المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العوامل المؤثرة فى التدوين التاريخى للدول والأشخاص



د . عبدالباقى السيد
05-21-2010, 01:57 AM
إخوانى الكرام من خلال الاحتكاك المستمر بكتب التاريخ الإسلامى وخلافه وقفت على أمور عدة كان لها آثار سلبية على المؤرخ ذاته عند تدوينه للوقائع الخاصة بالدول او بالاشخاص .
وقد ادى هذا بدوره إلى تزييف الكثير من الحقائق والبعد بها عن المصداقية .
وهو ما رأيناه واضحا فى تاريخ معاوية بن أبى سفيان الصحابى الجليل ، وابنه يزيد ، بل رايناه فى تاريخ بنى امية جملة .
ورايناه فى شخص ابن حزم إذ إن فقهاء المالكية عمدوا إلى تزييف حقائق وقعت بين ابن حزم والباجى ، بل بين ابن حزم وغيره .
وراينا هذا الأمر واضحا بشأن تاريخ دولة الموحدين التى حاول فقهاء المالكية ان يجردوها من مذهبها الرسمى ومنهجها القويم الذى اتخذته وارتضته وهو الظاهرى .
وراينا ذلك فى شخص السلطان عبدالحميد الثانى الذى قاوم اليهود ، وراح مخالفوه من العملاء يصفونه بالاستبداد والظلم والتعدى .
وهناك الدولة العثمانية التى ظلمت ظلما بينا بسبب تاثر الكتاب الذين كتبوا عنها بما كان يروجه الانجليز وغيرهم فراح المؤرخون يتهمون هذه الدولة بالرجعية ، وبالتخلف ، وبالقضاء على العروبة والإسلام .
لا أريد ان اطيل عليكم إخوانى الكرام لأدخل فى صلب الموضوع ، وهو العوامل المؤثرة فى التدوين التاريخى ، ويأتى فى مقدمتها :
أولا : الاستبداد السياسي
معروف يا سادة ان كل دولة لها من المؤرخين ما يدونون وجهة نظرها ، ويخافون ان يمسوا شيئا من مساوئها وإلا فالتنكيب سيكون حليفهم ، وربما طارت الراس من فوق الجسد .
ولقد عبر العلامة الذهبى عن هذه القضية بقوله " ما زال هذا الأمر فى كل دولة قائمة ، يصف المؤرخ محاسنها ، ويغض عن مساوئها ، وذلك خوفا من السيف والضرب" (1)
ويخبرنا أحد الرواة بحادثة تؤكد اثر الاستبداد السياسى فى التدوين التاريخى ، وفى قلب الموازين وطمس الحقائق .
يقول محمد بن المعافى عن طاووس " دخل جدى على هرثمة بن أعين - والى الموصل- فقال له يا شيخ كم سنك؟
قال أدركت خمسة من ائمة بنى أمية
فقال له : يا شيخ وبنو أمية عندك أئمة؟
- وكان بيده عمود حديد يقلبه- فقال فرايت الموت فقلت ( أئمة يدعون إلى النار ويوم القيامة لا ينصرون) القصص آية 41.
هنا سرى عن الأمير وكان قد تغير وجهه (2)
وما أخفى الكواكبى اسمه عن كتابه " طبائع الاستبداد" إلا بسبب الاستبداد ، ومخافة القتل او التنكيب ن واكتفى بكتابة الرحالة ك على الكتاب .
والأمثلة كثيرة على ما سنبين لاحقا .
يتبع إن شاء الله
ــــــــــــــــــــــ
(1) نقلا عن السخاوى ، الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ ، ص121.
(2) أنظر : محمد بن عبدالهادى الشيبانى ، مواقف المعارضة فى عهد يزيد بن معاوية، ص27.

د . عبدالباقى السيد
05-21-2010, 02:01 AM
ويندرج تحت عوامل الاستبداد السياسى واثره فى التدوين التاريخى ما وقع بشان المذهبين الحنفى والمالكى من انتشار بقوة السيف والسلطان على حد قول الإمام الفذ ابن حزم .
فالدولة العباسية مكنت للمذهب الحنفى فى بلادها بالقوة وإن كان ذلك على حساب الحق فى أحايين قلت أو كثرت ، وكذا الأمر بشأن المذهب المالكى الذى وجد تعضيدا من الدولة الأموية بالاندلس ثم صار هذا منهجا متبعا إلى أن قامت دولة الموحدين فتنبت المذهب الظاهرى .
لكن الاستبداد عاد وأطل براسه فى عهد دولة بنى مرين التى بدل مؤرخوها وفقهاؤها الحقائق وراحوا يمحون كل اثر ظاهرى بز وظهر فى عهد الموحدين ، ومن ثم أتعبونا واتعبوا غيرنا حتى أثبتنا حقيقة ظاهرية الدولة من كتبهم ذاتها ، وذلك من خلال إشارات سطروها ، ويبدوا انهم لم يفطنوا غليها انها ستكشف ما قاموا به من تشويه او بعضهم من خلال طروحاتهم .
وتتضح قضية الاستبداد واثرها فى تشويه الحقائق فيما يخص السيد عمر مكرم الذى تآمر عليه منافسوه من العلماء ولفقوا له محضرا شحن بالأباطيل والأكاذيب ، وذلك لعلمهم بالفرقة التى وقعت بين الوالى محمد على وبين السيد عمر مكرم .
وقد حاول أهل الصدق والعفاف ان يدافعوا عن عمر مكرم ورفضوا ما كتب فى المحضر فكان الجزاء أن يقع عليهم العقاب لدفاعهم عن الحق .
وهذا نص ما قاله المؤرخ العظيم الجبرتى بشأن هذه الواقعة فتدبروها :
" استهل شهر شعبان بيوم الثلاثاء سنة 1224هـ فيه نمق مشايخ الوقت عرضحال في حق السيد عمر بأمر الباشا ليرسله صحبة السلحدار وذكروا فيه سبب عزله ونفيه عن مصر وعدوا له مثالب ومعايب وجنحا وذنوبا منها انه ادخل في دفتر الاشراف اسماء اشخاص ممن اسلم من القبط واليهو ومنها انه اخذ من الألفي في السابق مبلغا من المال ليملكه مصر في ايام فتنة احمد باشا خورشيد ومنها انه كاتب الامراء المصريين أيضا في وقت الفتنة حين كانوا بالقرب من مصر ليحضروا على حين غفلة في يوم قطع الخليج وحصل لهم ماحصل ونصر الله عليهم حضرة الباشا ومنها انه اراد ايقاع الفتن في العساكر لينقض دولة الباشا ويولي خلافه ويجمع عليه طوائف المخاربة والصعائدة واخلاط العوام وغير ذلك وذلك على حد من اعان ظالما سلط عليه وكتبوا عليه اسماء المشايخ وذهبوا به اليهم ليضعوا ختومهم عليه فامتنع البعض من ذلك وقال هذا كلام لا اصل له ووقع بينهم محاججات ولام الاعاظم الممتنعين على الامتناع وقالوا لهم انتم لستم بأروع منا واثبت لنفسه ورعا وحصل بينهم منافسات ومخالفات ومقابحات ثم غيروا صورة العرضحال بأقل من التحامل الاول وكتب عليه بعض الممتنعين وكان من الممتنعين اولا وآخرا السيد احمد الطحطاوي الحنفي فزادوا في التحامل عليه وخصوصا شيخ السادات او الشيخ الامير وخلافهما واتفق انه دعى في وليمة عند الشيخ الشنواني بحارة خوشقدم وتأخر حضوره عنهم فصادفهم حال دخوله الى المجلس وهم خارجون فسلم عليهم ولم يصافحهم لما سبق منهم في حقه من الايذاء فتطاول عليه ابن الشيخ الامير ورفع صوته بتوبيخه وشتمه لكونه لم يقبل يد والده ويقول له في جملة كلامه اليس هو الا قليل الادب والحياء ثالث طبقة للشيخ الوالد ونحو ذلك .
وفيه اتفق الاشياخ والمتصدرون على عزل السيد احمد الطحطاوي من افتاء الحنفية واحضروا الشيخ حسين المنصوري وركبوا صحبته وطلعوا به الى القلعة بعد أن مهدوا القضية فالبس قائمقام الشيخ حسينا فروة ثم نزلوا ثم طاف للسلام عليهم وخلعوا هم عليه أيضا خلعهم فلما بلغ الخبر السيد احمد الطحطاوي طوى الخلع التي كانوا البسوها له عند ما تقلد الافتاء بعد موت الشيخ ابراهيم الحريري في جمادي الاولى بقرب عهد وارسلها لهم وكان الشيخ السادات البسه حين ذاك فروة فلما ردها عليه احتد واغتاظ واخذ يسبه ويذكر لجلسائه جرمه ويقول انظروا الى هذا كأنه يجعلني مثل الكلب الذي يعود في قيئه ونحو ذلك
واما السيد احمد فإنه اعتكف في داره لايخرج منها الا الى الشيخونية بجواره واعتزلهم وترك الخلطة بهم وتباعد عنهم وهم يبالغون في ذمه والحط عليه لكونه لم يوافقهم في شهادة الزور والحامل لهم على ذلك كله الحظوظ النفسانية والحسد مع أن السيد عمر كان ظلا ظليلا عليهم وعلى اهل البلدة ويدافع ويرافع عنهم وعن غيرهم ولم تقم بعد خروجه من مصر راية ولم يزالوا بعده في انحطاط وانخفاض.
واما السيد عمر فإن الذي وقع له بعض ما يستحقه ومن اعان ظالما سلط عليه ولايظلم ربك احدا "(1)
ـــــــــــــــــــ
(1) أنظر : عجائب الآثار ، 7/164،165

المهاجر إلى ربه
05-21-2010, 02:37 PM
ما أجمل هذه الموضوعات والأطروحات العلمية
شكرا يا دكتور

د. هشام عزمي
05-24-2010, 12:23 AM
موضوعٌ متميزٌ يا دكتورنا الكبير نتابعه باهتمامٍ وشغفٍ ..
لكن لي ملاحظة أود سؤالكم عنها وهي لا تتعلق بلب الموضوع بل بأحد الأمثلة التي ضربتها فيه ..
وأحسبها متعلقة بأطروحتكم للدكتوراه ..
فهل لي أن أطرح هذه الملاحظة ..؟
أم أنتظر حتى اكتمال البحث فلا تكون قطعًا لسيل أفكاركم ولا تشتيتًا لتركيزكم ..؟

د . عبدالباقى السيد
05-24-2010, 12:48 AM
بل اطرح ما تريده أخى الحبيب ن فلا تشتيت إن شاء الله .

