المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف يطيب القعود



أبو حمزة السلفي
06-26-2010, 07:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ٬ ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالن ا ٬ من يهده
الله فلا م ضل له ومن يض لل فلا هادي ل ه ٬ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك ل ه ٬ وأشهد أن
محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم تسليمًا إلى يوم الدين ٬ أمّا بع د:
اللهم إنّا نش كو إليك ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس ٬ تعددت مآسينا ٬ وكثُرت جراحن ا ٬
وغرِقت أمة الإسلام في مآسيها ولا
حول ولا قوة إلا با لله! صارت
أمتنا تجري بل تغرق في
مستنقع م ن الدماء وت رى حالها مع أعدائها فتذكر قول القائ ل:
فإنك لو رأيت عبيد تيمٍٍ *** وتيمًا قلت أيهم العبيدُ
ويُقضى الأمر حين تغيبُ تيمٌ *** ولا يُستأمرون وهم شهودُ
وترى حال أمتنا حالًا يُرثى له ا ٬ حيث تسلّط عليها الأعداء ولا ترى أمة من الأمم ذاقت من الذل
والأذى كالذي ذاقته أمتن ا ٬ تنوعت الجِراح وتعددت المآسي ٬ ففي كل بلدٍ نكبةً وجرح وأذىً وعذاب ٬
وزاد المصيبة والعناء أن أمتنا تفرقت شيعًا وأحزابً ا ٬ فتسلط بعضها على بعض وصار يكفي عدوها
أن يقف موقع المتفرج ٬ ففي الأمة من يكفيه العمل ٬ وينتابك الع ج ب! أيكون هذا لأمة سطّر التاريخ
من أمجادها ما سطّر ٬ وحفِظ لها من مآثِر عزها ما حف ظ!
أهذه الأمة التي كانت دولتها تملأ سمع الدنيا وتملأ قلوب أعدائها خوفًا ورعبً ا!
أهذه الأمة التي كان خليفت ها يقول للسحاب ة: " أمطري أنّى شئتِ فسوف يأتيني خراجك ولو بعد
حي ن"!
وترى الأمة أعرضت عن دينها وت خلّت عن مصدر عزتها ولا تزداد مع الأيام إلا ذ لا واستض عافً ا ٬
ولقد وصف لنا الرسول صلى الله عليه وسلم حال الأمة فقال فيما يرويه أبو داو د: "إذا تبايعتم
بالعينة وتبعتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع و تركتم الجهاد سلّط الله عليكم ذ لا لا ينزعه عنكم حتى
ترجعوا إلى دينك م" ولقد أبلغ عليه الصلاة والسلام بوصف الداء وأرشد إلى الدواء وهو الرجوع
إلى الدين ٬ فلن يكون رفع الذل عن أمتنا إلا بالجهاد في سبيل الله وترك الانشغال بالدنيا عن دين ا لله.
إذن لا بد لنا لكي نخرج أمتنا من ظلمات الاستضعاف من ا لرجوع إلى ديننا ولا بد من النف ير في
سبيل الله ٬ إن النفير استجابة لأ مر الله وإعذارٌ أمام الله وإغا ظ ة لأعد ائ ه وهو السبب الأول بعد الله
لنجاة الأمة من مستنقع الدماء وتيه الذل .
أخي كيف يطيب لنا القعود والله يقو ل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ
اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ أَرَضِيتُم بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الآخِرَة ).
أخي كيف يطيب لنا القعود والله يقو ل: ( انْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ
اللّه ).
كيف يطيب لنا القعود والله ي قو ل: ( إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ
شَيْئ اً).
كيف يطيب القعود ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقو ل: " من مات ولم يغزُ ولم يحدث نفسه
بالغزو مات على شعبة من النفا ق".
كيف يطيب القعود ونحن نرى شريعة الله معطلة مهملة وحل محلها شرائع من صنع بني آالمستعان !
أخي كيف يطيب القعود ونحن نرى إخواننا يقتّلون وأعراضهم تُنتهك وبيوتهم تُهدّم والمسلمون
يتفرجون والله يناديهم ( وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ا لرِّجَالِ وَالنِّسَاء
وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً وَاجْعَل
لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِير اً).
