د . عبدالباقى السيد
05-11-2010, 01:35 AM
إخوانى الكرام حياكم الله وبياكم .
كنت أستمع منذ بضعة أسابيع إلى برنامج الاتجاه المعاكس وورد بهذه الحلقة من تسفيه العرب والمسلمين وتجريدهم من أساليب الرقى والتقدم ، ونسبتهم إلى الجهل والتخلف على يد رجل ممن يزعمون أنهم من أهل التنوير ؟!!!!!!!!!!
ما دفعنى لطرح هذا الموضوع .
المهم كان من جملة التهم التى كالها هذا الرجل للعرب ان أمير مصر الأول عمرو بن العاص أحرق مكتبة الإسكندرية بامر من عمر بن الخطاب .
فهالنى هذا الاتهام ، ولما كنت منشغلا بالدفاع عن دينى وعن قادته العظام . قلت أطرح على حضراتكم تفنيدا لهذا الزعم أنقله من كتابنا " عمرو بن العاص داهية العرب والمسلمين" .
وهذا الطرح أضعه لحضراتكم وقد مضى على تسطيره أكثر من اثنى عشر عاما ، وتذكرته الحين عندما سمعت هذا التنويرى المزعوم يفوه بهذا الإفك والضلال الذى جرى على لسانه .
وهذا نص كلامنا بتمامه عن هذه الحادثة المختلقة :
" يرتبط بفتح الإسكندرية قضية خطيرة من قضايا الفكر الإنساني وهى اتهام عمرو بن العاص بحرق مكتبة الإسكندرية بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب وقد أشار إلى هذا الاتهام الخطيب البغدادي فى كتابه الإفادة والاعتبار بقوله وهو يتحدث عن الإسكندرية وعمود السواري(وفيها كانت خزانة الكتب التي أحرقها عمرو بن العاص بإذن عمر رضى الله عنه).
وقد زاد فى هذه القصة أبو الفرج المالطي بن قارون اليهودي فى كتابه تاريخ الدول تفاصيل باطلة ومختلقة حيث قال (كان فى وقت الفتح رجل اكتسب شهرة عظيمة عند المسلمين يسمى يوحنا النحوى.....ودخل على عمرو بن العاص....ثم قال له يوما إنك قد أحطت بحواصل الإسكندرية وضممت على كل الأشياء الموجودة بها فنحن أولى به فقال له عمرو ما الذى تحتاج إليه قال كتب الحكمة التى فى خزائن الملوكية فقال له عمرو لا يمكنني أن آمر بها إلابعد الاستئذان من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وكتب إلى عمر وعرفه قول يوحنا فورد عليه كتاب عمر يقول فيه (وأما الكتب التى ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة إليه فتقدم بإعدامها فشرع عمرو بن العاص فى تفريقها على حمامات الإسكندرية وإحراقها فى مواقدها فاستنفذت فى ستة أشهر)
وهذا القول يحمل فى طياته أدلة تنقضه نقضا بينا ومن ذلك:
1- أن المالطى ذكر أن يوحنا النحوى هذا قابل عمرو بن العاص وطلب منه أن يعطيه كتب المكتبة الملوكية وهذا باطل لأن المحققين وعلى رأسهم بتلر قد أثبتوا أن يوحنا النحوى مات قبل فتح عمرو لمصر بحوالى ثلاثين أو أربعين سنة فكيف به يقابل عمرا اللهم إلا إذا كان كاتب هذه الرواية يعتمد فى تدوينها على ما اعتمد عليه صاحبى كتاب ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة من الخيالات والخرافات وربما اعتمد على أهل الفسق والباطل.
2- أن المالطى ذكر أن الكتب التى طلبها يوحنا من عمرو هى كتب المكتبة الملوكية وهذا وهم لأن المكتبة الملوكية تم تخريبها فى عهد يوليوس قيصر سنة47ق م عند إغارته على الإسكندرية وقد ذكر ذلك المؤرخ اليانوس مارسيلينوس وأيده أوزارزيوس الذى زار الإسكندرية فى القرن الرابع الميلادي وشاهد رفوف المكتبة خاوية.
3- أن المالطى أشار إلى شئ مدهش لا يقبله من كان لديه مسكة عقل وهى أن الكتب ظلت وقود للحمامات ستة أشهر ولا أدرى أي كتب هذه التى تظل وقودا هذه المدة الطويلة .
