المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فوائد ولطائف من مجموع الفتاوى .. تناسب المنتدى!



الأشعث
06-02-2010, 02:21 AM
1- الحكمة هي السنة!

قال تعالى {ولأتم نعمتي عليكم ولعلكم تهتدون} {كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم يتلو عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون}، {فاذكروني أذكركم واشكروا لي ولا تكفرون}.

وقال تعالى {لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولًا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة}، قال تعالى {واذكروا نعمة الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة يعظكم به}، وقال تعالى {هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة}، وقال تعالى عن الخليل { ربنا وابعث فيهم رسولًا منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم}، وقال تعالى {واذكرن ما يتلى في بيوتكن من آيات الله والحكمة}.

وقد قال غير واحد من العلماء - منهم يحيى بن أبي كثير وقتادة والشافعي وغيرهم- : الحكمة : هي السنة، لأن الله أمر أزواج نبيه أن يذكرن ما يتلى في بيوتهن من الكتاب والحكمة، والكتاب: القرآن، وما سوى ذلك مما كان الرسول يتلوه هو السنة.

وقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من عدة أوجه من حديث أبي رافع وأبي ثعلبة وغيرهما أنه قال {لا ألفين أحدكم متكئا على أريكته يأتيه الأمر من أمري مما أمرت به أو نهيت عنه، فيقول: بيننا وبينكم القرآن فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه، ألا وإني أوتيت الكتاب ومثله معه } وفي رواية {ألا وإنه مثل الكتاب} .

الأشعث
06-02-2010, 02:30 AM
2- من فضل الله في حفظ الكتاب والسنة!

ولما كان القرآن متميزا بنفسه - لما خصه الله به من الإعجاز الذي باين به كلام الناس كما قال تعالى { قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا } وكان منقولا بالتواتر - لم يطمع أحد في تغيير شيء من ألفاظه وحروفه ؛ ولكن طمع الشيطان أن يدخل التحريف والتبديل في معانيه بالتغيير والتأويل ، وطمع أن يدخل في الأحاديث من النقص والازدياد ما يضل به بعض العباد.

فأقام الله تعالى الجهابذة النقاد أهل الهدى والسداد، فدحروا حزب الشيطان، وفرقوا بين الحق والبهتان، وانتدبوا لحفظ السنة ومعاني القرآن، من الزيادة في ذلك والنقصان.

وقام كل من علماء الدين بما أنعم به عليه وعلى المسلمين، مقام أهل الفقه الذين فقهوا معاني القرآن والحديث، بدفع ما وقع في ذلك من الخطأ في القديم والحديث، وكان من ذلك الظاهر الجلي الذي لا يسوغ عنه العدول؛ ومنه الخفي الذي يسوغ فيه الاجتهاد للعلماء العدول.

وقام علماء النقل والنقاد، بعلم الرواية والإسناد، فسافروا في ذلك إلى البلاد، وهجروا فيه لذيذ الرقاد، وفارقوا الأموال والأولاد، وأنفقوا فيه الطارف والتلاد، وصبروا فيه على النوائب، وقنعوا من الدنيا بزاد الراكب، ولهم في ذلك من الحكايات المشهورة، والقصص المأثورة، ما هو عند أهله معلوم، ولمن طلب معرفته معروف مرسوم، بتوسد أحدهم التراب، وتركهم لذيذ الطعام والشراب، وترك معاشرة الأهل والأصحاب، والتصبر على مرارة الاغتراب، ومقاساة الأهوال الصعاب، أمرٌ حببه الله إليهم وحلاه ليحفظ بذلك دين الله، كما جعل البيت مثابة للناس وأمنا يقصدونه من كل فج عميق، ويتحملون فيه أمورا مؤلمة تحصل في الطريق، وكما حبب إلى أهل القتال الجهاد بالنفس والمال حكمة من الله يحفظ بها الدين ليهدي المهتدين، ويظهر به الهدى ودين الحق الذي بعث به رسوله ولو كره المشركون.

