديد أربع قوائم للتلاميذ الاثني عشر تختلف كل واحدة عن الأخرى ، وبيانه :
أن أسماء التلاميذ ذكرها متى في إنجيله ( 10/1 - 4 ) ، ومرقس أيضاً ( انظر 3/16 ) ، وذكرها لوقا في إنجيله في ( 6/14 ) ثم في أعمال ( 1/13 ) .
وتتشابه القوائم الأربعة في تسعة أسماء وهي سمعان بطرس وأخوه اندرواس ويعقوب بن زبدى وأخوه يوحنا وفيلبس وبرثو لماوس وتوما ومتى ويعقوب بن حلفي .
ويتفق متى ومرقس ولوقا على ذكر يهوذا الأسخريوطي، فيما أهمل في أعمال الرسل.
وأما الاسمين الباقين فتختلف القوائم فيهما اختلافاً بيناً ، فيذكر متى ومرقس اسم سمعان القانوي، فيما يذكر لوقا في الإنجيل والأعمال سمعان الغيور .
ويذكر متى ومرقس اسم تداوس فيكملان به الاثني عشر ، فيما يذكر لوقا في إنجيله وأعمال الرسل يهوذا بن حلفي.
وإذا كانت الأناجيل تختلف بأمر بمثل هذه الأهمية والوضوح ، فكيف لنا أن نثق بما وراء ذلك من أخبار ووقائع وتفصيلات تعرضها عن حياة المسيح وغيره .

من الذي طلب الملكوت الأم أم ابناها؟
ومن تناقضات الأناجيل أيضاً ما تناقض فيه متى مع مرقس ، فقد ذكر متى أنه " تقدمت إليه أم ابني زبدي مع ابنيها وسجدت وطلبت منه شيئاً وقالت له : قل : أن يجلس ابناي هذان، واحد عن يمينك ، والآخر عن اليسار في ملكوتك ، فأجابها يسوع: لستما تعلمان ما تطلبان ... " ( متى 20/20 - 23 ) .
وفي مرقس تذكر القصة نفسها وبنفس حيثياتها ، لكن الذي طلب الملكوت هما الابنان وليس أمهما كما ذكر مرقس: " وتقدم إليه يعقوب ويوحنا ابنا زبدي قائلين: يا معلّم نريد أن تفعل لنا كل ما طلبنا. .. فقالا له: أعطنا أن نجلس واحد عن يمينك، والآخر عن يسارك في مجدك. فقال لهما يسوع: لستما تعلمان ما تطلبان...." ( مرقس 10/35 - 38 ) .

هل أوصى المسيح تلاميذه بأخذ العصا والأحذية أم أوصاهم بتركها؟
ومن التناقضات أن مرقس يذكر وصية المسيح لتلاميذه بعد أن أعطاهم سلطاناً على الأرواح النجسة فقال : وأوصاهم أن لا يحملوا شيئاً للطريق غير عصا فقط، لا مزوداً ولا خبزاً ولا نحاساً في المنطقة ، بل يكونوا مشدودين بنعال ، ولا يلبسوا ثوبين " ( مرقس 6/8 - 9 ).
لكن الوصية في متى تتفق مع مرقس في أمور وتختلف في أخرى فقد جاء فيها: " لا تقتنوا ذهباً ولا فضة ولا نحاساً في مناطقكم ، ولا مزوداً لطريق ولا ثوبين ولا أحذية ولا عصا " ( متى 10/9 - 10 ). فقد تناقضا في وصية المسيح بخصوص العصا والأحذية .

هل حضر القائد إلى المسيح؟
ويذكر متى أن المسيح عندما دخل كفر ناحوم " جاء إليه قائد مائة يطلب إليه ويقول : يا سيدي، غلامي مطروح في البيت مفلوجاً متعذباً جداً " ( متى 8/5 - 7 ) .
ويروي لوقا القصة وذكر بأن القائد لم يأت للمسيح بل " فلما سمع عن يسوع (أي القائد) أرسل إليه شيوخ اليهود يسأله أن يأتي ويشفي عبده ، فلما جاءوا إلى يسوع طلبوا إليه باجتهاد .." ( لوقا 7/3 - 4 ) فهل حضر القائد أم لم يحضر .

أم المجنونة، كنعانية أم فينيقية؟
وجاءت المرأة تشكو إلى المسيح مرض ابنتها بالجنون ، وهذه المرأة عند متى " كنعانية " ( متى 15/22 ).
غير أنها عند مرقس " فينيقية سورية " ( مرقس 7/26 ) فأيهما الصحيح ؟
متى يبست التينة؟
وتتحدث الأناجيل عن إتيان المسيح شجرة تين ، فلما وجدها غير مثمرة دعا عليها قائلاً: " لاتخرج منك ثمرة إلى الأبد ، فيبست تلك الشجرة للوقت ، فنظر التلاميذ وتعجبوا " ( متى 21/19 – 20 ) ، إذاً كان يباسها في الحال.
وهذا ما يناقضه مرقس إذ ذكر دعاء المسيح على الشجرة ثم " لما صار المساء خرج إلى خارج المدينة ، وفي الصباح إذ كانوا مجتازين رأوا التينة قد يبست من الأصول فتذكر بطرس ، وقال له : يا سيدي انظر التينة التي لعنتها قد يبست " ( مرقس 11/19 – 20 ) ومعنى هذا أنها لم تيبس في الحال ، كما لم يكتشف التلاميذ يباسها إلا في الغد .
وننبه إلى أنه من غير المعقول أن يدعي المسيح على الشجرة التي قصدها في غير وقت إثمارها "لأنه لم يكن وقت تين "(مرقس 11/13) فذلك يلحق الضرر بأصحابها وهو من التعدي والظلم .

هل يوحنا المعمدان هو إيلياء؟
ويذكر يوحنا أن الكهنة واللاويين أرسلوا إلى يوحنا المعمدان ليسألوه : من أنت ؟ فسألوه وقالوا : " أأنت إيليا ؟ فقال : لست أنا " (يوحنا 1/20 - 22).
لكن متى يذكر أن المسيح قال عنه بأنه إيليا " الحق أقول لكم: لم يقم بين المولودين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان. ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه.. وإن أردتم أن تقبلوا فهذا هو إيليا المزمع أن يأتي. من له أذنان للسمع فليسمع" ( متى 11/14 ).
وفي موضع آخر قال المسيح ، وهو يقصد يوحنا : " ولكني أقول لكم : إن إيليا قد جاء ولم يعرفوه ، بل عملوا به كل ما أرادوا "(مرقس 9/13). حينئذ فلزم من هذا التناقض تكذيب أحد النبيين . اهـ ما قاله الدكتور الفاضل منقذ بن محمود السقار.