د . عبدالباقى السيد
05-25-2010, 02:02 PM
أما عن العامل الثانى من العوامل المؤثرة فى تدوين التاريخ فهو الخلاف العقدى والمذهبى وإن شئتم وسمناه " بالاستبداد الدينى والفكرى "
وهذا العامل لعب دورا مهما فى تشويه الصورة الناصعة لتاريخ هذه الأمة .
إذ إنه منذ الثورة على ذى النورين عثمان بن عفان رضى الله تعالى عنه وقد بدات بذور التشكيك والتزوير تطل براسها وتنتشر فى الأمة باسرها بفعل اليهودى المتمسلم عبدالله بن سبا اليمنى الصنعانى المشهور بابن السوداء .
فلقد ظهرت كتبا عليها توقيع عثمان رضى الله عنه وخاتمه تأمر بقتل طوائف من الناس .
وظهرت كتبا أخرى عليها توقيعات أم المؤمنين عائشة .
وكل هذه الكتب زورها المزورون وتسببت فى تاليب الناس على عثمان وإيقاع الفرقة والفتنة بين الناس .
ولما عرض الامر على عثمان أقسم انه لم يكتب هذا الكتاب .
وكذا فعلت ام المؤمنين .
ولكن هيهات هيهات أن يصدق الكذابون الافاكون قسم ذى النورين وأم المؤمنين .
فقد دبر لهم المؤامرة سيدهم فى النفاق وفى التزوير ابن سبا ، وساروا هم على نهجه بتنطعهم وتشددهم وخواء قلوبهم من الدين وعقولهم من الفهم .
منذ ذلك الحين وقد بدا التعصب المذهبى لأشخاص بأعينهم لا سيما تعصب اهل بمصر لعلى بن أبى طالب وهو الأمر الذى تطور لاحقا فى عصره ثم بعد مماته وظهور فرقة الشيعة التى تعود جذورها إلى ايام موت النبى صلى الله عليه وسلم .
ثم ظهرت جماعة الهاشمية تدافع عن الخليفة على بن أبى طالب ويتبعهم الشيعة الذين اشتطوا فيما بعد.
وتعصب جماعة من بنى أمية لعثمان بن عفان عرفوا بالعثمانية .
ثم بعد حادثة التحكيم بين على ومعاوية والتى لم تسفر عن شىء .
تأصلت جذور الشيعة .
ويزت فرقتى الخوارج والجهمية .
من هذا الحين بدأت كل فرقة تنهج نهجا مغايرا تعتبره هو الدين وما دونه فهو مخالف لشريعة سيد المرسلين .
وبدأت الأحاديث توضع لتفضيل فئة على اخرى .
بل ظهرت أحاديث كثيرة فى مدح أشخاص وذم آخرين .
فرأينا الشيعة يضعون أحاديث كثيرة فى مثالب بنى امية وفى مثالب معاوية وابنه يزيد ثم فى سب الشيخين أبى بكر وعمر ، وكذا وضعت روا يات فى سب عثمان رضى الله عنه.
واشتهرت روايات شيعية مصدرها سيف بن عمر والكلبى وأبى مخنف ونصر بن مزاحم وغيرهم عول عليها كثير من كتاب التاريخ دون تفحيص وتسببت فى بلايا ومصائب لمن يطالع دون فهم ووعى .
وأنى لقارىء او مطالع فى هذه الايام لديه من التعقل والتريث فى القراءة .
فلقد عهدنا الكثير من الناس إن قرا كتابا فيه انتقاص للصحابة يخرج فيحدث الناس بما قرا ولا يدرى عن من تحدث الكاتب ، وما جرم سب الصحابة وما وما ؟
والله المستعان .
لقد حكم الإمام أحمد بن حنبل على تفسير الكلبى بانه كذب لا يحل النظر فيه .
وقال ابن حبان لا يحل ذكره فكيف الاحتجاج به .
والكلبى مع هذا إخبارى ونسابة ومفسر مشهور.
فهل ينتبه كتاب التاريخ إلى هذه الأمور فى زماننا هذا ؟
والناس فى زماننا هذا إلا ما رحم ربى حطاب ليل يجمعون كل ما تقع أعينهم عليه ، ويظنون أنهم بذلك حازوا ما لم يحوزه أحد قبلهم .
على اثر هذه الخلافات العقدية والمذهبية ظهرت على بساط البحث إشكاليات منها
1- موقف الصحابة من على بن أبى طالب . هل خذلوه ام أيدوه ؟
2- التقية والتى راح الشيعة يحتجون لها بنصوص فى القرآن والسنة لتبرير كذبهم وافترائهم بل وخنوعهم وسكوتهم عن نصرة الحق ، وقبولهم الباطل .
3- القرآن هل حفظ ام تم تحريفه ، على اعتبار ان الصحابة كلهم كفروا بعد وفاة النبى ، ومن ثم فلا يستأمن عليهم جمع القرآن الذى جمعوه على حد قول الشيعة الروافض ، ومن ثم دسوا وسط الروايات ان على بن أبى طالب ذهب حال وفاة النبى فجمع القرآن لكن عمر لم يقبله من على على حد زعمهم لأنه يشهر باطله وباطل الصحابة رضى الله عنهم.
4- الموقف الصحيح من أبى بكر وعمر وعثمان من قبل .
5- الموقف من ام المؤمين عائشة وخروجها للقتال .
6- الموقف من اهل البيت .
7- الموقف من التحكيم الذى وقع بين على ومعاوية .
8- الموقف من معاوية وعمرو بن العاص .
وغير ذلك كثير تم تأصيله لاحقا على يد منظرى كل فرقة وازدادت الأمور تعقيدا وتعصبت كل فرقة لأفكارها وتزايد عددها وصار لكل فرقة اتباع يسعون بشتى الطرق لنصرة أفكارهم ومعتقدهم ، الأمر الذى تسبب فى الشتات الفكرى من جراء تعدد الروايات والاقوال بشان الحادثة الواحدة ، وكل رواية تخالف الأخرى .

كما لعبت المذهبية الفقهية دورا ليس بالقليل فى وقوع الاختلاف بين المؤرخين بشان الدول والأشخاص .
وذلك أننا وجدنا من أهل الحديث من طعن فى أبى حنيفة حتى أننى وقفت على كلام لأحد رجال السلف – الشيخ حامد الفقى- عندنا فى مصر يكفر ابا حنيفة فيه .
وأبو حنيفة إمام معظم ، وإن ضعفه الائمة فى الحديث فهو إمام فى الفقه .
ثم وجدنا من المالكية والشافعية والحنابلة من طعن فى أبى حنيفة وفى مدرسة أهل الرأى بعامة .
الأمر الذى ترتب عليها وقوع منافرات بين أهل الرأى وغيرهم ، ودونت الكتب فى فضائل أبى حنيفة وأتباعه ، وراح المخالفون يصنفون الكتب فى تعقب أهل الرأى وتبيين الخطا فى أقوالهم .
ووقع بين المالكية والظاهرية فى المغرب والاندلس ما دفع المالكية ان يطردوا ابن حزم وشيخه ابا الخيار مسعود بن مفلت الظاهرى من مسجد قرطبة الجامع .
وراح ابوبكر بن العربى المالكى يسب فى ابن حزم سبا فسخفه وضلله .
وهذا ابن سهل الجيانى صنف كتابا اسماه " التنبيه على شذوذ ابن حزم" وقفت على نتف منه فوجدت الرجل زندق ابن حزم وضلله واتهمه بالإلحاد .
ثم وجدنا متعصبة المالكية فى عهد الموحدين يتطاولون على الظاهرية مما حدا بالموحدين الظاهرية إلى اتخاذ مواقف متشددة تجاه المتعصبين فقاموا بتنكيبهم وإحراق كتبهم .
وفى الاندلس وجدنا متعصبة المالكية يتطالون على الإمام الفذ بقى بن مخلد محيى السنة ورافع لواءها بالأندلس لأنه أحضر معه من المشرق مصنف ابن أبى شيبة .
فقام كبير المالكية وقال " لأن أضع راس خنزير فى تابوتى أحب إلى من مصنف ابن أبى شيبة"
ولولا ان الأمير الاندلسى تدخل فى الأمر وامن بقى على نشر العلم لوقع ما لا يحمد عقباه .
وفى المشرق قام متعصبة الحنابلة بطرد الإمام الطبرى من مسجد بغداد .
ووقع للإمام الشوكانى من الإهانة والاتهام هو والصنعانى من قبل المتعصبين ما الله أعلم به .
كل هذا وأكثر منه وقع وتسبب فى تشويه الكتابة التاريخية وإظهارها على غير حقيقتها .
تعرفون لم يا سادة ؟
لأن المتعصب مثلا للمالكية ماذا عساه ان يفعل إن وجد كلاما من أئمته تجاه المخالف لمذهبه؟
بالطبع سياخذ بقول رجال مذهبه ويدع الاقوال الأخرى وإن صحت .
فمثلا عندما كتب المقرى وهو مالكى فى كتابه الماتع نفح الطيب عن ابن حزم والباجى راح ينصر الباجى على ابن حزم فى المناظرات مع ان ابن حزم حسب القرائن والأدلة بل وبشهادة من المقرى هو صاحب الظفر فى المناظرات .
ومن قبل فعل هذا الامر القاضى عياض اليحصبى – على علو كعبه وعظم علمه- فى ترتيب المدارك .
وابن كثير رحمه الله عندما شرع فى الكتابة عن ابن حزم كتب عنه بروح بعيدة عن الوعى التام لابن حزم ومنهجه .
ومن كتب عن شيخ الإسلام ابن تيمية من الاشاعرة لابد وحتما أن يزندقه كما فعل السبكى فى رسالته الدرة المضية فى الرد على ابن تيمية ، ولن يلتفت أبدا إلى قول غير السبكى فى ابن تيمية.
وكذا المتصوفة لا يمكنهم أن يقبلوا فى ابن تيمية غير قول شيخهم ابن عطاء الله السكندرى الذى وشى بابن تيمية لدى السلطان .
ومن راح يكتب عن السيوطى الشافعى وهم محب للسيوطى سينصره على السخاوى ، ومن راح يكتب عن السخاوى الشافعى وهو محب له سينصره على السيوطى .
وهذا مارأيناه وشاهدناه فى المصادر عندما سطرنا كتابنا عن السخاوى رحمه الله ، وكان لنا صاحب لى فى المقابل يسطر كتابا عن السيوطى .
وجدت تلاميذ السيوطى ينصرونه وكذا محبيه من الكتاب والمفكرين ، وكذا الامر بالنسبة للسخاوى .
بل وجدت صاحبى يحاول أن ينتصر للسيوطى ولو بالقد والحديد .
ولا أخفيكم اننى كدت أنا الآخر ان أتبنى هذا النهج ، لولا عناية الله .
لكن عذرى وقتها اننى كنت فى بداية الطلب .
اما من تمكن من آليات البحث وتمتع بالاخلاقيات العلمية فلا عذر له أبدا فيما تخطه يداه من أوهام من جراء التعصب والتقليد لمن سبقه من الناس.
لذلك لابد من نظرة موضوعية عند التدوين ، ولابد ان نناى بأنفسنا عن الشخصنة التى كادت أن تقضى على الموروث الثقافى الذى نملكه عن أسلافنا.

