يحيى
04-22-2010, 12:54 AM
يقولون عن الفلسفة أنها محبة الحكمة أو حب المعرفة و عن تاريخها يقولون أنها ظهرت في الإغريق و الغربيون عادة ما يعرفون تاريخهم الحضاري الثقافي بالرجوع إلى اليونان (العصر القديم) ثم الرومان ثم العصر الجديد الذي بدأ بالتنوير أو النهضة و لا يكادون يذكرون حديثا عن الحضارات الأخرى التي تمخضت عنها الحضارة الإغريقية.
يقول كثير من المؤرخين أن الحضارة اليوناينة رأت النور في أيونيا و هي منطقة وسط غرب تركيا اليوم. لكن كيف حدث ذلك؟ إذا أردنا تعريف الحضارة اليونانية من ناحية تأثير الحضارات الأخرى بعد الاصطدام و التعامل معها فيمكن أن نقول أن حضارة المصريين القدماء و حضارة بلاد الرافدين أو البابلية و الحضارات الأخرى هي التي أثرت في اليونانيين, البعض تكلم أيضا عن حضارة الفرس لكن هذه الحضارة نفسها سبقتها الحضارات الأخرى و تأثرت بها.
و هناك شيء مهم جدا و يستحق الدراسة و البحث هو أن حضارة الفراعنة و البابليين و غيرهم هي حضارات يمكن أن نقول أنها ظهرت على أكتاف أقدم حضارة على وجه الأرض و هي ()حضارة اليمن().
المهم هنا هو ما أريد أن أتكلم عنه بدون الاشارة الى تأثير الحضارات على بعضها البعض. كيف نشأت الفلسفة؟
التفسير العقلاني الوحيد (لأن المادة و الطبيعة لا تنتج فكرا و لا أخلاقا)
هو أن الله سبحانه أرسل رسلا و أنبياء و غالب ما نعرفهم بالأسماء بعثوا في مهد الحضارات و مهد الحضارات هي منطقة جغرافية يمكن نقول عنها "الشرق الإسلامي" (لا الشرق الأوسط لأن هذا تعبير الامبريالية الرسمالية الغربية).
ثم؟ لماذا في هذه المنطقة؟
المسئول عن تبليغ الرسالة هو الذي يستطيع أن ينشرها و الحضارة هي التي تملك من الوسائل ما يجعلها قادرة على ذلك ثم إن الناس يشدون الرحال إلى المدنية و الحضارة من أجل التجارة و التعلم, و هناك مؤرخين كثر يذكرون أن أول فلاسفة اليونان درسوا في مدارس شرقية.
ثم؟
ماذا يعلم الأنبياء أو ماذا ينزل الله في رسالاته؟ ما يجب معرفته من الحكمة من الوجود, ما الوجود و ما الروح و ما هو الخير و ما هو الشر. هذه الرسالات كالقرآن فيها طبعا دعوة أيضا للتفكر في الطبيعية و إعمار الأرض و هنا يمكن التفلسف الذي يؤدي إلى الفلسفة الطبيعية و هذا ما لا مشكلة فيه.
و الجانب الثاني هو التفكر في حدود الاجتهادات أي أن الرسالة النبوية تأتي بقواعد عامة و الناس تتصرف في إطار هذه القواعد و هذا ما يفتح باب الاجتهاد بسبب تغير الاحوال و تنوع الظروف و الشروط و الاسباب ووو....
و الجانب الثالث هو الجانب الذي لا يستطيع العقل أن يفلسف فيه بل يجب أن يأخذه بالإخبار فقط, و تؤمن بما أنزل الله ثم تقف عند تلك الحدود لأنه في نطاق الغيب مثل الروح و صفات الله و طبيعة الأولوهية و الملائكة و جوهر الخير و هذه الأشياء كلها..
ماذا فعلوا؟
إن الحضارة التي أنبتت الحضارة اليونانية لابد و أن ثقافتها كانت ثقافة مسيطر عليها تعاليم الأنبياء و المرسلين, بل حتى الديانات الوثنية هي في الأصل خرجت عن الطريق في العبادة و أنهم يثبتون الربوبية لكن يشركون في الألوهية. كان و لابد أن تتأثر الحضارة اليونانية بهذه الثقافات لكن فلسفتهم الإلهية هي تلك الفلسفة التي تناولت الجزء الثالث بالتحديد لذلك كانت هناك فرق و ملل و نحل كثيرة حتى جاء السفسطة فقالوا لهم أنتم كلكم على باطل ظانين أنهم قاتلوا الخلاف و إنما في الحقيقة زادوا ملة و نحلة جديدة و أكثر ضلالا و تخبطا و اتباعا للهوى ... أما المساءل الاخرى في الطبيعيات فقلما تجد صراعا و تناحرا بل إنه كان هناك شبه اجماع على مساءل منها مثلا الذرة و مركزية الأرض, أما الرياضيات فربما يمكن نقول إجماع حقيقي حول مسائلها.