إن العاقل اللبيب إذ أوقد أمامه حجرة ممتلئة بالكتب لا يسعها أكثر من سويعات حتى تباد عن آخرها اللهم إلا إذا كانت هذه الكتب من الطراز الخشبي ذات الجلد والورق الخشبى. كما ينفى ما ذكره المالطى أيضا أن الكتب كانت مكتوبة على الكاغذ والرق اللذان لايصلحان للوقود.
4- أن هذه القصة لم يروها أحد من المؤرخين الثقات من أمثال الطبري واليعقوبى والكندي وابن عبد الحكم بل إن أول ظهور لها كان فى القرن السابع الهجري مما يشير إلى اختلاق هذه الرواية وتوليدها من قبل أهل الباطل أعداء الملة المحمدية.
5- أن القفطى ذكر أن عدد هذه الكتب (50120) كتابا فكيف يستخدم هذا العدد فى إيقاد الحمامات ستة أشهر؟!
6- أن الرواية ذكرت أن الخليفة عمر بن الخطاب أمر بإحراق هذه الكتب . فلو كان هذا صحيحا ما عظم على عمرو بن العاص التخلص من هذه الكتب إن كان لها وجود فى أقل من يوم بذكائه المعهود وما تركها ستة أشهر لتكون بذلك عرضة النهب والسرقة من قبل من يريد أن يحصل عليها.
7- أن عمر بن الخطاب هو الذى قال لا يستقيم أمر الإسلام إلا بمعرفة أمر الجاهلية فكيف به يدعو للوقوف على أحوال الجاهلية بكل ما تحمله من سلوكيات وفكر وخلافه لمعرفة فضل الإسلام وعظمته ثم يدعو إلى الاعتداء على رمز من رموز الماضي إن كان ذلك حقا.
8- أن نصوص المعاهدة التى وقعت بين المسلمين والروم سمحت للروم أن يرحلوا خلال أحد عشر شهرا على أن يحملوا معهم نفائسهم وأموالهم . فهل ياترى لوكانت هناك مكتبة نفيسة بالوصف الذى ذكره المالطى والبغدادى كان الروم سيتركونها؟!!
أظن أنه من خلال هذا العرض قد ظهر الحق وانكشف ، وبطل الباطل وذهب إلى غير رجعة وبالله تعالى التوفيق.
كنت أستمع منذ بضعة أسابيع إلى برنامج الاتجاه المعاكس وورد بهذه الحلقة من تسفيه العرب والمسلمين وتجريدهم من أساليب الرقى والتقدم ، ونسبتهم إلى الجهل والتخلف على يد رجل ممن يزعمون أنهم من أهل التنوير ؟!!!!!!!!!!
ما دفعنى لطرح هذا الموضوع .
المهم كان من جملة التهم التى كالها هذا الرجل للعرب ان أمير مصر الأول عمرو بن العاص أحرق مكتبة الإسكندرية بامر من عمر بن الخطاب .
فهالنى هذا الاتهام ، ولما كنت منشغلا بالدفاع عن دينى وعن قادته العظام . قلت أطرح على حضراتكم تفنيدا لهذا الزعم أنقله من كتابنا " عمرو بن العاص داهية العرب والمسلمين" .
وهذا الطرح أضعه لحضراتكم وقد مضى على تسطيره أكثر من اثنى عشر عاما ، وتذكرته الحين عندما سمعت هذا التنويرى المزعوم يفوه بهذا الإفك والضلال الذى جرى على لسانه .
وهذا نص كلامنا بتمامه عن هذه الحادثة المختلقة :
" يرتبط بفتح الإسكندرية قضية خطيرة من قضايا الفكر الإنساني وهى اتهام عمرو بن العاص بحرق مكتبة الإسكندرية بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب وقد أشار إلى هذا الاتهام الخطيب البغدادي فى كتابه الإفادة والاعتبار بقوله وهو يتحدث عن الإسكندرية وعمود السواري(وفيها كانت خزانة الكتب التي أحرقها عمرو بن العاص بإذن عمر رضى الله عنه).