ابن السنة
05-25-2010, 03:23 PM
بارك الله فيك
موضوع فى غاية الأهمية
فعلاً التعصب هو الداء العضال.
فغالباً ما ينسى الناس أننا نعرف الرجال بالحق و لا نعرف الحق بالرجال. العبرة بالدليل و كله يؤخذ من كلامه و يرد الا صاحب هذا القبر كما قال الامام مالك.

المهاجر إلى ربه
05-25-2010, 08:44 PM
جزاك الله خيرا يا دكتور على هذا التوضيح

ومن راح يكتب عن السيوطى الشافعى وهم محب للسيوطى سينصره على السخاوى ، ومن راح يكتب عن السخاوى الشافعى وهو محب له سينصره على السيوطى .
وهذا مارأيناه وشاهدناه فى المصادر عندما سطرنا كتابنا عن السخاوى رحمه الله ، وكان لنا صاحب لى فى المقابل يسطر كتابا عن السيوطى .
وجدت تلاميذ السيوطى ينصرونه وكذا محبيه من الكتاب والمفكرين ، وكذا الامر بالنسبة للسخاوى .
بل وجدت صاحبى يحاول أن ينتصر للسيوطى ولو بالقد والحديد .
ولا أخفيكم اننى كدت أنا الآخر ان أتبنى هذا النهج ، لولا عناية الله .
لكن عذرى وقتها اننى كنت فى بداية الطلب .

ولقد كنت أنا أيضا من المتعصبين للإمام العلامة خاتمة الحفاظ السيوطي حتى وقفت بعناية على فضل الإمام السخاوي فعرفت إمامته وفضله فعدلت عن ذلك التعصب

فخر الدين المناظر
05-25-2010, 09:49 PM
فقهاء المالكية عمدوا إلى تزييف حقائق وقعت بين ابن حزم والباجى ، بل بين ابن حزم وغيره .
وراينا هذا الأمر واضحا بشأن تاريخ دولة الموحدين التى حاول فقهاء المالكية ان يجردوها من مذهبها الرسمى ومنهجها القويم الذى اتخذته وارتضته وهو الظاهرى

تهمة عظيمة لمجرد أن ظهر الباجي منتصرا على ابن حزم رحم الله الجميع.

كما أن دولة الموحدين أرادت تجريد المغاربة من المذهب المالكي واستبداله بالظاهري عنوة .. بالرغم من ان المذهب كان قبل الموحدين . فتمسك المغاربة بمذهبهم الفقهي المرتضى.

همسة في أذن الأخ ... أعلم بأنك مشهور في منتدى الظاهرية لكن منتدانا هنا لا يريد مثل هذا اللمز والتعميم حتى لا يصبح الحوار مداره نقاشات فقهية بين المذاهب الفقهية المشهورة ومذهب الظاهرية. . فواضح لمزك للسادة المالكية.

وحتى لا يتفرع النقاش فسأخلي لك الرابط أيها الفاضل.

د . عبدالباقى السيد
05-25-2010, 10:08 PM
شكر الله لك أخى الحبيب فخر الدين المناظر .
لست يا الحبيب غامزا ولا لامزا لأحد لا من المالكية ولا الشافعية ولا الحنابلة ولا الأحناف بل ولا الظاهرية ولا غيرهم من غير أهل السنة .
إنما أعطيث نماذجا وأوضحت بأمثلة .
وإن شئت فانظر ما كتبته فى آخر مشاركة ستتضح لك الصورة بانى ما عنيت إلا المتعصبين .
أما بشأن أنى مشهور على ملتقى الظاهرية أو مغمور فهذا لا دخل له بتواجدى على منتداكم الموقر .
فالأشخاص لا تقاس بالشهرة إنما تقاس بإخلاصها لدينها وتفانيها فى إيصال الحق للناس .
ما أعرفه عن نفسى اخى الحبيب ويعرفه عنى القريب والبعيد اننى والحمد لله أوطن نفسى على الإنصاف قدر الاستطاعة .
أما وقد فهمت اننى أغمز وألمز فشكر الله لك .
أغلق الموضوع ، ولن اشارك ثانية ، وسأكتفى بالمطالعة إن لم أمتنع عنها أيضا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاتة .

متروي
05-25-2010, 10:44 PM
- كلاكما عزيز علينا فلا تجعلوا نتيجة الخلاف هي خسارة المنتدى لمساهماتكما القيمة .

د. هشام عزمي
05-25-2010, 11:23 PM
مالك قسوت هكذا يا دكتور فخر الدين ..؟
لم نعهد منك إلا الشدة على أهل الكفر والباطل ، والرحمة بسائر المسلمين ..
قكيف بأحد أهل الفضل والعلم ، نحسبه كذلك والله حسيبه ولا نزكي على الله أحدًا ..
والتماس العذر لأخيك المسلم واجب ..
وأنا ربما أتفق معك يا دكتور فخر الدين في كون الدكتور عبد الباقي قد جانبه الصواب في ثنائه على دولة الموحدين ..
لكني لم أكن لأصمه باللمز والهمز ..
والله عز وجل يقول ويل لكل همزة لمزة ..!
أما الدكتور عبد الباقي فأهمس في أذنه كذلك : نحن لن نرضى منك مجرد المطالعة ..
وأنا أعجب أن ترى تفاعل الأخوة مع موضوعاتك وثناءهم عليها ثم تغضب لعتاب الدكتور فخر الدين حتى تقول إنك لن تشارك ثانية ..!
هذه لا نقبلها منك يا دكتور ..!!

فخر الدين المناظر
05-26-2010, 03:23 AM
وأنا لا أرضى لك المطالعة فقط أيها الفاضل .. وإنما أردت فقط الإشارة حتى لا يتحول الموضوع إلى مناظرة فقهية تذهب فيها الاوقات وتسبب الفرقة ... خاصة وأنك قلت في بداية كلامك :


فقهاء المالكية عمدوا إلى تزييف حقائق وقعت بين ابن حزم والباجى ، بل بين ابن حزم وغيره .

ثم بعد ذلك تضرب مثالا في إحدى المشاركات بإمامين من كبار أئمة المالكية ةهما المقري والقاضي:


فمثلا عندما كتب المقرى وهو مالكى فى كتابه الماتع نفح الطيب عن ابن حزم والباجى راح ينصر الباجى على ابن حزم فى المناظرات مع ان ابن حزم حسب القرائن والأدلة بل وبشهادة من المقرى هو صاحب الظفر فى المناظرات .


ومن قبل فعل هذا الامر القاضى عياض اليحصبى – على علو كعبه وعظم علمه- فى ترتيب المدارك .

وكأنك تقول بأن القاضي والمقري رحمهما الله زيفا الحقائق . .. وهما من هما في الإنصاف والعلم فإن زيفا الحقائق لم يعد يوثق في علمهما وهي مصيبة.

ثم ذكرتَ الإمام ابن العربي وقد ذكرت كلامه عن الظاهرية وابن حزم رحمه الله، ونسيت شدة ابن حزم في الأمر فلم تعرج عليها إطلاقا .

عموما كان هذا مجرد مثال ، ولست أنا المخول لتحديد هامش الكلام ... إنما كانت همسة أخوية بكل محبة . .. واعتذر إن رأيتَ في كلامي غلظة فما قصدتُ إلا خيرا ... ولربما ترسخ عندي في اللا وعي ما أصابني من بعض متعصبة الظاهرية قديما .. فلهذا التمس لأخيك العذر وبانتظار مواضيعك الماتعة.

وهذه وردة مني كعربون اعتذار :emrose:

وفقكم الله .

د . عبدالباقى السيد
05-26-2010, 11:56 PM
إخوانى الكرام حيا الله الجميع وسدد خطانا جميعا على طريق الخير .
شكر الله لكم إخوانى الكرام الحبيب متروى ، والفاضل هشام عزمى ، والمبجل النحرير فخر الدين المناظر .
ايها السادة اشكر لكم شعوركم الفياض بالمودة والمحبة ، وأسأل الله العلى القدير ان يديم هذا الشعور ويزيده ويمن به على كل المسلمين جميعا .
أما أنت ايها الفاضل النحرير فخر الدين فلا عذر عليك ولا اعتذار منك ايها الحبيب
فلا عذر بين المتحابين .
إنما يكون ذلك بين المتعاركين المختلفين .
ولعل الخطا منى عندما عممت فى أول مشاركة لى .
ولا يعلم اثر كلماتك التى سطرتها يداك أخى الحبيب دكتور فخر الدين على نفسى إلا الله ، وكذا كلمات الحبيب الدكتور هشام عزمى من قبل كلماتك ، فلا املك إزاء هذا الطلب إلا أن أنحنى له تبجيلا وأقف منه موقف الامر فأعاود المشاركة على هذا الموقع الموقر وبقوة عن ذى قبل ، وهكذا حال المسلم مع إخوانه يأنس بهم ، ويلين معهم ، ويقبل منهم ويعمل بنصحهم .

