المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جواب مختصر عما يثار حول إحراق عثمان للمصاحف



خالد السليماني
05-04-2010, 08:06 AM
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف المرسلين, سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين, أما بعد:
فقد روى البخاري في صحيحه ((6/226)) عن ابن شِهَابٍ ، أَنَّ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ حَدَّثَهُ ، أَنَّ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَدِمَ عَلَى عُثْمَانَ, فذكر قصة الجمع العثماني للقرآن وفيها:
((وَأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ، أَوْ مُصْحَفٍ، أَنْ يُحْرَقَ)).
قال الدكتور مساعد بن سليمان الطيار:
((إن هذا الإلزام أمر مهم للغاية, فهذا القرآن الذي قرأ به الرسول صلى الله عليه وسلم, وكتب في عهده, وكانت عليه العرضة الأخيره, وجمعه أبو بكر رضي الله عنه وأرضاه في مصحفه, ثم نسخت منه اللجنة التي اختارها عثمان رضي الله عنه, وما عداه فهو مما ترك في العرضة الأخيرة, ولم يقرأ به, ومن ذلك عدد لا بأس به من الآيات التي حكى الصحابة أنها كانت مما يقرأ في عهد النبي صلى الله عليه وسلم, وبقيت حتى الإلزام بهذا الجمع, لأنه ليس كل واحد من الصحابة بلغه ما ترك من النازل على رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا زال يحفظه ويقرأ به(1), لكن لما أجمع الصحابة على هذا المصحف, علم أنه هو الذي ثبت في العرضة الأخيره فحسب, وما عداه مما قد تنقله كتب الآثار يكون مما ترك لا محالة, والله أعلم.
وهذا الإلزام سيكون حاسما قاطعا للخلاف, لاتفاق المصدر, فلو خرج شامي وعراقي مرة أخرى, وأثبت كل واحد منهما قراءته بما بعث به عثمان رضي الله عنه, فإن الحال هنا إلى أن الصادر عن المدينة مما اتفق عليه الصحابة أنه قرآن بهذا الاختلاف الثابت فيه, أما قبل ذلك فلم يكن لهم مرجع معين, فكل ينسب القراءة إلى من قرأ عليه من الصحابة, وهم يقرؤون بالثابت والمتروك لعدم علمهم بتركه))(2).
عن مصعب بن سعد قال أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف، فأعجبهم ذلك، وقال:لم ينكر ذلك منهم أحد.(3)
وصلى الله على سيدنا محمد, وعلى آله وصحبه أجمعين.

ملاحظة: الحواشي التي في الموضوع كلها مني وليست من كلام الشيخ.

الحواشي:
(1) وبعض الصحابة كان يكتب في مصحفه ما يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم من تفسير.
قال الجعبري ((الكواكب الدرية – 25)): (ونزل تحريقه ما سواها – يعني الصحف التي كتبها أبو بكر- على مصاحف الصحابه رضي الله عنهم, لأنهم كانوا يكتبون فيها التفسير الذي يسمعونه من النبي صلى الله عليه وسلم).
وقد روى أبو عبيد القاسم بن سلام ((فضائل القرآن – 2/233 و904)), بسند صحيح عن أبي بكر – الزبرقان السراج- قال قلت لأبي رزين: أكتب في مصحفي: (خاتمة سورة كذا وكذا)؟, قال: لا, أخشى أن ينشأ نشؤ يحسبون أنه نزل من السماء.
قلت: ومعناه أنهم يظنون أنه قرآن لوجوده في المصحف, فيقرؤونه قرآنا.!!
(2) المحرر في علوم القرآن صفحة ((162)).
(3) رواه أبو عبيد ((فضائل القرآن – 2/97)) , وغيره, وصححه الحافظ ابن كثير في تفسيره ((1/177)).