كيف يطيب القعود ونحن نرى ديار الإسلام تُحتل دارًا دا رً ا ٬ وتسقط بيد أعد ا ئنا واحدة تلو الأخر ى ٬
وقد نص الفقهاء على أن الجهاد يصير فرض عين في ثلاث حالات إحداها إذا داهم العدو بلدًا من
بلدان المسلمي ن ٬ ونصوا على أنه في تلك الحال ينفر الولد دون إذن والديه والعبد دون إذن سيده
والمدين دون إذن الدائ ن ٬ وأن من قدر على ا لدفع فإنه يجب عليه بحسب طاقت ه ٬ أَ فَي شُكُّ من له نظر
واطلاع على حال المسلمين أن الجهاد في هذا العصر فرض عين على كل قادر؟ أفبعد كل ما نرى
يبقى مجال للشك والجِدال؟
والمصيبة العظمى أننا نتفرج على أعدائنا وهم يفسدون في أراضينا ثم نعقد الجلسات لنتناقش هل
الجهاد فرض عينٍ أم فرض كفاي ة! وتتوالى السنين على مآسينا وديارنا تُغتصب وأعراضنا تُنتهك
ونحن ما زلنا في الصفحة الأولى من كتاب الجهاد نتناقش هل صار الجهاد فرض عين أم أنه لا
زال فرض كفاية ؟! أخي افعل ما بوسعك وادفع عن إخوانك ثم قل ما تشاء عن حكم الجها د.
وتعظُم المصي بة عندما ترى من يفتي المسلمين بأن الجه اد فرض كفاية و يصدهم عنه وهو لم يرَ
ساحات الجهاد إلا عبر الشاشات ٬ فمن أين عرف وأفتى ؟!
أخي إن لم يكن فرض عين فهو من أحب الأعمال إلى الله ٬ ولقد قال شيخ الإسلام رحمه ا لله: " ومن
كثرت ذنوبه فإن أعظم دوائه الجهاد في سبيل ا لله" قال الله تعال ى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ
عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِي مٍ* تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ
وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْ لَمُو نَ* يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ
وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم * وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِّنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ
وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِين ).
أ خي ما يقعدك؟
أتقعد لأنك تكره مفارقة الأهل والوطن؟ كيف والله يقو ل: (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم
مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين ) .
خرج النابغة الجعدي إلى الغزو فقال واصفًا حاله وحال زوج ه:
باتت تذكرني بالله قاعدةً *** والدمع ينهل من ش أنيهما سبلا
يا ابن ة عمي كتاب الله أخرجني *** كرهًا وهل أمنعنّ الله ما فعلا
فإن رجعت فرب الناس يرجعني *** وإن لحقت بربي فابتغي بدلا
ما كنت أعرج أو أعمى فيعذرني *** أو ضارعًا من ض نًا لم يستطع حِولا
كيف تهنأ لك الحياة مع الأهل والولد وأنت ترى حال إخوانك؟ ألا يحزنك حالهم؟ ألا تحب لهم ما
تحب لنفسك؟ أيرضيك أن نكون في مثل حالهم وأنهم يقعدون كقعودنا؟
أخي إلى أي م دى سيستمر قعودنا وتخاذلنا وأعد اؤ نا يتجر ؤو ن علينا وكلما ازدادوا تماديًا ازددنا في
الانسحاب ولا ندري إلى متى سنبقى نشكك في جدوى المواجهة مع الشيطان وحزب ه!
لعل ما يقعدك ما ترى من شدة الأعداء على المجاهدين وتكالبهم عليه م ٬ حتى إن أهل الأرض
رموهم عن قوسٍ واحدة حتى أه ل ملتهم منهم من ظاهر الأعداء ع لي هم ومنهم من اكتفى بموقفدم والله
المتفرج ٬ إن كان ذلك ما يقعدك فهل انتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفتح أتباعه مشارق
الأرض وم غ اربها إلا بعد أن اشتدت عليهم الحرب حتى إنهم ينامون بالسلاح ويقومون به ٬ واشتد
الخوف بهم حتى صار أحدهم لا يأمن على نفسه في بيته وحتى إن أحدهم لا يستطيع أن يذهب إلى
ال غا ئط .
