المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : آيات من الذكر في مفهوم ما يدعى بثقافة الحوار



الوعد الصادق
05-30-2010, 03:33 PM
(وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين وقولوا للناس حسناً وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ثم توليتم إلا قليلاً منكم وأنتم معرضون 83 ) البقرة

( ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو اعلم بمن ضل عن سبيله وهو اعلم بالمهتدين 125 وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين 126 واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون 127 إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون 128 ) النحل .

( وقل لعبادي يقولوا التي هي احسن ان الشيطان ينزغ بينهم ان الشيطان كان للانسان عدوا مبينا 53 ربكم اعلم بكم ان يشأ يرحمكم أو إن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيلا 54 ) الإسراء .

( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم 34 ) فصلت

( ادفع بالتي هي أحسن السيئة نحن أعلم بما يصفون 96 ) المؤمنون

( والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرءون بالحسنة السيئة أولئك لهم عقبى الدار 22 ) الرعد

(أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا ويدرؤون بالحسنة السيئة ومما رزقناهم ينفقون 54) القصص

(وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما 63 ) الفرقان

لا يوجد في دين الإسلام أو في غيره من الأديان أي تعليم يحرض أتباعه على المبادرة بالإساءة للآخرين في الحوار معهم حتى ولو كانوا على الباطل بل انه فعل مدان حتى في القوانين والأعراف الوضعية , ولكن أكثر الناس يمارسون هذه الهواية " هواية المبادرة بالإساءة للآخرين " بكل طلاقة وحرية واسترسال ودون ضابط أو رقيب فما الذي يحرض الناس على هذا الفعل ؟ وعلام يستندون إذا كانت كل التشريعات والمبادئ تنهى عنه ؟
إن هذا الأسلوب ينشأ نتيجة غياب ثقافة الحوار فهو دليل ومؤشر على تخلف اجتماعي وفكري يعكس الطبيعة العدوانية الكامنة لصاحب هذا الخلق السيئ . هذه الثقافة ليس لها دين أو جنسية بل هي ظاهرة موجودة في كل المجتمعات البشرية تزيد نسبة وجودها وتنقص حسب تحضر المجتمع ووعيه , إذ أن ثقافة الحوار هي من أهم ركائز الحضارة وبدونها لا تنهض امة ولا تقوم لها قائمة فمجتمعاتنا البشرية تتميز عن مجتمعات الكائنات الأخرى بأشياء من أهمها ميزة العقل الجماعي القادر على أن يحل مشاكله و يزيل تناقضاته بالعقل الذي يتبين الحجة والبرهان تفكرا وتدبرا , وان من لا خلق له لا عقل له و كما ذم الله أهل السوء فقال عنهم " قوم لا يعقلون " فبالعقل " مناط التكليف " يميز الإنسان بين الصواب والخطأ وبين الخلق الحسن والخلق السيئ فمتى تخلى الإنسان عن ما ميزه الله به كان أسوأ حالا من الدواب .
قد يستهين البعض بهذه الثقافة وهذا مكمن المشكلة لأنها ليست مجرد مظهر إنساني حضاري راق بل إن هذه الثقافة " ثقافة الحوار " هي احد أسس صلاح المجتمع ونهوضه فبدونها تنهار الحياة الأسرية وتفشل الأساليب التربوية والتعليمية وتفسد التركيبة السياسية في الدولة مما يورث الفتنة والاقتتال وغياب الأمن وانتشار الفساد وما إلى ذلك من أمراض .
إن أفضل من يدعو إلى هذه الثقافة هو القرآن الكريم فبالرغم من انه يتكلم بقول الله الذي هو أعلى من كل البشر لكنه لم يرد فيه سب أو اهانة لآدمية إنسان بعينه بل انه يصف أحوال البشر ويشبههم بأصنافهم عموما كل بما يحق عليه من القول دون تخصيص إذ يقول تعالى في القرآن ( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ) ويقول ( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون )
ولكن يظهر عكس ذلك عند الكثير من أهل الإسلام في طريقة تعاملهم وأسلوب حوارهم في حين أننا نجد القرآن الكريم يأمر بالإحسان إلى الناس سواء المسلم منهم والغير مسلم وينهى عن العدوان ولا يجيز معاداة الناس وبغضهم إلا في وجه من اعتدى كما قال تعالى " وان عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به " بل إن من الإخلاص في الدعوة لله أن نحب الخير للناس وندعوهم إلى ما فيه صلاحهم وسعادتهم إلا من تبين بغضه و عداوته لله .
ما الذي يمنع الأخوة المسلمين من أن يحسنوا إلى الناس في الحوار والجدال ؟ لا يوجد أي نص أو دليل " سواء عند أهل السنة أو الشيعة أو غيرهم من المذاهب " يحث على البدء بالغلظة في الخطاب مع من لم يعتدي من المخالفين .
ما الذي يمنعنا من أن نبني علاقات طيبة مع أناس قد يخالفوننا الرأي أو العقيدة طالما أنهم لم يسيئوا ولم يعتدوا علينا ؟
بالعكس تماما فان الإسلام يحث على أن يكون الاحترام والسلام هو طبيعة معاملة المسلم مع الناس حتى ولو كان من يتعامل معه على مذهب مخالف أو حتى على دين آخر
يقول الله (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين )
ويقول ( يا أيها الذين آمنوا ادخلوا في السلم كافة ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين )
يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال " من كان يؤمن بالله واليوم الأخر فليقل خيراً أو ليصمت "
ويروى عنه أيضا انه قال " الكلمة الطيبة صدقة " فتخيلوا لو أننا دائما نتكلم كلاما طيبا فما أعظم الأجر في صدقات بعدد كلماتنا ؟
يقول تعالى (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )
( 114 ) سورة النساء

أما عن المؤمنين فان الله يقول
( فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين )
ويقول
(إنما المؤمنون أخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون )

اللسان .... معظم مشاكلنا وازماتنا كان اللسان هو سبب حدوثها وهو في نفس الوقت فيه علاجها ....
لا أقول هذا الكلام لأضع نفسي في موضع الواعظ المتفضل بل انني اعترف بتقصيري واخطائي و إنما يؤلمني ويحزنني ما أرى من المسلمين في الحوار مما يسبب لي المرض والاستياء العميق وأول من أتوجه إليه بهذا الكلام هو أنا نفسي فيتوجب علينا ان ندين الاساءة ولو كانت صادرة ممن هم على نفس عقيدتنا او مذهبنا او فكرنا و رب كلمة أشعلت فتنة احترق بشرها الكبير والصغير ورب كلمة كانت سببا في الإصلاح بين الناس فأحببت أن أشارك ولو بكلمة لعلها تكن نافعة
والحمد لله رب العالمين ولا عدوان إلا على الظالمين ...