الأدلة من الإنجيل على أن عيسى رسول الله, وليس هو الله، أو ابن الله
أ- في إنجيل متى فقرة 4:
(ثم صعد الروح بيسوع إلى البرية، ليجرّب من قبل إبليس، وبعدما صام أربعين نهاراً، وأربعين ليلة، جاع أخيراً، فتقدم إليه المجرب وقال له: "إن كنت ابن الله، فقل لهذه الحجارة أن تتحول إلى خبز!" فأجابه قائلاً: "قد كتب: ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله!" ثم أخذه إبليس إلى المدينة المقدسة، وأوقفه على حافة سطح الهيكل، وقال له: "إن كنت ابن الله، فاطرح نفسك إلى أسفل، لأنه قد كتب: يوصي ملائكته بك، فيحملونك على أيديهم لكي لا تصطدم قدمك بحجر!" فقال له يسوع: "وقد كتب أيضاً لا تجرب الرب إلهك!".
ثم أخذه إبليس أيضاً إلى قمة جبل عال جداً، وأراه جميع ممالك العالم وعظمتها، وقال له: "أعطيك هذه كلها إن جثوت وسجدت لي!" فقال له يسوع: "اذهب يا شيطان! فقد كتب: للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد!".
فتركه إبليس، وإذا بعض الملائكة جاءوا وأخذوا يخدمونه).
وفي هذا النص من الأدلة على عبودية المسيح لله ما يلي:
1- أن روح القدس (وهو ملاك الرب الذي ينزل بالوحي من الله للأنبياء) أصعد عيسى إلى البرية ليمرنه ويجربه على عصيان إبليس والرد عليه، ويعرفه بأساليبه في الغواية ليحذرها، ويستحيل لو كان عيسى هو الله أو أنه الله كما تدعي النصارى أن يأخذه الملاك ليعلمه!! كيف يتقي شر الشيطان، فهل يحتاج خالق للسماوات والأرض إلى تعليم؟!
2- صام عيسى أربعين يوماً وليلة وجاع.. فهل الرب يصوم ويجوع!! أم أن الرب الإله لا بد وأن يكون غنياً عن كل ما سواه.. قال تعالى في القرآن في بيان بطلان كون عيسى وأمه إلهين: {ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون} فمن يحتاج إلى الطعام لا يكون إلهاً ورباً وخالقاً، لأن الإله الرب لا بد وأن يكون غنياً عن كل ما سواه، ولا شك أن من يأكل من البشر ويشرب ويبول ويتغوط.. فهل يوصف الإله بذلك؟ أليس لمن يقول بألوهية المسيح وربوبيته من عقل يميزون بين الرب الإله الخالق المنزه عن كل نقص وبين الإنسان المحتاج الفقير العاجز؟؟
3- تقدم الشيطان إليه ليجربه بقوله له: إن كنت ابن الله حقاً اقلب هذه الأحجار إلى خبز.. أي لتأكل منها بعدما جعت، ورد عيسى عليه بأنه (ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان، بل بكل كلمة تخرج من فم الله). ومعنى أنه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان أي أن الحياة الحقيقية ليست بما يحيي الجسد فقط، وإنما الحياة الحقيقية بما يحيي الروح فمن آمن بالله وعمل بكلماته فهو الحي حقيقة، وأما الكافر الذي يعيش لبطنه فقط فهو ميت في ظاهر حي كما قال تعالى في القرآن: {أو من كان ميتاً فأحييناه وجعلنا له نوراً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها} أي لا يستوي هذا وهذا.. فمن كان ميتاً أي بالكفر فأحيينا أي بالإيمان وجعلنا له نوراً أي هداية وشريعة يعرف بها الحلال من الحرام والحق من الباطل، والهدى من الضلال، والشرك من التوحيد، والصلاح من الفساد، ليس يستوي هذا ومن هو ضال لا يهتدي يعيش للدنيا فقط ولا يميز بين شرك وتوحيد، وهدي وضلال، وخير وشر.
معنى ابن الله كما ورد في النص:
4- ألفاظ ابن الله التي جاءت في الأناجيل والكتب المقدسة عند النصارى من المتشابه الذي يجب رده إلى المحكم فإن هذه اللفظة (ابن الله) استخدمت في عيسى، وفي أتباعه، وفي كل مؤمن بالله غير كافر به.. وقد ادعاها كل من اليهود والنصارى جميعاً كما قال تعالى في القرآن: {وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه}.
وهذه الكلمة تحتمل معنيين: بنوة الهداية، والإيمان، والتشريف، وهو ما يسمونه بالبنوة الروحية، ويقال في مقابلها: أبناء الشيطان، وأبناء الأفاعي كما جاء في الإنجيل في وصف اليهود: (يا أبناء الأفاعي)، والكل يعلم أنهم ليسوا أبناء الأفاعي من النسب، ولا الشيطان من الصلب، وإنما نسبوا إلى الأفاعي لمكرهم وخطرهم، وسمومهم، وإلى الشيطان لتلبيسهم، وكذبهم.
والنسبة إلى الله بالأبناء للهداية، والتوفيق، والعمل بشريعة الله، والسير على هداه، والإستضاءة بنوره المنزل على عباده المرسلين.
والمعنى الثاني نبوة النسب، والإبن الذي هو قطعة من أبيه، وبضعة منه.
ولا شك عند كل ذي لب، وإيمان، وبصيرة، وتمييز بين الخالق، والمخلوق أن المعنى الثاني منتف عن الله سبحانه وتعالى، فليس بين الله وأحد من خلقه بنوة نسب قط، تعالى عن ذلك علواً كبيراً، وإذا كانت هذه اللفظة: (ابن الله) دائرة في المعنى بين بنوة الشريف، والإيمان، والتقديس، والمحبة.. وبين بنوة النسب، والولادة، والجزئية، فتكون هذه اللفظة هنا من المتشابه الذي يجب أن يحمل على المحكم الذي لا يتغير معناه، واللفظ المحكم هو ما لا يكون معناه إلا واحداً، ولا يختلف أهل اللسان فيه، ولا أهل العقل حول حقيقة معناه.
ونحن نورد هنا عشرات من الأدلة من الإنجيل نفسه أن لفظ (ابن الله) الوارد في الأناجيل، وفي كتب رسل المسيح -عليه السلام- ما أريد بها إلا بنوة التشريف، والتقديس، والرفعة، والمحبة، وأنها لا تنتمي إلى بنوة النسب، والولادة بأي حال تعالى الله عما يقول الجاهلون الكافرون الضالون علواً كبيراً.
