المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : داروين و أحفاده



White-dove
07-01-2010, 06:20 PM
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
ما الذي دفع بداروين و غيره للبحث عن جواب آخر لوجود الإنسان و الكون
هل هو فساد عقيدتهم ؟
فساد بيئتهم ؟
عناد ؟
جحود ؟
هل الإنسان كان قردا و تحول أم أنٌه كان إنسانا و تحول إلى قرد عندما أصبح يؤمن بمثل هذه الخزعبلات

:emrose:

---------

الحقيقة لا تخشى البحث

حسام الدين حامد
07-01-2010, 07:01 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


ما الذي دفع بداروين و غيره للبحث عن جواب آخر لوجود الإنسان و الكون
هل هو فساد عقيدتهم ؟
فساد بيئتهم ؟

من يقرأ جيدا وينظر للظروف المحيطة يعرف أن دارون لم يكن عبقرية فذة كما يصوره أتباعه أو آتيًا بمفهوم جديد بل ربما اتضح لمن يدقق النظر في موارد نظريته أنه كان على العكس من العبقرية والأمانة تماما! والكلام هنا عن واضع نظرية لا عن النظرية نفسها ففساد النظرية يتضح بأدنى نظر!

كانت فكرة التقدم progress قائمة في المناخ المحيط بدارون، فمعظم المفكرين يعتقدون أن القادم أفضل، وبالتالي بالأقدم كان أقل تقدمًا، وكان تطبيق هذا المفهوم مقتصرا على مجالات معينة كالاقتصاد والفلسفة وما ماثل ذلك .. ومحاولات تطبيق ذلك على الأحياء والطبيعة كانت قليلة لا تكاد تذكر وإن كانت ثابتة وموجودة قبل دارون وأقرانه بكثير!

في هذا المناخ بدأ بعض المفكرين بتطبيق هذا المفهوم على الطبيعة والأحياء، فخرج تشارلز لايل Charles Lyell بكتابه عن الجيولوجيا - والذي قرأ دارون المجلد الأول منه - فقرر أن كل الطبيعة الجامدة نتجت وفق قانون واحد ويحكمها قوانين ثابتة، وقد ذكر دارون أنه اقتنع بهذا المفهوم وحاول تطبيقه على الطبيعة، وكان انتقاء ما يوافق هذا المفهوم مما يشغل ذهن دارون في رحلاته، وفي هذا الوقت كان فكر لامارك lamarck - وهذا اسم بلده وقد اشتهر به - في تطور الأنواع قد نشر بالفعل وقرأه دارون واعتمد عليه فيما اعتمد كذلك، وكان ينقص دارون تحديد الدافع الذي يجعل الكائنات تتطور، فجاء مالثوس Malthus بنظريته في الاقتصاد والسكان لتضع الصراع بين البشر قائما على موارد محدودة، وقد قرأ دارون هذا الكلام كذلك، وفوق ذلك فقد أرسل والاس Wallace رسالة لدارون يأخذ رأيه فيما توصل إليه بشأن الانتخاب الطبيعي كميكانيكية لتطور الأجناس، ولا يدري أحد ما في هذه الرسالة ولكن رد دارون عليها هو أنه أخبر والاس أنه وصل لنفس النتائج!! وبالفعل فقد نسبت النظرية لاسمي دارون ووالاس على السواء!! وسارع عندها دارون بنشر كتاب أصل الأنواع، ولكن والاس كان يعتبر أن الجنس البشري له من الصفات ما لا يمكن رده إلى الانتخاب الطبيعي natural selection، فوجد دارون فرصته ليظهر الفرق بينه وبين قرينه الشاب، فنشر كتاب أصل الإنسان أو سلالة الإنسان The Descent of Man and Selection in Relation to Sex ليقول فيه إن الإنسان جزء من تطور الحيوانات كذلك، واعتمد فيه على الانتخاب الجنسي sexual selection، فالأنثى المطيعة الجميلة هي التي تعجب الذكر والذكر القوي الفحل هو الذي يعجب الأنثى، وبالتالي يحدث بينهما التزاوج وبالتالي تنتقل صفاتهما للأجيال القادمة .. هذا هو ما يراه دارون مبررا للصفات التي رآها والاس كفيلة بوضع الإنسان على الأقل في منطقة أخرى عن بقية الأجناس!

أما مسألة العقيدة فلا شك أن تسلط الكنيسة وفساد العقيدة النصرانية وتحريفات كتبها كانت دافعا للتصادم مع الدين، واعتماد النظرة العلمية كقسيم لنظرة الدين، وبالتالي كما يقول مايكل روس Michael Ruse ليس هناك فرصة لنظرية "طبيعية علمية" للأجناس إلا من خلال القول بالتطور ..

ودارون نفسه لم يكن ملحدًا، بل إن دراسته كانت تعده ليكون من رجال الكنيسة بعد أن فشل في دراسة الطب، ولم يكن يعتبر التطور مانعا من وجود خالق يصرّف الكون عن طريق التطور، بل كان يرى في التطور "تصميما"، ومع الوقت تحول دارون إلى ما يشبه اللاأدرية، واللاأدرية كمصطلح ينسب وضعه إلى هكسلي Darwin's bulldog الذي يمثل بالنسبة للداروينية ما يمثله بولس بالنسبة للنصرانية!

الموضوع طويل وهذا ما يسمح به الوقت وربما أعود للتفصيل فيه هنا أو في موضوع آخر ..

حفظك الله أخي الكريم وحفظ عليك دينك!