لعلك ترى شدة الحِصار على المجاه دين وتضييق الخناق عليهم اقتصاد ي ا ٬ فإن كان ذلك يمنع ك من
النفير فأين إيمانك بأن الله هو الرزاق ذو القوة المتين؟ ولقد د عا رسول الله صلى الله عليه وسلم
أصحابه إلى الهجرة ولم يكن يجد لهم مأوى في المدينة إلا المسجد ولقد كان بعض هم يخر على
وجهه فيراه الرائي في ظ نه مجنونًا وما به جنون وإنما هو الجوع والجه د.
كيف ور سول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من بيته وما يخرجه إلا الجوع وكان يربط على
بطنه حجرين من شدة الجو ع ٬ ولقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية وكانت زادهم جرابًا
من تمر لم يجد لهم غيره ٬ ولو فعل المجاهدون هذا في عصرنا لكان أول من يقف في وجههم
خطباء المنا بر ومُفتو الفضائيات ولوُصِفوا با لتهور واستعجال المواجهة مع العجز !
أخي هل تقعد لأنك تقول بأنك على ثغرٍ وعلى خير؟ فإنّا ن ظ ن أنك على خيرٍ إن شاء الله ٬ ولكن هل
تعلم خيرًا أعظم من أن تجاهد في سبيل الله؟ ولقد سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم كما
في
الصحيح ع
ن عملٍ يعدل الجهاد فقال لا تستطيعه ٬ ثم قا ل: "هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تقوم
ولا تفتر وتصوم ولا تفط ر" ٬ ( أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ
الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَو ونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِي نَ).
أخي أنت على خير ولكن الله أوجب عليك أن تذب عن أعراض أخواتك وتذود عن حمى الإسلا م ٬
فلننفر ولنستغفر الله لعل الله أن يغفر عمّا سلف من قعودن ا.
أخي هل خيرٌ أعظم من أن تذب عن الشريعة وتذود عن حمى الدين في وقتٍ كثُر فيه الأعداء وقلّ
الناصر؟ هل خيرٌ أعظم من أن تخرج بمالك وتبذل الروح رخيصةً في مرضاة الله فتفي بالصفقة
التي أجريتها مع الله حيث يقو ل: ( إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ
يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُون ).
أخي لعل الذي يقعدك ما تراه أو تسمعه عمّا يقع فيه بعض المجاهدين من أخطاء وتجاوزات ٬ فهل
تجد في كتاب الله أو سنة رسول ه صلى الله عليه وسلم أن الخطأ يُعتبر عذرًا للقعود عن الجهاد في
سبيل الله أم أن ذلك يوجب ع ليك واجبي ن: الجهاد ونصيحة إخ وانك ؟
قل لي يا أخي هل يوجد عملٌ بلا خط أ؟ ألم توجد ا لأخطاء في خير جيشٍ مشى على الأر ض ٬ جيش
محمدٍ صلى الله عليه وسل م؟ في غزوة أحد انسحب ابن أُ بَي بثلث الجيش خاذلين لرسول الله صلى
الله عليه وسلم ومن معه في أشد المواط ن ٬ فهل يقول قائل بأن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم فيه خلل لأن جيشه مليء بالمنافقين؟
في غزوة تبوك همّت طائفة من المنافقين باغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم ٬ فهل يقول قائل
كيف نقاتل مع قائد يخطط جنوده لاغتياله؟
تأول أسامة ابن زيد رضي الله عنه فقتل رجلًا بعدما قال لا إله إلا الله ٬ فلم يزد رسول الله صلى الله
عليه وسلم على أن قا ل: " فك يف تصنع بلا إله إلا الله إذا جا ءت يوم القيام ة" ٬ فهل عزله أو أمر
باعتزاله وعدم الجهاد معه أو خطب خطبة في التشهير به؟ بل حو له من فردٍ في سرية إلى قائد
جيش وتحت إمرته كبار الصحابة رضي الله عن الجمي ع!
غ زا خالد بن الوليد رضي الله عنه قومً ا ٬ فجلعوا يقولو ن: "صبأن ا" ٬ ولم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا ٬
فجعل خالد يقتل فيهم ويأسر ٬ فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يزد على أن رفع يديه وقا ل:
" اللهم إ ني أبرأ إليك مما فعل خال د" ٬ ولم يمنع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من أن يقول عن
خالد "هو سيف من سيوف ا لله" .