فقول إبليس المتكرر.. (إن كنت ابن الله) هو من هذا الباب. ومن ذلك قول عيسى لتلاميذه:- (وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم، ويضطهدونكم لتكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات) (متى 6/45).
وقوله عليه السلام: (فعندما تصلي فادخل غرفتك، وأغلق عليك بابك، وصل إلى أبيك الذي في الخفاء، وأبوك الذي يرى في الخفاء هو يكافئك) (متى 6/7).
ومثل هذا كثير جداً من الكلام المنسوب إلى المسيح عليه السلام، وكله شاهد أنه كان يستعمل اسم (الأب) في التعبير عن الله بمعنى المربي، والذي يكلأ عباده المؤمنين وليس بمعنى أبوة النسب، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
5- قول إبليس لعيسى: "إن كنت ابن الله فاطرح نفسك إلى أسفل لأنه قد كتب: يوصي ملائكته بك فيحملونك على أيديهم لكي لا تصطدم قدمك بحجر"!! فقال عيسى: (وقد كتب أيضاً: لا تجرب الرب إلهك)!! .
في هذا النص إقرار عيسى لإبليس على النص السابق من كلام الله، وأنه هو المقصود به، وإذا كان هو المقصود بذلك، فكيف يكون هو ابن الله أو الله كما يدعون ويزعمون أن صفاته وأعماله هي صفات الرب وأعماله ثم يقال عنه: (يوصي ملائكته بك)!!
فهل يحتاج الإله الرب أن يُوَصَّى عليه، وأن يكون الملائكة حفظٌ له، وحماية له ألا يصطدم قدمه بحجر!!، وهل يكون من يحتاج أن تحميه الملائكة من السقوط إلا عبداً محتاجاً ذليلاً فقيراً؟!!
6- قول عيسى –عليه السلام- رداً على إبليس وقد كتب أيضاً: "لا تجرب الرب إلهك"!!
فهذا من أعظم الأدلة على أن عيسى يعتقد أن الله سبحانه وتعالى هو ربه، وهو إلهه وأنه لا يحسن به أن يجربه بمعنى أن يطلب منه شيئاً لينظر أيقدر عليه أم لا؟ فإذا كان عيسى –عليه السلام- هو الله كما يزعمون فمن يجرب؟! هل يجرب أباه؟! فينظر أيحميه من الحجارة أم لا؟ أم يجرب نفسه فينظر هل يستطيع إذا قفز من فوق الهيكل أن يحمي نفسه من السقوط أم لا؟ تباً لعقول تقرأ ولا تفقه!!.
هل هناك أصرح من هذا الدليل في أن عيسى -عليه السلام- يتبرأ من الحول، والقوة، ويجعل الله وحده هو صاحب الحول، والقوة، وأنه هو وحده ربه وإلهه.
7- دعوة إبليس للمسيح -عليه السلام- أن يسجد له!! وقوله له بعد أن أراه من فوق جبل عال جداً جميع ممالك العالم، وعظمتها: "أعطيك هذه كلها إذا جثوت، وسجدت لي"! وقول عيسى عليه السلام رداً عليه: (اذهب يا شيطان، وقد كتب: للرب إلهك تسجد، وإياه وحده تعبد) فيه من الأدلة على فساد معتقد النصارى في ألوهية المسيح وربوبيته الشيء الكثير فمن ذلك:-
أ- عرض إبليس عليه ممالك الدنيا، وإيراءه إياها، واطلاعه عليها، ولو كان عيسى هو الله، أو ابن الله لقال له: أنا مالكها، وخالقها، وهي لي، وتحت تصرفي؟ بل ما كان لإبليس أن يتجرأ أصلاً ليقول للإله، أعطيك هذه إن سجدت لي!!..
ب- عجباً أن يأمر إبليس خالق السماوات والأرض أن يسجد له!! ألا يستحي النصارى وهم يقرأون هذا الكلام!! ألا يستحون أن من يعتقدون فيه الألوهية، والربوبية أن يصحبه إبليس، ويعرض عليه السجود له مقابل أن يملكه الدنيا.
ج- لو كان عيسى هو الله أو ابن الله لما كان رده على عرض إبليس هذا أن يقول: لا قد نزل في كتب الأنبياء السابقين: "للرب إلهك تسجد وإياه وحده تعبد".
هل هناك أصرح من هذا في أن عيسى دعا إلى عبادة لله خالق السماوات، والأرض، وأن عيسى لا يعبد إلا الله، ولا يسجد إلا له سبحانه وتعالى.
يكفي هذا الدليل لكل من يريد بصيرة في الدين أن عيسى عليه السلام جاء ليقول كما قال الله عنه: {وقال المسيح يا بني إسرائيل: اعبدوا الله ربي وربكم إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار}.
د- يأس الشيطان من عيسى، وذهابه عنه، وعدم قدرته عليه حق لعصمة الله له تحقيقاً لقول امرأة عمران أم مريم عندما وضعت مريم: {رب إني وضعتها أنثى والله أعلم بما وضعت وليس الذكر كالأنثى وإني سميتها مريم.. وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم}، وليس من ذرية مريم إلا عيسى عبدالله ورسوله، وقد أعاذه الله الشيطان الرجيم صغيراً وكبيراً.
8- وقول الإنجيل: "فتركه إبليس، وإذا بعض الملائكة جاءوا إليه وأخذوا يخدمونه" دليل جديد على عبودية المسيح، فالذي يحتاج إلى الخدمة هو العبد الفقير المحتاج، وهم جاءوه، ولم يستدعهم، وهذا مما يدل على أن الله أرسلهم إليه، وهم كانوا يخدمونه، ولم يأتوا ليعبدوه، والرب سبحانه وتعالى تعبده الملائكة، ولا تخدمه، لأنه الحي القيوم القائم بنفسه المقيم لغيره، فالملائكة تحتاجه، وهي فقيرة إليه، وأما هو فغني عن الجميع سبحانه وتعالى.
ب- جاء في إنجيل متّى:12
جاء أن عيسى -عليه السلام- بعد أن وعظ الناس بموعظة بليغة في الهيكل، وحذّر اليهود، من أن عقوبة الله ستحل بهم قريباً في مدن صور، وصيدا، وكفر ناحوم، وأنه سيكون لها مثل ما صار لقرى لوط سدوم، وعمورة.
قال عيسى بعد ذلك:
راحة للتعابى:
"أحمدك أيها الأب، رب السماء والأرض، لأنك حجبت هذه الأمور عن الحكماء والفقهاء، وكشفتها للأطفال! نعم أيها الأب، لأنه هكذا حسن في نظرك. كل شيء قد سلمه إليّ أبي، ولا أحد يعرف الإبن إلا الأب، ولا أحد يعرف الأب إلا الإبن، ومن أراد الإبن أن يعلنه له.