وقد زاد فى هذه القصة أبو الفرج المالطي بن قارون اليهودي فى كتابه تاريخ الدول تفاصيل باطلة ومختلقة حيث قال (كان فى وقت الفتح رجل اكتسب شهرة عظيمة عند المسلمين يسمى يوحنا النحوى.....ودخل على عمرو بن العاص....ثم قال له يوما إنك قد أحطت بحواصل الإسكندرية وضممت على كل الأشياء الموجودة بها فنحن أولى به فقال له عمرو ما الذى تحتاج إليه قال كتب الحكمة التى فى خزائن الملوكية فقال له عمرو لا يمكنني أن آمر بها إلابعد الاستئذان من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وكتب إلى عمر وعرفه قول يوحنا فورد عليه كتاب عمر يقول فيه (وأما الكتب التى ذكرتها فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ففي كتاب الله عنه غنى وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجة إليه فتقدم بإعدامها فشرع عمرو بن العاص فى تفريقها على حمامات الإسكندرية وإحراقها فى مواقدها فاستنفذت فى ستة أشهر)
وهذا القول يحمل فى طياته أدلة تنقضه نقضا بينا ومن ذلك:
1- أن المالطى ذكر أن يوحنا النحوى هذا قابل عمرو بن العاص وطلب منه أن يعطيه كتب المكتبة الملوكية وهذا باطل لأن المحققين وعلى رأسهم بتلر قد أثبتوا أن يوحنا النحوى مات قبل فتح عمرو لمصر بحوالى ثلاثين أو أربعين سنة فكيف به يقابل عمرا اللهم إلا إذا كان كاتب هذه الرواية يعتمد فى تدوينها على ما اعتمد عليه صاحبى كتاب ألف ليلة وليلة وكليلة ودمنة من الخيالات والخرافات وربما اعتمد على أهل الفسق والباطل.
2- أن المالطى ذكر أن الكتب التى طلبها يوحنا من عمرو هى كتب المكتبة الملوكية وهذا وهم لأن المكتبة الملوكية تم تخريبها فى عهد يوليوس قيصر سنة47ق م عند إغارته على الإسكندرية وقد ذكر ذلك المؤرخ اليانوس مارسيلينوس وأيده أوزارزيوس الذى زار الإسكندرية فى القرن الرابع الميلادي وشاهد رفوف المكتبة خاوية.
3- أن المالطى أشار إلى شئ مدهش لا يقبله من كان لديه مسكة عقل وهى أن الكتب ظلت وقود للحمامات ستة أشهر ولا أدرى أي كتب هذه التى تظل وقودا هذه المدة الطويلة .
إن العاقل اللبيب إذ أوقد أمامه حجرة ممتلئة بالكتب لا يسعها أكثر من سويعات حتى تباد عن آخرها اللهم إلا إذا كانت هذه الكتب من الطراز الخشبي ذات الجلد والورق الخشبى. كما ينفى ما ذكره المالطى أيضا أن الكتب كانت مكتوبة على الكاغذ والرق اللذان لايصلحان للوقود.
4- أن هذه القصة لم يروها أحد من المؤرخين الثقات من أمثال الطبري واليعقوبى والكندي وابن عبد الحكم بل إن أول ظهور لها كان فى القرن السابع الهجري مما يشير إلى اختلاق هذه الرواية وتوليدها من قبل أهل الباطل أعداء الملة المحمدية.
5- أن القفطى ذكر أن عدد هذه الكتب (50120) كتابا فكيف يستخدم هذا العدد فى إيقاد الحمامات ستة أشهر؟!
6- أن الرواية ذكرت أن الخليفة عمر بن الخطاب أمر بإحراق هذه الكتب . فلو كان هذا صحيحا ما عظم على عمرو بن العاص التخلص من هذه الكتب إن كان لها وجود فى أقل من يوم بذكائه المعهود وما تركها ستة أشهر لتكون بذلك عرضة النهب والسرقة من قبل من يريد أن يحصل عليها.
7- أن عمر بن الخطاب هو الذى قال لا يستقيم أمر الإسلام إلا بمعرفة أمر الجاهلية فكيف به يدعو للوقوف على أحوال الجاهلية بكل ما تحمله من سلوكيات وفكر وخلافه لمعرفة فضل الإسلام وعظمته ثم يدعو إلى الاعتداء على رمز من رموز الماضي إن كان ذلك حقا.
8- أن نصوص المعاهدة التى وقعت بين المسلمين والروم سمحت للروم أن يرحلوا خلال أحد عشر شهرا على أن يحملوا معهم نفائسهم وأموالهم . فهل ياترى لوكانت هناك مكتبة نفيسة بالوصف الذى ذكره المالطى والبغدادى كان الروم سيتركونها؟!!
أظن أنه من خلال هذا العرض قد ظهر الحق وانكشف ، وبطل الباطل وذهب إلى غير رجعة وبالله تعالى التوفيق.