المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جهود ابن حزم فى مجابهة الإلحاد وجماعة عبدة الشيطان



د . عبدالباقى السيد
06-18-2010, 06:26 PM
إخوانى الكرام لعل البعض يتساءل ويقول هل جماعة عبدة الشيطان كان لها جذور قبل عصرنا ؟
وهل من المعقول ان تظهر مثل هذه الجماعة فى عصر الرقى العلمى والفكرى ؟
ونبادر فنقول نعم كان لهذه الجماعة تواجد بالأندلس فى عصر ابن حزم ، وقد لقيت انتقادا من العلامة ابن حزم وخصها بكتاب كامل ولكنه للأسف من كتبه المفقودة ، وكنا قد عرجنا على ذلك فى أطروحتنا للماجستير بعنوان " ابن حزم الظاهرى واثره فى المجتمع الأندلسى " والتى لم يتيسر نشرها حتى الآن ، ولعلهخ تخرج قريبا للنور من دار ابن حزم والتى يتملكها شيخنا ابن عقيل الظاهرى .
وهذا نص ما كتبناه بشأن ظاهرة الإلحاد وجماعة عبدة الشيطان وموقف ابن حزم من ذلك

كان يمثل ظاهرة الإلحاد فى عصر ابن حزم طائفة كبيرة تنشر أفكارها وتدافع عنها ، وقد خص ابن حزم بعضهم بالذكر مثل عبدالله بن شنيف ، وثابت الجرجانى (1 ) ، كما ظهر فى عصره ما عرف فى عصرنا بجماعة ( عبدة الشيطان ) ، إذ برزت طائفة فى الأندلس تدافع عن إبليس وسائر المشركين ، وكان زعيمهم بالقيروان ويدعى ( عطاف بن دوناس) ( 2) ، كما انتشر سب النبى (ص) بين طائفة تزعمها رجل يدعى ( ابن حاتم الطليطلى) استهزأ بالنبى (ص) وقال عنه إنه يتيم قريش وختن حيدرة (3) .

لقد سلك ابن حزم عدة طرق لمجابهة هذه المظاهر وهى :-

أولا : أفرد كتابا خاصا فى الرد على من يدافعون عن إبليس والمشركين تقصى فيه كل شبههم وحججهم وأبطلها بالعقل والنقل ، وانتهى إلى كفرهم وردتهم من خلال ما رددوه من أقوال وهذا الكتاب يسمى ( اليقين فى النقض على الملحدين المحتجين عن إبليس وسائر الكافرين ) ( 4) ، وللأسف فالكتاب مفقود ، ولذا نجهل الكثير عن تلك الطائفة من حيث أفرادها ، واجتماعاتها ومبادئها وحججها ، وما دار بينها وبين ابن حزم ، خاصة وأن المصادر الأندلسية لم تشر إلى شىء من ذلك .

ثانيا : أفتى فى نوازله بأن كل من آذى رسول الله (ص) فهو كافر مرتد يقتل ، وأطال فى هذه النازلة من العرض لآراء الفقهاء والاستشهاد بالقرآن والسنة بما يوحى بخطورة هذا الأمر وضرورة حسمه (5 ) . وبالفعل أخذ هذا الرأى مأخذ الجد إذ بعد وفاته بسنة حكم على ابن حاتم الطليطلى بالقتل ، وبعد عدة عقود أفتى ابن رشد فى نوازله بقتل رجل من جيان سب الرسول (ص) ، وهو ما يوضح أثر ابن حزم الفكرى والعملى (6 ) .

ثالثا : رصد ابن حزم الأسباب التى أفضت ببعض الأندلسيين إلى الإلحاد تبصيرا لغيرهم بتجنبها ، ومنها الإقبال على كتب الأوائل والفلاسفة دون أن يكون مع المقبلين قوة فى العقل وصفاء فى النظر لكى يميزوا بين ما هو حق وما هو باطل ، ومنها عدم العناية بالعلوم الدينية خاصة القرآن الذى جمع علوم الأولين والآخرين ، وضعف العلماء فى التصدى للملاحدة ووقوفهم موقف المتخاذل مما أثروه من آراء ، والاعتماد على الخرافات والأكاذيب التى وضعها الزنادقة تدليسا على الإسلام وأهله ( 7) .