تعالوا إليّ يا جميع المتعبين، والرازحين تحت الأحمال الثقيلة، وأنا أريحكم، إحملوا نيري عليكم، وتتلمذوا على يديّ، لأني وديع متواضع القلب، فتجدوا الراحة لنفوسكم، فإن نيري هين، وحملي خفيف!" (متّى:12/26-30).
وفي هذا النص من دلائل عبودية المسيح -عليه السلام- ما يلي:
1- توجهه بالحمد إلى خالق السماوات والأرض -سبحانه وتعالى-، ولو كان هو الله لحمد نفسه، وأثنى على ذاته.
2- جعله شرح صدور الأطفال والصغار إلى الدين الحق، وحجب هذا عن رؤساء اليهود، وعظماء ديانتهم، وأن هذه مشيئة الله سبحانه وتعالى (لأنه هكذا حسن في نظرك) وهذا شبيه بما جاء في القرآن الكريم من أن الله يهدي من يشاء ويضل من يشاء، وأنه هدى لنوره كثيراً ممن لم يكن يؤبه بهم كما قال تعالى في القرآن الكريم: {وكذلك فتناّ بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا، أليس الله بأعلم بالشاكرين}.
3- وأما قول عيسى كما جاء في الإنجيل: (كل شيء قد سلمه لي أبي..) فمعناه أن الطريق إلى الله في وقت عيسى لا يكون إلا باتباعه، ولا يجوز أن يفهم منه أن الله قد سلمه مقاليد السماوات والأرض، وإدخال الجنة، والنجاة من النار بدليل أن الهداية بيد الله، وأنه قد وفق لها من شاء من عباده كما جاء: (لأنه هكذا حسن في نظرك)، ولأن عيسى في كل أمر كان يفزع إلى الله، ويدعوه، فقد دعاه، وألحّ عليه أن يصرف عنه كأس الموت بعد أن علم بتآمر اليهود عليه لقتله، وقد دعاه من أجل تلاميذه، وأدعية عيسى -عليه السلام- وطلبه من الله في الإنجيل كثيرة..
وإنما معنى قوله: (كل شيء قد سلمه لي أبي) هو ما قلناه، وهذا من باب {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم}، فالهداية في وقت عيسى -عليه السلام- لا تكون إلا باتباعه لأنه الرسول المرسل في وقته، ولا يجوز لهم إلا اتباعه، والكفر به كفر بالله.
وكذلك الحال بعد بعثة محمد صلى الله عليه وسلم فالإسلام الحق، والدين المقبول عند الله لا يكون إلا باتباعه لأنه الرسول المرسل إلى الجميع: إلى اليهود، والنصارى، والمشركين، وكل الملل والطوائف، والأجناس لا قبول لأحد عند الله إلا باتباعه، وطاعته.
4- وصف عيسى -عليه السلام- لنفسه هنا بأنه وديع، ومتواضع، القلب، وصف لائق بالعبد، وأما الرب سبحانه وتعالى فهو متصف بالرحمة، ومعها الجبروت، وبالحلم ومعه الشدة، والمؤاخذة كما قال تعالى في القرآن الكريم: {نبيء عبادي أني أنا الغفور الرحيم وأن عذابي هو العذاب الأليم}، فالله، -سبحانه وتعالى- هو الرب الرحيم الودود، وهو كذلك الجبار المتكبر القوي ذو القوة المتين، شديد العقاب، ذو الطّول لا إله إلا هو إليه المصير، وأما صفات الرحمة، والوداعة وحدها فهي لائقة بالعبد، وعيسى -عليه السلام- لم يكن إلا عبداً لله سبحانه، وتعالى ولذلك لم يصف نفسه دائماً إلا بالرقة، والوداعة، والضعف، والإنكسار..
ج- جاء في الأناجيل أن عيسى -عليه السلام- كان دائماً يذكر تلاميذه أنه رسول الله إليهم، وأن الإله وحده هو الله سبحانه وتعالى، وأن عيسى -عليه السلام- ليس إلا مجرد رسول تفضّل الله عليه بكل ما أعطاه، وهذه بعض النصوص في هذا الصدد.
في إنجيل يوحنا 8/32-48:
وفي معرض جدال عيسى لليهود الذي آمن بعضهم به، وكفر بعضهم، كما قال تعالى في القرآن: {فآمنت طائفة وكفرت طائفة}، قال عيسى -عليه السلام- للذين آمنوا به من اليهود: "إن ثبتم في كلمتي، كنتم حقاً تلاميذي، وتعرفون الحق، والحق يحرركم". فرد اليهود: "نحن أحفاد إبراهيم، ولم نكن قط عبيداً لأحد! كيف تقول لنا: إنكم ستصيرون أحراراً؟" أجابهم يسوع: "الحقّ الحقّ أقول لكم: إن من يرتكب الخطيئة يكون عبداً لها، والعبد لا يبقى في بيت سيده دائماً: أما الابن فيعيش فيه أبداً، فإن حرركم الابن تصيرون بالحق أحراراً، أنا أعرف أنكم أحفاد إبراهيم، ولكنكم تسعون إلى قتلي، لأن كلمتي لا تجد لها مكاناً في قلوبكم، إني أتكلم بما رأيته عند الأب، وأنتم تعملون ما سمعتم من أبيكم". فاعترضوه قائلين: "أبونا إبراهيم!" فقال: "لو كنتم أولاد إبراهيم لعملتم أعمال إبراهيم، ولكنكم تسعون إلى قتلي وأنا إنسان كلمتكم بالحق الذي سمعته من الله، وهذا لم يفعله إبراهيم، أنتم تعملون أعمال أبيكم!" فقالوا له: "نحن لم نولد من زنا! لنا أب واحد هو الله"، فقال يسوع: "لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني، لأني خرجت من الله وجئت، ولم آت من نفسي، بل هو الذي أرسلني، لماذا لا تفهمون كلامي لأنكم لا تطيقون سماع كلمتي! إنكم أولاد أبيكم إبليس، وشهوات أبيكم ترغبون في أن تعملوا.. فهو من البدء كان قاتلاً للناس، ولم يثبت في الحق لأنه خالٍ من الحق، وعندما نطق بالكذب فهو ينضح بما فيه، لأنه كذاب، وأبو الكذب! أما أنا فلأني أقول الحق لستم تصدقونني، من منكم يثبت على خطيئة؟ فما دمت أقول الحق، فلماذا لا تصدقونني؟ من كان من الله حقاً، يسمع كلام الله، ولكنكم ترفضون كلام الله، لأنكم لستم من الله!" أ.هـ (إنجيل يوحنا 8/31-42).
أ- فانظر إلى ما نسبه يوحنا إلى المسيح –عليه السلام- هنا: (لو كان الله أباكم لكنتم تحبونني لأنني خرجت من الله وجئت، لم آت من نفسي، بل هو الذي أرسلني) واليهود دائماً كانوا يدعون أنهم أبناء الله وأحباؤه، كما قال تعالى في القرآن عنهم: {وقالت اليهود نحن أبناء الله وأحباؤه قل فلم يعذبكم بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ولله ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وإليه المصير} (المائدة).