الكلام عن طبيعة الانسان و العقل و الروح و الأخلاق ليست أشياء من نتاج الطبيعة الصماء و لا نزلت عليهم من السماء بل هو من بقايا تعاليم الأنبياء يضاف إليها الفطرة البشرية طبعا فنحن نؤمن أن كل إنسان هو آدمي, و إن كنا نقول له بسبب الالحاد أن معرفة الأخلاق أمر مستحيل و هذا من الناحية الفكرية المعرفية و من ناحية الجدل, و ليس على أساس ما نعتقده و نؤمن به.
إذن هؤلاء إنما دخلوا في الأمور التي يجب أن يأخذها العقل البشري بالإخبار بعد التحقيق من تحقيق الخبر ثبوتا و دلالة.
فكانت ما يسمى الفلسفة !!!
و هنا أقصد الفلسفة الالهية طبعا.
هذا الذي حدث على مستوى تفاعل الحضارات حدث أيضا على المستوى الإسلامي و هو أن الناس عندما ذهبت تعمل عقلها خارج النطاق المسموح به - و هذا النطاق يتكون من جانبين: الأول _أنتم أعلم بدنياكم_ "قل سيروا في الأرض فانظروا" "أفلا ينظرون"... و الجانب الثاني هو تشييد نظريات في مختلف المجالات على أساس الاجتهاد: المجتهد المخطئ له أجر و الذي يحسن له أجرين- و بدأت تتفكر في النطاق المنهي عنه بالجدل فيه كانت القدرية و الجبرية و الجهمية و المشبهة و المجسمة و الفرق الأخرى التي أدى البعض بها إلى فرق باطنية خارجة من الاسلام او تكاد.
هذه هي قصة الفلسفة بشكل مختصر بعيد كل البعد عن الرؤية الغربية العلمانية التي تدعي "العقلانية" و "التحضر", هذه الرؤية الدوغمائية, التي يقول أحد فلاسفتها كنت أقرأ له بالأمس كلام دوغمائي من درجة غبي جدا: "الفلسفة و التفكير العقلاني بدأ في اليونان و أنا حقيقة لا أعرف لماذا في اليونان بالضبط..".
و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتبع هداه.
يقول كثير من المؤرخين أن الحضارة اليوناينة رأت النور في أيونيا و هي منطقة وسط غرب تركيا اليوم. لكن كيف حدث ذلك؟ إذا أردنا تعريف الحضارة اليونانية من ناحية تأثير الحضارات الأخرى بعد الاصطدام و التعامل معها فيمكن أن نقول أن حضارة المصريين القدماء و حضارة بلاد الرافدين أو البابلية و الحضارات الأخرى هي التي أثرت في اليونانيين, البعض تكلم أيضا عن حضارة الفرس لكن هذه الحضارة نفسها سبقتها الحضارات الأخرى و تأثرت بها.
و هناك شيء مهم جدا و يستحق الدراسة و البحث هو أن حضارة الفراعنة و البابليين و غيرهم هي حضارات يمكن أن نقول أنها ظهرت على أكتاف أقدم حضارة على وجه الأرض و هي ()حضارة اليمن().
المهم هنا هو ما أريد أن أتكلم عنه بدون الاشارة الى تأثير الحضارات على بعضها البعض. كيف نشأت الفلسفة؟
التفسير العقلاني الوحيد (لأن المادة و الطبيعة لا تنتج فكرا و لا أخلاقا)
هو أن الله سبحانه أرسل رسلا و أنبياء و غالب ما نعرفهم بالأسماء بعثوا في مهد الحضارات و مهد الحضارات هي منطقة جغرافية يمكن نقول عنها "الشرق الإسلامي" (لا الشرق الأوسط لأن هذا تعبير الامبريالية الرسمالية الغربية).
ثم؟ لماذا في هذه المنطقة؟
المسئول عن تبليغ الرسالة هو الذي يستطيع أن ينشرها و الحضارة هي التي تملك من الوسائل ما يجعلها قادرة على ذلك ثم إن الناس يشدون الرحال إلى المدنية و الحضارة من أجل التجارة و التعلم, و هناك مؤرخين كثر يذكرون أن أول فلاسفة اليونان درسوا في مدارس شرقية.