أيها الصاحب المبجل فخر الدين أحب أن أطمئنك أن كل أئمة المذاهب واتباعهم من أئمة الاجتهاد هم سادتى ولهم منى كل تبجيل واحترام .
ولطالما رفعت عقيرتى هنا وهناك دفاعا عن أبى حنيفة رضى الله عنه ، وعن صاحبيه أبى يوسف ومحمد بن الحسن الشيبانى .
ثم دفاعا عن المجتهدين من أهل الرأى .
وبشان المالكية كتبت كثيرا دفاعا عن ابن رشد الجد وابن رشد الحفيد ، وعن ابن العربى المالكى الذى دعوت فى كثير من محاضراتى ودروسى إلى الاستفادة من كتبه لا سيما " العواصم من القواصم" والتى سخف فيها ابن حزم ، وإلى كتابه أحكام القرآن وإلى عارضة الأحوذى وغير ذلك من كتبه التى استفدت منها كثيرا .
وحسبك بكلامى عن الإمام الأشم ابن عبدالبر النمرى الصاحب والشيخ لابن حزم الظاهرى .
وحسبك أيضا ما نقوله عن أبى الوليد الباجى الذى قال عنه ابن حزم "لو لم يكن للمالكية بعد القاضى عبدالوهاب إلا الباجى لكفاهم"
وحسبك بما قلناه عن العلامة الونشريسى ، وعن يحيى بن عمر صاحب أحكام السوق ، بل وعن نوازل ابن سهل وأنت تعلم ماذا فعل ابن سهل فى ابن حزم ، ومع ذلك نعرف قدر الرجل ونجله لعلمه ، ونبرأ إلى الله من زلاته وهفواته ، كما نبرأ أيضا من زلات ابن حزم وهفواته .
وهكذا حالى بشان السادة الشافعية أذود وأدافع عن أهل الفضل والخير لا سيما واننى كنت شافعيا فى بداية الطلب وحسبك بأبى حامد الغزالى الذى لقى من النقد عندنا بمصر ما وصل إلى حد التكفير من بعض من لا وعى عنده ولا فهم .
ولقد أستفدت من الشافعية الكثير لا سيما مصنفات الحافظ ابن حجر ، وتلميذه السخاوى ، والسيوطى ، والتقى السبكى ، والتاج السبكى ، والذهبى ، وابن كثير وغيرهم كثير .
والأمر بشأن السادة الحنابلة مثل سابقيهم فلطالما دافعت عن شيخ الإسلام ابن تيمية ، وتلميذه ابن القيم ، وكذا ابن رجب الحنبلى رغم قسوته فى عباراته وشدته على مخالفه .
كذلك دافعت كثيرا عن العلم الفذ ابن الجوزى .
وكذا بالنسبة للظاهرية دافعت عن منهجهم فى العمل بالنصوص ورددت السهام التى صوبت إليهم من قبل المتعصبين والمقلدين ، وكنت مع الائمة لينا مع مناقشتى فهم الرجال ونحن العيال مقارنة بهم ، ولسنا نقول كما يقول البعض " هم رجال ونحن رجال".
فما يعنينى ايها الحبيب الاريب إنما الحق فحسب ، وما دون ذلك فلا التفات إليه .
وإن كنت قد ضربت مثالا بشأن القاضى عياض والمقرى فليس هذا غمزا فى السادة المالكية ، وحسبى اننى ضربت أمثلة من كل مذهب تقريبا .
واما تغافلى عن قسوة عبارات ابن حزم فلأن هذا الأمر أشهر من ان يذكر بالنسبة لأهل العلم .
أما الأمر الخفى عن أهل العلم هو ما طرحناه ، وما طرحناه إلا تنزيها للأئمة وليس تهمة منا لهم ، والسبب فى طرح ذه النماذج اننا حققناه بحمد الله وطرحنا خلاصة التحقيق بعدما وجدنا بعض الطلبة يركنون إلى هذه الأقوال لتشويه صورة بعينها سواء اكانت لابن حزم او لغيره.
وكم من خطا وقع فيه كل إمام فاضل ، ولكل فاضل وهلة ولكل عالم زلة ، وكل يؤخذ من قوله ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم .
أخى الحبيب ما أحببت ان أوقفك عليه وانت واقف عليه اصلا قبل ان افوه به أن الطرح الذى طرحته ليس من ورائه هدف إلا إيقاف طالب العلم على حقائق عند المطالعة والمدارسة ليقف على حقيقة العلم الشريف ، وينأى بنفسه عن كل ما هو وهم وقع فيه اهل الفضل من السابقين .
أخى الحبيب انا ظاهرى معروف بظاهريتى لا أخفى ذلك بل أعلنه ومع ذلك ما رأيت نفسى وما رآنى غيرى من القاصى والدانى والقريب والبعيد سابا ولا لعانا ولا مضللا ولا مزندقا لأحد من أئمة المذاهب الإسلامية من غير الظاهرية .
وهكذا دابى وكل من يعرفنى يعرف عنى هذا .
وبشأن دولة الموحدين فيعلم الله انه على قدر مدحى لها لانها أعادت العمل بالنصوص ، فما غفلت مسألة أشعريتها وما وقع فى عهدها من مخالفات فى عهد ابن تومرت وبعض من اتى بعده .
فكما اسلفت اخى الحبيب لا هم لى إلا الوصول إلا الحق فلتقر عينك ولتطمئن ان أخاك ليس من متعصبى الظاهرية .
وما وقع معك من قبل بعض المتعصبين من الظاهرية قديما ، وقع معى أضعاف أضعافه من المتعصبين والمقلدين حتى أن أحدهم زندقنى وبدعنى وضللنى لأنى ظاهرى ن وطالبنى بالتوبة على الفور وإلا سيحيق على العذاب من قبل الله .
وبعضهم استعاذ بالله منى وقت ان كنت القى محاضرة وخرج على الفور عندما رآنى واتهمنى بالضلال وبالبدعة ، واتهم كل من يستمع غلى بأنهم ضلال ومبتعدين .
وفى الجعبة اضعاف أضعاف ما قصصته والله أسأله أن يسبل علينا ستره .
كما أسأله أن لا يهتك سترنا فى حياتنا ولا بعد مماتنا .
وفقنى الله وإياك اخى الحبيب لما فيه الخير لهذا الدين
والله من وراء القصد .

سندباد1973
05-27-2010, 04:52 AM
موضع رائع يا د. عبد الباقى
والله هذا ما نعانى منه ليومنا الحالى .. ولا حول ولا قوة إلا بالله
وبإذن الله وبفضله سيقوم من هم فى فضلك ليعيدوا "قراءة" التاريخ المكتوب وكشف الإلتباس للناس
بارك الله فيك أخى د. عبد الباقى
ومنك نتعلم ونستفيد ..
واسمح لى أن أذكر لك مثلاً حدث لى منذ يوم واحد فقط .. يؤكد كلامك
لدى كتاب استمتع بحياتك للشيخ العريف .. وفى مقدمته كتب مشيداً بكتاب ديل كارنيجى "كيف تكسب الأصدقاء" و "دع القلق" وأن كتبه مفيدة جداً استفاد هو منها .. لكنها
ما نفعت ديل كارنيجى نفسه لأنه "مات منتحراً" .. لأنه ليس مسلما !!
فاستوقفتنى معلومة مات منتحراً هذه .. وكما تعلمت من خير أستاذ لى وهو د.عبد الباقى ، تعلمت سنة التثبت أو التبين كما أمرنا الله عز وجل فقلت أنا سأتكد من هذه المعلومة إنصافا برغم أن الرجل ليس مسلماً فالإنصاف ليس حكراً على إخواننا المسلمين .. فيقول الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم : خياركم فى الجاهلية خياركم فى الإسلام .. فلم ينكر صلى الله عليه وسلم خيرية أهل الجاهلية وإن كانت منقوصة قطعا .. بأبى هو وأمى صلى الله عليه وسلم
فبحثت هنا وهناك متقصياً .. فما وجدت موقعاً إنجليزيا واحدا قال هذه الفرية بل كلهم يقول أنه مات متأثراً بمرضه الذى هو شئ ما فى الدم أشبه بسرطان الدم .. عن عمر يناهز الـ67 وكان رجلاً معطاءا للسعادة لكل من حوله !!!
وانظر إلى المبالغات فى الأمر .. فقد قرأت لشخص هندى قال له صاحبه أن كارنيجى مات منتحراً (وانظر للإضافة الجميلة) مباشرة بعد أن انتهى من كتابه دع القلق . فقفز من نافذة بيته منتحراً !!!!!!!!!!
فصدقه صاحبه هذا طيلة السنين ولم يقرأ لكارنيجى هذا المنافق الذى يأمر الناس بالبر وينسى نفسه !!
حتى كبر وأصبح متلقيا للعلم باحثا فبحث هو بنفسه حتى عرف أن هذه المعلومة مكذوبة ..
وانظر فوالله إنى قد وقر فى قلبى منذ أن كنت صغيراً هذه المعلومة أنا أيضا .. فلا أدرى من أين مصدرها ولكنها واقرة فى قلبى مكان الحقيقة العلمية المؤكدة !!! فلم أقرأ أنا أيضاً لكارنيجى كتبه لأنى نفرت منها بطبعى
حتى أيامنا هذه التى أقرأ فيها فى موضوعات كثيرة فى التنمية البشرية -أعاننى الله على التعلم- ، فقلت لأجدد ركام عقلى بالبحث عن الزجاج التى اختلط بالجواهر ..
معذرة على غلإطالة أخى الحبيب د. عبد الباقى .. ولكن للحديث شجون .. يقود إلى الجنون :)
جزاك الله خيراً .. ومتعنا الله بعلمك وفضلك علينا .. وأبقى الله علمك إلى يوم القيامة ينتفع به البشر
فأنا أقول دائما مقولة الإمام مالك عند قولهم له عن موطأ ابن أبى ذئب الذى أكبر وأعظم من موطأه
فرد بقولة خالدة : ما كان لله سيبقى !
أبقى الله كتب وعلمك أخى د. عبد الباقى .. ونفع بك .. وأصلح لك أمرك ونيتك وعملك وجعله فى ميزان حسناتك مضاعفاً أضعافاً كثيرة

د . عبدالباقى السيد
05-27-2010, 09:50 AM
أحسن الله إليك أيها الأخ الحبيب والصاحب الفضيل الباحث المتفنن والدارس المدقق صاحب المآثر العالية والفضائل السامية والسعى المحمود م. وائل السنهورى .
أحسبك والله من أهل الفضل والعلم والله حسيبك ولا نزكى على الله أحدا .
مثلك اخى الحبيب لا يتعلم من مثلى ولا من هم على شاكلتى فأنت نسيج وحدك ولك الفضل والسبق .
بارك الله فيكم وسدد على طريق الخير خطاكم ، وزادكم رفعة وفهما وعلما .