وقد رد المسيح على قولهم أنهم أبناء الله فقال لهم لو كنتم أبناء الله حقاً كما تدعون لآمنتم بي لأني خرجت من عند الله، أي أن الله هو الذي أخرجه وأرسله، قال عيسى: (لم آت من نفسي بل هو الذي أرسلني) وهذا نص في أنه مجرد رسول أرسله الله تعالى، وليس إلهاً كما تدعي النصارى وكفرت به، أن جوهره من جوهر الرب، تعالى الله عن ذلك.
ب- وفي هذا النص مما يوافق ما جاء في القرآن العزيز سعي اليهود -عليهم لعنة الله- في قتل عيسى بن مريم -عليه السلام- ولذلك قال لهم عيسى هنا (لو كنتم أبناء إبراهيم لعملتم أعمال إبراهيم، ولكنكم تسعون إلى قتلي وأنا إنسان كلمتكم بالحق الذي سمعته من الله) فاحتج عيسى -عليه السلام- وأبطل مدعاهم في بنوتهم لإبراهيم أنهم لو كانوا أبناءه حقاً. بنوة إيمان ومتابعة له لعملوا مثل عمله في الإيمان والعمل الصالح، ولما سعوا في قتل عيسى بن مريم الذي هو رسول الله يدعو إلى الإيمان والعمل الصالح كما كان إبراهيم كذلك.. ولكنهم كما قال عيسى أبناء الشيطان لعملهم مثل عمله.
وهذا يدلك على أن إطلاق لفظ الابن في لغتهم تطلق على بنوة النسب، وبنوة الطاعة، فسائغ في لغتهم أن يطلق علي المطيع لأمره الله ابن الله، والمطيع للشيطان ابن الشيطان ، ولا شك أن عيسى -عليه السلام- يعلم يقيناً أن اليهود هم من نسل إبراهيم فهم أولاد إسحاق، وإسحاق بن إبراهيم عليهما السلام ونفيه هنا أن يكونوا أبناء إبراهيم ليس نفي بنوة النسب وإنما نفي بنوة الطاعة والإتباع والمحبة على ما هو جار في لغتهم.
ج- وقول عيسى -عليه السلام- (لأني خرجت من الله وجئت) ليس كما ادعت النصارى أنه مولود من الله، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً.
فالإله الواحد سبحانه وتعالى: {لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد} وإنما هذا كقوله -عليه السلام- أيضاً (من كان من الله حقاً يسمع كلام الله، ولكنكم ترفضون كلام الله لأنكم لستم من الله).
د- وفي هذا النص مما يوافق القرآن الكريم في اتهام اليهود -عليهم لعنة الله- لعيسى -عليه السلام- أنه ابن زنا كما قال تعالى عنهم في القرآن الكريم: {وقولهم على مريم بهتاناً عظيماً}.
وفي هذا النص يقولون لعيسى عليه السلام معرضين به ( نحن لم نولد من زنا!! لنا أب واحد هو الله)، وهذا تعريض بعيسى -عليه السلام- واتهام له ولأمه برأها الله وشرفها..
هـ- قال عيسى –عليه السلام-: (لم آت من نفسي بل هو الذي أرسلني) وهذا يثبت أن عيسى –عليه السلام- رسول الله، وليس هو الله أو أن له مشيئة مع الله وقد تكرر ورود مثل هذا النص كثيراً في الأناجيل:
1- (ولكن الذي أرسلني هو الحق، وما أقوله للعالم هو ما سمعته منه) (يوحنا 8/27).
2- (إن الذي أرسلني هو معي، ولم يتركني وحدي لأني دوماً أعمل ما يرضيه) (يوحنا 8/30).
وهذا نص واضح في عبودية عيسى -عليه السلام-، وخضوعه لإرادة الله، وتعبده بما يرضي الرب تبارك وتعالى، ولو كان إلهاً مع الله بمشيئة مستقلة كما تدعي النصارى لما كان يقول (ودائماً أعمل ما يرضيه)، وأما معية الله لعيسى فهي كائنة لكل مؤمن يتقي الله سبحانه وتعالى، ومعية الله للأنبياء -عليهم السلام- عظيمة لأن الله يرعاهم ويصنعهم على عينه كما قال تعالى لموسى -عليه السلام- لما أرسله إلى فرعون:
{إنني معكما أسمع وأرى}. وقال أيضاً: {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون}.
ومعية الله مع المؤمنين معية تأييد، ونصر، ورعاية، وعيسى -عليه السلام- كان رسولاً باراً تقياً، وكان الله معه دائماً بالتأييد، والرعاية، والنصرة.
3- في إنجيل يوحنا - أيضاً- أن عيسى -عليه السلام- بعد أن أحيا (لعازر) الذي مات منذ أربعة أيام رفع بصره إلى السماء، وقال:
(أيها الأب أشكرك لأنك سمعت لي، وقد علمت أنك دوماً تسمع لي، ولكني قلت هذا لأجل الجمع الواقف حولي ليؤمنوا أنك أنت أرسلتني) (يوحنا 11/42،43).
وهذا النص يوضح أن عيسى -عليه السلام- كان يحيي الموتى بإذن الله، وليس من عند نفسه، ولا بقوته، وقدرته، وأن الله -سبحانه وتعالى- قد أقدره على إحياء الموتى ليكون هذا معجزة له، ودليلاً على نبوته، ورسالته كما قال تعالى في القرآن: {وإذ تخرج الموتى بإذني}.
فإخراج الموتى من قبورهم الذي صنعه عيسى إنما صنعه بأمر الله -عز وجل- وإقداره له عليه، لا لأنه هو ابن الله صفته صفة الرب، أو أن له قدرة من ذاته أن يحيي الموتى وإنما أقدره الله على ذلك ليعلم الجميع أنه رسول الله كما جاء في نص الإنجيل: (لأجل الجمع الواقف حولي ليؤمنوا أنك أنت أرسلتني) وقد كانت الجموع حوله تنتظر هذه المعجزة، وكل ما طلبه عيسى أن يشهدوا له فقط بالرسالة، وأن الله هو الذي أرسله، ولو كان هو الله لقال لهم: انظروا بقدرتي صنعت، وأحييت، وخلقت، ورزقت، وسبحان الله أن يكون له ولد، أو أن يكون له شريك في الملك، أو شريك في الألوهية، فلا إله إلا هو، ولا رب سواه سبحانه وتعالى.
4- (في إنجيل يوحنا 13-21):
أن عيسى -عليه السلام- قال لتلاميذه عندما أرسلهم لنشر الدعوة: (من يقبل الذي أرسله يقبلني، ومن يقبلني يقبل الذي أرسلني).