لقد كان في جيش رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل نفسه ومن غلّ من الغنيمة ومن شرب
الخمر ٬ ولقد قُتِل والد حذيفة ابن اليمان خطأ في غزوة أحد ٬ فهل تريد جيشًا أنقى من ذلك الجيش؟
إن الرزية يا أ خا الدين أننا تتبعنا أخطاء المجاهدين وتحدثنا عنها وأشهرناها في وسائل الإعلام
المرئية والمسموعة ونحن لم نقدم للإسلام معشار ما قدموه ٬ تركوا أموالهم وأهليهم وديارهم ونحن
بين الأهل والولد في الوط ن ٬ يلاقون الخوف والج وع وشدة الضيق ونحن في غاية الأمن والراحة
ظهر فينا الس من وطغى علينا الترف . بعد كل هذا نطلب من المجاهدين أن يستجيبوا لنا عبر أجهزة
التحكم من بعد وإلا فإن جهادهم غير مشروع ولا تجوز نصرت هم ولا تأييدهم بل ولا الدعاء لهم !
وعندما تسأل أحدهم عن مصدره في تلك الأخطاء ٬ تجده بيانًا من وزارة الداخلية أو خبرًا من إحدى
القنوات ٬ وغاية ما لأحدهم أن يقول حدثني الثقة ٬ عجبًا ل ك! ألم تعلم أن رسول الله ص لى الله عليه
وسلم حدثه من كان ي ظ ن ثقة فقال ا لله: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أ ن تُصِيبُوا
قَوْماً بِجَهَالَة ) أفليس الأولى بنا أن ننزل إلى ساحتهم ونرى ما هم عليه ونقاسي ما يقاسونه ونأمرهم
عندها بالمعروف وننهاهم عن المنكر فإن وجدنا استجابة عند ذلك وإلا فقد أعذرنا إلى ا لله.
أقِلوا عليهم لا أبا لأبيكم *** من اللوم أو سدوا المكان الذي سدوا
إلى متى .. إلى متى تنتقدون الرجال الصادقين على صغائر لا تُذكر في مواقفهم الصادقة مع
الإسلام ٬ وتقدمون أناسًا لم يسجلوا في رصيد الإسلام أي موقف من مواقف التضحية يبرهنون به
على صدقهم وثباتهم ٬ " يا أهل الكوفة ما أسألكم عن الصغيرة وأركبكم للكبير ة".
تُرى لو أن المجاهدين لم يقوموا بهذا الجهاد الذي يعترض عليه كثير من بني قومن ا ٬ أفكان اليهود
سيبقون على حدودهم التي هم عليها الآن؟ أم كانت أمريكا ستقتصر على العراق وأفغانستان؟
إن المجاهدين بحمد الله وقفوا حاجزًا صلبًا أمام المد الصهيوني الصليبي ومع كل ذلك لم يسل موا من
أذى عباد الله وكان الأولى بنا أن نشكرهم وننصرهم أو نكف الأذى عنهم وذلك أضعف الإيما ن.
والعجيب أن ترى الناس يُخطؤون فيعتذرون أو يُعتذر لهم أن الخطأ من طبيعة البشر ٬ وأما
المجاهدون فإن خطأهم لا يُغ تفر وزلتهم لا تُنسى ولو بعد حي ن! نرى القذاة في إنائهم ون غفل عن
الجِذع في إناء غيرهم ٬ ( وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِي نَ* الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُو نَ* وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو
وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُون ).