د . عبدالباقى السيد
06-03-2010, 12:11 AM
أما العامل الثالث فهو القصاص : وأقصد بهم تلك الطائفة التى اتخذت من القصص وسيلة للتكسب وصرف وجوه الناس إليهم ، وهذا النوع من القصص الذى يقوم على الكذب وعلى الخرافة وعلى مخالفة القرآن والسنة تسبب إلى حد كبير فى تشويه صورة تاريخنا الإسلامى
وقد وردت روايات عدة عن الصحابة ومن تبعهم فى ذم القصاصين ومنها :
1- روى ابن ماجة بسند حسن عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما قال: لم يكن القصص في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولا زمن أبي بكر ولا زمن عمر.
2- مر علي بن أبي طالب برجل يقص فقال: أعرفت الناسخ والمنسوخ؟ قال: لا, قال هلكت وأهلكت.
3- وورد عن علي بن أبى طالب رضي الله عنه أنه أخرج القصَاص من جامع البصرة.
4- وذكر ابن الحاج فى مدخله أن مالك بن أنس: روي عنه كراهية القصص.
5- مر ابن عباس بقاص يقص, فركله برجله وقال: أتدري الناسخ من المنسوخ؟ قال: لا, قال: هلكت وأهلكت.
6- وورد عن عبدالله بن عمر أنه كان يخرج من المسجد يقول: ما أخرجني إلا القصاص ولولاهم ماخرجت.
7- وأخرج ابن أبي شيبة أن ابن عمر رأى قاصًا يقص في المسجد, فوجه لصاحب الشرطة: أن أخرجه من المسجد. فأخرجه.
8- وروى الطبراني أن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وقف على عمرو بن زرارة وهو يقصُ. فقال: ياعمرو لقد ابتدعت بدعة ضلالة أو إنك لأهدى من محمد صلى الله عليه وسلم و أصحابه.
9- وعن عاصم بن بهدلة قال: كنا نأتي أباعبدالرحمن السلمي ونحن غلمة أيفاع, فيقول: لا تجالسوا القصاص.
10- وعن إبراهيم النخعي قال: من جلس ليجلس إليه فلا تجلسوا إليه.
11- وأخرج الخطيب في (تاريخ بغداد) عن جعفر الخلدي قال: سمعت الجنيد يحكي عن الخوَاص أنه قال: سمعت بضعة عشر من مشايخ الصنعة أهل الورع والدين والتمييز وترك الطمع, كلهم مجمعون على أن القصص في الأصل بدعة.
12- وحكي العلامة المقريزي عن الليث بن سعد أن القصص قصصان: قصص العامة وقصص الخاصة, فأما قصص العامة فهو الذي يجتمع إليه النفر من الناس للقاص, يعظهم ويذكرهم. قال: (وذلك مكروه لمن فعله ولمن استمعه).
13- وذكر السيوطى فى تاريخ الخلفاء: (وفي أول سنة استخلف فيها المعتضد بالله منع الوراقين من بيع كتب الفلاسفة وما شاكلها, ومنع القصاص والمنجمين من القعود في الطريق.
14- وسأل رجل محمد بن سيرين عن القصص. قال: بدعة. إن أول ما أحدث الحرورية القصص.
15- وكان مذهب سفيان ألاَ يستقبلوا القصاص بوجوههم, بل عليهم أن يولوا أهل البدع ظهورهم وأصحابها أيضا".
16- وقال الإمام أحمد بن حنبل: أكذب الناس القصاص والسؤَال.
17- وقال الحافظ الذهبي: في ترجمة عبدالمنعم بن إدريس : (قصاص. ليس يعتمد عليه. تركه غير واحد).
18- وقال أبو إدريس: لأن أرى في ناحية المسجد نارا" تأجَج أحب إليَ من أن أرى في ناحيته قاصًا يقص.
19- وقد أورده العلامة ابن الجوزي من أسباب ذم السلف للقصَاصين الآتى :

1- أنَ القوم كانوا على الإقتداء والإتباع, فكانوا إذا رأوا مالم يكن على عهد النبي صلَى الله عليه وسلَم أنكروه.
2- أن القصص لأخبار المتقدمين يندر صحته, خصوصا" ماينقل عن بني إسرائيل, وما يذكر في قصة داود, ويوسف من المحال الذي ينزَه عنه الأنبياء, بحيث إذا سمعه الجاهل هانت عنده المعاصي.
3- أنَ التشاغل بذلك يشغل عن المهم من قراءة القرآن ورواية الحديث والتفقه في الدين.
4- أنَ في القرآن من القصص, وفي السنة من العظة ما يكفي عن غيره مما لايتيقَن صحته.
5- أنَ أقواما" قصُوا فأدخلوا في قصصهم ما يفسد قلوب العوام.
6- أنَ عموم القصَاص لا يتحرَون الصواب, ولا يحترزون من الخطأ لقلة علمهم وتقواهم.

وقال ابن الجوزي :" والقاص يروي للعوام الأحاديث المنكرة ، ويذكر لهم ما لو شمَّ ريح العلم ما ذكره ، فيخرج العوام من عنده يتدارسون الباطل فإذا أنكر عالم ، قالوا : قد سمعنا هذا بـ " اخبرنا" و " حدثنا " فكم افسد القصاص من الخلق بالأحاديث الموضوعة ! كم لون قد اصفّر بالجوع ! وكم هائم على وجهه بالسياحة! وكم مانع نفسه ما قد أبيح ! وكم تارك رواية العلم – زعما منه مخالفة للنفس في هواها ذلك ! وكم مؤتم أولاده بالزهد وهو حي ! وكم معرض عن زوجته لا يوفيها حقها ، فهي لا أيمِّ ولا ذات بعل!! "

وقال ابن الجوزي في الموضوعات : وضع أحمد بن عبد الله الجويباري ومحمد بن عكاشة الكرماني ومحمد بن تميم الفارابي على رسول الله صلى الله وسلم أكثر من عشرة آلاف حديث !!!

ووصف ابن قتبية القصاص وأكاذيبهم بقول : " فإنهم يميلون وجوه العوام إليهم ويستدرون ما عندهم بالمناكير والغريب والأكاذيب من الأحاديث ، ومن شأن العوام القعود عند القاص ما كان حديثه عجيباً خارجاً عن خطر العقول يحزن القلوب ويستغزر العيون !!"
وقد أورد العقيلي في " الضعفاء " عن حماد بن زيد – رحمه الله – قال : وضعت الزنادقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم اثني عشر ألف حديث.

وقال ابن عدي في الكامل : لما أُخذ عبد الكريم بن أبي العوجاء لتضرب عنقه – لزندقته – قال : لقد وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرّم فيها الحلال وأحلل الحرام !

وقد تسبب القصاص فى ترويج العديد من الروايات التى تسببت فى وقوع إشكاليات خطيرة وخلافات بين اهل العلم بين مصحح ومضعف لها .
ومن هذه الروايات الباطلة ما ورد عن علقمة وعقوقه لأمه.
ومن روايات القصاص الباطلة ما روى عن عمر بن الخطاب انه هدد أهل الشورى بالقتل .
ومنها أيضا قصة اأبناء الذين جاؤا غلى عمر يطلبون منه القصاص من قاتل أبيهم
ومنها أيضا ما ذكروه بان عليا لم يبايع أبا بكر رضى الله عنهما .
ومنها ماذكروه فى قصة التحكيم بين على ومعاوية وان عمرا خدع ابا موسى الاشعرى .
وما ورد عن إبراهيم ابن عبد الواحد الطبري قال سمعت جعفر بن محمد الطيالسي يقول صلى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين في مسجد الرصافة فقام بين أيديهم قصاص فقال حدثنا أحمد بن حنبل ويحيى بن معين قالا حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قال لا إله إلا الله خلق الله كل كلمة منها طيرا منقاره من ذهب وريشه من مرجان " وأخذ في قصة نحو عشرين ورقة فجعل أحمد بن حنبل ينظر إلى يحيى بن معين ويحيى ينظر إلى أحمد، فقال له: أنت حدثته بهذا، فقال: والله ما سمعت بهذا إلا الساعة، فلما فرغ من قصصه وأخذ القطيعات، ثم قعد ينتظر بقيتها قال له يحيى بن معين بيده تعال فجاء متوهما النوال، فقال له يحيى من حدثك بهذا الحديث، فقال: أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، فقال أنا يحيى بن معين وهذا أحمد بن حنبل ما سمعنا بهذا قط في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كان لابد والكذب فعلى غيرنا فقال له: أنت يحيى بن معين ؟ قال: نعم، قال: لم أزل أسمع أن يحيى بن معين أحمق ما تحققته إلا الساعة، قال له يحيى كيف علمت أنى أحمق ؟ قال كأن ليس في الدنيا يحيى بن معين وأحمد بن حنبل غيركما، قد كتبت عن سبعة عشر أحمد بن حنبل ويحيى بن معين، فوضع أحمد كمه على وجهه، وقال: دعه يقوم فقام كالمستهزئ بهما.
وهذه الرواية على ما قيل فيها من تضعيف وبطلان فإن روايتها فى حد ذاته تأكيد على خطر القصص غير المنضبط بقواعد التحديث .
ومن ذلك الروايات التى سا قها محمد بن السائب الكلبى فى تفسيره .
ومنها ما روى عن الإمام مالك والمراة القاذفة .
ومنها ما روى عن المرأة التى تصدقت بضفائرها لأبى قدامة قائد الجيش .
يتبع إن شاء الله.

د . عبدالباقى السيد
06-03-2010, 05:05 PM
ومن روايات القصاص الباطلة ما أورده الأصفهانى فى كتابه الأغانى من أن أم المؤمنين عائشة شجدت للشكر عندما بلغها خبر قتل الإمام على رضى الله عنه .

د . عبدالباقى السيد
06-04-2010, 12:14 AM
ومن الرويات الباطلة التى ساقها القصاص رواية تحريق بيت فاطمة وعلى ، وكسر ضلع فاطمة وإسقاط جنينها .
وهذه عدة روايات لهذه القصة
أخرج ابن أبي شيبة في المصنف (7/432) عن محمد بن بشر عن عبيد الله بن عمر عن زيد بن أسلم عن أبيه أسلم قال : حين بويع لأبي بكر بعد رسول الله صلى الله علي وسلم كان علي والزبير يدخلان على فاطمة بنت رسول الله فيشاورونها ويرتجعون في أمرهم فلما بلغ ذلك عمر بن الخطاب خرج حتى دخل على فاطمة
فقال:
يا بنت رسول الله ، والله ما أحد أحب إلينا من أبيك ، وما من أحد أحب إلينا بعد أبيك منك، وأيم الله ماذاك بمانعي إن اجتمع هؤلاء النفر عندك إن أمرتهم أن يحرق عليهم البيت.
قال: فلما خرج عمر جاؤوها ، فقالت: تعلمون أن عمر قد جاءني، وقد حلف بالله لئن عدتم ليحرقن عليكم البيت وأيم الله ليمضين لما حلف عليه .
والإسناد صححه بعضهم على شرط الشيخين

وروى القاسم بن سلام في كتابه الاموال (174) والطبراني في الكبير (1/62) وأبو نعيم في الحلية (1/34) والعقيلي في الضعفاء –وعنه الذهبي في الميزان- أربعتهم من طريق علوان بن داود ( البجلي مولى ابن زرعة بن عمرو بن جرير البجلي وثقه ابن حبان وقال البخاري منكر الحديث ومن ضعفه ضعفه بهذه الرواية وقد رواها ثقات آخرون ولم يضعفوا فسبب تضعيفه بها ضعيف) عن حميد بن عبدالرحمن بن حميد عن صالح بن كيسان عن حميد بن عبدالرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عوف عن أبي بكر الصديق : .... فذكر الرواية وفيها قول ابي بكر (وودت أني لم أكشف بيت فاطمة وتركته وإن اغلق على حرب) وحسنه السيوطي في مسند فاطمة (

وذكر العقيلي في الضعفاء – ونقل عن الذهبي في الميزان- إسناداً آخر من طريق علوان عن حميد مرسلاً (وهذا شاهد ولو كان مرسلاً) فحميد تابعي وقد توبع على هذا من حيث رواية الرواية من تابعين آخرين بإسناد صحيح إليهم كما في إسناد أسلم مولى عمر السابق.