وهذه العبارة كقول الرسول الخاتم صلى الله عليه وسلم: [من أطاع أميري فقد أطاعني، ومن أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصى أميري فقد عصاني، ومن عصاني فقد عصى الله].
والشاهد أن عيسى -عليه السلام- قال: (من يقبلني يقبل الذي أرسلني) فيخبر أن الله سبحانه وتعالى هو الذي أرسله إلى بني إسرائيل.
5- في إنجيل يوحنا أن المسيح -عليه السلام- قال:
"والحياة الأبدية هي أن يعرفوك أنت الإله الحق وحدك، والذي أرسلته يسوع المسيح". وفي هذا دليل على الخلود في الجنة للذي يؤمن بالله الإله الحق وحده سبحانه وتعالى، وأنه هو الذي أرسل عيسى المسيح عليه السلام. (يوحنا 17/3-4).
6- في إنجيل يوحنا أيضاً:
أن عيسى -عليه السلام- لما أحس بقرب انتهاء وجوده على الأرض شرع يصلي (يدعو) من أجل أن يحفظ الله تلاميذه، فقال في جملة صلاته:-
"أظهرت اسمك للناس الذين وهبتهم لي من العالم (أي الذين آمنوا بي) وقد عملوا بكلمتك، وعرفوا الآن أن كل ما وهبته لي فهو منك لأني نقلت إليهم الوصايا التي أوصيتني بها فقبلوها، وعرفوا حقاً أنني خرجت من عندك (أي لست ابن زنا كما يدعي اليهود لعنهم الله) وآمنوا أنك أنت أرسلتني" (يوحنا 17/8،9).
7- وقال أيضاً:
"أيها الأب البار إن العالم لم يعرفك، وأما أنا فعرفتك، هؤلاء عرفوا أنك أنت أرسلتني وقد عرفتهم اسمك، وسأعرفهم أيضاً لتكون فيهم المحبة التي أحببتني بها، وأكون أنا فيهم" أ.هـ
وهذا النص دليل واضح أن عيسى –عليه السلام- كان نبياً رسولاً صالحاً، عرف الله ولم يكن هو الله، لأن الرب الإله لا يجهل شيئاً قبل وجوده، ولا يعرف شيئاً لم يكن يعرفه، وغاية عيسى –عليه السلام- كما دل عليه النص أنه آمن بالله وعرفه يوم كفر الناس، وأنه علَّم تلاميذه اسم الله، وصفاته، وأنه كان يتضرع لربه من أجلهم، ويتمنى أن تبقى فيهم روح الوحي التي نشرها فيهم وعلمهم إياها، وأن تظل تعاليمه في نفوسهم وهذا معنى قوله: (وأكون أنا فيهم) وإلا فإن عيسى -عليه السلام- لا يحل في تلاميذه، ولا يحل تلاميذه فيه، وإنما الذي يكون في التلاميذ من المعلم هو العلم الذي علمه، والنور الذي نشره، والهدى الذي هداهم به، والإيمان الذي يجمع بين أهله، فأهل الإيمان جميعاً ملائكة وبشراً قد حل فيهم نور الإيمان، وهداية الله، ورحمته، ورضوانه، وتنزلت عليهم سكينته.
ولا يفهم من مثل هذه العبارات أن ذات الله سبحانه أو صفاته جل وعلا تحل في مخلوقاته، ومصنوعاته، ومخترعاته، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، فالرب جل وعلا هو الإله الواحد الأحد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد.
10- إطلاق لفظ (الأب) على الله سبحانه وتعالى بمعنى المربي والرحمن، وليس بمعنى أبو النسب:
تكرر استعمال لفظ الأب في الأناجيل التي يعتمدها النصارى بمعنى المربي، والرحمن، وهي نسبة تحبب إلى الله، وتقرب منه، وليست مطلقاً نسبة بنوة، ونسب وهذه جملة من الأقوال المنسوبة إلى عيسى -عليه السلام-:
1- قول عيسى -عليه السلام- "وصلوا من أجل الذين يسيئون إليكم، ويضطهدونكم لتكونوا أبناء أبيكم الذي في السماوات" (متّى 6/34).
2- وقوله أيضاً: "فكونوا أنتم كاملين كما أن أباكم السماوي كامل" (متّى 6/34).
3- وقوله أيضاً: "أما أنت فعندما تتصدق على أحد فلا تدع يدي اليسرى تعرف ما تفعل اليمنى لتكون صدقتك في الخفاء، وأبوك السماوي الذي يرى في الخفاء هو يكافئك".
4- وقوله أيضاً: "أما أنت فعندما تصلي فادخل غرفتك وأغلق الباب، وصلِّ إلى أبيك الذي في الخفاء، وأبوك الذي يرى في الخفاء هو يكافئك".
5- وقوله أيضاً -عليه السلام-: "فصلوا أنتم الصلاة: أبانا الذي في السماوات، ليتقدس أسمك! ليأت ملكوتك! لتكن مشيئتك على الأرض كما هي في السماء! خبزنا كفافنا أعطنا اليوم! واغفر لنا ذنوبنا، كما نغفر نحن للمذنبين إلينا! ولا تدخلنا في تجربة، لكن نجنا من الشرير! فإن غفرتم للناس زلاتهم، يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم، وإن لم تغفروا للناس لا يغفر لكم أبوكم السماوي زلاتكم" (متّى 6/15).
6- وقوله -عليه السلام- أيضاً: "وأما أنت فعندما تصوم، فاغسل وجهك، وعطر رأسك لكي لا تظهر للناس صائماً بل لأبيك الذي في الخفاء، وأبوك الذي في الخفاء هو يكافئك" (متّى 6/18".
7- وقوله أيضاً: "تأملوا طيور السماء لأنها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع في مخازن، وأبوكم السماوي يعولها" (متّى 6/27).
8- وقوله: "لا تحملوا الهم قائلين: ما عسانا نأكل، ما عسانا نشرب، أو ما عسانا نكتسي فهذه الحاجات كلها تسعى إليها الأمم، فإن أباكم السماوي يعلم حاجتكم إلى هذه كلها، وأما أنتم فاسعوا أولاً إلى ملكوت الله وبره" (متّى 6/34).
9- وقوله أيضاً -عليه السلام-: "اطلبوا تعطوا.. اسعوا تجدوا. اقرعوا يفتح لكم.. إلى أن يقول: فأي إنسان فيكم يطلب منه ابنه خبزاً فيعطيه حجراً، أو سمكة فيعطيه حية، فإن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالأحرى جداً يعطي أبوكم السماوي عطايا جيدة للذين يطلبون منه" (متّى 7/12).
10- وكذلك ما جاء في إنجيل مرقص (12/26،27) على لسان عيسى -عليه السلام-: "ومتى وقفتم تصلون، وكان لكم على أحد شيء فاغفروا له لكي يغفر لكم أبوكم الذي في السماوات زلاتكم، ولكن إن لم تغفروا، لا يغفر لكم أيضاً أبوكم الذي في السماوات زلاتكم".