أ مّا قاصمة الظهر فهي عندما ترى من نُسِبوا إلى العِلم والدعوة رضوا بأنصاف الحلول وتنازلوا
كثي رً ا ٬ داهنوا السلاطين ٬ اجتمعوا على طاولة واحدة وفي صفّ واحد مع عمائم الرافضة ورموز
العلمانية يريدون أن يُرضوا كل الأطراف ويمسك وا الع صا من النصف ٬ أما المجاهدون الذين هم
إخوانهم في الدين فليس لهم منهم إلا البراءة المطلقة والتي يتم إعلانها بمناسبة أو بدون مناسبة كما
تبرأ إبراهيم من قومه وأظهر لهم العداوة والبغضاء أب دًا ٬ ولو تأملت حالهم لوجدت شِدّتهم على
المجاهدين أشدّ منها على الكافرين ٬ والأدهى أن تجد منهم من يتعايش مع اليهود والنصارى ويعلن
البراءة من المجاهدين في كل حي ن! وتردى الحال عند البعض حتى أشاد أئمة الكفر بجهودهم ضد
ما يسمونه بالإ رهاب ٬ فيالله لهذا العجب العجاب !! وأعجب منه أن ترى من يبادر بالإنكار على
المجاهدين في مراتب الإنكار الثلاث ولو فيما يسع فيه الخلاف ويرى أعداء الدين يخوضون في
دماء المسلمين ويلِغون في أعراضهم دون أن يكون له موقف يُذكر ولو كان فيه ضع ف ٬ تُرى ما
الذي يضيرنا لو سكتنا وتركنا الأمور على ما هي عليه؟ إن السكوت على
أنه مصيبة عظيم ة لكنه
خيرٌ من أن نوافق أعدا ء نا في حربهم لإخوانن ا.
أخي في الله هل ترى من الإنصاف أن يُ س أل قاعدٌ عن أهل الثغور وعملهم فترى هذا المُطفف يرفع
ويخفض ويجرِّم ويحرِّم و يشهد زورًا أو يحكم ولم يعاين في أحسن أحواله ٬ وهذا لم يبخس أهل
الثغر فحسب بل تعدى على الحق الذي يحمله ٬ فترى الذين في قلوبهم حسد وشهوة يصف قون
ويحمدون هذا القاعد وكأنه جا ءهم بمخرج فباع لهم دينه بشبهة وصدقوه لشهوة وما ثمّ إلا فري ة ٬
فتنفست الأحقاد ٬ لا يعرف الرج ال إلا الرجال ولا يقدرهم إلا الذي هو منه م.
إن أعدا ءنا نالوا منا كثيرًا وأثخنوا فينا أشدّ الإثخان وإن أعظم ما يغي ظ هم ويرد كيدهم في نحورهم
الاعتصام بشرع الله ٬ ومنه الجماع ة.
لقد نجح أعد اؤ نا في التفيرق بيننا وأكلنا واحدًا تلو الآخر ٬ سلطوا بعضنا على بعض وجلسوا
يتفرجون علينا وهم يضحكون ولا حل إلا أن نجتمع على قتالهم ونوحد الجهود لضربهم وإلا
فسنبقى كما نحن إن لم نزدد سو ءً ا ٬ إن الجماعة مهما قلّت أو كانت إ مكانياتها محدودة فإنها قوة
يهابها العدو ويحسب لها ألف حساب وذلك إذا فعلت السبب وأعدت العدة التي أوجبها الله .
إن الجماعة ورب
الكعبة بناء
مُحكم وأمرٌ مُبرم وقل ما شئت عن القوة التي تحصل في الإيمان
والأبدان والبلدا ن ٬ والجماعة عبادة مأمورٌ بها شرعًا لازمة للأمة ومهما نجح أتباع الفرقة وأقاموا
عملًا يملأ السمع والبصر ٬ فلا زال الفرض مهدومًا وعملهم مشكو رً ا.
و ظنّي أن أبنا ء الأمة المخلصين اليوم استفادوا من تجارب الماضي القريب ووصلوا إلى أن
الجماعة روح القوة وذهابها ذهاب الروح والريح ٬ فتخلصوا من شهواتهم وقطعوا الطريق على
قطّاع الطريق إلى الوحدة وأدركوا بنظرتهم الثاقبة أن هذا الجسد المُثخن بالجراح والذي تعالجه
أيدي العمل الج هادي الإسلامي وكل واحدٍ يعالج ولم يقفوا على بيت الداء جميعًا وداء الجسد القلب
فبد ؤ وا يصلحون القلب ويعالجون الذي به قوام البدن وإذا صلح صلح الجسد كل ه ٬ إن داء الأمة هو
الفرقة والخلاف والتنازع الذي هو عين دين الشيطان ووظيفته وقد يئ س أن يعبده المصلون فعمد
إلى ا لتحريش وإيقاع العداوة والبغضاء فانقاد له أولو الشهوات وأتباعهم والسمّاعون له م ٬ فتنافر
الخلق وعظمت الفتنة وليس إلا شهوة أخرجها حاملها بقالب دينٍ وحق وتسلق بها على جهود
المخلصين حتى وصل إلى مُبتغاه ثم تركهم في صحراء قاحلة لا ماء ولا كلأ وليس أمامهم إلا
السر اب .