وروى الحاكم في المستدرك (2/70) عن محمد بن صالح بن هانئ عن الفضل بن محمد البيهقي عن إبراهيم بن المنذر الحزامي عن موسى بن عقبة عن سعد بن إبراهيم عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (أن عبد الرحمن بن عوف كان مع عمر بن الخطاب وأن محمد بن مسلمة كسر سيف الزبير ثم قام أبو بكر واعتذر إليهم .

وروى عمر بن شبة عن ابراهيم بن المنذر عن ابن وهب عن لهيعة عن أبي الأسود (غضب رجال من المهاجرين في بيعة ابي بكر بغير مشورة وغضب علي والزبير فدخل بيت فاطمة ومعهما السلاح فجاء عمر في عصابة فيهم اسيد بن الحضير وسلمة بن سلامة بن وقش فاقتحم الدار .

يتبع إن شاء الله

ابن السنة
06-04-2010, 12:31 AM
ومن الرويات الباطلة التى ساقها القصاص رواية تحريق بيت فاطمة وعلى .
حيرتنى احدى الروايات التى تبد و الله أعلم صحيحة الاسناد و لقد ضعفها بعض أخواننا على ملتقى أهل الحديث بعلة التفرد نظراً لنكارة متنها الشديدة.
هل أطلعت عليها يا استاذنا الفاضل عبد الباقى؟

د . عبدالباقى السيد
06-04-2010, 12:48 AM
بارك الله فيك أخى الحبيب نعم اطلعت عليها وسأوافيك بردى لاحقا إن شاء الله .
وقبل أن أوافيك بالرد أطرح لك قولين لرجلين من رجال الشيعة فى هذه الحادثة المكذوبة .
أولهما : قول ابن أبى الحديد الشيعى المعتزلى فى " شرح نهج البلاغة " (2 / 60) حيث قال : " أما الأمور الشنيعة المستهجنة التي تذكرها الشيعة من إرسال " قنفذ " إلى بيت فاطمة عليها السلام ! ، وأنه ضربها بالسوط فصار في عضدها كالدملج ، وبقي أثره إلى أن ماتت ، وأن عمر أضغطها بين الباب والجدار ، فصاحت : يا أبتاه ، يا رسول الله ! وألقت جنيناً ميتاً ، وجُعل في عنق علي عليه السلام حبلٌ يقاد به وهو يعتل ، وفاطمة خلفه تصرخ ، وتنادى بالويل والثبور ، وابناه حسن وحسين معهما يبكيان ، وأن عليّاً لما أُحضر سلموه البيعة ، فامتنع ، فتهدد بالقتل ، فقال : إذن تقتلون عبد الله ، وأخا رسول الله ! فقالوا : أما عبد الله : فنعم ! وأما أخو رسول الله : فلا ، وأنه طعن فيهم في أوجههم بالنفاق ، وسطر صحيفة الغدر التي اجتمعوا عليها ، وبأنهم أرادوا أن ينفروا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة : فكله لا أصل له عند أصحابنا ! ولا يثبته أحد منهم ! ولا رواه أهل الحديث ، ولا يعرفونه ، وإنما هو شيء تنفرد الشيعة بنقله " .

وثانيهما : قول محمد حسين آل كاشف الغطاء فى " جنة المأوى " ص 135 حيث قال " ولكن قضية ضرب الزهراء ، ولطم خدها : مما لا يكاد يقبله وجداني ، ويتقبله عقلي ، وتقتنع به مشاعري ، لا لأن القوم يتحرجون ويتورعون من هذه الجرأة العظيمة ، بل لأن السجايا العربية ، والتقاليد الجاهلية ، التي ركزتها الشريعة الإسلامية ، وزادتها تأييداً ، وتأكيداً : تمنع بشدة ضرب المرأة ، أو تمد إليها يد سوء ، حتى إن بعض كلمات أمير المؤمنيين ما معناه : أن الرجل كان في الجاهلية إذا ضرب المرأة يبقى ذلك عاراً في أعقابه ونسله .

ولشيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله سره كلام نفيس حول هذه الحادثة فى منهاجه 8/208 جاء فيه " ونحن نعلم يقينا أن أبا بكر لم يُقدِم على علي والزبير بشيء من الأذى ، بل ولا على سعد بن عبادة المتخلف عن بيعته أولاً ، وآخراً ، وغاية ما يقال : إنه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه ، وأن يعطيه لمستحقه ، ثم رأى أنه لو تركه لهم لجاز ، فإنه يجوز أن يعطيهم من مال الفيء ، وأما إقدامه عليهم أنفسهم بأذى : فهذا ما وقع فيه قط باتفاق أهل العلم ، والدِّين ، وإنما يَنقل مثل هذا جهال الكذابين ، ويصدقه حمقى العالَمين ، الذين يقولون إن الصحابة هدموا بيت فاطمة ، وضربوا بطنها حتى أسقطت ، وهذا كله دعوى مختلقة ، وإفك مفترى ، باتفاق أهل الإسلام ، ولا يروج إلا على مَن هو مِن جنس الأنعام .

وقال أيضا فى المنهاج 4/493 " ومنهم من يقول : إن عمر غصب بنت علي حتى زوَّجه بها ! وأنه تزوج غصباً في الإسلام ! ومنهم من يقول : إنهم بعجوا بطن فاطمة حتى أسقطت ، وهدموا سقف بيتها على من فيه ، وأمثال هذه الأكاذيب التي يعلم من له أدنى علم ومعرفة أنها كذب ، فهم دائما يعمدون إلى الأمور المعلومة المتواترة ينكرونها ، وإلى الأمور المعدومة التي لا حقيقة لها يثبتونها ، فلهم أوفر نصيب من قوله تعالى ( وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ ) العنكبوت: من الآية68 ، فهم يفترون الكذب ، ويكذبون بالحق ، وهذا حال المرتدين .

يتبع إن شاء الله

عياض
06-05-2010, 03:22 AM
فالدولة العباسية مكنت للمذهب الحنفى فى بلادها بالقوة وإن كان ذلك على حساب الحق فى أحايين قلت أو كثرت ، وكذا الأمر بشأن المذهب المالكى الذى وجد تعضيدا من الدولة الأموية بالاندلس ثم صار هذا منهجا متبعا إلى أن قامت دولة الموحدين فتنبت المذهب الظاهرى
هذه مجازفة سيدي...التمكين بالقوة لمذهب ما هو بيتنيه و منع غيره تدريسا و افتاءا و نشرا و ظهورا في الحياة العامة..و ما علمنا ان الدولة العباسية او الأندلسية الأموية منعت لغير مذهب النعمان او مالك من التدريس و الافتاء و الانتشار كما منعته بعض الدول كالموحدية او الفاطمية..أما ان تتبنى مذهبا واحدا في القضاء و تمنح الحرية لغيره و تترك هامش الاختلاف و الحرية و المنافسة بين المذاهب فهذا من سعة الأفق و حسن السياسة...فالقوم كانوا مدركين لضرورة الاختلاف و تعدد الآراء و التدافع في الفكر و النظر في الفقه و القانون..ولا أدل على ذلك من محاولة المنصور جر مالك الى فرض مذهبه ثم ان عقل بعدها الكلمة الحكيمة للامام مالك في ضرورة الاختلاف بسبب تنوع المصالح و المفاسد و تنوع مدارك الفقهاء و القانونيين بتنوع امصارهم و مسافات الزمان و المكان (بل المراجع الكبرى المقربة من السلطة التنفيذية في احيان كثيرة عند العباسيين لم تكن حنفية كالامام احمد و الامام اسماعيل القاضي المالكي و الامام ابن خزيمة و الامام الجويني الشافعيان و الامام ابن الجوزي الحنبلي ..الخ)...فما فعله العباسيون و الأمويون له مبرره في كون خطة القضاء تختلف في طبيعتها عن بقية الخطط كالافتاء و الدعوة و الحسبة والوقف كما تجده مؤصلا وواضحا في ابسط منظومات علم القضاء كالتحفة و لامية الزقاق و غيرها..و هو ما تبناه ايضا الفقه الغربي من قبوله بمبدأ توحيد القضاء ...فيوشك ان يكون الأمر على العكس مما تقول سيدي

د . عبدالباقى السيد
06-05-2010, 02:19 PM
بارك الله فيك ايها الحبيب على هذا الطرح ، ورغم أنى أخالفك فيه إلا اننى مؤمن بان " اختلاف الآراء لا يفسد للود قضية"
واقف مع كلامك أخى الحبيب وقفات سريعة بعيدة عن التعصب والتقليد لمذهب بعينه او لقول ما

أولا : بخصوص الائمة الاربعة ومن تبعهم من اهل الاجتهاد فالحديث يبعد عنهم نهائيا ن فهؤلاء هم الاعلام وهم الأفذاذ وهم حملة العلم الشريف النزيه الذى وصلنا ، وما راينا أحدا منهم دعا لتقليد و لتعصب ابدا ، بل كلهم فاضلون لهم علينا وعلى كل مسلم حق التبجيل والاحترام والاستغفار لهم والدعاء لهم بالجنة .

ثانيا : المثال الذى طرحته بشان الغمام مالك وموقف المنصور العباسى من نشر الموطا فهذا ليس بحجة على من اتى بعد غمام دار الهجرة لانى كما قلت هذا إمام فذ ونجم زاهر ، وما وقع من تعضيد لاحقا بشان المذهبين المالكى فى الأندلس والحنفى فى العراق كان بعد الإمامين المبجلين أبى حنيفة ومالك .

ثالثا : ماذا تقول اخى الحبيب فى قهر الدولة العباسية لأبى يوسف حتى يلى القضاء ، مع أن هناك من الأحناف ومن المالكية من فروا عن تولى هذا المنصب ألا يعد هذا القهر نشرا بالقوة ، ثم انظر ماذا فعل أبويوسف ويحيى بن يحيى الليثى ألم يوليا كل القضاء على المذهبين المالكى والحنفى أليست هذه قوة .
هل وجدت أخى الحبيب فتيا صدرت تخالف المذهب الحنفى فى العراق ، او اخرى تحالف حكم القاضى المالكى فى الاندلس ؟
يا سيدى إن عبدالرحمن الناصر حتى عندما أعجب بالمنذر بن سعيد البلوطى الظاهرى وولاه القضاء فرض عليه ان يحكم بالمذهب المالكى فكان يقصى بين الناس بالمذهب المالكى ويأخذ أهله وذويه بالمذهب الظاهرى .