ثم؟
ماذا يعلم الأنبياء أو ماذا ينزل الله في رسالاته؟ ما يجب معرفته من الحكمة من الوجود, ما الوجود و ما الروح و ما هو الخير و ما هو الشر. هذه الرسالات كالقرآن فيها طبعا دعوة أيضا للتفكر في الطبيعية و إعمار الأرض و هنا يمكن التفلسف الذي يؤدي إلى الفلسفة الطبيعية و هذا ما لا مشكلة فيه.
و الجانب الثاني هو التفكر في حدود الاجتهادات أي أن الرسالة النبوية تأتي بقواعد عامة و الناس تتصرف في إطار هذه القواعد و هذا ما يفتح باب الاجتهاد بسبب تغير الاحوال و تنوع الظروف و الشروط و الاسباب ووو....
و الجانب الثالث هو الجانب الذي لا يستطيع العقل أن يفلسف فيه بل يجب أن يأخذه بالإخبار فقط, و تؤمن بما أنزل الله ثم تقف عند تلك الحدود لأنه في نطاق الغيب مثل الروح و صفات الله و طبيعة الأولوهية و الملائكة و جوهر الخير و هذه الأشياء كلها..
ماذا فعلوا؟
إن الحضارة التي أنبتت الحضارة اليونانية لابد و أن ثقافتها كانت ثقافة مسيطر عليها تعاليم الأنبياء و المرسلين, بل حتى الديانات الوثنية هي في الأصل خرجت عن الطريق في العبادة و أنهم يثبتون الربوبية لكن يشركون في الألوهية. كان و لابد أن تتأثر الحضارة اليونانية بهذه الثقافات لكن فلسفتهم الإلهية هي تلك الفلسفة التي تناولت الجزء الثالث بالتحديد لذلك كانت هناك فرق و ملل و نحل كثيرة حتى جاء السفسطة فقالوا لهم أنتم كلكم على باطل ظانين أنهم قاتلوا الخلاف و إنما في الحقيقة زادوا ملة و نحلة جديدة و أكثر ضلالا و تخبطا و اتباعا للهوى ... أما المساءل الاخرى في الطبيعيات فقلما تجد صراعا و تناحرا بل إنه كان هناك شبه اجماع على مساءل منها مثلا الذرة و مركزية الأرض, أما الرياضيات فربما يمكن نقول إجماع حقيقي حول مسائلها.
الكلام عن طبيعة الانسان و العقل و الروح و الأخلاق ليست أشياء من نتاج الطبيعة الصماء و لا نزلت عليهم من السماء بل هو من بقايا تعاليم الأنبياء يضاف إليها الفطرة البشرية طبعا فنحن نؤمن أن كل إنسان هو آدمي, و إن كنا نقول له بسبب الالحاد أن معرفة الأخلاق أمر مستحيل و هذا من الناحية الفكرية المعرفية و من ناحية الجدل, و ليس على أساس ما نعتقده و نؤمن به.
إذن هؤلاء إنما دخلوا في الأمور التي يجب أن يأخذها العقل البشري بالإخبار بعد التحقيق من تحقيق الخبر ثبوتا و دلالة.
فكانت ما يسمى الفلسفة !!!
و هنا أقصد الفلسفة الالهية طبعا.
هذا الذي حدث على مستوى تفاعل الحضارات حدث أيضا على المستوى الإسلامي و هو أن الناس عندما ذهبت تعمل عقلها خارج النطاق المسموح به - و هذا النطاق يتكون من جانبين: الأول _أنتم أعلم بدنياكم_ "قل سيروا في الأرض فانظروا" "أفلا ينظرون"... و الجانب الثاني هو تشييد نظريات في مختلف المجالات على أساس الاجتهاد: المجتهد المخطئ له أجر و الذي يحسن له أجرين- و بدأت تتفكر في النطاق المنهي عنه بالجدل فيه كانت القدرية و الجبرية و الجهمية و المشبهة و المجسمة و الفرق الأخرى التي أدى البعض بها إلى فرق باطنية خارجة من الاسلام او تكاد.
هذه هي قصة الفلسفة بشكل مختصر بعيد كل البعد عن الرؤية الغربية العلمانية التي تدعي "العقلانية" و "التحضر", هذه الرؤية الدوغمائية, التي يقول أحد فلاسفتها كنت أقرأ له بالأمس كلام دوغمائي من درجة غبي جدا: "الفلسفة و التفكير العقلاني بدأ في اليونان و أنا حقيقة لا أعرف لماذا في اليونان بالضبط..".
و الصلاة و السلام على رسول الله و على آله و صحبه و من اتبع هداه.