ولا خلاص للأ مة م ن عدوها إلا بجماعتها ووقوفها صف ا واحدًا أمام الباطل واختيار الرجال الذين
لا ه مّ لهم إلا مصلحة الدين وتقوية شوكة المسلمي ن.
إن وجود الخ طأ لا يُسقط واجب الجماعة ٬ إذ يجب علينا أن نجتمع ونسعى في تغيير المنكر فنطيع
الله في ما أمر به وتغيير ما نهى عنه ٬ يجب أن نترك أصحاب الشعارات ومن لا خبرة لهم بالحرب
ومكائد العدو والذين لبّس عليهم العدو فتكلموا بلسان الدين إرضاءً للعدو أو حقدًا أو حسدًا أو لشهوة
من مالٍ أو سلطة ٬ فهؤلاء الغثاء وأصحاب القلوب الجوفاء يقتحمون بالأمة الغمرات ليقطفوا ثمرة
جهود الم خلصين وينعمون هم بالسلا م.
ولنعلم أن سقوط الدولة أو نهايتها على أيدي الكفار لا يعني فشل الجماعة وأنها لا تجدي أو أن
أهلها استعجلوا في قطف الثمرة وقد
يكون ٬
إن غلام الأخدود تسبب في قتل نفسه وجر معه أمة
من الناس أحرقت بالنار ولم يحققوا نجاحًا في مقياس عبدة الدرهم والدينار ولكن الله أنزل فيهم قرآنًا
يُتلى إلى يوم القيامة ليكون برهانًا ودليلًا على فوزهم وفلاحهم في الدنيا والآخرة ٬ فهل يُقال إن غلام
الأخدود جر الأمة إلى مواجهة خاسرة؟
و لنعلم أنّا إذا أردنا جماعة لا يواجهها الأعداء فإنما نحن كباسط كفيه إلى الماء ل يبلغ فاه وما هو
ببالغه ٬ إن الجماعة لن تؤتي ثمارها المرجوة حتى يحاربها الأعداء ويقاتلوها أشد القِتال ٬ والح رب
سِجال ٬ فلا بد من القت لى ولا بد من الجرحى ومن يموت تحت الأنقاض ولا بد من الأسارى
والمشردين ٬ يكون مع ذلك جوع وخوف ونقص في الدواء ٬ هذا هو الطريق ٬ ثم تك ون العاقبة ٬ وإذا
أردنا غير ذلك فإننا نريد من الله ما لم يكن لرسوله صلى الله عليه وسل م.
تريدين لقيان المعالي رخيصةً *** ولا بد دون الشهد من إبر النحلِ
لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله *** لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبِرا
من أراد سوى ذلك فليعتذر بقول القائ ل:
د ع المكارم لا ترحل لبغيتها *** واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي !
ولنعلم أن دين الله منصور وجند الله هم الغالبون ولهم العاقبة بإذن ا لله ٬ وإنما الفوز والفخر لمن
يجعل الله ذلك على يده ٬ إذا أذِن الله بالرفعة لأوليائه وساق النصر لدينه سيفرح من قدّم ويندم من لا
ينفع ه الندم وعند ذلك سنذكر قول الله سبحان ه: ( لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ
أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى ).
إذا أنت لم تزرع وأبصرت حاصِدا *** ندمتَ على التفريط في زمن البذرِ
ألا فقد حان الوقت لننفر في سبيل الله ٬ ونضع أيدينا في أيدي إخواننا ونصبر معهم على السراء
والضراء والرخاء والش دّة ٬ إذا نحن فعلنا ذلك مع التوكل على الله ٬ عندها وعندها
فقط ستُشرق
شمس ال نصر لتضيء بنورها أرض الإسلام في س تضيء بذلك المؤمنون ويُصاب المنافقون بالعمى .
اللهم انصر المجاهدين في سبيلك في كل مكان ٬ اللهم اجمع كلمتهم على الحق ٬ اللهم أيدهم بجنود
السموات والأرض ٬ اللهم أفرغ عليهم صبرًا وثبِّت أقدامهم وانصرهم على القوم الكافرين .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.