.....

وعلم الإسناد والرواية مما خص الله به أمة محمد صلى الله عليه وسلم وجعله سلما إلى الدراية، فأهل الكتاب لا إسناد لهم يأثرون به المنقولات، وهكذا المبتدعون من هذه الأمة أهل الضلالات، وإنما الإسناد لمن أعظم الله عليه المنة، أهل الإسلام والسنة، يفرقون به بين الصحيح والسقيم، والمعوج والقويم، وغيرهم من أهل البدع والكفار، إنما عندهم منقولات يأثرونها بغير إسناد، وعليها من دينهم الاعتماد، وهم لا يعرفون فيها الحق من الباطل، ولا الحالي من العاطل.

وأما هذه الأمة المرحومة وأصحاب هذه الأمة المعصومة، فإن أهل العلم منهم والدين هم من أمرهم على يقين، فظهر لهم الصدق من الميْن، كما يظهر الصبح لذي عينين، عصمهم الله أن يجمعوا على خطأ في دين الله معقول أو منقول، وأمرهم إذا تنازعوا في شيء أن يردوه إلى الله والرسول، كما قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلا}.

فإذا اجتمع أهل الفقه على القول بحكم لم يكن إلا حقا، وإذا اجتمع أهل الحديث على تصحيح حديث لم يكن إلا صدقا، ولكل من الطائفتين من الاستدلال على مطلوبهم بالجلي والخفي، ما يعرف به من هو بهذا الأمر حفي، والله تعالى يلهمهم الصواب في هذه القضية، كما دلت على ذلك الدلائل الشرعية، وكما عرف ذلك بالتجربة الوجودية؛ فإن الله كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه ، لما صدقوا في موالاة الله ورسوله ومعاداة من عدل عنه، قال تعالى { لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان وأيدهم بروح منه }.

وأهل العلم المأثور عن الرسول صلى الله عليه وسلم أعظم الناس قياما بهذه الأصول، لا تأخذ أحدهم في الله لومة لائم، ولا يصدهم عن سبيل الله العظائم؛ بل يتكلم أحدهم بالحق الذي عليه، ويتكلم في أحب الناس إليه، عملا بقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما فلا تتبعوا الهوى أن تعدلوا وإن تلووا أو تعرضوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا }، وقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون }.

ولهم من التعديل والتجريح، والتضعيف والتصحيح، من السعي المشكور، والعمل المبرور، ما كان من أسباب حفظ الدين، وصيانته عن إحداث المفترين، وهم في ذلك على درجات، منهم المقتصر على مجرد النقل والرواية، ومنهم أهل المعرفة بالحديث والدراية، ومنهم أهل الفقه فيه والمعرفة بمعانيه.

الأشعث
06-02-2010, 02:35 AM
3- نضرة وجوه من بلغ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{نضر الله امرأ سمع منا حديثا فبلغه إلى من لم يسمعه، فرب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه؛ ثلاث لا يغل عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين؛ فإن دعوتهم تحيط من ورائهم }، وفي هذا دعاء منه لمن بلغ حديثه وإن لم يكن فقيهًا، ودعاء لمن بلغه وإن كان المستمع أفقه من المبلغ؛ لما أعطي المبلغون من النضرة.

ولهذا قال سفيان بن عيينة : لا تجد أحدًا من أهل الحديث إلا وفي وجهه نضرة لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم .... ولم يزل أهل العلم في القديم والحديث يعظمون نقلة الحديث، حتى قال الشافعي رضي الله عنه: إذا رأيت رجلا من أهل الحديث فكأني رأيت رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما قال الشافعي هذا لأنهم في مقام الصحابة من تبليغ حديث النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الشافعي أيضا: أهل الحديث حفظوا فلهم علينا الفضل لأنهم حفظوا لنا.