المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الفرق بين الإرادة الكونية والإرادة الشرعية



الجندى
07-22-2005, 07:42 PM
قال أهل العلم إن الفرق بين الإرادتين من وجهين:
أما الإرادة الكونية فإنها عامة لكل الموجودات فهي شاملة لما يحب -سبحانه- وما لا يحب، فكل ما في الوجود فهو حاصل بإرادته الكونية سواء في ذلك ما يحبه الله أو يغضبه فكل ما في الوجود فهو حاصل بإرادته -تعالى- الكونية التي هي بمعنى المشيئة فإنه لا يخرج عن مشيئته أو إرادته الكونية شيء ألبتة.
أما الإرادة الشرعية فإنها تختص بما يحبه سبحانه فالطاعات مرادة لله شرعًا أما المعاصي فليست مرادة شرعًا وما وقع من الطاعات ما حصل منها فإذا صليت مثلًا نقول: هذه الصلاة تتعلق بها الإرادتان: الإرادة الكونية والإرادة الشرعية. ماذا تقول؟.. أقول ما يقع من الصلاة إذا صلى الإنسان أو أي طاعة تفعلها فإنها واقعة بالإرادة الكونية ومتعلق كذلك للإرادة الشرعية فهي مرادة لله كونًا وشرعًا. أما المعاصي فهذه مرادة لله كونًا ؛ لأنها لا يقع في الوجود شيء البتة إلا بإرادته ومشيئته -سبحانه- لكن هل المعاصي محبوبة لله ؟ لا بل هي مبغوضة وإن كانت واقعة بإرادته فهذا هو الفرق بين الإرادتين.
فرق بين الإرادتين من وجهين. الأول: أن الإرادة الكونية عامة لما يحبه الله وما لا يحبه لكل ما في الوجود ، فكل ما في الوجود فهو مراد الله كونًا وهو حاصل بمشيئته -سبحانه وتعالى- أما الإرادة الشرعية فإنها إنما تتعلق بما يجب -سبحانه وتعالى- فقط قال أهل العلم: "فتجتمع الإرادتان في إيمان المؤمن وطاعة المطيع تجتمع الإرادتان كما في المثال المتقدم.
وتنفرد الإرادة الشرعية في إيمان الكافر أليس الكافر مطلوب منه الإيمان؟ نعم لكنه لم يحصل فهو مراد لله شرعًا لكنه غير مراد كونًا إذ لو شاء الله لاهتدى وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا وكذلك الطاعة التي أُمِرَ بها العبد ولم يفعلها هذه مرادة لله شرعًا لكنها لم تتعلق بها الإرادة الكونية ؛ إذ لو تعلقت بها الإرادة الكونية لحصل ؛ لأن ما في إرادة الله كونًا. هذا من الفروق.
وفرق ثالث: وهو أن الإرادة الكونية لا يتخلف مرادها أبدًا، أما الإرادة الشرعية فقد يقع مرادها وقد لا يقع فالله أراد الإيمان من الناس كلهم أراده شرعًا يعني. أمرهم به وأحب ذلك منهم ولكن منهم من آمن ومنهم من كفر.
فالإرادة الكونية لا يتخلف مرادها، أما الإرادة الشرعية فقد يحصل مرادها وقد لا يحصل.

وقال أيضا في موضع آخر من الشرح :

ويفرق العلماء بين الإرادتين من وجوه:
أولاً: أن الإرادة الكونية عامة، فجميع ما في الوجود مراد لله، وواقع بمشيئته، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فلا يقع في الوجود إلا ما شاء سبحانه وتعالى، ولا يكون إلا ما يريد أبداً، ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، فالذي وقع نقول فيه: شاءه الله، وما لم يقع لا ندري عنه.
نقول: إن شاء الله يعني: ما فعلته اليوم، أو أمس هل شاءه الله ؟. نعم شاءه، لكن ما تنوي فعله غداً لا ندري عنه، فإن وقع علمنا أن الله قد شاءه، وإذا لم يقع علمنا أن الله لم يشأه.
عامة الإرادة الكونية عامة بمعنى: المشيئة عامة، تشمل كل ما في الوجود، من خير وشر، كله بمشيئته سبحانه وتعالى، وهذا يرجع إلى كمال ملكه، إلى كمال الملك، فله الملك كله، فكل ما في الوجود فإنه واقع بمشيئته وقدرته تعالى،
أما الإرادة الشرعية فليست عامة، بل هي مختصة بما يحبه الله، فالله يريد من عباده الإيمان والطاعة، إذا كان يريد من عباده الإيمان والطاعة، فهذا معناه الإرادة الشرعية.
وهذه الإرادة تتضمن المحبة، فالله يحب الإيمان والمؤمنين، ويحب التوابين ويحب المتطهرين، يريد من عباده الأعمال الصالحة، ويحبها الله، يحب التقوى والتوبة لله أشد فرحا بتوبة عبده من أحدكم براحلته … الحديث.
فهذان فرقان الأول: أن هذه عامة، والإرادة الشرعية خاصة هذا فرق.
الفرق الثاني: أن الإرادة الكونية لا يتخلف مُرَادُها يعني: لا بد أن يقع ما أراده الله، فلا بد أن يقع لأنه تعالى لا يعجزه شيء في الأرض ، ولا في السماء، ما شاء الله كان.
وأما الإرادة الشرعية ؛ فقد يقع المراد، وقد لا يقع، فليس كل ما أراده الله كونه شرعا يكون.