الإسلام والمسيح عليه الصلاة والسلام



معنى أن عيسى كلمة الله:
ومعنى أن عيسى كلمة الله، أي أن الله -سبحانه وتعالى - قد خلقه بالكلمة وهي (كن) كما قال تعالى: {إنما مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون}. وهذا الذي ذكره جميع المفسرين من السلف أن تسمية عيسى بكلمة الله أنه مخلوق بالكلمة، وأن الكلمة نفسها ليست ذات عيسى، أو أنه خلق منها، تعالى الله عن ذلك.
فكلمات الله غير مخلوقة، كما قال الإمام ابن كثير رحمه الله في تفسيره: "خلقه بالكلمة التي أرسل بها جبريل إلى مريم، فنفخ فيها من روحه بأمر ربه عز وجل؛ فكان عيسى –عليه السلام- بإذن الله عز وجل؛ فهو ناشيء عن الكلمة التي قال له: {كن} فكان، والروح التي أرسل بها: هو جبريل عليه السلام".
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فيمن زعم أن عيسى -عليه السلام- مخلوق من الكلمة أي أن الكلمة هي نفس عيسى قال: "فلا ريب أن المصدر يعبر به عن المفعول به في لغة العرب، كقولهم: هذا درهم ضرب الأمير، ومنه قوله: (هذا خلق الله)، ومنه تسمية المأمور به أمراً، والمقدور قدرة، والمرحوم به رحمة والمخلوق بالكلمة كلمة، لكن هذا اللفظ إنما يستعمل مع ما يقترن به مما يبين المراد، كقوله: {يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى ابن مريم وجيهاً في الدنيا والآخرة ومن المقربين}، فبين أن الكلمة هو المسيح.
ومعلوم أن المسيح نفسه ليس هو الكلام {قالت: أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر! قال كذلك الله يخلق ما يشاء، إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون} فبين لما تعجبت من الولد أنه سبحانه يخلق ما يشاء؛ إذا قضى أمراً أن يقول له كن فيكون، فدل ذلك على أن هذا الولد مما يخلقه الله بقوله: {كن فيكون}؛ فلهذا قال أحمد بن حنبل: عيسى مخلوق بالكن؛ ليس هو نفس الكن ولهذا قال في آية أخرى: {إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون} فقد بين مراده أنه خلق بكن لا أنه نفس كن ونحوها من الكلام. (الفتاوي (20/493-494).


معنى أن عيسى -عليه السلام- روح الله:
وأما معنى أن عيسى روح الله فهو أنه عليه الصلاة والسلام قد خلق بنفخة الملك الذي أرسله الله إلى مريم، وهذا الملاك هو جبريل، والذي سماه الله روح القدس كما جاء في قوله تعالى: {قل نزله روح القدس من ربك بالحق} فمنزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم هو جبريل وسمي روح القدس أي الروح المقدسة، لأن الله نزهه وقدسه وهو روح لأنه نزل بالروح، كما سمّى الله القرآن روحاً فقال: {وكذلك أنزلنا إليك روحاً من أمرنا}..
وأما نسبة روح القدس إلى الله فنسبة تشريف كما قال تعالى لمريم: {فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً، قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقياً قال إنما أنا رسول ربك لأهب لك غلاماً زكياً}.
والنسبة إلى الله إن كانت معنى لا يقوم بنفسه، ولا بغيره من المخلوقات وجب أن يكون صفة لله سبحانه وتعالى كما نقول سَمْعُ الله، وبَصَرُ الله، ورحمةُ الله، وإن كان المضاف إلى الله عيناً قائمة بنفسها كما نقول بيتُ الله، وناقةُ الله، ورسول الله، فهذه مخلوقات أضيفت إلى الله، وإضافتها هنا إلى الله إضافة تشريف وتعظيم.
وكذلك الشأن في وصف عيسى بأنه روح الله، ومعلوم أن عيسى ذات إنسانية فتسمية روح الله تسمية تشريف كما سمي جبريل كذلك روح الله تشريفاً له، وتقديساً.
وبهذا نفهم معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: [وأن عيسى عبدالله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه]. وفي الحديث الآخر: [ائتوا عيسى عبدالله ورسوله وكلمة الله، وروحه] (حديث البخاري، كتاب التفسير باب 2 حديث 1).


انتهى ما أردت أن أقوله, والحمد لله أولا وآخرا.


قائمة المصادر والمراجع:

* القرآن الكريم .
* الكتاب المقدس . طبعة : دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط .
* إنجيل برنابا . ترجمة : خليل سعادة . ط . دار الوثائق . الكويت ، 1406 هـ .

*هل العهد الجديد كلمة الله للدكتور منفذ محمود السقار

*شهادة الإنجيل علي أن عيسى عبد الله ورسوله لعبد الرحمن عبد الخالق

* إسرائيل حرفت الأناجيل والأسفار المقدسة . أحمد عبد الوهاب . ط1 .مكتبة وهبة . القاهرة، 1972م.
* الأسفار المقدسة قبل الإسلام . صابر طعيمة . عالم الكتب . ط1 . بيروت ، 1406هـ .
* إظهار الحق . رحمة الله الهندي . تحقيق : محمد أحمد ملكاوي . ط1. دار الحديث . القاهرة ، 1404هـ.
* البرهان المبين في تحريف أسفار السابقين . أحمد عبد الوهاب . مكتبة التراث الإسلامي . القاهرة.
* التوراة والإنجيل والقرآن والعلم . موريس بوكاي . ترجمة : حسن خالد . ط2 . المكتب الإسلامي . بيروت ، 1410هـ .
* حول موثوقية التوراة والأناجيل . محمد السعدي . منشورات جمعية الدعوة الإسلامية العالمية . طرابلس . ليبيا ، 1406هـ .
* دراسة عن التوراة والإنجيل . كامل سعفان . دار الفضيلة . القاهرة .
* دعوة الحق بين المسيحية والإسلام . منصور حسين عبد العزيز . ط2 . مكتبة علاء الدين . الإسكندرية ، 1972م .
* العقائد الوثنية في الديانة النصرانية . محمد طاهر . محمد المجذوب . دار الشواف ، 1992م .
* الفارق بين الخالق والمخلوق . عبد الرحمن البغدادي . ضبط وتعليق : عصام فارس الحرستاني . ط1 . مكتبة دار عمار . عمان ، 1409هـ .
* قراءات في الكتاب المقدس . عبد الرحيم محمد . ( بدون معلومات نشر ) .
* القرآن الكريم والكتاب المقدس . أيهما كلمة الله ؟أحمد ديدات .
* الكتاب المقدس في الميزان . عبد السلام محمد . ط1 . دار الوفاء ، 1412هـ .
* الله جل جلاله والأنبياء عليهم السلام في التوراة والعهد القديم . محمد علي البار . ط . دار القلم. دمشق ، 1410هـ .
* المسيحية الحقة التي جاء بها المسيح . علاء أبو بكر . ط1 . مكتبة وهبة . القاهرة ، 1418هـ .
* المناظرة الحديثة في علم مقارنة الأديان . أحمد ديدات . جمع وترتيب : أحمد السقا . ط1 . مكتبة زهرة ، 1408هـ .
* مناظرة العصر . أحمد ديدات و القس أنيس شروش . ترجمة : علي الجوهري . دار الفضيلة .
* مناظرتان في استكهولم . أحمد ديدات والقس شوبرج . دار الفضيلة .
* هل الكتاب المقدس كلمة الله ؟أحمد ديدات . ترجمة : نورة النومان . دار الهجرة . دمشق ، 1408هـ .