رابعا : جمع الشبهات التى أثارها الملاحدة واعترضوا بها على جهلة المسلمين ورد عليها بحجج وبراهين مقنعة ، لتجنب وقوع عامة الأندلسيين فيما وقع فيه الملاحدة من قبل ، وإبطالا لها من ناحية أخرى ، لعل أصحابها يتخلون عنها ، ومن هذه الشبهات قولهم أن الأرض على حوت والحوت على قرن ثور والثور على صخرة والصخرة على عاتق ملك والملك على الظلة والظلة على ما لا يلمه إلا الله ، وقولهم بفهم الكواكب
وتدبيرها للكون ( 8) .

خامسا : مناظرة ابن حزم للملاحدة أنفسهم فيما اعتقدوه ، كمناظرته لعبدالله بن خلف بن مروان الأنصارى ، وعبدالله بن محمد السلمى الكاتب ، ومحمد بن على بن أبى الحسين الأصبحى الطبيب حول قولهم – أن للعالم خالقا لم يزل وأن الزمان المطلق لم يزل موجود وهو غير محدث - ، وقد ذكر ابن حزم رده عليهم فى كتابه ( الرد على زكريا الرازى فى كتابه العلم الإلهى ) وهو من الكتب المفقودة ، ومن ثم لم نعرف رده عليهم لأنه لم يضمنه أيا من كتبه التى بين أيدينا ، ومن هذه المناظرات مناظرته لشيخه ثابت الجرجانى حول – بقاء الله عز وجل ومحدودية الزمان إليه – وقد انتهى ابن حزم فى آخر المناظرة إلى وصف شيخه بالإلحاد ، لأنه نقل دليل ابن حزم على محدودية الزمان إلى الله عز وجل ، وكان دليل ابن حزم أن الزمان متناه وأن الله لا مدة له ولا فناء ( 9) . وهكذا لعب ابن حزم دورا هاما فى التصدى لهذه الظاهرة ، خاصة وأنه لم يسبقه إلى ذلك أحد من الأندلسيين ، بل لم يذكر أحد منهم هذه الفرقة على الإطلاق ( 10) .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1 ) أنظر : الفصل ، 1/30-32،38،350.
(2 ) نفسه ، 2/226.
(3 ) ابن سهل ، ثلاث وثائق فى محاربة أهل الأهواء والبدع فى الأندلس ، دراسة محمد عبدالوهاب خلاف وآخرين ، المركز العربى للدول للإعلام ، ط1/1981م ، ص50-84.
(4 ) الذهبى ، سير أعلام النبلاء ، 18/195.
(5 ) أنظر : المحلى ، 12/431-444.
(6 ) ابن سهل ، مصدر سابق ، ص50-84 ؛ وانظر ابن رشد ، الفتاوى ، 1/342،343 ؛ الونشريسى ، المعيار ، 2/328،329.
(7 ) أنظر : الأصول والفروع ، ص215-218 ؛ الفصل ، 1/345-347.
(8 ) أنظر : الأصول ، ص215-231 ؛ الفصل ، 1/345-351.
(9 ) أنظر : الفصل ، 1/13،30،38-64،350. والأنصارى والسلمى والأصبحى لم نعثر لهم على تراجم .
(10 ) نفسه ، 1/38.

سيف الكلمة
06-20-2010, 01:12 AM
مرفوع للفائدة

د . عبدالباقى السيد
07-11-2010, 07:11 PM
اصل الموضوع وضعته يا سادة لنقف على اسباب الإلحاد وكيفية تداركها ، فضلا عن ان مثل هذه الظاهرة ليست بالجديدة على ترتثنا الغسلامى فهى ليست وليدة القرن العشرين او ما قبله بقليل إنما هى أقدم من ذلك بكثير على ما بينا .
فعلى الإخوة ان يدلى كل منهم بدلوه فى تتبع اسباب الإلحاد وكيفية القضاء عليها .

عَرَبِيّة
10-20-2012, 01:48 AM
موضوعٌ مهمٌّ حقًّا ،
يُرْفَع رفع الله قدْرَ الكاتب .