فتجتمع الإرادتان في إيمان المؤمن؛ فإيمان المؤمن مراد لله كونا وشرعا، وتنفرد الإرادة الكونية بكفر الكافر، فكفر الكافر ومعصية العاصي أليست واقعة بمشيئة الله؟
هل وقع شيء من ذلك قهرا على الله ؟
لا، فتستقل به الإرادة الكونية والمشيئة.

وأما الإرادة الشرعية فتنفرد بإيمان الكافر؛ لأنه ما وقع، لكن الله أراده منه ، وأمره ودعاه إلى الإيمان؛ فهذا مما بينه أهل العلم للفرق بين الإرادتين، الإرادة الكونية والإرادة الشرعية.

فإذا رأينا مثلاً شيئا من الحوادث العامة، يعني رأينا شيئا من المخلوقات نقول: هذا واقع بقدر الله بمشيئته -سبحانه وتعالى- وإرادته يعني: الإرادة الكونية، لكن إذا صلى العبد وأطاع ربه فصلاته واقعة بالإرادتين، وإذا لم يصل عصى، ولم يصل فهو مأمور بالصلاة، والله يريد منه الصلاة، الإرادة الكونية، ولكنه لم يفعل، والله أحكم الحاكمين،
وبهذا يعلم أن الله قد يشاء ما لا يحب، ككفر الكافر، ويحب ما لا يشاء كإيمان الكافر، الذي لم يحصل.
فعلى كل حال ينبغي الفرق بين الإرادتين، فالمسلمون الآن يعلمون هذا ولله الحمد بفطرتهم، وبما علموه من كتاب الله، وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام- فإذا رأوا أيَّ أمر قالوا: هذا بقدر الله، وبمشيئة الله وبإرادته، يعلمون أنه لا يكون إلا ما يشاء، ويقولون: إنه تعالى يحب من عباده الإيمان والطاعة، هذه أمور محبوبة له سبحانه وتعالى، فليس كل ما في الوجود محبوبا له كما تقول الجهمية والجبرية، وليس شيء من الوجود خارجا عن الإرادة كما تقول القدرية. القدرية ينفون عموم المشيئة، ويخرجون أفعال العباد عن مشيئة الله، هؤلاء القدرية مجوس هذه الأمة .

[من شرح الواسطية للبراك]

الجندى
08-01-2005, 12:59 PM
تنقسم الإرادة الإلهية وتسمى المشيئة الإلهية أيضاً إلى نوعين :

النوع الأول : الإرادة الكونية
نسبة إلى الكون وهو الوجود بعد العدم تقول : كان الشىء يكون كوناً ، إذا وجد بعد أن لم يكن (مختار الصحاح ص583 مادة كون ) ، فهى إذن تتعلق بالخلق والإيجاد ، فتصدر عن علم الله تعالى الشامل : ( عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة فى السماوات ولا فى الأرض ولا اصغر من ذلك ولا أكبر إلا فى كتاب مبين ) سبأ آية 3 ، ( والله بكل شىء عليم ) الحجرات آية 16 .
وتصدر عن قدرة الله تعالى المطلقة : ( إن الله على كل شىء قدير ) فاطر آية 1 ، ( وما كان الله ليعجزه من شىء فى السماوات ولا فى الأرض إنه كان عليماً قديراً ) فاطر آية 44 . فإذا توجهت إرادة الله تعالى لخلق شىء ، فإنه يتحقق ولابدّ : ( إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ) يس آية 82 ، ( إنما قولنا لشىء إذا أردنا أن نقول له كم فيكون ) النحل آية 40 . وفى الأثر ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (طريق الهجرتين وباب السعادتين لابن القيم صفحة 184 ) .

وبهذه الإرادة وجد الكون كله بجميع عوامله من عالم العرش إلى عالم الكرسى إلى عالم الفلك بما فيها وبمن فيها من الخلائق : ( الله خالق كل شىء وهو على كل شىء وكيل ) الزمر آية 62 .