تـنبـيه: مقالي هذا ملخص من الكتب التي في قائمة المراجع, وخاصة (هل العهد الجديد كلمة الله) وهو كتاب ماتع خطير ومهم جدا.

muslimah
07-07-2005, 05:54 PM
اقتباس

================================================== =====
إن أحداً من كتاب العهد الجديد - سوى بولس - لم يدع لنفسه الإلهام ، بل سجلت كتاباتهم أن هذا العمل جهد بشري خالص لم يقصد كاتبوه أن يسجلوا من خلاله كتباً مقدسة.
================================================== =====
هل التناقض في روايته لظهور المسيح له وحي إلهي؟

ولماذا ظهر له المسيح؟ هل عجز عن إنمام مهمته في حياته فاضطر إلى الاستعانة ببولس؟

وهل هذا وحي إلهي :-

Rom:16:1: 1. ‎اوصي اليكم باختنا فيبي التي هي خادمة الكنيسة التي ‏في كنخريا‎ (SVD)‎
Rom:16:2: 2 ‎كي تقبلوها في الرب كما يحق للقديسين وتقوموا لها ‏في اي شيء احتاجته منكم.لانها صارت مساعدة لكثيرين ولي انا ايضا‎ ‎‎(SVD)‎
Rom:16:3: 3 ‎سلموا على بريسكلا واكيلا العاملين معي في المسيح ‏يسوع‎. (SVD)‎
Rom:16:4: 4 ‎اللذين وضعا عنقيهما من اجل حياتي اللذين لست انا ‏وحدي اشكرهما بل ايضا جميع كنائس الامم‎. (SVD)‎
Rom:16:5: 5 ‎وعلى الكنيسة التي في بيتهما.سلموا على ابينتوس ‏حبيبي الذي هو باكورة اخائية للمسيح‎. (SVD)‎
Rom:16:6: 6 ‎سلموا على مريم التي تعبت لاجلنا كثيرا‎. (SVD)‎
Rom:16:7: 7 ‎سلموا على أندرونكوس ويونياس نسيبيّ المأسورين ‏معي اللذين هما مشهوران بين الرسل وقد كانا في المسيح قبلي‎. (SVD)‎
Rom:16:8: 8 ‎سلموا على أمبلياس حبيبي في الرب‎. (SVD)‎
Rom:16:9: 9 ‎سلموا على اوربانوس العامل معنا في المسيح وعلى ‏استاخيس حبيبي‎. (SVD)‎
Rom:16:10: 10 ‎سلموا على أبلّس المزكى في المسيح.سلموا على ‏الذين هم من اهل ارستوبولوس‎. (SVD)‎
Rom:16:11: 11 ‎سلموا على هيروديون نسيبي.سلموا على الذين هم ‏من اهل نركيسوس الكائنين في الرب‎. (SVD)‎
Rom:16:12: 12 ‎سلموا على تريفينا وتريفوسا التاعبتين في ‏الرب.سلموا على برسيس المحبوبة التي تعبت كثيرا في الرب‎. (SVD)‎
Rom:16:13: 13 ‎سلموا على روفس المختار في الرب وعلى امه ‏امي‎. (SVD)‎
Rom:16:14: 14 ‎سلموا على اسينكريتس فليغون هرماس بتروباس ‏وهرميس وعلى الاخوة الذين معهم‎. (SVD)‎
Rom:16:15: 15 ‎سلموا على فيلولوغس وجوليا ونيريوس واخته ‏وأولمباس وعلى جميع القديسين الذين معهم‎. (SVD)‎
Rom:16:16: 16 ‎سلموا بعضكم على بعض بقبلة مقدسة.كنائس ‏المسيح تسلم عليكم‎ (SVD)‎
Rom:16:17: 17. ‎واطلب اليكم ايها الاخوة ان تلاحظوا الذين يصنعون ‏الشقاقات والعثرات خلافا للتعليم الذي تعلمتموه واعرضوا عنهم‎. (SVD)‎
Rom:16:21: 21. ‎يسلم عليكم تيموثاوس العامل معي ولوكيوس ‏وياسون وسوسيباترس انسبائي‎. (SVD)‎
Rom:16:22: 22 ‎انا ترتيوس كاتب هذه الرسالة اسلم عليكم في الرب‎. ‎‎(SVD)‎
Rom:16:23: 23 ‎يسلم عليكم غايس مضيفي ومضيف الكنيسة ‏كلها.يسلم عليكم اراستس خازن المدينة وكوارتس الاخ‎.‎
Rom:16:24: 24 ‎نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم.آمين‎ (SVD)‎
‎1Cor:1:1: 1. ‎بولس المدعو رسولا ليسوع المسيح بمشيئة الله ‏وسوستانيس الاخ‎ (SVD)‎
الجاكتة
‎2Tm:4:9: 9. ‎بادر ان تجيء اليّ سريعا‎ (SVD)‎
‎2Tm:4:10: 10 ‎لان ديماس قد تركني اذ احب العالم الحاضر وذهب الى ‏تسالونيكي وكريسكيس الى غلاطية وتيطس الى دلماطية‎. (SVD)‎
‎2Tm:4:11: 11 ‎لوقا وحده معي.خذ مرقس واحضره معك لانه نافع لي ‏للخدمة‎. (SVD)‎
‎2Tm:4:12: 12 ‎اما تيخيكس فقد ارسلته الى افسس‎. (SVD)‎
‎2Tm:4:13: 13 ‎الرداء الذي تركته في ترواس عند كاربس احضره ‏متى جئت والكتب ايضا ولا سيما الرقوق‎. (SVD)‎
‎2Tm:4:14: 14 ‎اسكندر النحّاس اظهر لي شرورا كثيرة.ليجازه الرب ‏حسب اعماله‎. (SVD)‎
‎2Tm:4:19: 19 ‎سلم على فرسكا واكيلا وبيت انيسيفورس‎. (SVD)‎
‎2Tm:4:20: 20 ‎اراستس بقي في كورنثوس.واما تروفيمس فتركته في ‏ميليتس مريضا‎. (SVD)‎
‎2Tm:4:21: 21 ‎بادر ان تجيء قبل الشتاء.يسلم عليك افبولس وبوديس ‏ولينس وكلافدية والاخوة جميعا‎. (SVD)‎
‎2Tm:4:22: 22 ‎الرب يسوع المسيح مع روحك.النعمة معكم.آمين‎ ‎‎(SVD)‎
Ti:1:1: 1. ‎بولس عبد الله ورسول يسوع المسيح لاجل ايمان مختاري الله ‏ومعرفة الحق الذي هو حسب التقوى‎ (SVD)‎
بولص يريد ان يشتي
Ti:3:12: 12 ‎حينما ارسل اليك ارتيماس او تيخيكس بادر ان تأتي اليّ ‏الى نيكوبوليس لاني عزمت ان اشتي هناك‎. (SVD)‎
السمك المجاني
Nm:11:5: 5 ‎قد تذكرنا السمك الذي كنا ناكله في مصر مجانا والقثاء ‏والبطيخ والكرّاث والبصل والثوم‎.‎

أبو صلاح الدين
07-11-2005, 12:08 PM
بارك الله فيك.

muslimah
07-11-2005, 11:05 PM
وفيكــــــــــم