رابعا : هل تعرف كم عدد غير المالكية فى الفترة من دخول المذهب المالكى الأندلس على يد عبدالرحمن شبطون حتى قيام الدولة الموحدية
إننا لو حصرنا جل الشافعية والاحناف والظاهرية والحنابلة فى تلك الفترة لا يمكن أن يصلوا إلى مائة باى حال من الأحوال ، وقد قمت بحصر لهم جميعا .
هل هذا العدد لكل المذاهب من غير المالكية تراه مناسبا لان يقوم بالتدريس أو بالحرية الفكرية
إننى اذكر اننى فى فترة ما لم أعصر إلا على فقيه حنبلى واحد ، وبخصص الشافعية لم أعثر سوى على ثلاثة فى عصر وربما اثنين .

خامسا : لو تدبرت يا اخى الحبيب جميع كتب التراجم لوقفت على هذه الحقيقة فى كل من العراق والأندلس ، وانظر غلى ما وقع لكل من خالف المذهب المالكى من بطش من قبل المقلدين والمتعصبين ترى ذلك واضحا جليا .
ماذا فعل ببقى بن مخلد الإمام المجتهد الفذ .
وماذا فعل بمحمد بن وضاح .
وماذا فعل بأبى الخيار مسعود بن مفلت ، وبتلميذه ابن حزم .
ثم انظر غلى الوثيقة التى صدرت فى عهد المرابطين وتقضى بعدم العمل بأى قول غير قول المالكية .
ومثلها فى قرطبة فى عهد المرابطين .
وانظر غلى حال المناظرات فى فترة الإمارة وبعدها كان المالكى - المقلد- إن جلس للمناظرة وقيل له قال رسول الله يقول " وقال مالك"
وكانت طائفة من المقلدين يرددون دائما " لا نعرف إلا كتاب الله وموطا مالك"
بل وصل الامر ببعضهم بعد سقوط دولة الموحدينان قال ط إن كل شىء نزل من السماء فى المدونة"
وانظر إلى نوازل ابن رشد الجد ، وإلى معيار الونشريسى بشان قضية قامت الدنيا عليها ولم تقعد لأجل أن شاهدا ظاهريا سيدلى بشهادته .
هنا هاج المقلدون وماجوا وقالوا هذه بدعة وضلالة ، لولا عبقرية الفقيه الاجل ابن رشد الجد الذى أفتى فى الموضوع بطريقة حلت الإشكال .
يا اخى الحبيب يعلم الله انا ما تجاوزنا لاننا شرطنا على انفسنا الإنصاف ، ونسال الله ليل نهار أن يرزقنا إياه ، وأن يجعلنا لا نفوه إلا بحق - مع ان هذا محال- لكن هذا دابنا الذى نسير عليه .

سادسا : لو نظرنا للامر بمثل ما نظرت إليه بشان القضاء فهذه ستكون حجة للموحدين ودفاعا منك عنهم بنفس القول الذى قلته ، لأن الموحدين ما زادوا على تولية القضاء غلا لظاهرية ن ولكنهم مع هذا كانوا يولون قضاة من المالكية فى المنطقة التى فيها كثرة مالكية ، وولوا القضاء لمن هم من أكابر فقهاء المالكية الذين عرفوا بالاجتهاد ورفض التقليد وعلى راسهم قاضى القضاة ابن رشد الحفيد ، ولقد احصيت ما يقرب من خمسين من فقهاء المالكية تولوا مناصب عالية فى عهد الموحدين ما بين القضاء والفتيا ورئاسة طلبة الحضرة وخلافه .
اما ما وقع فى عهد الموحدين بشان إحراق بعض الكتب المالكية فجلها كانت لاجل تعمد الإفتاء بالراى مثل ما فعل بابن زرقون .
اما بشان من كان ينتقد نقدا بعيدا عن التعصب فما كان يضطهد ولا يعذب وانظر غلى الكم الهائل من الردود على ابن حزم والظاهرية فى عهد الموحدين ، كانت تنشر وتوزع وما وقع لاصحابها من ضر اصلا .
أخشى اخى الحبيب إن ضربت لك أمثلة بشأن جمع من فقهاء المالكية ممن اشتهروا بالتقليد ان اتهم بانى معادى للسادة المالكية ، ويعلم اله كم هو حبى للإمام مالك واتباعه من المجتهدين الأفذاذ ، بل وحبى لكثير من المالكية الذين فيهم نزعة تعصب وعلى راسهم العلامة الفذ ابن العربى وكفاه فخرا انه قال " وإن قالها مالك فلسنا له ممالك" ، وكفى على علو كعبه مصنفاته القاطعة على علمه .
يتبع إن شاء الله لطرح نماذج ولعرض حال السادة الأحناف فى عهد العباسيين .
وأسال الله ان يرزقنا جميعا الإنصاف .

عياض
06-05-2010, 08:00 PM
الكلام عن فرض المذهب بالقوة منعا للمذاهب الأخرى...و هذا الفرض بالقوة هو ما لا دليل عليه...أما التعصب و التقليد فلا تخلو منه طائفة من البشر بما فيهم الظاهرية...
أما عد تمنع ابي يوسف من القضاء دليلا..فعجيب ..اذ لم يشتهر امام من الأئمة الا و ارادته الدولة للقضاء و امتنع لا اكاد استثني احدا ممن أجبروه او حاولوا اجباره على القضاء..من الآئمة الأربعة الى ابن جرير الى بن وهب المالكي الى ابن علية الى سفيان الثوري الى الى ما شاء الله من الخلق الذين لا يحصون من كافة المذاهب..
أما عدم صدور فتيا فعجيب أيضا..اذ متى اذن صدرت وقيدت كل تلك النوازل و كل تلك المناظرات و التدريس و التنظير في كافة المذاهب مما هو معروف بأدنى نظرة في كتبها و اصولها و مدوناتها؟؟.. بل الدعوى التي ادعاها الجويني من عدم اعتبار الظاهرية لم يمكن ردها الا باتباث مساحة الحرية للمذاهب بصفة عامة و في العراق بالذات ..فكان هذه الحجة هي تأكيد لما يقوله الامام الجويني..
قال الذهبي في معرض رده عليه:
وندري بالضرورة أن داود كان يقرئ مذهبه، ويناظر عليه، ويفتي به في مثل بغداد، وكثرة الائمة بها وبغيرها، فلم نرهم قاموا عليه، ولا أنكروا فتاويه ولا تدريسه، ولا سعوا في منعه من بثه، وبالحضرة مثل إسماعيل القاضي، شيخ المالكية، وعثمان بن بشار الانماطي، شيخ الشافعية، والمروذي شيخ الحنبلية، وابني الامام أحمد، وأبي العباس أحمد بن محمد البرتي ، شيخ الحنفية، وأحمد بن أبي عمران القاضي، ومثل عالم بغداد إبراهيم الحربي.
بل سكتوا له، حتى لقد قال قاسم بن أصبغ: ذاكرت الطبري - يعني ابن جرير - وابن سريج، فقلت لهما: كتاب ابن قتيبة في الفقه أين هو عندكما ؟ قالا: ليس بشئ، ولا كتاب أبي عبيد، فإذا أردت الفقه فكتب الشافعي، وداود، ونظرائهما...
أما الأندلس فالأمر أشهر و أعرف...فالتسامح فيها و مساحة الحرية تدريسا و مناظرة في الغالب كانت تسع حتى بعض المذاهب غير الاسلامية دع عنك الاسلامية دع عنك السنية...و سياسة الدولة فيها في الغالب كانت كنظيرتها في المشرق...النأي عن الدخول في الصراعات العقدية و الفقهية ما لم تمس اًصول النظام العام المحدد من قبل الشرع بوضوح...الا ما كان من الدولة الموحدية و الفاطمية و دولة المأمون...و لهذا فقد كان في الأندلس من كافة المذاهب ..بل قد كان مذهب الأوزاعي ذا سوق رائجة هناك و قد كان انقرض في المشرق..و ظهر من الشافعية و الظاهرية خصوصا خلق كثير قبل ان يطغى مذهب مالك على الجمبع لاسباب جغرافية و اجتماعية أكثر من السياسية...منها البعد عن مركز العالم الاسلامي حتى ان كنب الحديث و امهات الفقه كانت تدخل متأخرة بقرون الى الأندلس..و منها أن البيئة التنافسية مالت الى صالح المالكية ...فكانت المذاهب تتنافس في تطوير بنياتها القانونية و الفكرية ..و الناس يختارون..فكانت الغلبة و الجريان للمالكية ووافقت طباعهم و عاداتهم..و الدنيا لمن غلبا...

و لهذا لما سئل قاسم بن محمد بن سيار القرطبي لم يفتي بمذهب مالك مع انه شافعي، قال :إنما يسألوني عن مذهب جرى في البلد يعرف، فأفتيهم به، ولو سألوني عن مذهبي أخبرتهم.

و لكن ما كان ذلك يعني عدم توفر التربة المناسبة و الحرية لنشر ما يراه الناس حقا...و في نفس الوقت ان لم ينتشر و لم يكتب لك النجاح فليس لك الحق في القاء اللوم على التعصب الموجود في بعض الناس مما قد لا تسلم منه طائفتك ايضا...او ادعاء ان تربة الحرية ما كانت متوفرة...فالقضية قضية منافسة و بقاء للأقوى ضمن حدود الشرع..قال القاضي عياض :"ودخل منه شيء- أي مذهب أبي حنيفة-ما وراء افريقية من المغرب قديما، بجزيرة الأندلس وبمدينة فاس...وأدخل بها - أي الأندلس- قوم من الرحالين والغرباء شيئا من مذهب الشافعي، وأبي حنيفة، وأحمد، وداود فلم يتمكنوا من نشره، فمات بموتهم، على اختلاف أزمانهم إلا من تدين به في نفسه، ممن لايؤبَهُ لقوله،على ذلك مضى أمر الأندلس إلى وقتنا هذا" .