النوع الثانى : الإرادة الشرعية
نسبة إلى الشريعة والمشرعة : وهو مورد الشاربين ، وتأتى بمعنى الطريق الأعظم فى اللغة (انظر مختار الصحاح صفحة 335 مادة شرع ) .ومعناها فى الشرع : الطريق الذى حدده الله تعالى للناس بالأمر والنهى الذى إذا سلكوه أوصلهم إلى السعادة فى الدنيا وإلى الجنة فى الآخرة ، وتصدر هذه الإرادة الشرعية عن علم الله تعالى المطلق الذى يشمل الغيب والشهادة : ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه ) النساء آية 166 ومن علم الله تعالى علمه بالإنسان وما جبل عليه من طبائع وغرائز ، وبالتالى فإنه يشرع له من الأحكام ما يتحقق له النفع فى الدنيا والأخرة ؛ لأنه أعلم بالإنسان من الإنسان بنفسه وغيره ؛ لأنه تعالى هو الذى خلقه وأوجده : ( ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير ) الملك آية 14 . فلما كان تعالى هو الخالق وجب أن يكون تعالى هو الآمر : ( ألا له الخلق والأمر ) الأعراف آية 54 .
والله تعالى أراد من الناس شرعاً أن يكونوا مؤمنين : ( يا أيها الناس اتقوا ربكم ) الحج آية 1 ، ( فآمنوا بالله ورسوله ) الأعراف آية 158 .
ومن هنا كان ارسال الله تعالى الرسل إلى البشر وإنزال الشرائع ، ليدلهم على طريق النجاة من عدوهم الذى هو الشيطان الرجيم ، الذى يدعوهم إلى الانحراف عن شرع الله تعالى ، لينالهم غضب الله تعالى كما ناله بسبب مخالفته لأمر الله تعالى : ( إن الشيطان عدو لكم فأتخذوه عدواً إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير ) فاطر آية 6 .

كتاب الإسلام وحرية الإنسان ص 181 للشيخ زكريا عبد الرازق المصرى


يتبع الفرق بين الأرادتين ....

الجندى
08-10-2005, 01:50 PM
الفرق بين الإرادتين :

والفرق بين الإرادتين هو : أن الإرداة الكونية تتحقق بصورة قطعية ؛ لأنها قد تعلقت بها صفة القدرة الإلهية ، والله تعالى : ( على كل شىء قدير ) آل عمران آية 6 ، وأما الإرادة الشرعية فإنها قد لا تتحقق ، كما لم تتحقق فى الكفرة والفسقة والعصاة ؛ لأنها تعلقت بها صفة العلم الإلهى : ( والله بكل شىء عليم ) الحجرات آية 16 ، ( لكن الله يشهد بما أنزل إليك أنزله بعلمه والملائكة يشهدون ) النساء آية 166 . ولم تتعلق بها صفة القدرة الإلهية ، إذ لو تعلقت بها لكان الناس جميعاً مؤمنين كما قال تعالى ( ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ) هود آية 118 ، ( ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها ) السجدة آية 13 .
أى : لو شاء ذلك بالإرادة الكونية لما تخلف الإيمان فى إنسان قط ؛ لأن الله تعالى لا يعجزه شىء فى الأرض ولا فى السماء .
ولكنه تعالى أوجد الإنسان بإرادته الكونية ، ولذلك فلا قدرة للإنسان على أن يغير من نظام خلقه ، فلا الأبيض قادر على تحويل لونه إلى الأسود أو العكس ، ولا الظويل قادر على تحويل طوله إلى أكثر أو العكس ، ومثل ذلك يقال فى كل ما يتعلق بشخص الإنسان من موازين ومقاييس ومواصفات فى بدنه ؛ لأن كل ذلك إنما تم بإرادة الله تعالى الكونية .

وأما سلوك الإنسان الذى به تظهر شخصيته فهذا عائد أمره إلى الإنسان بحكم حرية الإرداة والاختيار التى أغطاه الله تعالى إياها بإرادته الكونية ، ثم وجهه نحو الأحسن والأصلح له بإرادته الشرعية انطلاقاً من علمه الشامل والمحيط بكل شىء ، لينسجم هذا الإنسان عندئذ مع الكون انسجام الروح مع البدن ، فيكون له الأمن والطمأنينة . كما قال تعالى ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) الأنعام آية 82 .
ومن هنا كان وصف الكمال فى الخلق والإيجاد لله تعالى ( صنع الله الذى أتقن كل شىء ) النمل آية 88 ، ومن هنا أيضاً كان وصف الكمال فى التشريع والتقنين لله تعالى ( ومن أحسم من الله حكماً لقوم يوقنون ) المائدة آية 50 .

ولما كان الله تعالى قد أعطى الإنسان حرية الحركة والاختيار بسبب ما منّ به عليه من العقل والقدرة على تنفيذ ما يختاره ، فقد اقتضت حكمته أن يكل شأن اختيار السلوك والعمل إلى الإنسان نفسه ، ليكون مسؤولاً عن عمله ومحاسباً عليه ( من عمل صالحاً فلنفسه ومن اساء فعليها ) فصلت آية 46