المهاجر إلى ربه
07-01-2010, 07:34 PM
بارك الله فيك يا أستاذنا على هذا التفصيل الرائع أين أنت منذ زمن بعيد؟!!!

الفيلق
07-01-2010, 07:50 PM
السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته
ما الذي دفع بداروين و غيره للبحث عن جواب آخر لوجود الإنسان و الكون
هل هو فساد عقيدتهم ؟
فساد بيئتهم ؟
عناد ؟
جحود ؟
هل الإنسان كان قردا و تحول أم أنٌه كان إنسانا و تحول إلى قرد عندما أصبح يؤمن بمثل هذه الخزعبلات

:emrose:

---------

الحقيقة لا تخشى البحث

نسيت أن تضيف إلى قائمة الإختيارات إختياراً خامساً وهو: (جميع ما سبق)

والإختيار الصحيح هو: جميع ما سبق.

داروين اطلق نضريّته زاعماً أنه يخدم العلم وهو إنما يهدمه

لقد كشفنا التطوريّين في أكثر من كذبة فما عاد عندنا مقدرة على تصديقهم والذي يصدّقهم بصريح العبارة (أجهل من حمار أهله)

شكراً للجميع :)

kane
07-04-2010, 04:41 PM
(...)

تنبيه المنتدى للحوار وليس للسب

مشرف 3

kane
07-05-2010, 04:47 AM
هل سببت أحدا ؟؟
أعتذر على ذلك

White-dove
07-05-2010, 11:02 AM
أما مسألة العقيدة فلا شك أن تسلط الكنيسة وفساد العقيدة النصرانية وتحريفات كتبها كانت دافعا للتصادم مع الدين، واعتماد النظرة العلمية كقسيم لنظرة الدين، وبالتالي كما يقول مايكل روس michael ruse ليس هناك فرصة لنظرية "طبيعية علمية" للأجناس إلا من خلال القول بالتطور ..

ما هي الأشياء التي عارض فيها العلم الكنيسة ؟


ودارون نفسه لم يكن ملحدًا،
هل هذا صحيح ؟؟؟؟

حسام الدين حامد
07-05-2010, 06:36 PM
ما هي الأشياء التي عارض فيها العلم الكنيسة ؟

أشياء كثيرة أخي الكريم، يكفيك القراءة في تاريخ العصور المظلمة في تاريخ أوربا؛ وستعلم كيف وقفت الكنيسة بالمرصاد أمام التفكير والبحث العلمي، وكيف مات مثل جياردوبرونو محروقًا ولسانه مربوطٌ إلى وتد في الأرض لتأييده أفكار كوبرنيكس، كان هذا في عصر سيطرة الكنيسة، فلما ألغي سلطان الكنيسة أقيم لبرونو تمثالا في المكان الذي أحرق فيه! كانت الكنيسة تقف مع الإقطاع الذي ينعم به الأغنياء، لأن الكنيسة نفسها كانت أكبر إقطاعي في المنطقة! فإذا هم الفلاحون بالاعتراض صاح بهم المطارنة "إذا ضربك أخوك على خدك الأيمن فأدر له الأيسر!"، ولذا ولأمثاله قال ماركس "الدين أفيون الشعوب!" .. يقصد الديانة التي يعرفها وهي النصرانية .. ولكن هناك أقوامًا غايتهم التشبه ووسيلتهم التقليد أسقطوا على الإسلام ما نفر منه الغربيون! رغم أن أوربا لم تعرف الإسلام وإنما عانت من ويلات النصرانية!

وبخصوص موضوع التطور، فقد كان يكفي في إخراس أي قسيس أو عالم لاهوت أن تواجهه بالاختلاف بين روايتي الخلق الواردتين في سفر التكوين، فعندها يقر أن الالتزام بنص كتابهم المقدس غير لازم وإلا وقع في الاختلاف والتناقض! وحيث طرح الالتزام بالنص جانبا ترك المجال خصبا للتأويلات ولي أعناق النصوص، فظهر فيهم من لا يرى تعارضا بين الداروينية والخلق! ... ثم احتذى أقوام نهجهم حذو القذة بالقذة فخرجوا علينا ليقولوا إن الالتزام بنص الكتاب والسنة غير لازم وبالتالي لا تعارض بين الداروينية والإسلام!! وكأن التعارض بين روايتي الخلق في سفر التكوين موجود عندنا وهو يعلمون أنه موجود عند النصارى واليهود فحسب!!

يقول دارون في كتابه أصل الأنواع:

To my mind it accords better with what we know of the laws impressed on matter by the Creator, that the production and extinction of the past and present inhabitants of the world should have been due to secondary causes, like those determining the birth and death of the individual

فهو يرى أن الخالق خلق المخلوقات من خلال التطور، ولم ينكر وجود الخالق، وفي نهاية حياته سكت دارون عن ذكر الخالق والتصميم في كلامه، فجعله بعض الفلاسفة متحولا إلى اللاأدرية، وانظر تفصيل ذلك في الفصل الرابع من كتاب the evolution-creation struggle لكاتبه Michael Ruse، وقد تحول الأمر بعد ذلك إلى جعل الداروينية مرادفا للإلحاد بما لم يقله دارون نفسه، والذي تولى كبر هذا الأمر في هذه الأيام هو دوكنز، بما جعل التطور ديانة خرافية كحال النصرانية التي فرت منها أوربا قبل ذلك، والرد عليه وتفصيل ذلك تجده في كتاب
Evolution as a Religion: Strange Hopes and Stranger Fears
dedicated to the memory of Charles Darwin who never said these things
للفيلسوفة التسعينية Mary Midgley