د . عبدالباقى السيد
06-05-2010, 11:05 PM
شكر الله لك اخى الحبيب ارى أن الموضوع فى طريقه للجدل لذا اخى الحبيب اكتفى منك فقط بان تجيبنى على هذه التساؤلات بعيدا عن التعجب منى ومنك لما يطرح .
أولا : لماذا لم نجد فتاوى فى الأندلس وكتبا للنوازل سوى نوازل المالكية ؟
ألا تعد ذلك قهرا ، ولو لم يكن قهرا اين كتب المذاهب الاخرى ؟
ثانيا : هل ولى يحيى بن يحيى الليثى وأبويوسف قضاة من غير المالكية والأحناف . ليتك يا أخى الحبيب تاتينى باسم واحد لانى ساستفيد منه كثيرا لو وجد ؟
ثالثا : هل يجوز الاحتجاج بما هو سابق للمذهب المالكى بالاندلس ، أم ان الاحتجاج إنما يكون خلال العصر الذى نحن بصدد الحديث عنه ؟
رابعا : كم هى نسبة غير المالكية من القضاة والأهل الفتيا والمشورة واصحاب الإمامة بالنسبة للمالكية فى الاندلس ، وكذا الأمر بالنسبة للأحناف فى العصر العباسى الاول أى تحديدا من 132هـ-232هـ ، وهو العصر الذهبى والذى بز فيه مذهب الاحناف بقوة ، وهو ما نحن بصدد الحديث عنه .
اما الحديث عن ما بعد هذا العصر فوقع فيه من الانتشار لجل المذاهب فى المشرق وهذا حق لا ننكره ن غنما حديثنا عن أول الأمر بشان الأحناف .
خامسا : بم تفسر قرار على بن يوسف بن تاشفين المرابطى بمنع اى مذهب غير المالكي ؟
هل هذه هى الحرية التى ننشدها ؟!
سادسا : يا اخى الحبيب ليتك تفرق بين صدر دولة الموحدين وبين عصرها الذهبى فى عصر المنصور وما تلاه من عصور كانت فيه خيرة أيضا ؟
بمعنى آخر هل عندك أن الموحدين كلهم كانوا شيعة ؟
وهل هم كالفاطميين الإسماعيلية الهالكين ؟
سابعا : قلت أخى الحبيب " و ظهر من الشافعية و الظاهرية خصوصا خلق كثير قبل ان يطغى مذهب مالك على الجمبع لاسباب جغرافية
واجتماعية أكثر من السياسية" متى طغى مذهب مالك ، وفى عهد من من أمراء الاندلس ، ومن هم الخلق الكثير من الشافعية والظاهرية قبل طغيان مذهب مالك رحمه الله .
أكتفى بهذه الاسئلة ، وليتك اخى الحبيب تجيبنى عنها فقط بعيدا عن أى تنظير آخر فأكون لك من الشاكرين .
وإن شئت فاطرح على ما تريده من الاسئلة إن أردت حتى لا ندخل فى جدال أشتم رائحته .
والله المستعان وعليه التكلان .

عياض
06-06-2010, 05:51 AM
أخي الكريم..لا جعل الله بيننا جدالا..و لهذا سأبين باخنصار ثمرة حوارنا على ما يبين اصول الفروق فيما ذكرت
أولا الكلام سيدي ليس عن الدعم الرسمي للمالكية او الحنفية مغربا و مشرقا باسناد خطة القضاء و الخطط الادارية اليهما..فهذا امر متفق عليه و لا اظن احدا ينازع في صحة كلام ابن حزم في كون المذهبين انما انتشرا بالرياسة...و قد وضحت ان ذلك جار على طبيعة خطة القضاء و الادارة نفسها يدل عليه ان البشر في الجهة المقابلة تنبهوا له فيما سموه مبدأ توحيد القضاء...و ان الدعم الرسمي لسلطة تنفيذية في دولة متماسكة انما يكون بتتبع و تلمس توجهات الناس و الرأي العام في الغالب...و الدول المتعاقبة من الادراسة الى من بعدهم ما دعمت المذهب حتى انست منه انتشارا بين الناس ..و هذا يكون بالأساس نتيجة لقيام رجال المذهب بمدرسته و نشرها و فلسفة اصولها و تفريع ميكانيزماتها التطبيفية ...

فان تأملت و جدت ان الانتشار ان كتب لمالك ليس لأن مالكا اعلم من الأوزاعي او ان الخليفة هو من اقرباء من كان مالك يساند ثورته و ان كان ذلك قد يكون من الأسباب الثانوية...و انما الانتشار بالأساس يكون بسبب ان رجالات المذهب و فقهاءه لم يضيعوا صاحبهم و احسنوا اقناع الناس بسلعتهم...خاصة ان كان هؤلاء الناس اصل اسمهم مشتق من التمرد و التحرر و لم يعرف عنهم خضوع لسلطان...و هذا تفطن له من تفطن له ..فالقضية في الأساس منافسة و تدافع و بقاء الأقوى و الأنفع...
و لهذا الكلام لبس عن الدعم الرسمي في تولية خطة القضاء لكن الكلام عن منع تداول المذاهب الأخرى في غير خطة القضاء ...فهذا ما لا دليل عليه...فالمعاشر لتعاقب هذه الدول يلمس انها حرصت في الغالب على توفير قدر الحرية اللازم للحرالك الفقهي..الا ان شاء المرء اتباع الصورة القاتمة التي يصورها المستشرقون و اتباعهم من الحداثيين عن دولة فقهاء المذهب الواحد و الرأي الواحد و كأنهم يريدون اسقاط روسيا ستالين على تاريخ الدول و انهم الوحيدون الذي علموا العالم ادارة الاختلاف و تقدير التنوع...فان اتبثوا انعدام الاستقلالية و الحرية في الفقه انتقلوا بعد ذلك للحديث و قالوا ان الحديث كما الفقه ما هو الا نتاج علاقة الأمراء بالعلماء و ان لا حرية و لا استقلالية كانت تسمح ببيان الخطأ و الصحيح من الأقوال...و هكذا...و لا مرد لحجتهم ان انكرنا الحرية و الاستقلالية التي كانت متوفرة في ايامهم..
و هذا بيبن لم لم تصلنا كنب غير المالكية في الأندلس و فناويهم ...اذ عدم رواج انتاج مدرسة هو السبب الأساسي لا تقصد السلطان لاعدامه...فهذا مذهب الأوزاعي كان هو الغالب بالمغرب و مع ذلك فأين كتب نوازله في تلك الفترة؟؟ بل أينها في كل العالم الاسلامي ..؟؟ مع ان لا احد تقصد اعدامها ...؟؟و حتى حين تقصد الموحدون و الفاطميون افناء الانتاج المالكي لم يستطيعوا لتمكن رجالاته من قلوب الناس و قوة شكيمتهم في المدافعة - حتى ان منهم من استمرأ المقام بمصر مع خوف القتل في ولاية الفاطميين و لا أن يختفي المذهب منها-...
أما الحديث عن النسبة بدقة فلم يسبق لي اعتناء بدراسة القضية من الناحية الاحصائية..و لكن لا شك ان المتولين للخطط الادارية من المالكية و الحنفية هم السواد الأعظم وهذا قلنا انه مفهوم و منطقي...أما من جهة التدريس و الافتاء و المناظرات و غيرها من انشطة نشر العلم..فما اعلم مرسوما بحظره لا في هذا العصر و لا فيما بعده على مذهب من المذاهب كما حصل مع المذاهب العقدية التي حظرت بمنشورات رسمية متبثة غير ما مرة..بل التنوع في هذا العصر على هذا المستوى الأخير هو أغنى مما بعده ...و قد سقت نص الذهبي كقلادة...و كتب الطبقات و التراجم عامرة بهم....و ما صدر امر بمنع احد منهم و الأمر أشهر من أن يعرف به..فان اندثر مذهب فقهي في هذه الفترة فلضعف رجاله لا لتقصد الدولة له...اذ ما كان لهم من تقصد أصلا..

أما منع الأمير الفاتح ابن تاشفين لغير المذهب المالكي فلعلك تقصد ما ذكرناه من خطة القضاء أما أن يكون منع غيره...فهذا الذي لا علم لي به و ما مر بي عند مؤرخي الفقه لهذه الفترة من المراكشي الى الحجوي..فان افدتني اكن لك شاكرا
أما الموحدين فما قلت انهم رافضة بل دولتهم من خير الدول في المجمل العام..و لكن كلامي كان عن فرض مذهب واحد تدريسا و تعليما و افتاءا..و ليس فقط قضاءا...و تقصدهم حرق كتب غيرهم و منعهم من وسائل العلم ما فهم منه المؤرخون ان قصدهم كان افناء المالكية...او اي مذهب غير الظاهرية...
أما انتشار مذهب مالك و متى فألحق رسالة لطيفة للشيخ محمد الروكي و هو فيما لمسته عن قرب :من افاضل من افنوا اعمارهم في دراسة اصول المذهب و فلسفته التشريعية...فلعل كلامه يكون اوفى و لعلي اختم بكلام للقاضي عياض يبين باخنصار غير مخل كيف كانت البيئة قبل و بعد ...و يلمح الى الدور الأساسي و الحاسم الذي ذكرته و الذي يلعبه رجالات المذهب قال رحمه الله عن بلاد الغرب الاسلامي انه :

كان الغالب عليها في القديم ، مذهب الكوفيين،إلى أن دخل علي بن زياد،،ابن أشرس،والبهلول بن راشد،وبعدهم أسد بن الفرات،وغيرهم بمذهب مالك، فأخذ به كثير من الناس،ولم يزل يفشو إلى أن جاء ابن سحنون فغلب في أيامه وفض حلق المخالفين،واستقر المذهب بعده في أصحابه،فساح في تلك الأقطار إلى وقتنا هذا...و الله أعلم

د . عبدالباقى السيد
06-06-2010, 07:34 PM
بارك الله فيكم اخى الحبيب وأحسن الله إلينا وغليك .
بخصوص طلبك ساوافيك به إن شاء الله على الرحب والسعة بشان منشور على بن يوسف بن تاشفين .
وعن الإحصائيات لعلى اخبرك بها لاحقا أيضا .
أما عن أسباب انتشار المذهب المالكى وجهود المالكية وإخلاصهم فى نشره فهذا أمر نوافقك عليه فى مجمله ، وإن كان من الاسباب ايضا دور اسلطان ، مع حب الفقيه المالكى يحيى بن يحيى الليثى للمذهب المالكى وسعيه للتمكين له بتولية المالكية فحسب ، وكذا بالنسبة لأبى يوسف فى المشرق.
وبشان عدم ظهور فقه الأوزاعى فهذه حجة تؤكد موات المذهب لعدم وجود من ينشغل به اللهم إلا من بعض المرويات هنا وهناك ، وهذا فى حد ذاته إشكال لابد ان يزال.
والأمر كذلك بشان المذهب الظاهرى لولا جهود ابن حزم وما عاناه وكابده لأجل التمكين له لكان المذهب نسيا منسيا .
الإشكال لا يزال يكمن فى الآتى إن قلنا بأن النوازر والفتاوى كانت مرتبطة بالفقيه أو القاضى والسلطان أين هى نوازل المنذر بن سعيد البلوطى وقد كان قاضيا للقضاة ؟
ثم اين نوازل كتب الظاهرية فى عهد الموحدين ؟
ولعلى أنقل لك كلاما عن ما قام به أحد حكام دولة بنى مرين بالقضاء نهائيا على كل اثر للظاهرية .
لا يعنى كلامى هذا اخى الحبيب انى اوافق المستشرقين كلا وربى ، بل إنى أنظر لتاريخنا الإسلامى نظرة المسلم الذى يريد ان يخلص تاريخ أمته من كل شائبة قد يستغلها المستشرقون لتوجيه التهم لنا ولديننا ولتاريخنا .
وفقنى الله وإياكم ، ودمت محاورا لينا محبا لإخوانك .